كتابة البحث العلمي

الاستاذ الدكتور

رياض عزيز هادي

مساعد رئيس جامعة بغداد للشؤون العلمية

عميد كلية العلوم السياسية / جامعة بغداد /سابقا

دكتوراة الدولة في العلوم السياسية /فرنسا / 1971

التمهيد

يواجه العديد من الباحثين وطلبة الدرسات العليا وطلبة الصفوف المنتهية في كليات الجامعة مشكلات في كتابة بحوثهم ورسائلهم أو أطاريحهم أو بحوث التخرج التي يكلفون بها . ويعود ذلك الى عدم المامهم بشكليات وأساليب كتابة البحث العلمي مما يوقعهم في أخطاء منهجية وفنية . ومن أجل تقديم خدمة لطلبتنا ولكل الباحثين أعددنا هذا الكتيب متناولين فيه كيفية كتابة البحث العلمي . والمقصود بالبحث العلمي هنا الكتب والمؤلفات ورسائل الماجستير أو اطاريح الدكتواراه أو بحوث التخرج أو أية بحوث علمية أخرى. ولقد حاولنا بأسلوب واضح ومبسط أن نشرح كيفية أختيار عنوان أو موضوع البحث العلمي ثم توفير المصادر والمراجع المناسبة للبحث ومعاير أختيار الافضل منها .. كما تناولنا كيفية أعداد خطة البحث العلمي وما تتضمنة أقسام البحث الرئيسة الثلاثة وهي : القسم التمهيدي والمتن والملاحق .وشرحنا موضوع الاقتباس في كتابة البحث العلمي وانواعه المباشرة وغير المباشرة . وختمنا بموضوع هوامش البحث العلمي واساليب ترقيمها والاشارة الى المصادر فيها والهوامش اللاحقة في البحث ، ضاربين الامثلة ومشيرين الى بعض النماذج حيثما اقتضى الامر ذلك بقصد المزيد من التوضيح والتوكيد ولينطبع في ذاكرة الباحث الذي يسعى الى المنهج العلمي السليم في كتابة بحثه أرجو أن يحقق هذا الجهد المتواضع الفائدة المتوخاة والله المستعان.

أ.د. رياض عزيز هادي

"مقدمة"

تتطلب كتابة البحث العلمي من الباحث بعض الشروط والمستلزمات من اهمها الالمام بالجوانب الفنية في إعداد البحث ..وهذه الجوانب تتضمن الاسلوب والشكل العام واصول الاقتباس من المصادر والهوامش.. الخ.

والاهتمام بالناحية الفنية في إعداد البحث يأتي بلا شك بعد أن يكون الباحث قد اختار موضوع بحثه والتحقق من قدرتة وأمكانية الكتابة فيه .. ويستوجب ان يكون موضوع البحث جديراً بالكتابة . أي أن لا يضًيع الباحث وقته وجهده في الكتابة عن مواضيع غير مهمة أو سبق وأشبعت دراستها والكتابة فيها .. كما يجب ان تتوافر مادة البحث عن ذلك الموضوع أي أن توجد عنه مصادر كافية ووافية لكي لا يقع الباحث في حيرة ولكي لا تواجهه المصاعب .. كما ويتطلب أن يتم تعيين الاستاذ المشرف على البحث والذي يجب أن يكون مختصاً فيه أو أ ن يكون قريباً في اختصاصه لموضوع البحث اذا ما تعذر وجود مختص .ويقوم الباحث بتقديم خطة اولية عامة لاستاذه المشرف تكون خاضعة للتغيير والتبديل عند الضرورة .. ثم يلي ذلك ، بعد ان يكون قد تم الاستقرار على عنوان البحث وتعيين الاستاذ المشرف ومناقشة الاخير لخطة البحث الاولية، قيام الباحث باعداد خطة مفصلة .. وهذه الخطة يجب ان توضع بشكل دقيق ومدروس اذ انها ستشكل الاطار الذي سيسير فيه البحث .. ولذا يجب ان تكون خطة البحث متضمنة الابواب أو الفصول والمباحث مقسمة على اسس مبررة وليس على وفق تقسيم اعتباطي .. فاما ان يعتمد التسلسل التاريخي لموضوع البحث مثلاً او ان يتم وضع الخطة على اساس الموضوعات فيكون لكل فصل او مبحث موضوع قائم بذاته ويمثل وحدة موضوع جديرة بان يفرد لها فصل او مبحث مستقل .. وهنا لابد من الاشارة الى ان تقسيم البحث الى ابواب ثم فصول ثم مباحث يتبع عادة في الكتب والبحوث الطويلة اما في البحوث الصغيرة فيتم التقسيم على اساس الفصول أوالمباحث .. كما ولابد من التنويه بان موضوع البحث ذاته هو الذي يتحكم في عدد الفصول والمباحث وليست هنالك قاعدة ملزمة بعدد محدد من الفصول أو المباحث . لكن أي بحث علمي يجب أن لا يقل عن فصلين وأي فصل لايقل عن مبحثين .. الخ .

ان الانتهاء من اعداد خطة البحث المفصلة والنهائية، والتي قد تخضع لبعض التغييرات غير الكبيرة اثناء كتابة البحث على وفق ما يستجد من ظروف ومعلومات وبالاتفاق مع الاستاذ المشرف في حالة رسالة الماجستير أو أطروحة الدكتوراه ، تتبعه مرحلة جمع المصادر وقراءتها بشكل سريع وأولي بوصفها خطوة أولى ثم تليها مرحلة القراءة المركزة والمفصلة بوصفها مرحلة ثانية .. وفي هذه الاخيرة يقوم الباحث باعداد اوراق خاصة بكل باب او فصل يثبت فيها ما يمكن ان يستفيد منه في كتابة بحثه من هذه المصادر.. وقد يتطلب موضوع البحث من الباحث قيامه بأجراء دراسات ميدانية أو تجارب مختبرية وأعداد رسوم بيانية وجداول ..الخ . وعلى الباحث أن يتأنى في اختيار مصادره ويعتمد في هذا المجال معيار النوعية لا الكمية فينتقي أدق المعلومات من المصادر الرصينة و الموثوقة ويفتش عن الكتاب الجيد والكاتب الجيد.. كما ان عليه أن يختار أحدث ما صدر من كتب أو ما كتب من بحوث في موضوع دراسته فذلك كله يسهم في قوة بحثه ورصانته ومصداقية النتائج التي سيتوصل اليها .

إن جمع المعلومات من المصادر المختلفة في مراحل القراءة الثانية لا يعني بالضرورة الافادة من كل ما ثبته الباحث في الاوراق الخاصة بالاقتباس اثناء كتابته لبحثه وهذا ما يقع فيه خطأ بعض الباحثين فيتخموا بحثهم بكل المعلومات التي تم جمعها ظناً منهم ان ضخامة البحث قد تزيد من قيمته وهو امر قد يعود بالضرر على مستوى بحثهم حين يطغى معيار الكمية على النوعية .. ذلك ان من اهم سمات البحث العلمي الجيد هو اختصار الفكرة وتركيز المعلومات والتحليل الواضح والموضوعي وتجنب السرد المطول فخير الكلام ما قل ودل .

ان الجوانب الفنية مهمة في أعداد البحث.. وتبرز أهميتها في مرحلة الكتابة وهي أهم مراحل اعداد البحث..

لكنها تنعكس بشكل ملموس على البحث بأكمله بعد أكتماله ونشره .

وأخيراً فأن كتابة البحث العلمي عملية تتطلب الدقة والجدية من الباحث على الصعد كافة. وعليه أن ينظم وقته اليومي والمدة المقررة لكتابة بحثه أو رسالته أو أطروحته بوضع جدول زمني بكل مرحلة من مراحل الأعداد والكتابة وأنجاز البحث. وبدون ذلك قد تفوته الفرصة وتضيع جهوده ويواجه الصعوبات التي قد لايمكن تجاوزها . إن تنظيم الباحث العلمي لوقته مفتاح لانجاز بحثه بيسر وفي الوقت المناسب وبالمواصفات والشروط العلمية المطلوبة .

المبحث الاول "الشكل العام للبحث العلمي"

يتكون البحث من أقسام رئيسة ثلاثة هي :

1. القسم التمهيدي.

2. المتن.

3. الملاحق.

اولاً: " القسم التمهيدي":

ويتضمن عنوان البحث والذي يثبت الى جانبه اسم الباحث واسم الاستاذ المشرف واسم المؤسسة العلمية التي اجرى البحث فيها ودار النشر ثم تاريخ اعداد البحث .. وتضع المؤسسات العلمية (جامعات او كليات او معاهد ومراكز بحوث) نموذجاً محدداً لصفحة عنوان البحث يجب التقيد به . وتدخل ضمن القسم التمهيدي كلمة الشكر التي قد يتقدم بها الباحث الى الاشخاص او الجهات التي ساعدته وساندته في كتابة البحث وانجازه .

ويضع بعض الباحثين كلمة تمهيد يورد الباحث فيها الاسباب التي دفعته للكتابة في هذا الموضوع كما يذكر أهداف البحث واهميته والصعوبات الحقيقية التي واجهته في اعداده .

وفي القسم التمهيدي توضع احياناً قائمة أو فهرس المحتويات (كما قد توضع احياناً في نهاية البحث ايضاً) والقائمة هذه هي بمثابة دليل للقارئ توضع فيه عنوانات الابواب والفصول والمباحث والصفحات الموجودة فيها .. ويتم اعداد هذه القائمة بعد الانتهاء من كتابة البحث .

ان ترقيم القسم التمهيدي يكون في الغالب مستقلاً عن ترقيم باقي صفحات البحث فتستعمل الحروف الهجائية تمييزاً له.

ثانيا :"المتن" :

وهو القسم الثاني من البحث فهو القسم الاكثر اهمية اذ انه يحتوي على المادة الرئيسة للبحث في حين ان القسم التمهيدي وقسم الملاحق هي بمثابة الاقسام التكميلية او المساعدة.

ويحتوي المتن على المقدمة التي تختلف عن التمهيد السابق ذكره حيث يتعرض الباحث في المقدمة لمادة بحثه بشكل موجز ويعرف بموضوع البحث والفرضية الرئيسة له كما يعرف فيها بخطة البحث وأقسامه الرئيسة ومحتويات كل باب أو فصل بشكل موجز كي يتسنى للقارى اخذ فكرة أولية عامة لموضوع الدراسة قبل ان يخوض في تفاصيلها .فالمقدمة هي بوابة البحث العلمي التي يدخل منها القارئ والباحث.

ويلي المقدمة اقسام البحث الرئيسة وهي الابواب او الفصول أو المباحث التي يعالج فيها الموضوع الرئيس للبحث وتفرعاته.. وهنا كما ذكرنا ينبغي للباحث ان يتوخى الدقة في تقسيم بحثه فيعتمد في كل فصل جانباً من جوانب الموضوع دون ازدواجية او تكرار في الفصول الاخرى.. كما ان من الضروري خلق توازن كمي وبحدود معينة بين الفصول والمباحث اذ لا يجوز ان تكونً بعضها كبيرة وأخرى صغيرة . ويجب هنا ان نشير الى ملاحظة عامة اخرى وهي ان يحرص الباحث على أعطاء كل باب او فصل أو مبحث العنوان الملائم له الذي يدل وينسجم مع مضمونه و محتوياته.. كما يستحسن ان ينتهي الفصل بخلاصة قصيرة يوجز فيها الباحث موضوع الفصل الرئيس ونتائجه تمهيداً للانتقال الى فصل اخر..ويفضل بعض الباحثين استخدام مايسمى بالفقرة الانتقالية في نهاية كل فصل بوصفها حلقة وصل بين الفصول..

وفي المؤلفات والرسائل والاطاريح والبحوث الطويلة والتي تشمل عدداً كبيراً من الفصول فانه ينبغي ضم كل بضعة فصول متقاربة في الموضوع تحت باب واحد اما في حالة وجود فصول كبيرة فانه يستحسن تقسيمها الى مباحث ومطالب ضمن الفصل نفسه .. وهذه أمور يجب الانتباه اليها في مرحلة اعداد خطة البحث .

ويختتم المتن بخاتمة تتضمن خلاصة البحث ونتائجه واستنتاجات الباحث بشكل واضح ومركز. وقد يتوهم البعض بان الخاتمة هي مجرد إعادة لما ذكره الباحث في ابواب بحثه أو اطروحته أو رسالته او فصولها ومباحثها وذلك ليس بالشيء الصحيح.. كما ان بعض الاطاريح او الرسائل او البحوث تضمن الخاتمة بعض التوصيات التي يمكن ان تكون لها فوائد علمية او عملية. وينبغي ان تكون عدد صفحات الخاتمة متناسبا وحجمً وعدد صفحات الرسالة أو الاطروحة او البحث العلمي.

ثالثاً: الملاحق:

وهي القسم الثالث من البحث والجزء الاخير منه ويجب ان تكون مستقلة عن قسمي البحث الاخرين.. وتتضمن الوثائق وقائمة المراجع والفهارس .فالملاحق هي المكان المناسب لوضع الوثائق والمصادر التي لها علاقة مباشرة بما ورد في المتن فهي ليست جزءاً من متن الدراسة ولكنها ضرورية لزيادة التوضيح واطلاع القارئ على بعض تفاصيل ما ورد في المادة الرئيسة .. والغرض الاساسي من الملاحق هو تقديم مواد مكملة للبحث أو أنها تحتوي مواد ذات اهمية تقضي القواعد السليمة في البحث عدم ادخالها في المتن لانها قد تؤدي الى قطع سلسة افكار القارئ أو الخلط بينها وبين المتن أو أن تكون اهميتها أيضاحية. والطريقة المتبعة هو ان يشير الباحث الى الملاحق في الهوامش استشهاداً بها وللمزيد من التفاصيل بالنسبة للقارىء .

تحتوي الملاحق على الوثائق التي اشار اليها الباحث والتي يعتقد ان القارئ يهمه الاطلاع عليها بأكملها كالدساتير والقوانين والمعاهدات والانظمة والمراسلات ووقائع المؤتمرات .. الخ.

كما انها تشمل الخرائط او الرسوم التوضيحية و الجداول والاستبيانات وكل مادة يتعذر إدراجها في المادة الرئيسة

ويندرج ضمن ملحقات البحث قائمة المراجع وهذه يجب ان تحتوي جميع المصادر التي استخدمها الباحث في الاقتباس المباشر(اقتباس نص حرفي) او في الاقتباس غير المباشر (نقل وتلخيص افكار الكاتب او تحليل ارائه).. فضلاً عن ذلك فان قائمة المراجع قد تحوي احياناً مصادر أخرى لم يقتبس الباحث منها مباشرةً ولكنها ذات صلة بموضوع البحث وقد يكون الباحث قد تاثر ببعض ما ورد فيها من افكار واراء اثناء قراءته لها وذلك أمر تقتضيه الامانة العلمية.

وتصنف المراجع حسب أصنافها وأنواعها ويتم وضعها وأدراجها في قائمة المراجع حسب التسلسل الأتي:

1.الكتب .

2.المجلات و الدوريات.

3.الوثائق الرسمية.

4.المواد غير المنشورة(كالاطروحات والمقابلات الشخصية والمحاضرات والابحاث المقدمة في المؤتمرات .. الخ).

كما تقسم المراجع الى مجموعتين الاولى : المراجع العربية والثانية: المراجع الاجنبية.توضع المراجع العربية متسلسلة حسب الحروف الهجائية لاسم المؤلف الاول ثم الاسم الثاني اذا تشابه اكثر من مؤلف في الاسم الاول .. اما في المراجع الاجنبية فتصنف حسب حروف الهجائية لاسم المؤلف الاخير (اسم العائلة او اللقب) ثم الاسم الاول اذا تشابه اكثر من مؤلف في الاسم الاخير.


المبحث الثاني: " الاقتباس في كتابة البحث العلمي "

الاقتباس يعني الأستشهاد بأراء الاخرين وافكارهم الضرورية والمفيدة التي لها علاقة بموضوع البحث الذي يتناوله الباحث.. واهداف الاقتباس متعددة قد تكون تعريف القارئ بوجهات النظر المختلفة حول الموضوع نفسه او شرح خلفيته العلمية او قد تكون الشواهد من مصادر اخرى بهدف تدعيم وجهة نظر الباحث او التمهيد للفكرة الاساسية التي سيقدمها الباحث . لكن الاستشهاد باراء الاخرين من الكتاب لا يعني بالضرورة دائماً تأييد هذه الاراء .. فقد يكون الاقتباس مجرد نقل اراء وافكار وتجارب الكتاب الاخرين الذين درسوا الموضوع نفسه الذي يدرسه الباحث ومن زوايا اخرى وذلك لكي تستكمل الصورة لموضوع البحث ولكي يؤكد الباحث ايضاً موضوعيته العلمية بعرضه لوجهات النظر العلمية المختلفة .

وللاقتباس أصول ومبادئ من الضروري التقيد بها ومن أهمها الالتزام بالامانة العلمية أي الاشارة الى المصدر الذي تم الاقتباس منه نصاً او فكرة اوكان الاقتباس نصاً حرفياً مباشراً او عرضاً غير مباشر. كما ينبغي على الباحث ان يتوخى الدقة العلمية في الاقتباس وعدم تغيير أو تشويه ماتم أقتباسه وهذا يعني بالضرورة اقتباس النص المباشر بالصيغة نفسها التي ورد فيها في المرجع الاصلي دون تغيير او تحريف لكن ليس من المالوف ان يشار الى مصدر أو مرجع في قضايا وأمور اصبحت معلومة وبديهية كحقيقة ان الارض تدورحول الشمس وأن القمر يدور حول الارض.. الخ . والموضوعية ضرورية ايضاً في الاقتباس بالابتعاد عن التحيز في نقل افكار الاخرين وتجنب ادخال وجهات نظر الباحث الشخصية في المادة التي اقتبسها واخيراً فان على الباحث ان يعتدل في الاقتباس فلا يغرق بحثه بالكثير من النصوص والاراء المقتبسة من مراجع ومؤلفين اخرين ذلك ان الاقتباس الزائد عن الحد يقلل من القيمة العلمية للبحث وتضيع شخصية الباحث الذي ينبغي عليه بيان وجهات نظره ورايه في الاراء الواردة في المواد المقتبس منها كل ما كان ذلك ممكناً وضرورياً فضلاً عن أرائه ومقترحاته وتحليلاته الخاصة به في موضوع بحثه العلمي الذي قد يتطلب أحيانا منه أجراء دراسات ميدانية أو تجارب عملية .

أنواع الاقتباس:

الاقتباس او الاستعارة من المصادر قد يكون مباشراً او غير مباشر وفي كلتا الحالتين يجب الاشارة الى المصدر :-

أ.الاقتباس المباشر: وهو النقل الحرفي لنص ورد في مصدر اخر .. ويجب هنا ان تكرر العبارات او الجمل او الكلمات المقتبسة بدقة من حيث المضمون والشكل – من حيث رسم الحروف الاولية و التهجئة واشارات الوقف – دون تغيير او تعديل في النص المقتبس او أي عمل من شأنه تشويه المعنى وفي الرأي الذي تم أقتباسه وتوجيهه في اتجاه معين بعيداً عن اتجاهه الحقيقي .

والاقتباس المباشر نوعان:

أ.الاقتباس المباشر القصير: وهو الاستشهاد الحرفي بنص لايزيد على اربعة اسطر .. وفي هذه الحالة يذكر النص المقتبس ضمن علامتي الاقتباس مثل :"السياسة فن " وفي سياق متن البحث دون الحاجة الى البدء بسطر جديد. مثال:

ان في مقدمة ماكشفت عنه التطورات المعاصرة في بلدان العالم الثالث هو"هذا الارتباط الوثيق بين التنمية والديمقراطية وحقوق الانسان"(11)

ب.الاقتباس المباشر الطويل: وهو الاستشهاد الحرفي لنص ورد في مصدر ويزيد على اربعة اسطر وفي هذه الحالة يتوجب ذكر النص المستعار في بداية فقرة جديدة دون حصره ضمن علامتي الاقتباس مع تمييز النص المقتبس بكتابته بسطور قصيرة وترك فراغ قبل بدايته وبعد انتهائه يفصل بينه وبين باقي اجزاء المتن كما في الشكل الآتي :

ان كل النصوص التي تقتبس من الدراسات الميدانية أو التجارب المختبرية أو محاضرة عامة او مقابلة شخصية او الانترنيت أو وسائل الاعلام المختلفة يجب ان تخضع للقواعد نفسها في اعلاه..

D الحذف والتصحيح في الاقتباس المباشر:

يحدث احياناً ان يضطر الباحث الى حذف جزء من الاقتباس المباشر اذا كان لايرغب بأقتباس النص بأكمله وهو امر جائز بشرط ان لايؤدي الحذف الى تغيير في معنى النص او الاخلال به .. كما يجب ان يشار الى الاجزاء المحذوفة من النص بعلامات الحذف وهي ثلاث نقاط(…) اذا كان المحذوف كلمات وأربع نقاط(….) اذا كان المحذوف جملة . اما حينما تحذف فقرة كاملة او اكثر من نص يتكون اساساً من عدة فقرات فيشار الى ذلك بسطر كامل من النقاط . وبشكل عام يفضل استخدام ثلاث او أربع نقاط للدلالة على كلمة او جملة محذوفة اما في حالة حذف عدة فقرات فيحبذ ان يبدأ الباحث باقتباس جديد كأن يقول: ثم يتكلم الكاتب على او يؤكد الكاتب في موقع اخر . الخ"وهي طريقة افضل من حذف فقرات عديدة في نص واحد.

وقد يلاحظ الباحث اخطاء في بعض النصوص المقتبسة ينبغي عليه تصحيحها وذلك بثلاث وسائل:

أ.وضع كلمة (كذا) بين قوسين وباللغة الاجنبية كلمة(Sic) ليشير الى ان الخطأ هو وارد في النص اصلاً .. مثال :

1." وحينما قامت الحرب العالمية الثانية عام 1935 (كذا) كانت الاوضاع الدولية قد وصلت ذروتها من التفجر".

2.او ان يقوم الباحث بتصحيح الخطأ الوارد على النص المقتبس ووضع التصحيح ضمن قوسين يعقب الشئ المصحح..مثال :

وحينما قامت الحرب العالمية الثانية عام 1935 (1939) كانت الاوضاع الدولية ..الخ.

3. وهنالك وسيلة ثالثة لتصحيح الخطأ بوضع عبارة تشير الى التصحيح ضمن قوسين تلي الشئ المصحح .. مثال :وحينما قامت الحرب العالمية الثانية عام 1939(صحح التاريخ).

D التأكيد في الاقتباس :

قد يستشهد الباحث بنصوص كان قد تم التأكيد عليها في الاصل وفي هذه الحالة يجب ان يشار الى ذلك بعبارة (التأكيد في الاصل).. وقد يرغب الباحث نفسه التأكيد على عبارة او كلمة في النص المقتبس فان الامانة العلمية تقتضي الاشارة الى ذلك بعبارة (التأكيد ليس في الاصل) او (التأكيد المضاف) وذلك بوضعها بعد الكلمة او الجملة التي تم توكيدها مباشرةً او بالاشارة الى ذلك في الهامش .. ويتم التأكيد على عبارة او كلمة بطريقتين :

1.بوضع خط افقي تحت الكلمة او الجملة المراد التأكيد عليها.

2.بكتابة عبارة او كلمة المراد توكيدها بحروف غامقة او بحروف اكبر.

ب. الاقتباس غير المباشر: يلجأ الباحث احياناً للاستشهاد بوجهة نظر كاتب اخر او تحليل ارائه او استعارة افكاره دون النقل الحرفي لعباراته وفي هذه الحالة لاداعي للتقيد بشكل النص وحرفيته كما لاحاجة لحصر الاراء والافكار المقتبسة على هذا الشكل ضمن علامتي الاقتباس بل يكتفي بالاشارة الى المصدر بعد نهاية اخر جملة من الافكار والنصوص المقتبسة . لكن هذه العملية تحتاج الى دقة متناهية وامانة علمية اضافة الى التفهم الكامل للاراء والافكار المراد اقتباسها بشكل غير مباشر وذلك لاحتمالات التأويل وتشويه المعنى .. ولابد من التنويه هنا الى ان الاقتباس غير المباشر ليس مجرد تغيير عبارات النص المقتبس ووضعها بصيغة واسلوب جديدين بل يتعداه في كثير من الاحيان الى ألتلخيص الدقيق للفكرة والتي قد تكون قد وردت في المصدر على مدى صفحات متعددة ووضعها في عبارة أو جملة قصيرة.

إن هذه القواعد في الاقتباس المباشر وغير المباشر تسري على كل انواع المصادر العربية والاجنبية وتسري ذاتها على الاقتباس في الهوامش كما هو في المتن.. لكن علينا ان نحذّر مرة اخرى الباحث من المبالغة في الاقتباس من المصادر والمراجع . اذ قد تختفي في هذه الحالة شخصية الباحث وأرائه وتحليلاته ويصبح بحثه مجرد نقل وتكرار لما ذكره الاخرون من الكتاب والباحثين . كما ان كثرة المصادر والمراجع ليست بالضرورة دليل على رصانة البحث العلمي بقدر نوعية هذه المصادر والمراجع ومكانة مؤلفيها وشهرتهم واسهاماتهم العلمية . . لذا فان الاعتدال في الاقتباس والاشارة الى المصادر هو الطريق الافضل الذي ينبغي على الباحث العلمي أن يسلكه.

المبحث الثالث: "الهوامش في البحث العلمي":

ان اصول البحث العلمي ذو الطابع الرصين تعد حسن استخدام الهوامش من الامور المهمة ،ذلك ان الباحث يجب ان يشير الى المصادر التي استند اليها في بحثه سواء تلك التي اقتبس منها فكرة أو معلومة أو اقتبس نصاً .. ومكان الاشارة الى هذه المصادر هي الهوامش .. والاشارة الى المصادر ليست ضرورية من باب الامانة العلمية فحسب بل ان الامر يتعداه الى تقرير صحة البحث واستناده الى ما يدعم ما جاء فيه .. وعلى ذلك وجب ذكر مصدر كل رأي أو معلومة أو استنتاج مقتبس في الهامش او في المتن او كليهما .. ان اهمية الاشارة الى المصادر هي كأهمية الاعتراف باقتباس نص حرفي لكل ماله من علاقة بالبحث.

كما تستخدم الهوامش ايضاً للتعريف بشخصية أو حدث أو لتوضيح نقطة أو اشارة الى احصائية لا مجال لادخالها في متن البحث.. كما يمكن ان يحال القارئ الى نقطة او رأي سبق طرحه في الصفحات السابقة من البحث او احالته الى صفحات لاحقة من البحث عن طريق الاشارة الى ذلك في الهامش..والمكان الطبيعي لذكر اسماء المصادر والمؤلفين هي الهوامش .. الا اذا كان اسم المؤلف او عنوان المصدر جزءاً رئيساً من البحث ..واذا لم يكن التعريف بالكاتب ذا اهمية في تتبع افكار الباحث امكن الاستعاضة عن ذكر اسم المؤلف او الكاتب صاحب المصدر المقتبس منه ببعض العبارات "يعتقد بعض الكتاب ..او يؤكد احد المهتمين في الموضوع "..

أ.ترقيم الهوامش:-

ان الاسلوب الشائع في الاشارة الى الهامش هي وضع رقم بعد نهاية الفقرة او الجملة المقتبسة او بعد اية علامة من علامات التنقيط (النقطة، علامة الاستفهام، علامة التعجب) و التي تنتهي بها المادة المقتبسة المراد الاشارة الى مصدرها ..

مثال:- ان نظرة "مالثوس" الى الدفاع الوطني والحرب تنبثق في الغالب من نظرته الى مشكلة السكان فقد اعتبر مالثوس الحرب وكانها احد الضوابط الايجابية على نمو السكان وهي الضابط البديل عن الضغط الاخلاقي (4).

اما في حالة الاقتباس غير المباشر فيجوز وضع رقم الهامش بعد اسم المؤلف المقتبس منه او بعد نهاية الفكرة المنقولة .

مثال:- ففي كتابه "ثروة الامم" خصص "آدم سمث"(1).قسماً منه للحديث عن النفقات الدفاعية وناقش المسالة عبر تطور المجتمعات، كما قام باستعراض تاريخ التنظيم العسكري من صيغته البدائية حتى اختراع الاسلحة النارية".

وهنالك طرائق مختلفة لترقيم الهوامش وهي :-

1. ان ترقم الهوامش ابتداءً من اول هامش واول مصدر في البحث برقم واحد ثم بالتسلسل حتى نهاية البحث . وتستعمل هذه الطريقة اذا كان البحث من البحوث القصيرة .

2.او ان ترقم هوامش كل فصل على حدة وتستخدم هذه الطريقة في الكتب والبحوث الطويلة.

3.او ان تعطى لكل صفحة من صفحات البحث ارقام هوامش مستقلة عن الصفحات الاخرى .. ويحبذ البعض هذه الطريقة لانها تتيح امكانية التصحيح في حالة وقوع خطأ في ترقيم الهوامش اثناء عملية الطبع والتدقيق .ولابد من الاشارة الى ان رقم المصدر في الهامش هو الرقم نفسه الذي اشير به الى المصدر في المتن ويعقب ذلك كتابة المصدر.

ب.الاشارة الى المصدر في الهامش:-

عند الاشارة لاول مرة الى المصدر في الهامش فان على الباحث ان يذكر المعلومات عن المصدر وحسب التسلسل الاتي :

1.اسم المؤلف الكامل .

2.عنوان المطبوع:كتاب أو بحث او مقالة .

3.رقم طبعة الكتاب – ان وجد اكثر من طبعة واحدة.

4.أسم المطبعة او دار النشر.

5.مكان الطبع.

6.سنة الطبع.

7.الصفحة او الصفحات التي تم الاقتباس منها في المصدر ويرمز الى ذلك بحرف ص – مثلاً ص 330 واذا كان الاقتباس من اكثر من صفحة فيرمز الى ذلك بحرفي ص ص (من صفحة كذا الى صفحة كذا).

وعند الاشارة الى المؤلف فيجب كتابة اسمه بالكامل وبالشكل الذي ورد في عنوان الكتاب ولايجوز اختصار اسم المؤلف الا في حالة كون المؤلف مشهوراً او شخصية شهيرة فأن البعض يميل الى اختصار اسمه وكتابة اسم شهرته اما اذا كان المصدر المقتبس منه قد تم تأليفه من قبل اكثر من مؤلف فأنه يشار اليهم – لحد ثلاثة مؤلفين كما ورد تسلسل اسمائهم في الكتاب المصدر .. اما اذا تجاوز عدد المؤلفين الثلاثة فالعادة ان يذكر اسم المؤلف الاول ويستعاض عن الباقين بكلمة "واخرون" وذلك اختصاراً وتعذر ذكر كل اسماء المؤلفين .

اما عند الاقتباس من بحث أو مقالة منشورة في احدى الدوريات (المجلات) فأن الاشارة الى الدورية لاول مرة يتضمن المعلومات التالية:

1.اسم كاتب المقالة.

2.عنوان المقالة .

3.اسم المجلة.

4.العدد.

5.مكان صدور المجلة.

6.تاريخ صدورها.

7.رقم الصفحة المقتبس منها.

ومن الجدير بالذكر انه في حالة عدم وجود أي من المعلومات المطلوبة سواء في الكتاب او المجلة المقتبس منها كتاريخ الطبع مثلاً او دار النشر فيجب ان ينوه الى ذلك حينما يذكر المصدر لاول مرة وفي قائمة المراجع ايضاً كان يذكر تاريخ الطبع بلا "

ج.الهوامش اللاحقة :-

يحدث غالباً ان يتكرر الاقتباس من كتاب او مجلة لدى الباحث سواء في الصفحة نفسها من بحثه او في صفحات اخرى و هنا لاضرورة لإيراد كل المعلومات المتعلقة بالمصدر كأسم المؤلف وعنوان المرجع والمعلومات المتعلقة بالنشر ومكانه وتاريخه بعد ان تم ذكرها في الاقتباس من المصدر لاول مرة وانما يكتفي بالاشارة الى المصدر بأختصار وكما يأتي:

أ. المصدر نفسه ، وكلمة Ibid للمصادر الاجنبية

وتستعمل هذه الصيغة للاشارة على التوالي وفي الصفحة ذاتها الى المصدر نفسه فيكتفي بعبارة " المصدر نفسه " او " المرجع نفسه " ..اذن في الاشارة الاولى يذكر المصدر بكامل معلوماته اما في الاشارة اللاحقة فأنه يكتفي بعبارة " المصدر نفسه " .

ب.المصدر السابق، وكلمة op.cit للمصادر الاجنبية .

وهذا التعبير يستعمل للاشارة الى المصدر في حالة الاقتباس منه لاكثر من مرة واحدة ولكن ليس على التوالي كما في الحالة الاولى بل حين يرد المصدر ثانية..وهنا يجب ذكر اسم المؤلف صيغة للدلالة على مصدر سبقت الاشارة اليه : مثال:

اما في حالة وجود اكثر من كتاب او مقالة لمؤلف واحد وقد اقتبس الباحث من اكثر من واحد منها في بحثه فانه يجب ذكر اسم الكاتب او المقالة مع اسم المؤلف في حالة تكرار الاقتبـاس منه

"خاتمة"

ان كتابة البحث العلمي بكل اشكاله سواء كان رسالة ماجستيرأو اطروحة دكتوراه او بحث تقتضي من الباحث المراجعة المستمرة لما كتبه دون كلل أو ملل والعودة بأنتظام للمشرف على بحثه لتلقي توجيهاته والأخذبملاحظاته او لشرح وتذليل العقبات التي تعترض الباحث.. وعلى الباحث ان يتابع باستمرار ما يصدر من كتب وبحوث ومقالات مفيدة تهم موضوع دراسته وان لايتردد في الافادة منها حتى اخر يوم من اعداده للبحث لان ذلك يرفع من القيمة العلمية لبحثه ويعزز مصادره بمصادر جديدة. كما ينبغي على الباحث الاهتمام بطبع بحثه واخراجه وشكله. وعليه مراجعة طباعة البحث لاكثر من مرة قبل الطبع النهائي . ويتوجب على الباحث قبل ذلك عرض بحثه على خبير باللغة التي يكتب بها وهي لغتنا العربية، لان الاخطاء اللغوية والطباعية تشوه البحث العلمي وتضيع بالتالي الجهود التي يبذلها الباحث لذا لاينبغي اهمالها. ان تنظيم الباحث لوقته في اعداد البحث هو احد المفاتيح الرئيسة في العمل البحثي العلمي الصحيح وغالباً ما كان اهمال هذا الجانب سبباً رئيساً في تعثر عمل العديد من الباحثين وضياع الفرصة التي توفرت لهم لاكمال بحوثهم ولدراستهم . ومن هنا فان اعداد جدول زمني لكتابة البحث العلمي ضرورة ستجعل من عملية البحث العلمي بالنسبة للباحث ليست عملية ممتعة فحسب بل سهلة ومنظمة وتنساب بصورة سليمة.

المحتويات

الصفحة

1. تمهيد 1

2. مقدمة 3

3. المبحث الأول : الشكل العام للبحث العلمي. 9

4. المبحث الثاني: الأقتباس في كتابة البحث العلمي 18

5. المبحث الثالث : الهوامش في البحث الثالث. 29

6. الخاتمة . 40

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية الأنساق العامة: إمكانية توظيفها في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية

السيميائية :أصولها ومناهجها ومصطلحاتها

ملخص الأدب مدرسة الإحياء و البعث (الاتباعية - الكلاسيكية الجديدة)