الحداثة، وما بعد الحداثة فخ المصطلح وقرنان من التبعية و تجريب المفاهيم

يعيش الفكر العربي الحديث في أواخر الألفية الثانية، حالة اندهاش إزاء الأحداث العالمية المتعاقبة، فلا نراه منتجاً للمعرفة – باستثناء حالات محدودة – ولا نراه فاعلاً في الساحة السياسية المحلية أو الإقليمية أو الدولية، بل نراه مستقيلاً غائباً لا يسهم في بلورة الأحداث، أو في دفع حركة المجتمع، أو في إغناء الفعل السياسي، وفي أفضل الحالات نجده مستهلكاً لمظاهر التحديث الغربي منساقاً أو خاضعاً لما تفرضه اختيارات الدول الكبرى.

وليس غريباً أن يعيش الفكر العربي الحديث مثل هذه الحالة، فهو منذ القرن التاسع عشر يلهث وراء حل مشاكل المجتمع العربي في أطر مرجعية خارجية، وقد اعتقد أعلامه أنهم سيحققون للعروبة والإسلام تقدماً وانتصارات، تمكنهم من اللحاق بركب الأمم المتحضرة، وأنهم سيصوغون نهضة عربية ترد للعرب عزهم وللإسلام منعته، إلا أنهم، وإن طرحوا أسئلة النهضة، فإن ذلك لا يتجاوز الظاهر والقشور، وظلوا مترددين بين حلم في النهضة يطلب فلا يدرك، وواقع معقد مشاكله متفاقمة ساهمت عدة ظروف في ترديه نذكر منها:

أولاً: الترهل الوطني والقومي لعدم الالتزام بالتعددية السياسية والفكرية، والعدالة، وحقوق الإنسان والديمقراطية الحقة، وظهور حكم الفرد، وما يصاحب ذلك من دكتاتورية الرأي والاستبداد مما أدى إلى تبديد الموارد الطبيعية والبشرية للأمة.

ثانياً: على الصعيد العالمي كانت الحركة الاستعمارية والحربان الكونيتان والحرب الباردة وحرب النجوم وصولاً إلى التحالف الأطلسي والنظام العالمي الجديد بما يعنيه من سقوط الثنائية القطبية، ثم تحكم دولة واحدة بالقرار الدولي، وتحويل كل دول العالم وشعوبها لخدمة سياساتها ومصالحها، هذا فضلاً عن المشاكل الداخلية: الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

وإزاء هذه الأحداث كان الفكر العربي الحديث في فترات تاريخية مختلفة يتحرك في نطاق ردود فعل تختلف من مفكر إلى آخر، ومن مدرسة فكرية إلى أخرى، بحسب الإطار النظري والمرجعية الأيديولوجية، وهي ردود فعل فردية ومجرد آراء وأفكار يبشر بها بعض المفكرين والمصلحين أو النخب السياسية، لا ترقى إلى درجة المشروع الجماعي، ولا تنهض على رؤية خاصة للذات والعالم، فالنهضة ليست عملاً فردياً بل هي مشروع جماعي.

بل أخطر من هذا أن الفكر العربي صار، في أواخر الألفية الثانية وعلى مشارف الألفية الثالثة، متفرجاً غير فاعل أو متسائل، قابلاً سياسة الأمر الواقع، مع النظام العالمي الجديد وكأنه قدر لا مفر منه، وفي أحسن الحالات يبحث رموزه عن موقع في إحدى عربات ركب الأمم المتقدمة، وعما ينسجمون به مع مطالب العولمة ومتقضيات التحولات العالمية الجديدة.

وإن كان بإمكاننا أن نتحدث عن صيغ حياة حديثة في البلاد العربية وبخاصة في مجال المعرفة العلمية وتطبيقاتها التقانية، فإنه ليس بإمكاننا أن نتحدث عن ذهنية حديثة: عقلانية، منفتحة على المستقبل، تقبل الآخر والتعايش مع الآراء المعاكسة، ولديها استعداد لخوض تجارب جديدة بحس نقدي مبدع.

وهذا يثبت أن الذهنية الحديثة لا يمكن استنساخها أو نقل معالمها واستيراد مياسمها من عالم آخر، أو زمان آخر، بل هي نتائج تراكمات حضارية وفعل ثقافي واجتماعي متواصل.

إننا اليوم معشر المثقفين والمفكرين العرب مطالبون – أكثر من أي وقت مضى – بتقييم ما وصل إليه الفكر العربي الحديث، ونقد خطاب أعلامه من قبيل النقد الذاتي الذي من دونه لا يتقدم الفكر ولا يتطور، فلا ينبغي أن نبقى متعلقين بخطاب أسلافنا رواد النهضة أو التحديث في القرنين التاسع عشر والعشرين، نرمز بهم إلى التقدم واليقظة، بل لابد من اعتبارهم مجرد رموز مرحلة تميزت بقيام مجموعة أسئلة نهضوية حالمة، لم تحل مشاكل تخلف المجتمع العربي، ولم تقدر على صياغة مشروع يغير الواقع والعقليات تغييراً شاملاً، رغم وعيهم بواقع التخلف والتأزم، ولابد من أن نؤمن بقدرة العقل العربي على مزيد من العطاء الثقافي، لمواصلة ما بدأه أسلافنا، ولإنتاج خطاب ثقافي معرفي قادر على مجابهة تحديدات الألفية الثالثة دون تبعية لأي طرف من الأطراف الفاعلة، بحيث لا تظل الثقافة تابعاً من توابع السياسة، أو شعاراً من شعاراتها، تسير في موكبها خدمة لمصالح ضيقة محدودة، بل لابد من تحرير الفعل الثقافي حتى يتمكن المثقف من أن يتبوأ الريادية في مجتمعه.

وينظر المثقفون والمفكرون العرب إلى أن بإمكان التواصل الفكري والمعرفي بين العرب أن يلغي أو يقلص العوائق التي صنعتها الدولة القطرية، لما لوحدة الثقافة والكلمة والكتاب من سلطة على الشعوب والذهنيات.

الفكر العربي والتبعية:واياً كانت مدلولات ما بعد الحداثة ومنطلقاتها في الفكر العربي، فإن الذي لا خلاف حوله – اعتماد على جهود المفكرين العرب في هذا المجال – أنها بمفاهيمها ومدلولاتها الثقافية تفرض على الإنسان العربي – مرة أخرى – تبعية لم تستطع الحركة الفكرية بموروثها العربي الإسلامي التخلص منها، وبخاصة عند بعض من يؤمنون بأهمية التواصل مع التراث في وجهه المشرق وهؤلاء ورثة جيل من المفكرين لم يرفض العودة إلى التراث. غير أن محاولات هؤلاء المحتشمة لم تتمكن من التخلص من ذلك الانبهار بالحركات الغربية الذي نجده في كتابات غيرهم.

الفكر العربي والحداثة: إن الفكر العربي لم يتمكن من مواكبة حركة الحداثة ولم يفهم حقيقتها، وبقي المقبلون عليها من العرب يتأرجحون بين مفاهيم ومسارات مختلفة، فمنهم من فهم الحداثة على أنها البنيوية، ومنهم من حصرها في نظريات علماء اللغة البنيويين من سو سير إلى بارت(1) ، ومنهم من توسع في مفهومها فجعلها تشمل كل ما هو حديث في الشعر والكتابة والنقد والفكر وغير ذلك من مجالات الإبداع والمعرفة، متأثرين في ذلك بالاختلافات الواسعة التي طبعت تعامل الغربيين مع هذه الحركة الفكرية. حيث تضاربت تفسيراتهم ورؤاهم فيما يتعلق بها، كما تباينت منطلقاتها تاريخياً، فتعددت تواريخ ظهورها عندهم بحسب تعدد تلك التفسيرات والرؤى. ف ليوطار يعود بالحداثة إلى أبعد من القرن التاسع عشر، حيث تلمس آثارها في عصر القديس سانت اغوستين، كما يجدها في عهد ديكارت، ثم في أيام الثورة الفرنسية، أما هابرماس فإنه أكثر دقة في تحديد ظهور الحداثة، حيث يجعلها تبدأ في مجال الفن على يد بودلير – كما تقدم – وفي الفلسفة تظهر مع هيجل الذي هو أول فيلسوف يطور بوضوح مصطلح " الحداثة " بينما لم يفهم معناها فيلسوف ألماني أخر عاش الحداثيون وما بعد الحداثيين عالة على فكره ونعني به كانط.

هذا التباين انعكس كذلك في الكتابات العربية التي تناولت هذا الموضوع، حيث ذهب الدكتور عبد الله المهنا إلى أن ظهور الحداثة تزامن مع ظهور أدوات التقدم العلمي والتكنولوجي في أواخر القرن الماضي(السيارة، المذياع،الطائرة )(2). ويعود بالمصطلح في عالم النقد إلى ظهور حركة الشعر الحر [ قصيدة التفعيلة ) في الخمسينات والستينات من هذا القرن، أي بأكثر من نصف قرن على التاريخ الأول، وهو ما يعني خلطاً بين الحداثة والتحديث الذي يفيد التقدم والتجديد.

أما حمادي رديسي فإنه يرجع بظهور الحداثة إلى منتصف القرن الماضي بالتحديد إلى عهد الشاعر الفرنسي بودلير الذي كان أول من استعمل مصطلح الحداثة في مقالة الموسوم بـ " رسام الحياة المعاصرة " الذي نشره في سنة 1863.(3)

وحتى من اعتنقوا مذهب الحداثة في الأدب والنقد من العرب وحصروها في البنيوية لم يتمكنوا من استيعاب منهجها وأفكارها إلا بعد إعلان وفاتها في منتصف ستينات هذا القرن، ولم يهتموا كثيراً بتياراتها المختلفة كالتيار اللساني لسوسير والانتروبولوجي لكلود ليفي شتراوس، والماركسي لالتوسير، والأدبي لبارت وجينيت، واقتربوا منها على أساس أنها كل، بحجة أن هذه التيارات المختلفة اتخذت جميعها من اللغة مادة اهتماماتها.

وما حدث للفكر العربي مع هذه الحركة حدث له مع الحركات الفكرية والنقدية الأخرى( بدأنا نهتم بالنقد الحديث بعدما أخذ نوره وتأثيره في الضعف والانحسار ) تفتحت أعيننا على الماركسية ومنهج الاشتراكية الواقعية بعدما أخذت تتلقى انتقادات موجعة، وتدخل مسلك الانحسار والتراجع، بعد ظهور تيارات أخرى كالوجودية، ثم البنيوية، وهذا أمر يكاد يكون طبيعياً بالنسبة إلينا، لأن الفجوة التي تكونت بيننا وبين المجتمعات الغربية في مجالات الحياة جميعاً. والجمود الذي أصاب العقل العربي في مرحلة الانحطاط التي صادفت مرحلة نهضة أوربا تجعل هذا التفاوت في الفهم والإدراك، وهذا التباعد الزمني الحضاري، أمراً طبيعياً. والتخلف الذي عانيناه طوال قرون عديدة جعلنا نتخلف عن ركب الحضارة الجديدة، نبذل الكثير من أجل مسايرتها واستيعاب الأفكار والنظريات الفكرية والفلسفية والفنية في أوقاتها ومراحلها التي تؤثر أثناءها في المجتمعات وتصوغ مسيرتها وتحدد مساراتها، ونفني السني الطوال قبل أن نعي مضامينها وحركيتها.

فشل المشروع العربي النهضوي: لقد عاش الإنسان العربي المعاصر ثنائية مفلسة، جعلته يتشتت بين منهجيين كلاهما انتهى إلى الهزيمة والانكسار.

1- منهج الأصالة والجذور: الذي جسدته الخلافة العثمانية في شيخوختها يقول د. فهمي جدعان ": ومهما يكن من أمر فإن العالم العربي – حين دخل في الأزمنة الحديثة – قد دخل إليها باعتباره جزءاً من هذه الدولة العثمانية... فواجه ما واجهت، وعاني ما عانت... ولم يستقل بقضاياه ومشاكله وأمله ورجائه إلا بعد سقوطها (4). وقادته جماعات الإصلاح الديني ( على اختلاف مناهج أصحابها ) وأفرز حركة فكرية اتخذت السلفية مرجعية وتجسدت في الدائرة الأزهرية وحركة الإخوان المسلمين، وما تفرع عنها من حركات أصولية تفاوتت أصوات رموزها بين الدعوة الهادئة وسلوك العنف، ولكنها لم تتمكن إلى يومنا من تحقيق مكاسب ملموسة تقدمها للأمة، بل إن حركاتها – على تباين أساليبها ومناهجها – أضرت بها أكثر مما نفعتها، وقد أدرك كثير من الباحثين العرب هذه الحقيقة.

ويتابع د. فهمي جدعان قائلا ": وفي كل الأحوال يبدو من المؤكد أن التصور الراديكالي للإسلام ( السياسي ) يمكن أن يمثل دوماً في حراك مفكري الفعل السياسي المسلمين، الاتجاه نحو الخطر، وكذلك يمكن أن يكون إغراء ( الدولة الإسلامية ) من أشد الإغراءات خطورة ومن أكثر المناطق المزروعة حقاً بالألغام(5). وكان التوجه العام لأصحاب هذا المنهج هو التمسك بالنصوص التراثية، وعدم قبول أي بديل عنها، أو حتى مجرد تأويلها بما يتفق والعقلانية (عمود الحداثة ) مما أدى بالفكر العربي إلى إفراز واقع كان أقل ازدهاراً من ماضينا، الذي عرف أساسين من أسس التطور والتقدم هما: الانفتاح على أفكار الأمم الأخرى، والاستفادة من ثقافاتها عن طريق الترجمة والنقل والثاني تقديس العقل والاتجاه العقلي (6).

و إلى ذاك التوجه يشير الدكتور عاطف العراقي حينما يقول: لقد وقفنا للأسف الشديد عند أضعف ما في تراثنا. وقفنا عند كتب التراث الصفراء وما في بعضها من خرافات. ركزنا على الإعجاب بشخصيات تقليدية لا يخلو فكرها من رجعية كالاشاعرة، وابن تيمية(7).

2- منهج التغريب: الذي جسدته الحركة الفكرية المناقضة للسابقة والتي اتخذت الاستشراق الأوربي بخاصة والفكر الغربي بعامة مرجعية، ومثل هذا المنهج طائفة من مفكري العرب في القرن الحالي، لهم امتداد بشكل أو بآخر في جزء من الفكر العربي في القرن الماضي ( رفاعة الطهطاوي، خير الدين التونسي ) وقد انبهر أعضاء هذا الفريق بحضارة الأمم الغربية المعاصرة وبتقدمها العلمي ومدارسها الفلسفية والفكرية، وتباينت اجتهادات هذا الفريق، واختلفت سبله من الليبرالية المسيحية ( شبلي شميل، فرح انطوان، سلامة موسى ) إلى الليبرالية المسلمة ( إسماعيل مظهر – أحمد لطفي السيد ) إلى الاشتراكية ( حسين فوزي، طه حسين) إلى الفرعونية ( محمد حسين هيكل ).

كما تأرجح أصحاب هذه التيارات الفكرية بين دعواتهم التغريبية وانقلابهم إلى الفكر الإسلامي، مثلما حدث لإسماعيل مظهر ومحمد حسين هيكل وغيرهما.

وكان من الطبيعي أن يكون لهذه الحركة إفرازات في مجال الحداثة وذلك في الميادين جميعاً ( أدب، نقد، سياسة، اقتصاد..... ) ولم يكن حظ أصحابها أوفر من حظ نظرائهم في التيار الأول. بل ربما كانت نتائج حركتهم أكثر شناعة، وأبعد عن الأهداف المرجوة، لأنها كانت تصدر عن مرجعية غير مرجعيتها الطبيعية.

ويقول د. أحمد محمد جاد عبد الرزاق : فالانطلاق الليبرالية المصرية من حيث انتهى الليبراليون هو تجاهل لجذور النموذج الغربي من جهة، ولحاجات المجتمع المصري وظروفه من ناحية أخرى (8).

وقد تفطن بعض مفكري هذا التيار – لاحقاً – إلى الفوارق، والفجوات التي تفصل بين المجتمعات الغربية الحديثة، ليس في مستواها الحضاري، وتقدمها العلمي والاجتماعي فحسب، بل في المنطلقات والأسس الفكرية والروحية التي صدر عنها فكرها النهضوي والتنويري والحداثة، وفي طبيعة مجتمعاتها والعوامل التي تدخلت في بنائها على مدى العصور التاريخية المختلفة. من ثم توصل أولئك المفكرون إلى قناعة بأنهم يزرعون زرعاً في تربة لا تلائمه، ولا تتيح له من ثم، أن ينبت وينمو ويثمر.

وقد عبر عن هذه الفكرة أحد رموز الحركة الفكرية العربية في عصر نهضتها ( القرن العشرين )، في صراحة ووضوح من خلال مقال نشره بصحيفة السياسة في 19 يونيو1933نقله د. فهمي جدعان في كتابه القيم " أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث "، جاء فيه على لسان د. محمد حسين هيكل: حاولت أن أنقل لأبناء لغتي ثقافة الغرب المعنوية وحياته الروحية لنتخذها جميعاً هدى ونبراساً، لكنني أدركت بعد لأي أني أضع البذر في غير منبته، فإذا الأرض تهضمه ثم لا تتمخض عنه ولا تنبت الحياة فيه، وانقلبت التمس في تاريخنا البعيد في عهد الفراعين موئلاً لوحي هذا العصر ينشئ فيه نشأة جديدة فإذا الزمن و إذا الركود العقلي قد قطعا ما بيننا وبين ذلك العهد من سبب قد يصلح بذراً لنهضة جديدة، فرأيت أن تاريخنا الإسلامي هو وحده الذي ينبت ويثمر " (9).

كما اقتنع بالفكرة نفسها آخرون، بدأوا مساراتهم الفكرية على سبل التغريب والدعوة إلى فصل الدين عن الدولة والعقلانيات عن الروحيات، والتاريخ عن الواقع، ثم انتهوا إلى ضرورة العودة إلى التراث، والاستئناس بما في نصوصه من قيم وأفكار ورؤى ما زالت تصلح لإشعال شرارة الانطلاق نحو التقدم والتطور والتحديث. وهو ما لاحظه الباحث السابق من خلال قوله: " والحق أن بعض هؤلاء الكتاب، وخاصة من بين المسلمين، قد ارتدوا في فترة لاحقة عن معتقداتهم التغريبية التي تبنوها بعد الحرب الأولى مباشرة واقتربوا بشكل قوي واضح من مفهوم خاص للأصالة العربية الإسلامية، وكان على رأس هؤلاء المرتدين إسماعيل مظهر، ومنصور فهمي، وحسين هيكل، و إلى حد ما طه حسين " (10)

الفكر العربي وما بعد الحداثة: إن التطورات الفكرية والاجتماعية والسياسية التي عرفتها حقبة التسعينيات والتي انتهت إلى ظهور مفاهيم جديدة وصياغة مشروع بشري جديد أقل ما يقال عنه أنه ثورة حقيقة في العلاقات الإنسانية على مستوى الإفراد والجماعات ( شعوباً وأمما ) وفي الرؤيا والمفاهيم وموازين القوى التي تحكم هذه العلاقات، والتي نجملها في مصطلحين: الأحادية في القوة الأعظم ومن ثم السيطرة على مسار البشرية، والعولمة التي تلغي الحدود وسلطان الأفراد والجماعات في نطاق حيز تواجدها. فأين الفكر العربي من هذا جميعاً ؟ هل هو مطالب يتتبع هذه الحركية بما تتضمن من عناصر وعوامل؟ هل له أن يتجاوزها أو يبقى بمنعزل عنها ؟

هذه أسئلة لا مناص من إجابة الفكر العربي عنها، بعد فحصها والبحث في مضامينها وعناصرها الجزئية، وذلك سيقوده لا محالة إلى التعايش مع القوى التي تتحكم في آليات الحركات العالمية في الميادين جميعاً، ومن ثم التعامل بعقلانية وصلابة، حتى لا تطحنه آلتها بسرعتها الجنونية. و [ ما بعد الحداثة ]، حركة فكرية وفنية لها دورها وأهميتها في خلق آليات الحركات العالمية، وفي تحريك آلتها، من ثم وجب – حسب تقديرنا – على الفكر العربي تتبع مسارها، والسعي إلى فهم آليتها، واستيعاب أفكارها، بغرض الاستفادة منها على نطاق واسع، وذلك بمواكبة التطورات الفلسفية والفكرية والعلمية وما يتفرع عنها من مناهج ونظريات، بعيداً عن أي انبهار ـ أو شعور بعقدة النقص، مع الحرص على تجنب الخطأ في التحليل والتشريح وتحديد الأدوات والعناصر، من أجل ألا يبقى الإنسان العربي ناقلاً لمسائل وقضايا تنتج عن مفاهيم بعيدة عن طبيعته وواقعه، ومن ثم تبقى مستعصية عنه مهما كابد من أجل الوصول إليها، ولعل أهم ما يجب مراعاته من قبل الفكر العربي هو مواطن الاختلاف العديدة التي بين مجتمعاتنا والمجتمعات الغربية، ليس في مجال التقدم العلمي والتكنولوجيا أو مجال الاقتصاد والنظم، ولكن في مجال الفكر والثقافة والعلاقات الاجتماعية والأنظمة السياسية التي تسيرها في المقام الأول، يقول د. مجدي عبد الحافظ عن الفجوة الواسعة التي تفصل بين المجتمعين: الغربي والعربي ": أن أولى خطوات حل هذه المعضلة هو الوعي بحجم الفجوة التي تفصل بين المجتمعين وقدرة مجتمعنا على التجاوز والانطلاق " (11)

لكن أي انطلاق وأي تجاوز يقصد الباحث، إن ذلك يكمن – حسب رأيه – في الحداثة وبخاصة فيما يتعلق بأساسين من أسسها الرئيسية، وهما: العقلانية وميلاد الفرد " فهما الأساس الذي لابد وأن تؤسس عليه أية حداثة سواء في الشرق أو في الغرب... فبدونهما ينفرط عقد المجتمعات التي تأمل في الحداثة " (12) ،وهذه دعوة لها مثيلاتها لدى المفكرين العرب المعاصرين، إذ أن أحدهم وهو محمد أركون يستخدم في مشروعه الفكري منجزات الحداثة الغربية وبخاصة في شقها الأول (العقلانية) التي يخضع لها المناهج وطرائق التحليل، وتحديث الفكر العربي الإسلامي.

لكن تبقى الفجوة، والتفاوت الكبير بين المجتمعين الغربي والعربي عائقاً يصعب تجاوزه، فالاعتقاد بأننا نستطيع تقليد النموذج الغربي مع الأمل في الحصول على النتائج التي حققتها المجتمعات الغربية أمر من قبيل الأوهام، و إذا كان الإنسان الغربي انتهى – في ظل ما بعد الحداثة – إلى سحب الاعتبار من العقل، وتراجع العقلانية في مشروعه، وميله أكثر إلى الخرافة والغيبيات (13)، فإن الإنسان العربي لم يخرج من هذه الدائرة الأخيرة بعد، حيث ما زالت تحكم قيمه وأفكاره وسلوكاته، وهو من ثم غير مؤهل لأن ينطلق من حيث انتهى نظيره الغربي. فهو ما يزال متعلقاً بالأنساق المغلقة والمفاهيم الجامدة التي تفسر وتبرر كل شيء اعتماداً على النص التراثي الذي يظل مفتاحاً لكل مستغلق وحلا لكل أزمة(14). وهو بذلك ما يزال في مرحلة " ما قبل الحداثة " بينما عبر نظيره الغربي من الحداثة إلى ما بعدها أو إلى ما بعد بعدها.

إن فارق التوقيت هذا لا يمكن القضاء عليه بحرق المراحل، ومن فكر في ذلك فإنه يقع في دائرة الأوهام. يقول الباحث السابق " ويركن البعض الآخر ممن تخلصوا من حالة ما قبل الرشد تلك وفطنوا إلى فارق التوقيت التاريخي بيننا وبين الغرب إلى أفكار تعمل على رأب تلك الهوة التي تفصلنا والغرب، ومن ثم يدعون إلى " حرق المراحل التاريخية "، وهو برنامج أصولي بالدرجة الأولى سواء كانت أصولية دينية، أو أصولية حداثية.... وهو برنامج غير قابل للتحقيق على أرض الواقع، ومن ثم تلجأ القوى التي تؤمن به إلى العنف الدموي غالباً، لكي يتحقق ما هو قابل للتحقيق " (15) .

إذا كان فارق التوقيت إذن، أمراً واقعاً، لا يمكن القفز عنه، و إذا كان لا مفر للفكر العربي من العبور إلى ما بعد الحداثة التي تعني التعامل مع الواقع العالمي – وبخاصة في ظل آفة العولمة – مروراً بالحداثة التي تعني إعادة الاعتبار للفرد والاعتماد على العقلانية، فإن الفكر العربي مطالب – مرة أخرى – بالسعي إلى تحديد المنطلقات التي ينطلق منها في مسيرته الشاقة التي ستقوده بالضرورة إلى بلوغ الغاية المنشودة. وفي هذا الصدد يجدر بقادة الحركة الفكرية والأدبية في الوطن العربي أن يحاولوا الابتعاد عن التجارب السابقة التي لم تستطع أن تعبر بالإنسان العربي إلى مصاف المبدعين للحضارة المعاصرة، وتركته متلقياً مقلداً يدلوا بدلو غيره، أو يجتر ماضيه في أقتم صوره. وإذا كان بعض المفكرين العرب يرفضون الاعتماد على التراث والعودة إليه، كما هي الحال عند أدونيس الذي يقول في هذا الصدد: "... اطلب الانفصال عن الموروث الذي استنفد ولم يختزن أي طاقة على الإجابة عن أية مشكلة عميقة نجابهها اليوم، أو على مساعدتنا في تلمس طريقنا نحو المستقبل. ويطالب بالانفصال عن الرماد لا عن اللهب " (16) فإن منهم من يتمسك بالعودة إلى التراث في أنصع صوره،ويطالب بفرز الغث من السمين منه، وبالاستعانة بما فيها من أفكار مشرقة، من شأنها أن تسندنا في سيرتنا نحو سد الفجوة التي بيننا وبين الغرب. ويقول د. عاطف العراقي: " ولا يصح أن نقف عند حدود التراث الذي تركه لنا أجدادنا بل يجب أن نقوم بفرز هذا التراث واختيار ما يصلح لزماننا " (17)

وما يلزمنا عند الدكتور عاطف العراقي هو فكر التنوير في تراثنا، الذي يعتمد على العقل كأساس للتفكير، وعلى التأويل كأسلوب إلى تكييف النص التراثي مع العقل، والأول نجده في فلسفة ابن رشد، والثاني في أعمال مفكري الاعتزال، يقول " إن التراث ينبغي إذن أ، ننظر إليه نظرة تنويرية، و إذا أردنا البحث عن أساس في تراثنا القديم نبدأ منه في حياتنا المعاصرة، وبحيث نسعى إلى وصل ما انقطع، فإنه يبدو لنا أن الأساس يجب أن يتبلور أو ينطلق من فلسفة ابن رشد عميد الفلسفة العقلية في بلداننا العربية " (18) ، هذا عن العقل أما عن التأويل فإنه يقول " أننا إذا أردنا الربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، إذا أ{دنا أن نجد مستقبلاً مزدهراً لفكرنا العربي حاضراً ومستقبلاً فلا مفر من الاعتماد على التأويل "(19) .

إن دعوة الدكتور العراقي لا تعد بدعة في بيئتنا الفكرية، ولا هي بيضة الديك – كما يقال – بل هي قرينة دعوات مماثلة تمثل الوعي الكامل لمفكري الأمة بحقيقة الأزمة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية، وبنجاعة الحل الذي يستند إلى المنطق والموضوعية، ويراعي الواقع الذي أفضت بنا إليه التجارب السابقة، والتي أثبتت فشلها على اختلافها، بل على تناقضها. وقد لخص باحث جاد أخر، جوانب الأزمة، ودلل على منافذها المفضية إلى خيوط النور والانعتاق من عبودية الظلامية والضبابية، يقول د. فهمي جدعان: " ولعل من أبرز ما ينبغي على مفكري الإسلام المحدثين أن يعوه... هو ضرورة الفصل بين الإسلام من حيث هو دين أو عقيدة، وبين الإسلام من حيث هو ( تراث )، فلا يضعوا ( التراث ) في مرتبة " العقيدة " من جهة أولى، ويعترفوا بأن ( التراث) ليس سوى منجزات زمنية تاريخية تربط صانعيها من السلف ولا تقيد أحداً من الخلف من جهة ثانية. فعلم الكلام، والفقه، وتتابع التفسير، وأصول الفقه، والفلسفة، والعلوم، والتصوف ليست إلا " منجزات " إسلامية وعربية صنعتها أجيال تاريخية معينة في ظروف معينة و " ورثتها " لمن بعدها أما الخلف فليس عليهم إلا أن " ينجزوا " هم بدورهم منجزاتهم الخاصة...

أما العقيدة نفسها، فأصلاها الأساسيان: القرآن وما يصح من الأحاديث النبوية فليست من " التراث " لأنها ليست " منجزات " بشرية تورّث، وإنما هي معطيات إلهية مباشرة أزلية... وكذلك ينبغي على دعاة الإسلام المحدثين أن يحسموا القول، عملياً، في مسألة الفعل، الإلهي والفعل الإنساني ودائرة كل منهما، إن تاريخ الإسلام قد عرف موقفين اثنين أصيلين في هذه المسألة: موقف الجبريين المحافظين من أهل السنة والاشاعرة... وموقف الأحرار من المعتزلة الذين آمنوا بأن الفعل الإنساني هو مبدأ كل حراك وعمل وبأنه أصيل حقيقة، وبأن الله قد استخلف الإنسان في الأرض وفوضه أمر تسخيرها لمصلحته ونفعه بمسؤولية وحرية في ظل النظام الإلهي. ولقد كان النصر دوماً حليف الموقف الأول. واليوم أيضاً لابد للمسلمين المحدثين أن يختاروا قبل أي فعل بين أحد الموقفين، ولكن عليهم أن يعلموا منذ البداية دون مواربة أو تردد أو شك أن أول الموقفين يؤدي بالضرورة إلى العطالة والجمود... وإن ثاني الموقفين هو وحده الموقف الذي يسمح بتغيير الأحوال والأوضاع الفاسدة أو المنحرفة باتجاه ما هو أفضل، أي باتجاه التقدم " (20) .

و إذا كنا عمدنا إلى إيراد هذا النص على طوله فلأنه يعكس شيئاً مما نتصوره مخرجاً للفكر العربي في علاقته مع حركة ما بعد الحداثة، إذ أن المرجعية التي يصدر عنها أي فكر تشكل الأساس والقاعدة التي يمكن أن يقف عليها بصلابة.

و إذا كان رائد التفكيك جاك دريدا، ورائد الموجة الثانية لما بعد الحداثة الغربية جان فرانسوا ليوطار يصدران في فكريهما عن التراث الفلسفي الغربي من أرسطو إلى هايدجر مروراً بالقديس اغوسطين وديكارت وفلاسفة التنوير، وكانط وهيجل ونيتشه، فإن الحركة الفكرية والأدبية العربية الراهنة مطالبة بسلك الطريق نفسه، فتعمد إلى تراثها الفكري والفلسفي وتتخذ منه مرجعيتها، لكن تراثها في صورته الناصعة، المشرقة التي يجسدها الفكر العقلاني والتنويري.

و إذا كانت النهضة الأوربية انطلقت من شك ديكارت وتجريبية بيكون، وتنوير ديدرو وفولتير، فإن نهضة الفكر العربي الراهنة أو " ما بعد الحداثة " بعيداً عن مفاهيم الحركة الأوربية – بإمكانها الإنطلاق من شك النظام وتجريبية الجاحظ وتنوير ابن رشد والفارابي، حتى لا تسقط في التجارب الفاشلة التي آلت إليها جهود حركات الحداثة العربية. مع عدم التقوقع والإنطواء على النفس والانغلاق، لأن العقل وحده لم يعد يجد في هذا العصر الذي ألغيت فيه الحدود الفيزيائية والمعنوية في ظل ثورة المعلوماتية وعصر الأقمار الصناعية وسيطرة الكمبيوتر والانترنت، عهد العولمة أحادية النموذج، وقتها فقط يمكن للفكر العربي أن يقدم منهجاً خاصاً به، يعتمد في الدراسات والأبحاث التي ينتجها، والتي ترتفع بالإنسان العربي إلى مصاف المبدعين للحضارة الراهنة.

وليس غريباً أن يعيش الفكر العربي الحديث مثل هذه الحالة، فهو منذ التاسع عشر يلهث وراء حلول للمشاكل القائمة في شتى زوايا المجتمع وقد اعتقد أعلامه – عبثاً – أنهم سيحققون للعروبة والإسلام تقدماً وانتصارات تمكنهم من اللحاق بركب الأمم المتحضرة وسيصوغون نهضة عربية تردد للعرب عزّهم وللإسلام مناعته، إلا أنهم – وإن طرحوا أسئلة النهضة – فإنهم لم يدركوها، وإن أدركوا شيئاً منها فلا يتجاوز الظاهر والقشور وظلوا مترددين بين حلم في النهضة يطلب فلا يدرك وواقع معقد مشاكله متفاقمة ساهمت عدة ظروف في ترديه، نذكر منها، الحركة الاستعمارية والحربين الكونيتين والحرب الباردة وحرب النجوم وصولاً إلى التحالف الأطلسي والنظام العالمي الجديد بما يعنيه من سقوط " الثنائية القطبية التي كان العالم يعيش في ظلها ثم تحكم دولة واحدة بالقرار الدولي ووضع ترتيبات عالمية مختلفة تجعل من شعوب ودول العالم كله في خدمة مصالح هذه الدولة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً " هذا بالإضافة إلى المشاكل الداخلية الاجتماعي منها والاقتصادي والثقافي.

وإزاء هذه الأحداث كان الفكر العربي الحديث في فترات تاريخية مختلفة يتحرك في نطاق ردود فعل تختلف من مفكر إلى آخر ومن عائلة فكرية إلى أخرى بحسب الإطار النظري والمرجعية الأيديولوجية، و إذا ما كان الفكر العربي في القرن التاسع عشر مجتهداً باحثاً عما به يتجاوز حال التأخير إلى التقدم أو في مطلع القرن العشرين منخرطاً في منظومات حزبية وأيديولوجية وتكتلات سياسية وإقليمية وعالمية مختلفة ومتغايرة من أجل التحرر الوطني والاستقلال والشخصية القومية، فإن الفكر العربي في أواخر هذا القرن، وعلى مشارف القرن القادم صار متفرجاً غير فاعل أو متسائل، بل أخطر من هذا قبل سياسة الأمر الواقع يتعامل مع واقع النظام العالمي الجديد وكأنه قدر مقدر ولا مفر منه، وفي أحسن الحالات تبحث رموزه عن موقع العرب في إحدى عربات ركب الأمم المتقدمة، وعما به ينسجمون مع مطالب العولمة ومقتضيات التحولات العالمية الجديدة.

ولا نجدهم يسألون عن مصير الأمة أو عن أمنها الوطني والقومي ومستقبلها، وعما به تكون مساهمة في الأحداث العالمية ولا تكون مجرد تابع لقوة من القوى الدولية أو لحلف من الأحلاف.

و إذا ما اجتهد الفكر العربي الحديث في أيامنا هذه فاجتهاده لا يتعدى البحث في كيفية الانخراط في دائرة النظام العالمي الجديد أو التفكير في مجابهة بعض مشاكل الواقع الجديد اليومية وتحدياته الطارئة، بكيفية عملية ( براغماتية ) تفتقر إلى أبسط أسس التفكير النظرية والتطورات الفكرية المتكاملة.

ولئن عد أكثر الباحثين في مسيرة الفكر السياسي العربي من القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا أنه فكر " نهضوي " و " حداثي " و " عصراني " فإننا لا نعتقد كثيراً في فحوى هذه النعوت، لأن الفكر العربي الحديث طرح أسئلة النهضة والحداثة، إلا أنه لم يضع فكراً نهضوياً أو حداثياً ولم يصل إلى بلورة مشروع فكري نهضوي وتحديثي متكامل، بل أطل على النهضة والتحديث والعصرنة من زوايا ضيقة لم ترتق بالمجتمع العربي إلى مراتب راقية و إلى مصاف الأمم المتقدمة، وبقيت النهضة مجرد آراء وشعارات متفرقة تدور حول الحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية وحقوق الإنسان... و إذا ما كانت أسئلة القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين أسئلة حالمة بمستقبل أفضل، فإن الفكر العربي في أيامنا هذه لا يحلم بشيء بل نراه منسجماً مع ترتيبات العالمية الجديدة، وإن حلم بعض رموزه فإنه حلم فردي لا يكبر ولا يتضخم قدر ضخامة طموحات الأمة ومطالبها.

فنحن بحاجة كبيرة إلى تقييم ما وصل إليه الفكر العربي الحديث ونقد خطاب أعلامه إذ لا يمكن أن ننظر إلى ما بعد الحداثة وأفكارنا عما سبقها محشوة بأحكام القيمة وبشتى الشعارات الزائفة، فإعادة النظر في خطاب النهضة وخطاب الحداثة أمر لازم من قبيل النقد الذاتي الذي بدونه لا يتقدم الفكر ولا يتطور.

المراجع المستخدمة:

1- كريستوفر نورس: التفكيكية، النظرية والتطبيق، ترجمة: رعد عبد الجليل جواد،( اللاذقية، دار الحوار: 1992) ص 33.

2- د. عبد الله المهنا: الحداثة وبعض العناصر المحدثة في القصيدة المعاصرة، مجلة عالم الفكر، اكتوبر – ديسمبر 1988، المجلد التاسع عشر، العدد الثالث، ص:10.

3- د. فهمي جدعان : أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث،(بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر: 1981)، ص:101.

4- المرجع السابق، ص545.

5- د. عاطف العراقي: التنوير والتراث ومستقبل العالم العربي، مجلة الفلسفة والعصر، العدد الأول، ص16.

6- المرجع السابق: ص16.

7- د. محمد أحمد جاد عبد الرزاق: المشروع الحضاري بين الإحياء الإسلامي والتحديث الغربي، ط2، المعهد العالمي للفكر الإسلامي،ص: 623.

8- د. فهمي جدعان: مرجع سابق، ص330-331.

9- المرجع السابق، ص:323.

10- مجدي عبد الحافظ: نحن ما بين الحداثة وما بعدها، مجلة قضايا فكرية، الكتاب التاسع والعشرون، اكتوبر 1999، ص242.

11- المرجع السابق، ص282.

12- د. زواوي بغورة: ميشال فوكو في الدراسات العربية، مجلة الفلسفة المعاصرة، العدد الأول، أكتوبر 1999، ص242.

13- مجدي عبد الحافظ: نحن ما بين الحداثة وما بعدها، مرجع سابق، ص279.

14- المرجع السابق، ص281.

15- المرجع نفسه، ص282-283.

16- أدونيس: فاتحة لنهاية القرن، ( بيروت ، دار العودة :1980)، ص321.

17- د عاطف العراقي: التنوير والتراث ومستقبل العالم العربي، مجلة الفلسفة والعصر، مرجع سابق، ص16.

18- المرجع السابق، ص16.

19- المرجع نفسه، ص18.

20- د. فهمي جدعان: مرجع سابق، ص548-49.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية الأنساق العامة: إمكانية توظيفها في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية

ملخص الأدب مدرسة الإحياء و البعث (الاتباعية - الكلاسيكية الجديدة)

السيميائية :أصولها ومناهجها ومصطلحاتها