الداء السكري في الطب الإسلامي

إعداد

الدكتور عبد الناصركعدان*

الدكتور محمد الحاج علي


مقدمة

يعتبر الداء السكري من أهم المشكلات الصحية في عالمنا المعاصر، وقد تفاقمت هذه المشكلة مع تغير نمط الحياة ، وما شهده العالم النامي من دخول نمط الحياة الاستهلاكي الذي غير كثيراً من عادات الناس في الحركة و المأكل والنشاط الجسدي.

وسنحاول في هذا البحث تسليط



رسالة في المرض المسمى ديابيطس

وردت هذه الرسالة ضمن مجموعة المخطوطات الخاصة بالعالم البغدادي، ونشر العالم الألماني (ثيس) صورة شمسية منها، مشفوعة بمقدمة قيمة ، ومذيلة بتعليقات في غاية الدقة و التحقيق ، وتناول في دراسته ما ذكره علماء الإغريق والعرب عن هذا المرض من قبل ، وقارن هذه الأقوال بما جاء في الرسالة، وبحث في الأصول التي استقى منها عبد اللطيف معلوماته.

وكتبت رسالة البغدادي حول الداء السكري بخط شرقي جميل يشابه خط رسالة (الإفادة والاعتبار)، وهو الأمر الذي أدى بديتريش إلى الترجيح بأنها بخط عبد اللطيف نفسه، غير أن الأخطاء اللفظية العدة، وإغفال نقل العبارات ثم إضافتها بيد أخرى في الهوامش ترتيبها، كل هذا يشير إلى تكليف ناسخ محترف لا إلمام له بالطب باستنساخها، ثم مراجعة المؤلف لها.

وسنورد فيما يلي رسالة البغدادي حول الداء السكري كما وردت في مؤلف (ثيس)، وقد وجدت بعض الألفاظ صعبة القراءة، مشكوكة المؤدى، فتم تعقيبها من قبل الحققين بعلامة الاستفهام(؟) ، وتم استبدالها بنقط (هكذا...) إذا استحالت قرائتها، ثمّ تم وضع بين قوسين ( ) ما أضيف إلى المتن في الهوامش.

وقد تم إعادة ترتيب الصفحات المختلطة حسب إرشادات الهوامش، كما فعل (ثي)، مع الإشارة إلى مواضع الخلط بخطوط عمودية وأرقام تدل على مواضعها وترتيبها في المخطوط ثم إن الناسخ لم يقسم الرسالة إلى نبذ، فجزأها لتسهيل الإنتقال من موضوع إلى آخر.

وبالنظر إلى أن القصد من نشر المقال الوقوف على آراء عبد اللطيف و التعرف على تعاليمه، و ليس البحث اللغوي ، تم إضافة الهمزة حيث أغفلت فكتب المحقق مثلاً (ماء) بدلاً من(ما)، و(لئلا) بدلاً عن (ليلا)، ووضعنا النقط على الحروف حيث وجب وضعها.

وهذا هو النص الكامل لرسالة العالم العربي المسلم عبد اللطيف البغدادي عن الداء السكري :

رسالة في المرض المسمى ديابيطس

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد المرسلين محمد النبّي الأمي وعلى آله الطاهرين.

سألت أكرمك الله بتوفيقه عن المرض المسمى ديابيطا وعن أقسامه وعلامات كل قسم منه وعن ما نوقع عليه هذا الاسم بالحقيقة وعلى الأكثر وكيفية علاج هذا القسم خاصة إذ كان هو الواقع بالمريض المشار إليه.

فنقول إن استرسال البول وكثرة جريانه قد يكون لاسترخاء عضلة المثانة التي رببت على عنقها ليكون خروج البول عن إرادة في وقت مخصوص منحة من الخلق سبحانه و تعلى لئلا يؤدي إلى التقذر الدائم و شغل الوقت عن المهام الإنسانية، وهذا هو فالج في هذه العضلة خاصة، وقد يكن عن مشاركة، وقد يعرض (ذلك أيضاً في العضلة التي) على مخرج ا لعضلة ا ليابسة. وقد يكون لضعف في هذه العضلة كما يعرض للصبيان وهذا فيزول بالسن وقد يكون عن رطوبة عارضة فيسهل زواله وقد يكون استرسال البول عن قرحة في مجاري البول فإذا لذعت أرسلت الأعضاء ا لبول ولم تمسكه لشدة ا لألم فقد يكون ذلك لحدة في البول نفسه و يوشا(؟) ذربه بلذع الآلات فلا يقدر على إمساكه (كما يعرض إسهال) عن خلط صفراوي لذاع للأمعاء فإن كان اللذع عند عنق المثانة كان شبيهاً بالزحير.

وقد يكون استرسال البول عن ضعف القوة الماسكة التي في الكلى لغلبة البرد و كثيراً ما هذا التكون لسعة المجاري التي في الكلى فلا (يقدر على ضبط ما فيها و ما يصل إليها قدر ما يأخذ غذاءها) منه وهذا ينزح معه عطش (أ) جسام (؟) غريبة ورطوبات بشعة وقلما يكون معه عطش وإن كان لم يكن مفرطاً ويتبعه نهوك بدن و هذه (؟) فتشبه زلق الأمعاء.

وقد يكون هذا الاسترسال إن سوء مزاج حاد يعرض للكلى بحيث يصير مزاجها نارياً فيجذب الرطوبات من البدن (جذباً قوياً متداركاً) و أ ول جذ بها إنما يكون من نواحي الكبد، فإذا أعوزت الكبد رطوبتها جذبت من المعدة ثم المعدة تجذب من المرئ و(المرئ يجذب من الفم) فيعرض فيه جفاف ، وهذه الرطوبة إذا كثرت في الكلى ثقلت عليها فدفعتها عنها بسرعة وأقبلت تجتذب شيئاً آخر من رأس (؟) وتكون القوة (الماسكة في هذه) العلة التي في الكلى قد ضعفت أو بطلت أما القوة الجاذبة فتزيد زيادة منكرة وهذه العلة يكون معها عطش قوي شديد بإفراط (لا يرويه ماء لأنه) لا يلبث في محل الحاجة، بل يخرج وينفذ كما يرد ولذلك تسمى هذه العلة ديابيطا ومعناه عبارة الماء وهذه العلة في الشراب تشبه الجوع الكلبي في الطعام و إن كان سببهما مختلفاً.

ولما كانت هذه العلة تحدث عن (سوء مزاج حاد في) الكلى وجب أن تقاوم بما يبرد ويرطب ويغري ويجفف في بعض الأحيان، فلما كان البدن يعرض له من ذلك هزال وجفوف وجب (أن يؤخذ في طريق) ما يسمن ويرطب ويخصب، ولما كانت الرطوبات قد مالت نحو ا لكلى وجب أن تجذب إلى فوق بالقئ، ولما كانت الكلى في الأعماق وجب أن تجذب (الرطوبة عنها نحو سطح الجلد) على وجوه (؟) مختلفة بالحمام اليابس و التعرق والدلك.

ولما كانت هذه العلة تحدث عن حرارة نارية قومت بما يبرد ويرطب ويغري، وبما يستعصي على القوة النارية أن تحيله وتبخره بسرعة مثل (لعاب بزر قطونا وأقصى من ذلك كله لبن البقر الدوغ وهو الذي قد نزع زبده باستقصاء لأنه (يبرد ويرطب، وانخلط الدم بالجبنة فيه وبما يجب) انفعا له على الحرارة النارية، ولذلك نزعنا زبده لأن الشئ الدسم غذاء للنارية، وهو مع ذلك مسخن مرخ سريع الانفعال زائد في اللهيب ،فلا نجد لهذه العلة غذاءً هو دواء أفضل من الدوغ. ومن فضائله أنه يبرد الدم ويغلظه فيستعصي على القوة الجاذبة، ولذلك يعطى في هذه العلة العدس والأرز، لما فيهما من تغليظ الدم، وقد تعطى المخدرات لذلك أيضاً.

ونحن نذكر من أقوال الأطباء ونصوصهم ما يجري لقولنا مجرى الشهادة والتوثقة والتخليص والتفصيل.

قال القلهمان: العدس مما يقللا لبول ويمنعه ويحبسه لأنه يغلظ الدم.

وقال تياذوق: إنه ينفع من كثرة البول مع العطش طبخ حب الآس والكمثرى اليابس وتمر هيرون ويشرب منه كل يوم أوقية على الريق.

وينفع منه قرص أخلاطه هذه: " قاقيا مثقال، ورد يابس مثقالين، جلنار مثقالين، صمغ عربي نصف مثقال. يقرّص من مثقالين ، و يسقى كل يوم قرصاً بماء بارد أوقيتين على الريق فإنه عجيب لديابيطس، وقد يزداد فيه طين مختوم نصف درهم. ومما يعظم نفعه لهم طبخ الفواكه القابضة وماء التمر الهندي.

وقال الرازي: اعتمد في علاج (ديابيطيس) على ما يسكن العطش ويغلظ الدم ويبرد المزاج.

ومن تجارب الرازي قال: مما ينفع ديابيطيس الجلوس في ماء عين باردة إلى أن يخضر الجلد ويكمد لأنه يشد عضل المثانة ويبرد الكلى و يسكن العطش، وذكر قرصاً بليغاً لذلك، وصفته: طباشير ورب السوس وصمغ وكتيرا، من كل واحد نصف درهم، نصف دانق كافور، قيراط أفيون. تقرّص بماء بزر قطونا ويسقى بماء التمر الهندي.

قال أهرن: من أطعمة صاحب ديابيطس دراح بماء حصرم (وسمك بخل وأرز) والمصوص والسفرجل ونبيذ الزبيب وينفع فيه ربّ حمّاض الأترج، ويعرق في الحمام اليابس ويضمد قطنه وبطنه بالأضمدة الباردة القابضة، وينفعهم الفصد، ومما ينفعهم نفعاً عظيماً إدمان شرب ماء الفواكة القابضة كالتفاح والكمثرى والسفرجل.

قال أريباسيس: أعظم الأشياء نفعاً لهؤلاء أن يشربوا ماءً بارداً ويتقيئوا على المكان ويستعملوا التدبير البارد وأكل البقول الباردة وشرب السويق ولا يقرب ما يدر البول، ويتعرق باليابس فإنه أفضل علاجه (كما... الأقراص) التي تسقى في الحمى المحرقة ويضمد بتلك الأضمدة بعينها، ويجعل شرابه نقيع التمر وحب الآس والكمثرى،وينفع في أوائل العلة فصد العرق من المرفق، ويستعمل في بعض (الأوقات؟ الأدوية) المخدرة شرباً وحمولاّ.

قال تياذوق: إنه ينفع من ديابيطس أن يسقى كل يوم أربع أواق لبناً بنصف أوقية سكراً إلى أن يبرأ، وليحذر الجماعن ويعتمد على ما يبرد من الأغذية ويغلظ كاللبن.

قال فلغريوس في ديابيطس: ليكن قصدك الأول أن تسكن (العطش أن تسقيه) ماء الورد وعصير الورد في إبانه، أسقه قدر قوطولين ويقطن في هواء بارد جد رطب, وتضمده بأضمدة باردة وأغذه منها - أي مما صنعت منه الأضمدة - حتى يسكن عطشه فإذا سكن فعليك (بالحقن المسهلة التي تلين البطن وأجلب له النوم بكل حيلة.

قال: ومن أقوى أدويته القيء عقيب شرب الماء البارد. وقال غيره: عليك في ديابيطس بترطيب البدن جهدك، وأعطه الأغذية العسرة التغير الباردة، لئلا تلطف ويحدث عنها بخارات بسرعة، لأن الكبد من هؤلاء قوية ، فهي تجذب ما في المعدة من الرطوبة، وأعظمهم ماء الشعير وماء الخيار ويكون شرابهم ماء القرع وماء الرمان الحامض والريباس والإجاص ورب الحصرم ويسقون (بزر قطونا بالخيار ودوغ البقر) وأقراص الطباشير، واجتلب العرق جهدك واطلي الكلى بصندل وأقاقيا وكافور وبنج بماء ورد فإنه عجيب وماء الثلج لهم عجيب النفع.

علاج تامّ لديابيطس:

يسقى الدوغ الحامض مستسقى إخراج (الزبد منه ويأكل خبزه به) ويضمد كلاه بما يبرد، ويبرد كل ساعة ويجعل أبداً في فيه مصل ليسكن العطش، ويسقي ماء الشعير، ويحقن بماء الورد ولعاب بزر قطونا كل يوم، ويسقى أقراص الكافور، ويطعم الفواكه والبقول الباردة.

قال الرازي: ومن علاجه يجعل مسكنه سرداباً (نديًّا ويستلقي على أرض باردة) وعلى ورق الخلاف مرشوشاً عليه ماء الثلج، ويتعمد أن يضع أسفل ظهره عليه، ويمسك في فيه مصلاً ولا يتحرك البتة لئلا يعود ويتحلل منه شيء فحينئذ تبرد كلاه إذا دام استلقاؤه على الأشياء الباردة ويسكن أكثر ما به.

قالت الحكماء: القيء ينفع من سلس البول نفعا ًبليغاً لأنه يجذب (المادة ويعكسها عن طريقها فترجع القهقرى).

قال تياذوق: اعتمد في ديابيطيس على الأغذية والأشربة القابضة (والحامضة معاً) كماء الحصرم ونحوه، وعلى الباردة الرطبة كماء الشعير والبقول، وعلى المغرية (كالصمغ والطين) وليدخل في الماء البارد في اليوم مرات، ويضمد أسفل البطن كما (يدور بالأشياء الباردة) القابضة.

قال آخر: لديابيطس مجرّب: ينقع ثلاث بيضات في خل يوماً (وليلة ثمّ يكسر ويتحسى).

قال آخر: وللحرارة الكلى والمثانة بزر خيار، (لبن، دهن، ورد، أجزاء متساوية).

قال جبريل بن بختيشوع: أجود علاج ديابيطس (لبن البقر ولبن النعاج) ويحقن بدوغ البقر أسبوعاً كل يوم بثلثي رطل.

وقال: شرب الماء في هذه العلة (أحمد من شرب الشراب).

وقال: (فيلغروس في) ديابيطس: عليك بتسكين العطش أولاً، فإذا سكن فاحقنه بالحقن المسهلة الملينة مرات، ثمّ أرحه بحب الصبر، ثمّ أرحه ثلاثاّ وعاود إسهاله بها، ثمّ استعمل القيء بعد الطعام بالفجل.

ومن أدويته أن توضع المحاجم الحارة على جميع البدن والكماد والدخن ولاسيّما أطراف البدن واستعمل الأدوية المحمرة، ثمّ أرحه أياماً، واستعمل الركوب باعتدال، والدلك وخاصةً في أطراف البدن، والحمام ويشرب الشراب اليسير فإنّه يبرأ برءًا تاماً.

قال جالينوس في كتاب الأعضاء الآلمة: ذرب البول يكون من نارية (في الكلى بقوى قوّتها) طبعها كذلك وقوّتها الماسكة ضعيفة والعطش (يتبعها لاستفراغ) رطوبات البدن.

وقال غيره: احقن صاحب هذا المرض باللبن الحليب ودهن (اللوز ودهن الخل ودهن القرع واسقه) بزر قطونا وأطعمه الأسفيذباجات الدسمة باللحوم الفتية والأشربة الرقيقة البيض واسقه لبن المعز المطبوخ بالماء .

وقال الرازي: يصلح لهم الفصد إذا كان اللهيب قوياً شديداً ويسقون ماء الشعير (ويدخلون الحمام) اليابس و يجعل الرأس من خارج.

وقال جورجس: ينفع من هذه العلة الأمخاخ والأدمغة إذا أكلت ولحوم الجداء والكوارع والقثاء والخيار والملوخيا والخس. و أخص الأدوية في نفعه دهن الورد (وبزر قطونا والأبزنات) والتمريخ بالسمن و شرب ماء الشعير والحقن الدسمة المبرّدة.

قال ابن سربيون: أشرف علاج هؤلاء السكون وترك (جميع الحركات البدنية) والنفسانية لأنها توسع المجاري وهم يحتاجون إلى ضد ذلك ويستعملون الأوية الباردة القابضة من الأضمدة والأشربة، ويحذرون الجماع جداً ويبرد القطن والبطن بالأضمدة ويشربون (الأدوية الدافعة) لنزف الدم ويشربون لبن النعاج المطبوخ قليلاً أو غير المطبوخ فإنه ينفعهم وينفع من هزالهم وهو عظيم النفع جداً لهؤلاء، ثمّ قال: وهذه العلة قد تحدث بأدوار، فافصد قبل الدور ثمّ استعمل ما ذكرناه إن كان يحدث (بلا أدوار فقاومه) بهذه ا لأدوية وأجلسهم في الماء البارد ولا تتوانى في علاجهم ولا تفتر عنه لئلا يؤدي بهم إلى الذبول.

وقال أيضاً: إن هذا المرض يحدث معه عطش (ويبول ما يشرب على المكان) ويحدث عن شدة حر الكلى والتهابها فيجب أن تضمد الكلى بالمبرّدات ويسقى منها، ولأن البدن في هذه العلة قد يبس بكثرة الاختلاف، فاسقه الشراب أكثر من العادة لئلا يبقى للعطش موضع حدوث، وأغذهم بإحساء متخذة من الشعير وماء القرع وماء الشعير والخيار وضمد أكبادهم بما يبرد ليسكن العطش، وبزر قطونا عظيم النفع لهم، وكذلك دوغ البقر (والأدوية القابضة أيضاً).

قال أحمد الفارسي: صنعة أقراص الطباشير لهذا المرض: ورد أحمر(3دراهم؟) صمغ عربي بزر حمّاض ونشا، من كل واحد (4دراهم؟) طباشير (3 دراهم؟) وزعفران درهمين يدق وينخل ويعجن بماء و يقرّص. الشربة كل يوم درهم، بماء وسويق الشعير المنقّع.

أقراص أخرى:

طباشير، وبرباريس، وورد، وبزر قطونا، أجزاء متساوية، يدق وينخل ويعجن بماء ا لخيار أو بماء سوبق ا لشعير ا لمنقّع. وقال ثابت بن قرّة في كتاب الذخيرة: درور البول أنواع، فمنها الذي يسمى ديابيطس أي العبارة ويحدث عن سخونة شديدة في الكلى وكل ما يشربه يبوّله مكانه من غير تعسر فيه، ويكون لون البول أبيض مثل الماء ويحدث ذلك عن فساد مزاج حارّ يابس يعرض للكلى فتقوى (بذلك القوة الجاذبة) وتضعف القوة الماسكة لأن الانصباب إذا كثر وثقل على الكلى ضعفت عن حبسه فترسله، والعلاج منه أن نبدأ فنسقي الاسفيوس المحمّص وربوب الفواكه وأقراص الحمّاض بماء الرمان الحامض فإن لم يغن سقوا أقراص (القاقيا ويبرد المتن) والقطن بخرق مبلولة بخل
وماء ورد مبرّدة على الثلج،
أو يصبّ عليهما قد ضيف فيه قاقيا وبرّد بالثلج وتكون مساكنهم نديّة فإن لم يغن ضمّد (بدقيق الشعير) ودهن ورد، ويغذّون بما يكون له غلظ ونفخ وعسر تحلّل حتى لا تحدث عنه بخارات، وذلك مثل الحساء المتخذ من الحنطة والشعير واللون الذي (يتخذ من زبيب وحب رمان أو إجاص يا بس أو سمّاق.

(وقال صاحب كامل الصناعة: إن العلة المعروفة بديابيطس) لمّا كان حدوثها عن حرارة مفرطة تغلب على الكلى وجب أن يعالج صاحبها بالأشياء المبرّدة المطفئة والأغذية الكثيرة الدسم فيعطى ماء الشعير بشراب الخشخاش، وماء الرمان المز وقرص الطباشير الحابس بماء التفاح وشراب السفرجل ولعاب بزر قطونا ودهن ورد، وشيء من طين أرمني وطين قبرصي، فإن بلغ وإلا فيعطى قرص الكافور مع الرمان.

ووصف ضمادا من صندلين وورد من كل واحد أربعة دراهم، بزر قطونا 3 دراهم، طين أرمني وجلّنار من كل واحد درهمان يدق الجميع ويبل بماء البقلة (الحمقاء) وماء الورد وماء الخس ويضمد به ا لكلى.

ووصف حقنة من البقلة الحمقاء وماء حي العالم وماء الخس وماء ورق الخشخاش الطري وماء أغصان الورد والشعير، ودهن نيلوفر ويحتقن به، فإنه نافع ويكون الغذاء حصرمية وريباسية وسمّاقية ويعطى أدمغة الحملان ومقاديمها وأمخاخها والبيض النمبرشت والجبن الرطب والسمك الطري ما كبر منه وسمن. ومن البقول الخس والبقلة الحمقاء والطرخشقوق ومن الفاكهة التفاح والخوخ والكمّثرى والسفرجل والرمان والعنّاب الطري واللوز الرطب والخلال والبسرالجيسوان وقد ينتفعون أيضاً بتناول الجّمار الطلع، فإن كان الزمان صيفاً أو ربيعاً فإن الإنغماس في الماء البارد نافع والراحة والدعة وتجنّب الأشياء المدرّة للبول كالقثاء والخيار والبطيخ وبزورها.

قال الرازي في الطب الملوكي وغيره من كتبه: إن ديابيطس معناه سرعة عبور البول مع عطش وحرارة، وينفع منه ماء الشعير ولعاب بزر قطونا وأقراص الطباشير وربوب الفواكه الحامضة القابضة والطين المختوم والصمغ العربي والجلّنار والسمّاق والنشا والكتيرا وجميع ما يقبض ويسدّد ويغري وتبريد الظهر بالأضمدة والأطلية وأكل الرائب والماست والحامض والمصل وقديد المشمش والإجاص والتمر الهندي إذا أمسكت في الفم أو تؤدّم بها.

فهذا القدر كاف في شهادات العلماء ومعاضدة بعضهم بعضاً، والزيادة على ذلك تكراراً، ومن لم يقنعه هذا المقدار من الشهادات فلا يقنعه مازاد عليها مما رفضنا إثباته خوف التطويل.

وكان شيخ من أهل صناعة الطب ذو حنكة وممارسة قد وصف لهذا المريض دوغ البقر، فبادر رجل مغربي، شيخ السن صبي العلم والحلم، فأنكر عليه، ثمّ وصف السفرجل، فاشتد الإنكار، وزعم المنكر أن السفرجل يدرّ البول فلا يصلح لهذه العلة، وانه يضر غاية الضرر. وكان ذ لك في مجلس السلطنة، وارتفعت أصواتهم وصوته بالقذع والفحش، والمغربي لا يرعوى، ثمّ جاءوا إلي فسالوني الفتيا في ذلك، فأبيت، لكن عملت هذه المقالة لأصحابي حبّاً لهم وخاصّاً بهم فأما(؟) دوغ البقر فقد ذكرنا صلاحيته ونفعه وعّلة ذلك وأتينا من شهادات العلماء بما فيه بلاغ و مقنع وأمّا السفرجل ... فذكرنا... منافع، ومنهم من سكت عنه ولكن ذكر أمثله، مثل التفّاح والكمّثرى والزعرور وحب الآس، وليس فيهم من نهى عنه ولا عن أمثاله، لا صريحاً ولا ... جوهر العلة يقتضيه ويوجبه من جهة برده ويبسه وقبضه وحبسه جميع السيلانات (من جميع جهات) البدن.

ثمّ إنكم قلتم إن ابن سينا ذكر في كتاب القانون النهي عنه في هذه العلة فقال: (ولا تستعمل في هذه العلة ما كان) مدرّاً وإن كان قابضاً مثل السفرجل.

فأقول إني أذكر أولاً أقوال العلماء في السفرجل على جهة الاختصار، ثمّ بعد ذلك قول ابن سينا وأحل هذا الشك.

قال الرازي في كتاب الأغذية: السفرجل يقوي المعدة جداً والكبد، وينفع المحرورين ومن في شهوته للطعام نقصان ومن تعتريه الخلفة الصفراوية ولا يعدم نفخة وطول وقوف في المعدة، فلذلك ينبغي أن يحذره المبرودون ومن تعتريه رياح غليظة ولا يشربوا عليه ماءً بارداً، ولا يأكلوا عليه طعاماً ويدفع ضرره لعقات عسل، ويشرب عليه شراب قوي، ومن وجد منه برداً في عصبه فليتمرّخ بالأدهان التي وصفنا لذلك.

وقال الرازي في موضع آخر: السفرجل حلوه وحامضه يشدّ المعدة، إلا أن الحامض أبلغ في ذلك ويثير شهوة الطعام وخاصّة عقل البطن إلاّ أنه إذا أكل بعد الطعام يذرّ الثفل وإن أكل قبل الطعام صيّر الطعام حامضاً.

أقول: إنّما يحمض الطعام لأنّه يقف فضل مدة (عما يستحق لانسداد مسلكه بالسفرجل) الذي يقدمه ،ثمّ إن السفرجل يكون قد سبق فبّرد المعدة .

وقال يوحنا: إن السفرجل بارد في الدرجة الأولى يلبس وفي الدرجة الثانية، وهو دابغ للمعدة مدر للبول عاقل للبطن يقطع المرة الصفراء وغذاؤه يسير والإكثار منه متخم محدث للقولنج.

وقال ابن سمجون في كتابه الجامع: السفرجل يقوي المعدة ويدّر البول ومشويّه جيد للإسهال وقرحة المعدة ونفث الدم والهيضة، وهو بارد في الأولى ويابس في الثانية، والحامض منه يذّر ويعقل وينفع من قذف الدم وقال إن إدريس (القلّي المازر ي في كتابه وهو كتاب) شريف: السفرجل ذكره ديسقوريدس في المقالة الأولى من كتابه، وأكله يطّيب النكهة ويعقل البطن، ولم يذكر أنه يذّر البول بل قال أقوالً شبيهة بما تقدّم.

وقال صاحب كتاب البستان: إني (وجدت السفرجل مع قلّة) غذائه من أفاضل الفواله وجيدها جوهراً وعنصراً.

وقال أنّه قد جمع إلى نفعه وموافقته وتقويته القلب والمعدة لذاذة طعم وطيب رائحة وحسن منظر، وهو مع ذلك غير مائل خلط ولا مؤذ لعضو. ومن فضيلته إنه لايعفن الطعام في المعدة إذا أكل بعد الطعام كما يفعله سائر (الفواكه وذلك) أنه إذا أكل قبل الطعام عمل في دباغة المعدة وتطبيبها، وأعان على الحبس، وإذا أكل بعد الطعام عصر في المعدة ،وأخدر ما فيها بسهولة من غير تكاية ولا أذى.

والسفرجل مطّيب للنكهة، منبّه للشهوة، دباغ للمعدة، قماع (للمرّة، حافظ للأجنّة في بطون أمهاتها) وقد تختلف قوة السفرجل بحسب اختلاف أنواعه وطعومه (ومعادنه) وقد تختلف من قبل الفجّمنه والمدرك، وبحسب ما أتى عليه من الزمان إلاّ أن جوهره بالجملة منسوب إلى البرد والقبض، وأقربه إلى الاعتدال الحلو منه، وغذاؤه أكثر من غذاء جميع أنواعه، وهذا الحلو ضعيف في حبس البطن (والحامض منه أرجح) برداً وأقرب إلى التطفية، والقابض والعفص أقوى دباغاً وحبسا ًللبطن، والمائي ضعيف في هذه الوجوه كلّها، والفج لا خير فيه. والسفرجل المطبوخ والمشوي قبضه أقل، وغذاؤه أكثر، ولعلم الحكماء بفضائل السفرجل اتخذوا منه أدوية كثيرة.

وقال جالينوس: السفرجل مخصوص بشئ ليس للتفاح وهو أن فيه فضل قبض وربه يبقى إذا طبخ مع العسل، وأما رب التفاح فإنه حمض.

وقال بقراط في السفرجل: ما كان منه حامضاً فجّاً فهو عسر الانهضام، وما كان نضيجاً فذلك فيه أقل. وفي جميع أنواع السفرجل قبض، وماؤه يقطع القئ ويعقل البطن ويكثر البول ورائحته أيضاً تقطع القئ.

وقال ديسقوريدس: السفرجل يسدّ المعدة ويغزر البول وإذا شوي كانت قوته ألين، ويصلح لأصحاب الذرب والعقر في الأمعاء ولمن ينفث الدم ولمن يتقّيأ المرار ولسيّما غير المشوي.

وقال روفس: السفرجل من أنفع (الأشياء لحبس البطن وإنهاض) الشهوة، وليس هو بردئ لدرور البول، والسفرجل لا يكاد يفسد في المعدة في المريض فضلاً عن الصحيح فإذا طبخ كان أسرع انهضاماً وقد يقئ.

من أقوال (العلماء أشياء شبيهة) بما ذكرنا ليس فيها سوى التكرير واختلاف العبارة.

وقد حان ذكر(الحكومة فيما شجر بينهم) في أمر السفرجل وإسهاله وإدراره وصلاحيته في هذه العلة وضرره لها فنقول: إن السفرجل أجمعوا على أنه يقوّي الأعضاء ويبرّد ويقبض ويحبس (السيلانات) لكنه قد يسهل بالعرض وهذا على وجهين: أحدهما أن يؤخذ بعد الطعام فيقوى فم المعدة ويعصر الطعام فيقوي القوة الدافعة فيحصل خروج الثفل بسرعة أو بكره، وليس هذا في الحقيقة إسهالاً، والوجه الآخر أن يؤخذ قبل الطعام أو بعده ولكن يصادف في المعدة رطوبة لزجة لذاعة حريّفة فإذا اختلط (اليابس اللزج كان عنه إسهال، لأن القابض يعصر ويقوّي القوة الدافعة واللزج يزلق) وينفعل للخروج بسرعة وأما اللذاع الحرّيف فإذا امتزج به القابض صار مسهّلاً كما يعرض في الأهليلجيات وفي عصارة القرظ وعصارة قشور الرمان، وهذه إذا جفّت لمتسهل، لأنه يبقى القابض وحده وتذهب (المائية اللذّاعة فليس من شأن) القابض بما هو قابض أن يسهل، وإنما شأنه أن يمسك فإذا اختلط بالمسهّل قوّى إسهاله فنسب إليه الإسهال بالعرض حيث كان خادماً للمسهّل بالوجه الذي ذكرنا فإذا أخذ السفرجل قبل الطعام والمعدة نقيّة صحيحة فإنه يحبس البطن ويبطئ خروج الثفل قولا ًواحداً، لأنه يزيد في القوة الماسكة وحينئذ يصح أن يقال انه يذر البول بطريق العرض لأن الثفل إذا لبث ( في الأمعاء تمكنت الماساريقا) من جذبها واستقصائها، فتوفرت الرطوبة المائية في الكبد فدفعتها إلى الكلا فإذا أكثر الفضل المائي في الكلأ دفعته إلى المثانة فكان إدرار.

وللسفرجل وجه آخر من الإدرار وهو انه بما فيه من العطرية واللطافة التي يحملها الجوهر الحامض ينفذ إلى الكبد (وآلات البول ويقويها)، وإذا قويت هذه الآلات جاد فعلها فصارت سقيتها للدم وتصفيتها له في المائية أجود وأفضل، فكان إدرار على جهة الإستقراع والتنقية الصحية .

ومن شأن السفرجل أن يبرد ويغلظ الدم ويضيق المجاري فإن (كانت العلة فرط حرارة نارية فالسفرجل يوافق) فيها لأنه يبرد ويطفئ ويقوى القوة الماسكة ويضعف القوة الجاذبة ببرده، ونحن كنا قد قلنا أن القوة الجاذبة في هذه العلة تقوى حرارتها وتزيد زيادة منكرة، والماسكة تضعف، فإذا كان السفرجل يقوى الماسكة ويزيل إفراط الجاذبة فهو من أدوية هذه العلة.

وإن كان الإدرار عن سعة المجاري وكثرة رطوبة فالسفرجل نافع جدا، لأنه يضيق المجاري بقبضه ويخشنها ويجفف رطوبتها بيبسه.

وإن كانت العلة عن برد لم يظهر للسفرجل فيه كبير مضرة، لان برده في الدرجة الأولى، وما في الدرجة الأولى لا يظهر أثره إلا في زمان طويل وأما يبسه فيسبق ويظهر أثره لأن ما في الدرجة الثانية يظهر أثره في زمان قصير وأيام قليلة.

وان كان الإدرار عن خلط صفراوي حاد لذاع أو رطوبة بورقية حريفة أو قرحة في مجاري البول، فالسفرجل ينفع في ذلك كله لأنه يقاوم هذه الكيفيات المنكرة ويدمل الخراجات والقروح بما فيه من التخفيف والتبريد والتقوية والتعطير.

فيتبين من جميع ما ذكرنا بالبرهان الواضح أن السفرجل ينفع العضو نفسه (ويقاوم العلة مقاومة) بالذات وأن إدراره ليس إدراراً مرضياً بل إدراراً صحي على جهة التنقية لتقويته الآلات فهو يرد العضو الذي خرج عن اعتداله في الحرارة والسعة إلى اعتداله، فهو دواء له لا شك فيه.

وهم قد وصفوا لهذه العلة الخيار و(القثاء، لما فيهما من التبريد وتغليظ الدم وإن كان فيهما رطوبة) وإدرار باتفاق منهم، وقد أجمعوا على أن إدرارهما أقوى من ادرار السفرجل وليس فيهما يبسه، وكذلك الرجلة والملوخيا، والسبب في نفع هذه الأشياء في هذه العلة مع ما فيها من الإدرار أن الكيفية المقصودة منها وهي التبريد والترطيب هي أقوى فيها من الإدرار، فيسبق الأقوى ويفعل قبل الأضعف.

وأما من نهى عن الخيار والقثاء فعلى جهة الاحتياط (والاستقصاء لا أن ذلك) ظاهر الضرر كما في البطيخ، فإن البطيخ فيه قوة غسالة جلاءة كثيرة. ولذا يجلو سطح البطن ويغسل اليد من الوضر، وليس ذلك في القثاء والخيار، وأنت تجد في الخيار قبضا ظاهرا ولاسيما في عصارة قشر الأخضر منه الطري، وإذا كان الإدرار في الخيار والقثاء ضعيفا فهو في السفرجل اضعف، وإذا جاز استعمالها في هذه العلة فاستعمال السفرجل فيها أجوز، وإذا وصفا في هذه العلة لبردهما فقط فالسفرجل أولى أن يوصف لبرده وقوة يبسه. وهؤلاء العلماء الذين وصفوا السفرجل في هذه العلة قوم (أولو تجربة وقياس مصحح معضود بالتجربة).

وأما ابن سينا فليس من أرباب التجارب ولا يوثق به في ذلك. وأما قياسه فساذج، والقياس الساذج في صناعة (الطب مطرح أو موقوف) على التجربة، فإن صححته وصدقته قبل وإلا رد وأطرح.

ونحن فقد أتينا بقياس صحيح مأخوذ من مقدمات ذاتية في صناعة الطب استنتجنا (عنه انه لا مانع من) استعمال السفرجل في هذه العلة وانه نافع فيها ومن أدويتها ثم أتينا بشهادات (المجربين المقبول قولهم وتجربتهم بما فيه) مقنع.

انتهى القول فيما قصدنا له. وكان ابن سينا قرأ لبعضهم أنه نهى عن الخيار والقثاء في هذه العلة لإدرارهما فقاس عليهما السفرجل وذكره يغرب به، وهذا الأسلوب كثيرا ما يسلكه ويرتكبه، فقد أتينا بقياس صحيح مأخوذ من مقدمات ذاتية في الصناعة الطبية (انه لا مانع من استعمال) السفرجل في هذه العلة، وانه نافع فيها ومن أدويتها ثم إن شهادات العلماء والمجربين تعضده وتصححه، فلم يبق مخالف إلا ما شذ من ابن سينا وقد فسخنا قياسه. وأما التجربة فليس له فيها قدم راسخ، وإنما هو عن العلماء بها ناسخ. وقد رأيت هذا المقدار كافيا ولحق سؤالكم قاضيا.

تمت بمنه وجوده، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا نبيه محمد وآله الطيبين الطاهرين .

وكان الفراغ من نسخ هذا الكتاب يوم الاثنين خامس وعشرين من شهر جمادى الآخر سنة اثنى وعشرين وستمائة .

الباب الثالث

الدراسة والمقارنة العلمية


الفصل الأول:

دراسة تحليلية لرسالة عبد اللطيف البغدادي

يمكن تجزئة هذه الرسالة الطويلة للعالم البغدادي إلى ثلاثة أجزاء :

1- أولها: يشمل أقوال عبد اللطيف في المرض المسمى ديابيطس.

2- ثانيها: يسرد آراء من سبقه من الأطباء.

3- وثالثها: مناقشة لأقوال العلماء في فائدة السفرجل ورفض رأي ابن سينا فيه.

وقد قام الباحث بول غليونجي بإجراء دراسة تحليلية ونقدية لرسالة البغدادي، مقارناً المعلومات الواردة فيها مع المعلومات التي ذكرها ابن سينا عن الداء السكري، وقد اعتمدنا في هذا الباب حول الدراسة التحليلية على دراسة الباحث بول غليونجي.

الجزء الأول:

الجزء الأول مقتضب، لا يتجاوز أربعة وثلاثين سطراً، وخلط البغدادي فيه بين ثلاث ظواهر تختلف كل الإختلاف، مع أن اختلافاتها لا تفوت أي طبيب ناشئ، بل إنها في تناول أي ملاحظ مدقق وإن كان لا يلم بأي قسط من الطب،وهذه الظواهر هي:

1) فرط إدرار البول ، أي زيادة مجموع ما يفرز منه زيادة مطلقة.

2) السلس غير الإرادي الذي يحدث للصبيان والشيوخ والمفلوجين لعجزهم عن التحكم قي عضلات حبس البول في المثانة، وفي الأعصاب المسيطرة عليها.

3) تواتر تبوّل أقدار صغيرة من البول ،نتيجة لهياج المثانة لالتهاب المجاري البولية أو تقرّحها.

والظاهرة الأولى هي الوحيدة التي ينطبق عليها تعريف الديابيطس، ويبدو هذا الجهل أفضح وأخزى إذا قارنا هذا الجزء من الرسالة بما أورده البغدادي في الجزء الثاني من الرسالة.

الجزء الثاني:

وهو الخاص بآراء المتقدّمين، وبخاصة إذا قارناه بتعاليم ابن سينا الذي رماه البغدادي بقلة الخبرة وضعف المنطق، ذلك أن هذا العالم الأصيل أحسن الفصل بين عجز الكلية عن احتجاز الماء (وهذا ما يسببّه) الديابيطس المليخ المسمّى أيضاً بالديابيطس البرئ أو أمراض الكلى، أو البرد، أو كثرة شرب الماء و السوائل، أو وجوب إفراز مواد واردة من الكبد بأقدار لا تحتملها الكلية، وهذا التفسير الأخير أقرب المستطاع إلى تفسير مرض البول السكري في هذا الوقت. وقد أضاف ابن سينا أنه يؤدّي إلى الذواب والدّق، وإلى القارئ –بالإضافة إلى صفحات أخرى فسر فيها ابن سينا بتطويل السلس غير الإرادي، وتقطير البول الناتج عن أسباب في البول أو في آلاته أو في جرم المثانة، وفيما يلي نص ابن سينا:

"ديابيطس هو أن يخرج الماء كما يشرب في زمان قصير ونسبة هذا المرض إلى المشروب وإلى أعضائه، نسبة زلق المعدة و الأمعاء إلى المطعومات،...
و صاحبه يعطش فيشرب ولا يروى بل يبول كما يشرب غير قادر على الحبس البتّة،
وقال بعضهم إنّ هذا يعرض بغته لأنه طبيعي غير كائن بالإرادة، وزلق الأمعاء قليلاً قليلاً لأن هناك حساً وإرادة، وهذا كلام غير محصّل ويسبب ديابيطيس حال الكلية إما لضعف يعرض لها واتساع وانفتاح في فوهات المجرى فلا ينضم ريث ما تلبث المائية في الكلية، وقد يكون ذلك من البرد المستولي على البدن أو الكبد، وربما فعله شرب الماء البارد أو حصر شديد من برد قارس و إما لشدّة الجاذبية لقوّة حارة غير طبيعية مع مادة أو بغير مادة، وهو الأكثر، فتجذب الكلية من الكبد ما تحتمله فتدفعه ثمّ تجذب من الكبد والكبد مما قبلها فلا يزال هناك انجذاب متصل المائية واندفاع. وهو مرض ردئ ربما أدى إلى الذواب وإلى الدق، بسبب كثرة جذبه الرطوبات من البدن ومنعه إياهما يجب أن يناله من فضل الرطوبة بشرب الماء "وفي هذا الصدد يجدر بنا أن نشير إلى معنى "الرطوبة"عند القدامى ، فقد ظهرت منذ عهد فلاسفة الإغريق الأيونيّن الأوائل
مجموعة نظريات فحواها أن الحياة مرتبطة بتوافر ثلاثة عناصر: الماء ،والنار ، وعنصر ثالث
مركب من الماء والنار، وأن الماء هو الجوهر الأول لكل الأحياء (وجعلنا من الماء كلّ شئ حي) وكان هراكليتس الملطي يتصور تيّارين عكسيين يجريان في الجسم، أحدهما يرفع الماء إلى النار،و الآخر ينزّل بالنار إلى الماء. وأكّد أرسطو أن الحرارة تنشأ عن الرطوبة وتستمد منها
صفة الاستمرار.
وعبّر جالينوس عن رأيه بأن الحرارة رطبة بالإضافة إلى كونها حاّرة، وأضاف أن الغذاء موجود في الجسم على شكل ثلاث رطوبات متسلسلة:أولاها في الدم ، ثانيتها في المجال الخارج عن الأنسجة، وثالثتها داخل الأنسجة.

وأضاف ابن سينا إلى هذه الرطوبات الثلاث رطوبة رابعة، إذ قال إن الرطوبة من نوعين: الأول تشكّله الأخلاط الأربعة، والثاني يشمل الفضول وغير الفضول، وهذا الأخير ينفذ إلى الأعضاء من الغذاء، وهو مكوّن من: الرطوبة المحصورة في تجاويف العروق الصغيرة، ورطوبة ثانية منبثة في الأعضاء، وهي معدّة للتحوّل إلى غذاء إذا فقد البدن الغذاء، وثالثة حديثة الانعقاد ومتحوّلة إلى جوهر الأعضاء، أما الرطوبة الرابعة (وهي التي أضافها ابن سينا وأشار سرابيون من قبله إليها) فمبدؤها من النطفة، والنطفة من الأخلاط
ويبدو من
هذه النصوص ومن غيرها أن "الرطوبة" كانت تفهم على إنّها جوهر أساسي يتخلّل الجسم عامة، ويحيي أنسجته، ويصل بين أجزائه، وأن الشيخوخة تأتي عند ضياع هذه الرطوبة وبصفة خاصة عند ضياع الرطوبة التي تنشأ من النطفة. وقد ترعرعت هذه النظرية خلال القرون الوسطى وفي عهد النهضة الأوربية وتشعّبت فاتخذت أشكالاً متباينة لنزعات الأطباء والفلاسفة ومذاهبهم المختلفة .ومنها نستطيع تقدير أهميّة ضياع الرطوبة عند المصابين بديابيطس في نظر هؤلاء الأطباء.

وقد أغفل ابن سينا طعم البول السكّري الذي عرفه الهنود والصينيّون قبله بقرون، لاستنكاره تذّوقه، فقد قال في طرق اختبار البول:"ومن الناس من يدخل في هذه الأجناس جنس اللمس وجنس الطعم ونحن أسقطناها تفرّداً وتنفّراً من ذلك" هذا وقد ذكر الحلاوة دون ربطها بالطعم أو بمرض البول السكري حيث قال: (في هذا الفصل الرابع من الجملة الثانية من التعلّم الثالث من الفن الثاني من الكتاب الأول، في دلائل رائحة البول): "و الرائحة الضاربة إلى الدم، إذ أنه أسند في سياق الكلام الرائحة المنتنة إلى الصفراوية، و المنتنة إلى حموضة إلى السوداوية،الخ..
وإذا استثنينا الأسباب المحلّية المسببة لتواتر التبوّل –وهو يختلف عن الإدرار الصحيح- وجدنا البغدادي يرد هذا المرض إلى الأسباب التقليدية التي سادت الفكر الطبي منذ عهد الإغريق، وهي:نارية تجتذب الرطوبة، اتساع مجاري الكلى، ضعف القوى القابضة، استرخاء عضلة عنق المثانة،
وتشبيه إدرار البول بزلق الأمعاء، فأدى هذا التفكير بالأطباء إلى وصف المواد المرطّبة والحمّامات والكمّادات الباردة وماء الثلج لإزالة الحرارة، والأدوية القابضة، من جهة لقبض المجاري المتسعة وتقوية عضلة عنق المثانة، ومن جهة أخرى لإقلال الإدرار قياساً على ما تفعله هذه الأدوية في الأمعاء، ووصف الأغذية الخشنة أو الغروية للإقلال من المائية والرطوبة في الجسم وفي الدم، وبالتالي للإقلال من مائية البول
وإننا،
إذ نقرّ بأن فائدة هذه الطرائق وهمية، ومبنية على قياسات ليس لمقدماتها أساس من الصحة، علنا أن نعترف بأنها كانت نتيجة طبيعية للنظريات القائمة حينئذٍ، والتي بنيت على نظرية الأخلاط والطبائع.

غير أن شيئاً من هذا لم يبتدعه عبد اللطيف، بل نراه مكتفيّاً بتكرار أقوال غيره في استفاضة، وإن ادّعى عدم رغبته في التكرار والتطويل.

الجزء الثالث:

أما الجزء الثالث، وهو الخاص بالدفاع عن السفرجل ، فإنه يقدم لنا مثالاً كاملاً للأسلوب الفكري الذي اعتاد علماء القرون الوسطى سلوكه، وهو الذي يبني استنتاجه على معطيات قبلت على أنها حقائق أزلية، فكان النقاش يدور حول الطبائع ودرجاتها، وكان الاقتناع يأتي عن البراعة الكلامية، وليس عن الملاحظة الواقعية. ولم يختلف انتقاد عبد اللطيف لابن سينا عن هذا النموذج الكلامي، بل إننا نعجب من طول باع عبد اللطيف في مناقشة السفرجل، التي تبدو لنا اليوم تافهة وغير ذات موضوع.


الفصل الثاني:

الداء السكري في المفهوم الطبي الحديث

يعد الداء السكري أشيع الأمراض الغدية مصادفة في الممارسة, وتشكل اختلاطاته (العينية – الوعائية – الكلوية – العصبية.....) سبباً هاماً للعجز, هذا ويعتبر النمط الثاني من الداء السكري هو النمط الشائع.

يقدر عدد المصابين بالداء السكري من النمط الثاني في الولايات المتحدة الأمريكية 16 مليون مصاب, بالإضافة لـ 40-30 مليون شخص لديهم عدم تحمل الغلوكوز.

الآلية المرضية للداء السكري:

تعتمد الآلية المرضية للداء السكري على نقطتين أساسيتين هما :

1- عوز الانسولين في النمط الأول من الداء السكري.

2-المقاومة لعمل الانسولين في النمط الثاني من الداء السكري.

وفي كلتا الحالتين يحدث ارتفاع في سكر الدم أكثر من المستويات الموجودة لدى الإنسان الطبيعي.

يوجد علاقة أكيدة بين مستوى سكر الدم في الداء السكري من النمط الأول وبين تطور الاختلاطات الوعائية الدقيقة, وقد أثبتت إحدى الدراسات الحديثة في المملكة المتحدة UKPDS وجود مثل هذه العلاقة في النمط الثاني من الداء السكري.

وعلى الرغم من أن الإمراضية ومعدل الوفيات تترافق مع:

- اعتلال شبكية

- اعتلال كلية

- اعتلال عصبي

إلا أن السبب الرئيسي للوفاة في الداء السكري من النمط الثاني هو الأمراض القلبية الوعائية.

وعليه يجب أن يشارك الضبط الجيد لسكر الدم مع علاج عوامل الخطر الأخرى (السمنة, فرط ضغط الدم, وفرط شحوم الدم) حتى يتم إنقاص معدل الوفيات في الداء السكري من النمط الثاني.

تصنيف الداء السكري:

1- الداء السكري من النمط الأول 1 :

وهو ما كان يعرف سابقاً بالداء السكري الشبابي أو الداء السكري المعتمد على الانسولين.

2- الداء السكري من النمط الثاني 2 :

وهوما كان يعرف السكري غير المعتمد على الأنسولين NONINSULIN – DEPENDENT D.M هذا الاصطلاح عدل حديثاً من قبل الجمعية الأمريكية للداء السكري وحالياً تستخدم عدة معايير بشكل مستقل لوضع التشخيص.

المعايير الحديثة المستخدمة في تشخيص الداء السكري:

1- اختبار تحمل الغلوكوز تكون قيمة 200mg/dl أو أكثر

2- سكر الدم في أي وقت أكثر أو يساوي 200mg/dl مع أعراض نموذجية للداء السكري

3- سكر الدم الصيامي أكثر أو يساوي 126mg/dl في أكثر من مناسبة

هذا وتفضل قيم سكر الدم الصيامي نظراً:

1- ملاءمتها .convenience

2- إمكانية إعادة إجراؤه.

3- علاقتها مع الخطر المتزايد للاختلاطات الوعائية الدقيقة.


الفصل الثالث:

المقارنة العلمية مع المفاهيم الحديثة

لقد قدم العالم عبد اللطيف البغدادي في وصفه للداء السكري وتدبيره مادة علمية شيقة تثير الاهتمام للبحث عما كتب حول هذا الموضوع.

ولعل القارئ لموضوع الداء السكري عند البغدادي يلحظ بشكل جيد تركيزه على الداء السكري كمشكلة مرضية تحتاج إلى معالجة، وقد أبرز العديد من النقاط التي قد تفيد في المعالجة.

وبالمقارنة مع المفهوم الحديث للداء السكري يلاحظ وجود هوة كبيرة في المفهوم الطبي للآلية المرضي للداء السكري وبالتالي للمعالجة، فالآلية المرضية التي تأخذ الأنسولين بعين الاعتبار بكونه النقطة الرئيسية في الآلية المرضية لم تكن موجودة سابقاًن على اعتبار أن البنكرياس وهو العضو المفرز للأنسولين لم يكن محدد الهوية، وهذه الهوية لم تتضح حتى أوائل القرن الماضي حيث اكتشف الأنسولين الذي أحدث ثورة طبية وفتحا علميا جديدا.

ويمكن اعتبار التركيز الذي أولاه البغدادي للداء السكري وتخصيصه برسالة علمية، ومن ثم تقديم علاجات لها إنجازا كبيرا بالنظر إلى الفترة الزمنية الكبيرة التي تفصلنا عنه، ونظراً لإنعدام وسائل التشخيص والاستقصاءات والوسائل المتطورة في التشخيص والعلاج.

ويعد الوصف الذي ذكره البغدادي للأعراض عند الأشخاص السكريين من النقاط الهامة، وإن كانت مختصرة إلى حد ما، كما أن التفسير الذي قدمه للداء السكري لم يخرج كثيراً عما سار عليه غيره في ذلك العصر.

وفيما يتعلق بتدبير الداء السكري، فقد قدم البغدادي عرضاً للعلاجات التي لا يمكن الاعتماد عليها في العصر الحالي لبعدها عن الآلية المرضية للداء السكري وبالتالي عدم قدرتها على تحريض إفراز الأنسولين أو تعويضه.

مما تقدم يلاحظ أن البغدادي كان عالماً موافقاً لما طرح في عصره حول الداء السكري، وإن كان ذلك لا يخلو من بعض الخلافات حول المعالجة مع بعض الأطباء المشهورين ومنهم الشيخ الرئيس ابن سينا. ويبقى ما قدمه من أفكار حول الداء السكري ذو قيمة تاريخية وإن كانت بعيدة عن المفاهيم العلمية الحديثة في الآلية والتشخيص والمعالجة، لكن لا نملك مع قيمتها التاريخية إلا أن نشير لها بكل إعجاب وتقدير.


الخاتمة

لقد شكلت الداء السكري ومنذ القدم معضلة طبية تحتاج إلى المعالجة والمتابعة، ولم تقتصر النظرة إليه بكونه مجرد ارتفاع أو زيادة في مستوى سكر الدم لدى الإنسان بل تجاوزته ومع تطور الطب إلى النظر إليه بكونه متلازمة استقلابية، وقد ظهر البغدادي من خلال رسالته التي قدمت في هذا البحث بكونه عالماً بحث في مشكلة مرضية تعد من أهم المشاكل الموجودة حاليا في عالمنا المعاصر.

وبالنظر إلى ما طرح في رسالة البغدادي، وما تؤكد عليه الدراسات العلمية الحديثة من خطورة الداء السكري، وما ينجم عنه من اختلاطات مهددة للحياة، يلاحظ أن هذه المشكلة الصحية قد رافقت الإنسان منذ القدم، وما هو مهم في هذا الموضوع هو ضرورة تقيد الإنسان بسبل الوقاية التي تحافظ على مستوى سكر الدم، وتقيه من زيادة سكر الدم كالحمية والرياضة حتى لاتصل إلى مرحلة يصعب فيها السيطرة عليه ويتول إلى داء سكري صريح.

فالحركة والنشاط والحمية الغذائية، والتقيد بالعلاج والمراقبة الجيدة لسكر الدم نقاط لا بد من الالتزام بها عند الأشخاص السكريين، للحفاظ على استقرار صحتهم بعيدا عن ما يرتبط به من اختلاطات .


المصادر والمراجع

المراجع العربية:

1- ابن سينا, أبو علي الحسن ابن علي, القانون في الطب، الكتاب الرابع.

2- غليونجي, بول, رسالتان في الحواس عبد اللطيف البغدادي, منشورات وزارة الثقافة في الكويت.

3- كحالة, عمررضا, العلوم العملية في العصور الإسلامية، المطبعة التعاونية بدمشق.

المراجع الأجنبية :

Kumar and Clark, Clinical Medicine, Fifth Edition, 241-245, W.B.Saunders.


فهرس المحتويات

الموضوع

رقم الصفحة

مقدمة

1

الباب الأول: الداء السكري عبر العصور

2

الفصل الأول: تطور مفهوم الداء السكري لدى الحضارات القديمة

3

الفصل الثاني: تطور الطب في العصر الاسلامي

7

الفصل الثالث: الداء السكري في المفهوم الطبي الاسلامي

10

الباب الثاني: الداء السكري عند عبد الطيف البغدادي

12

الفصل الأول: سيرة حياة عبد اللطيف البغدادي

13

الفصل الثاني: مؤلفات عبد اللطيف البغدادي

16

الفصل الثالث: رسالة في المرض المسمى ديابيطس

19

الباب الثالث: الدراسة والمقارنة العلمية

34

الفصل الأول: دراسة تحليلية لرسالة عبد اللطيف البغدادي

35

الفصل الثاني: الداء السكري في المفهوم الطبي الحديث

40

الفصل الثالث: المقارنة العلمية مع المفاهيم الحديثة

42

الخاتمة

44

المصادر والمراجع

45

فهرس المحتويات

46

B


مخطط البحث

· مقدمة

· الباب الأول: الداء السكري عبر العصور

o الفصل الأول: تطور مفهوم الداء السكري لدى الحضارات القديمة

o الفصل الثاني: تطور الطب في العصر الاسلامي

o الفصل الثالث: الداء السكري في المفهوم الطبي الاسلامي

· الباب الثاني: الداء السكري عند عبد الطيف البغدادي

o الفصل الأول: سيرة حياة عبد اللطيف البغدادي

o الفصل الثاني: مؤلفات عبد اللطيف البغدادي

o الفصل الثالث: رسالة في المرض المسمى ديابيطس

· الباب الثالث: الدراسة والمقارنة العلمية

o الفصل الأول: دراسة تحليلية لرسالة عبد اللطيف البغدادي

o الفصل الثاني: الداء السكري في المفهوم الطبي الحديث

o الفصل الثالث: المقارنة العلمية مع المفاهيم الحديثة

· الخاتمة

· المصادر والمراجع

· فهرس المحتويات

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية الأنساق العامة: إمكانية توظيفها في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية

ملخص الأدب مدرسة الإحياء و البعث (الاتباعية - الكلاسيكية الجديدة)

السيميائية :أصولها ومناهجها ومصطلحاتها