الجزائر من أحمد بن بلّة والى عبد العزيز بوتفليقة 4

اليامين زروال : رجل الحوار والنار .

في أواخر كانون الثاني –يناير –1994 تسلمّ اللواء اليامين زروال رسميّا رئاسة الدولة الجزائرية , وبذلك تكون المؤسسة العسكرية قد وضعت يدها وبشكل مباشر على مقاليد الحكم بعدما كانت تقوم بتوجيه الدولة من خلف الكواليس وبشخصيات مدنية في أغلب الأحيان .

و كانت المؤسسة العسكرية قد أخذت على عاتقها مسألة تعيين الرئيس فكان الجنرال المتقاعد اليامين زروال وأخذت على عاتقها وضع خطة لتفادي الانزلاق الى الهاوية , فكان منهج الحوار والنار تحت سقف واحد , ولمزيد من التفصيل لابدّ من التعرّف على الوضع العام في الجزائر عشيّة استلام اليامين زروال مهامه كرئيس للدولة الجزائرية .

وضع الدولة :

لقد بدأت الدولة الجزائرية بالانهيار بعد اقالة الشاذلي بن جديد والغاء المسار الانتخابي وقد تمثلّ هذا الانهيار في اختفاء كل المؤسسات الدستورية , فالرئاسة بات أمرها بيد المؤسسة العسكرية التي تقوم بنفسها بتعيين من يتولاها دون الرجوع الى الارادة الشعبية , ومجلس النوّاب أو البرلمان تمّ حلّه بقرار فوقي وتمّ تعيين هيئة تشريعية يجري تعيين كل أعضائها , والمجلس الدستوري كانت أخر مهمّة أوكلت له تتمثل في الموافقة الدستورية على سيناريو انسحاب الشاذلي بن جديد من رئاسة الدولة , وحتى البلديات التي كانت تابعة للجبهة الاسلامية للانقاذ وبقية الأحزاب جرى تسليمها لرؤساء بلديات معينين من قبل الجهات العليا ودون المرور بالانتخابات .

والمؤسسة الوحيدة التي ظلّت محافظة على تماسكها هي المؤسسة العسكرية , التي أصبحت صاحبة الحل والربط , والتي كبرت على حساب المؤسسات الأخرى , وقبل استلام زروال مهامه كرئيس للدولة الجزائرية كان الصراع بين الصقور والحمائم , وبين مراكز القوة في دوائر القرار قد بلغ أوجه , وكان الصقور داخل المؤسسة العسكرية يوفرّون الغطاء السياسي لكل دعاة المواجهة والاستئصال ان في الحكومة وعلى رأسها رئيسها رضا مالك , وان في الطبقة السياسية والمنظومة الاعلامية الفرانكفونية على وجه التحديد .

أمّا الجنرال اليامين زروال العائد الى السلطة بعد طول تقاعد فقد أحتار من أين يبدأ , فهو يلوّح تارة بالنار وتارة بالحوار , وكان ينتظر أن ينتهي رئيس حكومته رضا مالك من التفاوض مع صندوق النقد الدولي ليقوم بتنحيته , وبالفعل تمّت تنحية رضا مالك ليقال أنّ اليامين زروال مع الحوار والمصالحة الوطنية . وكان التحدّي الأول الذي واجه اليامين زروال هو في كيفية القضاء على مراكز القوة وتوحيد الخطاب السياسي , خصوصا في ظلّ تصعيد حكومة رضا مالك من لهجة خطابها ضدّ التيارات الاسلامية , وأستمرّ في توفير الغطاء السياسي لأمثال الدكتور سعيد سعدي زعيم التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية الذي كان يطالب بتسليح منطقة القبائل لمواجهة الجماعات الاسلامية المسلحة . كما أنّ وزير الداخلية في حكومة رضا مالك العقيد سليم سعدي كان يدعو الى استدعاء احتياطي الجيش الجزائري لمواجهة الحركات الأصولية المسلحة , وفوق هذا وذاك فانّ هناك من أوعز الى الصحافة الفرانكفونية بشنّ حرب على زروال , وأشاع حلفاء رضا مالك بأنّ زروال مجرّد بيدق في اللعبة الجزائرية , وأنّه لا يملك فعل أي شيئ تجاه الصقور الذين وضعوه أمام الأمر الواقع , وفوق هذا وذاك فانّ الجمعيات النسوية التابعة لتحالف البربر واليسار والفرانكفونية خرجت في تظاهرة الى الشوارع في الجزائر العاصمة وأخذت ترددّ شعارات من قبيل : زروال لا تخلع السروال . أي ايّاك أن تتخلى عن رجولتك وتتحاور مع الأصوليين .

ويبدو أنّ اللواء اليامين زروال كان يتعامل مع هذه المناورات بكثير من الصمت , ومعروف عن زروال أنّه كثيرا ما كان يتخذ قراراته بعيدا عن الضجيج الاعلامي , وقبل توجهه للعاصمة التونسية للمشاركة في أعمال القمة المغاربية , اتصلّ بمقداد سيفي وزير التجهيز في حكومة رضا مالك وأمره بالتهيؤ لاستلام رئاسة الحكومة خلفا لرضا مالك الذي كان يتوقّع أن يدعمه الصقور الى النهاية أو أقلا ريثما ينتهي من تنفيذ شروط صندوق النقد الدولي , الاّ أنّ الازمة الجزائرية مثلما أزهقت أرواح عشرات الألاف من الجزائريين , فقد أجهزت على العديد من كباش المحرقة والفداء , وهذه من قواعد السياسة خصوصا في عالمنا العربي !

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

ولد مقداد سيفي في عام 1940 في ولاية تبسة الواقعة على الحدود الجزائرية – التونسية , ويحمل اجازة في الفيزياء من جامعة الجزائر ثمّ أكمل تعليمه في فرنسا حيث حصل على شهادة في الهندسة الالكتروميكانيكية , وفور عودته من الجزائر عمل في شركة الغاز ثمّ شغل مناصب في وزارة الصناعة الى أن عينّه بلعيد عبد السلام رئيس الحكومة الأسبق وزيرا للتجهيزات والأشغال العموميّة , وبقيّ في نفس المنصب عندما عينّ رضا مالك رئيسا للحكومة خلفا لبلعيد عبد السلام .

ومقداد سيفي رجل تكنوقراطي , وعرف عنه أنّه رجل حوار موال للرئيس اليامين زروال, وعندما شكلّ حكومته اختار لها تقنيين وتكنوقراطيين , وأقصى الصقور الذين كانوا في حكومة رضا مالك كالعقيد سليم سعدي ,وكانت حكومته على الشكل التالي :

مقداد سيفي رئيسا , اليامين زروال وزيرا للدفاع مع وجوده على رأس الدولة الجزائرية , محمد الصالح دمبري وزيرا للخارجية , عبد الرحمان مزيان شريف وزيرا للداخلية , ومحمد تقيّة وزيرا للعدل , وأحمد بن بيتور وزيرا للخزينة , ومراد بن أشنهو وزيرا لاعادة التنظيم الصناعي , وعمر مخلوفي وزيرا للصناعة الثقيلة , ومحمد السعيد عبّادو وزيرا للمجاهدين ومحمد بن عمّار زرهوني وزيرا للاتصال , وأبوبكر بن بوزيد وزيرا منتدبا للجامعات والبحث العلمي , ونورالدين بحبوح وزيرا للفلاحة , وشريف الرحماني وزيرا للتجهيز , ومحمد مقلاوي وزيرا للسكن , ويحي قيدوم وزيرا للصحة والسكان , وسيد علي لبيب وزيرا للشباب والرياضة , وحسّان العسكري وزيرا للتكوين المهني , وسليمان الشيخ وزيرا للثقافة , وساسي العموري وزيرا للشؤون الدينية , ومحمد العيشوبي وزيرا للعمل والحماية الاجتماعية , والطاهر علاّن وزيرا للبريد والمواصلات , ومحمد أرزقي ايسلي وزيرا للنقل , وساسي عزيزة وزيرا للتجارة ورضا حمياني وزيرا مندبا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة , ومحمد بن سالم وزيرا للسياحة والصناعات التقليدية وعلي ابراهيتي وزيرا منتدبا لدى وزير الخزينة , ونورالدين قصد علي وزيرا منتدبا للجماعات المحلية , وأحمد عطّاف كاتب دولة لدى وزير الخارجية , وليلى عسلاوي كاتبة دولة لدى رئيس الحكومة مكلفّة بالتضامن الوطني وشؤون الأسرة , وسعيد بوشعير أمينا عاما لدى الحكومة .

وقد وصفت هذه الحكومة بأنها تكنوقراطية وسوف تضطلع بالمهام الاقتصادية , فيما ستكون مهمة الرئاسة اعادة النظر في الملفات السياسية والأمنية والتي ستكون على غاية من التعقيد بسبب التراكمات عبر عقود من الزمن !

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

الانهيار الاقتصادي :

عندما استلم اللواء اليامين زروال مهام رئاسة الدولة الجزائرية , كانت الجزائر تعيش وضعا اقتصاديا خانقا للغاية , فهي لم تعد قادرة لا على تسديد ديونها ولا على توفير الحنطة للشعب الجزائري , وكانت خزينة الدولة خالية من العملة الصعبة باعتراف كبار المسؤولين , كما أنّ المؤسسات التي كانت تابعة للقطاع العام كان قد انتابها الشلل بشكل كامل . فالدولة الجزائرية التي أنهكتها الاختلاسات – تجدر الاشارة الى أنّ رئيس الوزراء الأسبق عبد الحميد الابراهيمي كان قد فجرّ قنبلة اختلاس الرسميين من عسكريين ومسؤولين سياسيين مبلغ 26 مليار دولار أمريكي – وسوء التخطيط والمديونية والتذبذب بين اقتصاد السوق والاقتصاد الموجّه , وجدت نفسها في بداية 1994 على حافة الهاوية والافلاس .

وبعد انخفاض أسعار النفط حلّت الكارثة بالاقتصاد الجزائري , و قد أستغلّ صندوق النقد الدولي الفرصة وراح يزيد في طرح شروطه والتي زادت كلها في تأزيم الوضع الاجتماعي, على اعتبار أنّ صندوق النقد الدولي لا تعنيه أوضاع الناس الاجتماعية كثيرا والذي يهمّه مصالح الكبار الذين يديرون هذا الصندوق من وراء الستار , ومن الشروط التي طرحها صندوق النقد الدولي على الجزائر تخفيض قيمة الدينار بنسبة 50 بالمائة وتحرير الأسعار ورفع الدعم عن المواد الاستهلاكية الضرورية والمدعومة من قبل الحكومة والشروع في خصخصة القطاع العام , علما أنّ هذا الشرط الأخير عرضّ عشرات الألاف من العمال للبطالة والذين انتحر الكثير منهم بسبب الأزمة المعيشية .

وقد ترافق هذا الانهيار الاقتصادي مع تصعيد أمني خطير والذي شمل كافة المناطق و في كل ولايات القطر الجزائري .

تدهور الوضع الأمني :

في بداية 1994 كان الجيش الاسلامي للانقاذ الذراع العسكرية للجبهة الاسلامية للانقاذ وبقية الجماعات الاسلامية المسلحة وتحديدا الجماعة الاسلامية المسلحة قد أنهت سنتين من صراعها العسكري مع القوات النظامية , وقد ألحقت هذه الجماعات أضرارا فظيعة بمقدرّات الجزائر , كما تمكنّت من اقامة شبكات عسكرية في كل ولايات القطر الجزائري, وأصبح لكل منطقة قائد عسكري الى درجة أنّ الجزائر في ذلك الوقت كان يحكمها صباحا القوات النظامية وليلا عناصر الجماعات الاسلامية المسلحة .

ولم تفلح القوات الخاصة التي عرفت باسم –النينجا- والتي كان يشرف عليها الجنرال محمد العماري في وضع حدّ لفوضى القتل والعنف الأعمى , وغالبا ما تحولّت هذه القوات الى قوات انتقامية وتصفية حسابات . وفشل سياسة الحلول الأمنية جعلت الجنرال اليامين زروال يعلن أنّ الحل الأمني وصل الى طريق مسدود ولابدّ من اللجوء الى الحوار , وكان بنفسه قد التقى زعماء الجبهة الاسلامية للانقاذ عندما كان على رأس وزارة الدفاع, وأفضت هذه الاتصالات في وقت لاحق الى اطلاق سراح اثنين من قادة الجبهة الاسلامية للانقاذ هما علي جدي وعبد القادر بوخمخم .

و عندما بدأ الرئيس اليامين زروال يتحدث عن الحوار في خطاباته السياسية , اتهمه بعض السياسيين بأنّه يناور ليس الاّ , والهدف من وراء ذلك هو اعادة الروح للدولة الجزائرية التي ألمّت بها سكرات الموت , وفي الوقت الذي كانت فيه الرئاسة تتحدث عن الحوار , كانت الأجهزة الأمنية تضرب بيد من حديد وتتحرك من منطلق الاستئصال الأمر الذي أوجد تشويشا لدى الشارع الجزائري الذي لم يستسغ فكرة الجمع بين منطق النار ومنطق الحوار . وقد تعجبّ الناس اتباع رئيسهم لهذه المسلكية السياسية وهو المعروف عنه بالصرامة وعدم الالتواء .

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

التحق اليامين زروال المولود في عاصمة الأوراس باتنة بالثورة الجزائرية وعمره لم يتجاوز 16 سنة , وقد عرف عن الرعيل الأول للثورة الجزائرية أنّه مسكون بحبّ الوطن والغيرة على مقدساته , وعلى عروبة الجزائر واسلاميتها والرفض المطلق لمحاولات ادماج الجزائر في فرنسا .

وعرف عن زروال وفاؤه لخطّ الثورة الجزائرية ومبادئ ثورة نوفمبر ولم يحد زروال عن هذا الخط بعد الاستقلال , وزاول عمله داخل المؤسسة العسكرية الى أن رقيّ الى رتبة لواء, ويختلف زروال عماّ يسمى في الجزائر بضبّاط فرنسا الذين كانوا ضمن الجيش الفرنسي والتحقوا بصفوف الثورة الجزائرية في أواخر أيامها ومنهم اللواء خالد نزار واللواء محمد العماري واللواء عبّاس غزيل واللواء عبد المالك قنايزية وعشرات أخرون , وعندما لم يستسغ تصرفات البعض داخل المؤسسة العسكرية قدمّ استقالته للشاذلي بن جديد الذي عينّه بعدها سفيرا للجزائر في العاصمة الرومانية بوخارست .

وترددّ اسم اللواء المتقاعد اليامين زروال بعد اغتيال محمد بوضياف مباشرة , حيث نشرت جريدة الخبر الجزائرية خبرا مفاده أنّه جرت اقالة وزير الداخلية الجنرال العربي بلخير والذي سيحلّ محلّه الجنرال المتقاعد اليامين زروال , الاّ أنّ وزير الداخلية العربي بلخير كذبّ الخبر, وأختفى بعد ذلك اسم اليامين زروال الى أن طرح اسمه مجددا في تموز –يوليو – 1993 كوزير للدفاع هذه المرة خلفا للجنرال خالد نزار .

والجنرال خالد نزار الذي خططّ لانسحابه من وزارة الدفاع مع رفقائه في اللعبة الجزائرية كان يعي وكانوا يعون معه أهميّة تعيين شخص على رأس وزارة الدفاع لم يتورّط في الانقلاب على الشاذلي بن جديد ولا في الاختلاسات التي زكمّت الأنوف .

ولم تكن مهمة اليامين زروال سهلة , ذلك أنّ أنصار الحلول الأمنية داخل المؤسسة العسكرية ودوائر القرار كانوا مستعدين لكل الاحتمالات . وحتى لما أبعد زروال رئيس الحكومة رضا مالك فانّ الأمور لم تتغير كثيرا باعتبار أنّ الرئاسة الجزائرية كانت قد فقدت صلاحياتها منذ زمن بعيد .

والجبهة الاسلامية للانقاذ التي رحبّ قادتها عباسي مدني وعلي بلحاج بالنوايا الحسنة لزروال كانت تنتظر منه أن يبادر الى اطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين بما في ذلك جميع قادة الجبهة الاسلامية للانقاذ المعتقلين , ورفع حالة الطوارئ والاجراءات الاستثنائية,

وكان قادة الانقاذ يطالبون زروال بالسماح لهم بعقد اجتماع موسّع يضمّ كافة أعضاء مجلس الشورى في جبهة الانقاذ الاسلامية , كما طالبوا بأن يسمح لهم الالتقاء بالقادة الميدانيين للجيش الاسلامي للانقاذ حتى يتمكنّوا من تقييم الوضع واتخاذ القرار المناسب

ومن جهته كان زروال يطالب قادة الانقاذ باصدار بيان يدينون فيه العنف الأعمى التي تشهده الجزائر , وتشاء الظروف أن لا تفضي هذه الاتصالات الى نتائج ملموسة وتمكنّ الطابور الخامس من قلب الطاولة مجددا , وعاد زروال مجددا الى منطق النار وسياسة الوعد والوعيد .

وكانت هذه العودة الى سياسة العصا الفولاذية تعكس في الواقع التجاذبات بين مراكز القوة ولو كانت هذه المراكز متوافقة على سياسة المصالحة والحوار لنجح الحوار , لكن كثيرا ماكان الصقور يعتبرون الحوار مجرد مناورة في محطة سياسية معينة , وساعة يتم الانتقال الى المحطة الأخرى تترك مناورة الحوار جانبا .

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

من الأشخاص البارزين الذين كان يعتمد عليهم الجنرال اليامين زروال الجنرال محمد بتشين الذي كان مستشارا للرئيس زروال وكان يعتبر العقل المدبر ورجل النظام القوي منذ تولّي الرئيس اليامين , وأصبح بتشين أقرب معاوني زروال وموضع ثقته الكاملة .

لكن من يكون محمد بتشين !

تلقى محمد بتشين المولود في مدينة قسنطينة والمناضل السابق في جبهة التحرير الوطني وصفوف جيش التحرير الوطني علومه العسكرية في الاتحاد السوفياتي السابق , وكان عضوا في اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني, واستقال بعدها من حزب جبهة التحرير الوطني كما فعل معظم العسكريين , وتولىّ بين عامي 1982 – 1984 قيادة القطاع العسكري في منطقة تندوف في الجنوب الجزائري على مقربة من الحدود مع المغرب , ورقيّ بتشين الى رتبة عقيد عام 1984 ليصبح قائدا للناحية العسكرية الرابعة التي مقرّها مدينة ورقلة الصحراوية , واعتبارا من 1978 تولى قيادة الناحية العسكرية الثالثة التي مقرها ولاية بشّار , و دعيّ بعدها لرئاسة الأمن العسكري حيث أصبح يشرف على معظم الأجهزة الأمنية ورقيّ الى رتبة جنرال , وقد قدم استقالته في أيلول –سبتمبر- 1990 . وأنصرف بعدها الى مشاريعه التجارية الى أن طلبه اليامين زروال ليكون مستشارا له وأحد أقرب المقربين اليه .

وتتهم مراكز القوة في الجزائر محمد بتشين بأنّه كان يتطلع للرئاسة وأنّ زروال كان يمهّد له الطريق ليكون خلفا له , وكان على رأس المعارضين للجنرال محمد بتشين الجنرال محمد العماري وحلفاؤه في المؤسسة العسكرية . ولأنّ الصقور كانوا يلجأون الى الصحافة الفرانكفونية لتصفية حساباتهم فقد شنّت هذه الأخيرة حملة على اللواء محمد بتشين وفتحت العديد من ملفاته المالية وحتى الأمنية , وجاء هذا الصراع الخفي بين مراكز القوة قبل فترة وجيزة من انتهاء ولاية الرئيس اليامين زروال , حيث كان الرئيس الجزائري قد فاجأ الجميع في 11 أيول –سبتمبر –1998 بأنّه سيختصر ولايته الرئاسية التي كان يفترض أن تنتهي في سنة 2000 , وأعلن أيضا أنّه سيجري انتخابات رئاسية مبكرة .

ووسط الاستعداد للاستحقاق المقبل فتح ملف محمد بتشين الذي نجح في بسط نفوذه على التجمع الوطني الديموقراطي ونجح في فتح قناة تفاوض مع الجبهة الاسلامية للانقاذ , وكانت الصحف الفرانكفونية تسميه الاسلامي المتحفّظ , وحتى لا يستغلّ قدراته الأمنية وعلاقته القوية بزروال ليكون الرئيس المقبل , بادر الأخرون في المعسكر الفرانكفوني الى تحريك لعبتهم والتي سرعان ما نجحت وقدمّ محمد بتشين استقالته , حيث بقيّ اليامين زروال وحيدا رغم أنّه عمل المستحيل حتى يبقيه جانبه ولما لم يتمكّن من مواجهة المعسكر الأخر قبل استقالة مستشاره على مضض ونسب الى زروال قوله لمحمد بتشين : يا محمد جئنا سويّة ونذهب سويّة ..

و كانت العاصفة الكبرى التي أطاحت بمحمد بتشين وأجبرت زروال على قبول استقالته هي شهادات قدمها ضابط المخابرات السابق هشام عبّود الذي كان مدير مكتب محمد بتشين عندما كان هذا الأخير مديرا للمخابرات العسكرية , ويقيم عبّود حاليّا في العاصمة الفرنسية باريس وقد نشرت شهادته جريدة الوطن الفرانكفونية وجريدة الخبر الناطقة باللغة العربية وجاء في الشهادة أنّ بتشين قام شخصيّا بتعذيب سياسيين جزائريين في ثكنة سيدي فرج بالاشتراك مع المدعو قدور لحول صهر الرئيس الشاذلي بن جديد ووالي ولاية مدينة تيبازة في ذلك الوقت , وجاء في الشهادة أنّ بتشين جمع ثروات هائلة وحصل على فيلات فخمة مملوكة للدولة الجزائرية , والأخطر من ذلك فانّ هذا الضابط اعترف أنّ رجالات من السلطة قاموا بتصفية خصومهم واتهام اسلاميين مسلحين بقتلهم .

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

غادر الرئيس اليامين زروال قصر المرادية وهو يبلغ من العمر 58 سنة , ولم يتمكن من انهاء الفتنة الجزائرية العمياء التي أرقتّه كما أرقّت سابقيه , ولم يتحدث زروال عن صراع مراكز القوة والخلافات الحادة التي كانت تعصف بين أركان الحكم وجعلته يضحّي بأقرب الناس اليه , والقاعدة الجزائرية التي يحفظها الرسميون في الجزائر عن ظهر قلب تنص على عدم الحديث عما يسمونه أسرار الدولة لا تصريحا ولا تلميحا والخروج عن هذا المبدأ معناه القتل تماما كما هي قاعدة المافيا التي أجهزت على محمد بوضياف وهو لم يحكم سوى 166يوما .

وقد حاول زروال الدفاع عن عهده بقوله أنّه استطاع أن يمهّد لانتخابات رئاسية شفافة ونزيهة ويكرّس مبدأ التداول على السلطة , لكنّ منتقدي زروال أعتبروا أنّه كان طرفا في تنفيذ سيناريو ايصال عبد العزيز بوتفليقة الى قصر المرادية ليصبح بذلك سابع رئيس للدولة الجزائرية والذي ظلّ خارج اللعبة السياسية منذ وفاة هواري بومدين وتشاء الظروف أن يعود الى الواجهة من خلال انتخابات رئاسية كان فيها المرشح الوحيد بعد انسحاب منافسيه الستة الذين أكدوّا أنّ بوتفليقة هو رجل العسكر بلا منازع …

عبد العزيز بوتفليقة : رجل الملفات والمناورات .

أزيد من 100ألف قتيل وخسائر مادية قدرّت بملايير الدولارات تلك هي الحصيلة المبدئية للفتنة الجزائرية التي اندلعت بعد الغاء المسار الانتخابي واقالة الشاذلي بن جديد , ولم يجد صنّاع القرار وسيلة لحلحلة الأزمة القائمة غير الاكثار من الانتخابات والاستفتاءات وتغييرات بالجملة للدساتير , و محاولات الحلّ هذه كانت في مجملها ترقيعية لم تخرج من الاطار الشكلي , و الانتخابات الرئاسية المبكرة التي دعا اليها اليامين زروال والتي جرت في 15 أبريل – نيسان – 1999 تندرج في هذا السيّاق الأمر الذي لم يؤد الى تجاوز المحنة بشكل كامل . وعلى الرغم من أنّ الرئيس اليامين زروال قد عاد الى مسقط رأسه في باتنة بعد أن سلمّ المهام للرئيس الجديد عبد العزيز بوتفليقة , الاّ أنّ الكل في الجزائر يجمع على أنّ عهده كان عهد المجازر والمذابح الجماعية التي لم تعرف لها الجزائر مثيلا , وحتى الهدنة التي كان قد أعلنها الجيش الاسلامي للانقاذ من طرف واحد لم يعمل على استثمارها بل فضلّ أن يتولى الملف من يأتي بعده ويبدو أنّ كل الأمور كانت مرتبّة وأنّ فكرة الانتخابات كانت لزركشة الديكور .

وبمجرّد الاعلان عن فتح باب الترشح للرئاسة قدمّ أكثرمن 28 مرشحا ملفاتهم الى الدوائر المعنية ليبثّ فيها لاحقا المجلس الدستوري الذي كان يملك صلاحية تحديد ما اذا كان هذا المرشح للانتخابات الرئاسية أو ذاك يستوفي الشروط أو لا .

ومن الذين أقصاهم المجلس الدستوري عن الانتخابات ولم يقبل ترشيحه الشيخ محفوظ نحناح زعيم حركة مجتمع السلم – حمس -التي كانت تحمل اسم حركة المجتمع الاسلامي –حماس - قبل اقرار الدستور المعدّل في عهد اليامين زروال , هذا الدستور الذي منع قيام أحزاب على أساس ديني أو عرقي أو لغوي , والسبب الذي جعل المجلس الدستوري يرفض ترشّح محفوظ نحناح هو كونه لم يشارك في الثورة الجزائرية , وكان من شروط ترشّح الشخص للانتخابات الرئاسية أن يكون المرشّح قد شارك في ثورة التحرير الجزائرية. وقد احتجّ محفوظ نحناح وحركته على قرار المجلس الدستوري و حاول التأكيد على أنّه شارك في حرب التحرير وأنّ لديه شهادات بهذا الخصوص , الاّ أنّ المجلس الدستوري كان مصرّا على قراره ووجد نحناح نفسه خارج اللعبة , لكنّ نحناح لم يتوقف عند هذا بل راح يدعم مرشّح السلطة عبد العزيز بوتفليقة .

وبعد فرز كامل للملفات من قبل المجلس الدستوري أصدر هذا الأخير قراره بشأن من يحق لهم الترشح و مزاولة الحملة الانتخابيّة في وقتها و كانت القائمة تضمّ التالية أسماؤهم :

1- عبد العزيز بوتفليقة .

2- أحمد طالب الابراهيمي .

3- مولود حمروش .

4- عبد الله جاب الله .

5- حسين أيت أحمد .

6- مقداد سيفي .

7- يوسف الخطيب .

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

وقبل 15 نيسان – أبريل – 1999 موعد الانتخابات الرئاسية بثلاثة أسابيع انطلقت الحملة الانتخابية التي شارك فيها كل المرشحين بقوة ونشاط وحماس مما أوحى أن لا لعبة في الأفق , و أنّ الانتخابات ستأخذ مجراها الى الأخير بنفس الحماس . ودخل المرشحون حسين أيت أحمد ومولود حمروش وأحمد طالب الابراهيمي وعبد العزيز بوتفليقة ويوسف الخطيب وعبد الله جاب الله و مقداد سيفي في سباق ضدّ الساعة حتى يتمكنوا من زيارة كل ولايات القطر الجزائري التي تبلغ 48 ولاية . وركزّ كل المرشحين على موضوع المصالحة الوطنية وضرورة انقاذ البلاد والعباد واخراج الجزائر من أزمتها , وفي الوقت الذي اختار فيه كل مرشح ولاية معينة , فقد اختار عبد العزيز بوتفليقة ولاية قالمة مسقط رأس الرئيس الجزائري هواري بومدين الذي كان بوتفليقة في عهده في أوج تألقه .

وكانت وزارة الداخلية الجزائرية قد خصصّت مبلغ 2,410مليار دينار للتكفل بحملة المرشحين , كما حددت الأطر النظامية لسير الحملة الانتخابية داعية كل المرشحين الى منافسة سياسية سليمة , وحثت المرشحين السبعة على تفادي استعمال اللغات الأجنبية أو تقديم برنامج غير البرنامج الذي تمّ ايداعه لدى مصالح وزارة الداخلية .

وكان لافتا أثناء الحملة الانتخابية وقوف كافة الجمعيات والأحزاب والمؤسسات القريبة من السلطة أو التي تسبح في فلكها الى جانب عبد العزيز بوتفليقة الأمر الذي أثار حفيظة المرشحين الباقين والذين اتهموا السلطة بأنهّا وضعت ثقلها كل ثقلها لانجاح عبد العزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية المقبلة ..

ورغم هذه المخاوف استمرّت الحملة الانتخابية ساخنة فاتحة كل ملفات الفتنة الجزائرية وأليات معالجتها , وقد أجمع كل المرشحين على ضرورة طيّ صفحة الماضي وتكريس مشروع المصالحة الوطنية , ووعد أحمد طالب الابراهيمي باطلاق سراح قادة الجبهة الاسلامية للانقاذ والسماح لهم بمعاودة العمل السياسي , ونفس الوعد تبنّاه عبد الله جاب الله علما أنّ مثل هذا الطرح من شأنه أن يغضب العسكر الذين يملكون وحدهم منح تأشيرة المرور باتجاه قصر المرادية – قصر الرئاسة الجزائرية - .

أمّا المرشح القبائلي حسين أيت أحمد فقد طالب السلطة الجزائرية باستحضار مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات درءا للشبهات و لقطع الطريق عن تزوير هذه الانتخابات خصوصا و أنّ هناك جو عام بدأ يتبلور ويدلّ على أنّ هناك لعبة في الأفق .

وكان ردّ السلطة على حسين أيت أحمد بأنّه لا داعي للمراقبين الدوليين مادامت الحكومة قد شكلّت مايسمى بلجنة مراقبة الانتخابات وعهدت رئاستها الى القاضي الجزائري الدولي محمد بجاوي أحد أعضاء محكمة لاهاي الدولية .

وكانت الطبقة السياسية تتخوّف من التلاعب في أصوات الجاليّة الجزائرية في الخارج والذي يقدّر عددها بمليوني صوت , حيث بقيت الصناديق الانتخابية ثلاثة ايّام في مقّار القنصليات الجزائرية في الخارج قبل فرزها , وكذلك الأمر بالنسبة لأصوات الجنود و رجال الأمن والعاملين في هذه الدوائر .

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

وبعد أن تأكدّ للمرشحين أحمد طالب الابراهيمي ومولود حمروش وعبد الله جاب الله و مقداد سيفي ويوسف الخطيب وحسي أيت أحمد أنّ هناك قرارا من صقور المؤسسة العسكرية بايصال عبد العزيز بوتفليقة الى سدّة الرئاسة قرروا وبشكل جماعي الانسحاب من الحلبة بحجة أنّ الانتخابات المبدئية التي جرت في المراكز الانتخابية التي خصصت لافراد الجيش والقوى الأمنية وكذلك المكاتب المتنقلة في المناطق البعيدة وفي السفارات الجزائرية في الخارج قد وقع فيها تزوير فاضح وأنّ ممثلي المرشحين معوا من الاشراف ومراقبة عملية الاقتراع في هذه الأماكن .

وشكلّ انسحاب الستة المرشحين صدمة كبيرة على المؤسسة العسكرية وعلى الرئيس اليامين زروال الذي وعد باجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفّافة و كانت أول ردّة فعل لزروال أنّه ألقى خطابا موجها الى الشعب الجزائري بثّه التلفزيون الجزائري جاء فيه أنّ الانتخابات ستتواصل , ولا يمكن لأيّ كان أن يعرقلها أو يؤدي بالبلاد الى طريق مسدود. وردّ المرشحون المنسحبون بقولهم أنّهم لن يعترفوا بشرعية هذه الانتخابات المزورّة لصالح مرشح السلطة عبد العزيز بوتفليقة . وكان الرئيس زروال قد رفض استقبال المرشحين الستة قبل اتخاذهم لقرار الانسحاب , كما رفض السماع لهم بوجود اختراقات خطيرة في صيرورة العملية الانتخابية .

وكان الرئيس اليامين زروال رفض استقبال المنسحبين من الانتخابات الرئاسية لعلمه بل لتأكدّه أنّه لن يكون في وسعه أن يفعل شيئا لهم لأنّ السيناريو المرسوم يجب أن يأخذ مجراه الى الأخير ,وبناءا عليه اتهمّ المنسحبون الرئيس زروال ورئيس هيئة الأركان محمد العماري بعدم احترام تعهداتهم باجراء انتخابات نزيهة .

أمّا عبد العزيز بوتفليقة الذي كان أكبر المحرجين فقد تهجمّ على المنسحبين وأعتبرهم خارجين عن القانون وخصوصا عندما توالت تصريحات المنسحبين ضدّ عبد العزيز بوتفليقة , فيوسف الخطيب أحد المرشحين المنسحبين كان يعتبر بوتفليقة مرشح العسكر , ووقف ضدّ اختيار قيادة الجيش لبوتفليقة ليكون رئيسا للجزائر عام 1994 خلفا للمجلس الأعلى للدولة .

وقد أصدر المنسحبون الستة من الانتخابات الرئاسية وهم : مولود حمروش وأحمد طالب الابراهيمي و عبد الله جاب الله ويوسف الخطيب وحسين أيت أحمد ومقداد سيفي بيانا جاء فيه : بعد تجاهل رئاسة الجمهورية لمسعانا المشترك الوارد في بيان 13 أبريل نسجل :

1- نسجل اصرار السلطة على نكران حقّ المواطنين والمواطنات في تقرير مصيرهم واختيار رئيسهم وتحملها المسؤولية المترتبة عن ذلك .

2- نؤكّد أنّ الالتزامات التي تعهدّ بها كل من رئيس الجمهورية وقائد أركان الجيش الوطني الشعبي لضمان تنظيم انتخابات حرّة وشفافة لم تجسّد ميدانيا .

3- نقررّ انسحابنا الجماعي من الانتخابات الرئاسية الجارية وعدم الاعتراف بشرعية نتائجها وندعو ممثلينا الى الانسحاب من مكاتب ومراكز التصويت وجميع لجان المراقبة في كل المستويات .

4- نقررّ الاستمرار في تجنيد وتعبئة حركة المواطنين والمواطنات لفرض احترام حقهم في القرار والاختيار الحر .

5- نقررّ استمرار العمل التنسيقي فيما بيننا لمواجهة كل المستجدات .

وأبدى بعض الرسميين استغرابهم من الخطوة الخطيرة التي أقدم عليها المرشحون الستة وقد أكدّ هؤلاء الرسميون أنّ هؤلاء المرشحين كانوا قد قدمّوا وعودا للجيش بعدم اعادة الجبهة الاسلامية للانقاذ الى العمل السياسي وعدم فتح ملفات الرشوة وألتزموا أيضا بابقاء أساليب تسيير عائدات النفط على ما هي عليه .

أمّا بوتفليقة الذي بقيّ وحده في السباق فقد قررّ أن يواصل اللعبة , وأستمرّ في كيل المديح والثناء للمؤسسة العسكرية ولطالما كان يرددّ بأنّه مدين للجيش لأنّه أنقذ الدولة ومابقيّ من سمعة الدولة ولأنّه أي الجيش كان محرك الديموقراطية .

ولم تكثرت مؤسسات الدولة الجزائرية بانسحاب المرشحين الستة , فالمؤسسة العسكرية لم تعبأ بأحد , واليامين زروال الذي جاءت به المؤسسة العسكرية تبرأّ من المرشحين الستة وأعلن الذهاب بالانتخابات الى أخرها , ووزارة الداخلية أعتبرت أنّ ما أقدم عليه المرشحون الستة يندرج في سياق زرع الشك حول نزاهة الدولة .

مرشح الأقوياء :

كل الأحزاب والجمعيات والحركات النسوية وغيرها التي كان تسبح في فلك السلطة وقفت الى جانب عبد العزيز بوتفليقة , فالتجمع الوطني الديموقراطي الذي عينّ على رأسه رئيس الحكومة في عهد اليامين زروال أحمد أويحي خلفا لابن بعيبش الذي عارض وقوف حزبه الذي كان يعرف باسم حزب السلطة الى جانب عبد العزيز بوتفليقة وقد تحدثّ بن بعيبش عن ضغوط من قادة الجيش للوقوف مع عبد العزيز بوتفليقة , وكانت النتيجة الاطاحة به وتعيين أحمد أويحي على رأس التجمع الوطني الديموقراطي , وتجدر الاشارة الى أنّ الحزب الديموقراطي الوطني الذي خلقته السلطة ليكون بديلا عن الجبهة الاسلامية للانقاذ وحزب جبهة التحرير الوطني يحتل 156 مقعدا في البرلمان والذي هو من أصل 380 مقعدا , كما يحتل معظم المقاعد الوزارية . وبالاضافة الى هذا الحزب فانّ التعليمات صدرت الى الجنود والعاملين في الأجهزة الأمنية باختيار بوتفليقة , واستطاع بوتفليقة أن يجمع تحت مظلته كل المتناقضات من حركة مجتمع السلم وحركة النهضة التي نجحت السلطة في الاطاحة بزعيمها عبد الله جاب الله الذي أسسّ حركة الاصلاح الوطني , والاتحاد العام للعمّال الجزائريين و جمعية عائلات ضحايا الارهاب و الجمعيات التجارية .

وكان بوتفليقة عندما يتوجه الى ولاية معينة في سياق حملته الانتخابية كانت الدوائر الرسمية تعطّل ليتسنى للجميع حضور مهرجانه الخطابي وهذا ما لم يحدث مع أيّ من المرشحين الباقين .وحتى وسائل الاعلام العمومية المرئية والمسموعة والمكتوبة وقفت وقفة غير طبيعية مع عبد العزيز بوتفليقة , وكل هذه المؤشرات وغيرها كشفت عن وجود لعبة مدروسة ودقيقة والهدف منها ايصال بوتفليقة الى قصر المرادية .

ووسط هذه الأجواء المفعمة بالشكوك انطلقت الانتخابات الرئاسية يوم الخميس 15 نيسان – أبريل – 1999 , وكان المنضمّون الى المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية وسكان المناطق الصحراوية النائية قد أدلوا بأصواتهم قبل ثلاثة أيام من التاريخ المذكور . ولم تتأخر وزارة الداخلية في الاعلان عن نتائج الانتخابات كما لم يتأخر المجلس الدستوري في الاقرار بنزاهتها وقد جاءت على الشكل التالي :

1- عبد العزيز بوتفليقة 7.442.139 صوتا أي 73.79 بالمائة من الأصوات المعبّر عنها .

2- أحمد طالب الابراهيمي 1.264.094 صوتا أي 12,53 بالمائة من الأصوات المعبّر عنها .

3- عبد الله جاب الله 398.416 صوتا أي 3.95 بالمائة من الأصوات .

4- حسين أيت أحمد 319,523 صوتا أي 3.17 بالمائة من الأصوات .

6- مولود حمروش 311.908 صوتا أي 3.09 بالمائة من الأصوات .

7- مقداد سيفي 122.826 صوتا أي 1.22بالمائة من الأصوات .

8- يوسف الخطيب 122.826 صوتا أي 1.22 بالمائة من الأصوات .

وكان عدد الناخبين المسجلين يقدّر ب : 17.494,136 , و قدرّ عدد المصوتين ب: 10.536.751 , وقد بلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات ودائما حسب تقديرات السلطة 60.25 بالمائة .

وكان أول الفرحين بنتائئج الانتخابات عبد العزيز بوتفليقة الذي أعلن عن قبوله لنتائج الانتخابات واستعداده ليكون رئيسا لكل الجزائريين , وكان وزير الداخلية عبد المالك سلال قد أعلن أن سبعة ملايين جزائري قد أختاروا المرشح الوحيد عبد العزيز بوتفليقة .

وفي الوقت الذي حولّت فيه السلطة الجزائرية يوم فوز بوتفليقة الى يوم وطني شبيه بذكرى استقلال الجزائر , فانّ المنسحبين الستة دعوا الى تنظيم مسيرة احتجاجية وسط الجزائر العاصمة , وقد منعت قوات الأمن الجزائرية التظاهر وقطعت كل الطرق التي كان المتظاهرون ينوون التجمهر فيه .

ورغم ذلك لم يتأخر عبد العزيز بوتفليقة في استلام مهامه التي بدأت باجراء مراسيم تسليم وتسلّم من زروال في قصر الشعب ودام اللقاء بين زروال وبوتفليقة عشرين دقيقة , وأعقبها بعد ذلك أداء القسم الدستوري في قصر الأمم بحضور وطني ودولي مكثّف , وفي أثنائها ألقى الرئيس الجديد عبد العزيز بوتفليقة خطابا اتسمّ باعادة التذكير أنّ الدولة الجزائرية مازالت قائمة وسوف تسخّر هذه الدولة كل ماتملكه من وسائل لدحر العنف وقطع دابره والاقتصاص من مسببيه طبقا لقوانين الجمهورية أو كما قال الرئيس الجديد .

وركزّ في خطابه على أمرين بالغي الأهمية وهما الأمن وكيفية تحقيقه والاقتصاد الجزائري وكيفية انعاشه .

لكنّ السلطة التي أرادت أن تصنع من عبد العزيز بوتفليقة الرجل المنقذ و الحلّ الضروري للجزائر لم تستطع أن تقرن الفعل بالقول , وبدأ بوتفليقة يتنصل من كثير من وعوده وأقواله أيضا .

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

لم يدر في خلد عبد العزيز بوتفليقة وهو يؤبّن صديقه الرئيس الراحل هواري بومدين في مقبرة العالية عشية وفاة هواري بومدين أنّه يؤبّن مسيرته السياسية أيضا . فلقد تنكرّ له العهد الجديد ولم يكلفّه بأي مهمة على الاطلاق رغم تجربته الواسعة في مجال السياسة الخارجية وقد فهم بما يملكه من حنكة ودهاء أنّ الذين بدأوا يحتلون المواقع الأمامية في المؤسسة العسكرية ودوائر القرار لا يرغبون فيه , وأنّه لا ينسجم معهم بل لا ينسجم بتاتا مع المرحلة العالمية الجديدة التي بدأت تتسم ببدايات زوال الحرب الباردة , ويبدو أنّ بوتفليقة كان يشعر أنّه أخذ حقّه وزيادة من المسؤولية ,ومعروف أنّه قال غداة فوزه في الانتخابات الرئاسية : كنت أصغر ضابط في جيش التحرير الوطني , وأصغر وزير خارجية في العالم ورأست الجمعية العامة للأمم المتحدة وأقمت علاقات مع عظماء العالم .

وبعد وفاة هواري بومدين فتح ملف عبد العزيز بوتفليقة المالي فأختار مغادرة الجزائر الى بعض الدول الخليجية على المكوث في الجزائر ومواجهة المجهول , ولأنّه أثر الصمت فقد ظلّ ملفه مغلقا تفتح صفحة منه أو صفحتان بين الحين والأخر دون فتح السجلات كلها بالتفاصيل .

وبعد خريف الغضب تشرين الأول – أكتوبر –1988 عاد الى الجزائر ووقعّ مع بعض السياسيين الجزائريين بيانا دعيّ ببيان السبعة عشر وفيه طالب هؤلاء السياسيون الشاذلي بن جديد بفتح الباب أمام الديموقراطية ولو بشكل محدود , وفي سنة 1994 عرضت عليه المؤسسة العسكرية رئاسة الدولة فأدىّ الاختلاف بين بوتفليقة وبعض الجنرالات الى اقصائه منها وتعيين الجنرال اليامين زروال رئيسا للدولة .

وبعد 15 نيسان – أبريل – 1999 وجد نفسه رئيسا بنفس شروط المؤسسة العسكرية ولكن بسيناريو مختلف غير الذي كان مقررا في سنة 1994 …

\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\

عبد العزيز بوتفليقة و المؤسسة العسكرية

منذ استقلال الجزائر في الخامس من تموز | يوليو 1962 و الاشكال المعقد القائم في الجزائر هو حول التداخل الكبير بين النظام السياسي والمؤسسة العسكرية , حتى نتجت المعادلة التي نصها أن الجيش في الجزائر هو النظام السياسي والنظام السياسي هو الجيش .و هذه المعادلة كانت وراء عدم قيام مؤسسات فعلية وحقيقية تمارس لعبة الحكم من خلال قواعد ديموقراطية , بل ان غياب المؤسسات الدستورية الحقيقية أدى الى تضخم دور المؤسسة العسكرية والتي كبرت على حساب المؤسسات الاخرى, وترامت أطرافها في الحياة السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الامنية و من رحم هذه المؤسسة خرج كافة صناع القرار الذين كانوا في الواجهة وكان وجودهم في قصر المرادية- قصر الرئاسة الجزائرية –هو في الواقع امتداد لقوة المؤسسة العسكرية.

ولم تتمتع مؤسسة الرئاسة في يوم من الايام بدورها الحقيقي بل كانت أشبه بسلطة تنفيذية لما تراه المؤسسة العسكرية صوابا و صحيحا وما هو من مقتضيات مصلحة الدولة التي باتت هي الاخرى في شكل من الاشكال مصالح لكبار الضباط شبكوا بين ما هو سياسي و اقتصادي وأمني و عسكري ,وكلما كبر دورهم العسكري انعكس ذلك طرديا على دورهم السياسي و الاقتصادي وتوابع كل ذلك.

و هذا الامتداد الواسع والكبير للمؤسسة العسكرية جعل كل الرؤساء في الجزائر من أحمد بن بلة و الى عبد العزيز بوتفليقة في حرج شديد ,و بدءا من أحمد بن بلة ,فهواري بومدين ثم الشاذلي بن جديد ومحمد بوضياف والى علي كافي واليامين زروال,فكلهم خرجوا من الرئاسة بطريقة دراماتيكية و مأساوية أحيانا.

و اذا كان الفصل المتعلق بالرؤساء السابقين قد بات مكشوفا ,فان ما يمكن الحديث عنه هو حقيقة العلاقة بين المؤسسة العسكرية وعبد العزيز بوتفليقة.

ويأخذ بعض المتنفذين في المؤسسة العسكرية على عبد العزيز بوتفليقة سعيه لتكبير دور الرئاسة و اعطائه اياها الدور الدستوري و ارجاع زمام المبادرة اليها وذلك من خلال اتخاذ المبادرات والقرارات . وحسب المراقبين في العاصمة الجزائرية فان بوتفليقة الذي بدأ متحمسا اكثر مما ينبغي و مدفوعا الى ابعد الحدود بدأ يفرمل الان ,بحيث تبخرت العديد من الاحلام والوعود الجميلة.

و من الخطوط الحمراء التي أعاد المتنفذون في المؤسسة العسكرية طرحها و التذكير بها ضرورة ضبط العلاقة مع المغرب و عدم الذهاب بعيدا مع الملك محمد السادس و ارجاع الامور الى ماكانت عليه ايام التدهور الديبلوماسي , وقد فضل بوتفليقة فرملة مسعاه على اعادة المياه الى مجاريها بين الجزائر والرباط .

كما ان موضوع حالة الطواريء واطلاق سراح قادة الانقاذ مازال بيد المؤسسة العسكرية ,و الاشكال ان بوتفليقة وضع على المحك , فبدون هذه المواضيع لايمكن لبوتفليقة ان يتقدم الى الامام .

وقد تجلى الخلاف بين المؤسسة العسكرية و مؤسسة الرئاسة قبل تشكيل الحكومة الأخيرة حيث كان لبعض الضباط وجهة نظر مغايرة لوجهة بوتفليقة.

والعواصم الغربية التي ترصد الحدث الجزائري بمجهر خاص و تحديدا واشنطن وباريس تتوقع بروز احتمالات من هذا القبيل ,وقد فهمت مصادر جزائرية من قيام الاسطول السادس الامريكي الى الجزائر انه يندرج في سياق الدعم الامريكي الخفي لبوتفليقة, رغم ان الرئيس الامريكي رفض استقبال الرئيس الجزائري على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة وكان البيت الابيض يفضل التريث لمعرفة صيرورة الاوضاع في الجزائر قبل ان يستقبل بوتفليقة في البيت الابيض.

و لا تستبعد بعض الدوائر الغربية حدوث اصطدام بين الرئاسة و المؤسسة العسكرية خصوصا بعد توزيع مناشير سرية تهاجم الرئيس المغربي أي عبد العزيز بوتفليقة وذلك في اشارة على انه ولد في مدينة وجدة المغربية ,و يتخوف البعض من انطلاق حملة تشهير ضد بوتفليقة و تستهدف الملف المالي لعبد العزيز بوتفليقة,حيث سبق لمجلس المحاسبة الذي تشكل في عهد الشاذلي بن جديد ان جمع ملفا يتعلق بالملف المالي لبوتفليقة وتحويله اموال الدولة لصالحه عندما كان وزيرا للخارجية , وجاء في الملف ان جزءا من ميزانيات السفارات الجزائرية في الخارج كان يحول لحساب بوتفليقة في سويسرا.

ويبدو بوتفليقة محتارا بين الرضوخ للمؤسسة العسكرية بالكامل و تنفيذ ما وعد به الشعب الجزائري , ويخشى البعض ان يؤدي تطور الخلاف بين المؤسستين ان لايكمل بوتفليقة ولايته الرئاسية وهو على الدوام يهدد بالانسحاب.

ومن جهته الشعب الجزائري الذي يتابع بصمت فصول هذه المعركة الدائمة والمستديمة والصامتة ايضا بين المؤسسة العسكرية و الرئاسة فيرى ان بوتفليقة روضته كواليس السياسة ونقطة قوته جملة امور منها معرفته التفصيلية والدقيقة بطريقة تفكير العسكر ولعبة التوازنات داخل المؤسسة العسكرية, وتعويله على رصيده من العلاقات الدولية ,و تفهمّ

الجزائريين له ولما يدور وراء الستار والكواليس .ولكن وبتعبير أحد العارفين بالبيت الجزائري فانّ كل هذا لا يكفي اطلاقا في تحصين موقع الرئيس لان الرئيس في الجزائر لا يملك مواقع القوة و قوته الوحيدة في الدستور وهذا الاخير هو مجرد كتاب جميل سطرت فيه قوانين الدولة النظرية التي بينها وبين الواقع بون شاسع.

والسلاح الوحيد الذي بدأ يلجأ اليه بوتفليقة هو الصمت ومحاولة التكتم على ماينوي فعله حتى لا يصبح مكشوفا و بالتالي يسهل فهم خطواته و من تم الانقضاض عليه, وقد تلقى عبد العزيز بوتفليقة في المدة الاخيرة رسالة شفهية من قبل بعض المتنفذين في المؤسسة العسكرية مفادها ان لا أحد يعلو على المؤسسة السيدة و مثلما صنعت هذه المؤسسة

بوتفليقة فهي قادرة على قلب الطاولة بما في ذلك اوراق اللعبة من أساسها .

وصراع الأضداد هذا بين مؤسسة الرئاسة و مؤسسة العسكر اذا تفاقم سيبدد الآمال التي عقدت على قانون الوئام المدني ,و يتخوف البعض أن يؤدي صراع الاضداد الى معاودة دعاة العنف من الطرفين مناوراتهم و عنفهم أيضا.

و يرى العارفون بالبيت الجزائري ان الصراع هذه المرة بين مؤسسة الرئاسة و مؤسسة العسكر ليس هينا و يختلف عن اشكال الصراع السابقة و ذلك لأسباب عدة اهمها ؛

1 –انّ لعبة العسكر قد باتت مكشوفة و أي محاولة لاغراق السفينة هذه المرة ستكون لغير صالحهم.

2-يملك بوتفليقة أكثر من ورقة للمناورة و قد يكون أخر سياسي يدخل في لعبة العسكر حيث قد يصعب أن يجد العسكر لاعبا سياسيا أخر.

3- انّ فشل أي مسعى سياسي سيحرق هذه المرة الأخضر واليابس و قد يحصد هذا الفشل رؤوس الجميع.

4-من خلال تحركاته في الخارج أراد بوتفليقة التأسيس لمعادلة مفادها ( اتغذى بكم قبل ان تتعشوا بي) أي اعادة تعويم الجزائر دوليا لان ذلك يعني ايضا اعادة تعويم بوتفليقة وهذه ورقة لصالحه ضد العسكر .

ويبقى القول ان نجاح المسعى السياسي الجزائري رهن بعودة المؤسسة العسكرية الى دورها الطبيعي وممارسة وظيفتها الدستورية وذلك عبر تخليها الكامل عن اقحام أصابعها في مجريات اللعبة السياسية ,وبدون ذلك ستراوح الجزائر مكانها و لن يستفيد من هذا الوضع الا اعداء الجزائر !

بقلم- يحي أبوزكريا.

الفهرس :

الجزائر لمحة تاريخية ___________________

أحمد بن بلة الثائر الناصري _____________

معالم الدولة الجزائرية في عهد أحمد بن بلّة ________

علاقات الجزائر الدولية والسقوط_____________

أراء بن بلة في مختلف القضايا ______________

هواري بومدين رجل الثورة والدولة ___________

من يكون هواري بومدين ________________

سياسة بومدين الداخلية _________________

معركة التعريب _____________________

علاقات الجزائر الدولية _________________

بداية الانهيار_______________________

الشاذلي بن جديد البراغماتي الاصلاحي_________

بروز التيّار الاسلامي __________________

مطالب البربر_______________________

الأزمة الاقتصادية ____________________

محمد بوضياف المنفي العائد ______________

الاستقلا وبداية الكارثة ________________

الجزائر من الأحادية والى التعددية ___________

شغور الدولة ______________________

عودة محمد بوضياف __________________

مشكلة الشرعية في الجزائر _______________

المافيا الجزائرية______________________

الرجل الذي حكم 166 يوما _____________

شريط اغتيال بوضياف_________________

تناقضات واختلافات __________________

لجنة التحقيق _____________________

تشريح مؤامرة _____________________

علي كافي العقيد الديبلوماسي _____________

اليامين زروال رجل الحوار والنار____________

وضع الدولة ______________________

الانهيار الاقتصادي وتدهورالوضع الأمني ________

عبد العزيز بوتفليقة رجل الملفات والمناورات ______

مرشّح الأقوياء _____________________

عبد العزيز بوتفليقة والمؤسسة العسكرية ________
انتهى

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية الأنساق العامة: إمكانية توظيفها في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية

ملخص الأدب مدرسة الإحياء و البعث (الاتباعية - الكلاسيكية الجديدة)

السيميائية :أصولها ومناهجها ومصطلحاتها