التعاون التكنولوجي واندماج المؤسسات

عرف الاقتصاد العالمي تقدما كبيرا وتحولات جذرية لم يشهد لها التاريخ مثيلا، فبعد إن كان يعتمد في نموه على عوامل الإنتاج التقليدية من رأسمال ويد عاملة ومواد خام ، برزت التكنولوجية كعامل مؤثر في العملية الإنتاجية.

كما أن التطورات التكنولوجية التي شهدها العالم أدت إلى ظهور فجوات عميقة بين البلدان النامية والدول المتقدمة التي تتميز بمنتجات أكثر جودة بفضل إستخدامها أحدث الوسائل والمعارف التكنولوجية وتسخيرها في العملية الإنتاجية ، لذلك توطدت العلاقة بين الإقتصاد والعلم والتكنولوجية، ولكون المؤسسة قطبا تكنولوجيا فعالا ونظرا للدور الذي تلعبه في بناء قاعدة معرفية تكنولوجية ، لذا تكتسي دراسة التكنولوجية داخل المؤسسة الاقتصادية خاصة الصناعية منها وكذا التعاون التكنولوجي بينها وعلاقته بإندماجها فيما بينها بعدا ودافعا اقتصاديا كبيرا لموارد المؤسسة المختلفة ، كما أنها تمثل أحد محاور التفكير الاستراتيجي لكل مؤسسة حديثة تتعامل مع محيط ميزته التطور السريع في مجال العلم والتكنولوجية ، فالوعي بضرورة التحكم في الذمة التكنولوجية داخل المؤسسة واقع مفروض ، بل يجب على المؤسسة الحديثة الانتقال من دور المستهلك للتكنولوجية إلى دور المنتج ، يساعد على تذليل الصعوبات التقنية المتعلقة بالعملية الإنتاجية .

من خلال ما سبق قد نتساءل عن المقصود الدقيق للتكنولوجيا خاصة مع انتشارها بشكل واسع ، وكذلك التعاون في مجال التكنولوجيا ، إندماج المؤسسات .

سنحاول في هذا البحث توضيحه من خلال ثلاثة فصول ، الأول يتناول موضوع التكنولوجيا والفصل الثاني يتناول موضوع إندماج المؤسسات أما الفصل الثالث فيتناول عنصر التحالف الإستراتيجي كأدة في بناء التعاون التكنولوجي بين المؤسسات .

الفصل الأول: التعاون التكنولوجي

المبحث الأول: المفاهيم المختلفة للتكنولوجيا.

يعتبر لفظ التكنولوجيا من أكثر الألفاظ تداولا في عصرنا الحالي ، غير أنه بقدر ما يزداد شيوع استخدامه ، يزداد الغموض واللبس فيه ، فموضوع التكنولوجيا لا يزال يطرح تساؤلات عديدة بشأن تحديد مفهوم دقيق لها من طرف علماء الاقتصاد وعليه تعددت الرؤى وإختلفت المفاهيم حولها نذكر منها:

- التكنولوجيا: هي الأدوات أو الوسائل التي تستخدم لأغراض علمية تطبيقية والتي يستعين بها الإنسان في عمله لإكمال قواه وقدراته ، وتلبية تلك الحاجات التي تظهر في إطار ظروفه الإجتماعية وكذا التاريخية.

- كما أن التكنولوجيا: هي حصيلة التفاعل المستمر بين الإنسان والطبيعة ، تلك الحصيلة التي تزيد من كفاءة هذا التفاعل بهدف زيادة الإنتاج أو تحسين نوعه أو تقليل الجهد المبذول .

من ملاحظة هذين التعريفين نجد أنهما قد ركزا على التكنولوجيا المادية، التي تتمثل في المعدات والتجهيزات وهي الجزء الملموس من التكنولوجيا في حين أهملت الجزء غير المادي والمتمثل في الطرق العلمية للتشغيل والاستخدام([1]).

- ولعل من أكثر التعاريف شيوعاً أن التكنولوجيا (هي معرفة الوسيلة في حين أن العلم هو معرفة العلة) وتعددت المفاهيم والتعاريف للتكنولوجيا وتركزت حول وجهة النظر التقنية والاقتصادية ، فمن الناحية التقنية نجد أن مفهوم التكنولوجيا هو عبارة عن التطبيق العلمي للإكتشافات والاختراعات العلمية المختلفة التي يتم التوصل إليها من خلال البحث العلمي ، ومن الوجهة الإقتصادية فإن مفهوم التكنولوجيا هو عبارة عن تطوير العملية الإنتاجية والأساليب المستخدمة فيها بما يحقق خفض تكاليف الإنتاج أو تطوير الأسلوب([2]) .

- كذا هناك من يعرف التكنولوجيا على أنها مجمل المعارف العلمية المستخدمة في المجال الصناعي ، خاصة المكرسة لدراسة وتحقيق وإنتاج وتسويق السلع والخدمات السلعية لاستبدال العمل اليدوي بآلات حديثة ومتطورة.

- التكنولوجيا أيضا حسب البعض: هي عملية أو مجموعة من العمليات تسمح من خلال طريقة واضحة للبحث العلمي ، تحسين التقنيات الأساسية وتطبيق المعارف العلمية من أجل تطوير الإنتاج الصناعي.

كما أننا نفرق بين التكنولوجيا والتقنية من حيث مدلولهما فالتقنية عند jeau l'ourastie : هي فن استعمال الموارد الطبيعية من أجل تلبية الحاجات المادية للإنسان وهي تعني الصنع أو التطبيق الذي يقوم أساسا على قواعد منظمة أو علمية ، أو هي المكنات والمعدات اللازمة لإنتاج سلعة معينة ، بمعنى تدل على الإنتاج وكيفيته والوسائل التي يتم بها .

بينما تدل التكنولوجيا عند البعض: العلم، الدراسة­([3]) .

-خصائص التكنولوجيا :

1- التكنولوجيا علم مستقل له أصوله وأهدافه ونظرياته .

2- التكنولوجيا علم تطبيقي يسعى لتطبيق المعرفة .

3- التكنولوجيا عملية تمس حياة الناس .

4- التكنولوجيا عملية تشتمل مدخلات وعمليات ومخرجات .

5- التكنولوجيا عملية شاملة لجميع العمليات الخاصة بالتصميم والتطوير والإدارة .

6- التكنولوجيا عملية ديناميكية أي أنها حالة من التفاعل النشط المستمر بين المكونات .

7- التكنولوجيا عملية نظامية تعتني بالمنظومات ومخرجاتها نظم كاملة أي أنها نظام من نظام .

8- التكنولوجيا هادفة تهدف للوصول إلى حل المشكلات .

9- التكنولوجيا متطورة ذاتيًا تستمر دائمًا في عمليات المراجعة والتعديل والتحسين .

ومن التعريف يمكن تحديد المكونات الثلاثة التالية للتكنولوجيا :

*المدخلات Inputs : وتشمل جميع العناصر والمكونات اللازمة لتطوير المنتج من : أفراد ، نظريات وبحوث ، أهداف ، آلات ، مواد وخامات ، أموال ، تنظيمات إدارية ، أساليب عمل ، تسهيلات .

*العمليات Processes : وهى الطريقة المنهجية المنظمة التي تعالج بها المدخلات لتشكيل المنتج .

*المخرجات Outputs : وهى المنتج النهائي في شكل نظام كامل وجاهز للاستخدام كحلول للمشكلات([4])

المبحث الثاني: طرق نقل التكنولوجيا:

بالنظر للعلاقات القائمة بين عارضي وطالبي التكنولوجيا نجد أن نقل التكنولوجيا يعني تبادل المعلومات التقنية بشكل يسهل معه تطبيقها تطبيقاً علمياً وفي هذا الصدد نميز بين نوعين أساسيين لنقل التكنولوجيا أحدهما يتحقق في إطار علاقة تبعية كاملة من قبل الطرف الطالب ويتعلق هذا الفرض بالاستثمار المباشر في الخارج .

وثانيهما ينصب على طريقة نقل التكنولوجيا التي تنجز في إطار استغلال قانوني مطلق أو نسبي بين المورد والمكتسب للتكنولوجيا وهذا ما يتم في الشكل التقاعدي .

أولا: الاستثمار المباشر كطريقة لنقل التكنولوجيا :

شهدت الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية حتى الستينات إزدهار نظرية النمو ، عن طريق إمداد الدول المتخلفة صناعيا برؤوس الأموال وكذلك ازدهار النظرية القانونية للإستثمار المباشر الأجنبي فيها ، وذلك بغرض الحصول على المواد الأولية وتبادل المنتجات وعلى عكس ذلك فلقد طرحت فترة السبعينات مسألة السيطرة الاقتصادية في البلدان المتخلفة صناعية بطريقة أكثر حدة حيث تواجه فيها الشركات المتعددة الجنسيات صعوبات تدفعها إلى تغيير موقفها بصدد الاستثمارات المباشرة وتفضل في بعض الأحيان سياسة التعامل وإقامة المشروعات المشتركة.

ثانيا: الطرق التعاقدية لنقل التكنولوجيا:

تعاني معظم البلدان النامية من إتساع فجوة التخلف التكنولوجي بينها وبين الدول المتقدمة وهذه المشكلة تعتبر من الأساليب الرئيسية في إعاقة برامج التنمية في هذه البلدان . ومع بداية النصف الثاني من القرن العشرين على وجه التقريب اتجهت معظم هذه البلدان إلى تبني سياسات اقتصادية جادة تستهدف فتح الباب للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة ، من خلال الشركات المتعددة الجنسيات كآلية فاعلة لتضييق فجوة التخلف التكنولوجي . ولهذا النوع طريقتين:

*الطرق التعاقدية التقليدية لنقل التكنولوجيا (عقد الترخيص الصناعي):

وفق هذه الطريقة النقل التكنولوجي ليس مجرد نقل للأجهزة أو الآلات والمعدات بل نقل المعرفة أيضا والطرق العلمية للإنتاج ، كما أن عقد الترخيص الصناعي هو عقد رضائي بين طرفيه (المرخص ، والمرخص له) ، وقد يشمل هذا العقد حقا (أو أكثر) من حقوق الملكية الصناعية يمنحه الطرف الأول للطرف الثاني.

*الطرق التعاقدية الجديدة لنقل التكنولوجيا:

من الناحية العلمية فإن الإنتقال من مرحلة اكتساب التكنولوجيا عن طريق عمليات مستقلة إلى إكتساب التكنولوجيا المدرجة في التصرف الخاص بالإستثمار سوف يتم في مرحلتين متمايزتين :

أ* تعقد مسؤولية موردي التكنولوجيا على إقامة مجتمع جاهز للتشغيل وصالح لتحقيق النتائج المتفق عليها وهذه العملية يعبر عنها بعقد تسليم المفتاح في اليد . ويتضمن هذا أن يكون المكتسب قادرا على تنسيق العديد من الأنشطة التي تدخل في إنجاز المجمع الصناعي[5] .

ب* تمتد الإلتزامات المنبثقة من عقد تسليم المفتاح باليد مع الإبقاء على مسؤولية مورد التكنولوجيا خلال الفترة اللازمة للسيطرة الصناعية المستقلة

للمنشأة بواسطة المستخدمين المحليين، وهذه العملية يعبر عنها بعقد المنتوج باليد .

والهدف من هذا العقد هو تأكد المكتسب بأن المنشأة الصناعية تحقق الإيراد المرجو منها وذلك عن طريق استخدام العمالة المحلية.

المبحث الثالث: أشكال حصول المؤسسة على التكنولوجيا.

حتى تبقى المؤسسة دائما في صورتها الإيجابية وللمحافظة على سمعتها في السوق وتفاديا لعدم الاستمرارية . فإن المؤسسة تتخذ سياسة فعالة لحيازة التكنولوجيات الجديدة والإبداعات التكنولوجية التي تضمن إستمراريتها وبقائها وأشكال الحصول على التكنولوجيا تصنف بدلالة بعدين.

-أحدهما يتمثل في الإدماج التام للأنشطة التي تهدف لحيازة التكنولوجيا اللازمة ذاتيا.

-أو عليها حيازة التكنولوجيا من مصادر خارجية عن المؤسسة وفي كلتا الحالتين هناك إمكانيات متنوعة للحصول على التكنولوجيا منها:

1- الإدماج الداخلي لوظيفة البحث والتطوير: كوسيلة للحصول على التكنولوجية وكمصدر لترقية الإبداع التكنولوجي وتحقيق منتجات جديدة.

2- عقود التعاون: نظرا للتكاليف الباهظة للبحث والتطوير ونظرا لتعدد التكنولوجيات التي يجب إستعمالها في المنتجات وطرائق الإنتاج الصناعي ، كل هذه الظروف دفعت المؤسسات للتعاون فيما بينها لإيجاد أشكال جديدة للتكنولوجيات ، ويتم ذلك بعقد اتفاق تعاون يقضي إقتسام التكاليف والأخطار والعمل على البحث المشترك لتطوير التكنولوجيات . ومن نتائج هذه العقود

1ـ يسرّع من إمكانات تبنّي وتقبل وإستيعاب التكنولوجيات الجديدة ويجعل تحقيقها وتطبيقها عملياً أكثر سهولة مما لو كانت الجهود المبذولة في هذا الصدد فردية .

2ـ يؤدي إلى تركيز الجهود المتعلقة بالبحث والتطوير، وتوجيهها لتحقيق أعلى الفوائد .

3ـ يوسع ويعمم قواعد فهم التكنولوجيا وانتشار الخبرة .

4ـ يؤدي إلى تعزيز شامل للجدارة والكفاية العلمية والتكنولوجية ، ويشجع التعاون في الحقول الأخرى ذات العلاقة بها .

3- شراء التراخيص: يعتبر شراء أو إستعمال التراخيص الطريق المباشر والأسرع للحصول على التكنولوجية لإقتحام أسواق جديدة وتوسيع قائمة المنتجات وهذه طريقة أقل خطورة وأقل تكلفة . ويكون ذلك مفضلا لدى المؤسسات التي لا تتوفر على موارد مالية كافية لإدماج وظيفة البحث والتطوير داخليا .

4- شراء مؤسسات أخرى: تلجأ المؤسسات أيضا من أجل الحصول على التكنولوجيا إلى شراء مؤسسات أخرى ، وتعتبر هذه الطريقة أيضا سريعة لكسب الوقت ولاكتساب التكنولوجيا .

5- إعتماد البحث والتطوير الخارجي: قد تفضل المؤسسة الحصول على التكنولوجيا بتكليف مؤسسات خاصة أو عمومية للبحث والتطوير، كأن تكلف مكاتب دراسات ، مراكز بحث عمومية أو خاصة ، مكاتب الاستشارات التقنية والجامعات لتبني مشاريع بحث تكنولوجي يخص المؤسسة.

المبحث الرابع: آثار التكنولوجيا وتسييرها في المؤسسة الصناعية

يجب على المؤسسة أن تأخذ بعين الاعتبار ما يسمى بالاستثمار التكنولوجي وهذا وقفا للإجراءات التالية:

أ- توزيع الاستثمار التكنولوجي: يجب الإشارة والتركيز على أن العائد أو المردود المتأتي من أي استثمار تكنولوجي يتبع نفس ميل تطور التكنولوجيا المعنية، ويتبع هذا العائد قانون الغلة المتناقصة، حيث تكون مرحلة الانطلاق ذات تكاليف جد مرتفعة، لأن هذه التكنولوجيا حديثة الولادة، ومازالت محلا للتجربة وتحتاج إلى تكاليف لإدخالها إلى الميادين العلمية وإظهارها في السوق، ثم تأتي مرحلة النمو، وفيها تكون التكاليف أقل ارتفاعا حيث عادة تقتصر على تكاليف الدعاية والإعلان للتعريف أكثر بالتكنولوجيا، هنا يعرف العائد نموا قويا، فالتكنولوجيا قد وضعت محل التطبيق وبدخول مرحلة النضج، يعرف العائد تناقصا، فالمنافسة تشتد وحظوظ المؤسسة تتناقص في المحافظة على أكبر حصة في السوق وبذلك تعرف الأرباح تراجعا وتدخل المؤسسة في هذه المرحلة مرحلة التخلي عن هذه التكنولوجيا، ويطرح إذن مشكل إعادة الاستثمار في تكنولوجيا جديدة.

ب: إن أي تهاون في الحساب الدقيق للوقت الذي تبدأ فيه التكنولوجيا بالتراجع، وعدم الإنطلاق مبكرا في البحث عن تكنولوجيا جديدة، قد يتسبب في تأخير دخول التكنولوجيا البديلة للمؤسسة إلى السوق ويعد السبب الرئيسي لذلك هو أن المؤسسة تستمر في الاستثمار التكنولوجي للتكنولوجيا القديمة ولا تتحضر جيدا للإنطلاق في استثمار تكنولوجي جديد في الوقت المناسب ويكون لهذا الإنقطاع بين ظهور التكنولوجيا الجديدة وتراجع القديمة، أثر مزدوج على المؤسسة فقد يؤدي هذا إلى أن المنافسين يستغلون الفرصة ويستفيدون من الفارق الزمني للظهور بالتكنولوجيا المنافسة البديلة، وغياب المؤسسة على السوق لفترة يكون ثاني آثاره وهذا له تأثير سلبي على الصورة الإيجابية لها في السوق الذي تنشط فيه والشكلين يضمان ما سبق[6].

ب. ايجابيات ومخاطر أشكال الحصول على التكنولوجيا[7]:

يمكن توضيح هذه النقطة من خلال الجدول التالي:

الجدول (1): يوضح مقارنة ما بين طرق الحصول على التكنولوجية من طرف المؤسسة:

طرق الحصول على التكنولوجيا

الوقت اللازم لذلك

التكلفة الناتجة

الخطر الذي يمكن التعرض له

درجة التحكم الناتجة

التطوير الداخلي

طويل

مرتفعة

مرتفع

مرتفعة

اتفاقيات التعاون

غير أكيد

غير أكيدة

ضعيف

غير أكيدة

اعتماد البحث والتطوير الخارجي

غير أكيد

غير أكيدة

ضعيف

غير أكيدة

شراء مؤسسات أخرى

قصير

مرتفعة

مرتفعة

غير أكيدة

التراخيص

قصير

ضعيفة

ضعيفة

ضعيفة

Source : jean – claud Torondeau: Recherche et developpement, Edition Vuibet 1994, France, p :73

الفصل الثاني: اندماج المؤسسات

المبحث الأول: مفهوم اندماج المؤسسات

عرف الاندماج بأنه: "العملية القانونية التي تجمع في شركة واحدة عدة شركات قائمة"

كما عرف بعض الفقهاء الاندماج بأنه: "التحام شركتين أو أكثر التحاما يؤدي إلى زوالهما معا وانتقال جميع أموالهما إلى شركة جديدة، أو زوال أحدهما فقط وانتقال جميع أموالها إلى الشركة الدامجة"

وفي تعريف آخر فقد عرف الاندماج بأنه: "عملية تتضمن قيام شركة أو عدة شركات بنقل كافة موجوداتها إلى شركة أخرى قائمة، يزيد رأسمالها بمقدار هذه الموجودات أو إلى شركة جديدة بحيث تتحمل الشركة الدامجة أو الجديدة كافة خصوم الشركة المندمجة وتؤول الأسهم أو الحصص الجديدة التي تمثل هذه الموجودات إلى الشركة المندمجة .

وقد عرف الاندماج أيضا بأنه: "فناء شركة أو أكثر في شركة أخرى، أو فناء شركتين أو أكثر وقيام شركة ينتقل إليها أموال الشركات التي فنيت "

وبدورنا، نعرف الإندماج بأنه: "عقد بين شركتين أو أكثر، يترتب عليه زوال الشخصية المعنوية للشركة أو الشركات المندمجة وتنتقل كافة أصولها وخصومها إلى الشركة الدامجة أو تنحل بمقتضاه شركتان أو أكثر فتزول الشخصية المعنوية لكل منهما وتكونان شركة واجدة جديدة لها شخصية معنوية مستقلة، وتنتقل كافة الأصول والخصوم إلى الشركة الجديدة"

-وهذا التعريف، يعتمد على أسس معينة هي:

1-يبين هذا التعريف أن الاندماج عقد يبرم بين الشركات الداخلة فيه ولذلك يلزم توافر الأركان العامة للعقد.

2-كذلك يبن التعريف الأثر المترتب على الاندماج وهو فناء وزوال الشخصية المعنوية للشركات المندمجة وكذلك انتقال أصول وخصوم الشركات المندمجة إلى الشركة الجديدة.

ما لا يعتبر اندماجا وفقا للتعريف:

1- عمليات التركيز الاقتصادي التي تتم بوسائل أخرى غير الاندماج مثل المشروع المشترك، والشركة القابضة وغيرها.

2- انضمام مشروع فردي إلى شركة: لأن أصل الاندماج أن يحدث بين شركتين قائمتين وبالتالي لا يعتبر انضمام مشروع فردي إلى شركة قائمة أو جديدة من الاندماج.

3- الاندماج الجزئي: فلا يعتبر اندماجا نقل جزء من ذمة شركة إلى شركة أخرى.

4- اندماج الجماعات التي لا تتخذ شكل شركة: فتعريف الاندماج لا يتناول سوى اندماج الشركات وليس الجمعيات أو المؤسسات العامة.[8]

المبحث الثاني : صور الاندماج وأنواعه

1) الإندماج حسب طبيعة النشاط :

*الإندماج الأفقي : ويتم بين شركتين أو أكثر لديهم نفس نوع النشاط أو أنشطة مترابطة كالبنوك

التجارية أو بنوك الإستثمار و الأعمال أو البنوك المتخصصة أو شركات التأمين وغيرها .

*الإندماج الرأسي : يتم بين المؤسسات مختلفة النشاط لكن أنشطتها متكاملة مثل شركات تصنيع القماش وشركات صناعة الملابس.

*الاندماج التكتلي : يسمى أيضا بالاندماج المتنوع أو التجميعي ويكون بين شركات تقوم بأعمال مختلفة ، أي كل شركة تقوم بنشاط لا علاقة له بنشاط الشركة الأخرى.

2)الإندماج حسب طبيعة العلاقة بين أطراف العملية :

*الإندماج الطوعي أو الإرادي : ويتم بموافقة مجلسي إدارة المؤسستين الدامجة والمندمجة بهدف تحقيق مصلحة مشتركة. وتشجع السلطات في العديد من الدول هذا النوع من الإندماج لتحقيق الحجم الإقتصادي الأمثل للوحدات الإنتاجية وجعلها قادرة على مواجهة المنافسة وتحقيق معدلات أعلى من الربحية و النمو .

*الدمج القسري أو الإجباري: تلجأ إليه السلطات كأخر الحلول للشركات المتعثرة أو التي على وشك الإفلاس والتصفية .

*الدمج العدائي : ويتم ضد رغبة مجلس إدارة الشركة المندمجة نظرا لتدني السعر الذي تقدمه الشركة الدامجة أو لرغبته في الإحتفاظ باستقلاليته[9] .

3) الإندماج حسب جنسية الشركات الداخلة فيه

* الاندماج بين شركات وطنية: حيث تكون جميع الشركات المندمجة منتمية لدولة واحدة.

*الاندماج بين شركات متعددة الجنسيات: كالاندماج الواقع بين شركات محلية وأخرى أجنبية، أو قد يكون الاندماج بين شركات أجنبية فيما بينها لينشأ شركة أجنبية وطبيعي يجب مراعاة نصوص قانون كل دولة من الدول التابعة لها الشركات الداخلة في الاندماج.

4) الاندماج من حيث تأثيره على شخصية الشركة أو الشركات الداخلة فيه

*الاندماج بطريق الضم: ويتم هذا النوع من الاندماج بانضمام شركة إلى شركة أخرى أي باندماج شركة في شركة أخرى قائمة، ويترتب عليه انقضاء الشركة المندمجة وزوال شخصيتها نهائيا، وتظل الشركة الدامجة هي الشركة القائمة والممتعة وهدها بالشخصية المعنوية.

ويعتبر هذا النوع من الاندماج هو الأكثر شيوعا من الاندماج بطريق المزج وذلك لأن الاندماج بطريق المزج يتطلب نفقات كبيرة بالإضافة إلى أنه يأخذ وقتا طويلا.

*الاندماج بطريق المزج:

يؤدي هذا الاندماج إلى انقضاء جميع الشركات الداخلة فيه وزوال شخصية كل منها، وينشأ من صافي ذمم تلك الشركات شركة جديدة لم تكن موجودة قبلا وقد أضاف بعض الفقهاء صور أخرى الإندماج، هو الإندماج بطريق الإنقسام ، وهذا الاندماج ينشأ بعد انقسام شركة واحدة إلى أكثر من قسم، ودمجها في شركة أخرى قائمة.

المبحث الثالث: دوافع الاندماج وأهميته

تلجأ الشركات إلى سياسة الاندماج لأسباب متنوعة تختلف باختلاف ظروف الشركات، ويمكن أن نعرض بعض أهم الدوافع والأسباب التي تدفع الشركات إلى الاندماج:

1)التكامل:فقد يكون الدافع تحقيق التكامل بنوعية الرأسي والأفقي، ويتحقق التكامل الأفقي باندماج شركتين أو أكثر تقوم بنفس النشاط أو الإنتاج كاندماج شركتين لغزل القطن مثلا.

أما التكامل الرأسي، فيكون باندماج شركتين تقوم بأغراض متكاملة كاندماج شركة مقاولات مع شركة توريد الأخشاب والخرسانة.

2)الاندماج بدافع المنافسة:قد تلجأ الشركات إلى الاندماج بهدف المنافسة أو البقاء والقدرة على الوقوف في مواجهة الشركات المسيطرة أو الأكبر حجما.

3)العولمة:تشير الدراسات إلى أن المتغيرات الاقتصادية في ظل العولمة أدت إلى الخوف والقلق من جانب الشركات والمؤسسات بل حتى من جانب الدول، وبسبب العولمة، سعت هذه الشركات إلى الاندماج لمواجهة المتغيرات الاقتصادية في ظل العولمة، كذلك لجأت إلى إقامة التكتلات فيما بينها، لمواجهة أي تطور أو تغيير تشهده الساحة الاقتصادية في ظلا العولمة.

4)الاندماج كعلاج للشركات المتعثرة:

قد يتم اللجوء إلى الاندماج كحل وعلاج للشركات المتعثرة، فتلجأ هذه الشركات التي تعاني من الأزمات الاقتصادية والديون إلى الاندماج مع شركة أخرى ذات إمكانيات اقتصادية وإدارية أفضل للتخلص من الظروف الصعبة التي تعاني منها الشركة المتعثرة.

5)الاندماج بدافع وطني:

قد يتم اللجوء إلى الاندماج بين الشركات من أجل تحقيق مصلحة عامة وطنية لحماية الاقتصاد الوطني والحفاظ على سمعته وحمايته من التعرض للاهتزاز.

6)الاندماج بدافع الاحتكار والرغبة في السيطرة:وهو السبب والدافع غير المشروع للاندماج لأنه يؤدي إلى الإضرار بالآخرين

المبحث الرابع: أهميته الاندماج

لا شك أن الحياة في تطور دائم ومستمر في جميع نواحي الحياة خاصة في مجال الصناعة والاختراع، ويشهد العالم نموا سريعا في وسائل النقل والانتقال والاتصال، وبالتالي أصحبت القدرات الفردية والإمكانيات المتواضعة ورؤوس الأموال المبعثرة غير قادرة على تحقيق الأهداف الكبيرة للأفراد، لذلك تبدو أهمية الاندماج في توفير رؤوس الأموال الكافية والقادرة على تحقيق أهداف الشركات وتحقيق الائتمان والثقة لدى البنوك، ومن ناحية أخرى، فإن اندماج الشركات يؤدي إلى توحيد الإدارات ومزج التفكير وانجسامه، وبالتالي توفير الجهود وتوحيدها، ويحد من المنافسة، ويؤدي إلى فتح أسواق جديدة، وتوفير الأيدي العاملة الماهرة وبالتالي يؤدي إلى جودة الإنتاج وخفض النفقات.كما يعد الاندماج سبيلا للشركات للخلاص من الانهيار والإفلاس.

ويهيئ الاندماج للدولة، فرصة لتقوية اقتصادها وزيادة رؤوس الأموال القوية التي تمكنها من التصدي والصمود والمحافظة على أسواقها الداخلية والخارجية وفتح أسواق جديدة[10]

الفصل الثالث: التحالف الإستراتيجي كأداة في بناء التعاون

التكنولوجي بين المؤسسات

المبحث الأول : مفهوم التحالف الاستراتيجي:

يمكن تقديم التحالف الاستراتيجي كبديل استراتيجي يجب استغلاله و ذلك لتحقيق أهداف مشتركة لجهتين أو أكثر, وبذلك يعتبر التحالف الاستراتيجي من الناحية الإستراتيجية مرتبط بالتعاون بين مؤسسات الدول, و قد لجأ إليه في ظل الركود الاقتصادي لإعادة انتعاشه.

التحالف الاستراتيجي تعبير غير محدد , تعريفاته متنوعة جدا و تحتاج أحيانا إلى الدقة,هذا الغموض الذي

يميز هذه التعاريف العديدة يعود سببه إلى حداثة الظاهرة من جهة و انعكاساتها على المشهد الذي تتميز به الوضعية الاقتصادية من جهة أخرى. واختلف الكثير في تعريف التحالف الاستراتيجي و ارتباطه بالتكامل الاقتصادي, و لكن نحن ندرسه من جانب المؤسسات فقط.

يعرف التحالف الإستراتيجي بأنه" سعي شركتين أو أكثر نحو تكوين علاقة تعاونية تبادلية"[11] يهدف هذا التعريف إلى تعظيم الإفادة من الموارد المشتركة في بيئة ديناميكية تنافسية لاستيعاب متغيرات بيئية قد حدثت تتمثل في الفرص و التحديات . وقد تأتي إستراتيجية التحالف استجابة لمتغيرات بيئية أو تأتي مبادئه لاستباق متغيرات متوقعة فتقتنص الفرصة المتنبأ بها.

يقصد بالتحالف الاستراتيجي" إحلال التعاون محل المنافسة التي قد تؤدي إلى خروج أحد الأطراف من السوق, فالتحالف يؤدي إلى السيطرة على المخاطر و التهديدات, و تشارك التحالفات في الأرباح والمنافع والمكاسب الملموسة وغير ملموسة."[12]

التحالف الاستراتيجي "هو عبارة عن مشروع مشترك في شكل مشاركة بين شركة عالمية و منشاة أخرى

في دولة مضيفة"[13].

إذن التحالف الاستراتيجي يكمن في روح التعاون و تطوير هذا الأخير الذي يرتكز على علاقة ثقة المتبادلة, و تسمح للوصول إلى أهداف محددة باتفاق مشترك , فهو عبارة عن نمط لعلاقات خاصة , الذي في إطاره تقوم مؤسستان بربط علاقة متينة على الأمد الطويل تتجاوز إطار العلاقات التجارية العادية, وهو طريقة يستعملها المستثمر الأجنبي باستمرار ومرادها الاشتراك مع منتجين محليين و ذلك لإنجاز استثمار,حيث تقسم فيه الملكية و التحكم ,فالمستثمر الأجنبي يأخذ حصة من الشركة المحلية و بالمثل أو يتفق الاثنان على خلق شركة جديدة. "فالتحالف الاستراتيجي ينطوي على مجموعة واسعة من العلاقات التعاقدية التي تنشا بين المؤسسات المتنافسة في أقطار مختلفة لتحقيق هدف محدد معين."[14]."كما هو شكل تعاون دائم بين المؤسسات المستقلة , المشاريع المختصة التي تجمع مؤسستين بصفة دائمة يمكن أن توضح خاصة إذا كانت المبادلات تعتمد على علاقات التعاون , تحتوي على معلومات متواصلة للمعارف المشتركة و لتبادل الإطارات", هذا النمط من العلاقات يؤدي إلى تحقيق مصالح مشتركة.الحقيقة أن وضع تعريف محدد للتحالف الاستراتيجي يعتبر من الأمور الصعبة, وفي كل هذه التحالفات و العديد من التحالفات الأخرى تتفق المؤسسات على التعاون و الاستثمار و هذا من خلال العقود التي تهدف إلى تحقيق عمل ما في ثقة متبادلة ( الأهداف المنتظرة- تبادل المزايا- التحكم و الملكية المشتركة- يقوم على الأجل المتوسط و الطويل- النتائج الموزعة ) و يكون هذا بشان مشروع محدد و معين و ليكن تقديم منتوج جديد , تطوير تكنولوجية, دخول أسواق أجنبية, توسيع حصة المؤسسة في السوق.نظرا للثراء اللغوي فالتحالف الاستراتيجي يأخذ عدة مصطلحات من بينها"التعاون الاستراتيجي, المساهمة, التنسيق, التحالف من الباطن, إتفاق بين المؤسسات, إستراتيجية المرافقة, تنفيذ تشاور, اتفاق تعاقدي, اتفاق تعاوني, عمل جماعي, مشروع مشترك".وهو إتفاق رسمي لمؤسستين أو عدة مؤسسات مستقلة تابعة لبلدين أو عدة بلدان تتعاقد لفترة طويلة بهدف تأسيس درجة من التعاون بينهما و هذا لتحقيق مصالح و فوائد مشتركة.

المبحث الثاني : محاور التحالف الاستراتيجي.

التحالف الاستراتيجي هو علاقة قوة أو علاقة سلطة أو علاقة تفاوض, وهو يرتكز حول ثلاثة محاور رئيسية وهي:

أ) المشروع:هو عبارة عن رؤيا عامة مشتركة, يعني إستراتيجية بصدد التحقيق. والهدف المقصود من وراء التعاون هو تحقيق مصالح مشتركة في المشروع, والتحالفات الإستراتيجية تتجسد بوضع مشترك أو تبادل للموارد بالمعنى الواسع , أصول طبيعية, وسائل البشرية, مهارات تكنولوجية, معارف في التسويق.

- الموارد المشتركة يمكن أن تكون متشابهة أو مختلفة حسب المجال.

- الموارد المشتركة تمثل جزء من أنشطة التحالف.

- الشركاء مرتبطين فيما بينهم بخصوص النشاطات المشتركة و مستقلين في أنشطتهم الخاصة التي تقع خارج علاقة التحالف.

- تكوين جهاز للرقابة حول النقاط التي تم الاتفاق فيما يخص مشروع التعاون.

- اتخاذ قرار مشترك بشان النتائج و المزايا المتبادلة في المشروع.

ب) العلاقة:هي ما يربط بين المتعاملين, وهذه العلاقة ليس بالضرورة مادية, وإنما هي أساسا إنسانية , إذن هي مبنية على الاتصال و تبادل المعلومات, أما التفاعل يترجم بالتجسيد الواقعي. كما أن هذه العلاقة المميزة بين شركتين مبنية على بحث مشترك للأهداف المتوسطة وطويلة الأجل, وفق شروط تسمح بان تعود بالفائدة المتماثلة على شريكين.

ج) العقد: الطابع المعقد والغامض للتحالفات يظهر في تنوع الأشكال الذي يمكن أن يعطى إليها , فالتعرض للتعاون و التحالفات الإستراتيجية من الزاوية القانونية يجب أن يفحص فيه وجهتين مختلفتين :

أولا: الكيفية القانونية التي تختارها المؤسسات المتعاملة لتنظيم علاقاتها فيما بينها في ميدان خاص بالعقود أو قانون المؤسسات.

ثانيا:الإطار الشرعي القانوني و التنظيمي فيما بين المؤسسات من طرف المجتمع ككل.و خاصة منه قانون المنافسة.

لذلك يستلزم على المؤسسات التي تهدف إلى إنشاء عقود التحالف أن تراعي اهتماما بالجانب القانوني الذي يمثل في مجمله مجموعة من المعاهدات و الاتفاقيات التي تكسب قوة قانونية التي تساعد على استمرارية عقد التحالف إلى اجل طويل.

المبحث الثالث: خصائص التحالف الاستراتيجي:

الأحداث في عالم اليوم تؤكد أن التحالف الاستراتيجي يمثل كمجداف لا يمكن للمؤسسات تجاهله, لأنها لاتستطيع العيش أو البقاء في انفرادية أو في استقلالية تامة بنشاطها لان العزلة كانت في اغلب التجارب سببا أساسيا للفشل. فارتفاع تكاليف الإنتاج الذي لايمكن التحكم فيه, البحث العلمي الذي يجب تشجيعه و تدعيمه, الجودة التي يجب تحسينها, التسويق الذي يجب تطويره, المناطق الجغرافية التي يجب اقتحامها, أي بعبارة أخرى كل هذه العوامل تجعل من التحالف الاستراتيجي أمرا حيويا لا مفر منه, لذلك لا بد من تغيير جذري في الذهنيات, و لتوضيح هذا يجب التطرق لخصائص التحالف الاستراتيجي وهي:

- تركيز الجهود على البنود القانونية التي تضبط الإطار العام, إذ من الضروري الحرص على عقد جيد مع المتعاملين و قد يكون أحيانا غير كاف لتدارك كل المخاطر التي يحتمل ظهورها خلال فترة التحالف.

- التحالف الاستراتيجي يبدأ من تقارب الثقافات بين المتعاملين, وهذا حتى يكون مرور التيار سهلا بين المتعاملين لتبادل وجهات النظر والإحساس بأنهم مجموعة واحدة ذات مصالح مشتركة ترمي إلى هدف محدد.

- التحالف الاستراتيجي يجب أن يكون متوازنا أي التوازن في السلطة و المر دودية.

- يختلف حسب نوع العلاقة و درجة العقلانية و التفاهم و حجم المخاطر و المعلومات و المصالح والظروف البيئية المحيطة, ولا يوجد أبدا تحالف استراتيجي جامد ولكن يتغير باستمرار وفق متغيرات بيئية مستمرة الحركة مثال: حجم التهديدات والمخاطر, التجارة الدولية والعالمية, التكتلات الاقتصادية والدولية,حجم المخاطر السياسية......

- قد تكون التحالفات الإستراتيجية ثنائية أو متعددة الأطراف ,كما قد تكون على شكل احتواء لشركة كبرى أومظلة كبرى كاحتواء وكيل واحد لعدد من المؤسسات.

- قد تكون التحالفات الإستراتيجية في فترة زمنية محددة أو غير محددة, وقد تكون قصيرة الآجل أو متوسطة الأجل أو طويلة الأجل, والتحالفات الإستراتيجية قد تكون متكافئة في المخاطر و المصالح, كما قد تكون في صيغة عقد إذعان تحقق مكاسب طرف على حساب خسائر ومخاطر الطرف الأخر, "كما أن التعاون هو إمكانية الاعتماد على الثلاثي( المؤسسة-المجموعة-الأفراد) من اجل العمل على تحقيق هدف محدد في الزمن"

منطق التحالف الاستراتيجي يبين أن البيئة التنافسية متغيرة و مخاطرها في تزايد مستمر"الأمر الذي يبدو لنا انه يميز أساسا الشركات الإستراتيجية هو وجود نوع من المنافسة على الأقل كامنة بين المؤسسات".هذا بطبيعة الحال يؤدي إلى ضرورة البحث عن شركاء للتعاون معهم لمواجهة المخاطر و خاصة الشركاء الجدد في السوق[15].

المبحث الرابع: الشروط الأساسية لبناء ا لتحالف الاستراتيجي :

في عالم كثرت فيه المخاطر و الأزمات يجبرنا للتعاون مع غيرنا, فالتعاون يسيطر على هذه التحديات و يضمن توفير الاحتياجات من المهارات و الموارد و الخبرة اللازمة لاختراق السواق الدولية, إذن قبل التطرق والتفكير في التحالف الاستراتيجي يجب التفكير في الشروط الأساسية لبناء التحالف الاستراتيجي التي تساعدنا على تحقيق مختلف الأهداف بطريقة مضبوطة و دقيقة.

أ) الأهمية و التبريرات لبناء التحالف الاستراتيجي:

بناء التحالف الاستراتيجي يسمح باستغلال الإجراءات أو التدابير التالية:

* تحقيق تكامل تكنولوجي مريح

* يسمح بدخول أسواق جديدة

* تقليص وقت الابتكار و الإبداع

* يتم فيه نقل التكنولوجية.

* خلق ظروف كإبراز أفكار جديدة ومنتجات جديدة وتحسين جودة المنتجات.

* يسمح بفتح أفاق تجارية جديدة ككسب قنوات تجارية جديدة وتغطية أفضل للسوق.

* تسهيل عملية المواصفات

* تدعيم المصداقية و تخفيض التكاليف و تقليل المخاطر.

" كما أن التخطيط يساعد على تحقيق التوازن بين الأهداف و مصالح الجماعات ذات التأثير الاستراتيجي, كما يؤدي إلى وضوح الرؤية المستقبلية لكافة العناصر المتعلقة بالأنشطة, و يتضمن الإعداد مسبقا والاختيار بين البدائل المتعلقة بالأهداف والإستراتيجيات والإجراءات والقواعد والبرامج والموازنات"

ب) طبيعة التحالف الاستراتيجي:

سوف نوضح كيف تكون طبيعة التحالف الاستراتيجي حتى يكون البناء جيد وقوي.

* حسب النشاط: سياحي, زراعي,مالي , خدماتي,صناعي,إنتاجي, تجاري.

* حسب البعد الزمني : قصير الأجل,متوسط الأجل,طويل الأجل.

* حسب النطاق:محلي,وطني,دولي,إقليمي,عالمي.

*حسب المخاطر السياسية:محدودة,متوسطة,كبيرة.

*حسب الأهمية النسبية: تقليدي,عملي,استراتيجي,تشغيلي.

ج) معيار اختيار الشريك في التحالف الاستراتيجي:

حتى يكون بناء التحالف قوي لابد من حسن اختيار الشريك بالنظر في المعايير التالية:

*أن يكون لكل طرف ميزة تنافسية إنتاجية أو تكنولوجية أو تسويقية أو مالية, حيث يعتبر اختيار الشريك المناسب من أهم القرارات التي يواجهها المتحالفون وهذا لتفادي مختلف الصراعات و النزعات.

* احتمال تحول أحد الأطراف إلى منافس قوي في المستقبل مستبعدة أو ضعيفة.

* أن تكون مساهمات كل الأطراف متوازنة.

* الاتفاق المسبق على الإستراتيجية المزمع إتباعها.

* دراسة نقاط الاختلاف والتشابه بين ثقافة المؤسسات وهذا لتجنب المخاطر.

* استخراج فكرة واضحة على التحالف في المدى و المتوسط.

* دراسة المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية الخاصة بكل شريك. يعني دراسة نموذج (PESTE) .

* فهم نقاط الضعف الحقيقية للشريك كذلك يجب فهم نقاط القوة ( يجب الحذر من التحايل السطحي والانطباعات الخاطئة).

* معرفة كل متغيرات التسيير لشريك من اجل مقارنة درجة كفاءتها مع تلك الخاصة بك ( التنظيم,هيكل اتخاذ القرار,الأهداف الإستراتيجية ,........) محاولة معرفة إذا كان التحالف مفيد لكلا الجانبين.

* البعد النسبي( حذار من التحالف بين الكبار والصغار).

د) منهجية إعداد التحالف الإستراتيجي:

إن إنشاء أي تحالف يجب أن يخضع لمنطق ما أو لمنهجية واضحة و دقيقة تسمح على الأقل بالتقليل من

التهديدات و أخطار عدم التأكد المرتبطة باللامعرفة الكلية أو الجزئية بمفاهيم التحالف الاستراتيجي سواء

تعلق ذلك بالزمن أو الفضاء ( تخيل التحالف)[16]

المبحث الخامس : أسباب فشل المفاوضات في التحالف الاستراتيجي:

يمكن القول أن فشل المفاوضات غالبا ما يكمن في عدم خبرة الأشخاص أثناء التفاوض و منه هناك عدة عقبات يمكن تجنبها, و يمكن تميزها في نوعين:

أ- عراقيل تقنية في المفاوضات:

حيث هناك عراقيل يواجهها المسيرون أثناء المفاوضات , وهذه العراقيل تمس الإدارة و التنظيم و كل ما يتعلق بالمشروع.

- عدم ملائمة تركيبة المفاوضين مثلا التفويض التام للمحامين في عملية التفاوض مما يؤدي إلى عدم التغطية السليمة للجانب الاقتصادي و العكس صحيح.

- اتخاذ القرار في مرحلة غير مناسبة من التفاوض.

- المعلومات غير مطابقة للواقع.

- الوقت غير كاف أو تسريع العملية أو إطالتها" و الخطورة أن ما يقارب 85 من العقود تحتاج إلى 6اشهرعلى الأقل من المفاوضات لإبرامه و حوالي %20 منها يستغرق 18 شهرا لإتمامها" .و لم تجد هذه الدراسة التي أقيمت على مجموعة من المشروعات المشتركة أي علاقة بين طول الوقت اللازم لإتمام الاتفاقية و بين الرضا النهائي للشركاء عن سير العمل في المشروع.

- التعريف الغامض للمشروع و هذا يفرض على المفاوض تحديد الدقيق للمشروع (نوعية,مجالات,العمل...).

- نقص في الموارد الموجهة للمشروع أي عدم تحديد الإمدادات اللازمة للمشروع.

- مسؤوليات غير محددة بصفة جيدة يعني عدم تحديد الدقيق للمهام الخاصة بالنسبة للمستويات و المسؤوليات.

- عدم تفاني المفاوض في عمله لعدم تبنيه لفكرة المشروع.

- تعيين هيئة إدارية للمشروع لا تتمتع بالكفاءة و الخبرة ولا بديناميكية الفريق مما يؤثر على فعالية ونجاعة المشروع.

- نقص في التنسيق حيث أن التنسيق عنصر من عناصر التفاوض المهمة وعدم وجوده يسبب شلل في عملية التفاوض.

- مشاكل التقييم حيث كثيرا ما لايمكن تحديد قيمة الأصول مما تصعب عملية التقييم أثناء تقديم الفوائد والأرباح.

ب ) عراقيل المفاوضات الدولية الخاصة :

حيث يواجه مفاوضو المؤسسات العديد من العقبات و المخاطر ونحن نقتصر على بعض العراقيل التي ليست في الأعمال التجارية المحلية , مما تتطلب الخبرة الدولية لمعرفتها وهي كما يلي :

- بيئة التفاوض نقصد هنا المناخ الأجنبي عن أحد الأطراف , فبعد المسافة يؤثر على التفاوض برغم تطور الاتصالات العالمية , إلا أن المسافات لا تزال تعقد المفاوضات.

- اختلاف العملات حيث اختلافها يشكل عقبة في التفاوض.

- الثقافة وهي عامل قوي يؤثر علي أسلوب التفاوض و اختلافها قد يعرقل التفاوض.

- عدم الاستقرار السياسي والأمني والتغيرات المفاجئة التي تطرأ على الساحة الوطنية وكذا الدولية و التي قد تكون سبب في عرقلة عقد التحالف .

- البيروقراطيات و التنظيمات الأجنبية عقبة تواجه المفاوضين الدوليين, لذا عليهم معرفة كيفية التعامل مع التنظيمات الأجنبية سواء كانت عامة أو خاصة.

ج) الإجراءات المتخذة لتجنب المشاكل و العراقيل أثناء التفاوض:

إذا استطاع المفاوضون معالجة المشاكل المذكورة يمكنهم تحقيق اتصال جيد يؤدي إلى نجاح المفاوضات وتبادل الأفكار وتحقيق علاقات ناجحة و متطورة و ذلك :

- باحتواء الاتفاقية علي بنود مفصلة لحد ما بشان أسلوب حل المنازعات . وهناك من يقترح أن تكون الاتفاقية بمعزل عن أسلوب حل المنازعات و ذالك إما باختيار عضوين من الإدارة المشتركة في هذا الشأن , أو عن طريق وساطة مؤسسات مختصة , وغالبا ما يمكن التنبؤ بهاتة المنازعات منذ البداية.

- تحديد حلول المنازعات في عقد اتفاقية المشروع المتوقع حدوثها, وبذلك يكون عقد الاتفاقية عنصر حيوي للعلاقة الناجحة وليست وثيقة قانونية مبالغ فيها.

- الاقتناع الكبير بمرونة الإجراءات ضمن الاتفاقية مع مرور الزمن , وتوافر ميزات جوهرية, ومثال ذالك حسن النية و التفاهم بين الشركاء يكون أحسن بديل لمجال التكنولوجيا بدل وضع بنود رسمية في عقد الاتفاقية[17].

المبحث السادس: التحالف الاستراتيجي كأداة للتعاون التكنولوجي لمواجهة اندماج المؤسسات

من خلال ما سبق فان التحالف الاستراتيجي يكمن في روح التعاون في شتى المجالات خاصة التكنولوجية منها، ويرتكز هذا التعاون على علاقة الثقة المتبادلة للوصول إلى أهداف محددة باتفاق مشترك فهذا النمط من العلاقة يؤدي إلى تحقيق مصالح مشتركة في مجالات عديدة يصعب على المؤسسة تحقيقها بجهود فردية مثلا تقديم منتوج جديد ، دخول أسواق جديدة ، توسيع حصة المؤسسة في السوق ، تطوير تكنولوجية معينة ، وقد ركزنا على هذه الأخيرة التي أصبحت في وقتنا الحالي تقدم نسبة كبيرة من القيمة المضافة للمؤسسة من جهة والى التكاليف الباهظة للبحث والتطوير في مجال التكنولوجيا .

كل هذه الجهود التي تقوم بها المؤسسة الاقتصادية من تحالف وتعاون في شتى المجالات ، ذلك لمواجهة الخطر الكبير لاندماج الذي أصبح يهدد المؤسسات في وقتنا الحالي خاصة في الدول النامية .

خاتــمــــــــــــة

يقبل القرن الحالي و قد ظهرت تحديات و تهديدات كثيرة أفرزتها متغيرات متعددة في عالم يتميز بالسرعة والتغير, و تعتبر ظاهرة العولمة التي اكتسبت أبعادا عديدة من ابرز التحديات التي تواجهها المؤسسات الاقتصادية في الدول النامية.

و بما أن العالم كثرت فيه الأزمات والمخاطر وظهرت فيه المؤسسات العالمية العملاقة وشركات متعددة الجنسيات وشركات العابرة للقارات التي تهدف لابتلاع اكبر قدر ممكن من السوق العالمية بقدراتها التنافسية الهائلة, يدفع المؤسسات الاقتصادية في الدول النامية التي تتميز بالهشاشة ونقص الخبرة لدى إطاراتها في مجالات الإنتاج والتسويق و التكنولوجية بصفة أخص..... أن تجعل من التحالف والتعاون بديلا و اختيارا لها في مختلف وظائفها و إدراج هذا التفكير الاستراتيجي ضمن تخطيطها المستقبلي و ذلك بالاستفادة من تكنولوجية الآخرين والتعاون معهم من أجل التوصل إلى أفكار ابتكاريه جديدة و الاكتساب المبكر لأفضل العروض وهذا نظرا لما أصبحت عليه التكنولوجيا من أهمية في تعظيم ثروة المؤسسة, وبالتالي الحصول على الخبرة والمهارة في مختلف الوظائف التي تمكن المؤسسة الاقتصادية من البقاء و الاستمرارية ثم العثور على حصة ومكانة في السوق العالمية. وعليه كانت نظرتنا لتبني التحالف والتعاون كاختيار و بديل استراتيجي من اجل النمو و البقاء و التوسع بصياغة خطة في كل المجالات وتحديد الوسائل لبلوغ مختلف الغايات. كما يمكن القول أن التحالف الاستراتيجي يساهم في تحقيق أهداف التسويق ذات الطابع الاستراتيجي للمؤسسة و يساعد في تقارب مستوى الأهداف من اجل الوصول إلى تجسيد علاقات التعاون طويلة المدى.



[1] - عبده سمير : العرب والتكنولوجيا ، دار الآفاق الجديدة 1981 ، ص120

[2] - http://www.annabaa.org/nba44/taknolngi.htm

[3] - بوجمعة سعدي نصيرة : عقود نقل التكنولوجيا في مجال التبادل الدولي

ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر 1992 ، ص18

[4] - http:// www.salahagag.jeeran.com

[5] - أبو قف عبد السلام : إدارة الأعمال الدولية ،الدار الجامعية للطباعة والنشر. بيروت ، بدون ذكر سنة النشر ، ص283

[6] - أ/قرين علي ، أ/هبال عبد المالك ، الملتقى الدولي حول اقتصاد المعرفة ، جامعة محمد خيضر بسكرة ، نوفمبر 2005 . ص07

[7] - أ/قرين علي ، أ/هبال عبد المالك ، مرجع سابق ، ص 08

[8] - http://www.halajo.net/newreply.

[9] - د/عبيرات مقدم ، أ/عجيلة محمد : الملتقى الوطني الثاني حول المنظومة البنكية في ظل التحولات القانونية والاقتصادية

المركز الجامعي بشار ، 24- 25 أفريل 2006

-[11] أحمد سيد مصطفى"تحديات العولمة و التخطيط الاستراتيجي"القاهرة,دار النهضة العربية-الطبعة الثالثة 2000, ص:57

[12]- فريد النجار " التحالفات الإستراتيجية",القاهرة,ايتراك للنشر و التوزيع- الطبعة الأولى-1999-ص:14

[13]- توماس هولين,ترجمة محمود عبد الحميد مرسى" الإدارة الإستراتيجية",المملكة العربية السعودية,الإدارة العامة للبحوث،1999،ص:437

[14] - عمرو خير الدين" التسويق الدولي" ,دار النشر و التوزيع,الطبعة الاولى,1996,ص:69

[15] -- مجلة علوم انسانية www.uluminsania.net العدد 17، السنة الثانية (يناير 2005)

[16] -- مجلة علوم انسانية ، مرجع سابق.

[17] - مجلة علوم انسانية ، مرجع سابق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية الأنساق العامة: إمكانية توظيفها في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية

السيميائية :أصولها ومناهجها ومصطلحاتها

ملخص الأدب مدرسة الإحياء و البعث (الاتباعية - الكلاسيكية الجديدة)