العولمة :الاندماج السريع والمنافع المحدودة: حالة الدول النامية

د. حاكمي بوحفص

أستاذ بكلية الاقتصاد وعلوم التسيير والعلوم التجارية

تقديــم

من أكثر المصطلحات الفكرية انتشارا في أدبيات عالم اليوم هو مصطلح العولمة، وقد دخلت في الخطاب المتعلق بالتنمية الاقتصادية في بداية الثمانينات مع نشر كتاب " جون نيسبت " بعنوان " الاتجاهات الكبرى عشرة اتجاهات تغير حياتنا" و منذ ذلك الوقت أصبحت هذه الظاهرة رائجة، وفي ظل وضع متسم بالتسارع المذهل و التطور ، ولا تزال العولمة حتى الآن كظاهرة وكمفهوم تثير الجدل و النقاش ، ومن ثم فإن وضع تعريف محدد و متفق عليه ليس بالأمر السهل بسبب التباين في الاتجاهات

الفكرية ووجهة النظر إلى هذه الظاهرة، وما تزال هذه الظاهرة حتىالآن كمصطلح وكمفهوم تثير الكثير من التساؤلات ونقاط الاستفهام، ولذلك فإن هذه الورقة تحاول الإجابة عن كل هذه الأسئلة.

أهمية الدراسة:

على الرغم من أن العولمة كمصطلح جديد ، إلى أن الظاهرة قديمة وهي لفظة جديدة في القاموس الاقتصادي و السياسي ، وهي تنتسب إلى الكون وليس إلى العلم ، وتعبر عن حرية السلع و الخدمات و الأيدي العاملة ورؤوس الأموال عبر الحدود الوطنية و الإقليمية .وهي تؤثرعلى الدول والمؤسسات في جميع المجالات و على مختلف الإتجاهات وتقرر الكثير من التحديات رغم أنها توفر فرص و منافع ظاهرية بسيطة.

فرضيات الدراسة:

إن هذه الدراسة تنطلق من فرضيات هي:

-العولمة تطرح الكثير من الفرص الظاهرية ويصاحبها الكثير من التحديات بالنسبة للبلدان النامية.

-العولمة الحالية تتسم بزيادة الاندماج بمفهوم السوق العالمية الواحدة ،ولكن منافعها محدودة بالنسبة للبلدان النامية.

أهداف الدراسة:

هدف الدراسة تسليط الضوء على مجموعة من العناصر أهمها :

1-حقيقة العولمة و العوامل الداعمة لها .

2-أهداف العولمة من وجهة المتحمسين و المعارضين .

3-بيان فرص وتحديات العولمة وكذا منافعها للبلدان النامية علاقة بمستوى الاندماج في السوق العالمية.

منهجية الدراسة :

تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي مبرزة بعض الجوانب النقدية لظاهرة العولمة ومواجهة تحدياتها في ظل وضع متسم بزيادة الاندماج في السوق العالمي.

خطة الدراسة:

-مفهوم العولمة.

-نشأة العولمة وتسويقها.

-العوامل التي ساهمت في ظهور العولمة.

-ملامح الاقتصاد العالمي في ظل العولمة.

-أهداف العولمة.

-العولمة الفرص و التحديات.

-الأهمية المتزايدة للبلدان النامية في الاقتصاد العالمي.

1-مفهوم العولمة:

إن مفهوم العولمة Mondialisation التي ترتكز على النطاق الجغرافي ، ومعنى الإقليم أو ما يسمى بالبعد الفضائي المادي ، بينما كلمة Globalisation تعبر استراتيجيا عن وجهة نظر جغرافية اقتصادية Géo-économic للعالم ككل قابل للتنظيم من أجل الوصول إلى تكوين توجيهي شامل، وبعبارة أخرى أي العالم كنسق ، وانطلاقا من هذا فإن تعبير Globalisation هي أوسع و أشمل من تعبير Mondialisation .

وبصفة عامة فإن العولمة ترجع إلى اللفظة الإنجليزية Globalization التي عرفت أول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية ، وفي مجال الاقتصاد بالتحديد ، ولم تعد بعد ذلك أمريكيا و لا اقتصاديا، بل شاع استخدامه و انتشر عبر العالم وفي جميع المجالات الإعلامية و الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية…الخ

وقد تم تعريف العولمة على أنها اكتساب الشيء طابع العالمية وجعل نطاقه وتطبيقه عالميا أو تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل الكل مما يعني نقل الشيء من المحدود والمراقب إلى غير المحدود و غير المراقب .

و المقصود بالمحدود الدولة القومية بحدودها الجغرافية التي تقوم بمراقبة وحماية ما بداخلها ، كما تتحول الحدود الجغرافية إلى حدود أخرى غير منظورة ترسمها شبكات الهيمنة الإعلامية وتتلاشى في ظل ذلك الحدود والمسافات.ومن هنا اعتبرت العولمة باعتبارها التداخل الواضح لأمور الاقتصاد و الاجتماع و السياسة والثقافة و السلوك دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة أو انتماء إلى وطن محدد أو لدولة معينة.

وهناك عدة تعاريف لهذه الظاهرة ، والتعريف الدقيق هو الذي يربط العولمة باندماج أسواق العالم في حقول التجارة و الاستثمارات المباشرة ضمن إطار من رأسمالية حرية الأسواق. وثانيا إلى اختراق الحدود القومية و إلى الانحسار الكبير في سيادة الدولة .

كما تعرف العولمة بأنها التوسع المطرد في تدويل الإنتاج من قبل الشركات متعددة الجنسيات بالتوازي مع الثورة المستمرة في الاتصالات و المعلومات و التي حدت بالبعض إلى تصور أن العالم قد تحول بالفعل إلى قرية كونية صغيرة.

وهناك من يعرفها بأنها التوسع في السوق العالمي الرأسمالي ليدخل أماكن كانت مغلقة عليه من قبل مثل الدول الشيوعية السابقة و الدول النامية التي حاولت تطبيق أنماط تنمية خاصة بها يصاحبها تراجع في سلطة الدولة وقدرتها على السيطرة ، وتنظيم تدفقات السلع و الأشخاص و المعلومات و الأنماط الثقافية المختلفة ، بالإضافة إلى تطور اقتصاد السوق العالمي و التحول عن نظام الدولة القومية ، فإن انتشار الثقافة الكونية يعد ملمحا رئيسيا من ملامح العالمية ، فالتوازي مع التوسع الكبير في تطبيق الرأسمالية تبرز ثقافة كونية جديدة كنتيجة لاتساع نطاق مجتمع المستهلكين بدخول أطراف جديدة فيه تواجه اختيارات لا نهائية من السلع و الخدمات.

ومهما اختلفت هذه التعاريف وتعددت فإن هناك تعريفات شائعة لدى الباحثين ، وهي تنقسم إلى أربعة تعريفات هامة :

- التعريف الأول:

لعولمة باعتبارها مرحلة تاريخية حيث أعتبرها البعض مرحلة تاريخية أكثر منها ظاهرة اجتماعية أو إطارا نظريا.

- التعريف الثاني:

الذي ينظر إلى العولمة باعتبارها تجليات لظواهر اقتصادية ، وهذا التعريف ينطلق من وظائف الدولة باعتبارها سلسلة مرتبطة من الظواهر الاقتصادية متجلية في الظواهر التالية : الرأسمالية الليبرالية ، الخوصصة، الدولة الحارسة.

- التعريف الثالث :

عولمة انتصار القيم الأمريكية ولأدل على ذلك من كتاب الباحث الأمريكي فوكوياما نهاية التاريخ، الذي عبر فيه عن سقوط الاتحاد السوفيتي باعتباره انتصارا للرأسمالية

- التعريف الرابع:

العولمة باعتبارها ثورة تكنولوجيا ، حيث اعتبرت العولمة في شكل من أشكال النشاط تم فيه الانتقال من الرأسمالية الصناعية إلى مفهوم ما بعد الصناعة .

ويعرفها كذلك البعض باعتبارها نظام عالمي جديد يقوم على العقل الإلكتروني

و الثورة المعلوماتية القائمة على الإيداع التقني غير المحدود دون اعتبار للأنظمة

و الحضارات و القيم و الحدود الجغرافية و السياسية قائمة في العالم ، كما تعرف أيضا باعتبارها القوى التي لا يمكن السيطرة عليها للأسواق الدولية و الشركات المتعددة العابرة للقارات و التي ليس لها ولاء لأي دولة قومية.

وقد عرفت بأنها ديناميكية جديدة تبرز داخل العلاقات الدولية من خلال تحقيق درجة عالية من الكثافة و السرعة في عملية انتشار المعلومات و المكتسبات التقنية .

ويعرف البعض العولمة باعتبارها الخيار الآخر أمام الشعوب التي لا تريد الصدام الحضاري ي مع أمريكا ، وهذا الاختيار بين الترهيب أي اصدام الحضارات أوالترغيب من خلال الانضمام إلى الحضارة الواحدة هو تماما كالتمييز بين الحرب

و السلام .

كما تعرف العولمة أيضا بأنها كالحداثة ظاهرة العصر وسمته ، وان الوقوف في وجهها أو محاولة تجنبها أو العزلة عنها إنما هو الخروج عن العصر وتخلف وراءه.

كما أن هناك ما يعرف العولمة بأنها السيطرة المطلقة على العالم وهيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على مقدرته ، خاصة أن الاستراتيجية تسعى للسيطرة على العالم ومقداته بدون خسائر أو حروب وكأن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في كتابه انتصار بدون حرب إلى نشر القيم الأمريكية إذا ما أرادت أمريكا أن تصبح زعيمة العالم.

ومن ما سبق في التعاريف يمكن القول بأن العولمة هي استحداث نظام عالمي جديد يكون أحادي القطب و يدور في فلكه العالم ويسيطر عليه اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا و عسكريا ، وتلعب الولايات المتحدة الأمريكية فيه الدور القيادي و الموجه والمهيمن.

بعد هذا العرض حول العولمة ماهيتها و نشأتها و تطورها واتجاهاتها نصل إلى السؤال الهام الذي يطرح عادة في مثل هذه المواضيع المتعلقة بالعولمة.

وهو عولمة ماذا؟

ويمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال المخطط النموذجي التالي:

عولمة ماذا؟

الإنتاج عولمة الإدارة التكتلات الإقليمية

الاستثمار الشراء و التحالفات

التمويل البيع الاستراتيجية

التجارة الإعلان

التكنولوجيا الإستراتيجية

المنافسة العمالة

الجودة العالية ومعاييرها الثقافة

الاتصالات

2. نشأة العولمة وتسويقها :

إن البذرة الأساسية للعولمة حديثا ترجع إلىإنبثاق نهج جديد يكمن من حيث الشكل في عشرة وصايا تمثل نموذجا لسياسة اقتصادية اقترحها الاقتصادي الأمريكي جون ويليامسون سنة 1989 بالتعاون مع معهد الاقتصاد العالمي وتبنتها الإدارة الأمريكية ومجلس الشيوخ ومسؤولي صندوق النقد و البنك العالميين في واشنطن وذلك لتطبيقها كمرحلة أولى لسياسة الإصلاح الاقتصادي ويرجع هدا التوافق عندما كانت الصحافة الأمريكية تتحدث عن عدم رغبة دول أمريكا اللاتينية القيام بإصلاحات تتيح لها فرص الخروج من أزمة المديونية وللتأكد من ذلك عقد معهد الإقتصاد الدولي في أمريكا مؤتمرا تقدم فيه عشرة دول من أميركا اللاتينية بحوثا تتناول ما حدث وتقوم جميع البحوث بتناول اسئلة مشتركة، ولذلك كتب جون ويليامسون بحثا أورد فيه عشرة إصلاحات زعم أن كل شخص في الولايات المتحدة الأميريكية كان يعتقد أنها هي التي يتطلب تنفيذها في أمريكا اللاتينية، وأطلق على جدول الإصلاح هذا توافق واشنطن وبنوده كالتالي:

1-الترشيد المالي.

2-وضع أولويات في جدول المصروفات العامة.

3-الإصلاح الضريبي.

4-تحرير السياسة المالية.

5-أسعار صرف تحقق نمو مضطرد في تجارة الصادرات غير التقليدية .

6-تحرير التجارة وتخفيض الرسوم إلى حدود 10% .

7-تشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة .

8-تخصيص المشروعات العامة.

9-إعادة إصدار القوانين مع ضمان المنافسة.

10-ضمان حقوق الملكية.

وقد اتضح أن هذه الاتفاقية بأنها تتميز بمجموعة من المميزات أهمها .

أن سياسة العولمة من خلال هذه الاتفاقية نهدف إلى استقرار وتوحيد الرأسمالية.

3-العوامل التي ساهمت في ظهور العولمة:

زيادة على ما ذكرناه يمكن القول بأن هناك عدة عوامل ساعدت على انتشار ظاهرة العولمة وتأصيلها كظاهرة كونية أهمها:

-التطور الهائل في المجال التكنولوجي و المعلوماتي من خلال تطور الاتصالات

و ظهور الانترنيت.

-زيادة الميل الدولي إلى التكتلات الإقليمية،الأسيان،الإتحاد الأوربي،النافتا….

-ظهور ما يسمى بالكيانات الكبرىEconomic Bloksمثل ظهور المنظمة العالمية التجاريةLomc)

-التحالفات الإستراتيجية لشركات عملاقة عالمية خاصة في المجالات المصرفية والصناعية و النفط….

-ظهور معايير الجودة العالمية.

-تزايد حركة التجارة و الإسثثمارات الأجنبية.

-ظهور ما يسمى بالمشاكل الكونية مثل التلوث البيئي،غسيل الأموال و البطالة

و الهجرة غير الشرعية المتزايدة المخدرات و التي تتطلب تعاون دولي ومزيد من التنسيق ومن تم إيجاد مفاهيم جديدة يتعلق بالتنمية المستدامة بيئيا….

-تركز الثروة في أيدي عدد قليل من الدول و تزايد هيمنة الاحتكارات الكبرى

و الشركات العابرة للقارات.

-توفر بيئة ملائمة تساعد الولايات المتحدة الأمريكية لتلعب دور الدركي العالمي دون أي مواجهة.

- بالإضافة إلى عوامل أخرى يمكن تسميتها بالعوامل الشرطية كلها عوامل أدتا إلى انتشار ظاهرة العولمة كظاهرة كونية فيها:

-التراجع الذي حدث في دور الدولة خاصة في المجالات الإنتاجية في العقود الأخيرة الماضية.

-محاولات الولايات المتحدة لتفكيك ما يسمى بالدول الكبرى مثل الإتحاد السوفيتي.

وفي الأخير يمكننا القول:

بعد الانهيار السوفيتي وتربع الولايات المتحدة الأمريكية على عرش العالم حرص الليبرالية الجديدة تحت مسمى العولمة لتغزو كل الدول داعية إلى حرية انتقال رأس المال وإلغاء الحدود و الحواجز الجمركية لتعزز حرية المبادلات التجارية مما أدى إلى تباعد النشاط المالي عن النشاط الاقتصادي حيث نجد أن من أصل 1500مليار دولار تدخ العمليات اليومية على المستوى

العالمي نجد1% فقط يوظف لاكتشاف ثروات جديدة أما الباقي فيدور في إطار المضاربات.

ويمكن تسمية هذا النظام الاقتصادي المعاصر باعتباره اقتصاديا دوليا أكثر تكاملا و اندماجا بالعولمة وهذا النظام سيتمن بعدد من الخصائص :

-تزايد أهمية الشركات العابرة للقارات .

-أهمية مؤسسات العولمة الثلاث (ثالوث العولمة).

-عولمة النشاط المالي واندماج أسواق المال.

-تغير مراكز القوى الاقتصادية على المستوى العالمي.

-تراجع دور و أهمية مصادر الطاقة التقليدية و الموارد الأولية في السوق العالمية.

4-ملامح الاقتصاد العالمي في ظل العولمة:

تبدو ملامح الاقتصاد العالمي الذي يزداد اندماج من خلال المظاهر التالية:

-زيادة تنامي دور الشركات العابرة للقارات و الاستفادة من التطورات التقنية والتكنولوجية الهائلة.

-تدويل المشكلات الاقتصادية(الفقر،البيئة…)

-تزايد أهمية الثورة التقنية الثالثة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي.

-ظهور القرية الكونية و تقليص المسافات بسبب تطور الاتصالات.

-تطور وسائل الإعلام وزيادة الاتصال بين الشعوب والثقافات.

-تعاظم دور المعلوماتية و الإدارة.

5-أهداف العولمة:

منذ ظهور العولمة وهي تثير الكثير من التساؤلات، وتفرز الكثير من الأراء ووجهات النظر حول ماهيتها وحقيقتها وأهدافها وأفرزت وجهات نظر متباينة وأراء متضاربة.

ولذلك سوف نعتمد في هذا الغرض على أهداف العولمة من وجهات النظر المختلفة حسب المؤيدين و المعارضين معا.

أ. هداف العولمة من وجهة نظر مؤيديها:

وأهم هذه الأهداف هي:

-توحيد الاتجاهات العالمية وتقريبها بهدف الوصول الى تحرير التجارة العالمية(السلع ورؤوس الأموال)

-محولة إيجاد فرض للنمو الاقتصادي العالمي.

-زيادة الإنتاج العالمي و توسيع فرص التجارة العالمية.

-تسريع دوران رأس المال على المستوى العالمي من خلال ما يسمى Back Office))

-التعاون في حل المسائل ذات الطابع العالمي (الأسلحة المدمرة،مشاكل البيئة،المخدرات،الإرهاب….).

-فتح الباب على مسرعيه في مجال التنافس الحر.

-تدفق المزيد من الإسثثمارات الأجنبية.

ب. أهداف العولمة من وجهة نظر المعارضين:

إن الأهداف السلبية التي يراها المعارضون للنظام العالمي و العولمة كثيرة ومتنوعة

وهي كما يلي:

-فرض السيطرة الاقتصادية و السياسية و العسكرية على شعوب العالم.

-هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على اقتصاديات العالم من خلال سيطرة الشركات الأمريكية الكبرى على اقتصاديات الدول.

-تدمير الهويات و الثقافة القومية وتغليب الثقافة الغربية.

-صناعة القرار السياسي و التحكم في خدمة لمصالح أمريكا.

-إلغاء النسيج الحضاري و الاجتماعي للأمم الأخرى.

-تفتيت الدول و الكيانات القومية.

إن للعولمة أهدافا أبعد من الربح،والتجارة الحرة و الحدود المفتوحة ،و الأسواق الحرة، ولكنني أعتقد بأن الخطر في العولمة يكمن فيما يسمى بثقافة العولمة،على اعتقاد أن هذه الظاهرة تروج لأربع ثوراث يتوقع أن يكون لها تأثير كبير على حياة المجتمع الدولي بكامله وهي :

1-الثورة الديمقراطية.

2-الثورة التكنولوجية الثالثة أو ما بعد الثالثة.

3-ثورة التكتلات الاقتصادية العملاقة.

4-ثورة الإصلاح واقتصاد السوق.

وفي هذه الثورات وما ينتج عنها من آثار وانعكاسات سيتم تشكيل النظام العالمي الجديد المتسم بالعولمة،حيث يعتمد الاقتصاد في إطار هذا النظام على إسثثمار الوقت بأقل تكلفة عن طريق استخدام المعرفة الجديدة وتحويلها إلى سلع أو خدمات جديدة وتغيير مفهوم البحث من نقل الاقتصاد من وضع سيئ إلى وضع أفضل وأصبح المهم هو الوقت الذي يستغرقه هذا التغيير.

6. مظاهر العولمة:

للعولمة عدة مظاهرو تجليات في الجوانب المختلفة ولعل أهمها:

أ. العولمة على المستوى الاقتصادي:

مما لاشك فيه أن أهم مجالات العولمة وأكثرها وضوحا وأبرزها أثرا وهدفا هو المجال الاقتصادي على الرغم من لها مظاهر مختلفة سبقت الإشارة إليها إلا أن وجهات النظر السابقة تتلقى في هذا المجال الاقتصادي، تعني وصول نمط الإنتاج الرأسمالي إلى نقطة الانتقال من دائرة التبادل إلى عالمية دائرة الإنتاج و إعادة الإنتاج ، وبعبارة أخرى فإن ظاهرة العولمة حسب هذا المفهوم هي بداية ظاهرة الإنتاج الرأسمالي و مقوماته ونشرها في كل مكان ملائم خارج ما يسمى إطار مجتمعات المركز الأصلي ، ومن تم يعتبر البعض أن العولمة هي حقبة التحول الرأسمالي العميق في ظل هيمنة دول المركز بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وتحت سيطرتها في ظل نظام عالمي غير متكافئ في مجال التبادل الدولي ، ومن هنا نلاحظ أن العولمة تفسح المجال واسعا أمام أصحاب رؤوس الأموال لجمع المزيد من الأموال على حساب سياسة قديمة في الاقتصاد كانت تعتمد على الإنتاج الذي يؤدي إلى تحقيق ربح بينما الحال اليوم هو الاعتماد على توظيف المال، وأهم الملامح المميزة للعولمة من الناحية الإقتصادية:

* الاتجاه العالمي لمزيد من التكثل والتكامل.

* تنامي دور المؤسسات المالية الدولية

* تدويل المشاكل الإقتصادية مثل مشكل التنمية المستدامة، فقر.

* تنسيق السياسات على المستوى الكلي

* تعظيم دور الثورة التقنية واثرها على الإقتصاد العالمي وظهور ما يسمى باقتصاد المعرفة.

وأخيرا فإن العولمة الإقتصادية تعتمد على مفهوم السوق أي سوق بلا حدود من خلال إلغاء القيود على حركة رؤوس الأموال والبضائع.

وفي سياق هذا النظام العالمي الجديد الذي ظهر بظهور العولمة حمل معه منطقا خاصا من الناحية الإقتصادية وتحكمه قواعد خاصة غير تلك القواعد التقليدية القديمة، مما نتج عنه عدة تداعيات وتجليات مختلفة لابد من مواجهتها كانفتاح الأسواق والتكثلات الإقتصادية وخيارات الشراكة الأورمتوسطية، والانظمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وكذلك التطورات المرتبطة بتكنولوجيا الإعلام والإتصال وكلها نقلت الإقتصاد العالمي إلى هذه المرحلة الراهنة الجديدة وهي تتسم باختلاف القوانين والمبادئ وفي نوعية الإنتاج وكيفيته، كل ذلك أدى إلى ظهور اقتصاد جديد في عصر العولمة يسمى باقتصاد المعرفة وهو اقتصاد ذو طابع خاص مرتبط بكل هذه التحولات والتبعيات، وقد أضاف عنصر جديد إلى العناصر التقليدية للإنتاج المتمثلة في العمل ورأس المال والموارد الطبيعية وهذا العنصر الجديد هو المعلومات حيث ظهر كأهم عناصر التكنولوجيا الحديثة وأصبح تاثيرها يتعدى الإنتاجية ليصل إلى العلاقة بين اقتصاديات المتطورة وبين القطاع العام والخاص، ومن ثم فقد أصبحت ثورة المعلومات وتقنياتها عنوانا للإقتصاد الجديد أو الإقتصاد الرقمي والذي يتسم بأنه:

- اقتصاد لا حدودي في ظل تعاظم دور المعلومات واصبحت هي مفتاح عولمة الإقتصاد ودليل شموليته.

- اقتصاد قائم على المعرفة ومن هنا ظهرت بوادر ما يسمى بمجتمع المعرفة الذي تشكل فيه المعلومات مصدرا اقتصاديا في ذاتها وليس مجرد وسيلة.

ب. العولمة الثقافية:

أما العولمة على المستوى الثقافي فتعني تعميم أنماط الثقافة الغربية عامة والأميريكة على وجه الخصوص وتوسيع دائرة انتشاره بحيث ترتبط أطراف العالم بهذه الثقافة الغالبة والمهيمنة، وتشكل انظلاقا من ذلك ثقافة عالمية واحدة تخترق الثقافات المختلفة بحيث تحولها إلى توابع تسبح في مدار هذه الثقافة العالمية.

وفي هذا المجال فإن التحدي الذي يجب تحويله إلى رهان يمكن كسبه بالنسبة للدول النامية على العموم ودولنا العربية على الخصوص هو تقليص الفجوة الثقافية والعلمية والتكنولوجية، كما يتمثل التحدي في كيفية التوفيق بين الأصالة والمعاصرة وكيفية مواجهة الأنماط الثقافية للدول المتقدمة وفي مقدمتها أمريكا.

ج. عولمة الإعلام:

أما عولمة الإعلام فهي سمة رئيسية من سمات العصر المتسم بالعولمة وهي امتداد أو توسع في مناطق جغرافية مع تقديم مضمون متشابه وذلك كمقدمة لنوع من التوسع الثقافي نتيجة ذلك التطور لوسائل الإعلام والاتصال، التي جعلت بالامكان فصل المكان عن الهوية، والقفز فوق الحدود الثقافية والسياسية، والتقليل من مشاعر الإنتماء إلى مكان محدود، ومن الأوائل الذين تطرقوا إلى هذا الموضوع عالم الإجتماع الكندي مارشال ماكلوهان، حيث صاغ في نهاية الستينات ما يسمى بالقرية العالمية، وتشير عولمة الإعلام إلى تركيز وسائل الإعلام في عدد من التكثلات الرأسمالية العابرة للقارات لإستخدامها في نشر وتوسيع نطاق النمط الرأسمالي في كل العالم من خلال ما يقدم من مضمون عبر وسائل الإعلام.

ومن ثم فإن عولمة الإعلام توصف بأنها عملية تهدف إلى التعظيم المتسارع والمذهل في قدرات وسائل الإعلام والمعلومات على تجاوز الحدود السياسية والثقافية بين المجتمعات بفضل ما تقدمه تكنولوجيا الحديثة والتكامل والاندماج بين هذه الوسائل بهدف دعم وتوحيد ودمج أسواق العالم وتحقيق مكاسب لشركات الإعلام والإتصال والمعلومات العملاقة وهذا على حساب دور الدولة في المجالات المختلفة، وعند تأمل

عناصر واشكال الإتصال في العالم الذي تملك فيه الولايات المتحدة الأميريكة عناصر السيطرة نجد ما يلي:

- المواد والتجهيزات التقليدية الخاصة بالاتصال وصناعة الإعلام أمريكية.

- تدفق المعلومات عبر الفضائية تحت السيطرة الأميريكية.

- مصادر المعلومات أميريكية الصنع.

- الطريق السريع للمعلومات تحتل فيه الولايات المتحدة المرتبة الأولى.

كل هذه العوامل تجعل منها تمارس عولمة الإتصال من خلال أبرز آلياتها متمثلة في القنوات الفضائية والأنترنات، وهذا التفوق على أوربا واليابان سواءا في الانتاج أو الترويج للمنتوجات الإعلامية مكنها من أن تصبح النموذج الذي تسعى الدول المتخلفة إلى تقليده.

ومن خلال عولمة الإعلام ومظاهرها يمكن القول أن من يملك الثالوث التكنولوجي ( وسائل الإعلام السمعية البصرية، شبكات المعلومات، الطريق السريع للمعلومات ) يفرض سيطرته على صناعة الإتصال والمعلومات المصدر الجديد في عصر العولمة لإنتاج وصناعة القيم والرموز والذوق في المجتمعات، وهنا تظهر الصورة كأحد أهم آليات العولمة في المجال الإعلامي بعد التراجع الكبير للثقافة المكتوبة وظهور ما أصطلح على تسميته بثقافة ما بعد المكتوب.

ويمكن القول أن وسائل الإعلام وشبكات الإتصال تؤدي مجموعة من المهام في مسار العولمة يمكن ذكرها:

- تمثل آلية اساسية للعولمة الإقتصادية باعتبارها تيسر التبادل الفوري واللحظي والتوزيع على المستوى الكوني للمعلومات ولا يمكن تصور الإقتصاد العالمي اليوم دون اتصال.

- تروج وسائل الإعلام الإيديولوجية الليبرالية الكونية انطلاقا من الدول الكبرى و المؤسسات الاقتصادي العملاقة.

- تساهم في خلق اشكال جديدة للتضامن والتعاون بين الأفراد عبر الشبكات.

وقد مكن الإعلام والتطور التكنولوجي من ظهور الإعلام والمعلومات كسلطة ووسيلة تحول المجتمعات وتغيرها.

د. العولمة السياسية:

ولنوضح ذلك نشير هنا إلى أن زبيغنيو بريجنسكي مستشار الرئيس الاميريكي جيمي كارتر خلال 1977-1980 فكرة القرية العالمية، وحاول تحويل ذلك لصالح أمريكا حيث اعتبر أن أمام بلاده فرصة لتقدم للعالم نموذجا كونيا للحداثة يحمل قيم المجتمع الأمريكي ونمط حياته، وهذا من خلال سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك على نحو 65% من التدفقات الإعلامية العالمية يف ذلك الوقت الذي سماها بريجنسكي نفسه العصر الإلكتروني.

وأخيرا وزيادة على المظاهر السابقة الذكر يمكن القول بأننا نشهد اليوم عولمة شاملة مطروحة للتداول في سوق الفكر والسياسة، وهي تعني النهج المراد به إضفاء طابع عالمي على النشاط الإنساني عامة.

7. العولمة الفرص و التحديات:

إن العولمة تقوم في الوقت الحالي بتغيير سمات الواقع الاقتصادي العالمي يطرق جوهرية كبيرة،يحركها في هذا الاتجاه الاندفاع الواسع باتجاه عملية تحرير التجارة العالمية ،و الاندماج الكبير للأسواق وخاصة أسواق رأس المال،وزيادة إنتاج الشركات متعددة الجنسيات التي وصل عددها حوالي 40 ألف شركة يمتد ننشاطها إلي كافة القطاعات وتغطي كل القارات ،وقد بلغت إرادات أكبر 500شركة عابرة للقارات في عام 1996نحو 11000 مليار دولار وهو ما يشكل 44% من الناتج المحلي العالمي الذي وصل إلى نحو 23000 مليار دولار وتسيطر هذه الشركات على ثلث الإسثثمارات الأجنبية المباشرة وثلثي التجارة الدولية في مجال السلع و الخدمات.

وإن تحقيق اندماج في السوق العالمية (العولمة يترك أثارا عميقة على البلدان ويخلق فرصا كثيرة جديدة هامة و كثيرا من المزايا.

1-الفرص التي تقدمها العولمة:

يرى الكثير من أن الظاهرة تخلق فرصا ظاهرية كثيرة للبلدان وتقدم فرصا جديدة للاقتصاديات الناشئة منها:

-إقامة أسواق جديدة للتجارة.

-الحصول على سوق من أكبر الأسواق ومن تم إيجاد مجموعة عريضة من السلع و الخدمات.

-تدفقات كبرى إلى الداخل من رؤوس الأموال الخاصة.

-تحسين إمكانية الحصول على التكنولوجيا من خلال الإسثثمار الأجنبي المباشر.

-إمكانية تحقيق النمو الاقتصادي القائم على التصدير.

-الحد من اتباع الحكومات سياسات لاتتلائم مع الاستقرار المالي طويل الأجل.

-زيادة على أن البلدان عند قيامها بإصلاحات اقتصادية تجعلها فاعلة و مستفيدة في نفس الوقت من العولمة حيث أن الإصلاح يسهم في العولمة ،ويوسع الفرص أمام البلدان للمشاركة في المنافع العالمية بسبب تعزيز الكفاءة الإنتاجية ،وتوفير بيئة ملائمة أكثر ملائمة للتصدير و الاستثمار الأجنبي.

كما أن العولمة تفتح الباب على النمو القائم على التصدير بسبب مابتيعها من إزالة العوائق أمام التجارة الدولية،وهذا التوسع القائم على التصدي إلى إمكانية النمو الناتج بصورة عامة يؤدي إلى زيادة الثروة ويتم ذلك من خلال المناقشة وتخصيص الموارد بطريقة جيدة.كما أن الاندماج في السوق العالمية يؤدي الى زيادة التخصيص في الإنتاج ونقل التكنولوجيا بواسطة الإسثتمار الأجنبي المباشر ،كما أن العولمة تسمح بنقل الأفكار و الثقافات وأفضل الممارسات العالمية في مختلف المجالات.

2-التحديات المرافقة للعولمة:

وعلى الرغم من هذه الفرص الظاهرية التي تقدمها العولمة للبلدان النامية من أجل اندماج أكبر في السوق العالمية،يمكن القول بأن هذه الظاهرة ترافقها تحديات صعبة وكبيرة للإدارة الاقتصادية للبلدان،حيث أن تنامي الاعتماد المتبادل وزيادة الارتباط في الاقتصاد العالمي أدت إلى زيادة مخاطر انتشار الأزمات بمعنى أي صدمة

عالمية أو إقليمية يمكن أن تنتقل بسرعة إلى الاقتصاديات الأخرى،ولا يمكن اعتبار أي بلد في منأى عن هذه التغيرات المفاجأة في الاقتصاد العالمي ويعرضها إلى صدمات خارجية،وتؤدي هذه الصدمات إلى تقليل دخل البلد في العملات الأجنبية،أو زيادة مدفوعات البلدان إلى الخارج مما يؤدي إلى مشاكل وصعوبات في موازن مدفوعات الدول الأمر الذي يؤثر على احتياط الصرف وهو ما يقدر سلامة النظام المالي للبلد.

ومن جهة أخرى فان الاندماج في الحركة الاقتصادية الدولية يتطلب :

-حرية التجارة.

-نظام استثماري حر.

- زيادة حدة المنافسة على المستوى الدولي.

كما أن اندماج أسواق رؤوس الأموال الدولية و الإمكانيات السريعة للتجارة يؤدي إلى احتمال تقلب رؤوس الأموال الأمر الذي يصعب ويعقد من إدارة الاقتصاد للبلدان النامية ،وفي مثل هذه الأوضاع يتطلب الأمر ضرورة مراعاة ثقة الأسواق ،وفي هذا الإطار تصبح السياسة الاقتصادية السليمة لها أهمية كبيرة حيث أن المنافع تزداد والتحديات و المخاطر تكون أكبر خاصة في حالة جمود السياسة الاقتصادية أوخطأها،زيادة على أن العولمة تؤدي إلى زيادة المنافسة وحركة رؤوس الأموال على المستوى العالمي تؤدي إلى قيام المستثمرين باكتشاف الفرص في أنحاء العالم.

كما يمكن أن تؤدي العولمة إلى وضع قيود على الاختيارات المتاحة أمام الحكومات وللاستفادة من منافع وفرص العولمة ينبغي تعزيز كفاءة الإنتاج وتوفير بيئة أكثر ملائمة للصادرات و لاستثمار الأجنبي،وينبغي للسياسات الاقتصادية أن تحول لتعزيز النمو المتجه إلى الخارج من خلال اتباع سياسات في مجال التجارة و الاستثمار وسعر الفرق تؤدي إلى إنتاج أكبر وزيادة القدرة التنافسية ،ودعم الإصلاح،وتحسين كفاءة البلدان في توفير الخدمات،وهو أمر هام ليس للحصول على فرص في مجال التصدير ،لأن الحصول على خدمات فعالة سيكون له أهمية متزايدة في القدرة التنافسية وفي مجال الاقتصاد بأكمله.

وعلى العموم فان ظاهرة العولمة وفرت فرصا ومنافع بسبب تزايد درجة الانفتاح

و الاتصال بالطب الحديث،و التعرف على ثقافات مختلفة ،وأنماط وأساليب حياة متعددة إلى أن لا توجد قناة واحدة من قنوات العولمة خالية من الآثار السلبية المؤثرة على التنمية وعلى البلدان النامية وفيما يلي بعض هذه الآثار:

-عدم الاستجابة لهذه التغيرات التي تطرحها العولمة من خلال ضرورة تعديل السياسات المحلية لتصبح أكثر جاذبية لرؤوس الأموال الوطنية و الأجنبية وتهيئة

الظروف لتصبح ملائمة لهذه التحولات يؤدي إلى أن البلدان ستخسر الكثير في عصر العولمة،لأن هذه الظاهرة يؤثر على جميع الأطراف بسبب زيادة الاندماج و الارتباط.

-نظرا لوجود الشركات العابرة للقارات و القضايا العابرة للحدود والتي تهدد الدول وتتطلب ضرورة التكتل و التعاون الدولي لحل القضايا المعقدة العالمية ،و التي تتطلب بدورها أنظمة يمكن تسميتها بأنظمة فوق قومية مثل المنظمة العالمية للتجارة.

-العولمة تعتمد على ظاهرة رأسمالية التحالف وأن المنافسة و التحالف هما وجهان لعملة واحدة في إطار هدا النوع عكس مما هو سائد في الرأسمالية الفردية.

- العولمة مثل الرأسمالية تحمل بذور انتشار الأزمات بين الدول فحين يتعرض بلد لأزمة يحدث رد فعل سريع في اقتصاديات الدول الأخرى بين سرعة الاتصالات وشدة الارتباط،الآمر الذي حدث في تجربة آسيا و الأزمة المالية التي عرفت سنة1997.

- نظرا لأهمية الخدمات في عصر العولمة ، ولكي يكون هذا القطاع ناجعا لا بد عليه أن يقوم بتوصيل الخدمة في أقرب وقت وعلى أعلى مستوى من الخدمة .

- كما أن العولمة تترك آثارا هامة على الأنماط الاستهلاكية وعلى الثقافات و تخلق صراعا بين الثقافة المحلية الوافدة.

8. الأهمية المتزايدة للبلدان النامية في الاقتصاد العالمي:

لقد ظلت البلدان النامية ولفترة طويلة جدا تعتمد على تطور الاقتصاديات الصناعية ،وبقيت حصة الإنتاج و التجارة وتدفقات رؤوس الأموال إلى البلدان النامية تتزايد خاصة خلال العقدين الماضيين.

وانطلاقا من هذا هل يمكن تصور أن تلعب هذه البلدان دورا أكبر في الاقتصاد العالمي،وأن تكون لها تأثير على البلدان الصناعية في ظل العولمة ، وهذا رغم أن الأهمية المتزايدة للبلدان النامية في الاقتصاد العالمي بقيت محصورة حتى الآن في عدد قليل من البلدان .

وفي ظل هذه الأوضاع الحالية المتسمة بالاندماج السريع في الاقتصاد العالمي وزيادة التكامل ،فإن المنافع التي تعود إلى البلدان النامية ككتلة غير متكافئة مع درجة التحرر و الاندماج باعتبار هذه البلدان قوة دافعة في مجال العولمة.

وإن كانت الدول النامية قد أصبحت كمجموعة أكثر اندماجا على المستوى الدولي ، فغن سرعة ومستوى الدمج تختلف اختلافا كبيرا من بلد إلى آخر ، و التناقض في مجال التجارة أكثر وضوحا بين آسيا و أفريقيا حيث ازداد اندماج شرق آسيا في التجارة العالمية بسرعة وبطريقة مستدامة، في الوقت الذي كانت فيه التجارة إلى الناتج المحلي الإجمالي في افريقيا جنوب الصحراء في انخفاض مستمر ، كما أن الاندماج التجاري قد تسارع في مناطق أخرى مثل أمريكا اللاتينية ، جنوب آسيا و وسط أوربا.

إن ما يجب التأكيد علية هو أن الاندماج المتزايد للبلدان النامية في التجارة العالمية يصاحبه و يعززه في الواقع اندماجها المتنامي في التمويل الدولي، و على سبيل المثال فقد تضاعفت تدفقات رؤوس الأموال الخاصة إلى البلدان النامية أربع مرات خلال الفترة الممتدة بين 1990 و 1994، و بلغت خلال المنتصف الثاني لعقد التسعينات

ثلاث أرباع كافة تدفقات الموارد الصافية طويلة الأجل للبلدان النامية زيادة على أنها الآن أكثر تنوعا من ذي قبل، و قد وصلت حصة البلدان هذه من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم إلى أكثر من 40 في عام 92 – 94 ، وكان ذلك راجعا في الأساس إلى التحسينات التي حصلت على سياسات و إمكانيات هذه البلدان من جهة ، والتغييرات الهيكلية في كل من البلدان المانحة و المتلقية ، و التي ساهمت في دمج سوق رأس المال الدولية كان لها دورها كذلك ، زيادة على عملية تحرير الأسواق و إلغاء اللوائح و تدويل العمليات متعددة الجنسيات .

9. الإندماج والمنافع المتوقعة:

ورغم ما تتميز به العولمة اليوم من سرعة الاندماج للبلدان النامية في إطار السوق العالمية ، إلا أن المخاوف تزداد من الجوانب السلبية للعولمة ، خاصة قلة المنافع التي تعود على البلدان خاصة إذا ما عرفنا أن أفقر سكان العالم و عددهم 1.5 مليار نسمة مازالوا يعيشون على أقل من دولار واحد في اليوم ، و تزداد المخاوف بخصوص مشاركة هؤلاء الفقراء في منافع العولمة و الاستفادة منها .

و هناك منافع مرتبطة بالعولمة، و خاصة في الجانب المتعلق بالتمويل حيث تتيح العولمة إمكانية زيادة التنوع في موارد التمويل، و هو ما يقلل مخاطر أزمات القروض ( الائتمان)، فعندما تعاني البلدان و أجهزتها المصرفية صعوبات في الداخل سيكون في وسعها ( المقترضين) الحصول على أموال بإصدار أسهم في أسواق الأوراق المالية المحلية أو البحث عن مصادر تمويل من أسواق رأس المال الدولية ، إلا أن هذه المنافع يصاحبها تحدي يتمثل في تقلب الأسواق ، الأمر الذي يمكن أن يؤثر على الاستقرار المالي .

و هناك منافع أخرى مرتبطة بالعولمة المالية ، وهي أن المقترضين والمستثمرين الذين تتاح لهم فرص أكبر لاختيار من خلال الفرص التي تتيحها العولمة و المتعلقة باكتشاف فرص أكبر في اتحاد العالم يستطيعون الحصول على شروط أفضل لتمويلهم ، و في وسع المؤسسات تمويل الاستثمارات المادية بطريقة أرخص نسبيا ، وكل هذا ينعكس على تشجيع الاستثمار و الادخار مما يساعد على النمو الاقتصادي.

وفي الأخير فإن المؤسسات و البنوك ذات الجدارة الائتمانية في الأسواق الناشئة تستطيع في ظل العولمة خفض تكاليف ما تحصل عليه من قروض وهذا بعدما أصبحت الآن قادرة في ظل عولمة التمويل على الحصول على كمية أكبر من رأس المال من مجموعة متنوعة و متنافسة من الموردين ،ولكن وكما هو معروف من خلال الدروس التي تعلمناها من الأزمات المالية (المكسيك1994/1995) الأزمة الآسيوية و الروسية(1997/1998)فإن الأخطار التي تترتب على هذه الأزمات كبيرة جدا وانتشرت بفعل الاندماج وترابط الأسواق عبر العام ،يمكن أن تهدد سلامة النظام المالي ،وتظهر البحوث الحديثة أن إمكانية تعرض بلد ما لأزمات قد ازدادت بظهور العولمة بسبب التقدم التكنولوجي الذي مكن من تحرك الأموال إلى داخل الدول وإلى خارجها بسرعة

كبيرة كما أن عدم [1] الاستقرار المالي في دولة ما يمكن أن يهدد النظام المالي الدولي بأكمله الأمر الذي حدث عندما توقفت روسيا عن سداد ديونها وتخفيض قيمة عملتها (الروبل) سنة 1998 حيث تعرض المستثمرين في لأنحاء العالم إلى خسائر،وانهارت أسواق الأوراق المالية في كل من الأسواق الصاعدة و البلدان الصناعية.

ورغم أنه في وسع المؤسسات المالية و المشاركون في السوق المساهمة في تحقيق الاستقرار المالي من خلال الإدارة المخاطر بشكل جيد ولكن خطوط الدفاع الأولى ضد المشاكل المالية و المخاطر النظامية هي المؤسسات المالية السليمة و الأسواق المالية الكفؤة و الانضباط الفعال للسوق.

ويجب أن يلعب المنظمون و المحليين و المراقبون دورا من خلال زيادة التنسيق و تبادل المعلومات عبر البلدان لمعرفة المشاكل المالية.

وما يجب التأكيد عليه في هذا السياق هو أن هناك عدة عناصر وقضايا مترابطة للعولمة تفسر سرعة الاندماج منها ونتائجها،وتبين أن منافع ومكاسب العولمة في المستقبل سوف تستمد من درجة استعداد البلدان ،وعلى من الزخم الجديد الذي تكسبه هذه الظاهرة الناتج عن مكاسب التكنولوجيا و الاتصالات فإن هناك تنامي كبير في درجة تحرك البلدان في اتجاه العولمة.

ورغم أنه لا يوجد إلا القليل ممن يشككون في صحة العائد الاقتصادي المترتب على تزايد الانفتاح الاقتصادي ،إلا أن المشكل يكمن في أن هذا العائد غير موزعة بالتساوي فيما بين البلدان وبداخلها.


الخـــــاتمة:

من خلال هذه الورقة البحثية تبين لنا مايلي:

-الفترة الحالية تشهد تنشيط العولمة بسهولة لم يسبق لها مثيل من خلال تبادل المعلومات ،الذي وفر الفرصة أمام المتوجات و الخدمات المتاجر فيها

-العولمة ظاهرة قديمة رغم أن المصطلح الحديث ،وهي ليست ظاهرة نافعة تماما أو ضارة إطلاقا ،و الجانب السلبي لها مرتبط بالإجبار والإكراه وليس بالتبادل الطوعي أو الاستثمار أو نشر المعرفة ومن الواضح أن العولمة عن طريق نشر المعرفة التكنولوجية المقيدة اقتصاديا قد لعبت دورا كبيرا في النجاح الاقتصادي لكثير من الدول.

-إن وجود نظام عالمي متسم بالعولمة ومتكامل تماما يوفر أكبر مجال لزيادة الرفاه الإنساني بناءا على فرضيات تتعلق بالحركة الدولية الحرة للسلع وعوامل الإنتاج وتوفير المعلومات ودرجة المنافسة.

-العولمة توفر الكثير من الفرص الظاهرية المرتبطة بزيادة حجم التجارة الدولية وتدفق رؤوس الأموال وتحسين إمكانية الحصول على التكنولوجية ،ويرافقها الكثير من التحديات و الآثار المرتبطة بالتهميش و الإقصاء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية الأنساق العامة: إمكانية توظيفها في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية

ملخص الأدب مدرسة الإحياء و البعث (الاتباعية - الكلاسيكية الجديدة)

السيميائية :أصولها ومناهجها ومصطلحاتها