مقدمة
في كل دولة من دول العالم تتواجد على الدوام جهتان لخدمة الوطن والمواطن وحماية حقوقهما وصيانة الشأن العام؛ جهة رسمية، بمعنى الحكومة وآلياتها التنفيذية، وجهة شعبية أهلية، أصطلح على تسميتها بمؤسسات المجتمع المدني. توسع الغرب الأوروبي في استخداماتها ووظائفها وجمعها في مسمى «المؤسسات غير الحكومية» ولها من الأهمية والتأثير الشيء الكبير في نمو وازدهار المجتمعات في تلك الأنحاء من العالم ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا.
و فكرة المجتمع المدني ليست بالغريبة علينا ولا على قيمنا وعاداتنا فهي تكمن في صميمها، وهي منتشرة في تاريخنا الإسلامي وتراثنا، نراها في رسالة المسجد وحلقات تدريس ورعاية طلبة العلم في دور وأربطة خاصة، نراها في جمعيات أرباب الطوائف والمهن والعلوم والفنون والهوايات المختلفة.
ومن المعروف أن مؤسسات المجتمع المدني، أمر هام وحيوي للغاية، وهو أمر قائم في كثير من دول العالم، وتشجع كثير من حكومات الدول المتقدمة على قيام تلك المؤسسات لأنها تحمل عبء عن السلطة في تحقيق متطلبات المواطنين وحماية حقوقهم ، ومؤسسات المجتمع المدني لا تأتي في مواجهة السلطات بشكل أساسي، بل هي تحمي حقوق المواطنين بشكل عام أو مجموعات المصالح المشتركة، وتبث الوعي، وتمثلهم أمام السلطة أو القضاء، وتمارس مختلف النشاطات السلمية التي تسهم في تطوير المجتمع وتثقيفه والدفاع عن حقوقه.
والسلطة التي تتخوف من مؤسسات المجتمع المدني تكون متورطة وغارقة في الفساد وتحرص على حماية مصالح التجار على حساب المواطنين لأجل خدمة مصالح ضيقة للمسئولين ، أما السلطة التي تدرك جيداً أنها نظيفة ونزيهة وحريصة على مصالح المجتمع والفرد فهي ليست لا تخشى مؤسسات المجتمع المدني فحسب، بل وتشجع وبكل ثقة على قيامها وتفعيلها وتذلل كافة الصعاب أمامها، بدلاً من أن تسعى لوضع العراقيل فتضع هذه المؤسسات والجمعيات في إطار تنظيمي يفرغ هذه المؤسسات من محتواها تماماً ويكفل عجز مؤسسات المجتمع المدني عن ممارسة أدوارها.
ومن أهم ميزات المجتمع المدني أنها ترتبط بمصالح جميع فئات المجتمع بلا استثناء، ومن أمثلتها :
الجمعيات التعاونية، النقابات العمالية والمهنية، الجمعيات الأهلية، الاتحادات الطلابية، النوادي الرياضية والأندية الأدبية والثقافية، وأمثلة هذه الجمعيات: نقابات الطيارين، و العمال و الأطباء و الموظفين في مؤسسة أو شركة كبرى و المعلمين وجمعيات حقوق الإنسان وجمعيات مكافحة العنف الأسري وجمعيات حماية المستهلك وجمعيات الدفاع عن حقوق المرضى وجمعيات تحفيظ القرآن وجمعيات الدفاع عن حقوق العمال الأجانب وجمعيات عمال النظافة.... الخ ، فالمجال لا يتسع لذكر الأمثلة فكل ما يخطر على بال المواطن من نشاط عام أو يمثل مصالح مشتركة يستطيع من خلال نظام فاعل تكوين نشاط أهلي مستقل عن السلطة لبث الوعي أو الدفاع عن المصالح بالوسائل السلمية المتحضرة، والتنسيق مع الأجهزة الحكومية وتمثيل المواطن في صياغة الأنظمة مقابل السلطة أو أصحاب العمل أو البنوك والتجار..الخ
ومن السمات الرئيسية لهذه النشاطات أن الجمعيات والمؤسسات الأهلية لا تسعى إلى الوصول للسلطة.. باستثناء بعض الآراء لتي رأت أن الأحزاب هي جزء من المجتمع المدني، بيد أنه في المقابل عدم هذا السعي هذا له شرط أساسي ومهم لهذه المؤسسات وهو الاستقلالية عن السلطة باستثناء إطار تنظيمي يكفل سن الأنظمة والقوانين التي تنظم العمل من دون أي تدخل مباشر أو غير مباشر في نشاطات تلك المؤسسات، فمؤسسات المجتمع تأتي كدعم يردف القطاع الحكومي، وبالتالي فأن أي نظام يصدر و يحول هذه المؤسسات إلى جزء من القطاع الحكومي فإن هذا يعني تفريغ كامل لتلك المؤسسات من محتواها الذي لأجله أنشأت.
ولقد أثبتت التجربة أهمية هذه المؤسسات في وقت الأزمات في ظل الأزمات التي تعرضت لها الجزائر في العصر الحديث سواء في ظل الاحتلال الفرنسي للجزائر أم في ظل حرب التحرير ، أم في ظل الاستقلال – خاصة في ظل الأزمات الجزائرية في عقد التسعينات – حيث ساهمت بتقليل المآسي التي تعرض لها السكان ، وعملت على اخراجهم من محنهم ، كما عملت على نقل متطلبات كثير من المواطنين إلى السلطة الحاكمة ، الضغط على الحكومة لتحقيق هذه المطالب .
هدف وأهمية الدراسة :
أهمية ، وهدف الدراسة يكمن في معرفة مدى فعالية هذه الجمعيات ، ومستوى نجاحها في تحقيق الأهداف التي نشأت من أجلها ، وما هو دور السلطة في زيادة فعاليتها وتشجيعها على تحقيق أهدافها ، من خلال مساعدتها على تحقيق أهدافها وفق القوانين واللوائح التي حددتها في ظل فترة مابعد استقلال الجزائر ، خاصة أن للجزائر تجربة مهمة مع هذه الجمعيات عندما كان دورها الفعال في حرب تحرير الجزائر التي انتهت باستقلال الجزائر عام 1962 .
مشكلة الدراسة :
تتمثل مشكلة الدراسة في معرفة مدى فعالية هذه المؤسسات ومدى تحقيقها للأهداف التي أنشئت من أجلها ، بهدف إقامة مجتمع مدني ، وتقليل دور السلطة في تدخلها في حياة المواطنين ، أو مساعدتها في حل مشاكل المجتمع وتحقيق رغبات السكان من دون وجود أحزاب ضاغطة ، أو وجود محسوبية ، وتحايل من فبل الآخرين لتحقيق مآربهم بالطرق غير المشروعة .
فرضة الدراسة :
تتمثل فرضة الدراسة باأجابةة عن التساؤلات التالية :
ماهي الأسباب التي دعت لتكوين هذه المؤسسات في الجزائر ؟
ما مدى فعالية هذه الجمعيات وما هو دورها في حل بعض مشاكل المجتمع الجزائري ؟
ماهي العلاقة التي نشأت بين هذه المؤسسات والجمعيات من جهة وبين السلطة الحاكمة من جهة أخرى ؟
مناهج الدراسة :
اتبعت الدراسة " المنهج القانوني " في تحليل تأثير هذه الجمعيات والمؤسسات على المجتمع لتحقيق رغبات القطاعات التي نشأت من أجلها هذه المؤسسات ، ومدى التزامها بالقوانين واللوائح التي حددت صلاحياتها، إضافة لعلاقتها القانونية بالسلطة الحاكمة من جهة ، وبالقطاعات الشعبية التي تهتم بها .
المدى الزمني والقانوني :
المدى الزمني : ويشمل فترة مابعد استقلال الجزائر عام 1962 وحتى الآن .
المدى المكاني : ويشمل الجمهورية الجزائرية .
تقسيمات الدراسة :
المقدمة
الفصل الأول :مفهوم الجمعيات والمؤسسات الأهلية
· المبحث الأول : تعريف الجمعيات والمؤسسات الأهلية
· المبحث الثاني :خصائص الجمعيات والمؤسسات الأهلية
· المبحث الثالث : أساس الحق في تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية
·
الفصل الثاني : رقابة الإدارة على الجمعيات والمؤسسات الأهلية في الجزائر
· المبحث الأول : رقابة الإدارة على تأسيس الجمعيات والمؤسسات الأهلية
· المبحث الثاني : رقابة الإدارة على نشاط الجمعيات والمؤسسات الأهلية
· المبحث الثالث : حق الإدارة في وقف وحل الجمعيات والمؤسسات الأهلية
الخاتمة
مفهوم الجمعيات والمؤسسات الأهلية
يعتبر نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية يصمم الإطار القانوني لمؤسسات المجتمع المدني وهو مؤسسة الإصلاح في الدولة وتفعيل دور المواطن في المشاركة الخلاّقة في الشأن العام والتفاعل الإيجابي مع مؤسسات الدولة من أجل احتواء ما يمكن أن ينشأ من نزاعات غير محمودة يسببها غياب ثقافة العمل المدني.
المبحث الأول
تعريف الجمعيات والمؤسسات الأهلية
· تعريف الجمعية الأهلية:
تنص بعض القوانينعلى اعطاء تعريفا للجمعية بأنها " كل جماعة ذات تنظيم مستمر لمدة معينة أو غير معينة تتألف من أشخاص طبيعيين أو أشخاص اعتبارية أو منهما معا لا يقل عددهم في جميع الأحوال عن عشرة، وذلك لغرض غير الحصول على ربح مادي" ([1]).
وانطلاقا من مبدأ أهمية المشاركة التطوعية الهادفة في العمل الاجتماعي داخل الجمعيات والمؤسسات الخاصة، تبرز هذه الأهمية في عدة خصائص تتسم بها هذه الجمعيات والمؤسسات كالتالي([2]):
· الجمعيات والمؤسسات الأهلية تنظيمات رسمية تهتم بتقديم خدمات مباشرة أو غير مباشرة لإشباع احتياجات المجتمع وتحقيق الرفاهية الاجتماعية للمواطنين.
· تقوم الجمعيات والمؤسسات الأهلية على الجهود التطوعية لجماعة من الأفراد المهتمين بالخدمة العامة يتولون تنظيمها وإدارتها في إطار النظام العم أو القوانين والتشريعات التي تنظم العمل الاجتماعي التطوعي.
· تعد الجمعيات والمؤسسات الأهلية مؤسسات اجتماعية خارج السوق الاقتصادية والتنافس، لذلك فهي لا تسعى إلى الربح المادي كغرض أساسي للوجود وحصرها على توفير الخدمات التي تقابل احتياجات المواطنين.
· لكل جمعية أو مؤسسة فلسفة تستمد سياستها من النظام الأساسي لها، ولها حق تشريع اللوائح وتعديل هذه اللوائح طالما استلزم الأمر في سهولة ويسر أكثر من المؤسسات الحكومية.
· الهيكل التنظيمي للجمعيات والمؤسسات الأهلية يبدأ من القمة ممثلة في الجمعية العمومية كأعلى سلطة ثم مجلس الإدارة واللجان المنبثقة عنه، والجهاز الإداري والفني القائم على أداء الخدمات.
· تعتمد الجمعيات والمؤسسات الأهلية في تمويلها على ما تجمعه من تبرعات وهبات ووصايا، وعلى ما تحصل عليه من اشتراكات الأعضاء، بالإضافة إلى عوائد الخدمات التي تقوم بها، وقد تحصل على دعم من الهيئات الحكومية أو من هيئات دولية.
· تمارس هذه الجمعيات والمؤسسات الخاصة عملها في إطار السياسة الاجتماعية العامة للدولة بعيدا عن التقلبات السياسية والصراعات الطائفية، لأنها ممنوعة بحكم القانون من التدخل في الخلافات السياسية والمذهبية والطائفية.
· تنصب خدمات الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أعضائها من الدرجة الأولى سواء من الأسوياء أو ذوى الاحتياجات الخاصة من معاقين أو مكفوفين أو من الصم والبكم، أو من المسنين أو الأطفال المشردين أو الأيتام…….
· سلوب العمل في هذه المؤسسات الاجتماعية يمتاز بالمرونة حيث تستطيع تعديل نظامها وقواعد العمل فيها بل وأهدافها وجهازها الإداري، فهي التي تحدد لنفسها النظم والقواعد الإدارية المالية المرنة، وبأسلوب أكثر طواعية لتناسب متطلبات أي تغير يحدث في المجتمع.
· تتمتع الجمعيات والمؤسسات الأهلية بسلطة أوسع من حيث اختيار موظفيها وفقا حددته قوانين العمل بحيث يكونون من المتخصصين في مجال الخدمة الاجتماعية، بالإضافة إلى الاستعانة ببعض الفنيين الآخرين الذين يتطلب وجودهم نوعية الخدمات المقدمة.
· تخضع عضوية الجمعيات لشروط معينة، وفي حالة انطباقها على شخص ما، يمكن أن يصبح عضوا فيها.
· الرقابة على الجمعيات والمؤسسات الأهلية تخضع لبعض الأجهزة المتخصصة كالاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الخاصة، والاتحادات الإقليمية، بالإضافة إلى رقابة الجهة الإدارية المتخصصة مثل إشراف وزارة الشئون الاجتماعية وديوان المحافظة على الناحية الإدارية، والجهاز المركزي للمحاسبات، وإشراف وزارة الصحة على المستشفيات والمراكز الطبية التابعة للجمعيات، وإشراف وزارة والتعليم على المدارس وفصول التقوية ومحو الأمية.
· توفر الجمعيات والمؤسسات الأهلية جهد كبير ربما قد يقع على الدولة ومنها القيام بالمشروعات الاجتماعية ذات الصلة القومية الكبرى.
· الجمعيات والمؤسسات الأهلية ضرورة لكل المجتمعات واستمرار المواطنين في تكوين الجمعيات الأهلية ظاهرة صحية في تطور حياة المجتمعات، فهي لا تحقق جانب الانتماء فقط ولكن كحق لكل مواطن في المشاركة والتخطيط لاحتياجاتهم وكذلك حقوقهم.
· تعد الجمعيات والمؤسسات الأهلية أكثر انطلاقا في خدماتها وأكثر قدرة على التجديد والابتكار وإجراء التجارب لتطور العمل بها، وكذلك السرعة في تقديم الخدمات والتقليل قدر الإمكان من الإجراءات الإدارية الطويلة
وتشترط بعض القوانين في إنشاء الجمعية عدة شروط منها([3]) :
1. أن يكون لها نظام أساسي مكتوب وموقع عليه من المؤسسين.
2. أن تتخذ لمركز إدارتها مقرا ملائما في جمهورية مصر العربية.
ولا يجوز أن يشترك في تأسيس الجمعية من صدر ضده حكم نهائي بعقوبة جنائية ، أو بعقوبة مقيدة للحرية في جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة، ما لك يكن قد رد إليه اعتباره.
وتجيز بعض القوانين الاشتراك في عضوية الجمعية لغير المواطنين مثل القانون المصري وفقا للقواعد التي أوردتها اللائحة التنفيذية له
ومؤسسي الجمعية هم الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين الذين يشتركون في إنشائها ويوقعون على نظامها الأساسي، فإذا كانوا قد أعدوا وثيقة تأسيسها وجب أن تتضمن تلك الوثيقة تحديدا لغرض الجمعية ونطاق عملها الجغرافي، وأن يوقع عليها جميع المؤسسين، فإذا كان جميع المؤسسين من الأشخاص الطبيعيين وجب أن يكون كل منهم متمتعا بالأهلية الكاملة. وإن كان أحدهم من غير المصريين وجب أن تكون له إقامة دائمة أو مؤقتة في مصر بالإضافة إلى توافر باقي شروط عضوية التأسيس فيه. أما إذا كان المؤسسون من الأشخاص الاعتباريين فيجب أن يكون كل منهم قد تأسس أو صرح له بمباشرة نشاطه وفقا لأحكام القانون. وإذا كان أحد أو بعض المؤسسين من الأشخاص الطبيعيين فاقد الأهلية أو ناقصها أو كان أحد أو بعض الأشخاص الاعتباريين غير مؤسس وفقا أو غير مصرح له بمباشرة النشاط في الدولة ، وجب استبعاده، وتستكمل إجراءات التأسيس إذا كان عدد المؤسسين بعد الاستبعاد موافقا لعدد المؤسسين المنصوص عليه في القانون (عشرة ، وأوجبت اللائحة التنفيذية تحديد ممثل جماعة المؤسسين إما في وثيقة تأسيس الجمعية أو في نظامها الأساسي أو بعد التوقيع على النظام الأساسي في اجتماع يعقده المؤسسون ويثبت اختيارهم لممثلهم في محضر يوقعون عليه.
البيانات التي يجب أن يشتمل عليها النظام الأساسي للجمعية:
1. اسم الجمعية ويشترط أن يكون مشتقا من غرضها، وغير مؤد إلى اللبس بينها وبين جمعية أخرى تشترك معها في نطاق عملها الجغرافي.
2. نوع وميدان ونشاط الجمعية ونطاق عملها الجغرافي.
3. عنوان المقر المتخذ مركزاً لإدارة الجمعية.
4. أسم كل عضو من الأعضاء المؤسسين ولقبه وسنه وجنسيته ومهنته ومحل إقامته.
5. موارد الجمعية وطريقة استغلالها والتصرف فيها.
6. أجهزة الجمعية التي تمثلها، واختصاصات كل منها، وكيفية اختيار أعضائها وطرق عزلهم أو إسقاط عضويتهم أو إبطالها، والنصاب اللازم لصحة انعقاد هذه الأجهزة وصحة قراراتها.
7. نظام العضوية وشروطها وحقوق الأعضاء وواجباتهم، وعلى الأخص حق كل عضو في الإطلاع على مستندات الجمعية وحضور الجمعية العمومية والتصويت فيها.
8. نظام المراقبة المالية.
9. قواعد تعديل النظام الأساسي للجمعية وتكوين فروع لها وأحوال إنقضاء الجمعية والجهات التي تؤول إليها أموالها في هذه الأحوال.
10. تحديد المختص بطلب اكتساب الجمعية صفة النفع العام.
11. تحديد ممثل جماعة المؤسسين في اتخاذ إجراءات التأسيس.
· المؤسسات الأهلية
يتم إنشاء المؤسسات الأهلية بتخصيص مال لمدة معينة أو غير معينة لتحقيق غرض غير الربح المادي، وتخضع المؤسسات للمحظورات التي نصت عليها المادة الحادية عشرة من القانون وتسري عليها أحكام تلك المادة حسبما سبق شرحها. ويجب أن يكون المال المخصص كافيا ومناسبا لتحقيق أغراض المؤسسة الأهلية، ويجوز أن يكون المال عقارا أو منقولا فإذا كان المال المخصص عقارا فإن تخصيصه يرد على ([4]):
1. الملكية التامة للعقار بجميع خصائصها.
2. أحد خصائص حق الملكية من استعمال أو استغلال أو حق التصرف في الرقبة.
3. حقوق المنتفع بالعقار أيا كان السند القانوني لذلك كالهبة أو الوصية أو غيرها.
4. حقوق المستأجر على العقار في حدود ما هو مقرر قانونا في أحكام عقد الإيجار وذلك بما لا يزيد عن مدة الإجارة القانونية أو الاتفاقية بحسب الأموال.
أما إذا كان المال المخصص منقولا فإن التخصيص يرد على([5]):
1. النقود بما في ذلك عوائد استثمار واستغلال العقارات والمنقولات.
2. القيم المنقولة كالسندات والأسهم والحصص والأوراق المالية أو التجارية بصفة عامة وشهادات الاستثمار و الايداع وأذون الخزانة وسنداتها، أو عائد أي من هذه القيم سواء كانت مصرية أو أجنبية.
3. المنقولات بمختلف أنواعها كالمجوهرات والكتب والآلات والأدوات والأثاث والسفن واللنشات والمراكب بمختلف أنواعها. والطائرات والسيارات والمركبات وغيرها.
ويجوز أن ينص في النظام الأساسي للمؤسسة الأهلية أو ما في حكمه على أن يكون التخصيص واردا على حصيلة ريع أو بيع عقار أو منقول أو طريقة إتمام هذا البيع وتوقيته، فإذا لم يضمن النظام الأساسي أو ما في حكمه طريقة البيع أختص مجلس الأمناء بتجديدها، وإذا لم يتضمن توقيتا للبيع اعتبر البيع واجبا بمجرد طلب النظام الأساسي أو ما في حكمه أو بزوال آخر عقبة في سبيل البيع أيهما اقرب.
ويجيز القانون واللائحة التنفيذية أن تتعدد الأنشطة التي تهدف المؤسسة الأهلية إلى العمل فيها طالما كان مجموع هذه الأنشطة يلتزم بأغراض تنمية المجتمع ولا يستهدف تحقيق الربح المادي.
ويجب أن يتضمن النظام الأساسي أو ما في حكمه بيانا بهذه الأنشطة والغرض الذي تسعى المؤسسة الأهلية لتحقيقه ، ويحظر على المؤسسة الأهلية أن يكون من بين أغراضها ممارسة نشاط من الأنشطة المحظورة على الجمعيات الأهلية والمنصوص عليها في المادة (11) فإذا تضمن نظامها الأساسي شيئا من ذلك وجب على الجهة الإدارية المختصة أن ترفض بقرار مسبب قيد ملخص نظامها الأساسي وفقا لأحكام المادتين 24 ، 25 من اللائحة التنفيذية.
وحول إنشاء المؤسسة الأهلية: يجيز القانون أن ينشئ المؤسسة الأهلية شخص واحد كما يجوز أن ينشئها أكثر من شخص من الأشخاص الطبيعيين أو من الأشخاص الاعتبارية أو منهما معا. فإذا كان المؤسس من الأشخاص الطبيعيين مصريا كان أو أجنبيا وجب أن يكون متمتعا بكامل أهليته القانونية وفقا لأحكام قانون جنسيته، أما إذا كان المؤسس من الأشخاص الاعتبارية أيا كانت جنسيته وجب ان يكون مستكملا لجميع شروط تأسيسه ومباشرته لنشاطه وفقا للنظام القانوني الذي تأسس في ظله ([6]) .
ويتم إنشاء المؤسسة الأهلية بأحد التصرفات القانونية الآتية([7]):
1. نظام أساسي يضعه المؤسس أو المؤسسون مبينا فيه اسم كل منهم وصفته ومحل إقامته وجنسيته وحصته التي شارك بها في تأسيس المؤسسة الأهلية ومكان وتاريخ التوقيع على هذا النظام، على ان يكون التوقيع على النظام الأساسي من جميع المؤسسين.
2. سند رسمي يصدر من المؤسس أو المؤسسين يتضمن إفصاحا صريحا عن انعقاد إرادتهم على تخصيص المال لإنشاء المؤسسة الأهلية، وسندهم القانوني الذي يجيز لهم إجراء هذا التخصيص في شأن المال المخصص.
3. وصية مشهرة وفقا لأحكام قانون الدولة التي تم فيها الإيصاء، تتضمن اسم الموصى وصفته وجنسيته وسنده في الإيصاء بتخصص المال الموصى به لإنشاء المؤسسة الأهلية.
و يجب أن يشتمل النظام الأساسي أو السند الرسمي أو الوصية بإنشاء المؤسسة الأهلية على البيانات الآتية: ([8])
1. اسم المؤسسة ونطاق عملها الجغرافي ومقر ومركز إدارتها بجمهورية مصر العربية.
2. الغرض الذي تنشأ المؤسسة لتحقيقه.
3. بيان تفصيلي عن الأموال المخصصة لتحقيق أغراض المؤسسة بمراعاة الأحكام السابق بيانها في شأن الأموال التي يتم تخصيصها.
4. تنظيم إدارة المؤسسة بما في ذلك طريقة تعيين رئيس وأعضاء مجلس الأمناء وطريقة تعيين المدير.
5. مدة مجلس الأمناء وطريقة تجديد العضوية فيه وكيفية شغل الأماكن التي تخلو من المجلس.
يجب أن يكون لكل مؤسسة أهلية مجلس أمناء يتكون من عدد فردى لا يقل عن ثلاثة ولا يجاوز خمسة عشر عضوا يختار أحدهم رئيسا ويجوز أن يكون رئيس وأعضاء مجلس الأمناء من المؤسسين أو غيرهم. ويختص مؤسس أو مؤسسو المؤسسة الأهلية بتعين هذا المجلس، ويجب أن ينص النظام الأساسي على مدة المجلس وطريقة تجديد عضويته إن وجدت وطريقة تعيين من يحل محل العضو الذي يخلو مكانه لأي سبب قبل انتهاء مدة تعيينه. وإذا لم يتضمن النظام الأساسي للمؤسسة أو السند الرسمي أو الوصية طريقة تعيين هذا المجلس ومدته، تولت الجهة الإدارية المختصة تعيين هذا المجلس من الخبراء في ميادين النشاط المحدد للمؤسسة الأهلية والشخصيات العامة المهتمين بالعمل الأهلي، وتعيين من يحل محل العضو الذي يخلو مكانه، ويخطر الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية بالتعيين. وفيما يتعلق بمدة المجلس في هذه الحالة فإنها تتحدد بدورات مدة كل منها ست سنوات عدا مجلس الأمناء الأول تكون مدته بما لا يتجاوز ثلاثة سنوات. ويلتزم هذا المجلس في دورته الثانية بإجراء قرعة بين جميع أعضائه كل سنتين لتنتهي عضوية ثلث الأعضاء الذين تصيبهم القرعة، ويجوز للمجلس تجديد عضوية من انتهت عضويتهم عن طريق القرعة أو تعيين أعضاء جدد بدلا منهم حسب احتياجات ومصالح المؤسسة الأهلية. ويجب في جميع الأحوال أن يقوم هذا المجلس بإخطار الجهة الإدارية المختصة والاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية بإتمام تشكيله وبكل تغيير يطرأ عليه ([9])
وإذا خلا مكان أو أكثر بمجلس الأمناء وتعذر تعيين بدلا منه أو منهم بالطريقة المبينة في النظام الأساسي تتولى الجهة الإدارية المختصة التعيين من بين الخبراء في ميادين نشاط المؤسسات الأهلية أو من الشخصيات العامة المهتمة بالعمل الأهلي، وتخطر الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية بذلك التعيين، ويتولى هذا المجلس إدارة المؤسسة الأهلية وتكون له جميع اختصاصات مجلس الإدارة والجمعية العمومية للجمعيات فيما عدا تعديل الغرض الأصلي للمؤسسة الأهلية المحدد في النظام الأساسي أو ما في حكمه. ويباشر مجلس الأمناء هذه الاختصاصات وفقا لأحكام النظام الأساسي أو ما في حكمه. ويتولى هذا المجلس اختيار ممثل المؤسسة الأهلية ويجوز هذا المجلس أن يعين مديراً للمؤسسة الأهلية تكون له الاختصاصات التي ينص عليها قرار تعيينه. ويمثل رئيس مجلس الأمناء المؤسسة الأهلية أمام القضاء وقبل الغير. ويجتمع مجلس الأمناء مرتين على الأقل سنوياً بدعوة من رئيسه، وعليه أن يجتمع خلال الأربعة أشهر التالية لإنهاء السنة المالية للنظر في الموافقة على الميزانية العمومية والحساب الختامي للمؤسسة الأهلية عن السنة المالية المنتهية وتقرير النشاط وتقرير مراقب الحسابات ومشروع موازنة السنة المالية الجديدة. ويجوز للمؤسسة الأهلية أن تكتفي بإعداد بيان دوري بالإيرادات والمصروفات وأوجه الإنفاق بدلا من الميزانية السنوية إذا كانت طبيعة أموالها تبرر ذلك([10])
المبحث الثاني
خصائص الجمعيات والمؤسسات الأهلية
مشروع نظام الجمعيات الأهلية ينص صراحة على أن من أهدافه إشراك المواطن في إدارة المجتمع وتطويره، وهذا النص الجميل الواعد هو حلم حقيقي لكل وطني يؤمن بضرورة الإصلاح ويحمل همّ الشأن العام من كل أطياف العمل الإصلاحي بكافة تياراته الوطنية التي كانت وما زالت تنادي بضرورة إيجاد مؤسسات المجتمع المدني وتهيئة البيئة الصحية لنشوئها وتطورها وحيث إن مشروع نظام الجمعيات الأهلية هو الأرضية القانونية التي تضبط إيقاع مناشط الجمعيات المدنية بالمفهوم المتعارف عليه دولياً وبالتالي فإن (استقلال) تلك المؤسسات المدنية وآلية تمويلها يعد الحجر الأساس في أي وثيقة قانونية تنظم عملها ونشاطها وهو الأمر الذي سأركز عليه في هذه المقالة.
وهناك معايير دولية لتصنيف (الجمعيات الأهلية) كما ذكر سابقاً ومن أهمها أن تكون تلك الجمعيات مستقلة عن الجهاز الحكومي حيث إنها تكون رافداً للأجهزة الحكومية ومكملة لها لا تابعة لها، يحكمها في ذلك الحس الوطني والثوابت الوطنية الراسخة([11]).
لذا فتمويل المؤسسة أو الجمعية المدنية هو المعيار الحقيقي في استقلالها من عدمه ومن هنا تكمن أهمية تحديد آلية التمويل مع مراعاة فكرة الاستقلال عند وضع تلك المحددات حتى لا تفرغ المؤسسة المدنية من محتواها وتصبح قادرة على ممارسة دورها المجتمعي بحرية كاملة وبعيدة عن ضغط الممولين. إن عدم قدرة هذه المؤسسات على تأمين احتياجاتها المالية الضرورية سينعكس سلباً على أدائها وفاعليتها وآفاق نمائها، فضرورة تأمين الاحتياجات المالية لأي منشأة سواءً كانت اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية هو أمر ضروري ، لكن مصادر التمويل فالتمويل الخارجي أمر مرفوض بطبيعة الحال ويتنافى مع دور الجمعيات (الوطني) وقد يجب أن ينص قانون مشروع النظام على منعه بشكل صريح.
إلا أنه بالمقابل اعتماد الجمعيات المدنية في تمويلها على الجهات الحكومية سيؤثر بشكل سلبي على أدائها وممارسة اختصاصاتها باستقلالية ويعطي الجهات الحكومية المشرفة عليها دوراً أكبر في مراقبة ومتابعة نشاطاتها، الأمر الذي قد يعيقها عن التحرك الحر في الفضاء المجتمعي المفتوح.
لهذا فالتحدي الحقيقي في مثل هذه الجمعيات هو في القدرة على خلق جمعيات مدنية قادرة على العمل المدني المؤسسي بتمويل ذاتي من أعضائها والمؤمنين بنشاطها لأن ذلك وحده سيكفل استقلالها ويضمن قيام مؤسسات نابعة من رغبة حقيقية في تقديم خدمات للمجتمع وتحقيق الهدف الأساسي من إنشاء هذه الجمعيات والمؤسسات المدنية وهو ترسيخ المواطنة كأرضية أساسية للتعايش بعيداً عن أي اعتبارات أخرى وهذه هي الركيزة الأساسية في فلسفة مؤسسات المجتمع المدني كما هو متعارف عليها([12]).
وهذا لا يعني تحييد دور المؤسسات الوطنية الراغبة في تمويل أنشطة العمل المدني مع التأكيد على فكرة الاستقلال والشفافية والمحاسبة الذاتية من قبل هذه الجمعيات وضرورة قيام المؤسسات المانحة بالرقابة المالية بالمشاركة بينها وبين الجمعيات.
كما أنه لا بد من ضرورة وجود حوار مستمر ودوري بين الطرفين المانح والممنوح له في وجود الطرف الثالث (الحكومة)، ووضع خطة إستراتيجية لجذب التمويل المحلي وتشجيع المواطن العادي على الانخراط في أنشطة هذه الجمعيات المدنية الأهلية. مع التنبيه على أهمية فكرة المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص والاعتماد على الذات لضمان استدامة عملية التمويل وضرورة قيام هذه الجمعيات الأهلية بوضع معايير لتلقي التمويل ووجود معايير حقيقية لتقييم أداء هذه الجمعيات ذاتياً فيما يتعلق بهذا الشأن، ولا بد بعد هذا من تنظيم اجتماع سنوي بين المانحين والجمعيات الأهلية لإقرار المشروعات المطلوب تمويلها بشكل مؤسسي وإدارة حوار مفتوح حول أهم الإشكاليات المتعلقة بالتمويل والعمل.
وبما أن هذا النظام هو نظام تأسيسي لمجتمع وثقافة وسلوكيات ستساهم في نقل المجتمع نقلة نوعية، فهو يهدف إلى ثلاثة أهداف هي :
أولا: الإسهام في التنمية الوطنية. ثانيا: إشراك المواطن ومشاركته في إدارة مجتمعه وتطويره. ثالثا: تنظيم العمل الأهلي وتنظيمه. ومن الواضح هنا أن هذه الأهداف أهداف جليلة وفي غاية الأهمية مما يجعل هذا المشروع على نفس المستوى من الجلال والأهمية وهذا ما يستوجب على الكل، بحسب القدرة، المشاركة في نقاشه وإبداء الرأي حوله.
و هذا المشروع له ثقافة وقيما محددة لا يمكنه تحقيق النجاح دونها، كما أنه يمكن القيام ببعض التعليقات على مسودة القرار وإبداء الرأي حولها.
ومن خصائص هذا النظام أيضاً أنه يؤسس المجتمع المدني الذي يعني تنظيم المجتمع مما يكفل لكل فرد من أفراده وكل جماعة من جماعاته المساهمة والمشاركة في تنمية المجتمع في كافة مجالاته بشكل يساوي بين هذه الجماعات وهؤلاء الأفراد،كل هذه الأهداف تتحقق عن طريق تنظيم يكفل الاستقلالية والحرية في ظل القانون العام.
والهدف الذي يمكن أن يدعو المواطن للدخول في مثل هذه الجمعيات والتنظيمات هولتحقيق شعور المواطن بالانتماء للمجتمع والمسؤولية تجاه مجتمعه وبالتالي ليشعر بأنه يمكن أن يستغل قدراته وإمكاناته من أجل خدمة هذا المجتمع وهذه الفكرة ضعيفة عند الأفراد في المجتمعات النامية خصوصا الشباب الصغار وهذا بسبب الخلل في التنشئة الاجتماعية في الأسرة والمدرسة وغيرهما كما أنها قبلا متأصلة أساسا في ثقافة لم تتفهم بعد معنى المجتمع الكبير المشترك. كثير من المواهب والقدرات تذهب هباء لأنها لا تجد طريقا رسميا ومنظما لتأخذ طريقها لخدمة المجتمع والوطن.
كما أن هذه التنظيمات تحقق التوازن بين الحقوق والواجبات عند الأفراد وهذا التوازن هو سمة من سمات الفرد الصالح المفيد لذاته ولمجتمعه والخلل في هذا التوازن شديد التأثير السلبي على المجتمع ولعل الحل العملي المؤسسي لتحقيق هذا التوازن هو توفير القنوات الرسمية لتأهيل الأفراد للقيام بواجباتهم وعيا وممارسة عن طريق الفكرة الرئيسية وهي فكرة الشعور بالشراكة مع كل الأفراد في هذا الوطن الواحد ومن الجهة الأخرى توفير القنوات الميسرة والقانونية لحصول الفرد على حقوقه كاملة. مما يوفر للفرد التوازن الذي يمكّن المجتمع من تحقيق الفائدة القصوى من هذا الفرد.
ويضع البعض شروطا لا يمكن من دونها تحقيق المجتمع المدني بشكله المنتج المحقق لأهداف مشروع النظام الذي يبحثه مجلس الشورى. هذه الشروط يمكن قسمتها إلى شروط مادية وشروط معنوية، أما الشروط المادية فتتحدد في شرطين أولا: المؤسسات المتعددة. ثانيا: الموارد. أما تعدد المؤسسات فقد نص عليها النظام صراحة ووزعها في أربعة تنظيمات: الجمعيات الأهلية - الجمعية العلمية - الجمعية المهنية - المؤسسات الأهلية. وهي تشمل معظم النشاطات التي يحتاجها الأفراد،أما الموارد فهي إما أن تكون ذاتية أو أن تكون حكومية والأصل أن تكون ذاتية وإن كان النظام نص على التمويل الرسمي من قبل الدولة ويجب أن تكون مسألة التمويل مسألة اختيارية فالجمعيات القادرة على التمويل الذاتي تكتفي بذلك أما الجمعيات غير القادرة فلها الحق في التمويل على أن تتم التفرقة بين الاثنتين من ناحية الرقابة والاستقلالية.
أما الشروط المعنوية والأخلاقية لنجاح الجمعيات والمؤسسات الأهلية (المدنية) بحسب القوانين التي تنص عليها معظم الدول هي([13]):
· الشرط الأول : الاستقلال وهو يعني ألا تكون هناك سلطة غير السلطة القضائية قادرة على إصدار الأحكام والأمر بتنفيذها. وهذا ما يمنحه النظام للهيئة الوطنية للجمعيات والمؤسسات الأهلية حيث محنها الحق في حل الجمعيات والمؤسسات وإلغاء انتخاباتها وتغيير مجالسها من نفسها (أي الهيئة) وبعد أن تحل الجمعية أو المؤسسة ويتشتت شملها يحق لها أن تتظلم لديوان المظالم، وهذا عكس المفترض حيث إنه من حق الهيئة إبداء ملاحظاتها والرفع بها للقضاء ليكون هو صاحب الشأن في القرار المصدر خصوصا أن النظام لم يميز بين الأخطاء والتجاوزات وبالتالي فإن سلطة الهيئة تعتبر مطلقة بشكل كبير.
· الشرط الثاني : هو شرط الحرية: وهذا يعني ألا تكون هناك شروط وضوابط تحكم اختيارات الأفراد في الانضمام للجمعيات والمؤسسات وكذلك لنشاطات الجمعيات والمؤسسات غير الضوابط والمقاييس النظامية. ومن اختراقات هذا النظام لهذا المبدأ أنه منع هذه الجمعيات والمؤسسات من المشاركة في اجتماعات خارج الوطن إلا بإذن الهيئة ، وكان من المفترض في رأيي ، أن تتاح الحرية للجمعيات والهيئات أن تشارك في النشاطات الخارجية بحرية وإن كان هناك تجاوزات وملاحظات فعلى الهيئة الرفع بذلك للقضاء.
· الشرط الثالث : هو احترام النظام والقانون العام وهذا اشتراط أساسي فعلى المؤسسات والجمعيات الأهلية الراغبة في العمل المجتمعي، عدم القيام بأي عمل يخل بالنظام العام ووحدة المجتمع وأن تبتعد عن كل ما يثير الطائفية والخلل الأمني ، وهذا الاشتراط لا ينبغي استغلاله لإيقاف كل الأنشطة بدعوى الإخلال الأمني ولذا يجب الفصل بين النشاط السلمي المعلن الواضح وبين الأنشطة العدوانية أو السرية.
· الشرط الرابع : هو الشعور بالمواطنة والانتماء وهذا شرط أصيل في أي عمل مجتمعي لأنه هو الذي سيجعل هذه الأنشطة موجهة لخدمة المجتمع ويبعدها عن الأغراض الذاتية التي قد تتعارض مع مصلحة الوطن والمجتمع والفرد لأن هذا هو الهدف الأساسي من كل هذه التنظيمات .
· الشرط الخامس المعنوي لقيام الجمعيات والمؤسسات الأهلية هو التسامح والتسامح هو الشرط الأساسي ليكون المجتمع مجتمعا مدنيا والتسامح يعني أن يقبل الفرد وتقبل الجماعة وجود أفراد وجماعات أخرى تتشارك معه في الوطن وأن يكون المبدأ هو المشاركة والتعاون وليس الصراع والتناحر وفكرة التسامح يمكن ربطها بمدى استطاعة المجتمع المدني القيام بفاعليته وأهدافه وبدون توفره قد تتحول هذه الجمعيات والمؤسسات إلى سبب للتصارع والفرقة.
المبحث الثالث
أساس الحق في تكوين الجمعيات
والمؤسسات الأهلية
يهدف وجود "مؤسسات المجتمع المدني" إلى تعزيز مشاركة الفرد في إدارة المجتمع مما يعني بالضرورة مشاركته الفعالة في الحياة العامة بحركة حرة تعبّر عن مطالب المواطن عبر قنوات مشروعة تكون على شكل منظمات وجمعيات ومؤسسات وروابط مستقلة (غير حكومية) يكون الانتماء إليها على أساس الاختيار لا الإجبار؛ وبالتالي لا يمكن اعتبارها امتداداً للوزارات والإدارات الحكومية التي يمكن التحكم الكامل في تأسيسها وتمويلها ودمجها أو حتى حلّها وإلغائها، ولذا فإن أي وصاية مشددة على مؤسسات المجتمع المدني ستبعدها بالضرورة عن موقع (الشراكة) الذي من المفترض أن تكون فيه لإدارة المجتمع، وتجعلها تابعة تبعية مباشرة للجهاز الحكومي فتفقد أهدافها الحقيقية التي أهمها التأسيس الصحيح للمجتمع المدني، وبالتالي لا يستطيع المجتمع الجزم بأن ثمة ضوءاً في آخر النفق فيما يخص الحديث عن مؤسسات "المجتمع المدني" إلا بعد اعتماد نتائج مناقشة مشروع نظام القانون الجديد للجمعيات والمؤسسات الأهلية من قبل الجهة التي عينت ممثلة للشعب في المملكة ونقصد بها (مجلس الشورى) الذي يعتبر المؤتمن الأول على مناقشة مثل هذه المشروعات المصيرية التي تختص بتأسيس المجتمع المدني، ولذلك من المهم متابعة رأي الشعب حولها والتأني في دراستها وتقويمها إن لزم الأمر ثم رفعها للحكومة لمصادقة المقام السامي عليها ([14]).
كما أن مشروع تنظيم عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية، يجب ألا يحمل في سياقه القيود التي تتناقض مع غايته: في تطوير العمل الأهلي وتنظيمه، وإشراك المواطن في إدارة المجتمع، والإسهام في التنمية الوطنية، وآلية العمل يجب إلا تفتقر إلى الروح العملية، فيجب ألا توضع في قوالب مقفلة لا تتوافق مع المستقبل المفتوح للتطور الذي دخلت فيه العلاقات داخل المجتمع ، ومع المحيط الإقليمي والدولي، وألا تغفل طبيعة العصر، وأنماط عمله، وآفاق تطورها .
ويجب على السلطة أن تعمل على تحرير وحماية الجمعيات والمؤسسات الأهلية من القيود والإجراءات البيروقراطية، وضمان مبدأ الاستقلال في النشاط الأهلي وحريته، لو اقتصر دور الهيئة على التسجيل والإشراف ومراقبة الانتهاكات التنظيمية ومقاضاة القائمين عليها، وتوسيع وتطوير العمل الأهلي وتشجيعه، لاأن تكون أداة للسيطرة والمنح والمنع، بشكل يفقد الجمعيات والمؤسسات الأهلية قيمة وجودها، ويمنح الهيئة سلطات مطلقة، لم يوفرها نظام الجمعيات الخيرية القديم لوزارة الشؤون الاجتماعية، مع الفارق الكبير بين تلك الفترة وحاجاتها المتواضعة، والزمن الحاضر وتعقيداته، وما يزخر به من متغيرات لها متطلباتها وشروط مجابهتها، وهنا يكمن الخلل في بناء هذا النظام، وفي تصوراته. ([15])
ويجب أن يكون هناك تنسيق بين المجلس النيابي والسلطة الحاكمة في تأسيس مشروع نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية ، لأن الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو التي توصف بالمدنية أو غير الحكومية هي التي ينتظم فيها الأفراد كل حسب حرفته، أو هوايته، أو اهتمامه في خدمة من الخدمات الاجتماعية. وهي مهمة بسبب استحالة أن تكون أي حكومة قادرة على تقديم كل شيء لأفراد المجتمع، وبسبب أن على الإنسان أن يكون عاملاً وليس عالة وأن يتولى أموره المجتمعية بالتساند مع مثيله من خلال بنائهم للجمعيات والمؤسسات التي تحقق لهم تطلعاتهم، فتكون الجمعيات والمؤسسات هي همزة الوصل بين أفراد المجتمع ومؤسسات الدولة الأخرى الحكومية التنفيذية ، والتشريعية والقضائية.
أما السلبيات التي قد تحدث في العلاقة بين الإدارة الحكومية وهذه المؤسسات فهي تدخل الحكومة في الجمعيات والمؤسسات ، رغم أنه من المفترض أن تساهم هذه الجمعيات والمؤسسات في مراقبة أداء الأجهزة الحكومية ومساعدتها على تعزيز ما لديها من إيجابيات وعلى مساعدتها على اكتشاف أوجه القصور لديها ووضع الحلول، لا أن تسمح للسلطة بالتدخل في شؤونها لتقوم بدور المراقب للجمعيات والمؤسسات الأهلية بل والوصي عليها ([16])
لذلك لابد من وجود جهة نظامية تحكم عمل الجمعيات والمؤسسات من خلال الأنظمة واللوائح ولكن بواسطة القضاء وليس بواسطة أي مؤسسة حكومية غيره، لأن فوائد الجمعيات والمؤسسات الأهلية ستتلاشى في ظل وجود جهة حكومية وصية عليها.
لذلك فوجود جمعية مستقلة واحدة يمولها أصحابها خير من ألف جمعية غير مستقلة تمولها الحكومة، كما أن بإمكان الحكومة التبرع للجمعيات المنشأة تبرعاً غير مشروط بغير الشروط التي تحددها لوائح وأنظمة الجمعيات والمؤسسات وفق المعايير الدولية لأنظمة الجمعيات والمؤسسات الأهلية وتطبيقها على مشروع إنشاءها مع ضرورة تعرض هذا القانون لحوار فكري من قبل المجلس النيابي ، وجمهور المثقفين بكافة اتجاهاتهم الفكرية .
ويرى البعض ضروة إنشاء هيئة وطنية مستقلة، تتولى تنظيم ومراقبة الجمعيات والمؤسسات الأهلية ، فبدلا من العمل على تشخيص المشكلات الإدارية، والمالية، وإصلاح الإدارة الحكومية التي تحكم العمل فيها، يتجه البعض إلى: اقتراح إنشاء هيئات حكومية جديدة، لمواجهة أي قصور أو خلل في أداء أي جهاز حكومي لمهامه ومسؤولياته، والتعامل مع أي موضوع آخر مستجِد لكن هذا يسهم في تضخيم الجهاز الحكومي المتضخم أصلا، كما يسهم في زيادة الأعباء المالية على خزينة الدولة.
ومبدأ وجود مجلس للجمعيات والمؤسسات الأهلية، في مشروع الحكومة، يمكن أن يوجّه التوجيه الملائم للإشراف النظامي والتنظيمي، على الجمعيات والمؤسسات الأهلية، إذا تم تطويره، وبلورة أهدافه ومهامه من أعضاء اللجنة، بحيث يكون المجلس بمثابة مجلس إدارة، يتم انتخاب أعضائه من ممثلي الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ويتولى مهام التنظيم والرقابة على الجمعيات والمؤسسات المرتبطة به، والممثلة فيه.
العلاقة بين مجلس الإدارة والوزارة ، لكن يمكن صياغة علاقة هذا المجلس بوزارة الشؤون الاجتماعية، بما يضمن التنسيق والتكامل بينهما، في كل ما يخدم هذه الجمعيات والمؤسسات الأهلية، ويسهم في تطويرها وتحقيق أهدافها، على نمط علاقة التنسيق والتكامل القائمة حالياً، بين مجلس الغرف التجارية والصناعية، ووزارة التجارة والصناعة([17]).
فالمجتمع وفق قانون هذه المؤسسات سوف يواجه هيئة حكومية مطلوب منها أن تمنح المجتمع الحق المطلق بممارسة دوره بشكل مطلق كما يريد أو يتوقع وخاصة أن الدور الحقيقي لمثل هذه الهيئة يقوم على دعم ثقافة المجتمع المدني وتشجيعه في المجتمع بشكل عام.
وهذا التنظيم يركز على محاولة فرض نظام للأعمال التطوعية الخيرية مثل جمع الأموال وتوزيعها تحت مسميات العمل الأهلي التطوعي الخيري، فالمجتمع يمكن أن يقيم علاقة تفاعلية مع العمل المدني تحت إدارة السياسة وبقبول المجتمع ويمنحان بعضهما قوة تفاعلية أساسية لتطوير المجتمع في هذا الاتجاه، ولكن ذلك يجب أن يراعي فئات المجتمع من حيث نوع العمل الأهلي أو التطوعي، كما يجب أن يشير التنظيم إلى دور المرأة وكيفية انخراطها في تلك الجمعيات أو المؤسسات.
فمؤسسات المجتمع المدني تزيد من وضوح طبيعة العلاقة بين الأنساق الاجتماعية بما فيها السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولذلك فإن صياغة الأنظمة والقوانين الخاصة بتنظيم المجتمع المدني يجب أن تخضع لمراجعة دقيقة حتى لا تتحول إلى قضية منهجية تحكمها القوانين فقط دون تدخل الثقافة ودورها في تشكيل الفرد وقيمه السياسية، وإذا كانت القضية من سن تلك القوانين إحداث عملية تغيير اجتماعي فإنه وعلى حد قول أحد الباحثين "لا يمكن إدخال التغيير الاجتماعي عبر القوانين ما لم يكن أيضا مدعما بالقيم"، وهذا ما نحتاجه من دعم لقيم المشاركة والتفاعل الحقيقي من المجتمع([18])
وإذا تعذر استمرار المؤسسة الأهلية في أداء رسالتها أو تحقيق أغراضها المحددة في نظامها الأساسي أو ما في حكمه، يجوز حل المؤسسة الأهلية بموجب قرار من المؤسس أو المؤسسين، المخصصين لأغلبية رأسمال المؤسسة، ما لم يرد النظام الأساسي أو ما في حكمه نسبة أكبر، وفي حالة عدم وجود المؤسسين يكون قرار الحل بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس الأمناء، ويجب على المؤسسين أو مجلس الأمناء في هذه الحالة إخطار الجهة الإدارية المختصة قبل اتخاذ قرار الحل بمدة شهراً على الأقل. ([19])
وفي حال اتخاذ قرار الحل يجب مراعاة الأحكام المقررة في حل الجمعيات المنصوص عليها في الباب الخامس من اللائحة التنفيذية. ويؤول ناتج التصفية إلى صندوق إعانة الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو أحد فروعه. ما لم يرد نص بلائحة النظام الأساسي أو ما في حكمه، بشأن أيلولة تلك الأموال.
كما يجوز حل المؤسسة الأهلية بقرار مسبب من وزير الشئون الاجتماعية بعد أخذ رأي الاتحاد العام ودعوة المؤسسة لسماع أقوالها إذا توفرت دلائل جدية على ممارسة المؤسسة نشاطاً من الأنشطة المحظورة التي يحددها القانون.
ويجب أن يتضمن قرار الحل تعيين مصف أو أكثر لمدة وبمقابل يتم تحديده، ويجوز لوزير الشئون الاجتماعية الاكتفاء بإصدار قرار مسبب بعزل مجلس الأمناء أو بوقف نشاط المؤسسة أو إلغاء النشاط المخالف بدلاً من حل المؤسسة.
ولكل ذي شأن الطعن على القرار الذي يصدره وزير الشئون الاجتماعية أمام محكمة القضاء الإداري وفقاً للإجراءات والمواعيد المحددة لذلك ودون التقيد بأحكام المادة (7) من القانون من حيث وجوب الالتجاء إلى لجنة فض المنازعات قبل رفع الدعوى، ويعتبر من ذوى الشأن في خصوص الطعن أي من أعضاء مجلس الأمناء أو أي من مؤسسي المؤسسة.
ويجب على المصفي أن يلتزم بلوائح القوانين التي أسست بوجبها المؤسسة بشأن ما يتبعه عند حل المؤسسة ووجود منحة أجنبية ضمن أموالها فيجب عليه إتباع ما ورد بالاتفاقية أو المنحة من شروط أيلولة الأموال وإخطار الجهة المانحة ولو خلت الاتفاقية من نص ينظم ذلك آلت الأموال إلى صندوق إعانة الجمعيات والمؤسسات الأهلية أو أحد فروعه.
وتكون دعوة المؤسسة لسماع أقوالها تمهيدا لإصدار قرار وزير الشئون الاجتماعية بحلها بخطاب مسجل بعلم الوصول على عنوان المقر الرئيسي للمؤسسة باسم رئيس مجلس الأمناء أو المؤسس بحسب الأحوال لدعوته أو من يفوضه للاجتماع مع الجهة الإدارية.
ويجب أن يبين بخطاب الدعوة ملاحظات الجهة الإدارية والموعد والمكان المحدد لسماع أقوال المؤسسة، وأن عدم حضور ممثل المؤسسة في الزمان والمكان المحددين يعد بمثابة إقرار من المؤسسة بصحة ما ورد بالخطاب من ملاحظات الجهة الإدارية.
ويجوز دمج المؤسسة الأهلية في مؤسسة أخرى وفقا للشروط الآتية([20]):
1. بطلب من المؤسس أو المؤسسين المخصصين لأغلبية رأسمال المؤسسة، ما لم يرد نص بلائحة النظام الأساسي أو ما في حكمه نسبة أكبر، وفي حال عدم وجود المؤسس أو المؤسسين يكون قرار الدمج بموافقة الأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس الأمناء.
2. موافقة المؤسسين أو مجلس أمناء المؤسسة المطلوب الاندماج فيها.
3. إخطار الجهة الإدارية المختصة بطلب الاندماج متضمنا موافقة المؤسسين أو مجلس الأمناء بحسب الأحوال.
4. تصدر الجهة الإدارية قرار الدمج في خلال ثلاثين يوما من تاريخ إخطارها بالطلب.
لكن احتفظت بعض الجمعيات الأهلية باستقلالها عن الدولة مثل الجمعيات في مصر منذ بداية نشأتها في 1821 وحتى عام 1939، حيث بدأ تدخل الدولة في أنشطة الجمعيات إلا أن الجمعيات قبل وضع أو سن أية قوانين كانت محكومة بالعقد المحرر بين الأعضاء المؤسسين لها، والذي كان يعتبر في ذلك العصر "قانون الجمعيات" حيث كان يحدد العقد أغراض الجمعية ويتولى تنظيمها ويحدد أسلوب أدائها([21]).
وتخضع العلاقة بين السلطة السياسة و الجمعيات الأهلية للتطورات المرحلية فعلى سبيل المثال تطورت في مصر منذ منتصف القرن العشرين من خلال ثلاثة قوانين أساسية هي:
1- القانون رقم 32 لعام 1964
ويمكن بإيجاز شديد الإشارة إلى ثلاثة أبعاد هامة، تضمنها القانون رقم 32 لعام 1964، تركت بصماتها لمدة خمسة وثلاثين عاماً على دور الجمعيات ومشاركة المواطن من خلالها. وهذه الأبعاد تتمثل فيما يأتي:([22])
أ- رقابة الدولة على تكوين الجمعيات
تنص المادة الثامنة من القانون 32 لعام 1964 على أنه: "لا تثبت الشخصية الاعتبارية للجمعية إلا إذا شهر نظامها وفقاً لأحكام هذا القانون". وهنا حدد القانون سابق الذكر إجراءات عديدة لإشهار الجمعية، والمستندات والوثائق المطلوبة، ومواعيده، وإمكانية التظلم، كما حدد التشريع الحالات التي يجوز فيها لجهة الإدارة أن ترفض شهر الجمعية، ويلاحظ أن التظلم من قرار رفض إنشاء الجمعية يقدم إلى الجهة الإدارية، وهو ما يعني توفير الحق لجهة واحدة لكي تكون حكماً وقاضياً في نفس الوقت.
ب-الرقابة على نشاط الجمعيات
تتعدد صور الرقابة الإدارية على الجمعيات، بعضها رقابة سابقة. وبعضها الآخر رقابة لاحقة. من نماذج الأولى حق الجهة الإدارية في الاطلاع على الوثائق والمكاتبات والسجلات الخاصة بها، ورقابة الميزانيات وكيفية إيداع أموال الجمعيات، وتصرفاتها القانونية. ومن أخطر صور هذه الرقابة ما تنص عليه المادة 27 من القانون 32 من إقرار حق الجهة الإدارية في فحص أعمال الجمعية من خلال مفتشين تعينهم. أما الرقابة اللاحقة فهي تعني سلطة الإدارة في التدخل في قرارات الجمعيات بعد صدورها، سواء بإلغاء أو إبطال أو وقف التنفيذ (م/ 37). من نماذج هذه الرقابة أيضاً حق وزير الشئون الاجتماعية في تعيين ممثل للوزارة،وممثل لكل هيئة من الهيئات الإدارية المعنية، أعضاء في مجلس إدارة الجمعية (المواد 46، 47).
ج- سلطة حل الجمعيات ودمجها
تعتبر هذه السلطة أخطر صور تدخل الإدارة في عمل الجمعيات، لأنها تعني إنهاء الوجود القانوني والمادي للجمعيات بواسطة قرار إداري (وليس حكماً قضائياً). فالقانون يجيز حل الجمعية بقرار مسبب من وزير الشئون الاجتماعية، بعد أخذ رأي الاتحاد المختص في أربعة أحوال: أولها، إذا ثبت عجز الجمعية عن تحقيق الأغراض التي أنشئت من أجلها، وثانيها، إذا تصرفت في أموالها في غير الأوجه المحددة لها طبقاً لأغراضها، وثالثها: إذا تعذر انعقاد جمعيتها العمومية عامين متتاليين، ورابعها، إذا ارتكبت مخالفة للقانون أو إذا خالفت النظام العام أو الآداب، ويضاف إلى سلطة الحل، سلطة أخرى، وهي إدماج الجمعيات في أخرى ومصادرة أموالها (المادة 29).
وعلى هذا الأساس تخضع العلاقة بين هذه المؤسسات والجمعيات إلى شكل النظام السياسي فإذا كان ديكتاتوريا فإنه يتدخل فيها بشكل كبير ، أما إذا كانديمقراطيا فيتيح لها حرية الحركة من دون تدخله ، فيتناسب استقلالها وفقاً لذلك مع شدة الديمقراطية في النظام السياسي أي الإدارة .
رقابة الإدارة على الجمعيات
والمؤسسات الأهلية في الجزائر
بالرغم من قلة الجمعيات الأهلية في دول جنوب حوض البحر المتوسط لكن لها أدواراً كبيرة وتلعب دور الوسيط الاجتماعي في حياة بلاد المغرب العربي حيث ضربت الأزمة الاقتصادية الأجيال الشابة. ، وقد زادت بدرجة كبيرة احتياجات المسئولين عن الجمعيات الأهلية في الجزائر للتدريب والاتصال بشبكات وتبادل المعرفة بعد أحداث التسعينات التي وضعت حياة الجمعيات الأهلية في محنة صعبة وزاد حدة الإحساس بالعزلة . فقد قادت مؤسسة رينيه سيدو من عام 1997 إلى عام 1999 برنامجاً لورش العمل والتي كان من أحد أهدافها تشجيع التبادل ونشاطات المساندة بين الجمعيات الأوروبية والجزائرية .وقد تم تحقيق ذلك البرنامج بالدعم من برامج الاتحاد الأوروبي ( برنامج ميدا ديموقراطية) والتعاون بين العديد من الشركاء (المؤسسة الجنوبية ، بمدينة أرل ، المؤسسة الأوروبية للثقافة بأمستردام ، عمدية بولونيا وجمعية كازا دي ديريتي سوسيالي بروما) وقد تكون البرنامج من محاضرات ومناقشات وزيارات عملية
وقد عانت الجزائر من الاستعمار الفرنسي باعتبارها محافظة فرنسية حتى تاريخ استقلالها في 5 تموز 1962، واقتصرت حركة تكوين الجمعيات في الجزائر خلال مرحلة الاستعمار على النخبة من الأوروبيين علاوة على أن العديد من الجمعيات تم تشكيلها اعتبارا من العشرينات وفق القانون الفرنسي لعام 1901 المتعلق بحرية الاجتماع. بالتالي تم تأسيس العديد من الجمعيات الرياضية الاسلامية و الجمعيات الثقافية أو الموسيقية و ازدهرت هذه الجمعيات في المدن الجزائرية في ظل أحكام القانون الاستعماري. حتى إن بعض هذه الجمعيات مثل جمعية الكشافة المسلمين احتضنت حركة التحرير الوطنية.
ويعبر أول دستور للجمهورية الجزائرية الصادر عام 1963 عن رغبة النظام في منح الحريات كاملة بما فيها حرية الصحافة و الاجتماع و التعبير و التدخل في (المادة 19). و لكن هذا لايمنع الحكومة من حل الجمعيات و منع الأحزاب السياسية و غلق الصحف مما يكشف عن نوايا الحكومة المستقبلية ( منذ 1964 قام أعضاء الحزب الوحيد بالترويج لهذه السياسة و التي تم تكريسها بعد ذلك في الميثاق الجزائري ). فالقرار الصادر بتاريخ 3 كانون الأول 1971 اشترط الحصول على موافقة مسبقة على إنشاء الجمعية من قبل رئيس البلدية المسؤول عن منح هذا الترخيص. يمكن رصد سببين لإصدار مثل هذا قانون التعسفي : إعلان الثورة الزراعية و استملاك الأراضي الخاصة و التي خشيت الحكومة من قيام الريفيين ضدها مثل رابطة المارابو الدينية و المتمكنة من الوسط الريفي و الشوشرات الجامعية عام 1970 و 1971 في الجزائر العاصمة و اوران. وان الخوف من هذه الفئات كان الدافع لقيام سياسية قمعية تقيد عمل الجمعيات. و لم ينج من هذه الرقابة الإدارية التعسفية أي نوع من الجمعيات بما فيها جميع الجمعيات الثقافية و الاجتماعية و الفنية التي تم وضعها تحت الرقابة الدائمة لرؤساء البلديات أو وزارة الداخلية.
أما الدستور الصادر عام 1976 و الذي تم إصدارة في ظل الميثاق الوطني اشد صلابة من سابقه الصادر عام 1963 فهو بنص على ان حرية الاجتماع معترف بها و ليست مكفولة كما كان ينص الدستور السابق. و بالتالي فقد واجهت الجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان من حدة القانون و قيوده و تدخل الحكومة في جميع نشاطاتها. و لقانون النافذ اليوم فهو القانون الصادر بتاريخ 4 ديسمبر. و قد سبقه قانون خاص بالجمعيات ذات الطابع السياسي بتاريخ 5 يوليو 1989. وحديثا وقعت الحكومة الجزائرية على الاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري ، و تم تبني هذه الاتفاقية من قبل الجمعية العامة بالإجماع بتاريخ 20 كانون الأول 2006. علما أن هذه الاتفاقية هي أداة جديدة تسمح للجمعيات الجزائرية بنشر ما تتعرض له خارج الجزائر و خصوصا فيما يتعلق بالحبس التعسفي أو السري الممارس في الجزائر.
وفي عام 1964 قامت السلطات الجزائرية بتقييد الروح التحررية للقانون الصادر عام 1901، فأصدرت مرسوم الثاني شهر آذار لعام 1964 تحظر على الجمعيات التي تمارس تحت ستار النشاطات الاجتماعية و الثقافية و الفنية فعاليات ذات أهداف سياسية و التي تشكل اعتداء على امن الدولة الداخلي او الخارجي). بالتالي تم هجر عشرات السنين من حرية الاجتماع و تم تبني قانون يفرض قيود كثيرة على هذه الحرية.كان من المتوجب انتظار ربيع عام 1980 و من ثم المظاهرات الشعبية بتاريخ 5 أكتوبر 1988 من اجل زعزعة الحزب الأوحد، حيث شهدت البلديات منذ يداية الثمانينات تدفق مئات الملفات المتعلقة بجمعيات ثقافية و العاملة في حقل الدفاع عن اللغة و الثقافة البربرية.
في نفس الوقت تمت ولادة حركة متحررة في صدر الحزب الأوحد بهدف تقليص دور الدولة من اجل مستقبل أفضل. في شهر تموز 1987 قام وزير الداخلية بالدفاع عن مشروع قانون في البرلمان متعلق بالجمعيات في مواجهة أعضاء برلمان التابعين للحركة التحررية و الذين كانوا معارضين للتعددية الاجتماعية و الثقافية. وسرعان ما تم تبني هذا التعديل تم إدماجه بتاريخ 4 أكتوبر 1990 ، بالقانون رقم 31-90 النافذ حاليا. شجع هذا القانون تكاثر الجمعيات. علاوة على المجالات التقليدية الرياضية و الثقافية و الاجتماعية و الدينية و الخيرية تشكلت جمعيات عاملة في مجال التطوير المستمر و البيئة و حقوق الإنسان. تمت الانتخابات البلدية في حزيران 1990 أول انتخابات ديمقراطية للجزائر المستقلة و التي فازت بها الجبهة الإسلامية للسلام و التي تقوم على الجمعيات الدينية المسؤولة ببناء أو إدارة المساجد.
بعد هذه الفترة من الديناميكية الكبيرة ، والرخاء التي تمعت بها للجمعيات الاجتماعية ، فان عددا كبيرا من هذه الجمعيات عانت بعد ذلك من الركود نتيجة للحرب الأهلية و التي أعقبت فوز الجبهة الإسلامية بالانتخابات البرلمانية في عام 1991 و التي أودت بحوالي مائتي ألف قتيل ، فتم إعلان حالة الطوارىء بتاريخ 9 شباط 1992 بمرسوم رئاسي لمدة 12 شهر و تحولت عام 1993 إلى مدة غير محددة و إن إعلان حالة الطوارىء قد منح السلطات و خاصة العسكرية صلاحيات كبيرة كان لها تأثير سيء على حرية الاجتماع ، حيث تم حظر المظاهرات بحجة حماية النظام العام، كما تم حظر الاجتماعات العامة و بعض الجرائد.
وقد اعتزمت الحكومة الجزائرية الاستفادة من الجمعيات والمؤسسات الأهلية لتحقيق مشاريعها التنموية فعلى سبيل المثال في إطار تطويرها للعلم وخفض نسبة الأمية إلى النصف بحلول عام 2015، من خلال برنامج لتعليم ما لا يقل عن 3.5 ملايين شخص في الفترة المذكورة وذلك في إطار عشرية الأمم المتحدة لمحو الأمية ، وهذا ما أكده وزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد على هامش ملتقى حول محو الأمية وتعليم الكبار في الجزائر بحضور مديرة مكتب اليونسكو الإقليمي ببيروت نور الدجاني ، كما أكد بن بوزيد أن الجزائر تملك الموارد المادية المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، وأن إرادة الدولة قوية في خفض نسب الأمية بين الجزائريين، تمشيا مع التطورات التي حصلت في البلاد بجميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة ، وقد أشار الوزير إلى النتائج المشجعة التي تحققت في الفترة القليلة الماضية بفضل الإصلاحات التي أدرجت في المنظومة التربوية، وتخصيص الدولة إمكانيات مادية هامة لقطاع التعليم ومنه محو الأمية وتعليم الكبار، حيث انخفضت نسبة الأمية من 26.5 % عام 2000 إلى 22% سنة 2005 بينما كانت تلك الظاهرة متفشية عند خروج الاحتلال الفرنسي عام 1962 بنسبة 85% ، وشدد وزير التربية الوطنية على دور الجمعيات الأهلية في مكافحة الأمية ونشر التعليم في أوساط المجتمع الضعيفة والنائية التي لا تتوفر لها إمكانيات التعليم بطريقة منتظمة وعادية. ودعا الجمعيات العاملة في مجال محو الأمية إلى التنسيق مع الوزارة لتنفيذ المخطط والوصول إلى النتائج المرجوة ، وأوضح أنه إلى جانب الدعم المالي الذي توفره الدولة في إطار الإصلاحات الجارية، تنوي الحكومة طلب تمويل من اليابان لمشروع جديد لمحو الأمية، بانتهاء البرنامج الذي أنجزه خبراء التربية الجزائريون بالتعاون مع اليونسكو لمدة ثلاث سنوات وأعطى ثمرة طيبة، على حد تعبير الوزير ، وأعلن أيضاً أن مبالغ مالية إضافية سترصد لتعزيز إمكانيات الوزارة في مشاريع محو الأمية وتعليم الكبار لتوفير المكونين والوسائل البيداغوجية المطلوبة لإنجاز هذه المهمة في أحسن الظروف، وتحقيق الأهداف المتعلقة بتعليم 3.5 ملايين شخص القراءة والكتابة خارج إطار التعليم النظامي.
المبحث الأول
رقابة الإدارة على تأسيس الجمعيات
والمؤسسات الأهلية
نص القرار لعام 1971 على أن الجمعية لا تعتبر نظامية قبل الحصول على ترخيص من البلدية أو الوزارة. هذا القرار منع قيام عدد كبير من الجمعيات و التي تم اعتبارها ضارة من قبل السلطات ، وعدل هذا القانون وفق المادة 7 من القانون رقم 31-90 لعام 1990 والتي تنص تنص على أن الجمعية من اجل اعتبارها نظامية يجب أن تتقيد ب :
- إيداع طلب التصريح لدى السلطات المختصة
- الحصول على إيصال بالتسجيل خلال مدة أقصاها 60 يوم من تاريخ الإيداع
- نشر قرار تأسيس الجمعية في الجريدة الرسمية.
وقد شكل نص الوفاق الوطني و ميثاق السلام و المصالحة الوطنية المتبنى باستفتاء في عامي 1999 و 2005 ضربة إضافية للجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان، فلم يكتف الميثاق فقط بعدم إطلاق سراح عدد كبير من منتهكي حقوق الإنسان و المجرمين بموجب القانون الجزائي ، و لكنه وفي المادة 46 من القرار 01-06 بتاريخ 27 شباط 2006 نص أيضا على انه : ( يعاقب بالحبس من 3 إلى 5 سنوات و غرامة 250000 دينار جزائري كل من يقوم عن طريق تصريح مكتوب أو غير مكتوب و كل من يحاول استغلال جروح المأساة الوطنية بهدف الإساءة إلى مؤسسات الجمهورية السلطات الجزائرية المحلية و الوطنية تتدخل بشكل مباشر من اجل الحصول على دعم صريح في الخيارات السياسية للحكومة. و هكذا فان الجمعيات الوطنية لأهالي ضحايا الإرهاب ا ثم دعوتهم بشكل حازم إلى تبني قرارات داعمة لما تم تسميته المصالحة الوطنية و إلى هجر الخطابات المتطرفة ضد الإسلام. علاوة على ذلك فان ميثاق السلم و المصالحة الوطنية و نصوصه التطبيقية متعارضة مع مبادىء الميثاق الدولي للحقوق المدنية و السياسية و التي صادقت عليه الحكومة الجزائرية.
كما أن السلطات الجزائرية المحلية و الوطنية تتدخل بشكل مباشر من اجل الحصول على دعم صريح في الخيارات السياسية للحكومة. و هكذا فان الجمعيات الوطنية لأهالي ضحايا الإرهاب تم دعوتهم بشكل حازم إلى تبني قرارات داعمة لما تم تسميته المصالحة الوطنية و إلى هجر الخطابات المتطرفة ضد الإسلام. علاوة على ذلك فان ميثاق السلم و المصالحة الوطنية و نصوصه التطبيقية متعارضة مع مبادىء الميثاق الدولي للحقوق المدنية و السياسية و التي صادقت عليه الحكومة الجزائرية.
لكن يفرض قانون الطوارئ لسنة 1992 والأوامر الحكومية المصاحبة له بعض القيود على حق الاجتماع الذي يكفله الدستور، وتم عرض "قانون الوئام الوطني" على البرلمان، كجزء من سياسة المصالحة الوطنية التي انتهجها الرئيس بوتفليقة، في 13 يوليو 1999، ثم تمت الموافقة عليه عن طريق استفتاء عام في 16 سبتمبر 1999، ولكن حالة الطوارئ ما تزال قائمة رغم إقرار "ميثاق للسلم والمصالحة الوطنية" باستفتاء عام في 29 سبتمبر 2005. وينص الميثاق على اتخاذ تدابير ملموسة لوقف إراقة الدماء وإرساء السلام في الجزائر. كما ينص على تعليق الملاحقات القضائية بحق كل الذين أوقفوا أنشطتهم المسلحة وسلموا أنفسهم للسلطات منذ 13 يناير عام 2000 تاريخ انتهاء مفعول قانون الوئام المدني، ويستثنى من العفو من ارتكبوا مجازر جماعية أو عمليات اغتصاب أو اعتداءات بالمتفجرات في أماكن عامة. ويقضي المشروع أيضا بإبطال المتابعات القضائية بحق الأفراد المطلوبين داخل الوطن وخارجه أو المحكوم عليهم غيابيا الذين يمثلون طوعا أمام الهيئات المختصة([23]).
كما يجب حصول جميع المنظمات غير الحكومية على ترخيص من وزارة الداخلية، وللوزارة سلطة حل أي حزب سياسي. ويحظر القانون على الاتحادات والنقابات الارتباط بالأحزاب السياسية، كما يمنعها من الحصول على تمويل من مصادر أجنبية، وللمحاكم سلطة حل الاتحادات والنقابات.
كما يعتبر "القانون العضوي الذي يحكم الأحزاب السياسية"، بصيغته المعدلة في مارس 1997، أحد القوانين الأساسية المتعلقة بالنشاط التنظيمي في الجزائر. وتنص المادة 3 من هذا القانون على امتناع الأحزاب السياسية أثناء القيام بأنشطتها عن استخدام الهوية الإسلامية أو العربية أو الامازيغية (البربرية) لأغراض حزبية، وعلى الأحزاب السياسية التزام مبادئ ثورة 1954 ونبذ العنف، واحترام الحريات الفردية والجماعية وحقوق الإنسان، والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية، والالتزام بالتعددية السياسية. كما تمنع الأحزاب من إقامة علاقات مع الدول والاتحادات العمالية والهيئات المدنية الأجنبية. سيطرت جبهة التحرير الوطني، وهي أكبر حزب في البلاد، على القيادة السياسية في الجزائر منذ الثورة الجزائرية. ولكن هذه الجبهة تعرضت للانشقاق سنة 2003 بعد تأييد بعض أعضائها للرئيس بوتفليقة وتأييد أعضاء آخرين لرئيس الوزراء السابق علي بن فليس الذي انتخب أمينا عاما للجبهة في مارس بعد إقصائه عن رئاسة الوزارة. كما أن جبهة التحرير الوطني رشحته باسمها لخوض الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2003، وأعلنت الغرفة الإدارية لمحكمة الجزائر، استنادا إلى القانون الجزائري، بطلان مؤتمر جبهة التحرير الوطني في تشرين الأول/أكتوبر 2003 وقامت بتجميد حسابات الجبهة. وجاء تدخل القضاء في الخلاف الداخلي للجبهة نيابة عن الجناح المؤيد لعبد العزيز بوتفليقة، ويعطي هذا التدخل مثلا على عدم وجود فصل حقيقي بين السلطات في الجزائر[24].
لكن يسمح القانون 31-90 الآن للجمعيات بالحصول على موارد أخرى غير مساهمات الأعضاء ، و تنص المادة 26 على أن موارد الجمعيات تشمل مساهمات الأعضاء و موارد نشاطاتها و الهبات و المنح و المعونات المقدمة من الدولة و من المحافظات و النواحي ، كما يمكن للجمعية الحصول على الأموال عن طريق الجمع من العموم بشرط احترام القانون و الأحكام النافذة. كما يجب بعد كل عملية جمع إعلام السلطات العامة بذلك ، إلا أن الجمعيات المعلنة بصفة جمعية ذات مصلحة عامة لا يحق لها استعمال المعونات المقدمة لها من قبل الدولة في غير المجالات المحددة لها إلا بأذن كما تشير (المادة 30 و 31 من القانون 31-90)
وتنص المادة 46 على عقوبات جزائية بتهمة خيانة الأمانة لكل استعمال لأموال الجمعية لمصالح شخصية غير المحددة لها في نظامها الأساسي ، لكن يحق للجمعيات مطالبة بتقديم جميع المعلومات المتعلقة بأملاكها بشكل عام ، و وضعها المادي إلى السلطات العامة بموجب (المادة 18) ويعتبر رفض تقديم هذه المعلومات معاقب عليه بغرامة 2000 دينار (المادة 47).
لكن على الجمعيات الراغبة بالحصول على معونات أو منح من جمعيات أجنبية الحصول على الموافقة المسبقة من السلطات العامة مع إثبات المصدر و المبلغ و اتفاق ذلك مع أهداف الجمعية.
يحظر على الجمعيات الحصول على تمويل ناتج عن نشاطات غير المحددة لها في نظامها الأساسي.
وللجمعيات الحق في المعونات المقدمة من الدولة أو المحافظة أو الناحية، و لكن يبقى ذلك محدودا جدا بسبب النقص المالي و نقض الشفافية في هذه المسائل و التي تعود إلى غياب الإعلان حول طرق منح هذه المعونات.
ولا في يوجد المادة 24 من القانون 31-90 أي بند يحظر على الجمعيات ممارسة التفرقة بين أعضائها، تم الإشارة إلى أن مشاركة النساء في هيئات الإدارة لا تتجاوز 16% في القانون رقم 31-90 لعام 1990 كما يقول القانون رقم 31-90 بتاريخ 4 ديسمبر 1990 المتعلق يحرية التجمع. أي نص يسمح بتشكيل الجمعيات بشكل حر، و بالتالي فان الجمعيات غير المصرح بها غير مسموح بها. عمليا فان القيود المفروضة على الجمعيات في الجزائر أخذت طابع مؤسساتي مثل جمعية المختفيين و التي تم رفض تسجيلها و آخر رفض كان عام 2003 خلال طلب تنظيم رئيس قسم خدمات التنظيم للولاية في الجزائر العاصمة([25]).
لكن المادة 9 و 23 من القانون 31-90 تنص على بعض التفاصيل المتعلقة بنظام الجمعية التي يجب توافرها بالإضافة إلى لائحة الأوراق التي يجب تأمينها تحت طائلة عدم مشروعية الطلب ، وحتى هذا اليوم تقوم البلدية بمنح نظام مطبوع و محضر مسبقا([26]).
ويتم إيداع الطلب إما لدى البلدية من اجل الجمعيات المحلية و إما لدى وزارة الداخلية من اجل الجمعيات العاملة على مستوى المحافظات أو على المستوى الوطني. في حال أن السلطات قررت عدم مشروعية الجمعية خلال مدة 60 يوما فلها الحق بالاعتراض أمام الغرفة الإدارية لمحكمة الاستئناف خلال مدة أقصاها 8 أيام و ذلك قبل مدة أل 60 يوم المقررة، و في حال عدم الاعتراض أمام محكمة الاستئناف تعتبر الجمعية مؤسسة. أما عمليا ، فقد تم إعلان عدم مشروعية العديد من الجمعيات على الرغم من أن البلدية لم تلجأ إلى محكمة الاستئناف. بالمقابل فان الجمعيات المؤسسة قبل القانون 31-90 لعام 1990 أصبحت ملزمة بطلب إيصال جديد بالتسجيل بحجة تسويات مالية غير معللة.
وقد توصل التحقيق الذي تم إنجازه على 446 جمعية موزعة على 24 محافظة(ولاية) إلى نتيجة : من اصل 75000 جمعية مصرح بها من قبل وزارة الداخلية فقط 1500 جمعية ناشطة على الصعيد الوطني، يكشف التحقيق أيضا بان الجمعيات المسيطرة هي الجمعيات التي لها علاقة بالسلطات العامة بهدف التعاون و دعم للسلطة ، لكن لا يوجد طرق طعن باستثناء تلك المنصوص عليها (بلدية أو وزارة الداخلية) المتعلقة بإعلام الجمعية برفض التسجيل
رقابة الإدارة على نشاط الجمعيات
والمؤسسات الأهلية
رسميا لا يوجد أي تدخل و لكن في الواقع فان الجمعيات الوطنية الناشطة و التي لها مقار و منشورات هي التي يتم التأثير عليها بشكل كبير من قبل التيارات الحكومية لكن تشرف "وزارة الداخلية والتعاونيات المحلية" على نشاط الجمعيات الأهلية الجزائرية، ويفرض على العمال تقديم طلب للحصول على ترخيص بتأسيس نقاباتهم. ويفرض قانون النقابات العمالية لسنة 1999 على وزارة العمل إعطاء موافقتها على طلب أية نقابة خلال 30 يوما.
وتضم الاتحاديات المهنية الجزائرية الرئيسية: جمعية كبار الموظفين الإداريين، الاتحاد العام للناشطين اقتصاديا، والاتحاد الجزائري لرجال الأعمال. ومن الجماعات الاقتصادية الأخرى غرفة التجارة والصناعة الجزائرية وغرفة التجارة والصناعة الفرنسية في الجزائر. كما أسست في الخارج عدة جمعيات وهيئات جزائرية.
كما يضم الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وهو الاتحاد العمالي الأم، عددا من النقابات الوطنية المنظمة حسب القطاعات الاقتصادية. ويوجد أيضا بعض النقابات المستقلة، مثل نقابة طياري الخطوط الجوية الجزائرية، ونقابة فنيي المطارات، ونقابة المعلمين. وتقدم "اتحاد النقابات المستقلة" بطلب ترخيص إلى وزارة العمل. ويواصل هذا الاتحاد نشاطه من دون أن يكون له أي وضع رسمي، لكنه لم يلتزم مثلا الإضراب العام الذي دعا إليه الاتحاد العام للعمال الجزائريين في فبراير 2003.
وقد أنشط جماعات حقوق الإنسان المستقلة جماعتان هما: "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" و "الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان". وقامت الحكومة سنة 1992 بتأسيس "المرصد الوطني لحقوق الإنسان" ومهمته تقديم التقارير إلى السلطات الرسمية حول انتهاكات حقوق الإنسان. ويعدّ هذا المرصد تقريرا سنويا يتضمن توصيات للحكومة[27].
وبالنسبة للإعلام والأنظمة الحكومية فتتولى وزارة الإعلام والثقافة تنظيم حرية الصحافة. وينص قانون صدر سنة 1990 على أن حرية التعبير يجب أن تكون في إطار احترام "الكرامة الفردية، وضرورات السياسة الخارجية والدفاع الوطني". وأصدرت الحكومة سنة 1994 مرسوما يسمح للصحف المستقلة بنشر المعلومات الأمنية المنقولة فقط عن البيانات الحكومية الرسمية التي تبثها "وكالة الصحافة الجزائرية" التابعة للحكومة. وتتباين درجة التزام الصحف المستقلة بهذا الأمر الرسمي. وعلى الرغم من التعديلات التي أدخلت على القانون الجزائي سنة 2001 والتي تهدد الصحافيين بغرامات كبيرة وبالسجن حتى 24 شهرا إذا "أهانوا" الشخصيات الحكومية أو شوهوا سمعتها، فإن الصحافة الجزائرية حرة نسبيا.
والمهتمون بحركة الجمعيات في الجزائر، يرسمون صورة متشائمة للوضع الراهن ويشيرون بالخصوص إلى القيود المفروضة قصدا و التي تعيق تطور المجتمع المدني واستقلاليته وقدراته . فالجمعيات تابعة بشكل كبير ومتزايد للسلطات العامة ، وبعضها تقوم بدعم هذا أو ذاك من المسؤولين السياسيين و بالتالي تتحول الجمعية إلى مجرد وسيلة دعاية، و في الواقع الجمعيات الوطنية مربوطة دائما بشبكة من الزبائن من هذا النوع. إما الجمعيات التي تختار طريق المواجهة و الدفاع عن حقوق الإنسان فهي مهمشة و قليلة العدد وغالبا ما تخضع للرقابة الدائمة كونها لا تدخل في المجالات المتوافقة مع أهداف الحكومة.
فالمادة 7 من القانون رقم 31-90 لعام 1990 تنص فقط على رقابة تتعلق بالتوافق مع أحكام القانون.، مع ذلك ، تنص المادة 4 على أن طلب التسجيل يمكن رفضه إذا كان الأعضاء([28]) :
- من جنسية أجنبية
- لا يتمتعون بحقوقهم المدنية- إذا كانوا يتمتعون بسلوك مخالف لمصالح النضال من اجل التحرر الوطني. و هي طريقة من اجل تأخير أو رفض تشكيل الجمعية بالإضافة إلا أن أغلبية الممثلين في الجمعيات يقل عمرهم عن 30 عام.بشكل عام فان الإدارة تنظر بكل حالة على حدا ، و غالبا ما تعمل استنادا إلى تعليمات وزارة الداخلية. الصحافة الجزائرية منحت الفرصة أكثر من مرة إلى من لم يتم منحهم الإيصال بالكلام. وبعض الجمعيات تعمل تحت التهديد المستمر بإجراءات إدارية أو قانونية تعسفية منصوص عنها بالمادة 45 من القانون.
بتاريخ 7 شباط 2007 منعت السلطات الجزائرية و بشكل عنيف عقد الاجتماع الدولي حول مسالة الاختفاءات القسرية و القضاء الانتقالي المنظم في جزائر العاصمة من قبل جمعيات جزائرية و منظمات دولية للدفاع عن حقوق الإنسان. كان هدف هذه الندوة و المعنونة ( ندوة من اجل الحقيقة و السلام و المصالحة) ويهدف إلى التركيز على تجارب العديد من "لجان الحقيقة و العدالة" في العالم و ذلك بحضور شخصيات دولية. هذا الإجراء تجلى أيضا من خلال تدخل رؤساء البلديات من اجل منع اجتماعات أو تجمعات عامة و المنظمة من قبل جمعيات محلية. وحسب رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية حقوق الإنسان السيد فاروق كاسنتيني ( الجزائر تعيش اليوم حالة طوارىء و بالنتيجة فان أي اجتماع أو مظاهرة لا يمكن القيام بها دون موافقة وزارة الداخلية و السلطات المحلية).
المبحث الثالث
حق الإدارة في وقف وحل الجمعيات
والمؤسسات الأهلية
تتمتع الجمعية بالشخصية القانونية المعنوية و القدرة المدنية منذ إنشائها ( مادة 16). تستطيع الجمعية اللجوء للقضاء و ممارسة حقوقها أمام القضاء بشرط أن تكون الدعوى متعلقة بغرض الجمعية أو بتسبيب أضرار فردية أو جماعية لأعضائها. كما يمكن لها إبرام العقود و الاتفاقيات التي لها علاقة مع غرض الجمعية كما يحق لها الحصول المجاني و المدفوع للممتلكات المنقولة و غير المنقولة من اجل ممارسة نشاطاتها. لا يوجد طرق بديلة. بعض الجمعيات اختارت أن تمنح نفسها صفة رابطة و لكن مع ذلك تبقى خاضعة لنفس القانون. حتى عام 1987 كان للإدارة الحق في تعليق الجمعيات دون طلب رأي القاضي. الانفتاح الحاصل في نهاية الثمانينات انتهى بفرض النطاق القضائي على السلطات العامة([29]).
والمادة 23 من القانون 31-90 لعام 1990 تنص على أن ( بناء على تحقيق من السلطة العامة المختصة) يمكن للقضاء الحكم بتعليق الجمعية و جميع نشاطاتها و ذلك عندما تمارس الجمعية نشاطات تخالف القوانين النافذة أو الأهداف المحددة لها. كما يمكن لنفس الأسباب حل الجمعية عن طريق القضاء (المادة 35). تم تأكيد هذه الأحكام بالمادة 5 من القانون و التي تنص على أن الجمعية تعتبر باطلة إذا كانت أهدافها مخالفة للنظام أو الأخلاق العامة([30]).
تنص المادة 23 من القانون 31-90 لعام 1990 على المعلومات التي يجب ان يتضمنها النظام الأساسي للجمعيات. الأعضاء المؤسسين لا يجوز لهم عدم الالتزام بهذه التعليمات القانونية([31]).
منذ القرار الصادر عام 1971 فان موقف الحكومة الجزائرية لم يتغير فيما يتعلق بالهدف الاجتماعي للجمعيات بالنسبة للمادة 5 من القانون 31-90 لا يمكن لأي جمعية القيام إذا كان هدفها الاجتماعي متعارض مع النظام العام أو الأخلاق العامة أو الأحكام النافذة. هذه الصياغة تمنح السلطات العامة حرية تقديرية كبيرة من اجل رفض طلب إنشاء جمعية أو إلزامها بتعريف هدفها([32]).
تنص المادة 25 من القانون 31-90 على أن اكتساب صفة عضو يتطلب التوقيع على وثيقة يمكن استلامها من الجمعية. هذا الإجراء يمكن أن يسبب صعوبات للجمعيات التي تعاني من نقض الوسائل اللوجستية ، كما أن هناك نتائج سلبية ناجمة عن التوقيع على مثل هذه الوثيقة تلحق بالمنتسبين. ومثل هذه الوثيقة تسمح للسلطات بالتأكد من أن الأعضاء المؤسسين يتمتعون بالجنسية الجزائرية و أيضا بحقوقهم المدنية و خصوصا ليس لهم نشاط يتعارض مع مصالح النضال من اجل التحرير الوطني. تنص المادة 19 من القانون 31-90 على الحق لأي جمعية بنشر و توزيع منشورات متصلة بهدف الجمعية. هذا القسم الأخير من هذه المادة يمنح الإدارة الحق في التدخل بنشاطات الجمعية بحجة عدم التوافق بين غايات الجمعية و الهدف من الاجتماع المصرح به. بناء عليه فان جمعية عاملة في مجال النضال ضد العنف المنزلي لا يحق لها انتقاد قانون الأحوال الشخصية ([33]).
والفقرة 2 من المادة 19 تفرض على الجمعيات الجزائرية نشر تقريرها العام باللغة العربية ، لكن عمليا فان هذين الإجرائيين غير مطبقيين لأن الكثير من الجمعيات تتواصل باللغة التي يتقنها مدرائها جهة ، و من جهة أخرى فان الكثير من الجمعيات تقوم بنشاطات إنسانية عن طريق هذه المنشورات حتى لو كان هدفها الاجتماعي لا يسمح لها بذلك ([34]).
فعلى سبيل المثال في الجزائر العاصمة تم توقيف احد أعضاء جمعية الدفاع عن المختفين بسبب توزيع نشرة و ذلك بتاريخ 14 يوليو 2005 و ذلك في طريق عودته إلى منزله بعد اجتماع أسبوعي. تم توقيفة 4 ساعات ثم تمت إحالته إلى النيابة بتهمة حيازة منشورات تحمل اعتداء على المصلحة الوطنية على الرغم من أن النشرة لم تكن متضمنة إلا مطالب أهالي الضحايا ، ثم تم وضعه تحت الرقابة القضائية بعد ذلك. لا يوجد في نص القانون أي فقرة تحظر على الجمعيات العمل بشكل جماعي حتى أن بعض الجمعيات في بعض المقاطعات قررت تشكيل اتحادات.
وبالنسبة للعلاقات مع الخارج فمنذ عدة سنوات عملت العديد من الجمعيات الفرنسية على تطوير التعاون مع عدد من الجمعيات الجزائرية في المجالات الاجتماعية و الصحية و الترفيهية أو التعاون المدرسي و المنهجي بدون تدخل من السلطات الجزائرية ، لكن في بعض الأحيان فان الواقع العملي يشير إلى عكس ذلك ، حيث انه في تاريخ 22 يوليو 2005 رفضت السلطات الجزائرية منح تأشيرات دخول للمشاركين الدوليين في المؤتمر الوطني للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان المجتمع في بومردس في الجزائر.
كما لا يتم اخذ رأي الجمعيات المستقلة عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالمصلحة العامة، فلا تزال الجمعيات تسعى للحصول على الشرعية و الاعتراف الاجتماعي بها. و هكذا فان السلطات العامة المحلية تتبع طريقة عمل بيروقراطية و إنشاء برامج دون استشارة الجمعيات.
خاتمة
مما سبق نستنتج بأن تصدي مواطنين مستقلين ومنظمات محلية في الجزائر، للقوانين التي لا تتفق مع روح العصر ونظم الحكم غير الديمقراطية، ورصد انتهاكات حقوق الإنسان، وكشف اللثام عنها، مطالبين بوضع حد لإفلات المسؤولين عن تلك الانتهاكات من العقاب، إضافة لخدمة المواطنين في مجلات عديدة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية سيزيد من تفاعل المواطنين وزيادة درجة اهتمامهم بالأمور العامة ورغم أن جهودهم قد مُنيت ببعض الانتكاسات إلا أنها أحرزت كذلك شيئاً من التقدم، لكن أصوات دعاة حقوق الإنسان في أرض الواقع كانت مسموعة على الصعيدين المحلي والدولي. ففي الجزائر كان لدأب أسر "المختفين" والمدافعين عنهم ومثابرتهم أبلغ الأثر في إبراز قضيتهم خلال حملة انتخابات الرئاسة وإدراجها على جدول أعمال الرئيس الجديد، بوتفليقة ، كما عملت على تخفيف نسبة الأمية في المجتمع ، وأعطت المرأة الكثير من الحقوق التي ما كانت لتحصل عليها لولا تدخل هذه الجمعيات ، وعلى هذا الأساس فإن زيادة هذه الجمعيات وإعطائها المزيد من حرية التصرف من خلال القوانين المرعية ، إضافة إلى دعمها مادياً بشكل أكبر سيبعد الفرد في المجتمع عن السلبية ويجعله عنصرا فعالا من عناصر المجتمع المؤثرة ، والمنتجة .
بحث مقدم من الباحث : عزو محمد عبد القادر ناجي
المراجع
· http://66.102.9.104/search?q=cache:bL5blriG8QEJ:www.ejtemay.com/showthread
· http://www.kenanaonline.com/page/8538
· عبد الله مغازي ، الحق في تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية ، دار الجامعة الجديدة للنشر . الاسكندرية ، 2005.
· حسن محمد سلامة السيد ، العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في مصر ،، المكتبة المصرية . الاسكندرية ، 2006 .
· http://www.alwatan.com.sa/daily/2006.../writers01.htm
· صحيفة الوطن ، العدد 2058 ، 19/2006 .
· صحيفة الجزيرة ، العدد 12276، 9/4/2006 .
· شهيدة الباز، المنظمات الأهلية العربية ، مجلة حوارات عربية ، مارس 2000 .
· صحيفة الوطن ، العدد 2058، 19/4/2006
· إيمان محمد حسن ، بحث مقدم إلى ورشة عمل حول "الإطار القانوني للجمعيات" ، بيروت 13 – 14 ديسمبر ،2004 ،
· سارة بن نفيسة، تحرير : مجال الجمعيات الأهلية والعلاقة بين الدولة والمجتمع في مصر، في نيفين مسعد (محرراً)، الليبرالية الجديدة، (القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية، 2000)،
· أماني قنديل وسارة بن نفيسة، الجمعيات الأهلية في مصر، القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، جريدة الأهرام، 1994.
· -http:''sawt-attalib.maktoobblog.com
([2])http://www.kenanaonline.com/page/8538 ، للمزيد حول تعريف الجمعيات انظر : محمد عبد الله مغازي ، الحق في تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية ، 2005 ، ص ص : 19-46 .
([6])نفس المرجع السابق ، للمزيد انظر : حسن محمد سلامة السيد ، العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني في مصر ،، المكتبة المصرية ، الاسكندرية ، 2006 ، ص ص 182—209.
([14])صحيفة الوطن ، العدد 2058 ، 19/2006 ، للمزيد انظر : محمد عبد الله مغازي ، الحق في تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، الاسكندرية ، 2005 ، ص ص 46-80 .
([15])صحيفة الوطن ، العدد2054 ، 5/4/2006 .
([17])صحيفة الجزيرة ، العدد 12276، 9/4/2006 ، للمزيد انظر : شهيدة الباز، المنظمات الأهلية العربية ، مجلة حوارات عربية ، مارس 2000 ، ص ص 21-39 .
([18])صحيفة الوطن ، العدد 2058، 19/4/2006
([21])إيمان محمد حسن ، بحث مقدم إلى ورشة عمل حول "الإطار القانوني للجمعيات" ، بيروت 13 – 14 ديسمبر ،2004 ، انظر أيضاً سارة بن نفيسة، تحرير مجال الجمعيات الأهلية والعلاقة بين الدولة والمجتمع في مصر، في نيفين مسعد (محرراً)، الليبرالية الجديدة، (القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية، 2000)، ص 196.
(21) نفس الرجع السابق ، أنظر أيضاً ، أماني قنديل وسارة بن نفيسة، الجمعيات الأهلية في مصر، القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، جريدة الأهرام، 1994، ص 60.
[23] -http:''sawt-attalib.maktoobblog.com
[24] -نفس المرجع السابق .
[27] -نفس المرجع السابق .
تعليقات
إرسال تعليق