تشخيص الموت الدماغي

ترجمة

د. عماد سعادة

رئيس الشعبة العصبية

مشفى تشرين

مقدمة:

الموت هو عملية بيولوجية غير عكوسة يحصل فيها توقف دائم للعمليات الأساسية للعضوية ككل.

يتطلب هذا المفهوم فقد الوظائف الكاملة لأجهزة العضوية المختلفة، لكنه يسمح بنجاة بعض الأنسجة المعزولة، بالتالي يعتبر موت الدماغ موتا للعضوية لأن الدماغ أساسي لاستكمال الوظائف الأساسية في الجسم، وتعد معادلة الموت الدماغي بالموت مقبولة بشكل واسع رغم أن ذلك ليس عالميا.

يعني موت الدماغ الغياب الدائم لعمليات المخ وجذع الدماغ.

رغم أن مصطلح "الدماغ الميت" يستخدم لدى العموم، ويشمل كل من لديهم أذية دماغية شديدة وأولئك الذين لديهم حالة إنباتية، إلا أنه يحمل معنى محددا بدقة في المصطلحات الطبية القانونية.

وصف مفهوم السبات غير العكوس لأول مرة في 1959 قبل انتشار التبرع بالأعضاء بشكل واسع، والذي زاد أهمية وضع تحديد دقيق لهذا المفهوم.

استمر التعريف الأساسي لموت الدماغ ثابتا مع الوقت وعبر البلدان رغم اختلاف المعايير التشخيصية مع استثناء واحد هو أنه بينما تفهم بعض البلدان (مثل الولايات المتحدة) أن الموت الدماغي هو "موت الدماغ الكامل"، فإن بلدانا أخرى مثل المملكة المتحدة تستعمل مفهوم "موت جذع الدماغ".

تساوي قوانين الولايات المتحدة بين الموت الدماغي والموت القلبي الرئوي، إلا أنه ليس هناك معايير تفويضية عامة، بالتالي فإن بعض الولايات لها معاييرها، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمرشحين للتبرع بالأعضاء، بينما يعتمد معظم السريريين على التوصيات المنشورة، إلا أن دراسة أجريت عام 2007 وجدت أن هناك تباينا معتبرا في الارتباط بين هذه التوصيات والممارسة السريرية.

عند معظم البالغين، كان الرض والنزف تحت العنكبوت هما مسببات الموت الدماغي، أما العوامل الأخرى فتضم النزف داخل المخي ، اعتلال الدماغ بنقص الأكسجة، والنشبة الإقفارية، علما أن أي مرض مسبب لإصابة دماغية واسعة منتشرة قد يسبب الموت الدماغي.

المعايير السريرية:

يمكن أن يوضع تشخيص الموت الدماغي عادة سريريا، بجانب سرير المريض، وهي تتطلب شروطا معينة تتعلق بالحالة السريرية، وكذلك وجود أدلة على غياب وظائف الدماغ بالفحص السريري.

الحالة السريرية:

هناك مجموعة من الشروط اللازمة قبل أن يستطيع أحد اعتبار المريض ميتا سريريا:

1. دليل سريري أو شعاعي على كارثة حادة في الجهاز العصبي المركزي متوافقة مع تشخيص سريري لموت الدماغ، أي يجب أن يكون سبب موت الدماغ معروفا.

2. استبعاد حالات طبية مشاركة قد تؤدي لخلط في التقييم السريري (لا اضطراب شاردي أو أساسي-حامضي أو غدي).

3. لا انسمام دوائي أو سمي، قد يؤثر على التقييم السريري.

4. الحرارة المركزية أكثر من 36 درجة.

5. قد يسيء نقص الحرارة إلى التقييم التشخيصي لموت الدماغ كما يؤخر زيادة PCO2 الضرورية لاستكمال اختبار وقف النفس.

6. البطانية المدفئة مطلوبة للوصول إلى حرارة طبيعية في معظم المرضى الذين لديهم موت دماغي، علما أنه هناك أدلة قليلة قائمة على البينات لاختيار عتبة الحرارة، حيث وصفت التوصيات الكندية المنشورة في عام 2006 حرارة 34درجة كنموذج.

7. ضغط انقباضي طبيعي أكبر من 100 ملم زئبق.

8. قد تكون المقبضات الوعائية ضرورية.

الفحص العصبي:

يجب أن يظهر الفحص غياب وظيفة جذع الدماغ أو المخ مع كل مما يلي:

سبات، غياب الاستجابة الحركية، متضمنة الاستجابة للتنبيه الألمي فوق العنق، غياب منعكس الحدقة الضيائي، الحدقات متوسطة أو متوسعة (4-9 ملم)، غياب المنعكس القرني، غياب المنعكس العيني الدهليزي (الاستجابات الحرورية)، غياب المنعكس الفكي، غياب منعكس الغثيان، غياب السعال بعد المص الرغامي، غياب منعكس المص أو المنعكسات البدائية، توقف تنفس حسب اختبار وقف النفس الموصوف لاحقا.

يجب تقييم عمق السبات بواسطة توثيق غياب التنبه وغياب الحركات الناشئة من الدماغ، سواء العفوية أو المحرضة بالمنبهات.

تضم الحركات الناشئة من الدماغ : المعقدات الناشئة من القشر، الحركات الهادفة، وضعيات فصل القشر أو فصل المخ، التكشير الوجهي، والاختلاجات.

قد تحدث الحركات الناشئة من النخاع الشوكي أو الأعصاب القحفية في الموت الدماغي، وتكون شائعة (35-75 % ) وقد تتحرض بالمحرض اللمسي أو عفويا.

تضم الأمثلة:

حركات دقيقة تحت نظمية للعضلات المعصبة بالعصب الوجهي، يمكن أن تنشأ من العصب الوجهي المقطوع، حركات قابضة للأصابع، منعكسات العنق المقوية، توضعات العنق المنفعلة، خاصة العطف، والتي قد تترافق مع حركات معقدة في الجذع والأطراف، تضم تقريب الكتفين، عطف المرفقين، كب أو استلقاء المعصم، عطف الجذع (حركات من نمط الجلوس)، وتقلص عضلات العنق والبطن أو انحراف الرأس إلى جهة واحدة. وقد تكون هذه الحركات دراماتيكية تدعى علامة لازاروس، استجابة عطف ثلاثي مع عطف في الورك، الركبة، والكاحل عند تحريض الأخمص، أي علامة بابنسكي، حركات جذعية أخرى تضم وضعية تقوس غير متناظر بالظهر مع بقاء المنعكسات البطنية السطحية والعميقة، عطف وبسط متناوب لإبهام القدم مع تبدل منفعل متموج لوضع القدم، أو عطف الإبهام بعد القرع، أو علامة بابنسكي، منعكس بسط وكب الطرف العلوي.

اختبار وقف النفس:

يجرى هذا الاختبار بعد أن تكون كل معايير موت الدماغ الأخرى محققة.

يشترط أن تكون الحرارة المركزية أعلى أو تساوي 36 درجة، ضغط انقباضي أكبر أو يساوي 100 مم زئبق، مستوى CO2 سوي، غياب نقص الأكسجة، حجم سوي.

في اختبار وقف النفس الإيجابي ليس هناك استجابة تنفسية لـ PaCO2 > 60 mmhg أو أعلى ب 20 مم ز من القيم المعيارية مع PH الدم الشرياني أقل من 7.28.

يترافق الفصل عن التهوية بنقص أكسجة عميق مع عدم ثبات هيموديناميكي، ويمكن تحاشي ذلك بزيادة الأوكسجين المستنشق قبل وخلال الاختبار، حيث تنهي الأكسجة السابقة مخازن النتروجين التنفسي وتسرع نقل الأوكسجين عبر القنية الرغامية. يجب أن تكون نسبة Fraction الأوكسجين المستنشق 1.0 لمدة 10 دقائق، حتى الوصول إلى ضغط PaO2 أعظمي 200 ملم ز أو حتى يتجاوز ضغط PaCO2 40 مم ز.

يتم إنقاص تواتر التهوية إلى سواء كربوني، وينقص الضغط الإيجابي في نهاية الزفير إلى 5 سم ماء.

إذا كان إشباع الأوكسجين أكبر من 95% تؤخذ عينة غازات دم شرياني، ثم يفصل المريض عن المنفسة ويؤمن الأوكسجين عن طريق القنية الرغامية 6 لتر/د.

تضم البدائل استخدام ضغط طرق هوائية إيجابي مستمر 10 سم ماء، مع تدفق أوكسجين 12 لتر/د.

المشاهدة العيانية هي الوسيلة النموذجية لتحديد وجود حركات تنفس خلال 8-10 دقائق وهي الفترة النموذجية للمراقبة.

يقاس PCO2 مباشرة قبل إعادة التوصيل إلى المنفسة للتأكد من الوصول إلى المستوى الهدف ( أكبر من 60 مم ز أو أعلى ب 20 مم ز من المستوى القاعدي).

قد يحتاج الاختبار للإيقاف عند حصول هبوط ضغط (انقباضي أقل من 90 مم ز) أو نقص أكسجة ( إشباع أقل من 85 % لأكثر من 30 ثانية) أو لا نظميات قلبية، وهذا قد يقترح أكسجة غير مناسبة أو أكسجة سابقة للاختبار، أو مرض قلبي رئوي أساسي عند المريض.

تحدث هذه الاختلاطات في 10-26% ممن يجرى لهم الاختبار، وفي نسب أعلى قد تصل إلى 48% في بعض الدراسات، وهنا قد تجري محاولة لإعادة الاختبار باستخدام CPAP، فإذا لم نتمكن من إجرائه قد تكون الفحوص الإضافية ضرورية.

تضم تحديثات اختبار وقف النفس إعطاء 3-5% CO2 مع الأوكسجين وتأمين نحو 4 حركات تنفس بالدقيقة باستخدام منفسة قادرة على تحديد الجهد التنفسي، مع مراقبة تركيز CO2 في نهاية التنفس، علما أنه توجد أجهزة إمداد ب CO2 قابلة للمعايرة لأنه قد يتراكم بطريقة غير قابلة للتنبؤ بها، وقد يؤدي ذلك إلى اختلاطات، وقد لا تؤدي الزيادة المتدرجة ب PaCO2 (والتي تجرى بسرعة 2.5-3 مم ز بالدقيقة في الفحص التقليدي) إلى تحريض فعال لمراكز التنفس.

أثارت دراسة الحالات الانتباه إلى الخلط التشخيصي الكبير الذي قد ينشأ في حالة التحريض الزائف للتهوية في مرضى الموت الدماغي المثبت باختبار وقف النفس، لأن المنافس الحديثة ذات حساسات تحريض التدفق ربما تؤدي إلى دوران ذاتي للمنفسة، قد يتم تفسيره خطأ على أنه جهد تنفسي، وهو ما يمكن تجنبه بزيادة عتبة حساسية الجريان أو تغيير آلية تحريض الضغط.

يمكن تقييم توقف النفس بموثوقية فقط بفصل المنفسة كما ذكر سابقا.

فترة المراقبة:

تتباين فترة المراقبة المطلوبة لتحديد الموت الدماغي بشكل واسع، إذ لا تتوفر دراسات مفصلة في هذه الحالة بما يسمح بوضع معايير ثابتة تتعلق بذلك.

كان التقييم والمتابعة لمدة 24 ساعة مطلوبا بشكل مبكر في الولايات المتحدة، ولاحقا أصبح ذلك مرتبطا بالعمر: مراقبة لمدة 48 ساعة للأطفال بعمر 7 أيام حتى شهرين، و24 ساعة للأكبر من شهرين حتى عمر سنة، و 12 ساعة لعمر بين سنة و18 سنة. بالنسبة للبالغين تعد الفترة اختيارية ، لكن ينصح ب 6 ساعات مع فترات أطول حتى 24 ساعة في حالة اعتلال الدماغ الإقفاري بنقص الأكسجة. تقترح التوصيات في بلدان أخرى فترات مراقبة أطول.

الفاحص (الفاحصون):

يختلف عدد وخبرة الفاحصين المطلوبين لتقرير موت الدماغ بحسب الولايات والبلدان. فبينما تطلب بعض الولايات مثل فرجينيا اختصاصيا في العلوم العصبية، تسمح ولايات أخرى مثل ألاسكا وجورجيا للممرضات بتقرير ذلك مع تأكيد تال من قبل طبيب. كذلك تتباين الولايات والبلدان في تحديد ما إذا كانت هناك حاجة لأكثر من طبيب لتأكيد الموت الدماغي.

يجب أن يكون الفاحص الذي سيحدد موت الدماغ متآلفا مع المعايير السريرية ومرتاحا في أداء كافة جوانب الفحص.

لاحظت مراجعة منهجية للأدب الطبي أن دقة الفحص الطبي في مريض مسبوت متوسطة إلى عالية إلا عند وجود بعض الفاحصين الأقل خبرة، ومن التوصيات الأخرى الشائعة أن يكون الفاحص طبيبا آخر غير الطبيب المعالج وغير الطبيب المسؤول عن علاج الأعضاء.

الفحوص المتممة:

إجراء فحص سريري موثوق وكامل يكفي بل ويزيد على أي فحص تشخيصي في تشخيص الموت الدماغي في البالغين. إلا أن هناك حالات لا يمكن تطبيق المعايير السريرية فيها، منها:

عدم القدرة على فحص الأعصاب القحفية بشكل جيد، وجود شلل عصبي عضلي، وجود تركين شديد، عدم موثوقية اختبار وقف النفس أو عدم القدرة على إكماله، وجود مرافقات أخرى تجعل الفحص العصبي غير موثوق (مثل قصور أعضاء متعدد أو وجود دواء مركن أو شال بطيء التصفية من الجسم)، نقص فترة المراقبة.

في هذه الحالات تكون الفحوص المتممة ضرورية، وكذلك للأطفال بعمر أقل من سنة، ومن المطلوب فحصين إيجابيين لمن هم أقل من شهرين.

تجبر الدول الأخرى استخدام الفحوص المؤكدة لدعم الفحص السريري.

يجب أن تطابق الفحوص المتممة المثالية كل المعايير التالية:

يجب ألا يكون هناك إيجابيات كاذبة، أي عندما يؤكد الفحص الموت الدماغي يجب ألا يكون هناك شيء يعيد الشفاء أو هناك قابلية للشفاء.

يجب أن يكون الفحص كافيا بحد ذاته لتأكيد أن الموت الدماغي موجود أو لا، أي أن يكون هناك تخرب كامل وغير عكوس لجذع الدماغ أو كامل الدماغ.

يجب ألا يكون الفحص متأثرا بالمرافقات المؤثرة مثل تأثيرات الأدوية أو الاضطرابات الاستقلابية.

يجب أن يكون نموذجيا في التقنية والتكنولوجيا وتصنيف النتائج.

كما يجب أن يكون متوفرا آمنا وقابلا للتطبيق في كل المراكز الطبية في الولايات المتحدة.

لسوء الحظ، لا يوجد حاليا فحص للموت الدماغي يطابق كل هذه المعايير، كما أن الدراسات التي تقيم استخدامها محدودة، وصغيرة جدا كما تفحص فقط الأشخاص الميتين سريريا، ولا يسمح بتحديد الإيجابية الكاذبة.

لكل اختبار متمم مصادر قوة وضعف مختلفين في الحالات السريرية المختلفة، التي قد ترشد أثناء الاختيار.

الفيزيولوجيا الكهربائية:

تضم الفحوص الفيزيولوجية الكهربائية التي تستخدم في تشخيص الموت الدماغي تخطيط الدماغ الكهربائي والكمونات المثارة.

تخطيط الدماغ الكهربائي:

كان وجود صمت كهربائي أو مخطط سواء كهربائي من المكونات الأساسية لوضع تشخيص موت الدماغ في التوصيات الأولى المنشورة.

نقول بوجود صمت كهربائي إذا لم نجد أي فعالية كهربائية (غير ناتجة عن التشويش) أكبر من 2 ميلي فولت خلال تسجيل 30 دقيقة بحساسية متزايدة.

يبقى تخطيط الدماغ الكهربائي موصى به بقوة في الولايات المتحدة وهو جزء أساسي من المعايير الأمريكية لتشخيص الموت الدماغي في الأطفال الصغار جدا. على كل حال، بالرغم من أن التخطيط المسطح أو المثبط يسمح للسريريين باعتبار موت الدماغ، فإن استخدام تخطيط الدماغ محدد بهذا الدور تشريحيا وفيزيولوجيا.

يقوم التخطيط بجمع الفعاليات المشبكية من القشر الدماغي الجديد ولا يظهر فعاليات من التراكيب تحت القشرية، مثل جذع الدماغ أو المهاد. من هنا، فإن التخطيط قد يكون مسطحا أو سواء كهربائي رغم وجود عصبونات عيوشة في جذع الدماغ أو مكان آخر. كذلك فإنه مؤهب للمشوشات، وقد يكون مسطحا أو سواء في حالات التركين الدوائي أو السمي، أو نقص الحرارة، أو عوامل استقلابية، وهي عوامل لا تسبب بالضرورة أذية دماغية كاملة وغير عكوسة. وقد ذكرت حالات إيجابية كاذبة في هذه الحالات. كذلك ولا سيما في العناية المشددة، سجلت بعض الإشارات الكهربائية من مصادر غير معروفة، قد لا تكون دماغية. أخيرا قد يتم الخلط مع فعالية قشرية متبقية قد تسبب سلبية كاذبة.

الكمونات المثارة:

تملك الكمونات المثارة الحسية الجسمية والكمونات المثارة السمعية في جذع الدماغ فائدة محدودة كفحوص متممة. في الكمونات المثارة الحسية الجسمية، يدعم وجود غياب ثنائي الجانب للاستجابات القشرية الحسية الجدارية استجابة لتنبيه العصب الناصف وجود موت الدماغ.

أما في الكمونات المثارة السمعية فيجب أن نجد غياب استجابة جذع الدماغ لمحرض سمعي (الموجات 3-5) بوجود استجابة قوقعية سليمة (الموجة 1) لدعم تشخيص الموت الدماغي.

يقوم كل اختبار بتفعيل سبيل حسي خاص ويتجاوز التقييم الفيزيولوجي الكهربائي القشر، مقارنة مع تخطيط الدماغ، إلى مناطق ذات أهمية في الجذع. على كل حال تعد هذه الاختبارات عالية النوعية ومحددة بدقة، إلا أنها لا تقيس الوظيفة الكاملة لتراكيب الجهاز العصبي المركزي الأخرى.

بالنسبة لكل من نمطي الكمونات المثارة، فإن الآفات الدانية المحددة، بما فيها التي خارج الجهاز العصبي المركزي دماغ.قد تنهي الاستجابة القشرية.

وصفت حالات سلامة تخطيط الدماغ مقابل غياب الكمونات المثارة في أشخاص لديهم إمراضية جذع دماغ بدئية.

عكس إشارات التخطيط، يكون تأثير الأدوية المركنة والمخدرات قليلا على المكونات الباكرة للكمونات المثارة ، بينما يؤثر انخفاض الحرارة والأدوية والاضطرابات الاستقلابية في الكمونات الحسية الجسمية المتوسطة والسمعية. يعتقد البعض أن مشاركة الكمونات المثارة مع تخطيط الدماغ تعطي ضمانة أكبر لدقة المعلومات .

على كل حال، الحاجة إلى وجود موجة أولى سليمة في الكمونات المثارة السمعية يحد من تطبيقها الواسع لأن العضو القوقعي النهائي يتأذى كثيرا في الرض.

الجريان الدموي الدماغي:

تعتبر الفحوص التي تشير إلى غياب الجريان الدموي الدماغي مقبولة لإثبات موت الدماغ الكامل، فمن البديهي أن الدماغ دون جريان دموي يعد ميتا، إلا أن وجود بعض الجريان الشرياني في القطاع داخل القحف لا يمنع بالضرورة تشخيص الموت الدماغي.

يترافق الموت الدماغي عادة مع ارتفاع ضغط داخل القحف من وذمة الأنسجة أو تأثير كتلي آخر، وعندما يفوق الضغط داخل القحف الضغط الشرياني الجهازي يتوقف الجريان الدموي الدماغي.

يمكن أن يرى بعض الامتلاء الشرياني داخل القحف في قاعدة الدماغ دون تروية النسج في الموت الدماغي، مسببا سلبية كاذبة لموت الدماغ، وهناتوجد تقنيات أخرى أكثر دقة تكشف التروية الدماغية بالخاصة.

تضم بعض اختبارات الجريان الدموي الدماغي: دراسات التروية بالتصوير الطبقي المحوسب، وهي غير متوفرة بشكل كبير، ودراسات التروية بالرنين المغناطيسي، والدراسات النووية الشعاعية.

قد يكون غياب وضاحة الأوردة المخية العميقة على الطبقي التقليدي أو التصوير الوعائي بالطبقي المحوري أكثر حساسية لموت الدماغ من امتلاء الشرايين المخية.

قد تعطي فحوص الجريان الدموي سلبية كاذبة عندما يكون هناك رض، جراحة، تصريف بطيني، تراكيب قحفية مفتوحة، أوانخفاض ضغط داخل القحف.

تضم الفحوص المقبولة بشكل واسع للجريان الدموي الدماغي تصوير الأوعية المخية، الدوبلر عبر القحف، تصوير الأوعية بالرنين المغناطيسي، تصوير الأوعية بالطبقي المحوري، والتفريس بالومضان المشع.

لا تتأثر هذه الفحوص بالأدوية، الاضطرابات الاستقلابية، أو نقص الحرارة، إلا أنه من المحاذير عند استخدامها أن الضغط الشرياني الانقباضي يجب أن يكون مناسبا، أي ألا يكون المريض بحالة صدمة عندما تطبق الاختبارات.

تصوير الأوعية المخية:

تصوير الأوعية المخية الأربعة هو المعيار الذهبي التقليدي بين فحوص الجريان الدماغي لموت الدماغ.

الفحص غازي ويتطلب النقل إلى شعبة الأشعة، كما يجب مراقبة الضغط خلال الإجراء، لأن المرضى غالبا غير مستقرين هيموديناميكيا. كذلك، قد يفقد الدماغ المتأذي بشدة التنظيم الذاتي مما يسبب تباين الجريان الدموي مع تغيرات ضغط الإرواء.

يشير غياب الجريان الدموي الدماغي بتصوير الأوعية بمستوى انشعاب السباتي أو تحته أو بمستوى حلقة ويلليس إلى موت الدماغ، ويجب أن يكون الجهاز السباتي الظاهر سليما.

في بعض الحالات القليلة، يشير تصوير الأوعية إلى ثبات التباين أو تأخر الامتلاء في الشرايين داخل القحف، ربما كمرحلة تطورية تسبق غياب الامتلاء.

أما تصوير الأوعية الدماغية ذو السلبية الكاذبة فيظهر تدفقا دمويا سليم المنظر في بعض الأوعية داخل القحف، وهذا يحصل عندما ينخفض الضغط داخل القحف بالجراحة، الرض، والشنت داخل البطينات أو في الأطفال مع جمجمة طرية.

الإيكو دوبلر عبر القحف:

هو اختبار آمن، غير غازي، وقليل الكلفة، يمكن إجراؤه قرب سرير المريض. يتطلب الاختبار خبرة مع قدرة على تقييم الدورانين الأمامي والخلفي.

يقترح وجود الذرى الانقباضية الصغيرة دون جريان انبساطي أو نمط جريان مرتد مقاومة وعائية عالية، ويدعم ذلك تشخيص الموت الدماغي.

من الأمور التي تحد من الاستخدام وجود ثخانة في العظم الصدغي عند 10-25% من الناس مما يمنع تقييم 6 من أصل 11 شريانا داخل القحف، وبسبب ذلك وأمور تقنية أخرى، فإن غياب إشارة الشرايين على إيكو دوبلر عبر القحف (وهو ما يوجد في 9% من مرضى الموت الدماغي) يعتبر غير مشخص. كما ذكرت حالات إيجابية كاذبة (بالمقارنة مع تصوير الأوعية المخية).

كما في تصوير الأوعية المخية، فإن المرضى الذين لديهم تصريف بطيني خارجي أو فغر قحف واسع قد يعطون سلبية كاذبة، كذلك يجب الحذر عند الأطفال الصغار جدا، على الأقل حتى تظهر دراسات إضافية في هذه الفئة العمرية.

كانت حساسية الإيكو دوبلر عبر القحف في بعض الدراسات السريرية نحو 70.5% ونوعيته 97.4%.

تصوير الأوعية بالمرنان المغناطيسي:

يدعم غياب جريان الدم الشرياني بالمرنان الوعائي تشخيص الموت الدماغي، كذلك يظهر المرنان درجات متباينة من الوذمة الدماغية والتأثير الكتلي.

نوعيته غير مؤكدة رغم نتائج بعض الدراسات التي تشير إلى حساسيته للموت الدماغي.

تضم المساوئ أن المريض يحتاج للبقاء مستلقيا وقد تكون هناك فترات قصيرة من الزمن تكون فيها المراقبة السريرية مستحيلة، مما يخلق مشكلة في المرضى غير المستقرين.

التصوير الطبقي المحوسب للأوعية، دراسة التروية بالطبقي المحوسب:

تعد إجراءات غازية أكثر قليلا من تصوير الأوعية بالمرنان، بسبب الحاجة للحقن.

أظهرت تقارير الحالات غياب التروية بشكل مماثل عند مرضى الغير ميتين دماغيا وكذلك في مجموعة أطفال بدئية.

قد يكون غياب وضاحة الأوردة المخية العميقة على CT التقليدي أو التصوير الأوعية بالطبقي أكثر حساسية للموت الدماغي من امتلاء الشرايين المخية.

غياب الدراسات التي تختبر موجودات تصوير الأوعية بالطبقي المحوسب في المرضى المسبوتين لكن دون موت دماغي تمنع تقييم نوعية هذا الإجراء.

الطب النووي:

تستخدم أشيع طريقة للتصوير الدماغي الإشعاعي مادة HMPAO ومن ثم التصوير التالي بالومضان مع SPECT، حيث تخترق المادة الواسمة البرانشيم الدماغي بالتناسب مع الجريان الدموي في المنطقة ولا تظهر انتشارا مهما لعدة ساعات، مما يجعل من السهل إجراء وتقييم التصوير.

غياب أخذ المادة المشعة (ظاهرة الجمجمة المثقوبة) يشير لغياب التروية الدماغية ويدعم تشخيص الموت الدماغي.

أظهرت الدراسات فائدة هذه التقنية في تشخيص الموت الدماغي مع تحسن الحساسية بالفحص التالي خلال 24-48 ساعة، دون وجود إيجابية كاذبة، كما أنه يفيد في الأطفال، رغم احتمال حصول سلبية كاذبة، في الفحص البدئي على الأقل، عندما تكون الدروز مفتوحة. وصف مظهر ذو إيجابية كاذبة في طفل أخذت الصورة لديه من جهة واحدة مما يعزز أهمية التصوير في مناظر أمامية وجانبية.

الاختبارات الأخرى:

يفحص اختبار الأتروبين استجابة نظم القلب للحقن الوريدي للأتروبين 3 مغ، وبالتالي زيادة سرعة القلب أقل من 3% تدعم تشخيص الموت الدماغي، وبما أن نواة المبهم الحركية الظهرية تقع في البصلة، فإن هذا الاختبار يعطي تقييما محددا لوظيفة أسفل البصلة، وهي من آخر الوظائف التي تزول في الموت الدماغي، بالتالي يعد التقييم محدودا جدا ولم يصادق عليه بشكل واسع.

هناك اختبار قياس تركيز الأوكسجين في الأذينة اليمنى بالمقارنة مع البصلة الوداجية وهو ذو حساسية 96.6% ونوعية 99.3% في الموت الدماغي لكنه غير متوفر على نطاق واسع ويتطلب تدريبا خاصا لإجرائه بالقثطرة، بالرغم من أنه يحمل خطورة منخفضة.

اختيار الاختبار:

لكل الفحوص المتممة لتشخيص الموت الدماغي أمور تحد من قيمتها. لكن يعد تصوير الأوعية الدماغية الأقرب كمعيار ذهبي لكنه إجراء غاز، خطير، وقد يكون غير دقيق (كباقي اختبارات الجريان الدموي) عند هبوط الضغط الشديد أو عندما تكون قبة القحف متأذية برض، جراحة، تصريف بطيني، أو دروز مفتوحة.

في مثل هذه الظروف قد تكون الاختبارات الفيزيولوجية الكهربائية (تخطيط الدماغ الكهربائي أو الكمونات المثارة الحسية الجسمية) هي المفضلة. وعلى كل حال، تكون اختبارات الجريان الدموي الدماغي الأقل تأثرا بالمؤثرات الخارجية مثل انخفاض الحرارة، الأدوية، والعوامل الاستقلابية مقارنة مع الاختبارات الفيزيولوجية الكهربائية.

لا يجب استخدام الكمونات المثارة الحسية الجسمية إذا كانت الأذية المسببة للموت الدماغي متوضعة في جذع الدماغ أو عند وجود اعتلال أعصاب مسبب. يمكن إجراء كل من تخطيط الدماغ الكهربائي، الكمونات المثارة، الإيكو دوبلر عبر القحف جانب سرير المريض. يتباين توافر طرق الاختبار المختلفة والخبرة في استخدامها بين المراكز المختلفة.

مقلدات الموت الدماغي: ذكرت تشاخيص خاطئة للموت الدماغي في الحالات التالية:

متلازمة الإقفال، نقص الحرارة، الانسمام الدوائي، متلازمة غيلان باريه.

تنتج متلازمة الإقفال (Locked-in Syndrome) عن أذية موضعة في قاعدة الجسر، وعادة بسبب انسداد صمي للشريان القاعدي. يكون الوعي مصانا، مع عدم قدرة المريض على تحريك عضلات الأطراف، الوجه، الجذع، ما عدا حركة الرفيف الإرادية مع حركات العينين العمودية التي تبقى سليمة. كثيرا ما يعتبر هؤلاء الأشخاص خطأ فاقدي الوعي، بالتالي المرضى الذين لديهم أذية بدئية في جذع الدماغ وشخص لديهم موت دماغي يجب أن يعاد تقييمهم سريريا بحذر لنفي متلازمة الإقفال لديهم.

باقي الحالات المذكورة، وكذلك بعض مقلدات الموت الدماغي الأخرى (مثل اعتلال الدماغ الاستقلابي) قد تسبب فحصا عصبيا متوافقا مع موت دماغي، لكن لا يجب أن يحصل خطأ في تشخيص الموت الدماغي هنا إذا كانت المعايير السريرية للموت الدماغي محققة.

الموت الدماغي في الأطفال:

أكثر ما يحدث بسبب الرض واعتلال الدماغ بنقص الأكسجة. كما أن الأخماج والتنشؤات الدماغية مسببات أيضا.

تكون معايير الموت الدماغي عند الأطفال هي ذاتها عند البالغين ما عدا:

لا يمكن وضع تشخيص الموت الدماغي قبل اليوم السابع من الولادة.

يجب أن يخضع الأطفال بعمر بين 7 أيام وشهرين إلى فحص سريري دوري بفواصل 48 ساعة، إضافة لاختبارين متممين متوافقين مع موت دماغي.

الأطفال بعمر بين شهرين وسنة يجب أن يخضعوا إلى فحص سريري دوري بفواصل 24 ساعة واختبار متمم واحد متوافق مع موت دماغي.

الأطفال بعمر أقل من 18 سنة يجب أن يخضعوا لفحص سريري دوري بفواصل 12 ساعة.

شكلت حقيقة عدم القدرة على تشخيص الموت الدماغي بعمر أقل من 7 أيام في الأطفال بتمام الحمل تحديا كبيرا، إلا أن التوصيات السابقة لم تتغير بهذه الخصوص.

قدمت التوصيات الكندية المنشورة في 2006 عدة أمور تخص معايير الموت الدماغي في الأطفال:

يجب أن يخضع الأطفال بعمر أكبر من 48 ساعة وأقل من 30 يوما إلى تقييم دوري بفواصل 24 ساعة.

يجب أن يضاف للمعايير السريرية غياب منعكسات المص والعينية الرأسية.

يجب أن تكون درجة حرارة الجسم الدنيا أكبر أو تساوي 36 درجة.

تكون الفحوص المتممة مطلوبة في حال وجود مؤثرات خارجية أو عدم القدرة على تحقيق المعايير السريرية.

بالنسبة للأطفال بعمر 30 يوما إلى سنة، يجب أن تستخدم المعايير السريرية المنعكس العيني الرأسي بدلا من المنعكس العيني الدهليزي.

يجب أن يقوم فاحص آخر بإثبات التشخيص، لكن لم يوصى بفاصل معين بعد التقييم الأول.

نحتاج الفحوص المتممة فقط عند عدم الموثوقية السريرية أو وجود عوامل مؤثرة.

أما الأطفال بعمر أكبر من سنة، فيجب أن يؤكد فاحص ثان التشخيص إذا كانت هناك نية للتبرع بالأعضاء وذلك كما ينص القانون، وليس هناك فواصل زمنية محددة.

الإنذار:

ليس هناك تقارير منشورة عن شفاء تام أو شفاء دماغي بعد تشخيص الموت الدماغي وفق المعايير التي ذكرت.

نادرا ما يستمر الموت الدماغي عند البالغين لأكثر من عدة أيام قبل أن يتبع بموت كامل للعضوية. يقود الإقفار الدماغي إلى وهط في الجهاز العصبي الودي مما يؤدي لتوسع وعائي وسوء وظيفة قلبية.

وذمة الرئة والبيلة التفهة هما اختلاطان باكران للموت الدماغي وقد تكون مؤهبة لفشل قلبي رئوي.

يشعر معظم السريريين أن تشخيص الموت الدماغي موضع شك في حال طول مدة الاستقرار السريري، وإن ذكرت حالات، معظمها في المواليد الجدد، استمرت الحياة فيها لعدة أشهر.

يملك بعض المرضى اعتقادات دينية تمنعهم من مساواة الموت الدماغي بالموت. وقد تعاملت بعض الولايات مثل نيوجيرزي ونيويورك مع ذلك بتشريع قوانين تنص على تعريف الموت عند هؤلاء على أنه الموت القلبي الرئوي.

قد تكون هناك مصادر أخرى للجدل مثل معارضة الأهل لإنهاء الحياة، الثقافة، الدعم، تأخر المحامين، والإهمال في بعض الحالات.

تؤمن فعالية التبرع بالأعضاء الراحة للفقيد ويجب عرضها للعائلات، لكن لا يجب أن يعطي ذلك زخما لتشخيص الموت الدماغي.

الخلاصة والتوصيات:

الموت الدماغي هو الفقد الكامل وغير العكوس لوظيفة المخ وجذع الدماغ. في معظم البلدان ومعظم الحالات، يعد الموت الدماغي معادلا للموت القلبي الرئوي.

يوضع تشخيص الموت الدماغي بالفحص العصبي، مع عدة شروط يجب أن تتحقق وهي: معرفة السبب المؤدي، استبعاد ما قد يثير الخلط مثل الانسمام بالأدوية أو السموم، الاضطرابات الاستقلابية، وانخفاض الحرارة.

يجب أن يشير الفحص السريري لوجود سبات، عدم وجود استجابة مخية لمنبه خارجي، غياب منعكسات جذع الدماغ. يجرى اختبار وقف النفس في كل المرضى الذين تنطبق عليهم كافة معايير الموت الدماغي الأخرى بشرط أن تكون حالتهم مستقرة بما يكفي لإجرائه.

تجرى الفحوص المتممة عندما لا يمكن تطبيق المعايير السريرية وكذلك لدعم الفحص السريري في الأطفال الصغار. تكون اختبارات الجريان الدموي الدماغي مفضلة في حالة انخفاض الحرارة، ووجود مؤثرات استقلابية أو دوائية، بينما تكون الاختبارات الفيزيولوجية الكهربائية أكثر مصداقية في حالة هبوط الضغط، فغر القحف، والعوامل الأخرى المسببة لهبوط الضغط داخل القحف.

تعليقات