المناعة

المقدمة:

لقد أنعم المولى سبحانه وتعالى علينا بنعم كثيرة، منها نعم ظاهرة نراها وندركها، وأخرى باطنة لا ندركها، إلا أننا نحيا بها ولا نستطيع العيش من دونها، ويكتشف العلماء كل يوم ـ بل كل ساعة ـ نعمة أو أكثر من النعم التي أنعم الله بها على الإنسان، ويقر العلماء بأن الذي لم يُكتشف من هذه النعم أضعاف الذي اكتشف حتى الآن، وصدق الله العظيم وهو القائل: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم) النحل:18·

ومن نعم الله علينا خلقه للجهاز المناعي (Immune System) والذي يعد من أهم أجهزة الجسم قاطبة، ولا غرو فهو المسؤول الأول عن حماية الجسم من الكائنات التي يمكن أن تغزوه سواء كانت بكتيريا أو فطريات أو طفيليات أو فيروسات أو خلايا سرطانية وغيرها من المواد الغريبة، فهو يمثل خطوط دفاع متعددة، وليس خط دفاع واحد، لحماية الجسم البشري وكل أعضائه وخلاياه من تلك الكائنات التي يمكن أن تصل إليه وتسبب له الأمراض·

لذلك سوف أتطرق إن شاء الله في بحثي هذا بشرح مفصل عن الجهاز المناعي بالنسبة لمكوناته وكيفية عمله وقضاءه على الأجسام الغريبة التي تدخل للجسم، وكذلك عن عوامل ضعفه، والعوامل التي تساعد على جعله قوياً وقادراً على القيام بعمله، واتمنى أن تعم به الفائدة للجميع.

هذا والله ولي التوفيق.

تعريف المناعة :

يعرفها لارين Laurien بأنها قدرة الجسم الطبيعية على مقاومة العدوى والالتهاب وحماية الجسم منها. وعرفتها فرحة الشناوي بأنها الحصن المنيع للكائن الحي يحميه من كل ما يتعرض له من مخاطر خارجية ( ميكروبات وفيروسات وطفيليات ومسببات للحساسية ومخاطر داخلية ( تحولات سرطانية للخلايا).

وهناك بعض التعريفات لعلم المناعة، وهي:

حالة فسيولوجية حيوية، تحدث عن طريق الخلايا الليمفاوية، وتعطي الجسم القدرة على المقاومة ضد أي جسم غريب Antigen . قدرة الخلايا المناعية على الدفاع عن الجسم ضد الميكروبات والفيروسات والأجسام والمواد الغريبة.نوع من أنواع الدفاع عن الجسم، الذي قلما يهزمه أي هجوم، فإذا ما حدث خلل أو عجز في هذا الدفاع يشير هذا على أن هناك انهيار في الجهاز المناعي.

تركيب···ووظيفةالجهاز المناعي


ويتكون الجهاز المناعي من النخاع العظمي وهو المصنع الذي يتم فيه إنتاج خلايا الدم البيضاء والحمراء والصفائح الدموية، والغدة الثيموسية التي تقع بجوار القلب في الصدر، والغدد الليمفاوية والطحال، واللوز والعقد الليمفاوية، وخلايا الدم· ليس هذا فحسب، بل إننا إذا تأملنا بديع الصنع في أعضاء جسم الإنسان، نجد أنه ما من عضو إلا وجعل الله فيه أسلحة وقائية، فالعين والأنف والفم والجهاز الهضمي والجلد والكبد والدم وسائر أعضاء الجسم، كلها مزودة بأسلحة دفاعية وأخرى هجومية تدفع الأذى عن هذه الأعضاء·
وجهازنا المناعي غاية في التعقيد، فهو يتكون من خطوط دفاعية عدة، تكونها قوات أو خلايا ثابتة في مواقع محددة، وأخرى متحركة للانتشار السريع لتعزيز الدفاع في أي مكان من الجسم عند تعرضه لأي هجوم خارجي، وهناك أجسام مضادة للنوعيات المختلفة من الميكروبات، والسابحة في الدم، والتي تحمل ذاكرة لا تخطئ للميكروب الذي سبق أن تجرأ بالدخول إلى حصن الجهاز المناعي العتيد قبل ذلك، ثم إن هناك مجموعة البروتينات والأنزيمات التي تكون الجهاز المكمل الذي يلعب دوراً مهماً في الهجوم على القوات الغازية، وإحاطتها وتمكين خلايا الجهاز المناعي منها وإفراز كيماويات تعادل سمومها، وغير ذلك من وسائل الدفاع الميكانيكية والكيمياوية وما يحدث خلالها من تجسس لمعرفة تركيب وتكوين الجسم الغريب الذي تسلل إلى الجسم، ثم إخبار الجهة المسؤولة أو القوة المنوط بها مواجهة هذا النوع من الغزو، فالخلايا التي تهب لمقاومة البكتيريا تختلف عن تلك التي تهاجم الفيروسات والخلايا السرطانية، وهكذا

المناعة كنز لا يفنى :

كل الكائنات الحية تمتلك في داخل أجسامها وتكويناتها خطوطاً قوية للدفاع عن وجودها، وفي الظروف الطبيعية المعتادة ليس من السهل إصابة جسم حي لإنسان أو حيوان أو نبات بعدوى مرضية.. ولو تناولنا في حديثنا خطوط دفاع جسم الإنسان كتكوين أمثل لكائن حي من حيث التطور- فإننا نجدها كثيرة ومتنوعة وخلاقة في مواجهة أي اجتياح أو غزو ميكروبي، بداية من خطوط الدفاع الطبيعية التي تتمثل في أشياء كثيرة مثل الجلد وعدم قدرة الميكروبات على اختراقه، أو إفراز العرق أو الدموع التي تحتوي على مواد قاتلة للميكروبات، أو المواد المخاطية التي تفرزها الخلايا المبطنة للجهاز التنفسي، التي تعمل كمصيدة ومادة لاصقة للميكروبات المتسللة إلى هذا الجهاز، أو درجات الحموضة أو القلوية في السوائل التي تفرزها الأغشية المبطنة للجهاز الهضمي، بالإضافة إلى المواد الكيميائية التي يشتمل عليها سائل الدم التي تعمل كمحاربة وقاتلة لأي عدو ميكروبي يتسلل إلى داخل الجسم.

الدفاعات غير المتخصصهNonspecific Defenses :

تمثل المناعةimmunity قابلية الجسم على الدفاع عن نفسه ضد العوامل المعدية infectious agents والخلايا الغريبةforeign cells وحتى خلايا الجسم التي تغيرت وظيفتها الطبيعية مثل الخلايا السرطانية . ومن الاعتيادي ان تقي المناعة الطبيعية جسم الإنسان من الأمراض التي تسببها الميكروبات وكذلك السرطان. وهناك من الادلة ما يشير إلى أن التأثيرات الضارة للمبيدات pesticides هي تثبيطها للجهاز المناعي، ومن المؤكد ان يسهم ذلك في قابلية هذه المبيدات على احداث السرطان. تتضمن المناعة الدفاعات غير المتخصصه والمتخصصه . وهناك ثلاث أنواع من الدفاعات غير المتخصصه هي: الحواجز التي تمنع دخول العوامل المسببة للأمراض، والاستجابة الالتهابية، والبروتينات الوقائية.

الدفاعات المتخصصه: Specific Defenses

يتهدد جسم الانسان في بعض الاحيان من خلايا الميكروبات له والتي لا يمكن منعها بواسطة اليان الدفاع غيلر المتخصصة المذكورة سابقا. وفي مثل هذه الحالات لابد من الاعتماد على وسائل دفاعية متخصصة ضد مستضد معين. فالمستضد هو عبارة عن بروتين (اوسكر متعدد) يمكن للجسم ان يميزه

التفاعلات البايولوجية التي تحصل عند حصول الالتهاب inflammatory reaction أن جرح الجلد يدفع الخلايا mast cells لاطلاق الهستامين الذي يعمل على توسع الاوعية الدموية وان اطلاق مادة bradykinin يحفز الاعصاب على الشعور بالالم. تتجمع الكريات الدموية البيضاء التي تبدأ بالتهام البكتيريا.

على أنه غير عائد له. فالميكروبات لها مستضدات، إلا ان المستضدات قد تكون جزء من خلية غريبة او خلية سرطانية . ونظرا لكوننا غير ممنعين تجاه خلايانا الخاصة لذا يمكن القول بأن للجهاز المناعي القابلية على اعلامنا عن الاشياء العائدة للجسم عن تلك الغريبة عن الجسم وتستمر المناعة عادة لفترة من الوقت. فعلى سبيل المثال عند شفاء الفرد من مرض الحصبة فانه في العادة لا يصاب بفايروس الحصبة مرة اخرى . وتمثل المناعة بشكل رئيس محصلة تأثير الخلايا اللمفاوية والخلايا اللمفاوية . وان الخلايا اللمفاوية تنضح في نخاع العظم (يشير الحرف إلى نخاع العظم ) اما الخلايا اللمفاوية فتنضح في غدة التوثه ( يشير الحرف إلى التوثة) . وتدعى الخلايا اللمفاوية ايضا بالخلايا والتي تكون خلايا البلازما . وان هذه الأخيرة تقوم بتكوين الاجسام المضادة والتي هي عبارة عن بروتينات لها القابلية على الارتباط مع المستضدات ومعادلتها ( معدلة تأثيرها ) وتفرز الاجسام المضادة إلى الدم واللمف . اما الخلايا اللمفاوية او الخلايا فانها لا تكون الاجسام المضادة بل ان خلايا معينة نوع تهاجم مباشرة خلايا اخرى حاملة للمستضدات . اما بقية الخلايا فانها تسهم في تنظيم الاستجابة المناعية . ان للخلايا اللمفاوية القابلية على تمييز مستضد معين بسبب احتواء سطوحها على مستقبلات . وان شكل المستقبلات الموجودة على سطوح الخلايا اللمفاوية يكون مكملا لمستضد خاص . وغالبا ما يقال بأن المستقبل والمستضد يكمل احدهما الآخر كما هو الحال في القفل والمفتاح . وخلال فترة حياتنا نتعرض لما يقارب مليون مستضد مختلف ، لذا تدعو الحاجة لوجود العدد نفسه من الخلايا اللمفاوية المختلفة لغرض الوقاية من هذه المستضدات لذا لا بد من وجود تنوع في الخلايا اللمفاوية إلى للحد الذي توجد فيه خلية لمفاوية خاصة لمستضد معين . وبالرغم من هذا التنوع لا توجد خلية لمفاوية تهاجم في الحالات الاعتيادية خلايا الجسم نفسه . ويعتقد بأنه لو ظهرت خلية لمفاوية مصادفة بحيث تكون مهيأة للاستجابة لبروتينات الجسم نفسه فإن هذه الخلية تتثبط ويتوقف تطورها.

كيف يتعرف الجهاز المناعي ويتعامل مع الأجسام الغريبة

أنواع المناعة :

1-المناعة الطبيعية

تعد الخط الأول الذي يعمل على منع حدوث العدوى لأول السيطرة عليها فور حدوثها، ويؤدي ذلك إلى عدم الشعور بأي أعراض مرضية أو أعراض بسيطة.

ولكل إنسان مناعة طبيعية أو قدرة على مقاومة الأجسام الغريبة والمناعة الطبيعية لها صلة بصحة الإنسان وتوع معيشته وغذائه وقدراته البدنية .

الغطاء المناعي الواقي والذي يحمي الأفراد

وتقوم المناعة الطبيعية بعملها من خلال:

1- الجلد:

وهو الغطاء الذي يقي الجسم من الخارج، وهو يحتوي على الغدد العرقية التي تفرز العرق.

2- الدموع:

وتحتوي على إنزيمات خاصة، تقوم العين بإفرازها، وهي تعمل على حماية العين من أي جسم غريب.

3- الغشاء المخاطي:

الذي يبطن الأنف من الداخل والاهداب الموجودة به. وهما يعملاان معاً على حجز الأجسام الغريبة.

4- المعدة:

وتقوم المعدة بلإفراز العصارات والسوائل الحمضية والتي تعمل على قتل البكتيريا الضارة والميكروبات التي دخلت عن طريق الفم مع الطعام.

5- الدم:

نجد أن المواد المناعية في فسيولوجية الدم تعمل على القضاء على بعض الميكروبات والجراثيم ومعادلة سموم الجسم.

6- إفرازات المهبل:

تعمل إفرازات المهبل الحمضية على حماية ووقاية الجهاز التناسلي للمرأة من أي ميكروبات.

7- البول:

تعمل الحموضة التي في البول على التخلص من البكتيريا التي توجد في الجهاز البولي.

2-المناعة المكتسبة :

والمناعة المكتسبة تعد خط الدفاع المناعي الثاني؛ فالإنسان يستطيع أن يكتسب مناعة قوية ضد البكتيريا والفيروسات والسموم وأي جسم غريب يدخل الجسم. وعملية التطعيم التي تجرى، تقوم أساساً على تنشيط جهاز المناعة المكتسبة، وذلك عن طريق إعطاء جرعة صغيرة من مكونات الميكروب بعد إضعافه، فيقوم جهاز المناعة المكتسبة بتصنيع أجسام مضادة قادرة على التصدي له ومحاصرته؛ حيث يقوم الخلايا Phagocytes البالعة بتقديم جزء من الجسم الغريب، بعد ابتلاعها وتحليله إلى الخلايا الليمفاوية (ت). ثم تقوم الخلايا (ت) بالنشاط والتدخل للقضاء عليه والتخلص منه، أو تصنيع مواد كيميائية تقوم بتحفيز الخلايا (ب) بإفراز الاجسام المضادة التي تشمل أنواعا مختلفة حسب نوع الميكروبات أو الأجسام الغريبة.

والتعاون بين المناعة الطبيعية والمناعة المكتسبة يعتمد على بعض المواد المشتركةبنهمان والهدف أن تقوم المناعة الطبيعية بخط الدفاع الأول والمباشر، فإذا استطاعت أن تقضي على الجسم الغريب سواء كان ميكروباً أو غيره.. فإن الإنسان لا يشعر بأعراض مرضية. أما إذا كانت الميكروبات من النوع الذي لا تستطيع المناعة الطبيعية التعامل معه، فغن خط الدفاع الثاني يبدأ في التحرك بخلايا متخصصة وأجسام مضادة؛ لتعرف نوع الجسم الغريب وتفرز المواد المناسبة للتعامل معه.

الاستجابة المناعية Immuneresponse :

يحتوي جسم الإنسان على نوعين من الإستجابة المناعية أحدهما يعتمد على تكوين الأجسام المضادة، وهي جزيئات من الجلوبيولوين Globulin ( البروتينات)، وهي تقوم بمهاجمة الأجسام الغريبة (الأنتيجين) التي تهاجم الجسم، وهذا ما يطلق المناعة الخلطية Humoral immunity ، أما النوع الثاني من الإستجابة المناعية..فإنه يحدث كرد فعل لتكوين أعداد كبيرة من الخلايا الليمفاوية التي بها حساسية ضد الجسم الغريب، الذي سبب تكوينها، وهذا ما يسمى بالمناعة الخلوية Cellcer immunity .

أ‌- المناعة الخلطية humoral immunity:

وتعتمد المناعة الخلطية على البروتينات المناعية Immunoglobulins (الأجسام المضادة Antibodies )، والتي تنتمي إلى عائلة مكونة من البروتينات تفرزها الخلايا الليمفاوية (ب)، وهي المسؤلة عن حماية الجسم من الأجسام الغريبة والميكروبات التي تصل إلى الدم، وهي تتكون من أربع سلاسل من الأحماض الأمينية ، اثنان منها خفيفة الوزن واثنين ثقيلة الوزن. وهذه السلاسل مكونة من حوالي 110 من الأحماض الأمينية، وهي مرتبة في شكل ثنائيات، وتتعدد أشكال وتركيب ووزن الأجسام المضادة ليناسب الدور ، الذي ستقوم به.

وتشمل هذه الأجسام المضادة..( IgG , IgM , IgA , IgE , IgD )

وظائف الأجسام المناعية المضادة:

- تتحد الأجسام المناعية المضادة التي تفرزها الخلايا (ب) مع الأنتيجين معرقلة حركته، ثم يقوم المكمل بتحطيم هذا الأنتيجين ، ثم تقوم الخلايا البالعة (الماتهمة) بالقضاء عليه.

- ينتقل الجسم المضاد (IgG) من الأم إلى الطفل، وهي التي تعطى الطفل المناعة في الشهور الأولى من حياته.

- إذا لم يتمكن الجسم المناعي والمكمل من القضاء على الجسم الغريب، فإنه يعمل على وقف نشاطه حتى يتم التهامه عن طريق الخلايا الالتهامية.

ب-المناعة الخلوية Cellular immunity :

في حالة الأجسام ذات الحجم الكيبير نسبياً، والتي لا يمكنها اختراق الأنسجة وعبورها على داخل الجسم، كما في حالة زرع الأعضاء أو تغير النسيج الطبيعي للجسم، ففي هذه الحالة يعتبر جهاز المناعة هذه الأعضاء غريبة عنه، ويتم تعرفها بواسطة خلايا خاصة من مجموعة الليمفوسايت (ت)، التي بين خلال الأنسجة، وبمجرد مقابلتها لهذه الأجسام الغلايبة، تتعرفها ، وتحمل ما يعرف بعامل التعرف على أماكن تكاثرها المخصصة لها في الغدد الليمفاوية والطحال؛ حيث تنقسم وتتكاثر على خلايا ليمفاوية ذات طبيعة مناعية مخصصة لمهاجمة الأجسام، التي تعرفت عليهان حيث تسير في الدورة الدموية بإعداد كبيرة إلى المكان الذي تعرفت فيه على الجسم الغريب لمهاجمته محدثة التهاب شديد، ويتم ذلك بمعرفة الخلايا الليمفاوية (ت) متعاونة مع الخلايا البالعة ( الملتهمة).

دور الخلايا الليمفاوية-ت-في الاستجابة المناعية الخلوي

الحواجز التي تمنع دخول العوامل المسببة للأمراض Barriers to Entry

يعمل الجلد والغشاء المخاطي المبطن للمسالك التنفسية والقناة الهضمية كحواجز ميكانيكية تمنع دخول الميكروبات. كما وتحتوي إفرازات الغدد الدهنية على مواد كيمياوية تعمل على إضعاف او قتل الجراثيم الموجودة على الجلد . كما وتبطن القناة التنفسية بخلايا تعمل على اكتساح المواد المخاطية والدقائق الموجودة فيها باتجاه البلعوم حيث يتم ابتلاعها. فضلا عن ذلك فإن الوسط الحامضي للمعدة يمنع نمو العديد من أنواع الجراثيم . كما ان الجراثيم المختلفة التي تتواجد بصورة طبيعية في الامعاء وبقية الأعضاء كالمهبل تمنع الجراثيم المسببة للأمراض (الكائنات الممرضة) من ان تأخذ مكانها.

خطوط الدفاع في جسم الإنسان:

أما في حالة حدوث "تسلل" ميكروبي إلى داخل الجسم؛ فإن الجسم يواجهه بخطوط دفاعية مختلفة.. فعند دخول أي جسم غريب إلى جسم الإنسان سواء أكان خلايا بكتيرية أم مكونات وإفرازات ميكروبية أو حتى شريحة من الخشب فإن قوات الدفاع الداخلية المتمثلة في خلايا الدم البيضاء الملتهمة (phagocytes) يتم توجهها إلى مكان الجسم الغريب بخاصية الانتحاء الكيميائي الفسيولوجي (chemotaxis) الذي يجتذب هذه الخلايا لمكان الإصابة إلى الالتهاب، حيث تتجمع وتحاول أن تلتهم هذا الميكروب أو الجسم الغريب وتخلص الإنسان منه بنفس الطريقة التي يلتهم بها حيوان الأميبا المكون من خلية واحدة غذاءه.. ولو كان الجسم الغريب المعترض أنسجة الجسم وتيار الدم بروتيني التكوين؛ فإنه يعمل كأنتيجن Antigen، أي مولد ومحفز للجهاز المناعي لإنتاج أجسام مضادة، هذه الأجسام المناعية المضادة تحارب وجود الجسم البروتيني الغريب بالاتحاد معه، والعمل على تخليص جسم الإنسان منه في حالة تعرض الإنسان للعدوى بنفس الميكروب للمرة الثانية.. فنحن نلاحظ أن بعض الأمراض الميكروبية المعدية، التي تسببها البكتيريا أو الفطريات أو الفيروسات أو الحيوانات الأولية مثلاً؛ لا يصاب بها الإنسان إلا مرة واحدة في عمره.. مثل مرض الحصبة والغدة النكفية والسعال الديكي والكوليرا والطاعون وغيرها من الأمراض المعدية.. والذي يحدث هنا هو أنه عند حدوث عدوى بأحد هذه الميكروبات للمرة الأولى فإن دخول الميكروب المكون من بروتين غريب (foreign or non-self protein) مختلف عن بروتينات الجسم (self protein) يكون محفزًا ومستفزًا للخلايا الليمفاوية المناعية في الجسم لإنتاج أجسام مضادة بتحوير خاص لأجزاء من بروتين البلازما- لمهاجمة الجسم البروتيني الغريب الذي أحدث وجودها، وتخليص جسم الإنسان منه بمعادلته وإلغاء فعاليته بالاتحاد به وبأذرعه الجانبية الفعالة، أو بالامتصاص على سطحه وتجميعه؛ ليكون فريسة سهلة لخلايا الدم البيضاء الملتهمة (phagocytes).. وبطريقة أو بأخرى فإن الأجسام المضادة (antibodies) تؤدي وظيفتها في النهاية لحماية الجسم كمضادات للسموم (antidotes).

الخلايا B :

يدعى المستقبل الموجود على الخلية B باسم الجسم المضاد بالغشاء . وعندما تواجه الخلية B خلية جرثومية bacterial cell او مادة سمية toxin تحمل مستضد معين، فإن الجسم المضاد إلى توسع الخلية B ، اذ انها تنقسم وتكون العديد من خلايا البلازما عبارة عن خلية B ناضجة لها القابلية على تكوين الاجسام المضادة في الدم واللمف على نطاق واسع. وهناك نظرية تدعى بنظرية اختيار الخلايا التي تنص على ان المستضد يختار أو ينتقي أي من الخلايا B التي ستكون مستعمرة خلايا البلازما. حيث يلاحظ بأن الخلية B لا تنقسم لتكوين خلايا البلازما إلا بعد وجود المستضد الخاص بها ، وان الخلية B تميز مستضدها مباشرة دون مساعدة بقية الخلايا على الانقسام لتكوين خلايا البلازما.

عند حصول في خلايا B فانها تقوم بتكوين خلايا البلازما وكذلك خلايا B الذاكرة . فعندما يكون المستضد تحت السيطرة، فإن عدد خلايا البلازما سيخفض ، في حين ان خلايا B الذاكرة تبقى في مجرى الدم. وتمثل خلايا B الذاكرة الوسيلة التي من خلالها تتم المناعة الفعالة active immunity . اذ انه في حالة دخول المستضد نفسه على الجسم مرة اخرى ، فإن خلايا B الذاكرة تنقسم بسرعة مكونة خلايا بلازما جديدة . وان خلايا البلازما هذه تقوم بتكوين الأجسام المضادة . وندعى عملية الدفاع عن الجسم التي تقوم بها الخلايا B باسم المناعة التي تتم من خلال الأجسام المضادة وذلك لأن الانواع المختلفة من الخلايا B تقوم بتكوين الأجسام المضادة كما وتدعى أيضا بالمناعة humoral immunity وذلك لوجود هذه الأجسام المضادة في مجرى الدم.

يمثل وظيفة خلايا B-lymphocytes في مكافحة البكتيريا التي تدخل الجسم حيث أن الأجسام الغريبة عند دخولها الجسم فإن ذلك يحفز B-cells لتكوين خط من الخلايا clonal expansion إذا تم تحفيزها بواسطة خلايا T-lymphocytes المساعدة. وإنه خلال هذه العملية تقوم بعض خلايا plasma cells بانتاج الأجسام المضادة ضد المستضد الذي يدخل إلى الجسم.

معقدات الأجسام المضادة والمستضدات:

إن أكثر أنواع الأجسام المضادة شيوعا هو الجسم المضادة IgG . وهو عبارة عن جزيئة بروتينية ذات شكل أشبه بحرف Y مؤلفة من ذراعين arms يتألف كل ذراع من سلسلة (طويلة) "ثقيلة""heavy"(gong) chain واخرى (قصيرة) "خفيفة" "light"(short)chain ومناطق الثابتة لا تكون بين جميع الاجسام المضادة ، الا أنها تتشابه ضمن المجاميع المختلفة من الأجسام المضادة.

الاجسام المضادة

صنف الجسم المضاد

وجوده

وظيفته نت

IgG

الجسم المضاد الرئيس في الدم.

يهاجم الميكروبات وسموم

الجراثيم ويعزز من عملية

الالتهام.

IgM اا

اكبر جسم مضاد في الدم

ينشط المتمم، ويعمل على

تكتل الخلايا.

IgA

الجسم المضاد الرئيسي في الافرازات مثل اللعاب والحليب

يهاجم الميكروبات

وسموم الجراثيم.

IgD

الجسم المضاد الموجود بشكل

مستقبل مرتبط بالغشاء

وظائفه غير معروفة.

IgE

الجسم المضاد الموجود بشكل

مستقبل مرتبط بالغشاء على الخلايا

القعدة في الدم وعلى الخلايا البدينة

مسؤول عن استجابات

الحساسية.

تتشكل المناطق المتغيرة variable regions مواقع ارتباط المستضدات – antigen binding – ويتحدد شكلها بنوع المستضد . ويرتبط المستضد مع الجسم المضاد في موقع ارتباط المستضد كما هو الحال في القفل والمفتاح.

ويؤدي ارتباط المستضد بالجسم المضاد إلى تكوين معقد complex ويدعى هذا المعقد في بعض الحالات بالمعقد المناعيimmune complex وقد يتم ابتلاع هذا المعقد من قبل الكريات البيضاء المتعادلة neutrophils او الخلايا الملتهمة marophages ، او ان هذا المعقد ينشط المتمم complement system ، ويقوم المتمم بجعل الميكروبات اكثر حساسية للالتهام phagocytosis .

اصناف الاجسام المضادة Classes of Antibodies :

توجد خمس اصناف من الاجسام المضادة. ةتعد الاجسام المضادة IgG من الانواع الرئيسة في الدم، وان كميات قليلة منها توجد ايضا في اللمف أيضا في اللمف والانسجة الجسمية. وتقوم الاجسام المضادة IgG بمهاجمة الميكروبات وبقية السموم. والسم toxin هو عبارة عن مادة كيمياوية خاصة تكونها الجراثيم على سبيل المثال، وان هذه المادة تكون سامة لبقية الاشياء الحية اما الاجسام المضادة IgM فهي عبارة عن مجموعة مكونة من تراكيب خمسة ذات اشكال اشبه بحرف Y . وتظهر هذه الاجسام المضادة في الحال بعد بدء الاصابة. ةتختفي قبل انتهاء الاصابة. وتحتوي الاجسام المضادة IgA على تركيبين بيهين بالحرف Y . وتعد هذه الاجسام المضادة النوع الرئيس الموجود في افرازات الجسم. اذ انها تهاجم الميكروبات وسمومها قبل وصولها على مجرى الدم. اما الاجسام المضادة IgD فانها مماثلة للاجسام المضادة المرتبطة بالغشاء الموجود على الخلايا B . بينما تكون الاجسام المضادة IgE مسؤولة عن استجابات الحساسية.

الطفيل المراوغ في معركته مع الجسم:

الملاريا، البلهارسيا، مرض النوم... أمراض طفيلية لطالما دخل الإنسان معها في معارك طاحنة فتارة يقهرها ومرات تقهره.. فالملاريا تقتل من مليون إلى مليوني شخص سنوياً، مسجلةً أعلى مسبب للوفيات على مستوى العالم، ويدفع المسافر في إنجلترا ثمناً باهظاً لشراء دواء الملارونMalorone للحفاظ على حياته من الملاريا التي أصابت ألفي إنجليزي بعد رجوعهم من أفريقيا كما ذكرت CNN الشهر الماضي. بينما نسبة الإصابة بالبلهارسيا في مصر على سبيل المثال 20% من عدد السكان، وتؤدي إلى خسائر اقتصادية تقدر بـ 500 مليون دولار.

وهناك ما يقرب من 10.000 مصاب بمرض النوم في السودان وحدها حسب تقارير مايو 2001 أما الطفيل الخندقي Cryptosporidium، فقد هجم على مدينة بأكملها في كندا مع مطلع الشهر الماضي حاصداً عشرات الأرواح ومئات المصابين؛ حيث شربوا من المياه الملوثة به.

فلماذا كانت هذه الطفيليات رغم صغر حجمها بهذه القوة؟ وكيف تعجز حصون الجهاز المناعي عن مواجهتها؟ وما هي وسائل الدفاع التي سخرها الله لها حتى تدافع هي الأخرى عن حقها في الحياة؟؟

وقبل أن نتجول مع الطفيل داخل الإنسان ونجيب على هذه الأسئلة، فإننا نعرفه بداية بأنه كائن حي يعيش على حساب كائن حي آخر يسمى بـ "العائل" Host مستمداً طعامه ومأواه منه وعادةً ما يسبب له قدراً من الضرر أو الإصابة. وتعتمد مقاومة العائل لمثل هذا الطفيل على عدة طرق، من أهمها إفراز الجهاز المناعي للأجسام المضادة Antibodies والاعتماد على خلايا الدم البيضاء W.B.C's كخط دفاعي هام وأساسي في هذه المعركة.

حينما يدخل الطفيل فإن تركيبه الخارجي والذي يحمل مولد الضد أو Antigen يثير إفراز هذه الأجسام المضادة، ويثير الجهاز المناعي للتحرك ضده ... إلا أن هناك طرقاً متعددة يتبعها الطفيل في معركته داخل الجسم بحسب نوعه وقوته.. وقد يستطيع الطفيل الواحد تتبع عدة وسائل دفاعية في آن واحد.

الطفيل المراوغ :

تقوم كثير من الطفيليات بدورة معقدة داخل عائلها تتميز بالتغيير المتوالي لأطوارها، بحيث يصعب على جهاز المناعة الاستجابة لتغيرات الشكل الخارجي الذي يحمل مولد الضد Antigen، فيستطيع الطفيل تغليب الطور الذي يتمتع بمقاومة أكبر لمناعة العائل؛ فتشلّ حركة الجهاز المناعي . يبدو ذلك جلياً في مرض الملاريا Plasmodium حيث تغير الطفيليات من أطوارها سريعاً وتقاوم المناعة المتخصصة للأطوار، يسمى هذا النوع من المراوغة بـ Stage Specificty of Parasite antigen.

وتستطيع طفيليات أخرى تغيير شكل مولد ضدها عدة مرات داخل الطور نفسه، وتمثل هذه الطريقة واحدة من أقوى وسائل المقاومة لجعل الجهاز المناعي غير ذي فائدة، مثل بعض أنواع الأوليات Protozoa والتي تتعرض بشدة لمواجهة الجهاز المناعي لوجودها الطبيعي في مجرى الدم.

والتريبانوسوما الأفريقية أيضاً التي تسبب مرض النوم في الإنسان لها أشكال متعددة داخل الطور الواحد، بحيث تشل حركة الأجسام المضادة .. تسمى هذه الوسيلة بـ Vartion Antigenic . في قدرة ثالثة على تغيير تركيبها الخارجي؛ تخلع بعض الطفيليات مولد الضد الخارجي الخاص بها بأكمله عدة مرات، وتستحدث تركيباً جديداً لشكله الخارجي في كل مرة.. مثل مرض النوم أيضاً والذي يستطيع فيه الطفيل أن يستخدم أكثر من مائة سترة خارجية إذا جاز التعبير، وتسمى هذه الطريقة Renewal of surface antigen .

الوسيلة الرابعة هي قدرة الطفيل على الالتصاق ببروتينات سائل الدم وكأنه يتنكر في شكل أحد مكونات الدم فيظن الجهاز المناعي أنه جزء من الدم فلا يقاومه ويقوم بهذه الطريقة والتي تسمى Antigenic disquise بعض الديدان وطفيل مرض البلهارسيا أو Shistosoma.

الطفيل المختبئ :

تقوم بعض الطفيليات بالاختباء في أماكن تقل فيها الخلايا المناعية، فكثير من الطفيليات المسببة للأمراض عند الإنسان لها مكان داخل الخلية ذاتها Intra cellular location وتتواجد في الدم بصورة مؤقتة فقط . وهى بذلك تختبئ من إفرازات الجهاز المناعي الذي يقتصر نشاطه غالباً خارج الخلية .. وزيادة على ذلك فإن خليه الجسم المصابة لا تحمل على تركيبها الخارجي في بعض الأحيان مولّد الضد الخاص بالطفيل المختبئ .. فلا تثير الأجسام المضادة للاتجاه نحوه. أما إذا اكتشف الجهاز المناعي وجود الطفيل داخل الخلية فإن عليه قتل خلية الجسم المصابة أولاً ليتمكن من القضاء على الطفيل المختبئ . تقوم إحدى الأوليات Toxoplasma المسببة للإجهاض عند الإنسان بهذه العملية كما تقوم به الملاريا.

طفيليات أخرى كالديدان تختبئ في تجاويف القناة الهضمية Intraluminal location كالإسكارس .Ascaris

الهجوم خير وسيلة للدفاع :

هذا هو الشعار الذي ترفعه بعض الطفيليات حيث تهاجم الخط الدفاعي للجهاز المناعي بطرق متعددة فتشل حركته أو تضعف قوته، فمثلاً تستطيع بعض أنواع البلهارسيا shistosoma mansoni أن تقوم بكسر الأجسام المضادة إلى نصفين بحيث لا تستطيع أن تقوم بعملها وذلك عن طريق إفراز نوع من الإنزيمات القاطعة للبروتين Protease، في عملية تسمى بـ Antibody cleavage .

أما الديدان الشريطية فتستطيع يرقاتها أن توقف نشاط العوامل المساعدة للجهاز المناعي complement)) والتي تقوم بدور فعال في إعداد الأجسام المضادة وخلايا الدم البيضاء في مقاومة هذه اليرقات.

بينما تقوم بعض أنواع الأوليات Toxoplasma بإفراز مادة لديها القدرة على دفع الجهاز المناعي للعائل لأن يزيد من إنتاج نوع من الخلايا البيضاء تسمى بـ T-supressor وهذه الخلايا تقاوم الجهاز المناعي وبذلك يجعل الطفيل الجهاز المناعي يوقف نفسه بنفسه ويسمى هذا النوع من الهجوم بـ Immunosupression

التعرف على المتسللين:

إن عمل الجهاز المناعي في الدفاع عن الجسم يعتمد في الأساس على التعرف على البروتين الغريب المخالف لبروتينات الجسم.. وتوليد أجسام مضادة من بروتين البلازما بواسطة خلايا ليمفاوية خاصة.. وفي حالة دخول نفس البروتين الغريب أو نفس الميكروب - مرة ثانية للجسم فإن الذاكرة (memory) المناعية تتعرف على هذا البروتين أو الميكروب الغريب، وتعمل الأجسام المضادة الخاصة به على الاتحاد معه وإزالته، فلا تحدث العدوى مرة ثانية.. وتظهر هذه الآلية في التفاعل المناعي بالجسم الحي عندما يتم حقن حيوان تجارب للمرة الأولى ببروتين غريب عنه (أنتيجن) وتقدير كمية الأجسام المضادة المتولدة عند الحيوان في سائل الدم (serum).. فبعد الحقنة الأولى يبدأ تكون الأجسام المضادة التي تصل إلى كمية كافية لحماية الجسم بعد فترة زمنية (refractory period) تقدر بحوالي أسبوعين.. فإذا تركنا الحيوان (أرنبًا مثلاً) بعد ذلك لبعض الوقت، ثم عاودنا الحقن بنفس الأنتيجن للمرة الثانية؛ فإننا نلاحظ ارتفاع معدل كمية الأجسام المضادة في سائل الدم (serum) عند الحيوان بسرعة وبكمية كبيرة.. وقد تمت الاستفادة من ذلك في تحصين الجسم باللقاحات والأمصال المجهزة من ميكروبات مضعفة أو ميتة، أو من سموم ميكروبية مثبطة.. هذه الأمصال عند حقنها في الجسم بجرعات محسوبة وغير ضارة تكون لها المقدرة على استفزاز الخلايا الليمفاوية المناعية لإنتاج أجسام مضادة لها.. هذه الأجسام المضادة تمنح الجسم مناعة وتحميه من العدوى بنفس الميكروب.

وقد امتدت فكرة اللقاحات والأمصال لتدخل بعض الميكروبات المضعفة في تركيب أنواع من الأدوية يتناولها المريض في بعض الحالات حسب إرشاد الطبيب - بغرض تنشيط الجهاز المناعي وتحفيزه؛ لتكوين أجسام مضادة لهذه الأنواع الميكروبية، يواجه بها الجسم العدوى الخارجية التي تسببها هذه الميكروبات.

ففي حالة الإنسان العادي الذي لا يعاني من مشاكل مناعية - سوف يتعرف جهازه المناعي بكفاءة على أي جسم غريب يتسلل أو يجتاح الجسم بصورة أو بأخرى، وسوف يعمل على تخليص الجسم من ذلك "الدخيل".. وهذه العملية التي تتم من أجل حماية الجسم في الظروف العادية للإنسان قد يقوم بعض الأطباء بتثبيطها في حالات علاجية خاصة (immunosuppressive treatment) مثل حالات زرع الأعضاء (transplantation)، أو يحاول الأطباء مجاوزة حالة المقاومة المناعية في الزرع باستخدام أنسجة من نفس الجسم لزرعها في أماكن أخرى لنفس الشخص؛ لكي لا يتم رفضها ومحاربتها من الجهاز المناعي.. أما في حالة زراعة أعضاء من أجسام أخرى؛ فإن الشخص المستقبل للزرع يكون عرضة لأنْ يعمل جهازه المناعي على محاربة العضو الجديد أو النسيج المخالف - المزروع في الجسم.. لهذا فإن الأطباء يحاولون التحكم في تفاعلات الرفض من جهة الجسم باستخدام جرعات علاجية مثبطة لعمل الجهاز المناعي بصفة عامة في مواجهة أي نوع من أنواع البروتين المخالف لبروتينات الجسم (non-self or foreign protein).. ولكن هذه المعالجة التثبيطية للجهاز المناعي تتجه مع المعاملات الطبية الحديثة - إلى محاولة جعلها متخصصة، ومثبطة للتوجه المناعي المقاوم لبروتين معين، وهو البروتين المختص بعملية الزرع، مع احتفاظ بقية توجهات الجهاز المناعي بفاعليتها.. وذلك باستخدام التقنيات الحديثة للهندسة الوراثية.. ورغم أن التعامل الطبي هنا يتوجه بصفة مؤقتة - نحو تثبيط الجهاز المناعي، أو تسكين الرفض المناعي للعضو الجديد المزروع في داخل جسم الإنسان؛ إلا أننا قد ندرج هذا التعامل الطبي تحت مسمى العلاج المناعي، أو المعالجة المناعية لحالة عارضة.

أما الدودة الكبدية Fasciola فلها أسلوب آخر في تعاملها مع الجهاز المناعي فهي تستطيع تحويل وظيفة الخلية المناعية من خلايا مقاومة إلى خلايا متفرّجة لا تقدم ولا تؤخر حيث تقوم بتبديل وظيفة خلايا الدم البيضاء وتغير من توزيعها، بل وفاعلية سمومها مثل الدودة الكبدية والبلهارسيا S.mansoni والملاريا الفتاكة . وتسمى هذه الطريقة بـ Modification of leucocyte function .

كما يقوم طفيل الملاريا ببعثرة الجهود المناعية وإدخال الجهاز المناعي في معارك بعيدة عنه؛ حتى يخلو له جو السيطرة على العائل عن طريق استثارة الجهاز المناعي لإفراز أجسام مضادة غير متخصصة على الإطلاق، وتسمى هذه الطريقة علمياً بـ Polyclonal lymphocyte activation .

أما النوع الخامس من هذه الوسائل فيكثر في الطفيليات التي تعيش لمدة طويلة في العائل قد تصل إلى عشرات السنين مثل البلهارسيا S. mansoni ألا وهي إنشاء رابطة بين مولد الضد الخاص بها والجسم المضادAntigen antibody interaction وتترسب هذه الرابطة في بعض الخلايا الحيوية مثل الكلى مسببةً الفشل الكلوي، والرئة مسببة الربو الشعبي.

الحرب ضد الأجسام الغريبة:

إن التفاعل المناعي بين الأنتيجن (antigen) أو البروتين الغريب (foreign protein) وبين الجسم المضاد (antibody) – هو تفاعل شديد الخصوصية.. بمعنى أن الجسم المضاد لا يتفاعل إلا مع الأنتيجن الذي أحدث وجوده فقط.. فعندما يصاب إنسان ما بمرض مثل الحصبة فإنه تتكون في جسمه نتيجة لذلك - أجسام مضادة لميكروب الحصبة تواجه وتحارب أي اجتياح آخر للجسم من نفس الميكروب، فلا يصاب نفس الإنسان بمرض الحصبة مرتين.. ويقال هنا إنه اكتسب مناعة (immunity) ضد الحصبة.. لكن وجود هذه الأجسام المضادة في جسم هذا الإنسان لا تكفل له مناعة ضد الإصابة بعدوى ميكروبية أخرى غير الحصبة.. فقد يصاب مثلاً بالغدة النكفية أو بالسعال الديكي أو غيرها من العدوى والإصابات الميكروبية المختلفة.. فإن الإصابة بمرض ما تكون محصنة للجسم ضد نفس الميكروب (الأنتيجن)،إلا إذا كان هناك ميكروب آخر شديد الشبه في تكوينه بالميكروب الذي أحدث تولد الجسم المضاد.. في هذه الحالة يتفاعل الجسم المضاد مع البروتين الشبيه - الآخر بكفاءة تتوافق مع درجة تشابهه وتقاربه من الأنتيجن الذي أحدث وجود الجسم المضاد في البداية.

هذه الأجسام المضادة (antibodies) تتولد في الجسم نتيجة تعرف الخلايا الليمفاوية الخاصة على بروتين غريب في داخل الجسم (the recognition of non-self or foreign protein)، أما في حالة حدوث خلل ما في التعرف المناعي المميز لبروتين الجسم عن البروتين الغريب عنه، فقد تقوم الخلايا المناعية بإعداد جيش من الأجسام المضادة الذاتية (autoantibodies) لمحاربة أحد بروتينات الجسم (self protein)، وينشأ عن ذلك أمراض يسببها هذا الخلل في الجهاز المناعي (immunologic diseases). لكن هذا مخالف للطبيعة التي تعمل من خلالها الخلايا الليمفاوية المناعية في الحالات العادية من أجل مهاجمة وإزالة السموم والأجسام الغريبة التي تجد طريقها إلى الجسم عن طريق العدوى أو الحقن أو عض الحشرات أو غيرها.

الالتهاب Inflammation .

عندما يخترق جسم غريب (أنتيجين) الأغشية السطحية للجسم، فإنه يسبب الالتهاب، وهو مجموعة من العمليات المعقدة، تحدث في مكان الإصابة، وله أربع علامات مميزة، هي: الاحمرار redness ،والسخونة hotness ، والورم swelling ثم الألم Pain ، وهي ما تسمى بتفاعل شوارتز وتظهر هذه العلامات المميزة للالتهاب؛ نتيجة تمدد الأوعية الدموية ولزيادة ورود الدم إلى مكان العدوى وزيادة النشاط الإنزيمي. ونتيجة للالتهاب الناتج من الإصابة يزداد وصول الخلايا المناعية بالدم، ويزداد تركيزها حول الجزء المصاب فتعمل على مهاجمة الخلايا الغريبة.

وحدوث احمرار في مكان تواجد الجسم الغريب يكون نتيجة تدفق الدم بالأوعية الدموية ، ويكون مصحوباً بورم، ويعقب ذلك وصول خلايا كثيرة إلى مكان الالتهاب؛ لكي تشارك في العملية المناعية للتخلص من الجسم الغريب ، ومن المظاهر المصاحبة للالتهاب ارتفاع درجة الحرارة نتيجة إفراز مواد بواسطة خلايا تسمى السيتوكينات. وفي حالة الإصابة الشديدة، فإن الخلايا الليمفاوية تصل إلى مكان الالتهاب لتنقسم وتتكاثر.

الآثار المفيدة والضارة للالتهاب:

أ‌- إن تدفق الدم في المكان الملتهب يسهل وصول الخلايا البيضاء والخلايا الليمفاوية إلى مكان الإصابة.

ب‌- خروج البروتينات مع السوائل وحدوث جلطات في مكان الالتهاب يحد من انتشار المادة الضارة، ويسهل حركة الخلايا التي تساهم في عملية الالتئام.

ت‌- يؤثر الالتهاب على وظيفة العضو المصاب، وبذلك يحد من نشاطه وقدرته على العمل والأداء.

الاستجابة الالتهابية Inflammatory Reaction

متى ما حدث خدش او إصابة صغيرة في الجلد يلاحظ حدوث سلسلة من التغيرات التي تعرف بالاستجابة الالتهابية. إذ تتصف المنطقة الملتهبة باربع علامات هي: الاحمرار والالم والانتفاخ والحرارة. وتعد خلايا المشتقة من الكريات البيضاء القاعدية احدى الخلايا المشاركة فعند حدوث تلف في موقع معين، تتحطم خلايا الوعاء الشعري وخلايا انسجة اخرى محررة مادة البرادى كنين التي تؤدي إلى توليد نبضات عصبية وبالتالي الاحساس بالالم. كما وتسبب تحفيز خلايا لتحرير الهستامين ويؤدي الهستامين مع البرادي كنين إلى توسيع الاوعية الشعرية وزيادة النضوحية فتؤدي إلى تسرب البروتينات والسوائل مسببة انتفاخ المنطقة. وان زيادة درجة الحرارة تقلل من عدد الميكروبات المهاجمة وتزيد من عملية الالتهام والتي تقوم بها كريات الدم البيضاء . إن أي خدش يصيب الجلد يسمح للميكروبات بالدخول الى الجسم ، إذ انها تحفز هجرة الكريات البيضاء المتعادلة إلى موقع الاصابة، وتتحرك الخلايا النتعادلة حركة اميبية ، حيث يمكنها تغيير شكلها في اثناء مرورها خلال جدران الوعاء الشعري إلى السائل النسيجي وتقوم الكريات البيضاء المتعادلة بالتهام الجراثيم بعملية الالتهام . وتتحطم الجراثيم بواسطة الانزيمات المحللة الموجودة في الجسيمات الحالة (اللايسوسومات) بعد ارتباطها مع الحويصلات البلعمية . تتخصص الخلايا وحيدة النواة لتكوين خلايا ملتهمة كبيرة التي لها القابلية على التهام المئات من الجراثيم والفايروسات وتبقى حية. وهناك عدد من الانسجة لا سيما النسيج الرابط الذي يحتوي على خلايا ملتهمة تقوم بالتهام خلايا الدم المسنة واجزاء من النسيج الميت والبقايا الاخرى. فضلا عن ذلك ، فان للخلايا الملتهمة القابلية على احداث زيادة في عدد خلايا الدم البيضاء من خلال تحريرها لعامل نمو الذي ينتقل مع الدم إلى نخاع العظم الاحمر حيث يحفز عملية تكوين وتحرير خلايا الدم البيضاء المتعادلة وان الكريات البيضاء المتعادلة اليتة مع خلايا النسيجية الميتة والجراثيم الميتة وخلايا الدم البيض الحية تؤلف ما يسمى بالقيح الذي هو عبارة عن سائل اصفر كثيف القوام. ويشير وجود القيح إلى أن الجسم يحاول التغلب على الاصابة.

البروتينات الوقائية Protective Proteins

ان النظام المتمم (او يسمى المكمل) عبارة عن عدد من بروتينات البلازما التي يشار اليها بالحرف مع رمز او رقم اسفل الحرف . وحالما ينشط بروتين المتمم فإنه ينشط بروتينا آخر ، وان المحصلة هي سلسلة من التفاعلات . وان تنشيط السلسلة يستلزم وجود كمية قليلة من البروتينات اللاحقة في السلسلة . وينشط المتمم عند دخول الميكروب إلى الجسم . وهناك سلسلة من التفاعلات التي تكتمل عندما تقوم بروتينات المتمم باحداث ثقوب في جدار خلية الجراثيم وفي أغشيتها . اذ تخرج ايونات البوتاسيوم ، وتدخل السوائل والاملاح إلى خلية الجرثومة إلى الحد الذي تنفجر فيه . كما ويقوم المتمم بتحرير مواد كيمياوية تجذب الخلايا البلعمية إلى موقع الاصابة ، وبذلك فانه يتمم بعض الاستجابات المناعية . وهذا يفسر كلمة المتمم. فعلى سبيل المثال هناك عدد من بروتينات المتمم ترتبط بسطوح الميكروبات المغطاة مسبقا بالجسام المضادة

وهذا ما يضمن قيام الكريات البيضاء المتعادلة والخلايا الملتهمة بالتهام الميكروبات

عندما يصيب الفايروس خلية نسيجية ، فان الخلية المصابة تقوم بتكوين وافراز الانتروفين (احد انواع اللمفوكاين) حيث يرتبط الانتروفين بمستقبلات الخلايا غير المصابة . ويؤدي هذا لتأثير إلى تهيئة الخلايا للهجوم المحتمل من خلايا تكوين مواد تتداخل مع عملية استنساخ الفيروس ، ويكون الانتروفين متخصصا لنوع معين ، أي يمكن استعمال الانتروفين البشري في الإنسان نفسه، وفي الوقت الحاضر يصنع الانتروفين باستعمال تقنية اعادة الاتحاد .

الأنتيجين Antigen :

الأنتيجين ويعرف ببساطة بأنه الجسم الغريب أو الجزء من الجسم الغريب (فيروس أو ميكروب أو أي جسم غريب)، الذي يخترق جسم الإنسان فيتعرف عليه الجهاز المناعي، ويتفاعل ضده لكي يوقف أضراره.

بعض السيتوكينات:

أولاً: الإنتروفين IFN :

الانتروفين عامل مضاد للفيروسات دون تخصص لفيروس معين، ولكنه متخصص بالنسبة لخلايا نوع العائل التي أنتجته أو المستخلص منه بمعنى أن الإنتروفين الذي أنتجته خلايا آدمية يحمى بشكل أساسي خلايا الإنسان.

إن معظم الخلايا تستطيع أن تصنع الانتروفين استجابة للعدوى الفيروسية أو البكتيريا، أو عندما تتعرض لبعض السيتوكينات، ويوجد أنواع من الإنتروفين منها ألفاً الإنتروفين، جاما انتروفين، بيتا انتروفين.

وباختصار فإن السيتوكينات تنظم إستجابة الجسم بالخطوات التالية:

1- إحداث الإلتهاب.

2- تنشيط الجهاز الدفاعي عن طريق الجهاز العصبي المركزي.

3- إحداث تكاثر في بعض الخلايا لتقوية الإستجابة ولإصلاح الإصابة.

ثانياً: الانترلوكين IL

وهو عبارة عن مادة بروتينية ذائبة تفرز من خلايا الدم البيضاء (بعضها من الخلايا الليمفاوية وبعضها من الخلايا الملتهمة) وله 18نوعاً ، ووظيفته تنشيط الجهاز المناعي من خلال تنشيط الخلايا الليمفاوية المساعدة Thelper cells، كما يقوم بالعمل كوسيط لعمليات المناعة والالتهابات، ويعتبر الانتلوكين2 مهماً جداً لتكاثر الخلايا وانتشار السيتوكينات الأخرى، كما أنه مهم جداً لتنشيط وظائف الخلايا الليمفاوية (ب) Blymphctes والخلايا البالعة والخلايا القاتلة الطبيعية، وتوجد له مستقبلات خاصة على الخلايا المستهدفة Targef cells لتنشيط ولإحداث مناعية.

ثالثاً: عامل تحلل الورم TNF

وهو عبارة عن مادة تنتج بالخلايا البالعة أو الملتهمة (مينوسايت ونتروفيل)، وله القدرة على قتل خلايا الورم ويدل وجوده على التهاب، أو ورم (الإصابة)، ويوجد نوعان من TNF ويؤثر منها TNF∞ وتفرزه الخلايا الملتهمة TNFB وتفرزه الخلايا الليمفاوية TNF يؤثر على الخلايا المنقسم ويعمل على تحليلها وتكسيرها عن طريق مستقبلات خاصة به على الخلايا المستهدفة لإحداث تنشيط بيولوجي خاص به فمثلاً يحدث إمداد الدم لمنطقة الورم مما يسبب موته ومع انتشاره.

الدم:

هو سائل لزج أحمر اللون معتم كثافته 1,065:1,055 يملاء الأوعية الدموية، ويندفع إلى جميع أجزاء الجسم بفضل انقباض عضلة القلب.

يبلغ حجم الدم في الجسم حوالي 5 لترات ، بما يوازي 9% من وزن الجسم.

وظائف الدم:

1) عملية التنفس.

2) التغذية.

3) عملية الإخراج.

4) التوازن المائي للجسم.

5) تنظيم عملية التمثيل الغذائي.

6) المناعة: يحتوي الدم على خلايا الدم البيضاء، ومنها الخلايا الليمفاوية ت، ب كما أنه ينتج الأجسام المضادة التي تقوم بدور حماية الجسم ووقايته من الأمراض.

تركيب الدم:

يتكون الدم من جزئين رئيسيين:

· الجزء الأول خلايا الدم: وهو حوالي (45:40%) من الدم ، يكون عبارة عن خلايا منفصلة، تسمى خلايا الدم، وتشمل كرات الدم الحمراء والبيضاء والصفائح الدموية.

· الجزء الثاني البلازما: وهو الجزء السائل ويكون (60:55%) من الدم، والذي يحتوي على (92ك90%) من الماء بنما يشكل الجزء الباقي (10:8%) مواد عضوية وغير عضوية. هذا وتشكل بروتينات الدم الأكبر من المواد العضوية.

كرات الدم الحمراء :

كرات على شكل أقراص مقعرة السطحين، لها جدار رقيق، وليس لها نواة تحتوي بداخلها على مادة الهيموجلوبين وهي عبارة عن مركب من الحديد والبروتين والهيموجلوبين هو الذي يعطي الدم لونه الأحمر. ومن مميزات هذا المركب أنه سهل الاتحاد بالأكسجين ، ولذلك سميت كرات الدم الحمراء حاملة الأكسجين.

كرات الدم البيضاء :

تعتبر كرات الدم البيضاء من الناحية المورفولوجية والفسيولوجية خلية عادية من خلايا الجسم، حيث تحتوي على النواة والبروتوبلازم، وتتكون الكرات البيضاء في الغدد الليمفاوية والطحال ونخاع العظام ويتراوح عددها ما بين ( 5000-10000 كرة في المليمتر المكعب )، وتختلف الخلايا البيضاء عن الخلايا الحمراء بعدم وجود الهيموجلوبين، ولكنها تتميز بوجود نواة. وفي الحقيقة فإن اللون الأصلي لهذه الخلايا يعتبر شفافاً، ولكنه نتيجة لانعكاس الضوء...فهي تظهر تحت المجهر باللون الأبيض، وتقوم الخلايا البيضاء بوظيفتها الأساسية في الدفاع عن الجسم ضد الأمراض؛ حيث تنقسم إلى عدة أنواع، يقوم كل نوع منها بوظائفه الخاصة في الوقاية ومقاومة الأمراض وتظهر أهمية هذه الخلايا إذا تعرض الشخص لالتهاب معين؛ نتيجة دخول أي جسم غريب في الجسم. وهناك نوعان أساسيان لكرات الدم البيضاء تبعاً لتكوينها من حيث وجود حبيبات في السيتوبلازم Granules والنوع الآخر لا يحتوي على حبيبات Nongronules .

أ‌- كرات الدم البيضاء ذات الحبيبات: Granular

وتنقسم إلى ثلاثة أنواع نشطه:

1-خلايا متعادلة الصبغ (النيتوفيل Neutroplil

وتشكل حوالي من (50-70%) (3000-6000) من العدد الكلي لكرات الدم البيضاء وتأخذ اللون البنفسجي، وهي التي بالمحايدة نظراً لحيادها عن الحمضي والقلوي، وتتميز بكبر حجمها، كما أنها تحتوي على نواة، وتسمى تلك الكرات بالبالعة أو الملتهمة نظراً لقدرتها على التهام البكتيريا بطريقة خاصة بها؛ حيث إنها تحيط بالأجسام الغريبة وتحتويها، كما أنها تتعرض للفقد أو الموت أثناء الدفاع عن الجسم. وينتج عن ذلك تكوين الخلاسيا الصديدة، وهي تقوم بالتسلل عبر جدران الشعيرات الدموية إلى الأنسجة المصابة عند الحاجة لالتهام البكتيريا، وذلك بفضل قدرتها على الحركة الأميبية وتعتبر خط الدفاع الأول للجسم ضد أي جسم غريب.

2-خلايا حمضية الصبغ (الازينوفيل Eosinophil )

وتشكل حوالي (2-4%) أي (150-300) من العدد الكلي لكرات الدم البيضاء ويحتوي السيتوبلازم على حبيبات كبيرة متساوية الحجم، وتفاعلها حمضي، وصبغتها إما وردية أو حمراء وهذا النوع يتكاثر ويزداد في لعدد عندما يهاجم الجسم طفيليات أو بكتيريا؛ حيث إن طريقتها في الدفاع عن الجسم تختلف عن السابقة، فهي تزداد في محاولة لمنع الميكروبات، وهذا يظهر في حالات معينة من التهابات الأتسجة أو الحساسية وتؤثر تلك المواد على جدران الأوعية الدموية، وتتجكم في تدفق الدم للأجزاء المصابة. كما انها تفرز الهيبارين عندما يصاب الفرد بالالتهاب والغرض من ذلك هو منع تجلط الدم لتسهيل حركة الخلايا.

ب- كرات الدم البيضاء عديمة الحبيبات: Agranular

وتنقسم إلى نوعين، هما:

1- خلايا لمفاوية (الليمفوسايت Lymphocyte )

وتشكل حوالي (20-40%) (1500-400) من العدد الكلي للكرات البيضاء وهي خلايا صغيرة الحجم وبها نواة وتحاط بطبقة رقيقة من السيتوبلازم وهي نوعان: أحدهما يطلق عليه خلايا ليمفاوية ت وخلايا ليمفاوية ب، وهي تختصبتكوين أجسام مضادة للسموم التي تدخل الجسم، كما تساعد الجسم في اكتساب مناعة وقوة دفاعية ضد الأمراض التي تغوز الجسم.

2- خلايا بالعة كبيرة (المونوسايت Monocyte )

وتشكل حوالي (2-8%) (300-600) من العدد الكلي للكرات البيضاء وهي خلايا كبيرة تساعد النتروفيل في التهام مخلفات تحلل الخلايا والأنسيجة. وتملك تلك الخلايا قدرة كبيرة على الحركة والتسلل عبر جدار الشعيرات الدموية، كما تقوم ببناء سموم مضادة للبؤرة الالتهابية، ويطلق عليها أنها من النوع المتحرك حيث تتجه نحو الميكروبات للقضاء عليها، ويطلق عليها أيضاً في بعض الاحيان الخلايا المنظفة؛ حيث تدفع وتزيل الاجسام الغريبة وبقايا الجراثيم.

مكان تكوين كرات الدم البيضاء:

أ‌- كرات المحببة:

تتكون من نخاع العظام

ب‌- كرات غير المحببة:

تتكون في الأنسجة الليمفاوية كالطحال والكبد والغدد الليمفاوية.

مدة حياة كرات الدم البيضاء:

وهي قصيرة العمر جداً إذا ما قورنت بكرات الدم الحمراء، فعمرها حوالي بضع ساعات في حالة الخالايا الليمفاوية ومن يوم إلى يومين في بقية الخلايا البيضاء.

التغيرات في عدد كرات الدم البيضاء:

أ‌- يزيد عددها في الأطفال والحوامل وجميع الأمراض الحادة مثل الالنهاب الرئوي.

ب‌- ويقل عددها في حلالات الأمراض المزمنة كالتيفود وسوء التغذية، وإذا تعرض النخاع الأحمر لسوء (لتلف).

وظائف كرات الدم البيضاء:

تقوم كرات الدم البيضاء بعديد من الوظائف المهمة وهي:

1- الوظيفة الأساسية لها هي الدفاع ضد غزو الميكروبات، فالنيتروفيل مثلاً عن طريق حركته الاميبية يغادر الجهاز الدوري إلى أي مكان لمواجهة الميكروبات حيث تلتهمه وتحلله. وأثناء حرب الخلايا البيضاء مع الميكروبات يموت بعضها وهذا يكون الخلايا الصديدة.

2- تفرز خلايا الأزينوفيل مادة الهستامين التي تؤثر على الأوعية الدموية؛ فتسبب اتساعها كما تزيد في حالات الحساسية بالجسم.

3- تفرز البيزوفيل مادة الهيبارين التي تمنع تجلط الدم.

4- تفرز الخلايا الليمفاوية الأجسام المضادة، التي إما أن تعادل سموم الميكروبات أو تعمل على ترسيب الميمكروبات.

5- وظيفة المونوسايت : فهي مثل النيتوفيل نشاطه التهام البكتيريا، ولكنها لكبر حجمها فهي تستطيع الالتهام، وكذلك تساعد على التئام الأنسجة.

زيادة عدد كرات الدم البيضاء في الدم:

يبلغ متوسط عدد كرات الدم البيضاء في الدم، كما ذكرنا حوالي سبعة آلاف كرة في الملليمتر المكعب.

ويرتفع هذا العدد في الحالات الآتية:

- الإرهاق الشديد.

- الاورام الخبيثة.

- النزيف الغزير.

- انسداد في شرايين أي عضو وخاصة القلب أو المخ.

- في مختلف أنواع اللوكيميا (سرطان الدم).

كما أن الإصابة بمختلف الكائنات الغريبة من فيروسات وطفيليات وميكروبات تزيد معها نوع من كرات الدم البيضاء وهذا من السهل معرفته من خلال غجراء التحليل النوعي لكرات الدم البيضاء .. مع ملاحظة أنه في الحالات الطبيعية لا تزيد هذه الخلايا عن 3:2% من العدد الإجمالي.

نقص كرات الدم البيضاء:

يحتاج جسم الإنسان في تكوين كرات الدم البيضاء إلى عديد من الأحماض الامينية والفيتامينات والأملاح المعدنية.. وكذلك سلامة النخاع، كمكان لتكوين تلك الكرات. ولذلك نجد أن النقص الذي يحدث لكرات الدم البيضاء يرجع على ما ياي:

- زيادة تعاطي المضادات الحيوية.

- الأنيميا وسوء البتغذية.

- الإفراط في ممارسة الرياضة العنيفة والوصول إلى الحمل الزائد.

- زيادة بعض الهرمونات مثل الكورتيزن.

- في حالة الإصابات الفيروسية.

- تعاطي بعض الأدوية مثل الثيويوراسيل، الذي يعالج به زيادة لإفراز الغدة الدرقية.

وبالطبع عند انخفاض كرات الدم البيضاء، تضعف مناعة الجسم ومقاومته للأمراض، ويصبح عرضه لعديد من الأجسام الغريبة والجراثيمك التي تسبب الأمراض المختلفة.

الصفائح الدموية:

وهي أجسام صغيرة جداًَ بيضاوية يتراوح قطرها منة2 إلى 5 ميكرون وليس لها نواة، وفترة حياتها حوالي خمسة أيام يأخذها بعد ذلك الطحال لتفتيتها.

وظائف الصفائح الدموية:

ووظيفة هذه الصفائح أنها تسبب تجلط الدم عند حدوث الإصابة، كما تعمل على تكوين سدادة صغيرة تسد الشعيرات الدموية النازفة،وكذلك تفرز مادة السيروتونين القابضة للأوعية الدموية، حتى يقل تدفق الدم في منطقة الجرح؛ ليساعد ذلك على غلق الوعاء الدموي النازف.

بلازما الدم:

عبارة عن سائل شفاف قلوي التفاعل، يميل إلى الاصفرار، ويبلغ حجم البلازما 55% من حجم الدم.

أسباب ضعف المناعة :

1- الحالة النفسية :

تعتبر الحالة النفسية من أكثر العوامل التي تؤثر في المناعة إيجابياً أو سلبياً ، فالضغط العصبي يؤدي إلى ضعف المناعة لدي الفرد .

2- سوء تنظيم التدريب الرياضي :

ارتجالية المدرب في التدريب عدم تحديد القمة التي يهدفها المدرب ، للوصول بفريقه إلى تلك القمة ، مما يجعل هناك عدم تناسق في الأحمال البدنية ، والدخول في دوامة الحمل الزائد والتعرض لبؤرة العدوى .

3- التكيف :

عندما تزداد الأحمال البدنية والإجهاد في العمل بدرجة كبيرة ، تفوق تحمل الفرد من التخلص من التأثير الناتج عن الإجهاد باستخدام وسائل استعادة الشفاء المختلفة ، تفشل عملية التكيف Failing Adaptaion

مما يؤدي إلى ضعف المناعة لدي الفرد .

4- العلاج الخاطئ :

العلاج الخاطئ للإصابات والأمراض ، وقد بينا من قبل استخدامات الهرمونات (الكورتيزون وهايدروكورتيزون) وهي موان مثبطة للمناعة ، وكذلك استخدام المواد المشعة وبعض المواد الكيماوية التي تعرقل انقسام الخلايا .

5- السن :

يؤثر عامل السن على المناعة ، فتكون المناعة أقل ما يمكن في سن الطفولة ،وكذلك أقل ما يمكن بالنسبة للشيخوخة وتكون في أحسن حالاتها في الشباب .

6- بؤرة العدوى :

ففي حالة وجود بؤرة العدوى ،فإن الجهاز المناعي يكون في حالة ضعف ، ويكون الجسم معرضاً للإصابة بالعدوى المرضية ، وضعف قدرته على القيام بوظائفة .

دور الجهاز المناعي عند الشعور بالألم:

عندما بتعرض الفرد للمرض أو يصاب لاعب بكدمة في مفصل القدم مثلاً فماذا يحدث ؟ تبدأ رسالة الألم من خلال إفراز مواد كيميائية معينة ، تتواجد بصفة دائمة وبوفرة بالقرب من النهايات العصبية في أعضاء الجسم ، مثل : مواد البروستاجلاندين براد يكنين ، وهذه المواد تنبه النهايات العصبية لأعصاب الإحساس ، لتنقل إشارات الألم من مكان الألم (مفصل القدم مثلاً) إلى المخ ، عن طريق قنوات عصبية في الحبل الشوكي داخل العمود الفقري ، وهذا ما يسمونه برد الفعل الغاضب response Angry للأنسجة ، والتي تستدعي بدورها كرات الدم البيضاء لتقوم بدورها في عملية الالتئام ومنع حدوث عدوى في مكان الإصابة .

كما أن الجهاز المناعي يقوم بدوره الرئيسي عند حدوث الإصابة أو العدوى أو المرض ، فعند حدوث كدمة أو لإصابة بأي مفصل ـ وليكن الركبة ـ فإنها تؤدي إلى حدوث التهاب فتقوم الخلايا الدفاعية بالأوعية الدموية بهذا المفصل ، الذي تعرض للإصابة بتكوين بروتينات عبارة عن جزيئات لاصقة ، تؤدي إلى التصاق هذه الخلايا الدفاعية بالجزء المصاب بالعدوى للدفاع عنه ضد الميكروبات والأجسام الغريبة التي تكونت .

خطة الجهاز المناعي عند حدوث الإصابة :

نحاول هنا أن نوضح الدور الدفاعي للجهاز المناعي عند التعرض للإصابة ، وكيفية مواجهتها والتعامل معها ، والمراحل التي تمر بها حتى العودة بالعضو المصاب إلى الحالة التي كان عليها قبل التعرض للإصابة .

أ- الإصابة :

عند حدوث إصابة ، سواءً كانت كدمة نتيجة الصدمة أو الاحتكاك أو لحركة مفاجئة أكبر من المدى المحتمل للعضو مثل حالات الشد أو التمزق العضلي أو مثل الجزع أو التمزق في الأربطة أو الأوتار ، مما ينتج عنه نزيف داخلي ناتج عن التهتك في الأنسجة وفي الأوعية الدموية . وفي هذه الحالة يخرج الدم من مساره الطبيعي مكوناً جسماً غريباً (أنتيجين) يؤدي إلى خلل في مكان الإصابة ، ويؤدي إلى تقليل أو توقف عمل العضو في أدائه للحركة ، وهذا ما يظهر في شكل ورم وتغير لون الجلد وعدم القدرة على الأداء والألم أثناء الضغط مكان الإصابة ، مما يؤدي إلى عدم قدرة الشخص على الأداء ، مما يقلل من فاعلية الأداء .

ب- تنشيط الخلايا المناعية :

مع بداية حدوث الإصابة وظهور الأنتيجين في الجسم ، فإن الخلايا الأكولة تتصدي لها ثم تحيط وتلتهمه ... وإذا لم تستطع حسب شدة ودرجة الإصابة والأنتيجين المتكون عنها ، فإنها تقوم بالتعرف عليه ، ثم تحملة الخلايا الملتهية " ماكروفاج " ، وتقدمه إلى الخلايا الليمفاوية التائية المساعدة ، مصاحباً للبصمة الجينية لها MHC ، ويكون هذا بمثابة إنذار لكل خلايا الجهاز المناعي ، بأن هناك جسماً غريباً دخل بيئة الجسم ويبدأ دور خلايا الجهاز المناعي حسب نوع هذا الأنتيجين في التصدي له حتى عودة الجزء المصاب إلى ما كان عليه ، وحسب نوع الأنتيجين تقوم الخلايا (ب) بإفراز الأجسام المضادة التي تتشابه في تركيبها مع تركيب الجزء الغريب المكون الأنتيجين ، والتي تبدأ في التصدي له حتى توقف نشاطه ثم تقضي عليه .

ج- الوظيفة المناعية :

وبعد ذلك تبدأ الخلايا البالغة " المكروفاج " في إفراز السيتوكينات ، وهذه المواد بعضها يستخدم في تنشيط خلايا الجهاز المناعي ، وبعضها له تأثير على إيقاف نشاط الجسم الغريب ومنها (الانترليوكين والانترفيرون .. الخ)، وهكذا نجد أن السخونة التي تحدث لمكان الإصابة ، إنما هي ضمن وسائل الدفاع التي يستخدمها الجهاز المناعي ، وبعد أن تتمكن خلايا الجهاز المناعي من السيطرة على التفاعلات الناتجة ، يعود دور السيتوكينات في تحويل الخلايا الأكولة إلى ملتهم لنواتج هذه الإصابة .

د- نهاية الدور الدفاعي للجهاز المناعي :

يتم هذا من خلال تنشيط نوع آخر من الخلايا التائية يسمي NK eells ، أو الخلايا القاتلة الطبيعية ، ويشارك فيها جهاز المكمل Complement يسهل ابتلاع الأنتيجين الناتج عن الإصابة ، وتفرز مواد كيماوية تسهل قتله والتخلص منه وعودة العضو المصاب إلى حالته بالتدرج ، ثم تقوم الخلايا التائية المثبطة Ts بإرسال إشارات كيميائية من خلال السيتوكينات لتثبط نشاط الجهاز المناعي ، بعد التخلص من مخلفات إصابة أو الأجسام الغريبة (ميكروبات ، فيروسات .. الخ) في حالة الإصابة بالأمراض ، وذلك حتى لا تقوم خلايا الجهاز المناعي بمهاجمة بعضها البعض ، وتؤدي إلى إصابات بالغة لا يمكن علاجها ، وهذا ما يحدث في حالات أمراض المناعة الذاتية ، حيث ينشط الجهاز المناعي ، ويوجه هجومه ضد أحد أعضاء الجسم

تقوية وزيادة كفاءة الجهاز المناعي

إن الاعتدال في كل شئ هو سر استقرار الجهاز المناعي وزيادة كفاءته في أداء دوره الدفاعي على الوجه الأكمل ، وذلك عن طريق مراعاة العوامل الاعتدالية التالية :

1- إعطاء التطعيمات في مواعيدها.

2- الابتعاد عن الضغوط النفسية والتوتر العصبي .

3- عدم الإجهاد في العمل الدراسة .

4- المتابعة المستمرة لحالة الرياضي الصحية .

5- الإقلال بقدر المستطاع من تناول الأدوية .

6- الإقلال من تناول المواد الدهنية وتناول الكم المناسب من البروتينات والفيتامينات مثلC-A

7- عدم التدخين والابتعاد عن المكسرات والمخدرات وعوادم السيارات .

8- الاعتدال في ممارسة الرياضة وعدم الوصول إلى الحمل الزائد والإعياء .

9- عند ظهور أعراض المرض على الرياضي ، يجب تخفيض شدة ودوام الأحمال التدريبية .

10- عدم التعرض المباشر للتغيرات المناخية المفاجئة .

التغذية والجهاز المناعي:

تلعب التغذية دوراً هاماً في حياة أي نسيج أو عضو أو داخل جسم الإنسان ،لا يمكن يحيا دون الغذاء الذي هو ضروري لحياة كل خلية من الخلايا المكونة للجسم ففي حالة عدم توافر الغذاء المناسب والكافي للإنسان ، فسوف يؤدي إلى اختلال في الأداء الفسيولوجي لأجهزة الجسم بحيث لا تؤدي وظيفتها وتبدأ في الضمور ، ويمرض الإنسان وقد تنتهي به إلى الموت .

ويعد الجهاز المناعي مثله مثل أي جهاز في الجسم الإنسان ، يحتاج إلى الغذاء المناسب حتى ينمو وتزداد فيه عمليات البناء ، ويقوم بأداء وظائفه على أكمل وجه ، كذلك القيام بدوره الدفاعي .

فالجهاز المناعي يشبه حرس الحدود الذي يقوم بحراسة البلاد ، فإذا لم يتم الاهتمام بتغذية هؤلاء الحراس ، فسوف يصيرون أشباحاً هزيلة ، وبالتالي لا يستطيعون أن يقوموا بوظائفهم الدفاعية ، وهنا تكون البلاد معرضة للغزو الخارجي ، وهذا يشبه ما يحدث للجهاز المناعي ، فإذا لم يتم الاهتمام بتغذية الإنسان وأجهزته ومنها الجهاز المناعي ، فسوف يضعف وتقل قدرته في الدفاع عن الجسم ، وبتالي الإصابة بالعدوى والمرض والموت في بعض الحالات مثل الإيدز .

إن التغذية الصحية السليمة التي تؤدي إلى زيادة كفاءة أجهزة الجسم ، لابد أن تكون متوازنة وتحتوي على جميع العناصر الغذائية ... وهنا لابد أن نذكر قول الله تعالى " كلوا من طيبات ما رقناكم " ... صدق الله العظيم ( سورة الأعراف آية 160 ) .

المواد الغذائية والكفاءة المناعية :

1- الكربوهيدرات

تشمل الكربوهيدرات الجزء الأكبر والأهم في غذاء الفرد ، باعتبارها أهم مصدر لتوليد الطاقة اللازمة لعمل أجهزة الجسم ، فالكربوهيدرات تعمل على تنشيط حيوية الجسم وإعادة امتصاص مكونات سوائل الدم ، فيجعل الخلايا البالغة أكثر قدرة ونشاطاً في تحركاتها داخل الجسم .

2- البروتينات :

تدخل البروتينات في تشكيل الأجسام المضادة (الجلوبيولين)، التي تفرزها الخلايا (ب) والمسئولة عن المناعة الخلطية ، كما يؤدي نقص البروتينات إلى نقص المناعة الطبيعية عند الفرد ، والتي تمثل خط الدفاع الأول ضد المواد الضارة والميكروبات البسيطة ، كما تدخل البروتينات في تركيب النواة ومادة الستيوبلازم في الخلايا المناعية والمسئولة عن تجديدها ، ويكون البروتين المركب البروتينى (المكمل) ، والذي يعمل على تحضير الأجسام الغريبة من (فيروسات وميكروبات .. الخ) ، لتسهيل عملية التهامها بواسطة الخلايا البالغة .

3- الدهون :

وتعد المواد الدهنية أكثر المواد الغذائية تأثيراً على المناعة ، فارتفاع مستوي الكوليستيرول في الدم يؤدي إلى ضعف المناعة ، كما تؤدي زيادة الأحماض الدهنية إلى التقليل من القدرة والكفاءة المناعية .

تعتبر الدهون مصدراً من مصادر الجزيئات الحرة المسببة لعمليات الأكسدة ، كما تعمل الدهون على النفاد إلى داخل الخلايا الالتهامية phagocytes مما يفقدها قدراً من حساسيتها للأجسام الغريبة التي تهاجم الجسم ، كما تؤدي الدهون إلى إضعاف قدرة السيتوكينات ، نتيجة اختلال تركيب جدار الخلايا ،والذي يفقدها حساسيتها ، وبالتالي تقل الكفاءة الدفاعيى . كما أن زيادة في تناول الدون تؤدي إلى ضعف عملية تكاثر الخلايا الدفاعية ، وضعف إنتاج الأجسام المضادة في حالة هجوم الأجسام الغربية الضارة من فيروسات وميكروبات ... الخ .

الفيتامينات :

تلعب الفيتامينات دوراً مهماً في قيام الجهاز المناعي بوظائفة الدفاعية ، لقيمتها الكبيرة على المساعدة في عملية بناء الخلايا المناعية وزيادة نشاطها الدفاعي ، وعلى الرغم من قلة الكمية التي يحتاجها الفرد منها ، إلا أنه لا يمكن العيش دونها ، ففي حالة نقصها يتعرض الجسم لمختلف الأمراض ، والتي يفشل جهاز المناعة في التعامل معها نتيجة لاحتياجها لهذه الفيتامينات ، فمثلاً :

فيتامبن(أ)

المصدر الأساسي له هو الكاروتين Carotene ، وهو أحد أهم مضادات الأكسدة التي تقي من الأمراض، وقد أثبتت الأبحاث أن فيتامين(أ) يعمل كمنشط عام للجهاز المناعي، ويعمل على زيادة الخلايا القاتلة الطبيعية NK cells ، والتي تعمل على مقاومق تكوين السرطان كما يعمل على منع تكون الكلسترول في جدار الشرايين التاجية، أما نقص فيتامين(أ) فيؤدي إلى ضمور في الغدة التيموسية، يصاحبها نقص في وظائف الخلايا المناعية كما يؤثر على نسبة مستوى الجسم المناعي(IgA).

فيتامين(ب)

يقوم بالدور الأساسي في عملية تمثيل واحتراق النشويات لأطلاق الطاقة، كما يدخل كمجموعة مرافقة في تركيب بعض الأنزيمات المشتركة في دورة كريبسن، وفي حالة نقص هذا الفيتامين يؤدي إلى إنخفاض في عدد الخلايا T,B ، أيضاً يؤدي نقص هذا الفيتامين إلى اضطراب في العقل وضعف في القلب ومرض البري بري Beri-Beri ، والذي يتمثل في خفض وزن الجسم وفقد الشهية وتراخي العضلات، كما يتعرى الجسم التعب مع أقل مجهود رياضي. ويوجد هذذا الفيتامين في الخبز الأسمر والخميرة والحمص والعدس والبسلاة والكبد والكلاوي والقلب البقري واللبن.

فيتامين(هـ)

وهو يعمل كمرافق لعدد من الإنزيمات التي تدخل في تفاعلات حامض البربيوك. وله دور مهم في عملية الأيض، وتوافر هذا الفيتامين يزيد من كفاءة الخلايا المناعية في مقاومة الإصابة بالأمراض ويزيد من فاعلية الخلايا الليمفاوية في قتل الفيروسات والميكروبات كذلك يساعد تواجد هذا الفيتامين في غذاء الفرد في المحافظة على كفاءة الجهاز المناعي عند كبار السن. ويوجد هذ الفيتامين في صفار البيض والكلاوي والكبد واللبن والحبوب.

فيتامين (ج)

ويعد هذا الفيتامين ضرورياً لتكوين الأنسجة؛ وخاصة النسيج الضام؛ فهو يؤثر على عملية صنع الكولاجين، كما يؤثر على عدد من الإنزيمات، منها إنزيم الكاتليز والاستيريز والارجينيز، كما يزيد من كفاءة الجهاز المناعي في مقاومة الميكروبات والفيروسات من خلال نشاط الخلايا البالعة والخلايا الليمفاوية وتكوين الاجسام المضادة، ويؤدي نقصه إلى الإصابة بمرض الاسقربوط، الذي يتمثل في ضعف قدرة الجسم المناعية والذي يظهر على شكل ضعف عام وألم في المفاصل والشعور بالتعب. ويوجد هذا الفيتامين في الكبد البقري والفواكه وأوراق الخضروات الطازجة والفلفل والطماطم.

فيتامين (د)

يعد هذا الفيتامين من أهم الفيتامينات في حياة الفرد وأرخصها؛ حيث يمكن الحصول عليه من مصادر أخرى غير الغذاء مثل أشعة الشمس وفي حالة نقصه يسبب لين العظام ويعد هذا الفيتامين مساعداً أساسياً للمناعة الطبيعية، التي تقي الطفل من التعرض لهذا المرض، كما يحفز الخلايا الليمفاوية والخلايا البالعة.

كيف نقوِّي جهاز المناعة عند الأطفال:


ليس ثمة شك أن أي ضعف في جهاز المناعة ـ خصوصاً عند الأطفال ـ يعني إمكانية إصابة الطفل بأخطر الأمراض ابتداء بنزلات البرد والأنفلوانزا وانتهاء بمرض الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي، وخصوصاً أن الدراسات الحديثة تطالعنا بأن جهاز المناعة يقوى ويرتفع مستوى كفاءته في مقاومة الأمراض، باتباع بعض الإرشادات والوصايا الوقائية، والتي قمت بتلخيصها فيما يلي:


أولاً: الاهتمام بتقديم الخضراوات والفاكهة في طعام الطفل·
يجب على الأم تقديم الكثير من الخضراوات والفاكهة في طعام طفلها، لأن هذه الأطعمة تحتوي على نسبة عالية من الفيتامينات والأملاح المعدنية اللازمة لتكوين المناعة الطبيعية، وتقوم الفيتامينات بدور مهم في قيام جهاز المناعة بوظيفته على الوجه الأكمل·
ولقد لوحظ أن نقص فيتامين (أ) ينتج منه ضمور في الغدة الثيموسية، ويصاحب ذلك قصور في وظائف الخلايا المناعية، كما أن باقي الفيتامينات مثل: (ج)، (ب2)، (ب21)، وحمض الفوليك، كلها تؤثر سلبياً على نشاط الجهاز المناعي عندما تنخفض كميتها بالجسم، كما أن نقص الأملاح المعدنية مثل الحديد والنحاس والزنك يقلل من نشاط جهاز المناعة·
ولقد وجد أن أكثر المواد الغذائية تأثيراً على المناعة هي المواد الدهنية، فمثلاً ارتفاع نسبة الكوليسترول يعمل على إضعاف جهاز المناعة، وعلى ذلك فإن الإقلال من المواد الدهنية والإكثار من الخضراوات والفاكهة التي تحتوي على الفيتامينات والأملاح المعدنية يوفر ظروفاً مناسبة لأداء الجهاز المناعي لدوره بكفاءة عالية·

ثانياً: الاهتمام بالنظافة الشخصية والابتعاد عن مصادر العدوى·


وهذا من شأنه منع انتشار الجراثيم المسببة للأمراض، وهذا لا يعني زيادة مناعة الطفل، ولكنها طريقة مثلى لتقليل الضغط على الجهاز المناعي للطفل·
ويعتمد ذلك على تعليم وتعويد الطفل على اتباع العادات الصحية السليمة ومراعاة قواعد النظافة العامة والصحة العامة مثل: غسل الأيدي قبل الأكل وبعد قضاء الحاجة وبعد اللعب، وتغطية الفم والأنف عند السعال، والتخلص من إفرازات الفم والأنف في المناديل الورقية، وعدم الاستخدام المشترك للأدوات الشخصية مثل فرشاة الأسنان أو الفوط أو المناديل··· إلخ·
كما يجب نظافة الطعام والشراب، ومكافحة الحشرات الناقلة للأمراض، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة والاهتمام بتهوية غرف المنزل، وتجنب الاختلاط بالمرضى، واستشارة الطبيب دورياً أو عند ظهور أي عرض مرضي·


ثالثاً: ضرورة النوم الهادئ والمريح للطفل·


أ كدت الأبحاث الطبية الحديثة أن خلايا الجسم تتجدد في أثناء النوم، حيث اتضح أن معدل هرمون النمو الذي يساعد على تكوين البروتين الخاص ببناء الأنسجة يزيد، كما يقل معدل الهرمون الذي يسبب هدم الخلايا وتحللها، كما ثبت علمياً أن النوم العميق له تأثير إيجابي على الصحة العامة·
وتؤكد الأبحاث العلمية كذلك أن التغيير في عدد ساعات النوم يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، وعلى الأم أن تعلم أن الطفل حديث الولادة يحتاج إلى 18 ساعة على الأقل من النوم الهادئ، ويبدأ تدريجياً في تقليل ساعات نومه، ففي السن الأكبر قليلاً يحتاج من 12 إلى 13 ساعة، وفي سن قبل المدرسة يحتاج إلى 10 ساعات فقط·


رابعاً: لا ··· للتدخين السلبي!·


ثبت أن دخان السجائر يحتوي على مواد يمكن أن تقتل خلايا الجهاز المناعي، فلقد ثبت في الدراسات الحديثة أن مادة النيكوتين
لها تأثير مدمر على خلايا الجهاز المناعي، فهو يثبط الجهاز المناعي ويدغدغه بحيث يجعله مهيأً للإصابة بالأمراض المناعية المختلفة مثل: مرض السكر·
وقد ثبت كذلك أن الطفل يكون أكثر عرضة من الكبار للآثار الضارة للتدخين السلبي لأنهم ببساطة يتنفسون بمعدلات أكبر، والتدخين يؤثر أيضاً على نمو الذكاء عند الأطفال، فإذا لم تكن لدى الأب المدخن القدرة على الامتناع عن التدخين فعليه على الأقل الامتناع عن التدخين داخل البيت·

خامساً: الأدوية للضرورة فقط·


يجب على الأم الامتناع عن إعطاء طفلها أي أدوية إلاَّ عند الضرورة القصوى وبمشورة طبية من طبيب متخصص· فقد تلجأ الأم إلى المضادات الحيوية مثلاً عند تعرض طفلها لأي نزلة برد، فهذا خطأ كبير، فالمضادات الحيوية لا توصف إلاَّ للأمراض البكتيرية ولكن أغلبية أمراض الأطفال تكون نتيجة فيروسات· وبعض الأمهات يعتقدن أن المضاد الحيوي لن يضر طفلها إذا لم يفده، ولكن الحقيقة أن المضاد الحيوي وباقي الأدوية تضر بالأطفال ضرراً بالغاً لأنها تقلل من كفاءة الجهاز المناعي·
سادساً: ضرورة تطعيم الطفل ضد الأمراض المعدية الخطيرة·
تمكن العلماء في القرن العشرين من استخدام وسائل حديثة أمكن بوساطتها تدعيم جهاز المناعة، وزيادة كفاءته في مواجهة قوات الغزو الميكروبي· وتم ذلك عن طريق التطعيم ضد الأمراض المعدية الخطيرة، لذا يجب على الأم تنفيذ برامج تحصين الأطفال وتطعيمهم ضد الأمراض المعدية وبخاصة الدرن وشلل الأطفال والدفتيريا والسعال الديكي والتيتانوس والحصبة والالتهاب الكبدي الوبائي، وذلك في المواعيد المحددة لكل تطعيم·


سابعاً: ضرورة الرضاعة الطبيعية لأطول مدة ممكنة·
يجب تشجيع الأمهات على الرضاعة الطبيعية لأطول مدة ممكنة، لما لها من أهمية قصوى ولا عجب، فقد أودع الله سبحانه وتعالى لبن الأم آيات كثيرة نذكر بعضها فيما يلي:


1 ـ يحتوي لبن الأم على كل العناصر الغذائية اللازمة لنمو الطفل من بروتينات ودهون وفيتامينات وأملاح معدنية وغيرها، والتي لا تتوافر بالمعدلات نفسها في أي لبن صناعي·


2 ـ لبن الأم يلبي حاجات الطفل حسب عمره وحجمه· كما أنه يرفع نسبة الذكاء عند الطفل، بل في لبن الأم بعض الهرمونات التي تساعد على تنمية الشعور بالارتباط بين الرضيع وأمه، وبه هرمونات تساعد على تجنب التخلف العقلي·


3 ـ يحتوي لبن السرسوب أو لبن المسمار، الذي يفرز بعد الولادة مباشرة على (3) ملايين كرة من كرات
الدم البيضاء في المللميتر الواحد وهذه هي الخلايا المتخصصة في حماية الجسم من الميكروبات، كما يحتوي على تركيز عال من الخلايا الالتهامية المناعية وهي من أهم أنواع الخلايا المناعية، ولقد وجد العلماء أن هذه الأجسام المناعية التي يحتويها هذا السائل العجيب تحمي الطفل حتى سن سنتين بإذن الله·


4 ـ يحتوي لبن الأم على كمية عظيمة من الأجسام المناعية التي تقي الطفل من كثير من الأمراض المعدية الخطيرة وبخاصة أمراض الجهاز الهضمي كالنزلات المعوية والإسهال وأمراض الجهاز التنفسي كالالتهاب الرئوي وأمراض الحساسية كالربو الشُعبي والإكزيما وغيرها، ومن أمثلة هذه الأجسام المناعية: الخلايا الليمفاوية، والخلايا البيضاء الآكلة، والأكتوفيرين، وعامل (بفيدس)··· ثم الجسم المناعي (
A) أو (الأمينوجلوبيولين أ) والذي يعد من أهم الأجسام المناعية المضادة التي يحتويها لبن الأم، ولا غرو فهو يعمل ضد الكثير من البكتيريا وبخاصة ميكروب الكوليرا وضد الكثير من الفيروسات وأشهرها فيروس شلل الأطفال الخطير·


5 ـ أوضحت النشرات الطبية الحديثة أن لبن الأم يحتوي على الكثير من المواد المهمة منها (6) مواد مضادة الجراثيم··· و(8) عناصر مضادة للالتهابات··· و(4) عوامل مقوية للجهاز المناعي لدى الطفل!·


6 ـ ناهيك عن أن لبن الأم سهل الهضم والامتصاص بالنسبة للطفل··· ومتوافر طوال الأربع والعشرين ساعة يومياً··· ولا يتطلب إعداداً خاصاً··· ولا يُحمَّل الأسرة أي نفقات··· وهو معقم ويصل إلى الرضيع في درجة حرارة مناسبة، ثم هو مكيف، فهو بارد صيفاً دافئ شتاء، ثم هناك مميزات أخرى لم تكتشف بعد!·
وسبحان الله الخالق المبدع العظيم القائل: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) فصلت:35·

علاقة المرضان سارس والإيدز بالجهاز المناعي:

بدأً يمكن التنويه بأن مرض (سارس) يصيب الرئتين أو أحداهما لذا سمي بمرض الالتهاب الرئوي الوبائي والذي رمز له بالحروف (SARS) في حين أن الإيدز يصيب إجمالي مواضع الجسم وأحياناً تظهر آثاره في مواضع محددة منه كالوجه مثلاً.

والذود عن صحة الإنسان الذي يشكل الغاية الأولى والأمنية الأخيرة عند القطاع الطبي – على وجه العموم ولما كان الجهاز المناعي بمثابة الحارس الأمين الذي يحمي ويدافع عن إبقاء حياة الإنسان لأطول فترة ممكنة ويبدو من خلال شرح تفصيلات المختصين عن مكنونات جهاز المناعة لدى الإنسان أن هناك خيطاً لآصرة ما تربط بين المرضين (سارس) و(الإيدز) على اعتبار أن الجهاز التنفسي يحوي أهداباً هي في الأساس تشبه خيوط قصيرة على شكل شعيرات تقوم بتحريك المخاط الحاوي على الكائنات الحية الدقيقة المحتجزة والتي يتم طرحها ضمن المخاط إلى خارج الجسم وبذلك يتخلص الجسم من هذه الكائنات المضرة لكن ما يحير طبياً أن الرئة في حالة الإصابة بـ(سارس) تبدو وكأنها في حالة غزو بكتيري لا يمكن صده طبياً بسبب عدم اكتشاف دواء طبي لمرض جديد وهذا أمر طبيعي مع كل مرض يظهر فجأة إذ يحتاج إلى من يفكر باكتشاف علاج سريع له وتلك مهمة بعض العلماء العاملين في اكتشافات الأدوية الحديثة..

وبذا فبقدر ما يشكله الجلد عند الإنسان من خطوط الدفاع الأولى في الجسم بدرجة رئيسية كما في حال هجوم فيروسات (الإيدز) على الإنسان فإن إصابة الرئة لوحدها من دون بقية مواضع الجسم هي المتلقية لفيروسات مرض (سارس).

من المعروف أن جسم الإنسان مهيأ بطبيعته لمقاومة الأجسام الغريبة التي تحاول اختراقه ومما يذكر في هذا المجال أن عوامل كثيرة غير معروفة جميعها تماماً هي التي تلعب دوراً في زيادة أو إقلال حدة المرض بين شخص وآخر كما أن البحوث الطبية الجديدة بالنسبة للمصابين بالمرضين سارس والإيدز لم يتطرق إلى أصحابها إلى إمكانية الشفاء منهما إذا تم الاعتماد على وسائل تتبع النجاح عملية زراعة الأعضاء أو الأجزاء الجديدة الصحية بعد إجراء عملية جراحية تتم فيها خلع الأعضاء أو الأجزاء المصابة واستبدالها بغيرها السالمة من أي مرض أو عيب صحي.

وبين إعلان الجهات الطبية الصينية قبل زهاء سنة عن اكتشاف مرض (سارس) داخل عدة مناطق في الصين وما قيل أحياناً من أن الأنظمة الصحية الطبية السائدة (وليس الأفراد) هي التي تقف وراء تفشي الأمراض الخطيرة في مجتمع معين ثم انتقاله إلى بلدان أخرى مجاورة على أكثر احتمال فمثلاً أن آثار (سارس) الذي اعتبر كمرض صيني قد ظهرت إصابات به في مدينة (هونج كونج) القريبة الذي أصاب فيها حتى الكادر الطبي المعالج ويذكر أن هونج كونج المستعمرة البريطانية السابقة والتي تخضع إدارياً للصين حالياً – كانت ثاني أشد المناطق تضرراً بالوباء في العالم بعد الصين نفسها حيث تسبب (سارس) في وفاة (298) شخص وإصابة (1800) آخرين بالعدوى.

وهذا ما دعا منظمة الصحة العالمية من خطرة عودة (سارس) الذي اختفى مدة وظهر بعد ذلك إذ دعت إلى تشديد القيود داخل المختبرات التي تتعامل مع فيروس (سارس) واضعة احتمال كبيراً من ظهور هذا المرض مجدداً وما خيم على هذه الأجواء الطبية جواً من الحيرة أن فريقاً من العلماء الصينيين قد نجحوا في اكتشاف فيروس جديد يشبه إلى حد كبير فيروس (سارس) الوبائي ولكن هذه المرة وجوده عند بعض الحيوانات في مقاطعة (جوانجرونج) في الصين يعتقد أنه مصدر قتل المئات من الحيوانات البرية والأليفة معاً كالقطط والكلاب وهذا ما جعل بعض العلماء يعتقدون أن فيروس الالتهاب الرئوي الحاد – سارس – انتقل من الحيوان إلى الإنسان، أي من القطط والكلاب بوقت يتذكر المتابعون بما قيل من كون الإيدز قد نقلت فيروساته إلى الإنسان في قارة أفريقيا بواسطة القرود.

إن البشرية التي ما تزال تعاني من حصار الموت الذي يسببه مرض الإيدز قد شهدت خلال هذه السنة 2003م وفاة زهاء (800) شخص في (32) بلداً فإن دعوت عامة قد ظهرت لترشيد استخدام المياه الصالحة للشرب والصالحة للغسل تفادياً من أي احتمال أن تكون المياه أو مواد الغذاء مصدراً لمرض (سارس) هذا في حين تتمحور التفاهمات الطبية حول ضرورة التثقيف بمكافحة مرض الإيدز و (سارس) أيضاً بما يكفل تحجيم مدى ظهور المرضان بين أناس جدد.

إن البشرية في أزمنة قديمة سابقة كانت ثقافتها الطبية تعتمد على تناول أنواع من الأغذية والأشربة كنوع من العلاجات أو نوع من الوقاية المبكرة لأمراض كان يخشى منها ومع أن مثيل هذا مدون بين طيات الكتب والمؤلفات إلا أنه يبدو أن المجتمعات المادية الآن (إذا جاز الوصف بذلك) لا تؤكد كثيراً على التثقيف بأهميات النوع الغذائي لملافاة الإصابة بالأمراض المحتملة أو بعضها – على الأقل – كما أن فوائد تناول الماء بكميات مطلوبة ومحددة يومياً لم يتم التركيز عليها من الناحية الطبية بعد أن ثبت أن الماء هو عامل مساعد على الرجيم مثلاً وأن الجوز يساعد على حماية القلب والشرايين إلى آخره، ولعل النظام الغذائي المتبع الآن فيه العديد من الثغرات التي يطّلع عليها الجمهور بصورة تثقيفية وافية.

ولعل ما يفوت عن البال أن الجهاز المناعي عند الإنسان يحارب مرض الحساسية على اختلاف أنواعها وتقوية الجهاز المناعي هذا ممكن يكون من تناول الفواكه والخضروات بحسبما تؤكد ذلك بعض الدراسات الحديثة التي أجراها معهد الأغذية في (نورتش) ببريطانيا وهذا ما يتطلب إعادة النظر في بعض عادات وأنماط تناول الغذاء والشراب.

إن بعض الإحصاءات الرسمية تتوقع أن يشهد العالم وفاة (100 مائة مليون) إنسان بسبب مرض الإيدز في السنة 2010م لوحدها ما لم يتم تدارك انتشاره من الآن وتخشى الأمم المتحدة التي تناقش مشكلة مرض الإيدز أن يكون وباء هذا القرن الحادي والعشرون بوقت لا يدري أحد ما سيكون عليه حال البشرية مع الأمراض الجديدة الفتاكة كمرض (سارس) أو غيره.

الإيدزAIDS .. وباء العصر الحديث .. مريض كل 5 ثوان .. وحالة وفاة كل 11 ثانية

ماهو الايدز وماالذي ينبغي علينا عمله؟

ان الإيدز مرض خطير جدا ينتج عن عجز مقدرة أجهزة المناعة في الجسم على محاربة كثير من الامراض ، وغالبا ما يقود هذا المرض في نهاية المطاف الى الموت وتعني كلمة إيدز مرض نقص المناعة المكتسبة ، ويشير اسم هذا المرض الى حقيقة أنه يصيب جهاز المناعة لدى المريض ورغم أن بعض الباحثين كانوا يتابعون حالات هذا المرض منذ عام 1959م إلا أن أول اكتشاف للإيدز كان في أمريكا . . ففي عام 1981 سجلت أول الحالات في شاب أصيب بمرض رئوي نادر ثم تلاه أربعة آخرون حتى وصل العدد إلى 200 حالة. ثم توالت البلاغات في كل أنحاء العالم.

و تقدر منظمة الصحة العالمية عدد حاملي فيروس الإيدز على مستوى جميع قارات الأرض بـ 30 مليون
وهو بالتالي يهدد كل شخص، ولذلك يجب تزويد كل فرد من أفراد الأسرة بقدر كاف من المعلومات حوله.
اتقاء الإيدز أمر بسيط ولكن الإصابة بعدواه قاتلة لأنه لا يوجد إلى الآن علاج يشفي هذا المرض ولا لقاح يقي من العدوى.

عدد الحالات المبلغ عنها في جميع أنحاء العالم وحتى عام 1997 هو 30 مليون حالة. ظهرت الأعراض على أقل من ثلث المرضى ومات غالبيتهم. في الحقيقة، الحالات المبلغة لا تحتل سوى قدر ضئيل من كم هائل، وكثير من المصابين الآن بالعدوى ينتظر أن تظهر عليهم أعراض الإصابة. أشارت دراسة لمنظمة الصحة العالمية إلى إصابة 8500 شخص يوميا تقريبا، منهم 1000 من الأطفال.

ومع نهاية عام 1999، قدِّر أن عدد المعايشين للإيدز وللعدوى بفيروسه وصل إلى 34.3 مليون.

·وخلال عام 1999 فقط، قدِّر أن 5.4 مليون حالة حديثة للإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة قد وقعت (أي بمعدل إصابة جديدة في أقل من 6 ثوانٍ).

·ومع نهاية عام 1999 بلغ عدد الوفيات الناجمة عن الإيدز منذ بدء الوباء 18.8 مليون وفاة.

·وخلال عـام 1999 فقـط، قـدِّر أن 2.8 مليـون وفـاة قـد حدثت بسبب الإيـدز، (أي بمعـدل وفـاة كل 11 ثانية).

. وبلغ عدد اليتامى بسبب الإيدز منذ بدء الوباء حتى نهاية عام 1999 13.2 مليون.

ما هو الإيدز؟

هو فيروس يهاجم خلايا الجهاز المناعي المسئولة عن الدفاع عن الجسم ضد أنواع العدوى المختلفة وأنواع معينة من السرطان. وبالتالي يفقد الإنسان قدرته على مقاومة الجراثيم المعدية والسرطانات
يسمى هذا الفيروس "فيروس نقص المناعة البشري" Human Immune-deficiency Virus أو اختصارا HIV

والاسم العلمي لمرض الإيدز هو "متلازمة العوز المناعي المكتسب" أو "متلازمة نقص المناعة المكتسب"
Acquired Immune Deficiency Syndrome أو اختصارا AIDS ولا يوجد إلى الأن علاج يشفي هذا المرض لذلك الإصابة به تستمر مدى الحياة


ما هي أعراض المرض؟

يمر المريض بفترة حضانة وهي المدة الفاصلة بين حدوث العدوى وبين ظهور الأعراض المؤكدة للمرض، وهي مدة غير معروفة على وجه الدقة، إذ يبدو أنها تترواح بين 6 شهور وعدة سنوات وتكون في المتوسط سنة عند الأطفال و 5 سنوات في البالغين
بعد 3-4 أسابيع من دخول الفيروس للجسم يعاني 50-70% من المصابين من توعك وخمول وألم في الحلق واعتلال العقد الليمفاوية وآلام عضلية وتعب وصداع ويظهر طفح بقعي على الجذع تستمر هذه الأعراض لمدة اسبوعين أو 3 أسابيع ثم تختفي ويدخل المريض في طور الكمون يستمر طور الكمون من شهور إلى عدة سنوات يتكاثر خلالها الفيروس ويصيب أكبر كمية ممكنة من خلايا الجهاز المناعي في المرحلة التالية تظهر أعراض على شكل تضخم منتشر ومستديم في العقد الليمفاوية وتدوم 3 أشهر على الأقل مع عدم وجود سبب لهذا الاعتلال تتطور الحالة لتشمل المظاهر التالية:
نقص الوزن
- فتور وتعب - فقد الشهية إسهال حمى - عرق ليلي صداع حكة - انقطاع الطمث ( عند النساء ) - تضخم الطحال.

مراحل الإيدز:

تمثل أسوأ مراحل العدوى وتظهر العلامات السابقة ولكن بصورة أشد وضوحا مع وجود أمراض انتهازية وأورام خبيثة نتيجة للعوز المناعي
تظهر الأعراض على 25% من المرضى بعد مرور 5 سنوات على الإصابة، وعلى 50% من المرضى بعد 10 سنوات وبعض المرضى لا تظهر عليهم الأعراض أبدا بعض العوامل تساعد على سرعة ظهور الأعراض مثل:

تكرار التعرض للعدوى
الحمل
الإصابة بأمراض تضعف المناعة

هل يمكن معرفة مريض الإيدز بمظهره الخارجي؟

لا يمكن معرفة مريض الإيدز بمظهره الخارجي. التحاليل المخبرية (اختبارات الإيدز) وبعض الإعراض المتلازمة فقط تؤكد العدوى. أما عدى ذلك فالمريض يبدو في كامل صحته.

كيف ينتقل الإيدز؟
من حسن الحظ إن جميع طرق نقل العدوى قابلة للوقاية. يتم انتقال العدوى بهذا الفيروس بالطرق التالية:
الطريقة الرئيسية للعدوى هي الاتصال الجنسي - الطبيعي أو الشاذ - بشخص مصاب. وجود أمراض جنسية أخرى يضاعف احتمالات العدوى
تنتقل العدوى كذلك عن طريق نقل الدم أو مشتقاته الملوثه بالفيروس. زراعة الأعضاء (كلية، كبد، قلب) من متبرع مصاب.
استخدام إبر أو أدوات حادة أو ثاقبة للجلد ملوثة مثل أمواس الحلاقة أو أدوات الوشم
عن طريق الأم إلى الجنين أثناء الحمل أو إلى وليدها أثناء ولادته أو عن طريق الرضاعة الطبيعية (بواسطة الثدي) الإصابة بالإيدز لا تعني بالضرورة سلوك منحرف، ولا خوف من الاختلاط العادي مع المرضى سواء في محيط الأسرة والعمل والمدرسة والنادي مع مراعاة قواعد النظافة العامة. ليس هذا فحسب بل من الواجب التعامل مع المريض كشخص طبيعي ومراعاة الظروف النفسية والاجتماعية التي قد يمر بها.

ما هو اختبار الإيدز؟

هو تحليل يمكن لأي شخص أن يجريه في أي مرفق صحي. يعتمد هذا التحليل على وجود الأجسام المضادة للفيروس في الدم ويعطي نتيجة فعالة بعد التعرض للعدوى بـ 6-12 أسبوع تقريبا. وفي حالة إيجابية هذا التحليل يتم عمل فحص تأكيدي يسمى وسترن بلوت
Western Blot وتكون نتيجته قاطعة.

هل يوجد لقاح ضد فيروس الإيدز؟

لم يتم حتى الوقت الحاضر اكتشاف لقاح فعال ضد فيروس الإيدز. ومن أهم العقبات التي تعوق بلوغ هذا الهدف أن الفيروس يغير من تركيبه بصفة مستمرة وذلك يجعل استنباط لقاح ضده عملا في غاية الصعوبة.


وسائل تجنب الاصابة بالايدز :

تكرار الحمل للأم المصابة وإرضاع المولود رضاعة طبيعية يؤدي إلى ازدياد عدد الأطفال المصابين بالإيدز في العالم
على الوالدين أن يضربوا المثل الطيب من خلال سلوكهم.. من حيث العلاقات الخاصة .
التأكد من تعقيم الأدوات المستخدمة في ثقب الأذان والحقن وأدوات طبيب الأسنان والإبر الصينية وأدوات الوشم. ويفضل استخدام أدوات وحيدة الإستخدام، وإن لم تتوفر فيجب تعقيمها بغليها لمدة 5 دقائق على الأقل أو بغمسها في الكحول لمدة 15 دقيقة. أما الأدوات الشخصية مثل فرش الأسنان أو أمواس الحلاقة فلا يجب المشاركة بها بتاتا
التوعية الصحية عن المرض ضرورية ضمن الحدود المناسبة للفئة العمرية والمستوى التعليمي تجنيب الأبناء الظروف التي قد تؤدي إلى تعاطي المخدرات بتشجيعهم على ممارسة الهوايات المختلفة وابعادهم عن رفقاء السوء.. بأعتبار ان تعاطى المخدرات واحد من أهم اسباب الاصابة بالفيروس .


المراجع:

1- الدكتورة فرحةالشناوي والدكتور مدحت قاسم، الجهاز المناعي بين الرياضة والصحة. الطبعة الأولى، الشركة الدولية للطباعة،2002م

2- أ.د محمد حسن الحمود وآخرون: بيولوجيا الإنسان ( الهضم، التنفس، النقل العصبي)، الطبعة الأولى، الأهلية للنشر والتوزيع.

3- www.google.com

أ‌- موقع مجلة الوعي الأسلامي.

ب‌- موقع علوم وتكنولوجيا- الصحة والطب البديل

www.islamonline.net/Arabic/ Science/2001/07/Article6.shtml

ج- شبكة النبأ المعلوماتية- الأخبار

د- موقع للكبار- الإيدز

الخاتمة:

لقد تم بحمد الله الانتهاء من هذا البحث والذي قام برحلة داخل الجهاز المناعي، ذلك الجهاز السحري المسئول عن حماية جسم الإنسان، فقد بدأت الرحلة بتعريف الجهاز المناعي وما هو الالتهاب ثم تطرقت إلى الدم ومما يتكون وكذلك أنواع المناعة......ثم أجزاء الجسم المناعي وكيف يؤدي دوره المناعي؟؟

وانتقلنا بالرحلة إلى البحث عن أسباب القوة والضعف في الجهاز المناعي ودوره عند الشعور بالألم والخطوط الدفاعية، ثم وضحت علاقة الجهاز المناعي بالتغذية، حيث تلعب التغذية دوراً هاماً في قيام الجهاز المناعي بعمله.

وأخيراً تطرقت إلى مرض الإيدز وكذلك مرض السارس وعلاقتهما بالجهاز المناعي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية الأنساق العامة: إمكانية توظيفها في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية

ملخص الأدب مدرسة الإحياء و البعث (الاتباعية - الكلاسيكية الجديدة)

السيميائية :أصولها ومناهجها ومصطلحاتها