اعداد الدكتور / محمد عوض الهزايمة
قسم العلوم السياسية والدراسات الدبلوماسية
مقدمة :-
ـ أهمية الدراسة .
ـ أهداف الدراسة .
فرضيات الدراسة.
محدات الدراسة.
منهجية الدراسة .
المطلب الاول : الامن القومي العربي " النشأة والمعنى"
المطلب الثاني : العناصر القومية والمقومات التنموية العربية.
أولا: العناصر القومية .
ثانيا :المقومات التنموية .
المطلب الثالث : الامن القومي العربي الضائع " الضياع واسبابة التنمية واخفاقاتها"
اولا :الاسباب السياسية .
1 ـ تجزئة الوطن العربي .
2ـ القطرية .
ثانيا : الاسباب الايديولوجية .
1ـ التوظيف الخاطئ لورقة القومية العربية .
2ـ الوطنية المهلكة .
ثالثا :الاسباب اللاعقلانية .
1ـ ضبابية الفكر العربي .
2ـ هجرة العقول العربية .
رابعا: الاسباب الاقتصادية .
1ـ المديونية .
2ـ تكريس التبعية " أزمة الخليج نموذجا"
الخلاصة :
ـ الاستنتاجات
ـ التوصيات
العلاقة التلازمية
بين
الامن القومي العربي والتنمية
مقدمـــة:-
د. محمد الهزايمة
جامعة العلوم التطببيقية
لقد أقام العرب دولة عربية اسلامية في صدر الاسلام، بعد أن قاد رسول البشرية محمد صلى الله علية وسلم ثورة في عالم المثل قائمة على الكتاب والسنه النبوية المطهرة ، وشكلت هذه الدولة مدا حقيقيا على اساس العدل والمساواة والشورى والحرية والسماحة وحقوق الانسان ،لم تعرف تلك الدولة العربية الاسلامية الموحدة انذاك حدودا سياسية مرسومة حتى في اوج توسعها ، ونشير الى ايام العباسين كمثال ، والتي كان فيها رئيس الدولة يخاطب حتى السحاب في سماه بالقول المأثور : "( (امطري حيث شئت فان خراجك عائدا الي)) ولم تعرف الدولة ايضا نظاما اداريا ومركزيا كالذي تعرفة الدولة القطرية العربية اليوم . والمعروف ان اقطار الوطن العربي اليوم سواء تلك الكائنة في افريقياأوأسيا كانت اجزاء من امبرطورية عربية اسلامية واسعة الارجاء ممتدت الاطراف ، حيث يمكننا القول ان تاريخ هذا القطر يلتقي مع تاريخ ذاك ، بل اصطحبنا التاريخ معا الاقطار مدة تزيد على ما يقارب أثني عشر قرنا من الزمان ،وهذا يكفي كدليل على ان نظام الحكم الذي رسمه العرب المسلمين تجاوب مع متطلبات الواقع ، وادى الاستحقاقات لكل السكان على مدى تلك القرون ،فعاشوا في ظل ذلك النظام اخوة متحابين يشد ازر بعضهم بعضا لايفرق بينهم عدو ولايوقع بينهم منافق ، فالدولة التي تعيش هذا الردح الطويل من الزمان بالتأكيد ان امنها القومي غاية في الصلابة وهذا لايختلف علية اثنان ،الا ان العالم العربي ومنذ مدة تقارب القرن والنصف ابتليت اجزاءه تباعا بالاحتلال والاستعمار الاوروبي ،ثم تلا هذه الهجمة الاستعمارية قيام حركات تحرير لا على اساس تحرير كل العرب ( تحرير قومي ) ، بل قامت على اساس التحرير الوطني ، وقد انتهت باجلاء المستعمر التقليدي فقد وكانت المحصلة النهائية تفتيت العالم العربي الى عدة دول قطرية بعد ان كان في مجمله دولة واحدة مهابة الجانب يخشى صولتها الاعداء ،وهذا التفتيت ادى الى خلخلة جوانب الامن القومي العربي وبسبب الضغوط الخارجية ، مما ادى الى تصديع تلك الجوانب ثم مع الزمن آلت تلك الجوانب وتهدمت ، وقد ترتب علية عجز الدولة القطرية عن تحقيق التنمية الاقتصادية ، واقرار العدالة الاجتماعية وهذا ما يعرضها اليوم الى مزيد من التفتيت والتشرذم ،وهذا في حد ذاتة هو مطمع الطامعين بخيرات الوطن العربي واستراتيجية عملهم في المنطقة العربية ، ومن المسلم به أن الاقطار العربية موحدة اللغة والدين والدم والتقاليد بالاضافة الى وحدة المصالح ،وهذه العناصر التي ذكرت قادرة على جعل الاقطار العربية نموذجا وحدويا قائما على اساس وثوابت طبيعية عنوانها القومية العربية بكل ما يعنيه هذا المصطلح من معنى ،ان الاثبات التاريخي على ان المجتمع البشري ومنذ وجود الدولة ، وعبر كل اشكال تكويناتها السياسية ،كان حريصا على امنه وسلامتة ، واستقرارة وبقائة ، بل وعلى امتداد وجوده وعبر ما كان يتخذه وبواسطة الدولة من التدابير والاوضاع التنظيمية والعملية التي يكون مؤداها قمع التمردات في الداخل ، وردع القوى الطامعة به من الخارج اما بادماجه اأو الحاقها به واما بازالتها ،من هنا كانت عناية الدول تاريخيا بالجانب العسكري والذي هو عنوان مفهوم القوى عبر نظرية الردع ، والتي تعني انه كلما ازدادة الموثوقية بالسلاح كلما قلت فرص الخصم لتعريض الامن للخطر ، وبهذا اصبح هاجس الدول جميعا ،طواعية أو قسرا امتلاك أشد الاسلحة فتكا لبلوغ الامن وضمان الاستقرار.
أهمية الدراسة :.
ان اهمية البحث نبعث من كون الامن للشعوب العربية ضرورة من ضرورات وجودها ،ففي الوقت الذي فقد هذا الامن العربي مقوماتة المتمثلة بالامكانيات العربية الذاتية الطبيعية والبشرية والاسلوب الذي تدار به هذه الامكانيات من اجل تخديم الهدف الاعلى للمجتمع العربي في الامن والسلامة والبقاء . ان هذا بات علينا من الضروري دراسة بعض جوانب الامن القومي العربي ، مع التركيز على العوامل التي أدت الى استباحة هذا الامن وجعلتة مشرع الابواب تنتهك حرمتة اقل الاعداء قوة وشكيمة ، الامر الذي اضفى اهمية خاصة تستميل هوى الباحثين لكون الامن ومقوماتة مطلب الفرد العربي والجماعة في ان واحد .
أهداف الدراسة :
ان هذه الدراسة تسعى الى تحقيق الاهداف التاليه :
- بيان مفهوم الامن القومي بشكل عام ومفهومة عربيا بشكل خاص .
- بيان مقومات التنمية الاقتصادية العربية .
- توضيح العلاقة القائمة بين الامن القومي العربي والتنمية العربية.
- التعرف على اهمية الامن القومي العربي لكونه عاملا لنجاح التنمية العربية .
فرضيات الدراسة :
واما فرضيات الدراسة فانها تقوم على اساس فرضية رئيسية وهي :أن الامن القومي العربي مفقود ، وهذا ناجم عن عدم وجود حكومة واحدة للعرب تضع سياسة واحدة للأمن القومي العربي ، والحكومات المتعددة اليوم و نتيجة تعددها واختلاف مصالحها وتعدد برامجها السياسية وسيادتها القطرية وعدم التزامها بالارادة الشعبية فهي غير قادرة على وضع برنامج امن قومي عربي ، بالاضافة الى عدد من الفرضيات الثانوية ذات الصلة بالفرضية الرئيسة و التي سنشير لها في ثنايا البحث وتأتي على صيغة سؤال .
محددات الدراسة :
واما محددات الدراسة فاننا سنقتصر على دراسة الشأن العربي في مجالي الامن القومي العربي والتنمية العربية ،والتركيز على العلاقة القائمة بينها، في الحدود التي تبلغنا الاهداف التي اشرنا اليها ايضا .
منهجية الدراسة :
لقد اعتمدت هذه الدراسة على عدد من المناهج الاكاديمية التي تستخدم عادة في العلوم السياسية (1)،وعلى راسها المنهج التحليلي لبيان مدى الوزن النسبي لكل موضوع من مواضيع الدراسة ،والمنهج التاريخي لتحسس ثقل الاحداث على الواقع العربي وانعكاساتة على التنمية الاقتصادية العربية ، وللوفاء بمتطلبات البحث فاننا سنتناولة من خلال المطالب التالية :
- المطلب الاول : الامن القومي العربي " النشأة والمعنى "
- المطلب الثاني : العناصر القومية للمقومات التنموية العربية.
- المطلب الثالث :الأمن القومي العربي الضائع " الضياع وأسبابة و التنمية واخفاقاتها.
-
المطلب الاول :الأمن القومي العربي "النشأ والمعنى"
لقد اقتبست معظم الدراسات التي تحدثت عن الامن القومي العربي مصطلحاتها ومفاهيمها ومضموناتها من الدراسات الاجنبية المتعلقة بالامن القومي، وبخاصة باللغتين الفرنسية والانجليزية، لقد اخذت الدراسات العربية باستعمال مصطلح "الامن القومي " في مقابل المصطلح بالانجليزية (National security) وبالفرنسية (Securete Nationale) ، وتنطبق الدراسات والمصطلحات الفرنسية والانجليزية هذه على مجتمعات شكلت ما يسمى "الدولة ــ الأمة" أي ان الدولة تضم ، ضمن حدودها ، الامة كلها ، كمثل ما هي علية الحال في فرنسا وانجلترا وايطاليا واسبانيا والولايات المتحدة وغيرها كثير، وهذا واقع يخالفة الوضع العربي لكون الوطن العربي مقسم الى عدة كيانات سياسية مستقلة هي الدول العربية ، والامة التي تسكن هذا الوطن امة واحدة معروفة الخصائص والمقومات واللغة والتاريخ والحضارة والتاريخ ولكنها هي الاخرى موزعه على تلك الكيانات السياسية الامر الذي يضع في عرف البعض الأمن القطري أو الوطني في مواجهة الأمن القومي .(2)
وهذا الامن الذي نحن بصدد التحدث عنه لابد اذا اردنا معرفة نشأتة، من الاشارة الى ان هذا المصطلح والدراسات المرتبطة بة تبلور أول ما تبلور في الولايات المتحدة الامريكية ، و التي جاء تطور دراسات الامن القومي فيها جزءا من تطور اكبر شمل جميع حقول العلوم الاجتماعية بصفة عامة ، وعلم العلاقات الدولية بصفة خاصة، ولم يقتصر تطور هذا المفهوم في الولايات المتحدة على الجانب النظري المرتبط بالممارسات العلمية، بل شمل كذلك الجانب العلمي المتمثل في انشاء مؤسسات مختصة بالحفاظ على الامن القومي ، بل لعل الجانب النظري والدراسي جاء كنتيجة للاهتمام الذي اولاه المسؤولون السياسيون لظاهرة الأمن القومي .
أن ظروف الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي دعت الولايات المتحدة لتكون سباقه في الاهتمام بشأن الامن القومي حيث صدر عام 1947 قانون الامن القومي ،وتأسيس بمقتضى القانون مجلس الامن القومي ، واستحداث منصب مستشار الرئيس لشؤون الامن القومي ، زاد في الاهتمام ما اسفرت عنه الحرب العالمية الثانية من استقطاب دولي صارم ،وبروز اسلحة الدمار الشامل ، الامرالذي جعل من قضية الامن القومي اكثر من مجرد هواجس سياسية وامنية بل جعلت منها قضية وجود اولا وجود ، وهذا ما أرق اذهان المسؤولين السياسين في كل بقعة من بقاع العالم، فاحتذت حذو الولايات المتحدة بالاهتمام ، ومن هنا جاءت فكرة الامن القومي العربي والاهتمام بالشأن العربي كقضية ان نكون أولانكون نحن العرب (3) ويتوجب علينا قبل تحديد مفهوم الامن القومي والوقوف على معناه، وقبل ذلك فعلينا أن نعلم ان هذا المصطلح "مصطلح الامن القومي "يعاني من الغموض والتشوية الذي تعاني منه جل مصطلحات العلوم الاجتماعية ، واسباب ذلك كثيرة منها(4) :
1. الاستخدام المكثف لهذا المفهوم وتداولة عبر مختلف قنوات وسائل الاتصال ، بصورة تجعلة يحمل الكثير من المضامين والدلالات المتضاربة والمتناقضة ، والتي تحمل في الاصل هموم وتطلعات مستخدمي هذا المصطلح.
2. يحمل هذا المصطلح كما يرى البعض ميراث الهيمنة الامبريالية ، ويكاد ان يكون سيئ السمعة لارتباطة تاريخيا بتبرير الحروب الاستعمارية ، والقمع الداخلي باسم الامن القومي .
3. حاجة المصطلح المتجددة الى التحديد المستمر حتى تستطيع دراسات الأمن القومي ، ان تستجيب الى الخصوصات المتعلقة بأمن الدول والشعوب.
4. تعقد وتشابك العناصر المشكلة للامن القومية ، تجعل من متابعتها ورصدها أمرا بالغ الصعوبة .
5. افتقار مصطلح الامن القومي الى مفهوم محدد ومتقف عليه بسبب اللجؤ الى التقدير والبعد الذاتي للامن القومي.
أن هذا الغموض والصعوبات التي تكتنف محاولة تحديد مفهوم الامن القومي ، لا تعني الوقوف عند حدود المصطلح دون محاولة تعريفة، فالمدرسة القيمية الاستراتيجية التي تنظر الى الامن كقيمة مجردة وتربطة بقضايا الاستقلال وسيادة الدولة تعرفة على انه " ( قدرة الامة على حماية قيمها الداخلية من التهديدات الخارجية "(5)، واما المدرسة الاقتصادية فترى في تعريفها الامن القومي واقع في اتجاهين :الاول ويرى أن الامن القومي مرتبط بالموارد الحيوية الاستراتيجية(تأمين موارد الطاقة مثلا)، الاتجاة الثاني يرى ان التنمية الاقتصادية تشكل جوهر الامن ،وهو ما ذهب الية روبرت ماكنمارا،وزير الدفاع الامريكي الاسبق ورئيس البنك الدولي في كتاب الفه عام 1968 اسماه"جوهرالامن" ، وهو يرى ان الامن لا يكمن فقط في القوة العسكرية بل وبصورة مماثلة في تنمية نماذج مستقرة من النمو الاقتصادي والسياسي من الداخل ، وفي الدول النامية في العالم اجمع، ويخلص الى ان الامن يعني التنمية (6) ، وفضلا عن تعريف المدرستين القيمية الاستراتيجية و الاقتصادية، فقد ادلى علماء الاجتماع والسياسة وخبراء العلاقات الدولية بافكارهم وأوردوا عدة تعريفات للامن القومي محاولة منهم اعطاء معنى واضح لمفهوم المصطلح منها :
وقد عرف الامن القومي بانة :((قدرة المجتمع على مواجهة جميع المظاهر المتعلقة بالطبيعة الحادة والمركبة للعنف )(7)، وقال آخرون :انه تأمين كيان الدولة والتجمع ضد الاخطار التي تشهدها داخليا وخارجيا ، وتأمين مصالحها ، وتهيئة الظروف المناسبة اقتصاديا واجتماعيا لتحقيق اهدافها والغاية التي تعبر عن الرضا العام في المجتمع (8)، وقد ذهب البعض الى تعريف الامن القومي :(بانه الاجراءات التي تتخذها الدولة للحفاظ على كيانها ومصالحها في الحاضر والمستقبل مع مراعاة المتغيرات الدولية ))(9)، كما عرف ايضا بانه : ( مجموعة الوسائل الناجعة ، والقوى المادية والمعنوية، التي تتوفر لدولة ما لحماية كيانها ونظامها ومجتمها من الاخطار الداخلية والخارجية التي تطالها او تهددها))(10).
هذه التعاريف عامة للامن القومي ، واما ما قيل في تعريف الامن القومي العربي:(فهو قدرة الامة العربية على حماية كيانها الذاتي ضد الاخطار الخارجية من اجل ضمان بقائها ))(11).
وقد اشترط التعريف لتحقيق هذا الامن شرطين هما:
الأول: وجود نظم ديمقراطية حقيقية موحدة أومتحدة أومتضامنة أوحتى متفقة على خطة عمل امنية لحدودها الجغرافية.
الثاني: وجود تنمية شاملة واقتصاد متكافئ ومتكامل تحت قيادة قومية مؤمنة بحق شعوب الوطن العربي بوحدته أوباتحاده.
ونحن بدورنا نعرف الامن القومي العربي بانه:(امتلاك أسباب القوة القومية المؤهلة قيادة وكفاءة، والقادرة على تحقيق الرضا لكافة قطاعات الامة العربية ، وتضمن لهذه الامة البقاء دون هواجس أو الشعور بالخوف)
ان الامن القومي في الفكر السياسي العربي له مفاهيم متعددة ومشتتة ومتناقضة ، وهذا له أسبابه وفي مقدمتها تأثير السياسة الاستعمارية ، تلك السياسة التي حكمت كل تصرف للنخبة في الوطن العربي ووجهتها وجهة سياستها لتدور مع سياستها حيث تدور متوافقة لا متعارضة ‘ وبتأثير قوى الاستقطاب الدولي وخصوصاً تلك الفترة التي احتكمت اليها الكرة الارضية إلى قطبين رئسيين شرقي وأخر غربي ، وهذا الاستقطاب رافق عهد الاستقلال للدولة القطرية العربية ، وتحديداً بعد الحرب العالمية الثانية ‘و المتغيرات الواقعية الداخلية كسبب ثالث والمرتبط معظم هذه المتغيرات بالتخبط الغربي بعد الانفكاك عن الدولة التي كانت ترعى شؤونها، وإدارة مؤساتها التي كان يديرها موظفين من الدولة المستعمرة ذاتها .
ان مفاهيم الامن القومي المتعددة وإن كانت غير محددة الملامح نظرياً وعملياً ومفهومياً واستراتيجياً ‘ إلاانها تشترك في كونها مفاهيم استلابية داخلياً وخارجياً، ولا تعبر عن طموح دولي للسيادة أو المنافسة مع القوى المتصارعة في العالم ايأ كانت اسباب الصراع ‘ بل تعبر عن مفهوم امني ضيق غالباً ما يكون ضمن حدود القطر ولا يتجاوزه إلى مفهوم امن اقليمي جزئي إلى بدواعي الظروف المؤقتة ‘ وهنا نجد نقطة الاختراق الاولي للامن القطري والقومي معاً ‘ إذ يتحول مفهوم الامن إلى امن النظام وامن السلطة القائمة وليس امن المجتمع والامة( 121)، وإلا كيف تفسر الاخطار تهدد اطراف الوطن العربي كالخليج العربي والعراق والصومال واليمن وأي دولة اخرى تحاول الخروج عن الخط الامريكي دون حراك عربي ‘ وكيف تفسر العالم وخاصة اوربا تتخذ قرارات لصالح العربي والعرب في غفلتهم ، انها حقيقه القول الذي ذهب مثلأ نتمثل بة نحن العرب في دولنا القطرية "حايدعن ظهري بسيطة"ونتناسى المثل الذي قال ((أكلت يوم أكل الثور الابيض)).
المطلب الثاني :العناصر القومية والمقومات التنموية العربية
اولا: العناصر القومية :-
تعرف القوة القومية اللازمه للأمن القومي العربي بأنها هي:مجموعة من العناصر تستوحي مقوماتها من ذات الإقليم ‘ والإقليم ها هنا هو الوطن العربي بأكملة ‘ واستناد إلى التحديد الذي وضعة العالم الجغرافي (سبيكمان) لعناصر قوة الدولة أو (القوة القومية) فإننا نجدها ــ العناصر ــ متمثلة في(13):
一- مساحة الوطن العربي .
二- طبيعة حدود الوطن العربي (أو الأمة العربية) وشكلها.
جـ ـ حجم سكان الوطن العربي .
دـ وجود الموارد الأولية في الوطن العربي أو عدم وجودها .
هـ - التطور الاقتصادي والتكنولوجي للدولة أوالأمة.
و-القوة المالية للامة العربية .
ز- التجانس البشري لسكان الوطن العربي .
ح- التكامل الاجتماعي لسكان الوطن العربي أو الأمة العربية.
ط- الاستقرار السياسي في ربوع الوطن العربي.
ي- الروح القومية ومدى تأصلها في نفوس أبناء الوطن العربي أوالامة العربية .
وبعد أن اشرنا إلى مجموعة عناصر القوة القومية العربية فإننا نبدي الملاحظات التالية:
إن الارض العربية مخترقة بالاحتلال والاغتصاب فهذة دولة الكيان الصهيوني محتلة ومغتصبة لفلسطين ، واسبانيا لسبته ومليلة في مراكش والاسكندرونة من قبل تركيا وبقية الأقطار العربية واقعة تحت التهديد في كل وقت وحين ‘ وعلى حدود الوطن العربي وتخومة تتربص بة قوميات في حكم الإسلام ماهي الاعصيات ليست من الاسلام بشئ وهي : القومية الفارسية في الشرق والطورانية التركية في الشمال وتدعيان الاسلام ، والقومية الاثيوبية ـ غير أسلاميةـ المتعصبة في الجنوب ، ناهيك عن تمركز قوات غربية في شرقة وشمالة وجنوبة سواء تلك التي في شبة الجزيرة العربية وهم من الأغراب من الغرب الطامع ‘ أو في القواعد الأطلسية في تركيا وبقية الجزر التي تحف بالوطن العربي .
وأما بالنسبة للموارد العربية فالوطن العربي يمتلك الكثير إلا أن زمام الأمر بيد الغرب الذي وضع يدة كلياً على بترول الخليج ‘ وتحكم بالباقي بعد حرب الخليج الثانية التي خرج بها منتصراً والأمة العربية خرجت مهزومة ‘ أضف إلى أن الموارد العربية غير مستغلة لعدم توافر عنصر التكنولوجيا لأسباب عدم توطينة في الوطن العربي ‘ واعتماد الوطن العربي على ما يستورد من التكنولوجيا من الخارج ‘ ولا يعطي مصدروها إلا الذي أصبح بحكم الزمن خارج الخدمة لديهم.
وأما التطور الاقتصادي والتكنولوجي والقوى المالية فهذة العناصر بحكم الغائبة عن الوطن ‘ وذلك لوقوع معظم الأقطار العربية تحت طائلة المديونية والفوائد المترتبة على الدين ‘ وهذا بدوره يعود إلى هجرة المال العربي إلى أسواق المال الغربية ‘ وفشل خطط التنمية العربية لأسباب ربما تعود إلى عدم الاستقرار، ورأس المال لا بدله من الاستقرار الكامل ليتوطن.
وأما بالنسبة للتجانس البشري والتكامل الاجتماعي ففي اعتقادنا أن الوطن العربي يمتلك من مقومات التجانس والتكامل ما يجعلة يتفوق على غيرة من الأقطار ‘ إلاأن الاستعمار أفسد هذة الخاصية ‘ وخوّف الأقليات وبث الرعب في نفوس الأثنيات حتى أخذت تطلب حماية الغرب ‘ وأصبحت الأنظمة العربية مرعوبة اتخذت من عنصر التهدئة سياسة لا تحيد عنها من أجل التوصل الى الوحدة الوطنية والحفاظ عليها.
وأما الاستقرار السياسي فالوطن العربي غير مستقر ؛ لأن الدول الأجنبية تتدخل في شؤونها صباح مساء ‘ ولا تستطيع الدولة القطرية كف يد التلاعب الخارجية في شؤونها الداخلية ‘ وأما الروح القومية فقد انكفأت وذلك لصعود موجة الروح الوطنية ‘ فالحديث عن القومية كلام لا يتعدى الفعل ‘ لأن هناك تناقض في المصالح بين ما هو قومي وما هو وطني.
نخلص إلى نتيجة أن الأمة العربية تمتلك من القوة القومية الكثير الكثير ‘ ولكنها غير قادرة على تفعيل هذة القوى في معركة الحياة ‘ الأمر الذي يجعلنا في مركز نستطيع القول فيه‘ أن عناصر القوة القومية العربية غائبة عن مسرح الحياة العربية رغم امتلاكها ‘ وهذا ما يجعل الأمن القومي أبوابة مشرعة للداخل والخارج دون سؤال أو طلب التعرف على الهوية.
ثانيا: المقومات التنموية
يمكننا بداية تعريف التنمية بأنها : (( احداث انقلاب اقتصادي يهدف إلى زيادة الصادرات العربية وذلك بتطوير الانتاج والتوسع والتنويع فية مقابل التقليل من الواردات بسبب انتاجها في الداخل" وبمعنى آخر هي : زيادة قيمة فاتورة الصادرات وانخفاض قيمة فاتورة الواردات )" وهذا يتطلب أرضية لإنجاح الخطط التنموية وهي متوفرة في وطنناالعربي ، فبالاضافة إلى عناصر القوة القوميه الانفة الذكر والتي تعتبر مقومات تنموية هامة هي الاخرى و تسهم اسهاماً كثيراً في انجاح الخطط التنموية العربية فيمكننا الأشارة إلى اهم الموارد الخام اللازمة للخطط التنموية بالنسب المئوية وعلى النحو التالي (14): :
ان مساحة الوطن العربي تقدر بـ (14) مليون كم2 أي مايعادل (1/10) من مساحة العالم ‘ وحتى الصحراء العربية تشكل( 62% ) من مساحتة الكلية تعتبر مصدراً للأمان بالنسبة للنمو البشري في المستقبل بما يمكن ان توفرة من الطاقة النظيفة المولدة عن الشمس والرياح ‘ واما الثروات الباطنية فهي من الاهمية بمكان فالوطن العربي يعتبر مخزن للطاقة حيث يحتوي (52%) من الاحتياط النفطي العالمي ‘ ويمكن ان يكون الاحتياط الوحيد في العالم ولمدة خمسين عام قادمة ‘ واما الموارد المعدنية فنجد فية الفوسفات والرصيد العربي يساوي (19.2%) ‘ والزئبق(13.8%) ‘ والرصاص( 3.6%) والحديد (1,6)، واليورانيوم (4,3%^) ، وفي حقل الموارد البشرية يعتبر سكان الوطن العربي من العنصر الشاب وهذا له دلالتة في عالم التنمية .
المطلب الثالث :الامن القومي العربي الضائع "الضياع واسبابة والتنمية واخفاقاتها "
بعد ان تطرقنا إلى مفهوم الامن القومي بشكل عام وما يخص الامن القومي العربي من معنى وأهداف وعناصر‘ولطالما حكمنا مسبقا على الامن القومي العربي أنه مفقود، فلا بد والحالة هذة من أدراك وتحديد أسباب فقدانه، وهذة في اعتقادنا الخطوة الاولى نحو صياغة استراتيجية هادفه هدفها البعيد اعادة بناء الامن القومي العربي المهاجر ، ولايكتب لهذة الاستراتيجية النجاح الااذا تعادلت قدرة العرب بشكل عام مع قوة التهديد المستمر للكيانات العربيه ،واذا رجحت كفة قددرة العرب على قوة التهديد المستعمرشاع الامن القومي في ربوع الوطن العربي لا نخشى نحن العرب عندها الأخرين ، ويكون بوسعنا بناء خطط تنمويه ناجحة قادرة على ايجاد حالة من الاكتفاء الذاتي أقتصاديا" ولكل العرب .
واما أسباب هجرة الامن القومي عن ارض العرب ورحيله مفقود الى أسباب رئيسيه أربع:
سياسيه وايديولوجيه ولاعقلانية وأقتصادية ، وسنبد أ بأولها :
اولا :. الاسباب السياسيه .
1ـ تجزئة الوطن العربي
مما لاشك فيه ان العالم العربي التحق بركب الامبراطوريه العثمانيه لمدة أربعة قرون ونيف كان قبلها يعيش في حالة من التفكك والاحتلال _ فا العراق كان يخضع للدوله الشيعيه الصفويه ، وبلاد الشام ومصر للاسرة المملوكية ، وفي الحجاز اشراف مكه ، وبقية الجزيرة العربية كانت اسيرة التنظيمات القبلية ، في حين حكمت السودان دولة الفونج ،التي كانت تنظر الى اقامة دولةعربية أسلاميه أبتداء من توحيد وادي النيل ( 15)، أن هذا يعني واقع عربي مجزء وكيانات عربية متضارية المصالح ،شجع ذلك كله الطموحات العثمانيه الى ضم العالم الى العربي الى الدولة، ولم تجد الامبراطورية العثمانية مقاومة بمعنى المقاومة المرافقة للضم ، كون الامبرطورية برزت الى حيز الوجود كدوله اسلاميه وريثه للدول الاسلاميه السابقه كالامويه والعباسية ... وخاصة بعد أن أولت الدين أهتماما كبيرا، واظهرت ندية للامبراطوريةالبيزنطية المسيحية واعتمادها على ايديولوجية الجهادالمقدس في حروبها جميعا ، هذة الايديولوجية شجعت العرب اصحاب الرسالة الاوائل الانخراط في صفوف جسم الدولة(16)، ودان لها الولاء من قبل الجميع عرب وسلاجقة وتركمان ،ولتفوا حول رايتها، وخصوصا بعد أنتصارهم الكبير على الامبراطورية البيزنطية، وفتحهم لعاصمتها القسطنطينية على يد محمد الفاتح عام 1453م، والتي غيروا أسمها الى (اسلام بول )، وكان الفتح أعظم ثمرة لايدلوجية الجهاد التي اعتمدها العثمانيون والذي تحقق به قول رسول صلى الله عليه وسلم حيث قا ل :(( لتفتحن القصطنطينية ونعم الامير أميرها ولنعم الجيش جيشها )) ( 17 )، وفي أواخر عهد الامراطورية وضعفها طمعت باالوطن العربي قوى أوروبية وزادت الاطماع في نهاية القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين، وخاصة بعد أن آل الحكم الى جمعية الاتحاد والترقي التركية، فعلى أثرها بدأ مشوار التجزئة العربية يغزو العالم العربي ليترجم في نهاية الامر الى تبعية عربية كل جزء للدولة التي طمعت فيه، وهذا المسلسل بدا فعليا عام 1897م في بازل حيث عقد دهاقنة اليهود مؤتمرهم الاول وقرروا فية ان تكون فلسطين وطنهم القومي المقبل (18)، وفي زمن متقارب لزمن المؤتمر اليهودي هذا، عقد مؤتمر في لندن عام (1905ــ 1907) ودعا الية السير كامبل بنرمان رئيس وزراء بريطانيا(19)،حيث تعانقت الاماني اليهودية مع التطلعات الاستعمارية الغربية في ذلك المؤتمر (20)، حيث دعا بنرمان الدول ذات المصالح الاستعماريةوهي :( بريطانيا وفرنسا وبلجيكيا وهولندا وايطاليا واسبانيا)الى مؤتمر لاهل الفكر يعقد في العاصمه البريطانية ، فبعثت بخيرة علمائها ومشاهيرها في علم الاجتماع والجغرافيا والاقتصاد والتاريخ والنفط والزراعة و الاداب والاستعمار، وخلصت لجنة المؤتمر الى التوجهات التالية (21):
· على الدول ذات المصالح المشتركة ان تعمل على استمرار تجزئة المنطقة العربية الواقعة من المحيط الى الخليج ، لانها منطقة اذا اتحدت اصبحت اوروبا في خطر منها.
· ابقاء شعب هذة المنطقة على ما هو علية من الجهل والتخلف.
· اقامة حاجز بشري قوي وغريب ، يحتل الجسر الذي يربط اوروبا بالعالم القديم ، يربطها معا بالبحر المتوسط بحيث يشكل في هذة المنطقة،وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للاستعمار وعدوه للسكان المنطقة ، وبذالك يتم الفصل بين افريقيا واسيا.
· لتاتي اتفاقية سايكس بيكو فصلا جديدا لتجسيد فكرة التجزئة على ارض الواقع وذلك بتجزئة بلاد الشام الطبيعية بين شريكين استعماريين فرنسا وبريطانيا وجعل فلسطين دوليه(22) ، وبذلك تهيأت اجواء التجزئة على الارض بفصل جديد اخر ترجم بوعد بلفور عام 1917م(23)، تبع الوعد خطوة فعلية ترجمت وتم حياكتها في مكاتب وزارات الخارجية الاستعمارية لياخذ واقع التجزئة التطبيقي على ارض الواقع دوره، وذلك بموافقة عصبة الامم المتحدة على صك الانتداب في 24 تموز عام 1922 لتعطي الشرعية الدولية لصيغة التجزئة ، وقيام دولة الكيان الصهيوني ، وتجيز ما فعله اللنبي البريطاني وغور الفرنسي من احتلال لبلاد العرب الشامية،وبوقت ليس ببعيد اقرت الحكومة التركية بانسلاخ الولايات العربية عنها على اثر معاهدة لوزان التي عقدت بين تركيا والحلفاء عام 1923، ليتهئ الامر للغرب المستعمر لفعل ما يحلو له فعله في ارض العرب (24) ، فاذا كان هذا ما حدث في الجزء المشرقي من العالم العربي ، كان الاستعمار ذاتة يدخل المغرب العربي ويحتل ارضه ويجزء الرقعة الواحدة الى، اقطار فكان للفرنسيين اقليم مراكش والجزائر وتونس وللاسبان الصحراء واقليمي وسبته ومليله ، ولايطاليا الاقليم الليبي ولبريطانيا اقليم وادي النيل مصر والسودان ، فعملت الدول الاستعمارية على مد الاسلاك الشائكة بين هذه الاقاليم واعتبرتها حدودا فاصلة بين هذا الاقليم وذاك ، وتضع القوات المسلحة على جانبيها وقوانين للعبور والخروج من كل قطر الى الاخر ، ومحاكم بيدها صلاحية ايقاع العقوبة لكل من يخالف ويقطع الحدود دون مأذونية، لقد ادى سقوط الوطن العربي في براثين الهيمنة الغربية الى عدة نتأئج خطيرة وطويلة الامد منها:
· تفتيت طاقة النضال الموحد الى حركات مبعثرة انشغلت بالكفاح ضد الاحتلال الاجنبي في كل اقليم من الاقاليم المصطنعة كمنطقة نفوذ لهذة الدولة الاستعمارية أوتلك ، زاد الامر بله تخلف الفكر العربي نتيجة عدم مقدرتة على احتواء الخلافات بين صفوف هذة الحركات والتي برزت على هيئة اتجاهات متضاربة اعتنقتها هذة الحركات وتمحورت حول الطائفية والمذهبية والعنصرية والجهوية، لتذهب كل حركة تستعين بأي جهة تشد عضدها ضد الحركة الاخرى ، مما سنح للمستعمر فرصة ترسيخ ما فعلة على ارض الواقع من تجزئة وتقسيم ، فقرب الية بعض الحركات وايدها على غيرها ، وبعد خروج المستعمر من الاقليم سلم قيادتة للحركة التي التجئت اليه ، واخذت الحركة وبرعاية من الاستعمار نفسة تؤدي دورا اكثر تحقيقا للاهداف الاستعمارية مما لو بقي المستعمر بثوبة الاستعماري على ارض ذلك الاقليم ، وهذا انعكس سلبيا على العالم العربي وذلك بارتباط كل اقليم من اقاليمة بالعالم الخارجي وتحديدا بالدول التي استعمرت ذلك الاقليم ، وهذا الارتباط ادى الى علاقة تبعية اقتصادية وثقافية ونفسية وعضوية ، اقوى من تلقائية تكاملها بين بعضها البعض اقتصاديا اوتوحدها سياسيا ، وهذا يعني اعطاء مساحة اوسع للدول المستعمرة للتدخل في شؤون كل اقليم توجيها وارشادا وتصميما وبناء والدخول الى اي بيت من بيوت سكان ذلك الاقليم وترتيبة بالصورة التي تريد لنأتي الى السؤال التالي :
هل هناك اساسيات سليمة للبناء الذي سيشاد ويطلق عليه بناء الامن القومي العربي ؟ فاذا كانت اساسيات هذا البناء صاغها الاستعمار ووضع كل جزئية من جزيئاتة ، فهل يصلح البناء لخدمة اغراض غير الاستعمار ؟ وخاصة ونحن نعلم ان الاستعمار خلق في كل اقليم سلسلة من المتناقضات الاقليمية التي تبعث على الكراهية والحقد يكنها ابناء الاقليم العربي هذا لأبناء الاقليم العربي الذي يجاورة، لقد ادت التجزئة بلا شك الى ولادة مولود سياسي مشوه في الوطن العربي بعد مخاض طويل كلف كثير من الارواح ذلك هو المولود القطري ،الذي ولد في بيوت المستعمرين وبعنايه حثيثة من خلال طاقم سياسي متمرس وخبير،ان التجزئة التي قطعت اوصال جسم عالمنا العربي انعكست سلبيا على التنمية الشاملة لهذا العالم وتبرز انعكاساتها على النحو التالي :
1. تاثر الوطن العربي سلبيا من ناحية الاكتفاء الذاتي حيث خلقت التجزئة واقعا مجزئا لا يستطيع اي جزء منة الاكتفاء ذاتيا غذائيا وصناعيا فادى هذا الى تكريس التبعية لاسواق الغذاء الغربية.
2. ولادة سلسلة من التناقضات داخل الوطن العربي تكمن في التفاوت في المساحة والسكان والثروة ، وطول الاطلالة على البحار ( حيث تجد بعض الاجزاء لا تتجاوز عدد سكانها بضع الاف تمتلك شواطئ بحرية اكبر من التي تتجاوز عدد سكانها عشرين مليون ) فادى هذا الى حساسيات بينية،ادت الى الحروب الجانبية بين هذة الاجزاء بعد قيام الدول القطرية ، جيرت اموال التنمية لحساب فاتورت السلاح ، او دفعها كاستحقاقات حماية بعض الدول التي تتباكى على أمن هذا الجزء نتيجة الشهوة العارمة في التعدي عند جيرانة.
2ـ القطرية
قامت الدولة القطرية لتعلن استقلالها ، وتنشر علمها خفاقا، وتصدر جوازات السفر التي تحدد جنسية المواطنين ، وأذ بالاستقلال لا يعني استقلالا يعبر عن الحرية ، وانما استقلال كل جزء عن الاجزاء الاخرى في العالم العربي يعني تفتيت هذا العالم ،وبهذا تكون التجزئة في الماضي قد فرضت فرضا بحراب الاستعمار رفضتها الشعوب ، اما في عهد الاستقلال فقد اصبح المطلوب من الشعوب مباركة كل الخطوات التي تقوم بها دول الاستقلال، وهي تعمل على تعزيز التجزئة،ولا ادل على ذلك من نشوء مؤسسات وقوى اجتماعية قطرية بدأت وظيفيا بخدمة اهداف السلطة المحتلة(الاستعمار قبل الاستقلال)، وارتبط نموها بالاستعمار فيما بعد، رغم الاستقلال السياسي عن الغرب ،فالمؤسسات والقوى التي نشأت علىيديه كانت قد اكتسبت مواقع راسخة تمكنت من الاستمرار بقوة دفع ذاتية(25)، في ظل الوضع الراهن تحولت القطرية الى نزعة طائفية او دينية ذاتية الامر الذي ادى الى استنفاذ الانظمه السياسية والاجتماعية العربية أغراضها ، واصبحت مهمتها الاولى المحافظة على البقاء ، ان القطرية العربية فشلت فشلا ذريعا كونها لم تحقق انجازا يذكر وتسببت في اشعال صراعات عربية صارت اهم من المحافظة على الأرض العربية والامن العربي الشامل، وفي نفس الوقت فشلت في تحقيق الامن القطري ، واصبح هم الفئات الجديدة المحافظة على مكاسبها الاقتصادية والاجتماعية وليس استعادة الارض المسلوبة او حماية الحقوق المهدورة ، وفي محاولة للخروج من شرنقة القطرية الضيقة الى مجال ارحب واسع تنادت الاقطار العربية الى اقامة رباط وحدوي فيما بينها وكانت جامعة الدول العربية ، ثم ولدت تجمعات اقليمية هنا وهناك كمجلس التعاون الخليجي و الاتحاد المغربي، الا أن العرب لم ينجحوا من تحقيق غاياتهم من وراء هذه التجمعات، لكونها طرحت في الاصل على اسس القطرية للمحافظة على قطرية اعضائها، وعلى هذا الاساس فان القوى السياسية في الوطن العربي تعبأقطريا وتخوض معاركها قطريا وحتى ولو رفع بعضها شعارات قومية ،ان النتائج التي ترتبت على ذلك كله، جعل من القطرية ركيزة من اهم ركائز الهيمنة الاستعمارية في الوطن العربي لكونها الدولة القطرية اصبح من وظائفها (26):
1ــ المحافظة على وضعية التبعية للدولة المستعمرة لها قبل الاستقلال القطرية.
2ــ العمل على تكريس التجزئة وتعميقها من خلال رفعها لشعار الوطنية.
وبناء على ما سبق فان القطرية اورثت العالم العربي تبعية سياسية والتي ادت الى قصور اشكال التنمية في الوطن العربي نتيجة لهذة التبعية السياسية التي عكست بدورها حالة التبعية الاقتصادية ، التي ما فتئت تتفاقم وتاخذ ابعادا كارثية رغم (فورة النفط)، ورغم تجارب التنمية التي اعتمدت الطريقة الاشتراكية ، فهذه الازمة الغذائية تتفاقم وتهدد بالجوع الحقيقي ناهيك عن الجوع المقنع ، ويتم الاستيلاء على الثروات الباطنية من خامات ومعادن ومصادر طاقة نتيجة غياب الامن القومي ،في مقابل استيراد تكنولوجيا معلبة ، ناهيك عن حمى استيراد الكماليات وعناصر الاستهلاك التي بلغت في بعض الحالات مستويات خرافية ، ان الخطط التنموية القطرية في الوطن العربي فشلت فشلا ذريعا ،ولا ادل على ذلك من كون قيمة فاتورة الاستيراد تتزايد ، واصبحت المواد الغذائية الاستراتيجة وسيلة من اكبر وسائل الضغط السياسي والذي تقوم الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة من أنتزاع أي قرار سياسي نتيجة التلويح بقطع الامدادات الغذائية كالقمح مثلا عن افواة هذا القطر او ذاك من اقطار الوطن العربي، فالدول القطرية اصبحت اليوم كائن سياسي لايناسبة الا مايأتيه من الغرب ، وصرف هذا المولود القطري همة الى النواحي المعيشية،لايتكلف جهدا في انتاجها ، بل يدفع ما في جيبة لاستيرادها ،وهذا كله له نتائجة السلبية على اي مشروع تنموي يفكر به قادة الدولة القطرية واهم هذه النتائج :
أـ اخذ الخطط التنموية من الدول الاجنبية التي تتبع الدول العربية لها، وهذه الخطط ان وافقت تلك الدولة لا تلائم الدولة القطرية العربية تبعأ لاختلاف انماط الخطط ونوعيتها وبيئتها والامكانيات المتوفرة لتنفيذها .
ب ـان الاموال التي سيتم بها تنفيذ المشروع التنموي ستأتي عن طريق المنح او القروض ، و سيتم أخذ مشورة الدولة المانحة في كل شأن من شؤون الخطة التنموية، وهذا في حد ذاته تدخل في شؤون الدولة القطرية العربية ،والذي يقود الى ما يسمى بالوصاية في عالم السياسة على تلك الدولة فتدخل الدولة من جديد في حضيرة دول التبعية السياسية والاقتصادية ، واما طريقة القروض فيعني ادخال الدولة القطرية العربية في حبائل الدين وفوائدة ، وهذا في حد ذاتة تكبيل لكل قرار سياسي واقتصادي تريد الدولة اتخاذة .
ج ـ تقبل الدولة فكرة قدوم المستشارين والخبراء من الدول المانحة او المقرضة ، وهؤلاء سيعملون على افشال كل الخطط التنموية، لان نجاحها لايعد في مصلحة بلادهم على الاطلاق ، وينعكس سلبيا عليها لكون الاكتفاء من مادة استيرادية واحدة يعني اغلاق الابواب امام تلك المادة التي تنتج في البلاد المصدرة.
ثانيا: الاسباب الايديولوجيا.
1ـ التوظيف الخاطئ لورقة القومية العربية.
هناك شعارات وايديولوجيات عديدة شهدتهما الساحة العربية منذ مطلع القرن العشرين ولغاية الان، نشير الى اثنتين منها وهما : القومية العربية والوطنية ، فالقومية من اهم النزعات الاجتماعية التي تربط الفرد البشري والجماعات ، وتجعله يحبها ،ويعتز بالانتساب اليها ، ويعمل من اجلهاويضحي في سبيلها بمالة ونفسة ، وبعبارات وجيزة هي :
ارتباط الفرد بجماعة من البشر تعرف باسم الامة ، وتعني ان ابناء الاصل الواحد واللغة الواحدة ينبغي ان يكون ولاؤهم واحد وان تعددت ارضهم وتفرقت اوطانهم،وان كان معناها ايضا السعي في النهاية الى توحيد الوطن بحيث يجتمع ابناء القومية في وطن شامل ، فيكون الولاء للقومية مصحوبا بالولاء للارض .. ولكن الولاء للقومية يظل هو الاصل ولو لم تتحقق وحدة الارض ،ان هذا يصب في نهاية الامر في الامن القومي تخشى الامم الاخرى التعدي وحتى التفكير في الاساءة للامة ، فهل تحقق هذا المعنى في الوطن العربي ؟
انا لست ضد القومية ولكني معها واعلن بصراحة "أنني قومي " لكن أي القومية أقصد انني اقصد القومية التي تضع اعتبارات الدين في مقدمة اي اعتبار اخر،الا وهي القومية التي ولدت في رحم الدين، فاذا ما تدبرنا تعاليم الدين الاسلامي وأدابة عبر تاريخة الطويل ادركنا انه لايعترض على القومية لوحدة اجتماعية ينتمي اليها العربي ويعتز بمكارمها ويسعى لخدمتها ،كما لايتنكر الاسلام لحب المرء لامتة ، وحنينه لوطنة ، فالرسول صلى الله علي وسلم قال يوم فتح مكة ،حين عاد اليها منتصرا" (( والله انك لخير ارض الله ، واحب ارض الله الى الله ، واحب ارض الله الي ، ولولا قومي اخرجوني منك ما خرجت ))،(27) لقد كانت مكة وطنة الاول ، ومسقط راسة الشريف حتى بلغ الثالثة والخمسين من عمرة ، وهي كذالك بلد ابائة واجدادة وعشيرتة.
وان القومية التي تجعل ولاء الفرد واخلاصة للمصلحة القومية قبل أي اعتبار أخر من دين أو خلق أو عدالة ، فهو اما أن ينتصر لعنصره وجنسة ، ويعتز بلونة ،أو ينتصر لسياسة دولتة مهما كانت خاطئة أو جائزة تجاة الدول أوالامم الاخرى ، فهي مرفوضة وغير مقبولة والقومية العربية التي طلب منا الايمان بها هي من هذا النوع والتي قال فيها "جورج كيرك "
(George Kirk ) مؤلف كتاب موجز تاريخ الشرق الاوسط (A short History Of the Middia East ) (28) "( أن القومية العربية ولدت في دار المندوب السامي البريطاني " هكذا يقول اولئك الذين قد تربى أبناء القومية العربية الاوائل في بيئتهم ، واتخذوا من دهاقنة السياسية عندهم أبناءنا من القوميين العرب الاوائل اساتذه ومعلمين . فأورثتنا القومية مورثات لعينة كالجهويه والاقليمية والفئوية فتقدم أبناء جهتتنا التي فيها نعيش وأبناء الاقليم الذي به نحيا والفئة التي حولها نلتف على غيرنا ، وهذا مبدأ تنكرة كل اعراف الدين. بينما القومية الحقيقية التي ولدت في بيت المندوب السامي البريطاني وهي قوميتنا العربية التي طلب منا العمل بها وعملنا بها ونحن نعلم، فهي مرفوضة في كتاب الله وسنة رسولة صلى الله عليه الصلاة والسلام :ألم نقرأ في كتاب الله قولة تعالى :(( قل ان كان أباؤكم وابناؤكم وأخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم ، وأموال اقترفتموها ، وتجارت تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب اليكم من الله ورسوله ، وجهاد في سبيلة ، فتربصوا حتى يأتي اله بأمره، والله لا يهدي القوم الفاسقين "(29)،وفي نفس السياق يقول الله عز وجل :((لاتجد قومايؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسولة ، ولوكانوا أباءهم أوأبناءهم أو اخوانهم أوعشيرتهم ،اولئك كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه ))(30)،وهذا الرسول صلى الله علية وسلم ينكر مبدأ القومية المتطرفة والتي تنتحي منحىالجهوية والاقليمية والفئوية واعتبارها فوق كل اعتبار بقولة صلى الله علية وسلم: )) ليس منا من دعا الى عصبة ، وليس منا من قاتل على عصبة ،وليس منا من مات على عصبة "(31)، ، وروى ان الرسول صلى الله علية وسلم سئل :أمن العصبة ان يحب الرجل قومة ؟ قال:لا...ولكن العصبية أن ينصر الرجل قومة على الظلم ".
أن الحقيقة لن تخفى على أحد وخصوصا ونحن نعيش في فترة محاسبة الذات، فقد لعنا بعضنا البعض ولكن بصورة ربما ترتقي عن لغة أبناء الشوارع وذلك باطلاق مسميات مصطلحية عجت بها وسائل الاعلام العربية وذلك بالقول هؤلاء تقدميون واولئك رجعيون ، وهؤلاء ثوريون وأولئك متخاذلون وهكذا على المستوى الاقطار العربية، واما على المستوى القطري الداخلي فنجد صيحات تتعالى بالقول فهذا شمالي وذاك جنوبي وهذا حضري وذاك ريفي او بدوي ، صياحات نجدها هنا وهناك تصم الاذان، تلقيها جهات عدة من الخارج او ربما من الداخل، تتخذ الانظمة الحاكمة من هذا الاسلوب رداء ترتدية لان مثل هذه الدعوات هي التي تمكن هذا النظام او ذاك من البقاء .
أن المكون الحقيقي للوحدة العربية والتي هي المحط الاول للقومية العربية، والهدف الذي لايعلوه هدف ، وبجميع انواع هذه الوحدة وفروعها : السياسيه والاقتصادية والاجتماعية واللغوية ...الخ ،انما هو النبي صلى الله علية وسلم،هو الذي جاء بالقرءان ،ودع الى الحق واسس أول مدينة عربية عرقها التاريخ ،وهي يثرب ولم ينتقل الى جوار ربه حتى نمت وحدة الجزيرة العربية ، فكانت وحدة العرب منظمة ،قانونها القرءان ،ونظامها السياسي يقوم على العدل والانصاف والمساواه بين الناس، والقومية العربية التي انشأها الاسلام بهذا السياق لم تكن تتألف من العنصر العربي الخالص ،وانما كانت تتألف جميع العناصر التي كانت تسكن كل هذه البلاد فقد قال الرسول العظيم امام الملا :((سلمان من أل البيت )) (31) فكانت أمة جديدة عربية اللغة ،عربية التفكير والشعور عربية الحضارة والثقافة والاداب.
وان القومية العربية لم تفضي بناء الى ما افضت به القومية الاسلامية التي كان مكونها الحقيقي الرسول العظيم صلى الله علية وسلم،بل افضت بنا الى أقطار متناحرة الجزائري يقف في وجه المراكشي والتونسي في وجه الليبي والمصري يقف في وجه السوداني والسعودي في وجه اليمني والعراقي في وجه الكويتي ...الخ، بل ان اهم مؤسسةعربية يشاراليها على انها تحمل عنوان القومية هي جامعة الدول العربية وحتى لايغيب عن بالكم فإن هذه الجامعة التي تعتبر في مظهرها مظلة قومية هي من افكار بريطانيا وبالاخص وزير خارجيتها نادت بها بريطانيا لخدمة اغراضها الاستعمارية،حيث تم توجة جديد في سياسة الاستعمار ازاء حركات التحرير التي ظهرت هنا وهناك في بقاع العالم ،هذا التوجة يكمن في التخلي عن سياسة فرق تسد الاستعمارية الى سياسة "وحد واحكم"
فكانت جامعة الدول العربية حصان طروادة لهذه السياسية ،ألم تاتي أكلها عام 1990في مؤتمر القمة العربي في القاهرة لبحث الازمة العراقية الكويتية الذي عقد تحت مظلة جامعة الدول العربية وبدعوة منها ،ماذا كانت النتيجة ؟ ان الاجتماع الذي عقد تحت سقف جامعة الدول العربية قررتدويل الازمة اي اعطاء الشرعية لامريكا خاصة وللغرب عامة لتدخل في الشأن العربي ـ كان الاردن من الدول التي عارضت التدويل ـ، وكان احتلال الخليج علامة مميزة ومحطة يتندر جبين التاريخ خجلا منها . وللانصاف نقول وبغض النظر عن الفكر الذي اوجد الجامعة العربية انه حينما ولدت عام 1945 برزت للوجود وهي تحمل طابعاوأمنية،احداهما يناقض الاخر أراد لها مؤسسوها جهازا يرسخ التجزئة ، والسيادة القطرية ويمتص كل دعوات الوحدة ،ويحولها الى تعاون وتضامن ومشروعات عمل مشتركه، في حين تمناها القوميين الصادقون ان تكون تجسيد لارادة الوحدة العربية ومدخلا" الى تحقيق المشروع القومي على امداد الوطن العربي ، ولان ميثاق الجامعة العربي لم يأت على ذكر الوحدة لاهداف ولا أملا ولا مطمعا فلا يجوز تحميل الجامعة في معناها ومسيرتها ومبناها اكثر مما يحتمل نص الميثاق، ومسيرة التجزئة والممارسة، وبذالك لايمكن اعتبار الجامعة مشروعا وحدويا ،واكثر ما يمكن تعليق عليها الامال القصوى ان تكون وسيلة لنشر الوعي القومي وتجسيد اللقاء العربي الجماعي والمواقف القومية، وتنموية الشعور بوحدة الجماعة وتحقيق تكامل وظيفي بين دول الاعضاء فيها ،ان التوظيف اللاحسن للقومية العربية انتج مؤسسة لاحسنة في الميثاق والفكر، وهذا يتضح مما افضت اليه الاجتماعات التي عقدت تلبية لندائها ولم تستطع حل قضايا العرب ، بل تقابلت الجيوش العربية العريقة قوميا في صحراء العرب، ليس بالغريب في ظل التوظيف اللاحسن لايديولوجية القومية يقتتل العرب فيما بينها لصالح الغرب المستعمر، وهذا ما كان، حيث رحلت الجيوش القومية بعد اتمام المهمة على خير وجه ، وبقيت جيوش الاستعمار تجوب الخليج العربي وتضع يديها على وافر ثروتة النفطية، نعم هذا مافعلتة الجامعة العربية المضلة القومية المزعومة ، ان التوظيف اللاحسن لورقة القومية العربية انعكاس سلبيا على فئات اخرى قاسمت العرب منذ بواكير بزوغ فجرهم حلاوة الحياة ومرها وشقاوة العيش وحلاوتة ،لابل اذاطرقت التاريخ كانت نسائم مجدهم تنبعث منه ،كان منهم القادة حملوا لواء الاسلام جنبا الى جنب مع العرب الى الشعوب كافة كان منهم المحررون لديار العرب والمسلمين ذاك هو الكردي صلاح الدين ،وكانت من جماجمهم اكواما وتلالا مع جماجم العرب المسلمين ذلك هم البربر أوالامازيغ في الجزائر والشمال العربي الافريقي ،فعندما وضفت القومية بصورة لاحسنة أقتتل ابناء المله الواحدة اكرادا وعربا في العراق وبربراوعربا في الجزائر ،ان هذا الشرخ بين ابناء الملة الواحدة كانت له تاثيرات سلبية على الامن القومي العربي واهمها:
1. اتخذ الغرب الاستعماري من هذه القوميات الامازيقية والكردية وغيرها أصدقاء، أخذوا بدعمهم حتى تبقى منطقتنا غير مستقرة ، الامر الذي يترتب علية من الناحية التنموية صرف النظر عن هذه الخطط نتيجة تجيير اموال التنمية لحساب فاتورة السلاح وذلك لتأمين الاستقرار .
2. اصبحت اعداد غفيرة من هذة القوميات عيونا للغرب واعوانا له وأفشاء كل ما يمكن اعتبارة سر من اسرار الدولة القطرية ، وهذا بدوره يلقي اعباء على التنمية من خلال تسريب مايؤدي الى افشالها للخارج ،والدول الغربية لاتتوانى عن ذلك لابقاء المنطقة العربية تابعة لاسواقها .
3. اعطاء الغرب الاستعماري الحجة في التدخل لصالح هذة الاقليات وذلك، بحجة الحفاظ والدفاع على حقوق الانسان، وهذا ينعكس على الخطط التنموية فمتى شاع ان حق مجموعة من البشر قد هظم ووجد من يردد ذلك في الخارج ، وتدعي تلك الجهة الخارجية انها راعية لحقوق الانسان، تريد اعادة حقة المسلوب الية ،يؤدي الى ولاء تلك المجموعة للمدعي ويعد هذا ضربة للامن القومي العربي ،ولايكون عندها عاملا فاعلا في انجاح الخطط التنموية على اعتبار انجاحها لصالح الجهة الهاضمة للحقوق زيادة في هضم الحقوق، ولا ادل على هذا التوظيف اللاحسن للقومية العربية انه لم يجمع العرب على أمر واحد للخروج من أي مأزق يلاقونه بل زادهم الطين بلة والامثلة كثيرة في هذا التوجه ولنشير الى الصراع العربي الصهيوني كأحد هذة الامثلة ، وهذا ما عبر عن هذا رجل سياسة ورجل قومي ورجل من صناع القرار في الدولة القطرية وهو نائب الرئيس السوري " عبد الحليم خدام" نقتبس من أحد اقوالة القول : (( الاسلام ضرورة في المعركة مع الصهاينة ، لان الكيان الغاصب عقائدي يحتاج الى عقيدة تقابلة ، ان القوميين قد اخطاوا حين لم يستثمروا الاسلام والمسيحية في معركة المواجهة .... اذ بدون الاسلام لا نستطيع فهم العقلية الصهيونية وكيفية التعامل معها.... ولهذا أوكد على ضرورة مشاركة التيار الاسلامي في المعركة العقائدية ،وهذا يعني ان نوجد التيار ان لم يكن موجودا ،وعلى أقل تقدير لحفظ أخلاق المجتمع مما يتهدده من الخرافات )) (33)، وهذا يعني ان الطرح القومي القائم على القومية الحالية لا يعطي نتائجة وثمراتة .
2ـ الوطنية المهلكة
دعني اصف الوطنية بالمهلكة لانه لاقوة الا بالوحدة ، والوطنية تجزئة وانفراد ، عندما فشلت القومية في تحقيق اهدافها العريضة والتي في مقدمتها الوحدة العربية ارتد الايديولوجيون الى المنادة بالوطنية كبديل للطرح القومي الذي اعلنوا عن افلاسة ، ترى ما هي الوطنية هذه؟
الوطنية معناها ان يشعر جميع ابناء الوطن الواحد بالولاء لذلك الوطن والتعصب له ، ايا كانت اصولهم التي ينتمون اليها ، واجناسهم التي انحدروا منها ،اي ان الولاء فيها للارض بصرف النظر عن القوم او اللغة او الجنس (34)، ان الوطنية صدرتها اوربا الى العالم العربي بعد ان وجدت اوربا المر من وحدة العرب المسلمين وبعد ان قرأ المستعمر التاريخ وخاصة ما ذاقة الفرنسيون في الشمال الافريقي وذاق الانجليزي في الهند وغيرها من اقطار افريقيا واسيا ،ةهذا ما يزال عالقا بنفوسهم برغم الضعف والتخلف الذي كان علية العرب المسلمين فبذرت اوربا بذور الوطنية وتلقفتها الاقلام الوطنية فكان الانفصام ، واصبح التمجيد لبقعة موصوفة وهي حدود الدولة القطرية عن غيرها ، وهكذا فعل كل الوطنيين في كل اجزاء الوطن العربي بعد ان مزقة الاستعمار الى قطع فمجدوا رقعة دولتهم القطرية ، وبهذا نجح الاستعمار في تصدير الوطنية ، وهذا النجاح يعني تحويل حركات التحرير الجماعية للامة العربية الى حركات فردية ممايسهل القضاء عليها ، وهذا هو هدفة النهائي استعمار المنطقة العربية منطقة تتلوها اخرى ،ان الوطنية مبدءا ايديولوجيا هداما لكونه فسح المجال للمستعمرفي تحقيق اهدافة من جهة ،ويهدف الى اعلاء كل سكان بقعة من بقاع الوطن العربي المتعددة على غيرها ، وهذا يؤدي الى نتيجتين ،الاولى :ينظر كل سكان بقعة من بقاع الوطن العربي الى بقعتهم بنظرة القدسية وهذا محط الشاعر الوطني القروي شاعر لبنان عندما قال :
بلادك قدمها على كل ملة **** ومن اجلها أفطر ومن اجلها صم
والثانية :يصبح التشاحن فيما بين سكان البقاع وهذا مايرنوا الية المستعمر ويسعى اليه من جهة ثانية،صحيح ان بعض البلاد تحب لما فيهامن طاعة كمكة فيها بيت الله ،وفيها زمزم ،وفيها الطواف والمسعى ،وفيها المشاعر المقدسة ،لذلك نحبها ليس لسبب اخر وليس لوطنية ، يقول الرسول صلى الله علية وسلم وقد اخرجة أهل مكة من مكة :"والذي نفسي بيدة ، انك من احب بلاد الله الي ، ولولا ان أهلك اخرجوني منك ما خرجت "(35)، ونظرا الى احد وهو جبل في المدينة عظيم فرأه جميلا مشرقا ،فقال :(أحد جبل يحبنا ونحبه) (36) لماذا ؟لان أحد دفن حولة حمزة سيد الشهداء عم الرسول صلى الله علية وسلم،ومصعب بن عمير وشهداء الاسلام ،ودماء التوحيد وراية لا اله الا الله رفعت هناك، فأحبة صلى الله علية وسلم من أجل هذا، لامن اجل الوطنية .
ان بعض وسائل الاعلام تغرس في الافهام عقيدة الوطنية وتقول:نحن نقاتل من اجل الوطن ،لانحن نقاتل من أجل لااله الا الله محمدرسول الله ،نقاتل من اجل ان تبقى مقدساتنا،والقتال من أجل الوطن جاهلية حديثة ،صنعها معظمو التراب،لذا وبعد هذا كله فان الوطنية مرفوضة فيها التجزئة والفرقة والتشاحن والتباغض وتقديس التراب والتخلي عن العقيدة الاسلامية الصحيحة ، وبهذا غاب الامن القومي العربي نتيجة تفرد الدول الاستعمارية بكل قطر عربي على حدى و بعد فصلة عن بقية الاقطار، ان البديل عن الوطنية المهكله تعدي الحدود القطرية الى حدود اوسع ،وتعدي حب رقعه قطرية وبنفس الدرجة حب كل رقاع الوطن العربي الاسلامي ،وهذا ما ذهب اليه الشاعر العربي المسلم:
ولست ادري سوى الاسلام لي وطنا ***الشام فيه ووادي النيل سيان
واين ما ذكر أسم الله في بلد***عددت ارجاءه من لب اوطاني
بالشام اهلي وبغداد الهوى ***وانا بالرقميتن وبالفسطاط جيراني
ثالثا: الاسباب اللاعقلانية.
1ـ ضبابية الفكر العربي .
لا زال الفكر السياسي العربي بعمومة ، وبحدود واسعة،يتعامل مع السياسات الدولية في اطار العفوية ،والعفويةهذه تشمل التعامل مع الاصدقاء والاعداء على حد سواء في السياسات الدولية وتنضوي تحت لوائها ممارسات الانظمة والمنظمات العربية بحدود كبيرة .مما يدل على هناك قصورا كامنا في الفكر السياسي العربي الراهن برمتة ،ويدل على هذا التوجة العربي اثناء فترة ثنائية القطبية للمعسكر الشرقي فاستوردت منه التوجهات الفكرية الاشتراكية أو الشيوعية ، ومن المعسكر الغربي استوردت الفكر الراسمالي أو الليبرالي الحر ،وكان الفكر العربي القائم على الاسلام لايشبع الطموحات العربية،وعلى الرغم من هذا فقد اعتاد الفكر السياسي العربي خلال العقود تلك على تحميل الاستعمار والامبريالية والصهيونية كل بلايا التاخر والتجزئة ، وكان العداء للثلاثي السابق هو عداء مبرر تاريخيا وواقعيا، لان ذلك يعد من اهم وسائل التنفيس عن الغضب لاعفاء القيادات من النقد والمسألة نفسها، تتكرر تقريبا مع الاصدقاء فقد درج الفكر العربي على تحميل الاهداف و الطموحات العربية على كاهل الاصدقاء والحلفاء ،دونما اعتراف بمصالح هؤلاء ، ومدى تقاطعها او تفارقها مع مصالحنا واهدافنا، فالعداواه والصداقة في هذا المنظور منطق لا عقلاني لان المفردات الشائعة في الخطاب السياسي العربي الراهن على سبيل المثل"غدر الاستعمار الصهيوني" فكيف نلوم العدو بوصفة عدوا على الغدر ؟ وهل نتوقع من الصديق ان يحقق كل اهدافنا ويوصلنا الى كل طموحاتنا ونحن ننظراليه، هذا ضرب من جنون اللاعقلانية ، وخاصة اذا توقعنا قيام الصديق بكل ذلك دون دفع الثمن لذلك الصديق ؟
ان تفاعل الفكر العربي مع الصديق لم تقف عند معاملة المثل بالمثل بل كانت الزج في احضان الصديق وتمليكة كل اسباب ومقومات الامة ، وبالمثل كان تعامل الفكر العربي مع العدو الاعداد له بالقول بعيدا عن الاعداد له بالفعل . وبالتالي واذ بالعدواصبح يمتلك كل مقومات القوة وهذا حال اسرائيل وبقي الحال العربي ضعيفا لا يمتلك ادناها ، واذ بالصديق الغربي ينقلب على صديقة العربي ويكشر عن انيابة يريد امتلاك ما للعرب من ثروة ضمن مخططات بينها منذ ايام صداقتة وهذة حال الصديق الاكبر الولايات المتحدة . وهذا ما يجري على ارض الواقع ليقف العرب مكتوفي الايدي لاحول لهم ولا طول في درء المخاطر عن اي اقليم من اقطار الوطن العربي ، وحالة العراق اليوم ماثلة امام الأعين كشاهد ودليل . وليقف رئيس اكبر دولة عربية وهي مصر ليقول امام الصحفيين رداعلى سؤال وجه له حول الحرب التي تعدها الولايات المتحدة للعراق بالقول :( اذا كنا نقول اننا نقدر ان نرد الهجوم على العراق أو نؤجلة نبقى نضحك على انفسنا، من الذي يستطيع هو الكونجرس الامريكي والبرلمان البريطاني )(37)، وبهذا القت أكبر دولة عربية المرساة وهذا يعني لأامنا قوميا للعرب لكون الولايات المتحدة والدول الغربية المتنفذة تستطيع التدخل في أي بقعة عربية دون رادع عربي أو دولي، لنفضي الى سؤال مهم : من الذين مكنوا الولايات المتحدة من الاخذ بتلابيب الوطن العربي ؟. وفي هذا علينا أن نبحث عن العقلانية في ما كان من الامة العربية في القضايا التالية :
ـ ان تكاليف حرب الخليج الاولى بلغت (704 ) مليار دولار كانت نصيب دول الخليج (54%) أي( 380,6) مليار دولار ، هذا خلاف استخدام الارض العربية المجاني .
ـ ان تكاليف التواجد العسكري في الخليج العربي من عام (1991ـ 1998)م حوالي (309) مليار دولار ، وبتكاليف يومية (300) مليون دولار من يدفع ؟(38).
2ـ هجرة العقول العربية :
وهذا نتيجة سياسة التطفيش التي تتبعها السياسات العربية والتي نجم عنها سياسة غربية يمكننا ان نسميها سياسة التحويش للعقول العربية ، فأصبحت هجرة العقول العربية عاملا من اهم عوامل بناء الامن القومي الغربي وذلك نتيجة الاكتشافات المختلفة التي تصب في بناء الامن القومي الغربي هذا من جهه ،في حين كانت الاسرارالتي أفشتها هذه العقول المهاجرة للغرب المشرئب لها ،من اهم القواعد التي بنى عليها الغرب استراتيجية الانقضاض على الشرق الغربي ،كما ان هذة العقول حرمت الامة العربية من خبراتها وكفاءتها وتجاربها التي تم اكتسبهاخلال مشوارها العلمي الطويل .ان هنالك العديد من الحقائق تدلك على خسارة الدول العربية لهذه العقول ،وربح الدول الغربية لها واهمها(38):
1. ان ما يقارب المليون من الكفاءات العالية المؤهلة علميا هاجروا من دول العالم النامي الى امريكا واروبا خلال الفترة (1972ــ1990) ومعضمهم من العالم العربي .
2. ان ما يقارب (70)%؟ من الاطباء و(65)% من المهندسين من البلاد الاسلامية هاجروا الى الخارج ،وان من بين كل مائه يبعثون للخارج على نفقة الدول العربية لنيل الدراجات الماجستير والدكتوراه يبقى منهم (40)%من الخارج ويهاجرون كهجرة نهائية .
3. بلغت هجرة الاطباء والمهندسين والعلماء العرب الى الغرب حتى سنة 1976 ما نسبة (50)% من الاطباء و(23)% من المهندسيين و(15)% من العلماء .
ان خسارة الكفاءات اكثر مأساوية بالنسبة للدول العربية وذلك لعدة أسباب واهمها (40):
1. ان العقول العربية القادرة على بناء الامن القومي رحلت،بل واصبحت عيونا للجهات التي حطت رحالها في ارضها وهي غالبا ماتكون الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا ، وذلك تحت اسم "اللجوء السياسي" وهذا اللجوء يعد مصيدة للتجسس المجاني على العالم الاسلامي عامة والعربي خاصة ، وحتى يحضى طالب اللجوء بالقبول ،وبالتالي حق الاقامة والعمل والمساعدة الاجتماعي ( راتب يقدم للاجئ لتغطية تكاليف المأكل والملبس) يجب علية تعرية وطنه والموسسات الحاكمة فية تعرية كاملة ، وتكون كثيرة بذكر مئات المعلومات عن تركيبة نظام الحكم والعوائل أو جماعات النفوذ الصانعة للقرار السياسي وخريطة التيارات السياسية ومفردات هذا المذهب أوذاك ،وتعامل الاجهزة الامنية الغربية مع المعلومات القادمة بشكل علمي دقيق وتقوم بأرشفتها جميعا ،حيث تعتبر وفرة المعلومات عامل قوة للدولة المانحة التي باتت تحسن استخدام جميع المعلومات في فرض سياسات معينة ،وهناك معلومات تحتفظ بها الدولة لنفسها ، واخرى تسوقها ضمن مجموعات دول الاتحاد الاوروبي واخرى تذهب الى امريكا واخرى تذهب الى الموساد وتحديد تلك المستقاة من الفلسطينيين طالبي اللجوء وما اكثرهم، ومعلومات اخرى تستخدم لابتزاز دول عربية واسلامية .
واذا علمنا ان طالبي اللجوء ينتمون الى معظم الدول العربية والاسلامية فمعنى ذلك ان العالم العربي والاسلامي بات مكشوفا،ليس عند هذا الحد فحسب فأن طالبي اللجوء من العالم العربي والاسلامي يبادرون الى اعطاء اكبر قدر ممكن من المعلومات عن بلادهم اعتقادا منهم ان ذلك سيساهم في حصولهم على حق اللجوء سريعا ،وعندما ترى الاجهزة المحققة مع طالب اللجوء ان من المصلحة ابقاء هذا الشخص مربوطا بها ،فانها تهدده بعدم قبول طلبة اللهم الا اذا تعاون معها واصبح عينا على بني جلدته وبالمجان في احيان كثيرة ، وبهذه الطريقة تمكنت اجهزة استخبارات غربية من غرس عشرات بل مئات العيون في المساجد ووسط التجمعات الاسلامية والجاليات العربية . ومما يلفت النظر من خلال ظاهرة اللجوء السياسي مايلي (41) :
أـ ان اكثر من مائة الف طالب لجؤ في اوروبا في اقل من ثلاثة اشهرفي النصف الاول لــ عام 2001 ومعظمهم موزعون على النحو التالي :
سلوفينيا 422، بلجيكا 6761، بولندا 675 ،السويد 4347،فلندا 288، النرويج 1456، ايرلندا2309، هولندا 9588، بريطانيا17705،سويسرا 44971،المجر 1855، المانيا 21045 ،وفرنسا 11108 ، لكسمبورج 165، البرتغال 49 ،الدنمارك 2815، النمسا 7489،رومانيا 690 ،اسبانيا 2388.
ب ــ ان دوائر الهجرة في بعض الاقطار الاوروبية تعمل على ان يقوم اللاجئ بتمزيق جواز سفرة الاصلي الذي يصل به ، باعتبار ان هذا انسب طريقة لعدم اعادتهم الى بلادهم .
ان اجهزة الامن الغربية لو انفقت مئات الملايين من الدولارات وغرست الاف العيون على امتداد العالم العربي والاسلامي، ما حصلت على عشر ما نجمعة من معلومات عن طريق اللاجئين .
2ـ ان الفراغ الناجم عن رحيل هذه العقول تم املاءة من قبل مؤسسات غربية تهدف الى ما يلي :
أـ الاختراق الثقافي المنظم ومحاولة فهم المجتمع العربي وتفاصيل عملياتة السياسية والاجتماعية وتصديرها الى واشنطن حيث وكالة المخابرات المركزية الامريكية ( C.I.A ) ، بهدف اعادة برمجتها في اساليب ونظم عملية متطورة تمهيد للتحكم في العقل العربي خاصة والمجتمع العربي عامة .
ب ـ لخدمة الاستراتيجية الغربية وقاعدتها المتقدمة في الشرق العربي ـدولة الكيان الصهيوني ـ وذلك لتجنيد جيش من العملاء ليكونوا عملاء للغرب الطامع ولدولة الكيان الصهيوني التي لم تحقق كامل اهدافها في المنطقة العربية بعد ، ويمكننا الاشارة الى نموذج من هذة المؤسسات التي تعمل لصالح الغرب وهي كائنة في احشاء الوطن العربي ، ولتكن مصر الدولة القائد للنظام الاقليمي العربي هي نموذجا ومثال ، ونشير للمؤسسات الاكثر شهرة واكثر خطورة(42):
ـ الجامعة الامريكية بالقاهرة وبيروت .
ـ مؤسسة راند الامريكية .
ـ المركز الثقافي الامريكي .
ـ مركز البحوث الامريكي بشارع قصر الدبوبارة ــ القاهرة
ـ مؤسسة فورد فونديشن .
ـ هيئة المعونة الامريكية .
ـ معهد ماساشوستش وفرعه بالقاهرة ـ معهد ال(ام ـ اي ـ ت ) (بمبنى جامعة القاهرة).
ـ مؤسسة روكفلر للابحاث.
ـ مؤسسة كارينجي .
ـ معهد درسات الشرق الاوسط الامريكي .
ـ معهد التربية الدولية والمتخصص في منهج السلام .
ـ معهد بروكنجز .
ـ معهد المشروع الامريكي .
ـ الاكاديمية الدولية لبحوث السلام .
ـ مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بجامعة (جورج تاون ).
ـ مشروع ترابط الجامعات المصرية الامريكية ومقر المجلس الاعلى للجامعات بالقاهرة وميزانيتة السنوي (27) مليون دولار تقدمها المخابرات الامريكية وأجهزتها المعروفة .
وهذا انعكس على الأمن القومي العربي وأصبح في مهب الريح وهذا بدورة انعكس على التنمية من خلال ما يلي :.
1. اصبحت السياسات التنموية العربية سياسات محبطة .
2. انتشار مرض الواسطة والمحسوبين في الدول العربية نتيجة احلال غير الاكفاء ، محل الاكفاء وهذا أدى الى اخفاق السياسات التنموية في البلاد العربية لكون العقول التنموية هجرت العش وغردت خارج السرب .
3. تفضيل الكثير من اصحاب القرارات في العالم العربي انصاف المثقفين من الغرب والشرق على حد سواء من غير المسلمين ، على الكفاءات العربية المتميزة انطلاقا من مركبات النقص العديدة تجاة اصحاب العيون الزرق بصفة عامة على الرغم ان الممارسات قد اثبتت ان هؤلاء لا يخرج كثير منهم عن كونهم عملاء للاستخبارات الاجنبية او الحملات التنصرية ، كما اثبتت الايام ان اي مشروع نفذ بأيدي غيرعربية او اسلامية هي فرصة ضاعت على ابناء الاسلام والى الابد.
رابعا: الاسباب الاقتصادية .
1 ـ المد يونية : انعكست سلبيا على الامن القومي من ناحية تقديم المساعدات الغربية بشروط غربية، وهذه الشروط لا تتماشى ايجابيا والامن القومي العربي ، وكذلك تنعكس سلبيا على التنمية لكون التنمية تتطلب الى المال الوافر ،فكيف تصنع التنمية في ظل المديونية ؟
تعتبر ازمة المديونية التي تعاني منها الدول النامية والدول العربية من فصيلتها ، احد افرازات سياسات صندوق النقد والبنك الدوليين ، التي نفذت منذ اوائل السبعينات وحتى الان ،تحت غطاء تنمية هذه الدول من خلال القروض المشروطة التي يقدمانها ، ومع مرور الوقت تضخمت هذه الارقام وبرزت كأزمة ، لعجز الدول التي وقعت في حبائل الدين من الوفاء بالتزامها المالية ، وما يهمنا في هذا المقام الوقوف على حقيقة المديونية التي ترزح تحت نيرها الدول الاسلامية ،فاننا والحالة هذه سنخص الدول العربية بشئ من التفاصيل ،وما يتعلق بدين الدول الاسلامية من غير العربية سنشير اليه بالاجمال .
وعند الحديث عن الفقر والمديونية في عالمنا العربي الذي نعيش فيه ،تتفتح اعيننا على أرقام ديون مذهلة ، فقد جاء في تقرير البنك الدولي "ديون العالم "1992 ــ 1993 "(43) أن مجموع ديون الدول العربية في عام 1991 زاد على (140) بليون دولار بالمقارنة مع" 138،8" بليون دولار في عام 1990 ، و (63،26) بليون دولار ،في عام 1980 ، اي بنسبة زيادة قدرها (222) في المئة مع الاولى ، وفد بلغت قيمة الفوائد المترتبة على دول العالم العربية في عام 1991 حوالي (4،7) بليون دولار ، بالمقارنة مع حوالي خمسة بلايين دولار في عام 1990، علما ان هناك دول اعفيت من جزء من الديون منذ ذلك الوقت ،وتوقف البعض عن خدمة الديون بسبب مشاكل مالية .
وشكلت مصر الدولة العربية الاكثر مديونية اذ بلغ حجم ديونها في عام 1990 نحو (40،57) بليون دولار ، بالمقارنة مع 32 بليون دولار في عام 1987، وحوالي 21 مليار عام 1980 ، علما ان الاعفاءات التي قدمتها الدول العربية والاوروبية وامريكا ساهمت في خفض حجم هذه القروض خصوصا في العامين 1989 و 1990 بعد الموقف الذي اتخذته مصر من حرب الخليج بتأيد دول التحالف ضد العراق ، واحتلت الجزائر المرتبة الثانية بعد مصر من جهة حجم الديون المرتبة عليها ، اذا بلغت قيمتها 28،6 بليون دولار عام 1991 بالمقارنة مع 29،7 بليون دولار في عام 1990 ،و19،3 بليون دولار في عام 1980 ، وبلغت قيمة الفوائد المستحقة على قروض عام 1991 مبلغ 1،952 بليون دولار في مقابل 1،9 بليون دولار عام 1990 و 1،4 بليون دولار عام 1980 ،علما بأن الجزائر تعد من اكبر الدول العربية في حجم مبالغ خدمة الديون ،وبلغت ديون تونس 8،29 بليون دولار في عام 1991 ، بالمقارنة بــ 7،71 بليون دولار في عام 1990 ،و 3،52 بليون دولار عام 1980 وبلغت قيمة الفوائد المستحقة على قروض عام 1991 ، 384 مليون دولار ، كما بلغت ديون سوريا 16،815 بليون دولار ، في العام 1991 ، بالمقارنة مع 16،4 بليون دولار في عام 1990 ،و 3،54 بليون دولار وعام 1980 ، بلغت قيمة الفوائد المستحقة على القروض عام 1991 ما قيمتة 131 مليون دولار . ووصلت ديون السودان الى 15،9 بليون دولار في عام 1991 بالمقارنة مع 13،84 بليون دولار في عام 1989 و5،16 بليون دولار في عام 1980، وبلغت قيمة الفوائد المستحقة على القروض عام 1991 حوالي 10 مليون دولار .واضاف تقرير الصندوق الدولي الى ان ديون لبنان تراجعت من 1،965 بليون دولار في عام 1990 الى 1،858 بليون دولار في عام 1991 فيما ارتفعت ديون الاردن من 8،32 بليون في عام 1990 الى 8،64 بليون دولار في عام 1991 ، على الرغم من الحملة الدولية التي نظمها في عام 1991 بالاشتراك مع البنك الدولي ونادي باريس لخفض قيمة هذه الديون ،وبلغت ديون اليمن 6،435 بليون دولار وعمان 2،69 بليون دولار ومورتيانيا 2،298 بليون دولار في خلال عام 1991 .
ان هذا نصيب الدول العربية من الديون وفوائدها ، وعند الحديث عن الديون الخاصة بالدول الاسلامية عموما فانها تساوي (500) مليار دولار عام 1993، وعلى العموم فان مارد الربا يحصد ما تزرعة الدول الاسلامية في صورة الديون وفوائد مترتبة عليها ، فاذا ما ذهب (45%) من الناتج القومي للمسلمين الى الديون فوائدها ، وذهب مثله تقريبا على السلاح والدفاع ،فماذا بقي للتعليم والبحث العلمي والصحة والتنمية الاجتماعية ؟
2ـ تكريس التبعية (أزمة الخليج نموذجا)
ان للخليج العربي ازمات ،ولا ينحصر نطاقها بأزمة واحدة ، فهنالك ازمة للخليج قومية المضمون ،تتنازع عليها قوميتان عربية يقابلها فارسية ،فاذا ما أطلق علية العرب اسم الخليج العربي، اطلقت عليه الايرانيون اسم الخليج الفارسي ،وتعددت حالات التوتر بين الطرفين حول التسمية ، وهناك ازمة احتلال بين ايران ودولة الامارات للجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى ، وهناك ازمة اقتتال بين العراق وايران دامت ثمان سنوات أكلت الاخضر واليابس من ابناء واقتصاد الدولتين ، والطريف في هذا الاقتتال كانت اطرافة دول اسلامية ، والغريب فيها ان ما قام بة الطرفان كان لحساب الغرب ، فهذا هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة زمن الاقتتال الايراني العراقي ،يجيب بصراحة وعلى ملئ الاشهاد واسماع الدنيا ، عندما سئل مرة في واحد من مؤتمراتة الصحفية عن مصلحة الولايات المتحدة من الاقتتال الدائر بين العراق وايران قال : ( ان الربح الذي تجنبة الولايات المتحدة يقدر بمجموع الخسائر التي يخسرها الطرفان ) .
واما ازمة الخليج الاخيرة والتي بدات فصولها في 2.آب 1990 ، فحدث عنها ولا حرج ، في ظاهرها دخول العراق الكويت، وهذا هو القناعة التامة لدى الغالبية العظمى من ابناء الشعوب العربية والاسلامية ،وفي واقع الامر وهو الخفي على هذه الاغلبية ان ازمة الخليج الثانية وحربها ،كانت من اجل امركة الخليج العربي ،فكان الاقتتال كالعادة عربا مسلمين يقابلهم عربا مسلمين ، واشتراك القوات الاجنبية في الاقتتال كان ثمنه مدفوعا من قبل العرب انفسهم .
والمؤسف حقا ان كل طرف عربي استجار بالاسلام ليثبت شرعية موقفة ،فعقد كل طرف في عاصمتة مؤتمرا اسلاميا ، وياللاسف ان كل مؤتمر اصدر بيانه الخاتمي بصورة لا يداينها شك بتأييد الدول التي نادت الى انعقادة ، واصبح الاسلام سياسة ميكافلية الوسيلة تبرر الغاية ، فأخذت النصوص على خلاف فهمها ، فأصبحت عاصفة الصحراء التي صنعتها أمريكا ونفذها العرب تحضى بغطاء شرعي ، يستمد هذا الغطاء شرعيتة من الاسلام ، ومن وقع من المسلمين مضرجا بدمه عد في قائمة الشهداء كمن وقع في معركة القادسية او اليرموك ، وفي النهاية الاخيرة للحرب العربية العربية في صحراء العرب تحققت النتائج التالية :
1. نقلت القوات الامريكية الى الخليج العربي بطلب عربي ،غلف بقرارات الهيئة الدولية ،وبهذا تحقيق مبدأ كارتر الذي نادى بوجوب نقل قوات التدخل السريع الامريكية الى الخليج العربي ، لحماية ابار النفط هنالك على اعتبار منطقة الخليج منطقة مصالح امريكية من الواجب حمايتها من اي اعتداء ،وفي الواقع ان وجود هذه القوات هنالك ما هي الا بمثابة تهديدا للانظمة السياسية المحلية في تلك المنطقة ،حتى لا تتدخل في سياسة استخراج النفط وتصديرة ، ومحاولة تعكير صفو هذه السياسة كما فعل الملك فيصل عام 1973 على اثر حرب رمضان ،عندم استخدم سلاح النفط العربي في المعركة ، واصدر أوامرة بحرمان الدول التي تقف في صف الكيان الصهيوني وتدعمة من سيل النفط العربي لتغذية آلته العسكرية والانتاجية على اختلاف انواعها .
2. فرض سياسة استعمارية تحت ظل الصداقة والعلاقات الحميمة بين الولايات المتحدة ودول المنطقة ،حتى بات الجندي الامريكي ومن يحمل جنسية امريكيا يتنقل هنا وهناك بهويتة الشخصية في حين يحرم ذلك على العربي .
3. امركة الخليج العربي وفي هذا لا ازيد عن القول الذي قالة د.محمد صالح المسفر حيث قال : (الف القوم على تسمية الخليج احيانا بالخليج الفارسي واحيانا بالخليج العربي وتواتر استخدام الخليج اخيرا دون صفته العربية او الفارسية عند العرب الخليج فقط ،والحق فان الخليج لم يعد عربيا ولا فارسيا ولا اسلاميا ، كما يتمنى البعض تسميتة ، ولا يمكن استلطاف مصطلح (خليج الغاز والبترول )، انما الادق والاكثر واقعية كما يحلو لاصحاب نظرية الواقعية أقول : ان الخليج يمكن تسميتة باسم الخليج الامريكي مؤقتا ، لان الواقع يقول ان امريكا تملك في موانئ الدول المطلة على الخليج عدا الموانئ الايرانية ،عددامن البواخر التجارية والعسكرية أكثر مماتملكة الدول المطلقة عليه ،وان هذه البواخر الحربية الامريكية لها الحق في اعتراض اي باخرة أو قارب صيد أوناقلة تجارية ،وتجيز لنفسها مصادرة ما عليها ، واعتقال ملاحيها واستجوابهم ، وقد تامر بارسالهم الى الوطن الام ـ الولايات المتحدة ـ لمحاسبتهم وانزال اشد العقاب بهم دون احتجاج أو رفض لهذا السلوك ( هامش ، 6) ، اليس ذلك عملا من اعمال القرصنة البحرية ؟كما ان للولايات المتحدة الامريكية غواصات وطائرات حربية تجوب سماء الخليج وتلقي بحممها على ارض العراق العربي المسلم الشقيق دون احتجاج من احد او اعتراض ، وقد تعبر المجال الجوي لبعض دول مجلس التعاون بقصد المناورة لضرب بلاد الرافدين بلا تمييز ، هذا واقع الحال وعلى ذلك يكون اسم الخليج طبقا لهذا الواقع الخليج الامريكي النفطي(45).
رغم هذا كله لم نسمع ما يقال في منطقة الخليج الى ما يندد بالاعمال الامريكية ، أوما يشير الى اختراق امريكي للسيادة العربية هناك ،الا اننا نلمح نبرة خليجية نفهم منها العمل على استبعاد العنصر العربي والاستعاظة عنه بعناصر اخرى ، ناهيك على الاقبال على العمالة غير العربية هذه المرة ، وهذا يدور حول امر له علاقة بالفكر وتحديدا في مجال الصحافة ، ففي الاجتماع الرابع (لرؤساء تحرير صحف دول مجلس التعاون الخليجي في الدوحة ، اثيرت قضية على قدر كبير من الاهمية ، الا وهي (خلجنة الصحافة ومنع الاختراق ) (46)، وتعني استبعاد العنصر العربي في الصحف الخليجية ، وكانت الذريعة لهذا الاستبعاد لان الاقلام العربية تتهجم او تتهكم وتشتم الانسان الخليجي وتصفة بالانسان النفطي ،ان الاختراق الممنوع والمطلوب التصدي له الاختراق الصهيوني الذي بدات ملامحة تظهر في كل الصحف الاسلامية،واما الاختراق الاسلامي الاسلامي فهذا ليس باختراق بل هو من مظاهر العافية الاسلامية .
ا فلا بد من تبني منهجا عقلانيا قائم على الاستنتاجات التالية :
أولا: الامن القومي العربي
لبناء الامن القومي العربي يجب القيام بما يلي:
1. اقرار السلم العربي الداخلي والذي تتمثل عناصر بسلطة شرعية تمثل الغالبية من الجماهير العربية .
2. تذويب الامتيازات التي حققتها القطرية للفئات المتنفذة داخل الاقطار العربية في التنظيم الاقتصادي الاجتماعي للامة العربية وذلك لتحقيق العدالة الاجتماعية بداية ،وتوفير المقومات المالية من اجل بناء وتنفيذ الخطط التنموية .
3. العمل على تشجيع الظروف التي تسهم في وجود ثنائية قطبية في العالم ،ومن ثم الوقوف بينها في وسط الطريق نعمل على دعم هذا الطريف وذلك في آن واحد واستغلال ذلك في بناء القوة القومية العربية مستعينين بالطرف الذي لايعارض ذلك بدعمة بالامكانيات العربية الوافرة على الطرف المعارض وحتى بناء القوة التي بها نستطيع تحقيق امننا القومي الذي رحل واصبحنا في ظل الاحادية وقد اصبحت ارضنا العربية الطرف منطقة مصالح له ،وشعبناالعربي جيش معد لتحقيق اهدافة وغاياتة .
4. عدم توقيع اي اتفاقيات امنية او اقتصادية بين اي طرف عربي واخرغير عربي تتعارض اي من بنود هذه الاتفاقيات مع المصالح اي دولة قطرية عربية .
5. العمل على ايجاد مرجعية عربية تكون بمثابة نواة اتحاد عربي على غرار الجماعة الاوروبية تسعى جاهده الى تحقيق الوحدة القومية الكاملة ومن كل الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية ...الخ .
6. العمل على ايجاد مناهج تربوية مدروسة وموحدة ومبنية على عناصر اخلاقية في كل بقاع الوطن العربي ، وذلك لتنمية الروح الوحدوية في نفوس النشىء العربي منذ صغره ،حتى اذا اصبح في موضع صنع القرار يجد التقارب الوحدوي فريضة تلح عليه لاتنفك حتى ينفذها.
7. توحيد الاعلام العربي بصورة توحي ان هذه الاذاعة اوتلك او هذه المحطة الفضائية اوتلك تتحدث باسم اي عربي في اي مكان كان ، وتوخي المصداقية في كل ما يصدر عن هذه الوسائل ، الامر الذي يولد الثقة تلك الضائعة على مدار القرن الماضي .
8. مد اليد العربية وبالاسلوب التي ترتأية المرجعية العربية التي اشرنا اليها سابقا الى العالم الاسلامي خارج الاطارالعربي ،واعطاء هذا العالم الاولوية والافضلية في كل تعامل لان هذا العالم يعتبر العمق الجغرافي والديموغرافي للعالم العربي.
ثانيا : الخطط التنموية .
يجب ان تقوم الخطط التنموية العربية على الاسس التالية :.
1. ايجاد فريق عربي مختص للخطط التنموية بتصميم واعداد الخطط،وفريق عربي اخر اشرافي ، وفريق اخر تنفيذي لكل الخطط التنموية العربية .
2. عدم القيام باعداد الخطط التنموية الابعد دراسةوافية للجدوى الاقتصادية .
3. بناء خطط تنموية عربية متكاملة صناعية وزراعية وانتاجية ، وذلك من اجل زيادة الصادرات والحد من الواردات العربية ايا كان نوعها .
4. الالتزام بأولويات الخطط التنموية الانتاجية ،والتي تقوم على توفير الاحتياجات الضرورية لجميع افراد المجتمع دون اسراف او تقتير قبل توجيه الموارد لانتاج غيرها من السلع .
5. العمل على استثمار الاموال العربية داخل الوطن العربي لخطط تنموية مدروسة من خلال مشاريع استثمارية ذات جدوى اقتصادية تعود على عموم الشأن العربي وبصورة شمولية .
6. اعطاء المرجعية العربية في كل ما سبق اولوية المسؤولية عن كل ذلك ،مع ايجاد رقابة صارمة لرصد كل المخالفات ، والاشراف عليها اولا بأول لضمان انجاح الخطط التنموية .
7. التدرج في بناء مقومات الامن القومي العربي ،ومقومات التنمية العربية الشاملة ضمن خطة واقعية معلومة الابعاد تنقل هذه الدول من وضعها الحالي الى الوضع المستهدف بكافة جوانبة ،ومواجهة كافة العقبات والمشاكل ،والافادة من الترابط العضوي للجوانب الاقتصادية للاسلام .
ان ما سبق على مانعتقد هو الصورة المناسبة لبناء الامن القومي العربي والتنمية العربية ، لكون الدول العربية باستثناء لبنان ومنظمة التحريرالفلسطينية تنص دساتيرها على الاسلام(47) ، من هنا فان التعاليم الاسلامية تسهم اسهاما كاملا في قيام الامة الاسلامية ،وان الاصل في العقيدة الاسلامية هو وحدة الامة الاسلامية واتحاد كافة افرادها وقيامهم بكافة متطلبات هذه الامة مهما اختلفت المواطن والازمنة .
وفي هذا يقول الله تعالى :وان هذه امتكم امة واحدة واناربكم فاتقون (48).
وقال ايضا:انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون (49).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة اخية كان الله في حاجته (50).
وقال ايضا : المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا.
وقال صلى الله عليه وسلم :مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر(51) .
وقد سبق التعرض ايضا لوجوب اتحاد الكافة وتكاتفهم من اجل كسر قيود التخلف.
فالاسلام يفرض على اتباعه التناصح والتعاون والاتحاد في كافة امور المسلمين من اقتصاد واجتماع وسياسة وغيرها،لان بلاد الاسلام وطن لكل مسلم ايا كانت جنسيتهاومحل ميلادة او هويتة.
فالاصل اذاهو حرية التنقل لعناصر الانتاج من عمل وراس مال وللسلع المختلفة بين مختلف البلاد العربية دون قيود او رسوم .كذلك فحرية التملك والارث والعمل والتعاقد مكفولة لكل مسلم في كافة البلاد العربية .
والاستثناءات من ذلك ان اقتضتها اعتبارات مرعية اسلاميا يجب ان تكون موقوتة ومحدودة ومبررة بوضوح من جهة شرعية .
ويعد هذا التكامل بين مختلف البلاد العربية والتي تعد من أرقىسبل التكامل الاقتصادي المعروفة وتتوافر له كافة الاسس اللازمة لاقامة صرح اقتصادي متين يجمع هذه البلاد ويحقق لها كافة المزايا التي تترتب على قيام التكامل الاقثتصادي من تحقيق الكفاءة في استخدام الموارد الاقتصادية وما يترتب عليها من زيادة الدخول الحقيقية وتحقيق العدل في توزيع الدخل بين المواطنيين بما يؤدي الى زيادة الرفاهية الاقتصادية ، والتي تنعكس بدورها على بناء المصنع المنتج للآله العسكرية العربية التي تشكل اداة درع لكل من يطمع في ارض وشعب العرب.
المراجع :-
1ـ يقصد بالمنهج ، مجموعة القواعد أو( المعايير) الثابتة التي يعتمد الباحث عليها سعيا منه وراء تحقيق هدف اكاديمي محدد ، ومناهج دراسة العلاقات السياسية الدولية ـ متعددة ،ولكل منهج حسناتة وسيئاتة لمزيد من الاطلاع ـ انظر ـ مازن الرمضاني ،دراسة نظرية في السياسة الخارجية ،ج بغداد :محاضرات بالرونيو القيت على طلبة قسم العلوم السياسية للعام الدراسي (1983ـ1984)ـص 47ـ انظر ايضا عبد اللطيف علي حسين المياح ،الردع في السياسة الخارجية ـ رسالة ماجستير في العلاقات الدولية (غير منشورة) الجامعة المستنصرية : معهد الدراسات القومية والاشتراكية ، 1986ـ ص6ـ20.
2ـ هيثم الكيلاني ،الامن القومي وجامعة الدول العربية ، الوحدة (الرباط) العدد (28)، 1987،ص 77.
3ـمحمد الصوافي ،البناء الحقوقي للنظام العربي ،عناصر من أجل بلورة الامن القومي العربي ، مجلة الوحدة (الرباط)العدد(28) 1987،ص 146.
4ـ المرجع السابق ، ص 145.
5ـ المرجع السابق ، ص 146.
6ـ عبد المنعم المشاط ، نحو صاغة عربية لنظرية الامن القومي ، المستقبل العربي ، العدد(54) ،1983، ص 5ـ6.
7ـ ياسين سويد ، كيف يتحقق الامن القومي العربي ،مجلة الوحدة ،العدد(88)1992 ـ ص 11.
8ـ محمد عوض الهزايمة ، الجديد في القضايا الدولية المعاصرة :عمان :المؤلف ،200 ـص67.
9ـ نبيل خليفة ، فيان الشرق الاوسط وحروب العقد القادم ، مجلة الوحدة (الرباط)، العدد 76،1991ـ ص41.
10ـ المرجع السابق ـص12.
11ـ فريق أول محمد فوزي ، واقع الامن القومي العربي ،مجلة الوحدة (الرباط)،العدد (88)،1992ـص7.
12ـ قاسم العتمة ،الامن القومي العربي والوحدة القومية ، مجلة الوحدة (الرباط)،العدد (28)،1967ـص35
13ـ ياسين سويد ،الاستراتيجية العسكرية الاسرائيلية ،الموسوعة الفلسطينية ،القسم الثاني ،المجلد السادس ،ص 372ـ 380.
14ـ قاسم العتمة ،مرجع سابق ،ص45.
15ـ لأفت غنيمي الشيخ ،في تاريخ العرب الحديث ،ط1ـالقاهرة: دار الطباعة ،1975ـص15ـ16.
16ـ محمد فؤاد الكوبرلي ،قيام الدولة العثمانية ،ترجمة أحمد السيد سليمان ـالقاهرة :دار الكتاب العربي ،1997 ـص127ـ135.
17ـ رواه احمد في مسنده (4/ 335) ،والحاكم في مستدركة عن ابي عبيدة بشر الغنوي الخشعي .
18ـ ألين تايلور ، تاريخ الحركة الصهيونية ، ترجمة بسام ابو غزالة ـ بيروت :دار الطليعة ،1966 ـص14.
19ـ السير هنري كامبل بزمان سياسي بريطاني ، ينتمي الى حزب الاحرار وتزعمه ،كما ترأسالحكومة البريطانية بين الاعوام (1905ـ 1908 )مات بعد استقالة حكومتة بـ(17)يوم ،وكان ذلك في 22نيسان من العام نفسه 1908م. انظرـ دائرة المعارف البريطانية ،عام 1965،حرف(B).
20ـ محمد عوض الهزايمة ،الايديولوجيا والسياسة الخارجية ، (رسالة دكتوراة غير منشورة )ـ تونس :كلية الحقوق والعلوم السياسة ،1994ـ ص86.
21ـ عبدالله عبد الدايم ،موقف الصهيونية والحركة القومية العربية ،مجلة شؤون عربية، العدد (255)،ايلول 1988ـص11.
22)Howard .MorleY Sachar ,The Emergence Of the Middle East :(1914_1942) 2ed-ed-London:Allen Lance Penguin<1970,P 158.
23)Leonard g.stein ,The Baifour Declaration-London ,Valeline-
24ـ محمد عوض الهزايمة ،الايديولوجيا والسياسة الخارجية ، مرجع سابق ،ص89.
25ـ مبدر الويس ، الوحدة والاتحاد في المشروع القومي العربي ،مجلة الوحدة (الرباط) ، العدد (65) ،1990 ص35.
26ـ احمد الجباعي ، العرب في مواجهة السياسات الدولية ،مجلة الوحدة (الرباط) ،العدد (69)،1990ـص24.
27ـ رواه احمد و الترمذي ،كما روى ايضا : (( ما اطيبك من بلد وما أحبك الى ..)).
28ـ محمد قطب ،مذاهب فكريةمعاصرة ـ بيروت :دار الشروق ،1977ـص 585.
29ـ سورة التوبة ،الآية (24).:
30ـ سورة المجادلة ،الآية (22).
31ـ رواه ابو داود في السنن.
32ـ رواه الطبري والحاكم في المستدرك .
34ـ قال هذا القول (عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري ) خلال استقبالة مع عبدالله الاحمر لأعضاء جبهة العمل الاسلامي الاردني ـانظر ـمجلة العمل الاسلامي ، زيارة سوريا :الهدف ،المجريات ،النتائج ، العدد (11)ايلول 1996 ـص11ـ12.
34ـ محمد قطب ، مذاهب فكرية معاصرة ، مرجع سابق ،ص 554 .
35ـ رواه الترمذي بسند صحيح .
36ـ رواه البخاري في صحيحة ،(1/152).
37ـ اخبار تلفزيون المنار (اللبنانية )، يوم 10 شباط 2003 الساعة (8,30)مساء.
38ـ رشاد الدسوفي ، استراتيجية النمر الامريكي في الخليج ، مجلة المجتمع ، العدد (1295)، 1998، ص 41ـ 42.
39ـ محمد طاهر حكيم ، المسلمون على مشارف القرن الواحد والعشروين ،مجلة السبيل ،العدد (403) ، 1997ـ ص83.
40ـ يحيى ابو زكريا ، اللجوء السياسي( مصيدة) التجسس المجاني على العالم الاسلامي ،مجلة المجتمع (الكويت) ، العدد (1453) ،2001،ص30ـ31.
41ـ المرجع السابق ص 30.
42ـ رفعت سيد احمد ،غزو العقل العربي :الدور الامريكي ـ الاسرائيلي في المنطقة ، مجلة الوحدة (الرباط) ، العدد (69)، 1990 ـص44.
43ـ الملف الاقتصادي ، الديون وفوائد الديون العربية مجلة فلسطين المحتلة ،عدد(شباط) ، 1993ـص 50
44ـ صالح احمد القرعان، الموقف الاردني من ازمة الخليج ،(رسالة ماجستير غير منشورة)ـالجامعة الاردنية:كلية الدرسات العليا ،1993ـ ص 12.
45ـ محمد صالح مسفر ،ماذا يجري في خليج الغاز والبترول ،صحيفة الرأيالاردنية ،الصادرة بتاريخ (18) ايار 2001.
46ـ محمد صالح مسفر ،حوار لم ينتة بعد بين العراق وفلسطين وابن لادن ،صحيفة الرأي الاردنية ،الصادرة بتاريخ (17)نيسان 2001.
47ـ محمد عوض الهزايمة ،حاضر العالم الاسلامي ـ عمان : دار عمار ،1997، ص 104.
48ـ سورة المؤمنين، الآية (52).
49ـ سورة الحجرات ، الآية (10).
50ـ رواه البخاري.
51ـ رواه البخاري .
تعليقات
إرسال تعليق