مظاهر العناية بتربية الطفل في القرآن الكريم

- المدخل:

سبب اختيار الموضوع و هدفه

لقد أصبح الحديث عن الطفل وعن حقوقه معزوفة نسمعها دائما في المحافل الدولية والمؤتمرات العالمية والمؤسسات الاجتماعية، وارتفعت الأصوات والنداءات بضرورة رعاية الطفل وصون حقوقه وتوفير كل السبل الكفيلة لتحقيق حياة كريمة له.

وقد يتوهم بعض المتوهمين أن الطفل لم تقم لـه قائمة إلا بفضل هذه النداءات، وبفضل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (ومن ضمنها حقوق الطفل)، والذي صادقت عليه الأمم المتحدة. وهذا الأمر يحز في النفس كثيرا فكيف لأمة الإسلام أن تنبهر بالغرب وتجهل دور شريعتنا الإسلامية في العناية بحقوق الطفل.

كما أن صلتي المباشرة بميدان التربية والتعليم دفعني إلى أن أدلي بدلوي في إبراز الدور الذي مثله الإسلام من خلال كتابه الخالد: القرآن الكريم، من إحاطة الطفل بالرعاية والاهتمام منذ ولادته إلى آخر مطافه، رعاية لم يسبق لها مثيل، واهتم بكل جوانب حياته ليشب على المبادئ القديمة، وقدم لنا بذلك خير منهج نقتدي به -مسؤولين ومربين- لتربية النشئ تربية سليمة وسديدة، وأن نبني مجتمعا إسلاميا قادرا على التحدي والصمود لكل دعاوي العلمانية والعولمة الغربية حيث هي محور التحديات الحالية للمجتمع الإسلامي.

فالواجب...على كل المجتمعات أن تتحد وتتعاون على تربية الأطفال وأن توليهم عناية خاصة، كيف لا والطفل هو النواة المخصبة والثمرة الطيبة والرهان الذي تعول عليه أي أمة راغبة في التقدم والازدهار.

صعوبة البحث:

أهم ما يطرحه موضوع «مظاهر العناية بتربية الطفل القرآن الكريم»

1- القرآن الكريم منهج تربوي زاخر بالوصايا التربوية الراقية، التي تنير طريق المسلم وتصاحبه طيلة مراحل حياته، مما شكل لي صعوبة الفصل بينما خص الطفل عن الإنسان الراشد.

2- صعوبة فصل المنهج القرآني عن المنهج النبوي باعتبارها مفصلة ومفسرة للقرٍآن مما الزمني بضرورة الاستعانة ببعض الأحاديث النبوية الشريفة لإغناء الموضوع والإحاطة به من كل جوانبه.

إلا أن هذا لم يقف عائقا أمامي لمواصلة إنجاز بحثي بمساعدة أستاذي الجليل: د. عبد الله السفياني.


2- محتوياته:

I- مدخــل

1- سبب اختيار الموضوع وهدفه

2- محتويات

3- الطفل في القرآن الكريم والسنة النبوية

II- الفصل الأول

1- تحديد المفاهيم

أ- التربية

ب- الطفل

ج- القرآن

د- اليتيم

2- أسس التربية الإسلامية وآثارها التربوية

أ- الأساس العقدي

ب- الأساس التعبدي

ج- الأساس العلمي والفكري

د- الأساس الاجتماعي

3- مكانة التربية الإسلامية بين النظريات التربوية المعاصرة.

III-الفصل الثاني: مظاهر العناية بتربية الطفل في القرآن الكريم

1- منهج القرآن في التربية وصايا لقمان نموذجا

2- عناصر الآيات المختارة

3- تحليل الآيات المختارة

IV- خاتمة


3- الطفل في القرآن والسنة النبوية

أ- في القرآن:

إن عناية القرآن بالطفل عامة عناية غير مسبوقة في أي زمن وأي مكان، لأن الأطفال هم الذين هيئوا لحمل رسالة الإسلام بعد بلوغهم مبلغ الرجال هم ر جال الغد وأمل الدعوة الإسلامية، لذا حرص القرآن الكريم على أن يأخذوا حظهم كاملا من التربية، والحق الذي لا مرية فيه أن الإسلام لا يمكن أن يسبق في حفاوته بالطفولة وحرصه عليها الحرص اللائق بلبنات المجتمع المأمول صلاحه وقوته وازدهاره.

وأن الباحث العاقل المنصف التي يفوق كل تصور بشري محدود، أدلى بدلوه في هذا المجال، فقد اهتم الإسلام بالطفولة إلى ما قبل وجود الطفل، حيث نظر إلى انتخاب الوالدين الذين سيشتركان في إنجابه، فوجه نظر الشباب إلى اختيار زوجة صالحة ذات خلق ودين، لأن صاحبة الدين والخلق هي التي تحفظ للزوج حقوقه وللأبناء حقوقهم ومن ثم تحظى الأسرة بالاتزان والتكامل والسكينة والرحمة، ولا شك أن مثل هذه الزوجة هي التي يجد الرجل معها السكينة والرحمة التي أشار إليها الحق تبارك وتعالى بقوله: ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾ الروم، 20 ، والإسلام لا يهيء السبيل لمتعة الرجل وحده وراحته وسكينته وإنما يرتب لأداء حقوق الطفل القادم، فإن الأم المرباة على خلق فاضل ودين هي الجديرة بإنبات أطفال أسوياء وأصحاء النفس والملكات والقدرات بل هي التي تشرف أبناءها وتضفي عليهم من كرامتها وشرف عزتها، وقد ذكر الشاعر العربي مذكرا أبنائه بفضله عليهم إذا اختار لهم أما صالحة عفيفة تشرفهم.

وأرل إحساني لهم تخيــرني ****لـماجدة الأحساب باد عفافها

ولا شك أن الأب الصالح صاحب الأخلاق الفاضلة هو لا ريب، الأسوة الحسنة لأطفاله، والمربي لهم على ما عنده من قيم، فينشأ الأطفال ناقلين للخير مما يجدونه وقد قال الشاعر:

وينشأ ناشئ الفتيان منا *** على ما كان عوده أبوه

فإذا تزوج الاثنان وضع الإسلام أمام ناظريهما أمورا عدة لا بد من مراعاتها، أولهما أن الأطفال هبة ورزق من عند الله، قال تعالى: ﴿ولله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء ذكورا، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير﴾ الشورى: 46 وقال عز وجل ﴿الله جعل من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون﴾. النحل:27

فإذا جاؤوا إلى الوجود فهم زينة الحياة الدنيا وزهرتها، وتنبض بحبهم القلوب، وتحتوي عليهم الأكباد، قال تعالى: ﴿المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا﴾. الكهف:45

ونتمنى كل الفطر السليمة أن تكون ذريتها صالحة، وقرة عين لها، وامتداد لصلاحها وخيرها: قال عز وجل: ﴿والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين﴾ واجعلنا للمتقين إمام، ومن هذا القبيل دعوة إبراهيم عليه السلام ﴿رب هب لي من الصالحين﴾ الصافات:100 وقوله:﴿ وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إمام قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي للظالمين﴾، البقرة:123.

إن القرآن قد عنى بالطفل عناية فائقة حتى من قبل ولادته وحرص على حفاوته الحرص اللائق بلبنات المجتمع المأمول صلاحه وقوته وازدهاره وهي دعوة للآباء والأمهات إلى التعاون الكامل من أجل تكوين جيل يقود الأمة الإسلامية نجو الازدهار والتقدم والرخاء.

ب-في السنة النبوية :

استغرقت الطفولة مكانا واسعا من الحديث النبوي، فقد اعتنى علماء الحديث الجامعون للسنة المطهرة بهذا الجانب، فاهتموا بالأحكام والآداب الخاصة بالطفل، في مؤلفاتهم.

أعطى النبي (ص) لولادة الطفل التفاتة كريمة، فليست لولادته أمراً عاديا دون انتباه، فمن حق المولود أن يسمى ويختار له الإسم الحسن وأن يماط عنه الأذى، وأن يحنك وأن يدعى له وأن يعف عنه،كان شديد الرحمة والشفقة بالصغار، يحسن معاشرتهم ويعانقهم ويقبلهم ويمسح على رؤوسهم.

وقد نهى عن قتل الأولاد في الحرب، فهم أبرياء، وجعل النبي (ص) من أعظم الذنوب أن يقتل الإنسان ولده كما كان الأمر في الجاهلية وكما اعتنى (ص) الجانب المتعلق بإسلام الطفل وعبادته فقد أكد عليه الصلاة والسلام أن كل طفل يولد فإنما يولد على الاستقامة والصدق والنقاء، وأن الانحراف إنما يطرأ على الإنسان بتأثير البيئة المحيطة، وأولها الأبوان، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي (ص) ما من مولود إلا يولد فعلى الفطرة، فأبواه يهودانه يعودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.

وقد كان الأطفال يصلون مع النبي (ص) في المسجد النبوي، ويصفون خلف الرجال أمام صفوف النساء، وكانوا يشهدون الجماعات والجمعات والأعياد والجنائز.

وفي مجال التربية([1]) فقد عني به رسول الله (ص) عناية خاصة راعى من خلاله النمو العقلي والنفسي والوجداني للطفل، ومستوى إدراكهم والحوافز التي تؤثر فيهم والدوافع التي يمكن أن تثير مشاعرهم وتهيء نفوسهم للتلقي والتعلم مع احترام نشاطهم الذاتي، ومشاركتهم الفعالة في عملية التعلم والتربية بفهم وتبصر وليس عن طريق حشو الأذهان بالمعلومات دون فهمها، إن هذا الأسلوب يمتاز بالحيوية والفعالية ويضمن للأطفال تنشئة سليمة وقويمة من جميع النواحي.


1- تحديد المفاهيم:

سأتناول في هذه النقطة تحديد المفاهيم التالية: التربية، الطفل، القرآن، وهي واردة في عنوان البحث.

بالإضافة إلى مفهوم اليتيم فإنه وإن لم يرد في العنوان إلا لأن له ارتباط وثيق بالطفل.

أ- التربية:

لغة: يقول الراغب الاصفهاني في معجم مفردات القرآن:ص:189

رب: الرب في الأصل التربية، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام، يقال: ربه، رباه، ربيه، وقيل: «أن يربيني رجل من قريش أحب إلى من أن يربيني رجل من هوزان»

فالرب مصدر مستعار للفاعل ولا يقال الرب مطلقا إلا الله تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات، ﴿بلدة طيبة ورب غفور([2])، و﴿لا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيئين أربابا([3]).

ويقول النسفي في تفسيره: (مدارك التنزيل وحقائق التأويل) ج1، ص:6، عند تفسير قوله تعالى: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾، الرب المالك ومنه قول صفوان لأبي سفيان: «لأن يربيني رجل من قريش أحب إلي من أن يربيني رجل من هو زان» تقول ربه يربه ربا فهو رب ويجوز أن يكون وصفا بالمصدر للمبالغة كما وصف بالعدل. ولم يطلقوا الرب إلا في الله وحده، وهو في العبيد مع التقييد: ﴿إنه ربي أحسن مثواي([4])، و﴿قال ارجع إلى ربك([5]).

وذكر عبد السلام هارون في كتابه: المعجم الوسيط ج1، ص 321 معنى كلمة الرب فقال:

رب الولد يربّه" وليه وتعهده بما يغذيه وينميه ويؤد به، الفاعل راب، والمفعول مربوب، وربيب، وهي مربوبة، ورب القوم، رأسهم وساسهم، ورب الشيء أصلحه، ومتنه ورب الدهن طيبه وأجاده.

التربية اصطلاحا:

استعمال وسائل خاصة لتكوين وتنمية طفل أو مراهق حسيا ووجدانيا وعقليا واجتماعيا وأخلاقيا من خلال استغلال إمكاناته وتوجيهها وتقويمها.

«... معنى التربية فعل علاج الفلاح الذي تصلح الشوك، ويخرج النباتات الآتيين من بين الزرع ليحيى نباته ويكمل ريعه»، أبو حامد الغزالي.

التربية الإسلامية: نظام اجتماعي يعبر عن روح الإسلام وفلسفته ويسعى إلى تحقيقها قوامه القرآن والسنة وأهدافها: «تأديب النفس، وتصفية الروح، تثقيف العقل وتقوية الجسم، فهي تعني بالتربية الدينية والخلقية والعلمية والجسمية دون التضحية بأي نوع على حساب الآخر، وتبدأ التربية الإسلامية في البيت عن طريق المحاكاة والتلقين.» ([6]).

ب- الطفل: لغة: عرفه صاحب المعجم الوسيط، بقوله: «هو المولود مادام ناعما رخصا، وهو الولد حتى البلوغ وهو المفرد المذكر، جمع أطفال، وفي التنزيل العزيز»، وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا عما استأذن الذين من قبلهم» سورة النور 59، وقد يستوي فيه المذكر والمؤنث، والجمع تعالى: ﴿ثم يخرجكم طفلا﴾ الحج5.

وقال: «أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء" النور 31، وطفل: صار طفل»([7]).

اصطلاحا([8]): للتعرف على مفهوم الطفل اصطلاحا لا بد من تناول مرحلة الطفولة فهي مرحلة ما قبل المراهقة تستغرق بصفة عامة مدة تتراوح بين 11-12 سنة هذه المدة قد تطول أو تقصر حسب البيئات وحسب الحالات الخاصة.

يتفق علماء النفس على تقسيم هذه المرحلة تقسيما ثابتا فيعضهم قسمها إلى مراحل ثلاثة: أ- من مولد الطفل إلى سنتين ونصف

ب- من سنتين ونصف إلى سبع سنوات

ج- من سبع سنوات إلى 11 سنة أو 12 سنة.

وبعضها صنفها إلى أربع مراحل:

1- من الولادة إلى نهاية السنة الأولى

2- من السنة الثانية إلى السنة الثالثة

3- من السنة الثالثة إلى السنة السابعة

4- من السنة السابعة إلى الثانية عشر

ومهما كان فإن كل مرحلة من هذه المراحل تتميز بمميزات خاصة شديدة الصلة بسابقاتها ولاحقاتها فكل منها تعتبر مقدمة للتي تليها.

فالطفولة إذن تشكل في ميدان التربية وعلم النفس موضوعا أساسيا جديرا بالتحليل والدراسة ذلك أن الطفولة تكون عادية سوية، كما تكون متأخرة أو صعبة أو معوقة، جانحة أو قاصرة .... إلخ.

إن الطفل هو محور الدراسات النفسية والتربوية وموضوع الأبحاث النظرية والتجربية في ميدان التعليم علية تنصب اهتمامات المربين، وعلماء النفس وعلماء الاجتماع والأطباء والخبراء والأباء والمخططين.

ورغم كل ذلك، فالطفل لا يزال لغزا،لم يعرف كنهه بعد رغم ما قبل ويقال قال تعالى: ﴿ هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم علقة ثم يخرجكم طفلا﴾ غافر 667، ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا" الحج 5.

ج- القرآن:

1- لغة تعرف لسان العرب([9])

عرف القرآن من الناحية اللغوية بقوله: «قرأ يقرؤ، ويقروه، قرءا أوقراءة وقرآنا فهو مقروء».

قال أبو إسحاق النحوي: يسمى كلام الله تعالى الذي أنزله على نبيه (ص) كتابا وقرآنا وفرقانا، ومعنى القرآن الجمع، وسمي قرآنا، لأنه يجمع السور فيضمها وقرأت الشيء قرآنا جمعته وضممته، ومعنى قرأت القرآن لفظت به مجموعا أي ألقيته مجموعا، روي عن الشافعي أنه قرأ القرآن على إسماعيل بن قسطنطين وكان يقول: القرآن اسم وليس بمهموز ولم يؤخذ من قرأت ولكنه اسم لكتاب الله مثل التوراة والإنجيل ويهمز قرأت ولا يهمز القرآن كما تقول: "إذا قرأت القرآن".


تعريف الراغب الاصفهاني([10])

وقول أهل اللغة: إن القرآن من قرأ أي جمع، فإنهم اعتبروا الجمع بين زمن الطهر وزمن الحيض لاجتماع الدم، في الرحم، والقراءة ضم الحروف والكلمات يعضها إلى البعض في التنزيل، وليس يقال ذلك بكل جمع، والقرآن في الأصل مصدر، مثل كفران، ورجحان، وقد خص بالكتاب المنزل على محمد (ص)، فصار له كالعلم، كما أن التوراة لما أنزل على موسى والإنجيل لما أنزل على عيسى.

قال بعض العلماء تسمية هذا الكتاب قرآنا من بين الكتب الله المنزلة لكونه جامعا الثمرة كتبه.

القرآن اصطلاحا:

هو الكلام المعجز المنزل على النبي عليه السلام المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر، المتعبد بتلاوته.

د- اليتيم

لغة: الصغير الفاقد الأب في الإنسان والأم في الحيوان وكل فرد يعز نظيره، يقال بيت في الشعر يتيم مفرد لا نظير له، ج أيتام، ويتامى ويتمة ويتائم وميتمة([11]).

اصطلاحا: اليتيم ج يتامى، هو من الناس من فقد أباه قبل بلوغه السن التي يستغني فيها عن كفالته.


2- أسس التربية الإسلامية

تمتاز التربية الإسلامية عن غيرها من أنواع التربية الأخرى التي سادت حضارات شتى في الماضي والحاضر بكون أن أصولها مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فهي ترتكز بالأساس على مجموع المفاهيم والقيم والأساليب والاتجاهات مضمنة في آيات القرآن الكريم وسنة رسول الله (ص).

ومن هنا يتضح أهمية التربية الإسلامية التي ترتكز على أسس ثابتة أصيلة نابعة من تعاليم ديننا الحنيف، وهي في مجملها تؤدي إلى تنمية الإنسان الصالح في مختلف جوانبه الروحية والفكرية والاجتماعية...

كما تعد السبيل الأنجح والأصلح الذي يعول عليه كافة المسؤولين والمربين، لتنشئة جيل صالح يكون مسلما مؤمنا بالله، معتزا بدينه مفتخرا بتاريخه وامجاده، مجتهدا لإصلاح أحوال أمته،... وتكوين مجتمع نظيف من الإلحاد نظيف من الميوعة، نظيف من الحقد ونظيف من الجريمة.

أ- الأساس العقدي:

يعني بناء التربية على الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيئين وما يتبع ذلك من بدء الخليقة ومن نظرة الإسلام والإنسان والحياة والكون، وترابط ذلك كله في سلسلة أو منظومة متكاملة محكمة السبك ومتصلة الحلقات([12]).

* فالإيمان بالله هو التصديق والشعور والتفكير بعظمة خالق السماوات والأرض.

وأنه هو الخالق المسير لهذا الكون والإنسان مما يدفعه إلى طاعة ربه والخضوع له دون سواه والشعور بالتبعية والعبودية له.

* الإيمان بكتاب الله: هذا الإيمان يربي عقل الإنسان عن طريق تدبر كلام الله والتفكر الدائم بمعانيه وتذكر ما فيه من وعد وعيد وأمر ديني وعبرة يقول تعالى: ﴿كتاب أنزلناه إليك مبارك ليتدبروا آياته وليتذكروا أولو الألباب﴾ سورة ص: 28، كما يربي عواطف الإنسان ومشاعره ليبقى خاشعا لله فرحا بمناجاته محبا لآياته([13]).

* الإيمان بالرسل والملائكة: هذا الإيمان يقتضي تربية جميع أفراد الأمة على أنهم أتباع مخلصون لهذا الرسول الذي أرسله الله رحمة للعالمين فهي تربية مبنية على النظام والطاعة وجمع الكلمة حول قائد واحد وحسن الاتباع والانقياد على بصيرة ووعي وعلم وفهم.

* الإيمان باليوم الآخرة: يخبرنا الله سبحانه وتعالى من خلال القرآن الكريم أن هذه الحياة الدنيا إنما جعلها الله دار عمل واختبار وكدر وكدح، وجعلها ممرا للوصول إلى الدار الآخرة حيث الحساب والجزاء بين يدي الله فالآخرة هي دار القرار والدنيا دار العتاد([14])، وعلى هذا الأساس فإن الإيمان باليوم الأخر يربي في الإنسان الشعور الحقيقي بالمسؤولية والإخلاص والاستقامة والصبر للخلاص من أهوال يوم القيامة والفوز برضا الله ومحبته، كما يتمكن كذلك من ضبط غرائزه ودوافعه وعواطفه ويتحكم الفرد والمجتمع في سلوكه، فيوجه هذه الدوافع والغرائز نحو تحقيق مرضاة الله واجتناب غضبه، فيبتعد بذلك عن الفوضى والأنانية ليحقق المصلحة العامة والعدالة والخير.

*الإيمان بالقدر خيره وشره وهو الإيمان بان الله قدر كل ما وقع ويقع وسيقع في هذا الكون والمجتمعات والأجيال من الحوادث وقدر لكل جرم كبير وذرة صغيرة في السماوات والأرض مبدأها ومصيرها ونظامها([15]).

إن الأساس العقدي يعد من أهم أسس التربية الإسلامية التي يجب أن تركز عليها وخاصة عند التنشئة الأولى من فترات النمو فغرس العقيدة الصحيحة: التوحيد الإيمان بالله وملائكته، والإيمان بالقدر ضرورة محبة الله ورسوله، بالشكل المبسط الذي يدركه ويعيه الطفل لمفهومه ومستواه العقلي والفكري من أعظم المفاهيم والمبادئ الحديثة في التربية الإسلامية وهذا يتطلب من المربين تهيئة الأجواء المناسبة لتلقي وغرس هذه العقائد لدى النشئ.

ب- الأساس التعبدي: ليست العبادة مجرد انزواء عن الحياة وعكوف على المساجد، وإنما شرعت العبادة في الإسلام لتكون محققة للعقيدة وثمرة سلوكية عملية لها: وهي صلة مباشرة بين العبد وربه، وتربية على الإحساس بقرب الله وحبه، فللعبادات آثار تربوية تنعكس بشكل إيجابي على الفرد ألخصها فيما يلي:

+أثر الصلاة: ففي وقوف المؤمن بين يدي ربه في جو من الطهر والخشوع والتدبر والصفاء تربية عملية على الإحساس بالصلة المباشرة بينه وبين الله، لها أثرها العميق في النفس، ولا يزال المؤمن يجاهد نفسه وهواه حتى يصل إلى الإحساس بلذة القرب والمناجاة، فتصبح الصلاة في حسه، لقاء تهفو إليه نفسه، وتجد فيه الأنس والسكينة والراحة([16]).

+أثر الصوم: وفي الصوم تربية على قوة الإرادة وتدريب على مغالبة الشهوة، والانتصار عليها والصوم كذلك تربية للضمير فليس على الصائم رقيب إلا الله، فيعتاد الأمانة بعد ذلك في أمور الحياة ويحس فيها برقابة الله.

+أثر الزكاة: إن فريضة الزكاة ليس مجرد أمر لحل مشكلة الفقر ولكنها منهاج تربوي كامل وعلاج عملي أصيل لضعف النفس وتطهيرها من داء الشح وعبادة المال، والقضاء على العداوة والحسد والإحساس بالمذلة والحرمان في المجتمع.

+أثر الحج: وهو تربية عملية على حب الله وطاعته، وخروج النفس عن أعز ما تحبه، وتحرص على طاعة الله وامتثال أوامره.

ومن الأمور الهامة التي ينبغي الإشارة إليها أن مفهوم العبادة في الإسلام لا نقصد به النسك والعبادات الراتبة فحسب، بل يشمل كل جوانب الحياة الاعتقادية والاجتماعية والفكرية...فأي عمل يقوم به المرء يقصد به إرضاء الله وتحقيق العبودية له والخضوع لأمره وشريعته فهو عبادة..

لذلك فإن من أهم الأمور الأساسية في التربية الإسلامية وبخاصة عند التنشئة الأولى للطفل، هي تعويده على أداء العبادات على قدر المستطاع ووفق فترات نموه الجسمي والحسي والعقلي والفكري، بالإضافة إلى غرس العقيدة الصحيحة لديه، لما لها من آثار على التربية الروحية والحسية وتهذيب الأخلاق والإصلاح والتقويم للسلوك وتهذيبه.

ج- الأساس العلمي والفكري:

والذي يعد من أهم الأسس التربوية التي يجب التركيز على غرسها لدى الفرد بصفة عامة ولدى الطفل بصفة خاصة. فإذا كان الأساس العقدي هو الركيزة الأساسية في القاعدة الإيمانية للفرد المسلم فإن الأساس أو البناء العلمي والفكري هو مجال الحركة الإيجابية للترجمة عن العقيدة في واقع عملي ملموس، وعليه فإن طلب للبناء أو الأساس العلمي دوره الفعال في تحقيق العبودية لله تعالى والوفاء بمهام الاستخلاف([17]).

وإن للبناء العلمي والفكري ركيزة في الفطرة الإنسانية أودعها الله سبحانه وتعالى في مكنونها وهي: الدافع إلى الاستطلاع والمعرفة الممثلة في ملكة العقل ([18]). وهذه الملكة التي فطرها الله سبحانه وتعالى في عباده، يجب علينا أن نوليها أهمية بالغة وان نعمل على تطويرها وتحسينها خاصة لدى النشئ، وذلك لن يتأتى إلا إذا عهدنا إلى تربية عقلية سليمة نرمي من ورائها إلى تكوين فكر الولد بكل ما هو نافع من العلوم الشرعية الثقافية بالإضافة إلى التوعية الفكرية... حتى ينضج الولد فكريا ويتكون علميا وثقافيا([19]).

تربية تقوم على الملاحظة والتأمل والنظر إلى الظاهرة بحثا عما وراءها، فهذه المنهجية في التفكير والسلوك العقلي لا تقوم إلا بتربية نبدأ منذ الطفولة المبكرة بالتدريب على الملاحظة للظواهر والتأمر والتسجيل وحصر المتشابهات والوصول إلى النتائج وتحقيقها([20])، تربية ترفض الظن وتطالب دائما بالدليل ﴿وما يتبع أكثرهم إلا ظنان إن الظن لا يغني من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون﴾ (يونس)36.

تربية تدعو العقل إلى الإحصاء والتقدير الكمي والوزن الدقيق للأمور فلا تكتفي بالأحكام العامة ولا بالتقدير الجزافي ﴿إن كل شيء خلقناه بقدر﴾ (القمر: 49).

وهنا يتجلى (دور التربية الإسلامية) ومسؤولية الأسرة والمدرسة والأمة التي تصون عقول أجيالها وتعمل على تطويرها وتفتحها ومحاربة كل مظهر من مظاهر الخمول والتبعية والتقليد، وهذه التربية العقلية السليمة المبنية على أسس إسلامية متينة هي التي سوف تقودنا إلى -كما سلف الذكر- إلى بناء علمي سديد، وهذا النهج لا يتحقق إلا بالعلم والتعلم الذي من شأنه أن يفتح المواهب ويبرز النبوغ وينضج العقول ويظهر العبقرية([21])، ولقد رفع الله سبحانه وتعالى العلم إلى أعلى المنازل حيث قال جل وعلا: ﴿يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾، سورة المجادلة / الآية:11وقد جاءت كذلك أحاديث الرسول (ص) مبرزة دور العلم ومكانته حيث قال عليه الصلاة والسلام: «من يرد الله به خير يفقهه في الدين»، ونظرا لهذه الأهمية البالغة فقد أولى الإسلام هذا الجانب اهتمام خاصا، حيث حمل الآباء والمربين مسؤولية كبرى في تعليم الأولاد وتنشئتهم على الاعتراف من معين الثقافة والعلم، وتركيز أذهانهم على الفهم المستوعب والمعرفة المجردة والإدراك الناضج الصحيح([22]).


د- الأساس الاجتماعي:

ونقصد به بناء التربية على أساس اجتماعي يهدف إلى تأديب الطفل منذ نعومة أظافره على التزام الآداب الاجتماعية الفاضلة والأصول النفسية النبيلة والتي تنبع من العقيدة الإسلامية السديدة والشعور الإيماني العميق بشكل يظهر الطفل على خيرها يظهر به من حسن التعامل والآداب والاتزان والعقل الناضج... وبطبيعة الحال سوف تنعكس كل هذه الآثار الطيبة على سلامة المجتمع وقوته وتماسكه وبنيانه([23]).

فما على المربين إلا أن يشمروا عن ساعد الجد والعزيمة، ليقوموا بمسؤولتيهم الكبرى في التربية الاجتماعية على وجهها الصحيح([24]).

ومن الأمور الاجتماعية التي ينبغي على المربين مراعاتها في تربية الأبناء:

-الأخوة: يقول تعالى: ﴿إنما المومنون إخوة﴾ سورة الحجرات آية:10، يجب توجيه الأبناء للإحساس بهذا المفهوم الذي يرتبط بالشعور العميق بالعاطفة والمحبة والاحترام في ترابط أخوي إسلامي مع الآخرين.

وفي هذه النقطة يقول: د.يوسف القرضاوي: «أقام الإسلام العلاقة بين أبناء مجتمعه على دعامتين أصليتين: أولاهما رعاية الأخـوة التي هي الربط الوثيق بين بعضهم مع البعض... »([25]).

-الإيثار: يقول عز وجل: ﴿والذين تبوؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يحبون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون([26]).

- العفو: يقول الله تعالى: ﴿وأن تعفو أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم([27]). إن تربية الأبناء على هذا الحق تكون فيهم الأخلاق الحميدة التي منها الحلم والعفو والتسامح وبالتالي ينشؤون على سمو الخلق ولين الجانب، وحس المعشر([28]).

- العدل: يقول جل وعلا: ﴿إن الله يأمر بالعدل والإحسان([29])، فالعدل في المجتمع الإسلامي هو الركن الثالث الذي تقوم عليه حياة الناس الآمنة المستقرة، وما فقد الأمن والاستقرار في مجتمع ما إلا إذا كان وراء ذلك فقد العدل، وإن إقرار العدل في كل شعبة الحياة هو نفي الظلم من هذه الشعبة.

- التعاون: هو تعويد الأبناء على العطاء وحب الخير ومحبة الآخرين لتحقيق التكافل الاجتماعي وتأكيد روح التضامن والتعاون مع الآخرين في المجتمع.

- الجرأة: قوة نفسية يستمدها الأبناء من الإيمان بالله، ومن الحق الذي يعتنقه، ومن المسؤولية التي يستشعر بها ومن التربية التي نشأ عليها([30]).

فتربية الأطفال على مثل هذه المبادئ الاجتماعية، لها دور عظيم في ترسيخ عقيدة الإيمان في نفوسهم، ففضيلة الأخوة والعفو والعدل والتعاون والجرأة وغيرها من الأصول الاجتماعية الإيمانية تؤهلهم أن يخوضوا خضم الحياة دون إهمال لحق أو تقصير في واجب.

3- مكانة التربية الإسلامية بين النظريات التربوية المعاصرة:

لقد آثرت أن أبرز بعد أن وضحت الأسس التي تعتمد عليها التربية الإسلامية مكانة هذه التربية بين النظريات التربوية المعاصرة، أو بعبارة أخرى، ماذا خسر العالم بغياب تطبيق مبادئ الإسلام المستمدة من كتاب الله العزيز؟

لا أحد منا ينكر أن العالم يعيش اليوم أزمة تربية بالدرجة الأولى انعكست آثارها السلبية على جل الميادين والمجالات الحيوية في حياة الإنسان وقد يتوهم بعض المتوهمين أن الحل هو الاقتداء بالغرب والسير على نهجهم في التربية. دون أن نعلم -أو انه يعلم ومع ذلك يتجاهل- أن الغرب وبخاصة الدول المتقدمة تعاني من أزمة تربية خطيرة جدا والتي أبرزها العديد من التقارير المقدمة من طرف منظمات عالمية كاليونسكو وغيرها.

فالتربية الغربية تنطوي على نقائص كثيرة لا يسع لا المكان ولا الزمان لذكرها كلها إلا أنني سأشير إلى بعض منها:

- التربية الغربية تربية مادية هدفها الأساسي الثراء والسعادة والوفرة وحصر الإنسان في نطاق الولاء لأرضه وقومه فقط، أما ماعدا ذلك مباح لهم استغلالهم وإهانتهم. أين هذا من التربية الإسلامية التي سعت دائما إلى إعداد الإنسان صالح في ذاته ولغيره "للبشر-للنبات ولسائر المخلوقات..." رعاية لكل محتاج دون اعتبار لأي تفرقة أو تمييز أو عنصرية.

فالتربية الغربية أنشأت أجيالا على صراع دائم مع الكون والطبيعة والرغبة الجامعة للتملك والسيطرة. أما التربية الإسلامية هي تربية تؤمن بالسلام وتجعله عنوانا لرسالتها التربوية. السلام مع الكون مع النفس ومع الحياة ككل فجعلت الإنسان متصالحا مع نفسه ومع غيره.

هذه هي التربية الغربية التي شغلت العالم وزعزعت كيانه. فأي تربية هذه نريد أن نقتدي بها، في ظل هذا الوضع المتأزم الذي دق فيه العالم ناقوس الخطر منذ زمن. فكيف يمكن أن نواجه مخاطر آخذة في الازدياد يوما بعد يوم، كانتشار الجريمة والعنف والنزعة العدوانية وغيرها، والتي أثرت بشكل كبير على شريحة الأطفال الذين يشكلون الرهان الذي تعول عليه أي أمة راغبة في التطور والازدهار.

أما آن الأوان أن ننفض عنا الغبار، غبار الهزيمة والذل والهوان، وأن نعود إلى تعاليم ديننا وعقيدتنا وأن نطبقها تطبيقا صحيحا كما وردت في القرآن الكريم وكما فصلها لنا سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام.

فكفانا سباتا، وكفانا تبعية وانقيادا، ولنشمر على سواعد الجد والعمل. والمثابرة وأن نتحد جميعا مسؤولين ومربين لتنشئة جيل على أسس التربية الإسلامية ومتشبت بأصولها.

لقد أبرزت من خلال هذه الأفكار الوجيزة ما تعاني منه التربية المعاصرة ومشكلاتها الفعلية التي يتضح لنا بجلاء أن البشرية خسرت الكثير بغياب التربية الإسلامية عن التطبيق في عالمنا المعاصر. فهي التربية التي اختارها الله الحكيم الخبير لتوجيه الإنسان ورعايته مصداقا لقوله: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا﴾ المائدة: 3.


1- منهج القرآن بدور التربية

كان للقرآن وقع عظيم وأثر تربوي بالغ في نفوس المسلمين، ويتجلى ذلك واضحا في التغيير المحوري والجذري الذي طرأ على العرب بعد دخول الإسلام فقد قضى على كل مظهر من مظاهر الجهل والتخلف والظلم والطغيان والغش... والذي كان سائدا فيهم أيام الجاهلية والسر في ذلك، هو الأسلوب القرآني الرائع، وما يحويه من طرق الإقناع المقترن بإثارة العواطف والانفعالات الإنسانية، فهو بذلك يربي العقل والعاطفة جميعا، متمشيا مع فطرة الإنسان في البساطة وعدم التكليف، وطرق باب العقل مع القلب مباشرة ومنهج القرآن في التربية بحر زاخر، أذكر منه على سبيل المثال لا الحصر نموذج تربوي رائعا وراقيا يعتبر خير نموذج نقتدي به في التربية: وهي وصايا لقمان لابنه لارتباطها الوثيق بموضوع البحث.

* وصايا لقمان:

*لقمان عبد شاكر لربه، أوتي الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس، فعمل بها ثم أراد أن يعلمها ولده وينشئه على منهجها... هذا المنهج المتكامل في التربية يقوم على عدة قواعد:

﴿يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم([31])، وهذه أول وصية من الوصايا الغالية ينادي الوالد الصالح ابنه يا بني بالتصغير الذي يدل على الحنان والشفقة الأبوة.... ويلاحظ أن هذه الوصية تتعلق بحق الله سبحانه وجاءت نهيا صريحا في اتخاذ الند والشريك... لأن الشرك أقصر طريق إلى التمزق والانحلال.. ([32]).

إن قاعدة التربية هي صدق الاعتقاد في الله، وكلمة التوحيد هو جوهر جل الرسالات السماوية وليس هناك تربية من غير إيمان، فإذا استقام الإيمان استقامت معه كل شؤون الحياة.

*المراتب الذاتية:

﴿يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير﴾، سورة لقمان الآية15، إن الوالد يصدق الأبوة- وطَّن نفس ابنه على مراقبة الله سبحانه، ويرشده إلى أن الفعل من الإساءة والإحسان إن تك وزن حبة من خردل فتكن في أخفى مكان كجوف الصخرة أو في أعلى مكان .في السماوات يحضرها الله سبحانه وتعالى يوم القيامة حيث يضع الموازين القسط ويجازي عليها إن خير فخير وإن شرا فشر([33]).

وبهذا المنهج التربوي الراقي يتعلم الإنسان كيف يكون معنى المراقبة الذاتية والخوف من الله سبحانه وتعالى، فهو إن ارتكب فعل سوء بعيد عن أنظار الناس فهو بالتأكيد لن يفلت من مراقبة من لا تأخذه سنة ولا نوم، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وبذلك تترسخ الأخلاق، وتسمو النفس بالفضيلة لأن المؤمن في يقينه أن الله لا تخفى عليه خافية.

*عماد المنهج:

بعد أن بين لقمان لابنه القاعدة الأساس في التربية والمقياس الذي يتعرف به إيمانه بين له عماد المنهج، فأمره بالصلاة ﴿ يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور﴾،سورة لقمان الآية16 فالصلاة نور يضيء حياة المسلم، وهي الفريضة الوحيدة التي فرضت في السماوات العلا، وبعد الأمر بإقامة الصلاة جاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا تعبير إسلامي يعني به النقد البناء، وشعور الأخوة الفياض تجاه المجتمع، وقد فضل الله الأمة الإسلامية فقال سبحانه ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله...([34]).

تتوالى الوصايا التربوية لتثمر آدابا إسلامية راقية، أشار إليها لقمان لابنه، ونلاحظ أن الوصايا السابقة تتعلق بحق الله سبحانه وتعالى، وجاءت هذه الوصايا متعلقة بالعلاقات الإنسانية كيف تكون معاملة الناس بالتواضع الجم والخلق الرفيع يقول تعالى: ﴿ولا تصغر خدك للناس﴾،سورة لقمان الآية:17، ذلك أن هناك صنف من الناس يلجأ إلى التكبر في مظهر خادع كاذب قد تسول له نفسه الأمارة أن هذا الصنيع هو من مقومات الشخصية ودليل على الثقة بالنفس، ويفعل هذا تكبرا وزهوا، ونسي أن التواضع وخفض الجناح، طريق الفلاح والنجاح وأن مقابلة الناس بالوجه البشوش هو الخير كله، وذلك اقتداء بمعلمنا الأول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن الوصايا التربوية كذلك ﴿اقصد في مشيك﴾،سورة لقمان الآية18، والقصد استقامة الطريق واعتدال في المشي وهذه من صفات عباد الله الصالحين، وكانت خاتمة الوصايا ﴿واغضض من صوتك﴾ سورة لقمان الآية18، لا شك أن الغض من الصوت فيه أدب وثقة بالنفس واطمئنان الحديث وقوته، وما يرفع صوته أو يغلط في الخطاب إلا سيء الأدب أو شاك في قيمة قوله أو قيمة شخصيته ويحاول إخفاء هذا الشك بالحدة والغلظة وارتفاع الصوت، والأسلوب القرآني يرذل هذا الفعل ويقبحه في صورة منفرة محتقرة بشعة حيث يعقب عليه بقوله: «إن أنكر الأصوات لصوت الحمير» سورة لقمان، الآية 18، فيرتسم مشهد يدعو إلى الهزء والسخرية مع النفور والبشاعة([35]). يبرز لنا من خلال هذا النموذج القرآني البديع، العناية البالغة التي حظيت بها التربية في القرآن الكريم وبخاصة تربية الأبناء حيث اهتم لقمان بادئ الأمر:

1- بغرس العقيدة الصحيحة في نفس ابنه وتثبيتها لأنها هي جوهر الدين وأساسه.

2- تعويده على العبادات التي بها تكفر الذنوب وتطهر النفوس وتصلح الأحوال.

3- تقويم سلوكه وتهذيب أخلاقه بالآداب الإسلامية الراقية.

ومظاهر العناية بتربية للطفل في القرآن الكريم عديدة جدا، وهذا ما سيوضح بالتفصيل في العنصر التالي.


2 - عناصر الآيات المختارة وترتيبها في جدول:

1- تكريم الإسلام للأنثى

2- النهي عن قتل الأولاد

3- العناية بالطفل من الحمل حتى الحلم.

أ- النهي عن كتمان الحمل.

ب- العدة

ج- تربية الذرية

4- حقوق الطفل

أ- الرضاع والنفقة

ب- الحمل والفصال (الفطام).

5- تهذيب أخلاقه

*الاستئذان وآدابه

أ- قبل الحلم

ب- بعد الحلم

6- معاملة اليتيم وحفظ ماله

أ- معاملته

ب- حفظ ماله.



رقم ترتيبي

الآية

رقمها

السورة

رقمها

نوعها

1

﴿وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا...﴾

58-59

النحل

مكية

2

﴿وإذا الموءودة سئلت...﴾

8

التكوير

81

مكية

3

﴿يوصيكم الله في أولادكم...﴾

11

النساء

4

مدنية

4

﴿ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم...﴾

152

الأنعام

6

مكية

5

﴿ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقكم وإياهم﴾

31

الإسراء

17

مكية

6

﴿قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم...﴾

141

الأنعام

6

مكية

7

﴿ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في ارحامهن.. ﴾

226

البقرة

2

مدنية

8

﴿والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء..﴾

226

البقرة

2

مدنية

9

﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن﴾

232

البقرة

2

مدنية

10

﴿ بأنفسهم أربعة أشهر وعشرا...﴾

﴿وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن﴾

4

الطلاق

65

مدنية

11

﴿وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم﴾

37

آل عمران

3

مدنية

12

﴿والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين﴾

233

البقرة

2

مدنية



رقم ترتيبي

الآية

رقمها

السورة

رقمها

نوعها

13

﴿وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم... ﴾

233

البقرة

2

مدنية

14

﴿وحمله فصاله ثلاثون شهرا...﴾

13

لقمان

31

مكية

15

﴿حملته أمه وهنا على وهن...﴾

15

الأحقاف

46

مدنية

16

﴿فإن أراد فصالا عن تراض...﴾

233

البقرة

2

مدنية

17

﴿ولا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا...﴾

27

النور

24

مدنية

18

﴿يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين...﴾

56

النور

24

مدنية

19

﴿وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا..﴾

59

النور

24

مدنية

21

﴿فأما اليتيم فلا تقهر...﴾

9

الضحى

93

مكية

22

﴿ألم يجده يتيما فآوى... ﴾

6

الضحى

93

مكية

23

﴿فذلك الذي يدع اليتيم...﴾

2

الماعون

107

مدنية

24

﴿ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا...﴾

8

الإنسان

76

مدنية

25

﴿أو إطعام في يوم ذي مسغية يتيما...﴾

14- 15

البلد

90

مكية

26

﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم...﴾

220

البقرة

2

مدنية

27

﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى... ﴾

3

النساء

4

مدنية

28

﴿وليخش الذين لو تركوا من خلفهم..﴾

9

النساء

4

مدنية

29

﴿أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل ﴾

266

البقرة

2

مدنية

30

﴿ولا تقربوا مالية اليتيم..﴾

153

الأنعام

6

مكية

31

﴿وآتوا اليتامى اموالهم...﴾

2-3

النساء

4

مدنية



رقم ترتيبي

الآية

رقمها

السورة

رقمها

نوعها

32

﴿وأيتوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح...﴾

9

النساء

4

مدنية

33

﴿إن الذين يأكلوان أموال اليتيم ظلما...﴾

10

النساء

4

مدنية

34

﴿ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن...﴾

5

النساء

4

مدنية

35

﴿وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة...﴾

82

الكهف

18

مكية


3- تحليل الآيات المختارة:

سأقوم بتحليل هذه الآيات اعتمادا على مجموعة من التفاسير الجليلة وسأتبع الترتيب الموجود في العنصر الثاني في الفصل III (انظر الجدول)

1- تكريم الإسلام للأنثى:

كانت الأنثى -قبل الإسلام- تحرم من جل ضروريات الحياة، بل حتى من حقها في العيش على هذه البسيطة، فكان الأب إذا ولدت له الأنثى اغتم واهتم واسود وجهه من سوءها بشر به، ثم لا يكون له خيار إلا أن يدسها في التراب وهي حية ترزق: وهنا قال جل وعلا: ﴿وإذا بشر أحدهم بالأنثى، ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به، أيمسكه على هون أم يدسه في التراب... .﴾ سورة النحل الآيتان 58-59. ولما جاء الإسلام دافع عن حق الأنثى في الحياة، فعاب على الجاهلية فتلهم لبناتهم خوفا من العار أو خشية من الفقر، وقد أوصى رسول الله المسلمين بحسن تربية البنات، وبالنظر إليهن كالنظر إلى البنين، بل بمزيد من الإحسان لهن، فقد وردت أحاديث نبوية صحيحة تؤكد ذلك، فعن عبد الله بن عباس (ض) أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كانت لـه أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة»([36]).

وعنه أيضا أن رسول الله (ص) قال: «من عال ثلاث بنات أو مثلهن من الأخوات فأدبهن ورحمهن حتى يعنيهن الله تعالى، أوجب الله له الجنة»، فقال رجل: يا رسول الله أو اثنين؟ قال أو اثنين حتى لو قالوا: أواحدة؟. لقال: "أواحدة"([37]).

وهكذا تبدو قيمة العقيدة الإسلامية في تصحيح التصورات والأوضاع الاجتماعية وتتجلى في النظرة الكريمة القويمة التي يبثها في النفوس والمجتمعات تجاه المرأة والأنثى بل تجاه الإنسان.

2)- النهي عن قتل الأولاد:

وعناية بالأولاد، جاء الإسلام فنهى نهيا باتا عن قتلهم، كما كان عليه الأمر في الجاهلية، فقال عز وجل: ﴿لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم...﴾ الإسراء:31.

وقتل الأولاد هنا يقصد به وأد البنات فأوصى الله سبحانه وتعالى بالإحسان إلى الأولاد والأحفاد، فذكر مما أوصاكم به ربكم ألا تقتلوا أولادكم خشية فقر يحل بكم، فإن الله يرزقكم وإياهم، أن يرزقكم تبعا لكم فلا تخافوا الفقر الحاضر ولا تخشوا الفقر المتوقع، فإن الله تكفل برزق العباد([38]).

وفي نفس المعنى قال سبحانه وتعالى في سورة الأنعام: ﴿ ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقكم وإياهم﴾.الأنعام الآية 152.

وقال عز وجل: ﴿قد خسر الذين أولادهم سفها بغير علم﴾ الأنعام 141.

3- العناية بالطفل منذ الحمل حتى الحلم:

أ- النهي عن كتمان الحمل: ﴿ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يومن بالله واليوم الآخر﴾ البقرة 226.

ب- العدة: يشير الله سبحانه وتعالى أنه على النساء أن يحملن أنفسهن على الصبر والانتظار لإتمام تلك المدة حتى تنقضي العدة، فلا يسايرن أهواءهن وشهواتهن إن قد تكون أنفسهن تواقة إلى سرعة انقضاء العدة والتزوج بزوج آخر.

وحكمة هذا التربص هو التعرف على براءة الرحم، فلا تختلط الأنساب لذا لا يحل للنساء أن يكتمن شيئا في أرحماهن([39]).

وقد جاءت آيات عديدة في القرآن الكريم تنظم العدة، فقال عز وجل: ﴿ والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء﴾ البقرة 226.

﴿والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا﴾ البقرة 232.

﴿وأولات الأحمال أجلهن يضعن حملهن﴾ الطلاق 4.

وهذه الإرشادات التي أمر الله سبحانه وتعالى بها هي كلها لصالح الطفل بغية توفير الوسط الملائم له لكي ينشأ تنشئة سليمة.

ج- تربية الذرية: من مظاهر عنايته جل وعلا بالطفل الشعور النفسي الذي جبل عليه الآباء نجو أولادهم، والمقصود به هو ما أودعه الله سبحانه وتعالى في قلب الأبوين من حب وعاطفة ورحمة نحو أولاهما. ([40])

فالله سبحانه وتعالى قد فطر قلب الأبوين على محبة الولد والعمل على حمايته والرحمة به والشفقة عليه والاهتمام بأمره، ولو لا ذلك لما صبر الأبوان على رعاية أولادهم والتكفل بهم والسهر على مصالحهم والحفاظ عليها.

ولقد صور القرآن العظيم هذه المشاعر الأبوية الصادقة أجمل تصوير فجعل الأولاد زينة الحياة الدنيا حيث قال عز وجل: ﴿المال والبنون زينة الحياة الدنيا﴾سورة الكهف الآية 45. ويعتبرهم تارة أخرى نعمة عظيمة تستحق شكر الواهب المنعم عليها ﴿وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا﴾. سورة الإسراء الآية6

وفي هذا المعنى، بقول العلامة "سيد قطب" في تفسيره في ظلال القرآن «وتكرر في القرآن الكريم وفي حديث الرسول صلى الله عليه الوصية بالإحسان إلى الوالدين، ولا ترد وصية الوالدين بالأولاد إلا نادرة.... ذلك أن الفطرة وحدها تتكفل برعاية الوالدين للأولاد رعاية تلقائية منتفعة بذاتها لا تحتاج إلى مثير، وبالتضحية البديلة الكاملة العجيبة التي كثيرا ما تصل إلى حد الموت.... دون انتظار عوض ودون من ولا رغبة في الشكران! ([41]) »

وهذه من مظاهر عناية الخالق جل وعلا بالطفل، أن وهب له عاطفة الأبوين ليبذل قصاري جهودهما وغاية مساعيهما في تربية الولد، وإعداده ليكون إنسانا مسلما وصالحا في الحياة.

4)- حقوق الطفل:

أ- الرضاعة والنفقة

﴿والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين﴾ البقرة 231.

تبين الآية الكريمة أنه على الوالدات -مطلقات أو غير مطلقات- أن يرضعن أولادهن مدة سنتين كاملتين دون زيادة عليهما إذا أريد إتمام المدة. ولا مانع من نقص ذلك إذا رئيت المصلحة فيه، والأمر متروك الاجتهاد والتقدير، والرضاع مندوب الأم بصفة عامة، لأن لبنها أفضل لبن باتفاق الأطباء وقد يجب إذا امتنع الطفل في الرضاع من غيرها، أولم يجد الوالد مرضعا لفقر وغيره([42]).

كما أوجب الله سبحانه وتعالى على الأب النفقة على الوالدات المطلقات وكسوتهن بما هو متعارف بدون إسراف ولا تقتير حتى تقوم بخدمته- الولد- حق القيام([43]).

ب- الحمل والفصال (العظام)

﴿حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين﴾ لقمان 13.

ومعنى الآية الكريمة أن الأم تحمل ولدها وهي كارهة وضعيفة. أي حملته وهي تهن وهنا على وهن، أي تضعف ضعفا فوق ضعف أي بتزايد ضعفها ويتضاعف لأن الحمل كلما ازداد وعظم ازدادت ثقلا وضعفا، ﴿ فصاله في عامين﴾ أي فطامه عن الرضيع لتحام عامين([44]).

ويقول الله سبحانه وتعالى في سورة الاحقاف ﴿حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا﴾. الآية 15 وفي هذه الآية دليل على أن أقل الحمل ستة أشهر لأن مدة الرضاع إذا كانت حولين بقيت للحمل ستة أشهر([45]).

وفي حالة الفصال، يستقل الطفل عن أمه في غذائه ولما كان الوالدان يشتركان في الطفل كان لهما الحق في أن يفطماه قبل المدة المقرر أو بعدها.


5)-تهذيب أخلاقه:

* الاسئذان وآدابه: قال تعالى: ﴿لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها....﴾ النور 27.

نهى الله سبحانه وتعالى المؤمنين عن دخول بيت ليس هو بيتهم إلى غاية هي الاستئناس وهو الاستئذان والتسليم أن يقول: السلام عليكم أأدخل؟ ثلاث مرات فإن أذن له وإلا رجع([46]).

هذا الخطاب موجه للمؤمنين، يدخل فيه الأطفال، وهذا ما سنتناوله في الآيات 58،59، 30، من سورة النور واستئذان الأطفال يتناول قبل الحلم وبعده .

أ- قبل الحلم:

﴿ يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكن والذين لم يبلغوا الحلم...﴾ النور 56.

لقد أمر الله سبحانه وتعالى الأطفال بالاستئذان في الأوقات الثلاث المذكورة، وأبيح لهم الأمر في غير ذلك، وذكر إسماعيل بن إسحاق كأن يقول ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم مما ملكت أيمانكم على التقديم والتأخير.

وقد أمروا أن يستأذنوا في الدخول ثلاث مرات في اليوم.

-من قبل صلاة الفجر: لأنه وقت القيام من المضاجع وطرح ما ينام فيه من الثياب ولبس ثياب اليقظة.

- وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، وهي نصف النهار في القيظ، لأنها وقت وضع الثياب للقيلولة.

- ومن بعد صلاة العشاء لأنها وقت التجرد من ثياب اليقظة والالتحاق بثياب النوم.

هذه الأوقات الثلاثة عورات لان الإنسان يختل سترته فيها([47]).

ب)- بعد الحلم:

﴿وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم﴾ أي أن الأطفال مأذون لهم في الدخول بغير إذن إلا في العورات الثلاث، فإذا اعتاد الأطفال ذلك ثم بلغوا بالاحتلام أو بالسن، وجب أن يفطموا عن تلك العادة، ويحملوا على أن يستأذنوا في جميع الأوقات كالرجال الكبار([48])، ومثل هذه القواعد التي أشار إليها القرآن الكريم، في تربية الولد وتعويده منذ نعومة أظافره على الآداب الاجتماعية وتخليقه على مبادئ تربوية هامة... حتى إذا شب الولد وتدرج في سن الطفولة أصبح يدرك حقائق الأشياء، وكان تعامله مع الآخرين في غاية البر والإحسان.

6)- معاملة اليتيم وحفظ ماله

أ- معاملته: لقد اعتنى القرآن الكريم بالطفل اليتيم عناية خاصة، هذا اليتيم الذي ابتلي بموت أحد والديه وهو صغير، إذا لم يجد اليد الحانية التي تحنو عليه، والقلب الرحيم الذي يعطف عليه، وإذا لم يجد من الأوصياء المعاملة الحسنة التي ترفق به والرعاية الكاملة، التي ترفع من مستواه، والمعونة التامة التي تسد جوعته، لا شك أن هذا اليتيم سوف يصبح أداة هدم وتخريب لكيان الأمة([49])، لكن القرآن الكريم بتشريعه الخالد وتوجيهاته الرشيدة أمر الأوصياء وكل من له صلة قرابة باليتيم، أن يحسنوا معاملته وان يقوموا على أمره وكفالته وأن يشرفوا على تأديبه وتوجيهه، حتى يتربى على الخير، وينشأ على المكارم الخلقية والفضائل النفسية الكريمة.

ومن هذه الآيات الكريمات: قوله عز وجل:

﴿فّأما اليتيم فلا تقهر﴾ الضحى 9 حيث نهى الله سبحانه وتعالى عن قهر اليتيم، وأمر بمعاملته معاملة إنسانية.

قال ابن كثير: أي كما كنت يتيما فآواك الله فلا تقهر اليتيم، أي لا تذله ولا تتهره وتهته لكن أحسن إليه وتلطف به([50]).

وقال جلا وعلا في الآية 6 من سورة الضحى: ﴿ألم يجدك يتيما فآوى﴾ الضحى، الآية6، إشارة إلى امتنان الله على نبيه صلى الله عليه وسلم حيث آواه عندما كان يتيما وذلك أن عمه رباه وضمه إليه وكفله([51]).

ونجد في الآية الثانية من سورة الماعون ﴿... فذلك الذي يدع اليتيم﴾ سورة الماعون الآية2، علامة المكذب بالدين الذي يدفع اليتيم دفعا عنيفا بجفوة وأذى، ويرده ردا قبيحا بزجر وخشونة([52]).

ونلمس في الآية 8 من سورة الإنسان ﴿ويطعمون الطعام على حبه مسكينا﴾ أن من صفات الأبرار الأتقياء إطعام المسكين واليتيم([53]).

وفي الآيتان 14 و 15من سورة البلد ﴿أو إطعام في يوم ذي مسبغة يتيما ذا مقربة﴾ ذكر نعم الله على الإنسان ولكن هذا الأخير كفر بالمنعم فلم ينفق ماله فيما ينبغي، ومن الأشياء النافعة الجديرة بالإنفاق فيها إطعام الطعام للمساكين واليتامى([54]).

وفي الآية 220 من البقرة ﴿ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خيرا﴾ أمر الله المكلفين بشؤون اليتامى أن يخالطوهم على وجه الإصلاح لهم وأموالهم وذلك خير من مجانبتهم فإذا خالطوهم فهم إخوانهم في الدين ومن حق الأخ أن يخالط أخاه فالله يعلم المفسد لأمالهم من المصلح لها وسيجازي كلا على عمله فليحذروا ولا يتحروا غير الإصلاح([55]).

وفي الآية 3 من سورة النساء ﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع﴾ حيث وجوب التزام العدل في لإشراف على أموال اليتامى أو في الزواج بهن، وسبب نزول هذه الآية: روى الصحيحان والنسائي والبيهقي وغيرهم عن عروة بن الزبير أنه سأل خالته عائشة أم المؤمنين (ض) عن هذه الآية فقالت: يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها، يشركها في مالها ويعجبه مالها وجمالها فيريد أن يتزوجها من غير أن يقسط في صداقها فلا يعطيها ما يعطى أترابها من الصداق فتهوا عن ذلك...» ([56]).

وتخويفا للأوصياء من عدم العناية باليتامى جاء في الآية 9 من النساء ﴿وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم...﴾ أمر الله لهم أن يشفقوا على من في حجورهم من اليتامى، فعليهم أن يتذكروا ما سيؤول إليه أمر أبنائهم إذا تركوهم ضعافا وخافوا عليهم الضياع لذهاب كافلهم.

وكذلك وفي الآية 9 من النساء ﴿ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم...﴾ جواب الله تعالى نبيه (ص) على سؤال استفتاه في يتامى النساء اللاتي لا يعطوهن حقهن في الإرث إذا كان في أيديهم حيث يرغبون في نكاحهن لجمالهن والتمتع بأموالهن وكذا الشأن في المستضعفين في الولدان([57]). وخلاصة القول أن الله سبحانه وتعالى يذكر بحق اليتامى ويدعو إلى معاملتهم بالعدل والإحسان والعناية بشؤونهم الخاصة، وما تفعلون خير قليل أو كثير فإن الله به عليم فيجازيكم عليه أحسن الجزاء وهذا تهييج على فعل الخيرات وامتثال الأوامر.

ب- حفظ ماله : وفي حفظ ماله نجد آيات كثيرة منها:

-الآية 153 من سورة الأنعام: ﴿ ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده﴾، في هذه الآية نهي الله المؤمنين عن قرب مال اليتيم إلا بما يصلحه من استثماره بطرق مشروعة وذلك حتى يبلغ أشده فيسلم إليه([58]).

- وفي الآية 2 من النساء: ﴿وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب﴾ يأمر الله تعالى بدفع أموال اليتامى إليهم، إذا بلغوا الحلم كاملة موفرة وينهى عن أكلها وضمها إلى أموالهم والخطاب للأوصياء مادام المال بأيديهم واليتامى عندهم([59]) كما نهى عز وجل، عن إضافة أموال اليتامى إلى أموال الأوصياء، لأن ذلك يكون بمثابة استبدال الحلال الذي هو مالهم بالحرام الذي هو مال اليتامى، فيكون هذا ذنبا عظيما وإثما كبيرا، بل هو من كبائر الذنوب العظيمة إلا عند الحاجة والضرورة ويجب أن يكون ذلك مقننا عملا بالآية الكريمة ﴿فمن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف([60]).

- وفي الآية 6 من النساء ﴿وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح...﴾. والمعنى هو اختبار الأيتام وتدبيرهم على حسن التصرف بالأموال قبل دفع أموالهم، إليهم ومعنى الاختبار هو أن يتأمل الوصي أخلاق يتيمه، ويستمع إلى أغراضه، فيحصل له العلم بنجابته، والمعرفة بالسعي في مصالحه، وضبط ماله، فإذا توسم الخير فلا بأس أن يدفع إليه شيئا من ماله يبيح التصرف فيه، فإن نماه وحسن الظرفيه، فقد وقع الاختبار، ووجب على الوصي تسليم جميع ماله إليه وإن ساد النظر فيه وجب عليه إمساك المال عنده([61]).

- وفي الآية 10 من سورة النساء: ﴿إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا...﴾.

سبب النزول: قال مقاتل بن حبان: نزلت في رجل من غطفان يقال له مرثد بن زيد، ولي مال ابن أخيه، وهو يتيم صغير، فأكله فأنزل الله فيه هذه الآية([62]).

وقد أكد الله سبحانه وتعالى وذكر بالعقاب الشديد لمن يأخذ مال اليتيم ظلما بغير حق، وهو دخول النار وإحراقهم بها وهي نار مستعرة شديدة، الإحراق وقودها الناس والحجارة وقانا الله منها([63]).

وقصة الغلامين اليتيمين المذكورين في الآية 82 من الكهف ﴿وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة...﴾ هذا الجدار الذي أتعب سيدنا الخضر نفسه في إقامته ولم يطلب عليه أجرا من أهل المدينة كان يخبئ تحته كنزا، ويغيب وراءه مالا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة... ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتها وضعفهما فأراد أن يكبرا وأن يشتد عودهما ويستخرجا كنـزهما وهما قادران على حمايته([64]).

لقد خص القرآن الكريم اليتامى بهذه الأحكام نظرا لما يستدعيه حالهم من الرعاية والاهتمام الخاصين ولحمايتهم من طمع بعض من لا يخشى الله في سلب أموالهم وتعليم الناس ضرورة التكافل والتراحم، والتعاطف في الظروف التي لا تستقيم فيها حياة الأمة إلا بذلك، ومنها وفاة العائلين التي تنشأ عنها ضرورة رعاية اليتامى والأرامل وإمداد المساكين وهكذا ترى أن التربية الإسلامية من خلال المنهج القرآني القويم قامت بأعظم دور عرفته الإنسانية في حماية الطفولة المبكرة من الضياع.... ([65]).

* أيتام لكن عظماء

كثيرا ما تأتي المنحة من رحم المحنة؛ فربما يكون ذلك دافعا للتميز والتفوق؛ فما أكثر الصور المشرقة لأيتام تميزوا وبرزوا وكانت لهم بصماتهم الواضحة على المجتمع من حولهم. ويأتي على رأس هؤلاء الأيتام العظام:

¨ سيد الخلق وإمام الحق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي توفي أبوه قبل ولادته وماتت أمه وهو في طفولته، وتولى رعايته جده عبد المطلب ثم عمه أبو طالب؛ حتى شب وجاءه الوحي من السماء حاملا البشرى والنور والهداية للعالمين، وقد خاطبه ربه فقال: "ألم يجدك يتيما فآوى".

¨ السيدة مريم العذراء، التي أشرنا إلى قصتها سابقا، والتي بشرتها الملائكة: "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين"، وقال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: "كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون...".

¨ الحافظ ابن حجر رحمه الله؛ فقد ربته أخته ست الكب بنت علي بن محمد بن محمد بن حجر. قال عن نفسه: "ولدت في رجب سنة سبعين في طريق الحج، وكانت -أي أخته- قارئة كاتبة في الذكاء، وهي أمي بعد أمي".

¨ إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، وأصله من البصرة، ولد عام 164هـ في بغداد، وتوفي والده قبل مولده؛ فنشأ يتيما، وتولت رعايته أمه، وحرصت على تربيته كأحسن ما تكون التربية، وعلى تعليمه فروع الثقافة التي كانت سائدة؛ فحفظ القرآن الكريم، وانكب على طلب الحديث في نهم وحب، وبز أقرانه في الفقه حتى صار أحد أصحاب المذاهب الفقهية الأربعة المعتبرة([66]).

4- استنتاجات:

- بعد تحليل الآيات المختارة يمكن أن نستنتج ما يلي:

أ - أن أغلبية الآيات مدنية حيث أن المجموع هو 34 آية منها 11آية مكية والباقي 23 مدنية.

وعلى هذا فالتشريع للطفل وقع في المدينة والآيات المكية تناولت حالة البنت في الجاهلية، والنهي عن قتل الأولاد مخافة الفقر ثم الحض على الاعتناء باليتيم.

والآيات المدنية تناولت أحكام الرضاعة والنفقة والحمل والفصال والعدة، والاستئذان، وإعطاء الأموال لليتامى يبعد بلوغهم الحلم وحذرت آكلي أموالهم وكذا التحجير على السفهاء.

ب- أن القرآن اعتنى بالطفل منذ الحمل حتى آخر المطاف.

ج- وازن بين الجوانب المختلفة في تربية الطفل: الناحية الجسمية والروحية والعقلية.

ذ - أن القرآن وضع حقوقا للإنسان وضمنه الطفل منذ 14 قرنا فالإسلام هو السباق إلى الاعتناء بحقوق الطفل بل أن يعرفه العالم المعاصر في ميثاق الأمم المتحدة.


خاتـــــمة:

لقد حاولت من خلال بحثي المتواضع أن أبرز مظاهر العناية الفائقة التي حظي بها الطفل من خلال القرآن الكريم، وقد خلصت إلى النتائج التالية:

1- الاهتمام البالغ والعناية الشاملة وغير المسبوقة في أي زمان ومكان عناية أحاطت بكل جوانب حياته. فقد أنشأ القرآن الكريم قواعد عامة تحكم علاقة الكبير بالصغير وذلك ليضمن لــه النمو المتوازن.

2- أهمية التربية الإسلامية التي تستمد قواعدها من كتاب الله وسنة نبيه؛ في تربية تنشئ صالح مبدع، ومتشبث بأصول دينه وشريعته.

3- الدور العظيم للسنة النبوية الشريفة في تربية الطفل وقد حاولت أن انوه إلى ذلك ردا عن شبهة من يزعم أن الرسول (ص) لم يأت إلا لكرب الذين لم يسلموا ناسيا ما يهم تربية الإنسان.

وقد قمت بإبراز مظاهر العناية بالطفل من خلال جرد الآيات القرآنية المختلفة، وتصنيفها حسب معالجة مشاكل الطفل، فكثيرا ما نتحدث عن ذلك ولكن في غياب الآيات التي تعالج هذا الأمر يصعب علينا أن ندرك الموضوع ونعطيه حقه الذي يستحقه، وقد استعنت بعدد من البحوث القديرة في هذه المجال، وآمل أن أكون قد وفقت في عرض الموضوع بشكل مقبول والإحاطة به والإلمام بكل جوانبه.

وأخيرا أريد أن أقول بأننا أمة إسلامية، أعزنا الله بإسلامنا فلنعد إلى شريعتنا، ولنتخذها سراجا لنا ينير دربنا في جميع أمور ديننا ودنيانا، وأن نتخذها منهاجا لتربية الأجيال تربية قويمة وسديدة تعيد الأمة عزتها وقدرها ومكانها.


لائحة المراجع

1- القرآن الكريم

2- الأساس في التفسير: سعيد حوى، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، ط:1985م.

3- الجامع الأحكام القرآن: الإمام أبو عبد الله محمد ابن أحمد الأنصاري القرطبي، دار الكتب العلمية، ط:1، 1988م.

4- تفسير المنار: محمد رشيد طه، دار المعرفة/ بيروت، لبنان، ط:2.

5- في ظلال القرآن: سيد قطب، دار الشروق، الطبعة الشرعية العاشرة 1982م.

6- التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج.

7- الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي/ دار الفكر المعاصر: بيروت، لبنان/ط:1991م

8- تفسير ابن كثير: دار الفكر، ط:2، 1970م.

9- تفسير المنارة محمد رشيد طه، دار المعرفة.

10- تفسير النسفي، تحقيق مروان محمد الشقار، ج1 دار "النفائس"، ط11، 1996.

11- صفوة التفاسير، تأليف محمد علي الصابوني، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة 2، 1998م.

12- صحيح البخاري: الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ج1، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان.

13- صحيح مسلم: أبو الحسن مسلم بن الحجاج، تحقيق فؤاد عبد الباقي، بيروت، دار إحياء التراث، ط4، 1991.

14- معجم مفردات ألفاظ القرآن: الراغب الأصفهاني.

15- لسان العرب: لابن منظور، دار صادر للطباعة والنشر بيروت، ط:1955م.

16- المعجم الوسيط، عبد السلام هارون، مطبعة مصر، 1961م.

17- منهج القرآن في التربية، محمد شديد، مؤسسة الرسالة، ط:1979.

18- التربية الإسلامية والمشكلات المعاصرة، عبد الرحمن النحلاوي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط:2، 1988م

19- الأصول التربوية لبناء الشخصية المسلمة، الدكتور عبد الودود مكروم، تقديم الدكتور النقيب/ط: 1416هـ/1996م، دار الفكر.

20- مبادئ تربية الأسرة ومناهجها في ظلال تعاليم الإسلام، بحوث ندوة عقدت بجامعة القرى في مكة المكرمة، منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، إيسيسكو 1421هـ/2001م

21- تربية الأولاد في الإسلام، ج1، الطبعة8، 1985م، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع ج2.

22- تربية المسلم على هدي الشريعة في مواجهة التحديات عالم معاصر، د يوسف المعطي/ الإيسيسكو/ 1418هـ/ 1994م.

22- القيم الإسلامية في المناهج الدراسية/ خالد الصمدي إيسيسكو/ 1424هـ/2003م

23- معجم علوم التربية (مصطلحات البيداغوجيا والدياكتيك).


فهرس الموضوعات

المدخل...................................................................

1

1-سبب اختيار الموضوع........................................

1

2- محتوياته.....................................................

3

3- الطفل في القرآن والسنة......................................

4

الفصل الأول:

8

1- تحديد المفاهيم.................................................

أ- التربية ...................................................

ب- الطفل.....................................................

ج- القرآن.....................................................

د- اليتيم......................................................

9

9

10

12

13

2- أسس التربية الإسلامية........................................

14

أ- الأساس العقدي............................................

14

ب- الأساس التعبدي...........................................

16

ج-الأساس العلمي والفكري....................................

17

د- الأساس الاجتماعي........................................

19

3- مكانة التربية الإسلامية بين النظريات التربوية المعاصرة......

20

الفصل الثاني: مظاهر العناية بتربية الطفل في القرآن

23

1- منهج القرآن بدور التربية.....................................

24

2- عناصر الآيات المختارة ......................................

28

3- تحليل الآيات المختارة.........................................

32

* تكريم الإسلام للأنثى......................................

32

* النهي عن قتل الأولاد.....................................

33

* العناية بالطفل منذ الحمل حتى الحلم ......................

33

* حقوق الطفل .............................................

35

* تهذيب أخلاقه ............................................

37

* معاملة اليتيم وحفظ ماله..................................

38

4- استنتاجات ...............................................

44

خاتمة..................................................................

45

لائحة المراجع .........................................................

46

فهرس الموضوعات.....................................................

48



([1])- التربية الإسلامية والمشكلات المعاصرة: ص 32.

([2])- سورة سبأ، الآية 15

([3])- سورة آل عمران الآية6

([4])- سورة يوسف: الآية 43

([5])- نفس السورة آية50 .

([6])- معجم علوم التربية ص94

([7])- المعجم الوسيط ص560

([8])- معجم التربية والتعليم: ص 147

([9])- لسان العرب: ج1 ص128

([10])- معجم مفردات ألفاظ القرآن ص 414.

([11])- المعجم الوسيط ج2 ص 1063.

([12])- التربية الإسلامية والمشكلات المعاصرة: ص 32.

([13])- التربية الإسلامية والمشكلات المعاصرة، ص:42

([14])- نفس المصدر ص:28 .

([15])- نفس المصدر ص42

([16])- منهج القرآن في التربية ، ص: 255.

([17])- الأصول التربوية لبناء الشخصية المسلمة: ص174

([18])- نفس المصدر ص174.

([19])- تربية الأولاد في الإسلام، ج1 ص 255.

([20])- تربية المسلم على هدى الشريعة في مواجهة تحديات عالم معاصر: ص: 16.

([21])- تربية الأولاد في الإسلام، ج1 ص 256.

([22])- نفس المصدر ج1 ص 266.

([23])- مبادئ تربية الأسرة ومناهجها ص 125.

([24])- تربية الأولاد في الإسلام ج1 ص 353

([25])- الحلال والحرام في الإسلام ص300.

([26])- سورة الحشر: الآية9.

([27])- سورة البقرة، الآية 235.

([28])- مبادئ تربية الأسرة ومناهجها في ظل تعاليم الإسلام، ص 126.

([29])- سورة النحل،الآية 90.

([30])- تربية الأولاد في الإسلام،ص 373.

([31])- سورة لقمان، الآية 13.

([32])- مبادئ تربية الأسرة ومناهجها في ظل تعاليم الإسلام، ص 55.

([33])- مبادئ تربية الإسلام ومناهجها في ظل تعاليم الإسلام ص 56.

([34])- سورة آل عمران الآية: 110.

([35])- في ظلال القرآن الكريم، ج 5/ ص 279.

([36])- رواه أبو داوود في سننه.

([37])- رواه مسلم: كتاب البر والصلة والأدب، باب فضل الإحسان إلى البنات: رقم الحديث: 2629.

([38])- التفسير المنير.

([39])- التفسير المنير ج2 ص320.

([40])- تربية الأولاد في الإسلام ج1ص 49.

([41])- في ظلال القرآن ج 6ص 3261

([42])- التفسير المنير ج2، ص 309.

([43])- صفوة التفاسير ج1- ص 135.

([44])- الأساس في التفسير، مج 8 ص: 4318

([45])- الكشاف ج3، ص520.

([46])- الأساس في التفسير، المجلد 1 ص 3728.

([47])- الجامع لأحكام القرآن المجلد 6 ص 200.

([48])- الأساس في التفسير مجلد III ، ص3818.

([49])- تربية الأولاد في الإسلام ج I ص 146.

([50])- الأساس في التقوى مج 11 ص 569.

([51])- تفسير النسفي ج4 ص 364.

([52])- الأساس في التقوى مج 11، ص 6701

([53])- نفس المصدر

([54])- تفسير النسفي ج4 ص 358

([55])- نفس المصدر ج1 ص 110

([56])- التفسير المنير ج3.

([57])- تفسير المنار ج5 ص 77.

([58])- تفسير النسفي ج2 ص40

([59])- نفس المصدر ج3 ص 228.

([60])- نفس المصدر.

([61])- التفسير المنير ج3 ص 256

([62])- نفس المصدر ج3 ص 261.

([63])- نفس المصدر ج3 ص 264

([64])- في ظلال القرآن ، مج IV ص 2282.

([65])- التربية الإسلامية والمشكلات المعاصرة ص 131.

([66])- مجلة قضايا/ العدد السادس، ص7.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية الأنساق العامة: إمكانية توظيفها في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية

ملخص الأدب مدرسة الإحياء و البعث (الاتباعية - الكلاسيكية الجديدة)

السيميائية :أصولها ومناهجها ومصطلحاتها