لقد أضحى موضوع الإعلام في السنوات الأخيرة يشكل رافدا أساسيا يساهم في بلورة تصورات تعمل على تعميق التنمية المحلية والجهوية وكذا المساهمة في بناء مجتمع ديمقراطي منفتح على معظم التعبيرات والحساسيات الأخرى، وذلك على اعتبار أن الإعلام قاطرة مهمة في أي تحول مجتمعي.
وإذا كانت مسألة تعددية وسائل الإعلام وحرية الصحافة تحولت بشكل تدريجي إلى شرط مسبق لإرساء قواعد التنمية على المستوى المحلي والجهوي، فإن هذه المسألة تأتي كذلك في إطار تعزيز مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية والحكامة الرشيدة. و تلعب وسائل الإعلام دورا مهما وفريدا على المستوى المحلي والجهوي، فهي تتيح أولا التعريف بالوسائل البديلة والترويج لها من خلال عرض آفاق وجداول عمل مختلفة أمام المجتمع المدني بشأن مجموعة من القضايا المحلية والجهوية،وهذا ما يعزز مصداقية الاقتراحات المطروحة وانتفاع المجتمع بمجموعة مهمة وأساسية من هذه الاقتراحات.
كما أن وسائل الإعلام تعمل على تحسين إقامة حوار ونقاش بين المجتمع الدولي والمجتمع المدني، مما يسهل خلق بيئة قائمة على الشفافية.
لهذا نعتبر الحديث عن دور الإعلام في التنمية المحلية والجهوية يحيل على مسألتين أساسيتين: الأولى تتعلق بالتوزيع الجغرافي للمواد والموارد الإعلامية باعتبارها مضامين ومحتويات.
والثانية تتعلق بالبنية التحتية، القنوات أو الشبكات والإذاعات المحلية والجهوية والجرائد المحلية والجهوية و الوطنية ، بمعنى ما هي القاعدة المادية التي تعمل على توزيع الموارد الإعلامية؟.
ووفق أي تسق شبكي وعلى أي خلفية؟ وما نصيب كل جهة من هذه القاعدة أو البنية التحتية؟ وما تأثير هذه الموارد على التنمية المحلية والجهوية؟.
ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار الإعلام القوي يقوى من الجهة ويسهل وظيفتها كأداة للسياسة الاقتصادية، ومن هنا وجب على مسؤولي الجهات أن يعوا رهانات الإعلام على مستوى الجهة وضرورة عملها على الدفع بالبنى التحتية والشبكات داخلها، وإذا كان للإعلام دور أساسي في التنمية المحلية والجهوية، نظرا لما يمكن أن يقوم به هذا الإعلام من متابعته للبرامج التنموية على المستوى المحلي والجهوي والعمل على التعريف بها وتقديمها للمواطنين، فإنه من جهة أخرى يمكن اعتبار تقوية الإعلام على مستوى الجهة هو من تقوية الديمقراطية المحلية ومن تقوية إمكانات المحاسبة والمراقبة، ومن إمكانات تقوية العملية الديمقراطية برمتها "ما دامت هذه الأخيرة هي أولا وأخيرا شكلا من أشكال تنظيم المجتمع".وفي ظل هذه التحولات التي يعرفها المغرب على مجموعة من المستويات ،خصوصا الإصلاحات المرتقبة على مستوى الجماعات المحلية خصوصا مشروع القانون 17/08 المتعلق بالتنظيم الجماعي الذي صادق عليه مجلس النواب ،وهو الآن مطروح على مجلس المستشارين للمصادقة،وكذلك الإصلاحات المرتقبة على مستوى الجهات خصوصا بعد الخطاب الملكي الأخير بمناسبة الذكرى 33 للمسيرة الخضراء ،حيث اعتبر جلالته أن مشروع الجهوية ،هو إصلاح هيكلي عميق يقتضي جهدا جماعيا لبلورته وإنضاجه.كما حدد جلالته أهداف ومرتكزات الجهوية المتقدمة والمتدرجة المرتقبة التي تسعى إلى تحقيق الحكامة الجيدة وبخصوص المرتكزات فقد حددها في الوحدة والتوازن والتضامن
تعليقات
إرسال تعليق