يزخر المغرب بتنوع جغرافي كبير يتمثل في شواطئ وجبال وسهول , لها ايجابياتها وسلبياتها وقد تغلب السلبيات على الايجابيات لأن اكثر من نصف مساحته تصنف ضمن مناطق قروية طالها الاهمال ونخر فيها الفقر بسبب توالي سنوات الجفاف وانجراف التربة وتصحرها مما ساهم في افراغ معظمها من السكان عن طريق الهجرة الى المدن .ولم يبق في البعض منها الا المعالون بصورة تضامنية من اقربائهم بالخارج . ولا يمكن وضع حد لهذا التردي الا بسن سياسة تنموية هادفة تستهدف الابعاد البشرية والاجتماعية والاقتصادية وتتطلب مخططات بعيدة ومتوسطة المدى , تجند لها كل الامكانيات الانجاز والتنفيذ , وتحشد لها جميع وسائل الدعم والمساندة , من تعبئة الفاعلين , واشراك المعنيين في المتابعة , والحماس لإنجاحها , ولتبرير ضرورة العمل على الاسراع في تنمية العالم القروي لابد من التذكير با لوضعية المتردية التي يعيشها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي والمثمثلة في انخفاض مستوى التنمية البشرية به مقارنة مع الوسط الحضري وكذا ضعف البنيات الاقتصادية والاجتماعية الاسا سية اذ ان ما يقرب من 60 في المئة من القرى تعاني من العزلة والتهميش بسبب غياب التجهيزات الاساسية كالطرق والكهرباء والماء الصالح للشرب والمراكز الصحية والمدارس مما يزيد من استفحال ظاهرتي الامية والفقر حيث ان نسبة مهمة من الساكنة القروية تعيش تحت عتبة الفقر الشئ الذي يؤدي حتما الى ارتفاع البطالة والهجرة بنوعيها الداخلية والخارجية خصوصا السرية منها .
وقد عمل المغرب عبر تاريخه على تحسين مستوى عيش السكان رغم قساوة الظروف الطبيعية والبشرية والتي تجعل تلك التنمية غير متجانسة ومنذ بداية التسعينيات اصبح الاهتمام منصبا على تنمية العالم القروي الذي يعاني سكانه من مشاكل عويصة , فظهرت اصوات تنادي بفك العزلة عنه وتنميته وربطه بعجلة التقدم لتقليص الفوارق بينه وبين الحواضر , لكن هذا الاهتمام لم يكن من طرف الدولة وحدها بل برز على الساحة مجموعة من الفاعلين من المجتمع المدني وبالخصوص جمعيات تنموية تجندت بكل امكانياتها المتاحة للعمل على ضمان تنمية مستدامة للعالم القروي.
التنمية من المفاهيم السحرية التي يشدو الجميع نقلها من المنطوق الى الملموس لكنها عصية عن الحصر والتسييج ومن العلاجات الرئيسية التي شخصها الخبراء والمهتمون كحل للمشاكل المستعصية التي تتخبط فيها البشرية وفي الوقت الذي انحصر فيها مفهوم التنمية لعدة عقود على التنمية بمفهومها الاقتصادي والاجتماعي بات الجميع اليوم دول وشعوب يتحدث عن التنمية البشرية بأبعادها الشاملة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ، المغرب بدوره في سياق التحولات الاقليمية والمحلية التي تحيط به وتؤثر على قراره وتوجهاته الكبرى اعلن انخراطه في التنمية البشرية الشاملة واعادة الاعتبار للعنصر البشري في أي تخطيط مستقبلي لكن ربما الارث الاجتماعي والاقتصادي السلبي مازال يلقي بظلاله على الطموحات الكبيرة ويجعلها مؤجلة رغم المجهودات التي ابانت عنها العديد من المبادرات الرسمية ومنها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تستهدف الحد من الاقصاء الاجتماعي وتقليص الفوارق الاجتماعية وانتشال العالم القروي من التهميش واليأس
1-التأصيل الحقوقي لحق التنمية
والحق في التنمية مهم بالنسبة لأي انسان كيفما كان اصله وشكله او طبعه ويصنف هذا الحق ضمن الجيل الثالث من حقوق الانسان المبني اساسا على التضامن , مما ادى بالمنظومة الدولية الى الاعتراف به تدريجيا انطلاقا من ميثاق الامم المتحدة نفسه (المادة 55 والمادة 56 ) وعدد كبير من النصوص والاعلانات التي تنحدر اساسا من الجمعية العامة للامم المتحدة (الاعلان الدولي حول التقدم والتنمية في المجال الاجتماعي لسنة 1969 ) و(الاعلان الدولي بشأن اقرار نظام اقتصادي عالمي لسنة 1974) و(ميثاق الحقوق والواجبات الاقتصادية للدول لسنة 1974) بالاضافة الى القرارات الهامة للجن الاممية التابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للامم المتحدة وبالخصوص القرار الهام 128/41 المثمثل في اعلان الحق في التنمية الذي صدر في 4 دجنبر 1986 (1) ثم قرار الجمعية العامة للامم المتحدة 199/47 بتاريخ 22 دجنبر 1992 الذي اعتب رالتنمية الانسانية الاجتماعية المستديمة الهدف المتوخى من كل عمل تنموي سواء كان دوليا او قطريا او محليا (2)
2-النظرة التنموبة للجماعات المحلية
ان تهيئة المناخ الملائم للجهد التنموي المحلي بواسطة العناية بالجماعات القروية وتنميتها لا يتاتى الا في اطار النظرة المتوازنة للجماعات المحلية المغربية و ذلك با تخاذ منظور المساوات و العدالة بين جميع الجماعات المحلية وتهيئة المناخ الاسثتماري المناسب لها لاستغلال الثروة المحلية وفي ضوء خطة التنمية الشاملة حتى لايؤتر الاهتمام بجماعة محلية ما سلبا على مسار التنمبة الشمولية.فبالرغم من التباين الجغرافي الذي يطبع الجماعات القروية فهذا لا يمنع انتشار عملية التنمية الشموليةبجميع الجماعات القروية باعتبار ان التنمية الاقتصاديةتقوم اساسا على محاورللتنمية وان النشاطات الاقتصاديةلكل جماعة محلية تتركز في مواقع جغرافية هامة تكون مصدرالاشعاعالتنمية الى جماعات اخرى وايضا باعتبار ان مركز التنميةالقروية يتكون من جماعةقروية رئيسية وقد لوحظ ان التنمية الاقتصادية المتزايدة و المستمرة تكون مصحوبة بنوع من انتشارالنشاطات الاقتصادية من المراكز الى ما بحيط به.
يقطن بالعالم القروي بالمغرب اليوم حوالي 45% من الساكنة، هذه النسبة في تراجع مستمر لعدة عوامل منها :
تزايد حجم المدن وتوسعها من خلال توسيع المدارات الحضرية للمدن الكبرى والصغرى والمتوسطة بإضافة مجالات كانت إلى عهد قريب مجالات قروية صرفة.
ترقية بعض المراكز القروية إلى درجة مراكز حضرية خلال التقسيم الإداري الأجنبي.
الهجرة القروية وما تعرفه البادية المغربية من مشاكل تهم ;الفقر، البطالة، تراجع وتيرة النشاط الفلاحي بسبب التغيرات المناخية (الجفاف) ونقص في التجهيزات السوسيو اقتصادية.
كل هذه العوامل أصبحت تشكل عائقاً أمام تبني سياسة قروية تهدف إلى تنمية المجالات الريفية وتهدف بالأساس إلى الرفع من المستوى المعيشي للسكان وتأهيل المجالات القروية في إطار التنمية المستدامة
.1بعض المعطيات المتعلقة بالتنمية القروية بالمغرب:.
اذا ما اخذنا الترتيب العالمي لبرنامج الامم المتحدة للتنمية فإن وضعية التنمية البشرية بالمغرب عرفت تراجعا بحيث انتقل المغرب من الرتبة 117 عالميا حسب مؤشر التنمية البشرية سنة 1995 الى المرتبة 123 عالميا سنة 1999 ليصعد الى المرتبة 126 عالميا سنة 2003 –التقرير العالمي حول التنمية البشرية لسنة 2003- عند الحديث عن مؤشرات التنمية البشرية فنحن نتحدث عن معدلات رئيسية تهم الخدمات الاجتماعية الاساسية من تعليم وصحة وامية ثم معدلات الفقر والاقصاء الاجتماعي ونسب البطالة واتجاهاتها.
1- الفقر:.اتبعاً للإحصاء الذي قامت به وزارة الفلاحة خلال سنة 1996، تشكل الساكنة التي لها مدخول ضعيف 5,7 مليون نسمة أي حوالي 43% من الساكنة القروية. هذه الإحصائيات رغم قدمها إلا أنها تشكل أرضية لتحليل هذا الموضوع على اعتبار أنها كانت أكثر شمولية وهمت السكان القرويين، كما أنه منذ ذلك التاريخ لم تتغير الأمور كثيراً على مستوى البوادي المغربية.
ثلثي الساكنة الفقيرة بالبوادي تعيش في إطار استغلاليات صغرى micro- exploitation أقل من (
هناك دراسات أخرى تشير إلى أن 70% من الفقراء بالمغرب يعيشون بالعالم القروي. و 30% من الساكنة القروية تنفق 3000 درهم سنوياً وهو ما يقارب إلى حد ما عتبة الفقر التي حددتها المنظمات الدولية، هذه الساكنة الفقيرة تعيش من خلال تعدد الأنشطة الموسمية بالعالم القروي أو بالمجالات الحضرية القريبة. معدل البطالة بالعالم القروي هو في حدود 5,4% مقابل 13,9% كمعدل وطني. لكن هذه المعطيات ليست معبرة على اعتبار أن البطالة المقنعة هي السائدة بالعالم القروي
2- التمدرس: سجلت النفقات الاجتماعية الخاصة بالتمدرس بالنسبة للمواطن الواحد انخفاضا بلغ 11 في المئة بين 1983 و 1989 نجم عنها تراجع في عدد الساكنة المتمدرسة البالغة من العمر ما بين 7 سنوات و14 سنة .
لقد اقرت السلطات العمومية اصلاحا انطلق في السنة الدراسية 1998/1999 كان من نتائجه ان بلغ تمدرس الاطفال المنتمين الى الفئة العمرية 6 سنوات -11 سنة خلال الدراسية 1999-2000 أي في غضون سنتين نسبة 80 في المئة وقد توقعت الاحصائيات الرسمية تحقيق هدف تعميم التعليم ابتداءا من سنة 2002-2003 ولقد صدر في ذات الشأن قانون حول اجبارية التعليم ابتداءا من 6 سنوات -قانون 04.00 – المتعلق باجبارية التعليم بالنسبة لسلك التعليم الاساسي الصادر بتاريخ 19 ماي 2000.
وقد وضع –برنامج دعم التمدرس في الوسط القروي- مكن في ظرف ثلاث سنوات من زيادة عدد المتمدرسين في السلك الاول من التعليم الاساسي بنسبة 20.6 في المئة في مقابل 13.5 في المئة على المستوى الوطني .وقد هم هذا التقدم بالاساس تمدرس الفتيات القرويات الذي ارتفع بنسبة 34.8 في المئة .
3- الامية: مغربي من بين اثنين تقريبا امي وتمس الامية في المقام الاول والرئيسي الساكنة القروية 67 في المئة مقابل 33.7 في المئة من الساكنة الحضرية والنساء القرويات 83في المئة اكثر من الحضريات 45.5 في المئة .ان 72.5 في المئة من الساكنة القروية النشيطة والمشتغلة والبالغة من العمر اكثر من 15 سنة تعاني من الامية.
- وعلى الرغم من العمل المشترك للسلطات العمومية والجمعيات المدنية في اطار عدة برامج فان استئصال الأمية مايزال هدفا بعيد المنال ، اذ يصطدم في الواقع بعائق مزدوج :
ضخامة حجم الظاهرة من جهة ومحدودية الوسائل بل عدم ملاءمتها من جهة ثانية . وقد حددت الحكومة لنفسها سنة 2015 كأفق للقضاء على هذه الكارثة ، وبذلك انطلقت في مايو 2003 حملة وطنية تحت شعار " مسيرة النور " وحددت لها كهدف تعليم القراءة والكتابة لمليون شخص كل سنة ولكن من الصعب معرفة التاثير الحقيقي لهذه البرامج ومدى نجاحها.
ان الفتاة القروية هي اخر من يلتحق بالمدرسة وأول من ينسحب منها اذ مايزال تمدرسها محتشما وفي امس الحاجة الى مضاعفة المجهودات حيث فشلت الحقائق الميدانية على انقطاعات التلميذات القرويات وتغيبا تهن الطويلة الأمد كما ان بعض الدراسات الميدانية بينت الانخفاض الحاد بالنسبة للتلميذات القرويات اللواتي يلتحقن بمؤسسات التعليم الإعدادي ويعزى ذلك الى بعد هذه الأخيرة وبعدم الاستفادة من المنح الدراسية وقساوة الحياة في الوسط القروي
/ عوائق تمدرس الفتاة القروي
أ- عوائق اقتصادية
يعتبر العالم القروي اكبر خزان لظاهرة الفقر بجميع مستوياته وتجلياته البنيوية والظرفية. فالفقر من بين الحواجز التي تحول دون ولوج الفتاة القروية إلى المدرسة ، ذلك أن الآباء عاجزون عن تحمل مصاريف الدراسة لمجموعة من الأطفال في آن واحد فيضطرون إلى الاختيار والذي يكون غالبا على حساب الفتيات ، كما ترى الأسر في الفتيات يدا عاملة تساعدها في تحمل أعباء الحياة وتساعدها في الأعمال المنزلية وتربية المواشي بل ترسلها أحيانا كخادمات في البيوت في المدن لتعيل أسرها ، كما أن هشاشة البنيات التحتية القروية بدورها تساهم في هذه الظاهرة ، إذ أن تشتت المساكن القروية يحول دون قرب المؤسسات التعليمية من مساكن الأطفال فيضطرون بذلك إلى قطع العديد من الكلمترات للوصول إلى المدرسة . وفي غياب تام لوسائل النقل مما يزيد المهمة صعوبة كما إن قسوة الظروف الطبيعية تساهم بقسط كبير في جعل الالتحاق بالمدرسة أمرا صعبا للجنسين ناهيك عن الفتاة .
ب- عوائق سويسيو ثقافية
إن جهل الآباء بايجابيات التعليم يحدو بهم إلى القول بعدم أهمية تمدرس الفتاة مادام مصيرها المكوث بالبيت ، لكنهم يغفلون حقيقة مهمة حتى بالنسبة للنهوض بمسؤولية البيت بما في ذلك تربية الأطفال .
فالأم تحتاج إلى قسط من التعليم ليتسنى لها الاضطلاع بمسؤولية الأمومة في ظروف حسنة . كما أن الآباء يعتبرون تعليم الفتاة أمرا يحدث اضطرابا في تماسك المجتمع القروي الشيء الذي لا ينسجم مع قيم الأنوثة وخصوصياتها ، بالإضافة إلى العديد من المبررات الواهية كالحرص على عرض الفتاة ورفض الاختلاط واعتبار المدرسة مضيعة لمستقبل الفتاة تحول بينها وبين مهام الزوجة والأم المستقبليتين.
/ ايجابيات تمدرس الفتاة القروية
لاشك أن ثمة ربطا منطقيا بين مستوى التمدرس عند الفتاة والتنمية الشاملة في البلاد باعتبارها طرفا مساهما في هذه التنمية فالتعليم يفتح أمام الفتاة القروية آفاقا لاحدود لها ويزودها بوسائل تيسر فهمها للواقع المحيط بها والتواصل معه بوعي وكذا القدرة على تعزيز معارفها والتكيف مع متغيرات محيطها وبالتالي السعي للمساهمة الإنمائية .
فالفتاة/ المرأة المتعلمة يكون لها موقعها الخاص من الحياة عموما وما يرتبط بها خصوصا كالإنجاب إذ تفضل عددا محدودا من الأطفال قصد رعايتهم والاعتناء بهم بشكل أفضل كما تتقيد بمواعيد تلقيحهم مما يساهم في تخفيض عدد الوفيات بين صفوف الأطفال الذين لاتتعدى أعمارهم سنة واحدة ، هذا من جانب ومن جانب أخر فالتمدرس يتيح لها فرصة التعامل مع المرافق العمومية بسهولة وبالتالي تخطي العراقيل بثقة وثبات وكذا اتخاذ القرارات داخل الأسرة وتحسين نوعيتها من خلال تعزيز مشاركتها في النسيج الاقتصادي .وتمة علاقة نسبية بين مستوى التعليم والزواج لدى الفتاة فكلما ارتفع مستواها التعليمي كلما تأخرت عن الزواج وذلك لوعيها من أن هناك أمرا أهم هو تكوين النفس وتعزيز قدراتها الفكرية حتى يتسنى لها التعامل مع الحياة بشكل أفضل،فالتعليم يساعد في الانخراط بجدية داخل التنظيمات النسائية والمنظمات المدنية من اجل خلق فرص كبرى لتوعية باقي النساء القرويات وتزويدهن بالخدمات والمعلومات اللازمة بما في دالك خلق أنشطة مدرة للدخل والاستفادة من القروض الصغرى ،كما أن الفتاة/المرأة القروية المتعلمة تتحمل مسؤولية الرفع من حظوظ باقي القرويات لتسمع أصواتهن حتى يعي المجتمع بالمكانة الحقيقية للمرأة القروية .
وبهذا يعد تعليم الفتاة عامة والقروية خاصة من بين أفضل الاستثمارات لتحقيق تنمية بشرية ومستدامة بالبلاد خاصة وان التنمية البشرية ليست إلا عملية تنمية وتوسيع للخيارات المتاحة أمام الإنسان باعتباره جوهر عملية التنمية ذاتها أي أنها تنمية الناس بالناس ولدالك لابد من التأكيد على ضرورة الاهتمام بالفتاة المرأة القروية وتخليصها من قيود الأمية و الفقر والتهميش .
الصحة : معدل عدد الاطباء بالمغرب هو 46 طبيب لكل 100000 نسمة يتمركز 44 في المئة منهم في مدينتي الدارالبيضاء والرباط اما نسبة الوفيات في اوساط الاطفال الذين لا تتجاوز اعمارهم 5 سنوات بلغت 45 وفاة لكل 1000 ولادة ووصلت النفقات الصحية 1.2 من الناتج الداخلي الخام لسنة 1999 ونسبة وفيات الاطفال تبلغ بالعالم القروي 46.10 في الالف مقابل 23.8 في الالف في الوسط الحضري . نسبة وفيات الامهات هي 307 لكل 100000 ولادة بالوسط القروي في مقابل 125 لكل 100000 في الوسط الحضري .
5- البطالة : بلغت نسبة البطالة في نهاية مارس 2004 12.5 في المئة مقابل 11.9 في المئة خلال سنة 2003 وقد مست هذه الزيادة بشكل خاص النساء والعالم القروي ويقدر عدد الساكنة النشيطة ب 11.5 مليون شخص ويلاحظ بشكل عام ارتفاع نسبة البطالة في صفوف النساء القرويات.
6-الموارد الطبيعية. يساهم النشاط الفلاحي بنسبة 16% (كمعدل) في الناتج الوطني الخام بتغيرات تتراوح ما بين (12% و24 %) حسب الظروف المناخية. يعيش حوالي 80% من الساكنة القروية داخل استغلاليات فلاحية .
تؤدي الظروف المناخية المتدبدبة سنوياً وجهويا إلى تدبدب في ضمان الأمن الغذائي (مما يضطر الدولة إلى صرف أموال باهضة في استيرادالمواد الغذائية، الحبوب مثلا) خلال سنوات الجفاف.
ينضاف إلى هذه المشاكل مشاكل متعلقة بتدهور الموارد الطبيعية واستنزافها ومن بينها :
استنزاف الموارد المائية الجوفية بسبب الاستغلال غير المعقلن في النشاط الفلاحي حالة سهل سوس ، مناطق الواحات المناطق الشرقية والمناطق الساحلية غير المجهزة بقنوات الري.
70% من الأراضي الصالحة للزراعة تتعرض لتعرية كثيفة.المناطق الجبلية، مناطق الواحات والمناطق الهامشية (الحدود) تتعرض إلى مشاكل تصحر خطيرة. الموارد المائية تتعرض لمشاكل وأشكال كثيرة من الملوثات (المياه العادمة الصناعية والمنزلية التي تقذف مباشرة في المجاري المائية السطحية).
الإفراط في استعمال المبيدات و الأسمدة في النشاط الفلاحي إضافة إلى مشكل المطارح العمومية المتواجدة على ضفاف الأودية والمجاري المائية .
الموارد الغابوية بدورها في تدهور بسبب القطع الجائر للأشجار. هذه الثروة التي تقدر بحوالي 91 مليون هكتار هي في تدهور بسبب قطع الأخشاب وبسبب عدم تجديد الغابات من خلال إعادة التشجير .
هذه العينات من المعطيات المتعلقة بمؤشرات التنمية القروية تدل بكل تأكيد على النقص الكبير الذي يعيشه القرى المغربية على الصعيد التنموي وامام عجز مؤسسات الدولة لوحدها مواجهة العجز الاجتماعي التجأ عدد كبير من المواطنين الى طرق ابواب المجتمع المدني الذي يعتبر في المغرب وفي السنوات الاخيرة رقما مهما واساسيا في معادلة التنمية المحلية المغربية .
خاصة بعد النتائج الكارثية لفشل سياسة التقويم الهيكلي واكراهات حفظ التوازنات الماكرو اقتصادية على حساب القدرة الشرائية والخدمات الاجتماعية و ارتباط الاقتصاد الوطني بالتقلبات المناخية وبأسعار المواد الطاقية في الاسواق العالمية .هذه الاسباب مجتمعة واخرى فرضت على المواطنين التفكير في الانتظام في اطار جمعيات تنموية تسمح لهم بكل حرية التعبير عن مطالبهم وتسطير البرنامج التنموي المحلي هذه الجمعيات التي ارتبط نموها وتكاثرها بصفة خاصة مع منتصف التسعينات أي ان تواجدها مرتبط ارتباطا وثيقا بالمحيط السياسي والاقتصادي لنهاية التسعينات والذي توج بحكومة توافق وطني لاول مرة في تاريخ المغرب ساهم هذا الحدث الى حد ما في اشاعة جو الثقة والمصالحة بين المواطن والجمعيات بل كان تكاثر وانتشار الجمعيات التي وصل عددها اليوم ما يفوق 30000 مؤشرا على تعاطي جديد بين المواطنيين والشأن العام. كما ان المعطيات التنموية التي تعكس خصاصا اجتماعيا مهولا في الكهرباء القروية وفي الماء الصالح للشرب وفي التطبيب والتمدرس والامية كلها معطيات ساهمت في خلق ارضية اشتغال للجمعيات التنموية مدعومة من بعض القطاعات الحكومية وبعض المنظمات الدولية ومن هبات الجالية المغربية بالخارج التي بات دورها التنموي ملحوظا في السنوات الاخيرة. كما ان ضعف الشفافية واستفحال الفساد الاداري في بعض المؤسسات العمومية وعلى سبيل المثال برنامج دعم المطاعم المدرسية الذ توقف دعمه من طرف برنامج الامم المتحدة للتغدية بعد اكتشاف تلاعبات مالية في البرنامج و تلاعب في ارقام المستفيدين مثل هذه السلوكات جعل المنظمات الحكومية وغير الحكومية لاتثق في المؤسسات الحكومية وتفضل التعامل ودعم الجمعيات الغير حكومية في شراكة معها لتحقيق التنمية المحلية.
خلاصة.
ان تزايد الطلب الاجتماعي وانشغال الدولة بالتوفيق بين التوازنات الماكرو اقتصادية والحاجيات الشعبية لا يجب ان يعني ان المجتمع المدني قادر على تعويض فراغ الدولة بل ان المجتمع المدني يجب ان يكون شريكا الى جانب مؤسسات الدولة وليس بديل عنها لان مثل هذه المقاربة التعويضية تشكل خطر عليهما على الدولة لان فراغها لابد ان يعوض والمعوض ليس بالضرورة في صالح الديموقراطية وحقوق الانسان بالمغرب وليس في صالح الجمعيات لان الدولة بمؤسساتها هي المسؤولة قانونا واخلاقيا عن رفاهية ورغد المواطنيين لانها هي الجابية للضرائب من المواطنين من اجل ذلك.
تعليقات
إرسال تعليق