ابن رشد

هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد ابن رشد ولد في قرطبة (1126 - 1198)[4]. أبو الوليد قاضي، طبيب، فقيه، فيلسوف، فلكي، فيزيائي. نشأ في أسرة من أكثر الأسر وجاهة في الأندلس وعرفت بالمذهب المالكي، حفظ موطأ مالك، وديوان المتنبي[5].ودرس الفقه على المذهب المالكي والعقيدة على المذهب الأشعري[6]. يعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام. دافع عن الفلسفة وصحح علماء وفلاسفة سابقين له كابن سيناوالفارابي في فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو. قدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين فعينه طبيباً له ثم قاضياً في قرطبة.[7]. تولّى ابن رشد منصب القضاء في أشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، تعرض ابن رشد في آخر حياته لمحنة حيث اتهمه علماء الأندلس والمعارضين له بالكفر و الإلحاد ثم أبعده أبي يعقوب يوسف إلى مراكش وتوفي فيها (1198م)

فلسفته

انظر: رشديه

يرى ابن رشد أن لا تعارض بين الدين والفلسفة، ولكن هناك بالتأكيد طرقاً أخرى يمكن من خلالها الوصول لنفس الحقيقة المنشودة. ويؤمن بسرمدية الكون ويقول بأن الروح منقسمة إلى قسمين اثنين: القسم الأول شخصي يتعلق بالشخص والقسم الثاني فيه من الإلهية ما فيه. وبما أن الروح الشخصية قابلة للفناء، فإن كل الناس على مستوى واحد يتقاسمون هذه الروح وروح إلهية مشابهة. ويدعي ابن رشد أن لديه نوعين من معرفة الحقيقة، الأول معرفة الحقيقة استناداً على الدين المعتمد على العقيدة وبالتالي لا يمكن إخضاعها للتمحيص والتدقيق والفهم الشامل، والمعرفة الثانية للحقيقة هي الفلسفة، والتي ذكر بأن عدد من النخبويين الذين يحظون بملكات فكرية عالية توعدوا بحفظها وإجراء دراسات جديدة فلسفية.[8]

علم الفلك

كان ابن رشد مغرماً بعلوم الفلك منذ صغره، فكان يلاحظ الفلكيون حوله يتكاتفون لمعرفة بعض أسرار هذه السماء في وقت الظلام، وحين بلغ عمره الخامسة والعشرون بدأ ابن رشد يتفحص سماء المغرب من مدينتهمراكش والتي من خلالها قدم للعالم إكتشافات وملاحظات فلكية جديدة، واكتشف نجماً لم يكتشفه الفلكيين الأوائل.[9]. وكان ابن رشد يتمتع بملكة عقلية باهرة، فكان يناقش نظريات بطليموس بل أنه نبذها من أصلها وأبدلها بنماذج جديدة تعطي تفسيرات فضلى لحقيقة الكون، وقدم للعالم تفسيراً جديداً لنظرية رشدية جديدة سميت "إتحاد الكون النموذجي". ومن بعض انتقاداته لنظريات بطليموس حول حركة الكواكب أن قال: من التناقض للطبيعة أن نحاول تأكيد وجود المجالات الغريبة والمجالات التدويرية، فعلم الفلك في عصرنا لا يقدم حقائق ولكنه يتفق مع حسابات لا تنطبق مع ما هو موجود في الحقيقة[10]. ثم انطلق يقدم الإنتقادات الحصيفة حيال بعض الفرضيات التي قدمها الفلكيون في عصره. ثم قام بالمشاركة بوصف القمر بالغير الواضح والغامض، وقال بأنه يحمل طبقات سميكة وأخرى أقل سماكة وتجتذب الطبقات السميكة نور الشمس أكثر من الطبقات الأقل سمكاً. وقدم للعالم وللغرب أول التفسيرات البدائية والقريبة علمياً لأشكال البقع الشمسية.

الأخلاق

كان إبن رشد أشهر فيلسوف في تاريخالأندلس.

انطلق ابن رشد في آرائه الأخلاقية من مذهبَي أرسطو وأفلاطون، فقد إتفق مع أفلاطون أن الفضائل الأساسية الأربع هي (الحكمة والعفة والشجاعة والعدالة)، لكنه اختلف عنه بتأكيده أن فضيلتي العفة والعدالة عامتان لكافة أجزاء الدولة (الحكماء والحراس والصناع)، وهذه الفضائل كلها توجد من أجل السعادة النظرية، التي هي المعرفة العلمية الفلسفية، المقصورة على "الخاصة". وقد قَصَرَ الخلود على عقل البشرية الجمعي الذي يغتني ويتطور من جيل إلى آخر. وقد كان لهذا القول الأخير دورٌ كبير في تطور الفكر المتحرِّر فيأوروبا في العصرين الوسيط والحديث. وأكد ابن رشد على أن الفضيلة لا تتم إلا في المجتمع، وشدَّد على دور التربية الخلقية، وقد بسط ابن رشد أهم آرائه الأخلاقية من خلال شروحه على الأخلاق إلى نيقوماخوس لأرسطو وجوامع السياسة لأفلاطون.[11]. وأناط بالمرأة دورًا حاسمًا في رسم ملامح الأجيال القادمة، فألحَّ على ضرورة إصلاح دورها الإجتماعي في إنجاب الأطفال والخدمة المنزلية. وقد قال بعض الباحثين" لقد تساءل الفيلسوف ابن رشد في القرن الثاني عشر الميلادي وهو يعاين إنطفاء آخر أنوار الحضارة العربية التي سمت في الشرق الأوسط وأسبانيا إلى ذرى شاهقة عما إذا لم يكن هذا الإنحطاط يرجع حزئياً على الأقل إلى الوضع الذي حبست فيه المرأة، وإلى إنتباذها خارج الحياة الإجتماعية.[12]

مؤلفاته

لابن رشد مؤلفات عدة في أربعة أقسام: شروح ومصنفات فلسفية وعملية، شروح ومصنفات طبية، كتب فقهية وكلامية، كتب أدبية ولغوية، لكنه اختص بشرح كل التراث الأرسطي. وقد أحصى جمال الدين العلوي[13] 108 مؤلفاً لابن رشد، وصلنا منها 58 مؤلفاً بنصها العربي.

من شروحاته وتلاخيصه لأرسطو:

وله مقالات كثيرة ومنها:

وله ""كتب أشهرها"":

مكانته في الغرب

ابن رشد، جزء من إفرسك لوحة مدرسة أثينا، الفنان رافاييل، 1509م، غرفة التوقيعات، قصر بونتفيتشي، الفاتيكان، روما، إيطاليا

وكان يعرف ابن رشد في الغرب بتعليقاته وشروحه لفلسفة وكتابات أرسطو والتي لم تكن متاحة لأوروبا اللاتينية في العصور الوسطى المبكرة. وقبل عام 1100م كان عدد قليل من كتب أرسطو عن المنطق هو الذي تم ترجمته إلى اللغة اللاتينية على يد الفيلسوف المسيحي بوتيوس Boethius، على الرغم من أن أعمال أرسطو الكاملة كانت معروفة في بيزنطة. ثم بعد أن إنتشرت الترجمات اللاتينية للأعمال الأخرى لأرسطو من اليونانية والعربية في القرن الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين أصبح أرسطو أكثر تأثيراً على الفلسفة الأوروبية في العصور الوسطى. وقد ساهمت شروح ابن رشد على إزدياد تأثير أرسطو في الغرب في العصور الوسطى. وفي أوروبا العصورالوسطى أثرت مدرسة ابن رشد في الفلسفة، والمعروفة باسم الرشدية تأثيراً قوياً على الفلاسفة المسيحيين من أمثال توما الأكويني، والفلاسفة اليهود من أمثال موسى بن ميمون وجرسونيدوس. وعلى الرغم من ردود الفعل السلبية من رجال الدين اليهودي والمسيحي إلا أن كتابات ابن رشد كانت تدرس في جامعة باريس وجامعات العصور الوسطى الأخرى، وظلت المدرسة الرشدية الفكر المهيمن في أوروبا حتى القرن السادس عشر الميلادي.[14] وقد قدمكتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال تبريراً للتحرر من العلم والفلسفة من اللاهوت الأشعري، وبالتالي إعتبرت الرشدية تمهيداً للعلمانية الحديثة.[15][16]

وقد كتب جورج سارتون أبو تاريخ العلوم ما يلي:

" ترجع عظمة ابن رشد إلى الضجة الهائلة التي أحدثها في عقول الرجال لعدة قرون. وقد يصل تاريخ الرشدية إلى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، وهي فترة من أربعة قرون تستحق أن يطلق عليها العصور الوسطى، حيث أنها كانت تعد بمثابة مرحلة إنتقالية حقيقية بين الأساليب القديمة والحديثة."[17]

وقد عكف ابن رشد على شرح أعمال أرسطو ثلاثة عقود تقريباً، وكتب تعليقات على جل فلسفاته ما عدا كتاب السياسة حيث لم يكن متاحاً لديه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نظرية الأنساق العامة: إمكانية توظيفها في الممارسة المهنية للخدمة الاجتماعية

ملخص الأدب مدرسة الإحياء و البعث (الاتباعية - الكلاسيكية الجديدة)

السيميائية :أصولها ومناهجها ومصطلحاتها