( 1 ) – ان الاحكام الالهية تعتبر واجبة التطبيق ، سواءا تم التعرف على عللها اولم يتم التعرف عليها لحينه ، وذلك ناتج من الاعتقاد الروحي والايماني لدى الانسان المسلم بانها صادرة من جهة الكمال المطلق - توضح فلسفة العقائد الاسلامية تفاصيل هذا الموضوع - .
ولكن معرفة علل الاحكام لها فوائد عظيمة ، حيث يتم بموجبها التوصل الى فهم الابعاد الفلسفية لهذه الاحكام ، وتمنح هذه الحالة الانسان المؤمن بعدا عميقا في فهم العقيدة تساعده على التطبيق السليم لها ، وتحقيق الاستفادة العظمى من مغزى الحكم كما اراده المشرع منه .
استنادا لذلك فقد شجعت الشريعة الاسلامية المسلمين على التفقه في الدين ضمن الشروط والظروف الموضوعية التي حددتها .
ولابد ان نشير ان علة تحريم الربا والاكتناز الواردة في هذا البحث لا تمثل العلة الوحيدة لتحريم الشريعة الاسلامية لهما ، بل هي تمثل علة التحريم من وجهة نظر اقتصادية وهي قابلة للنقاش ، لذلك يجب عدم استبعاد اوالغاء دور العلل الاخرى الواردة في الادبيات الخاصة بهذا المجال .
( 2 ) – ان علة تحريم الربا والاكتناز الواردة في هذا البحث جاء ضمن العنوان الاقتصادي لهما ، وعلل سبب التحريم الى توقع حصول خلل في النتائج المحصلة من ممارسة العمل بالنشاط الربوبي عند انجاز الاعمال في الانشطة التجارية والاستثمارية ، وبالتالي حصول الازمات الاقتصادية .
وبذلك يمكن اعتبار تحريم المشرع الاسلامي للربا من العناوين الاقتصادية الاساسية في الشريعة الاسلامية ، تبين الكيفية التي يتم بموجبها ادارة العمليات الاقتصادية والمالية في المجتمع .
ان الصيغة الربوية المعمول بها تمكن الجهات المرابية ( افراد او مؤسسات ) بتجميع وتراكم حجم كبير من الاموال السائلة بيدها ضمن صيغة عقدية خاصة ، لتقوم باعادة استثمارها في السوق في مجالات متعددة استهلاكية او راسمالية ضمن صيغ عقدية اخرى مع الجهات المستثمرة لها في السوق ، ضمن اجواء يضمن لها حرية العمل .
وبموجب هاتين الصيغتين من العقود تستطيع المؤسسات الربوية تنفيذ جميع سياساتها واغراضها المختلفة ، دون ان تراعي مصالح المجتمع الاقتصادية وغير الاقتصادية ، ضمن علاقات متشابكة بين مختلف انشطة المجتمع .
لان احتكار تجارة الاموال السائلة بيد مجموعة من الاشخاص او المؤسسات تمكن تلك الجهات المرابية التحكم بهذه الاموال وتوجيهها في مسارات طبقا لمصالحها الذاتية ، وتمكنها من السيطرة والتحكم على مجمل مقدرات المجتمع ، لما تمثله تلك الاموال من قدرات برائية تمنح لمن يملكها قدرة شرائية يستطيع بموجبها توجية مسار العمليات التجارية والاستثمارية في المجتمع طبقا لمصالحه .
بين البحث علة تحريم الشريعة الاسلامية لممارسة النشاط الربوي نتيجة الاستخدام المنحرف لوظائف النقود ، وان العيوب والمخاطر المرافقة لتجارة النقد ناتجة من هذا الاستخدام المنحرف لها .
وبينا من خلال هذا البحث اهم تلك المخاطر ، وحددنا تاثير انحراف وظائف النقود على مسار الانشطة الاقتصادية والمالية في المجتمع ، ودورها العظيم في حصول عدم التوازن في الانشطة المالية والاقتصادية للمجتمعات المحلية والعالمية .
(( نستنج من البحث ان التحريم منصب بالدرجة الاولى على (( النشاط الربوي )) وجاء تحريم الفائدة الربوية المرتبطة به هو لقطع دابر ممارسة النشاط الربوي من خلال تحريم الايراد المتحقق عنه المتمثل (( بالفائدة )) ، فالخطر في نظر المشرع منصب في ممارسة النشاط الربوي بالدرجة الاولى .
لذا فان الايات القرانية الكريمة التي ورد فيها التحريم الربوي ، ذكرت النشاط الربوي بالخصوص وقارنته مع النشاط التجاري العادي المتمثل بعمليات البيع والشراء الطبيعية الجارية في السوق ضمن الظروف الطبيعة المتعارف عليها .
ان التركيز الوارد في الايات القرانية في تحريم النشاط الربوي هو اشارة مهمة وتنبه شديد لمخاطر هذا النشاط على مجمل الانشطة الاقتصادية والدور السلبي بحصول الخلل بين العرض والطلب في السوق المحلية والعالمية ، وتوسيع تاثيره ليشمل منظومة الاعراف والقيم والمفاهيم الاجتماعية ونمط السلوكيات الاخلاقية السائدة في المجتمع .
فعلة تحريم الفائدة الربوية كونها تمثل نتيجة لممارسة النشاط الربوي ،
(( استنتج البحث ان المعالجة يجب ان تنصب على النشاط الربوي بالذات وايجاد البديل له ، ان البديل الذي اقترحته الشريعة الاسلامية هو البيع ، حيث حرم الله الربا وحلل البيع ))
لهذا السبب فان الايراد ( الربح ) المتحقق من عمليات البيع والشراء الجارية في السوق ضمن النشاط التجاري يعتبر حلالا ، والايراد ( الفائدة ) المتحقق من النشاط الربوي حراما .
فالمعالجات التي نقترحها يجب ان تنصب بالخصوص على دراسة طبيعة النشاط الربوي وتحديد مخاطره واثاره الاقتصادية والاجتماعية .
يمكن تحديد محورين اساسين يتم بموجبهما ممارسة النشاط التجاري هما :
ا – حرية اجراء العمليات التجارية في السوق ضمن الضوابط الشرعية ، وملاحظة عدم حصول اي عرقلة تحد من انسيابية حركة الاعمال التجارية في السوق .
واعتبر البحث ان النشاط الربوي والاكتناز اهم عاملين يؤديان الى حصول عرقلة في انسيابية مسار العمليات التجارية والاستثمارية ، سواءا من خلال التحكم الربوي في مسيرة الاموال التي يجري استثمارها في السوق ، او من خلال الاكتناز بحجز جزء من الاموال عن المشاركة في النشاط التجاري والاستثماري .
ب – توازن الانشطة ، يؤدي النشاط الربوي والاكتناز الى حصولة جملة من العراقيل التي ينتج عنها حصول خلل في الموازيين المتعلقة بالانشطة الاقتصادية والمالية للمجتمع محليا وعالميا ، بينا تفاصيل اوجه هذا الخلل انفا .
ازاء ذلك فقد انتبه المفكريين الاقتصاديين الغربيين لهذه المخاطر ، واتخذوا عدد من المعالجات والاليات المتطورة التي من شانها الحد من حصول هذه الاضرار والسلبيات الناتجة عنها قدر الامكان .
ان معالجات النظام الراسمالي اجريت اعتمادا على التجارب التي مر بها ، واستندت على الاسس والمفاهيم الفكرية المادية المعتمدة من قبله ، استطاع النظام بموجبها تحقيق نوع من التوازن في الانشطة الاقتصادية والمالية لمجتمعه ، ولكن جملة هذه المعالجات في بعض الاحيان لم تتمكن من الصمود امام المصالح المتضاربة لقوى السوق زمن الخلل الناتج من الك الانحرافات لذلك نلاحظ حصول الازمات المتعددة التي تعصف في النظام الراسمالي بين حين واخر .
ان المعالجات التي نقترح تطبيقها فانها تتم وفق متطلبات الشريعة الاسلامية لدرء هذه المخاطر والاضرار المشار اليها ، وهي تستند على اسس فكرية عقائدية ذات بعد مادي ومعنوي في ان واحد ، يتم بموجبها مراعاة الجوانب المصلحية لقوى الانتاج وتطبيق قوانين العدالة لجميع مكونات المجتمع وفق موازين عدل .
وهذا يتطلب تحديد الاسس والمفاهيم الفكرية للمواضيع المالية والاقتصادية للشريعة الاسلامية ليتم بموجبها اقتراح المعالجات المطلوبة ، كما سنبينه ادناه .
( 3 ) – حرمت الشريعة الاسلامية عملية اختزان الاموال النقدية وعدم قيام اصحابها بانفاقها في المجال الاستهلاكي اوالراسمالي ، مما يسبب حرمان هذه الانشطة منها ، وجعل جزء معين من طاقة المجتمع خارج نطاق مشاركتها في النشاط التجاري والاستثماري .
تسبب هذه الحالة الى حصول اضرار في النشاط الاقتصادي والمالي شبيه بالاضرار الناتجة من ممارسة النشاط الربوي في المجتمع .
اكدت الشريعة الاسلامية على ضرورة اشراك جميع الثروات العائدة للمجتمع النقدية والعينية في الانشطة الاقتصادية ( الاستهلاكية والاستثمارية) لتفعيل الدورة الاقتصادية ، واستثمار كامل طاقات المجتمع في النشاط الاقتصادي ضمن قنوات سليمة وسهلة .
تعتبر المؤسسات المالية الجهة المسؤولة عن تسهيل وتنفيذ هذه المهمة بقيامها بتشجيع المدخرين على ايداع اموالهم لديها لتقوم بادخالها لاحقا ضمن النشاط الاقتصادي بدلا من اكتنازها وجعلها بعيدة عن تلك المشاركة .
( 4 ) – يتضح لنا مما سبق الاهمية الكبيرة للمؤسسات المالية في الحياة الاقتصادية حيث يعتمد نجاح او فشل الخطط التنموية في اي مجتمع على قدرة مؤسساته المالية المختصة في استيعاب وتجميع الاموال من افراد المجتمع واشراكها في العملية التجارية والاستثمارية ضمن الدورة الاقتصادية للمجتمع .
تتحدد الوظائف التي تقدمها المصارف بالخدمات التي تقدمها للتجار والمستثمرين وتسهيل نقل وتحصيل الاموال وتسهيل وتشجيع الافراد والمؤسسات على ادخار اموالهم بدلا من اكتنازها وتوظيف هذه الاموال في الانشطة الاقتصادية في المجالات الاستهلاكية والاستثمارية .
قامت بهذه المهمة في المجتمعات الراسمالية المؤسسات المالية التالية ( البنوك التجارية والمتخصصة ، بيوتات المال واسواق البورصة )، التي مارست انشطتها ضمن النظام الربوي .
اكدت الشريعة الاسلامية على اهمية اشراك جميع الاموال المتواجدة في المجتمع والعائدة ملكيتها الى الافراد او المؤسسات في النشاط الاقتصادي ، واعتبرت هذه المهمة ذات اهمية عظيمة للانشطة الاقتصادية ، ولكنها حرمت الصيغة الربوية لها .
واتخذت بهذا الصدد معالجات بهدف تحويل العقود المصرفية الربوية في الايداع والاقراض الى عقود بيع ، وتحويل الايراد المتحقق من الفوائد الربوية الى جعالة او عمولة او حصة من الارباح ، ضمن التفسير الموضوعي لعلة التحريم المبني على اسس فكرية في المفاهيم والتطبيقات والاهداف المنشودة .
ان الصيغة المقترحة لمعالجة عمل المصارف تتم ضمن مبدأ المشاركة بين المال والعمل .
وضمن المنهجية المقترحة في فقرة التوصيات .
( 5 ) – اتضح من سياق البحث تأثر تطبيق النظام الربوي على مجمل المفاهيم الاجتماعية والسلوكيات الاخلاقية السائدة في المجتمع ، للعلاقة القوية والمترادفة بين منظمومة المفاهيم والقيم الاقتصادية والاجتماعية .
حيث يرافق تطبيق النظام الربوي مجموعة من القيم والمفاهيم الاجتماعية المنحرفة ، تؤكد هذه الحالة البحوث العلمية والتجربة العملية لها .
و نشير اخيرا الى ضرورة قيام المجالس والمراكز العلمية للفقهاء والمفكرين الاسلاميين - كما سنوضحه في الفقرة التالية في التوصيات - بتحديد المفاهيم الاقتصادية باستخدام منهج جديد يعتمد تحديد الابعاد العلمية والفلسفية لهذه المفاهيم .
وبخصوص علة تحريم الربا والاكتناز يتطلب بحث العامل الاقتصادي ، للتوصل الى نموذج جديد لتحديد دور ( المال النقدي ) في النشاط الاقتصادي من الناحية الوظيفية والهيكلية للاستفادة من الجانب الايجابي لوظيفة المال النقدي في النشاط التجاري والاستثماري دون حصول الاضرار المشاراليها، اي الاستفادة من الدور الوظيفي للمال السائل ( النقود ) خارج نطاق الممارسة الربوية لها .
يتم اجراء هذه الصيغة المقترحة ضمن منهج يتم بموجبه بحث المواضيع بشكل علمي ، للتوصل الى المفاهيم الاسلامية للمواضيع الاقتصادية والمالية ، والعمل على اعادة صياغة هذه المفاهيم في نظريات اقتصادية ومالية متكاملة ومنسجمة مع الظروف الحالية وبحيث تكون قادرة على مواجهة التحديات المعاصرة لطبيعة العلاقات التجارية السائدة في المجتمعات العالمية ، وتشكيل معالم النظام الاقتصاد الاسلامي .
التوصيات :
توطئة :
اختلف المفكريين والباحثين العالميين في تحديد المفاهيم والابعاد الفلسفية لموضوع ( المشكلة الاقتصادية ) ، يقصد بمصطلح المشكلة الاقتصادية بماهية العلة الحقيقية لمشاكل الحياة الاقتصادية وغير الاقتصادية للمجتمعات العالمية ، لان المصالح الاقتصاية تمثل السبب الاساسي لحصول الجزء الاعظم من مشاكل العالم على مر العصور والازمان .
حددها الفكر الاقتصادي الراسمالي ضمن مفهوم ( الندرة في الطبيعة ) ،
وحددها الفكر الاشتراكي ( بنوعية علاقات العمل السائدة ) ،
وضح التراث الادبي للفكر الراسمالي والاشتراكي هذه المفاهيم وحدد النظريات المتعلقة بهما .
اما الفكر الاسلامي فلم يتوصل الى تحديد دقيق لعلة المشكلة الاقتصادية ولكنه وضعها ضمن مفاهيم ( العدالة ) الناظمة للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية بين الوحدات الاقتصادية والافراد وبين شعوب العالم اجمع ، تناولت الادبيات الاسلامية شرح وتوضيح هذين المبدئين من الناحية العقائدية والاجتماعية ،
سنحاول في هذا البحث تسليط الضوء لتوضيح معالم وحقائق ومضامين العقيدة الاسلامية بهذا المجال ، لنتمكن بموجبها اكتشاف القواعد والاسس الفلسفة للاقتصاد الاسلامي ، ويتطلب ذلك اولا اكتشاف المفاهيم الاسلامية الخاصة بالمذهب الاقتصادي الاسلامي ، وتكوين منهج اسلامي في دراسة الاقتصاد ضمن نظرة متكاملة ومتماسكة الى المجتمع الاسلامي تاخذ بنظر الاعتبار جميع العناصر والابعاد الحقيقية المرتبطة به .
تتضمن هذه المفاهيم تنظيم شكل العلاقات بين قوى السوق المحلية والعالمية وتحديد طبيعة القيم والنماذج الاخلاقية المعتمدة في المجتمع التي يتم بموجبها تنظيم هذه العلاقات .
تستند هذه المفاهيم والقيم الى مبدئين اسلاميين اساسيين هما ( مبدأ العدالة ومبدأ العبودية ) ، سنحاول في هذا البحث تسليط الضوء على الجوانب الاقتصادية المتعلقة بهما وتوضيح علاقتهما بالمشكلة الاقتصادية .
ولا نبالغ اذا قلنا ان الحروب والصراعات بمختلف اشكالها وما يصيب بعض طبقات المجتمعات من ظلم وفقر ومجاعات ومن اسراف ... وغيره ناتج بالاساس من عدم وجود نظم اقتصادية مبنية على اسس العدالة وفق موازيين القسط التي وردت عناوينها الاساسية في القران الكريم كما سنحاول توضيحه ادناه بشكل مختصر .
وتمثل تطبيقات النظام الربوي احد اهم المظاهر المخلة بقواعد العدالة المشار اليها اعلاه .
ان التطبيق السليم لقواعد العدالة وفق مفاهيم الشريعة الاسلامية يمثل الحل الامثل للمشكلة الاقتصادية ، وبموجبها يتم اجراء التنمية العادلة للمجتمعات الانسانية ويحقق العيش الرغيد لجميع افراد المجتمعات العالمية .
حاول الفكر الراسمالي الغربي المعاصر تعديل نماذج التنمية التقليدية باعتماد مفاهيم جديدة اطلق عليها مفاهيم او مصطلح ( التنمية المستدامة ) .
تتضمن مفاهيم واهداف هذه التنمية التخلص من المعوقات والمخاطر والاضرار الناتجة من تطبيق برامج التنمية وفق نماذج ونظريات التنمية التقليدية التي اعتمدتها الحضارة الغربية في الجوانب الاقتصادية ،البيئية ، الاجتماعية ، السياسية والثقافية ، جرت محاولات عالمية جادة لدراسة كيفية التخلص من هذه الاضرار وعقد لاجلها مؤتمرات قمة عالمية سميت بمؤتمرات قمم الارض اتخذت بموجبها عدد من الاجراءات والمعالجات لتلافي الاضرار ، ولكن طبيعة المفاهيم والمبادىء التي يستند عليها النظام الراسمالي وتعريز غريزة الطمع المتنامية لدى الافراد نتيجة التربية المادية لهم ، حالا دون تطبيق الجزء الاعظم من تلك القرارات المتخذة بهذا الشأن .
ازاء ذلك يمكن ان نطرح السؤال التالي :
ماهية المفاهيم الاسلامية التي توضيح معالم المشكلة الاقتصادية والحلول العلاجية لها ؟
يتم الاجابة على هذا السؤال من خلال توضيح الفقرات التالية :
اولا – تحديد المفاهيم الاسلامية :
تتكون اي ظاهرة علمية من ( ابعاد وعوامل ) تحدد بموجبها الاطار العام لتلك الظاهرة ، لذلك فعند دراسة احد المواضيع الاقتصادية او المالية لابد من الالمام بهذه الابعاد بغرض التوصل الدقيق والمحايد الى مكنوناتها العلمية والفلسفية ، وكذلك دراسة العوامل المرتبطة بها والظروف الخاصة بها وتحديد الوزن النسبي لكل عامل من تلك العوامل ، وتحديد الظروف المؤثرة على تغير الوزن النسبي لتلك العوامل .
ان تحديد الابعاد والعوامل ليست عملية سهلة فهي تمثل شبكة معقدة ومتشابكة من الافكار والظروف المحيطة بالظاهرة من الناحية الزمانية والمكانية ، يتطلب من الجهه الباحثة توفر الدراية الواسعة لهذه الابعاد من الناحية العلمية وتحديد مراحل تطورها والمعرفة الدقيقة بظروفها المكانية والزمانية المرافقة لها والمرتبطة بها .
لذلك لابد من تحديد اسس معينة للتوصل الى المفاهيم الاسلامية المتعلقة بالمشكلة الاقتصادية .
الخطوات الاساسية لتحديد المفاهيم الاسلامية :
نبين ادناه اهم الخطوات والمراحل الاساسية بغرض التوصل الى فهم خاص للمفاهيم الاسلامية :
1 - منهجية البحث :
اتبع اغلب الباحثين في الشان الاسلامي منهجية في البحث تعتمد على التحليل التسلسلي للبحث ضمن اركان ومقومات الشريعة الاسلامية .
طور المفكر الاسلامي الشهيد السيد محمد باقر الصدر هذه المنهجية باعتماد منهجية جديدة تمثلت ( بالتفسير الموضوعي للقران ) ، تتلخص هذه المنهجية باجراء تضارب للنصوص القرانية الخاصة بموضوع معين ، يتم بموجبها دراسة كل موضوع من جوانبه المتعددة لتحديد معالمه وتوضيحها .
نقترح تطوير هذه المنهجية ، بان يتم تناول بحث المواضيع ومنها المواضيع الاقتصادية والمالية بغرض استنباط المفاهيم الاسلامية الخاصة بها ، شبيه بالطرق والوسائل المعتمدة في استنباط ( الاحكام الاسلامية ) ، لا نريد تحديد نموذج معين يتم اكتشاف المفاهيم الاسلامية بموجبها بل نترك تحديد ذلك الى الجهات المكلفة بهذا الموضوع وكما سيتم توضيحه لاحقا .
كما هو معلوم ان الحكم الشرعي يمثل رأي الشريعة الاسلامية للوضع القانوني لموضوع معين فهو يمثل النتيجة النهائية لتنظيم العلاقة او توضيح طريقة العمل بذلك الموضوع ، من حيث العمل او النهي عنه ، حيث يستبطن الحكم الشرعي في طياته تفسيرا ورؤيا خاصة بموضوع الحكم .
تتطلب الضرورة العلمية الى اعتماد منهجية يتم بموجبها التوصل الى تحديد دقيق وشامل للقواعد الاساسية لتكوين المفاهيم الاسلامية لمختلف المواضيع وبالخصوص المواضيع الاقتصادية ليتم بموجبها تشكيل النظم الاقتصادية والاجتماعي والسياسية .... من منظور الاسلامي ، طبقا للطريقة التي اتبعناها في تحليل علة التحريم القراني ( للربا والاكتناز ) كما تم توضيحه سابقا ، حيث اعتمد في تحديد مفهوم التحريم على فهم لمجمل العوامل المرتبطة به وتحديد غايات الشريعة الاسلامية من تحريمها .
- يخضع هذا التحليل للنقد والتعليق بغرض التعديل الجزئي اوالكلي لفقراته - .
يترافق مع تطبيق هذا المقترح عدد من المخاطر ، حيث سيتم من خلاله فتح الباب امام التفسيرات والتأويلات المتعددة لتحديد الظواهر العلمية في حياة البشر في مختلف المجالات والانشطة ، وسيدخلنا ذلك في جملة من الاطروحات قد تصل مستوى الخصومات فيها الى درجة التكفير .
لتحقيق هذا المقترح وتجاوز السلبيات المرافقة له ، لابد من ان يتم تبنيه من قبل المراكز والمجالس الاسلامية العلمية العريقة ، ومن اعتماد ظوابط ومحددات معينة يتم بموجبها تنفيذه بشكل سليم وتحقيق الغايات المرجوة منه .
2 – موضوعية وتأهيل الباحث من الناحية العلمية والاخلاقية :
من الضروري تمتع الباحث على مستوى عالي من التخصص العلمي في عدد من العلوم ذات العلاقة .
وتمتعه بالتهذيب السلوكي والروحي ، وتوفير الامانة الفكرية وتمتعه بموضوعية عالية تجعله بعيدا عن ذاتيته وخلفياته الفكرية ، المذهبية والعنصرية .
ويجب ملاحظة عدم اشراك الراي العام غير المتخصص في المناقشات والدراسات لان ذلك يعمق السلبيات دون ان يضفي الى النقاش والدراسة اضافة علمية مفيدة ، بل قد يستغل من قبل النفوس المريضة والمراكز المشبوه والمغرضة لاحداث فتنة داخل الوسط الاسلامي خصوصا في هذا الوقت الحرج الذي يتصف بانتشار الثقافة الفاسدة ، والثقافات ذات النهج العولمي في انظمة المعرفة .
ويتطلب من الباحث اثبات مقدرته على فهم واستيعاب النظرة الفلسفية والاجتماعية والسياسية الشاملة للفكر الاسلامي ، وقدرته على ربط المفاهيم والتشريعات والاحكام الاقتصادية الاسلامية مع جذورها الاصلية ، وايجاد الرابط بينها لتكوين وحدة الموضوع او الظاهرة ضمن نسق منسجم ومتسق من جميع الجوانب والمواضيع .
ويجب ان تخضع جميع الانتاجات الفكرية للفحص والدراسة من قبل مجاميع اسلامية عريقة ومتطورة ، كما سنشير اليها ادناه .
3– البعد الفكري والفلسفي للظاهرة :
ان تحديد المفاهيم ضمن المنهجية المقترحة تمثل الخطوة الاولى ، حيث يتطلب في الخطوة اللاحقة دراسة الظاهرة اوالنظرية لتحديد مكامنها الفكرية والفلسفية التي تمثل الاطارالفكري للظاهرة او النظرية ، فمكامن اي ظاهرة تتمثل في اركانها الاساسية وثوابتها العقائدية وهي بذلك تكون اساس بنائها النظري ، بعد ذلك يتم وضع مفاهميها ضمن اتساق فكري منسجم ومتناسق مع بعضه البعض .
ان جميع الاحداث والظواهر الكونية والاجتماعية والاقتصادية ... التي تحدث مرتبطة بسلسلة من العلل والاسباب والمقدمات الخاصة بها وان اية ظاهرة او حادثة لا تكون منفردة بل هي مترابطة مع بقية الاحداث والظواهر الاخرى اي ان جميع اجزاء الكون متصلة ومترابطة ببعضها ويوجد ارتباط عام بين جميع جوانب الكون والوجود ، بناءا على هذه المقولة الفلسفية يتم استلهام واستنباط المفاهيم والافكار الاسلامية .
ان اكتشاف هذه المكامن يتطلب كما ذكرنا انفا تمتع الباحث بعمق فكري وقدرة علمية على فهم المدلولات العلمية للظاهرة اوالنظرية ، ليتم بموجبها تكوين فهم سليم لاسسها المنطقية ومرتكزاتها الفكرية التي تبنى عليها النظرية .
4 – مراحل التطور التاريخي للظاهرة :
لاجل التوصل الى الفهم السليم والدقيق للظاهرة لابد من الالمام الواسع بمراحل تطورها ، ومعرفة عميقة باصولها وجذورها التاريخية ، ان المعرفة بهذا الخصوص تعطي للباحث قدرة كبيرة على الفهم العميق للظاهرة ومن اجراء المقارنة السليمة مع الاطروحات المشابهه لها .
وعليه فهم الحركة التكاملية لمسيرة التاريخ ضمن نظرة فلسفية للحياة والكون والاله ، وعلى قدرت الباحث على اكتشاف العلائق الارتباطية بينها .
5 – البعد الزماني والمكاني للظاهرة :
ان لكل ظاهرة بعد مكاني وبعد زماني مرتبط بها ، ان لهذين البعدين فهم خاص في الشريعة الاسلامية ، وذلك لان المفاهيم الواردة في الشريعة الاسلامية يمكن ان نقسمها نظريا الى جزئين اساسين هما :
ا - الجزء الاول يمثل المبادىء والاسس الفكرية ذات الصفة العقائدية القطعية المرتبطة باساس العقيدة وتعتبر من اركانها وركائزها الاساسية ، حددت الشريعة الاسلامية عناوين هذه الركائز ضمن احكام فقية صادرة لها ، وهذه الركائز تمثل التراث النصي الثابت الذي يتم الارتكاز عليها في تحديد المفاهيم فهي غير قابلة للتغيير او التحريف او الالتفاف عليها لان الخروج عنها يعتبر خروج عن اركان الدين ، لذلك فان عامل الزمان والمكان لا يشمل هذه الركائز ، وهذه الركائز في الغالب تكون على شكل عناوين ومبادىء عامة تعتبر كمحددات للظاهرة العلمية المتعلقة بها فهي بمثابة قوانين علية تحكم الظاهرة ، تتبعها التفسير التحليلي والجزئي لتوضيح مقومات الظاهرة العلمية .
ب - الجزء الثاني فهو يشمل التفسير الانساني لتلك الركائز وتمثل الجانب الاجتهادي التطبيقي والنظري لها ، يتم ذلك من قبل الفقهاء والمفكريين الاسلاميين ، من خلال فهمهم للنصوص والتوفيق بين مدلولاتها ضمن نسق علمي متجانس .
ان هذا التفسير والتطبيق خاضع لكثير من التاويلات وله ارتباط مع كثير من العلوم والظواهر الاجتماعية او العرف الاجتماعي والتي تحدده الظروف المكانية والزمانية السائدة في حينه ، وتعتمد كذلك على التفسير الانساني لتلك الظواهر التي مرت بمراحل تاريخية عديدة ، وعلى درجة تأثير العامل النفسي للباحث ، وتعتمد اخيرا على جملة من العوامل المؤثرة على الظاهرة حسب الوزن النسبي لكل عامل منها .
لذلك لابد من دراسة جميع العوامل والابعاد التي تشترك في تحديد الظاهرة بصورة محايدة باعتماد الادوات العلمية في التحليل .
ثانيا – الاركان الاساسية لعملية بناء نظام الاقتصاد الاسلامي :
1 - يتعامل الفكر الاسلامي مع تجارب المجتمعات المتقدمة ومع انتاجاتها الفكرية ونماذجها الحديثة المتطورة بانفتاح كبير وبروح رياضية ، من خلال دراسة هذه التجارب وتقيمها للاستفادة مما هو نافع منها والعمل على تطويره طبقا لظروف وثقافة المجتمعات الاسلامية .
ان الفكر السلامي غير منغلق وهو يؤمن باخوة الانسان لاخيه الانسان بغض النظر عن الجنس او اللون او المعتقد ، فهو يدعو الى الوئام والتفاهم مع الجميع ضمن مبدأ الاخوة في الخلق والعمل سويا وفق روح التعاون والانسجام لتحقيق الاستغلال الامثل للثروات الطبيعية والاشتراك في الانتاجات البشرية لما له الخير للجميع ، والعمل على اجراء التكامل الانساني ضمن مسيرة الحياة والتمتع بالخيرات وتعمير الثروات الموجودة في الارض التي منحها الله تعالى لنا للتمتع بها ، بدلا من التقاطع والتخاصم واستغلال الانسان لاخية الانسان وما تجره على البشرية من حروب وويلات .
لذلك يجب الاستفادة من تجارب وخبرات البشرية على اختلاف انواعها واطرها الثقافية ، دون التقيد بنموذج معين لتطبيقة.
واستنادا لذلك يتطلب وضع مبادىء ومفاهيم تحقق العدالة لجميع الاطراف المشاركة في العملية الانتاجية واعتماد نموذج عادل لتوزيع الدخول بين الطبقات الاجتماعية يضمن حقوق جميع افراد المجتمع المشاركين وغير المشاركين في العملية الانتاجية .
2 - ان نظريات التنمية ليست ضمن نسق معرفي واحد ، فالتقدم العلمي يحدث بصورة ثورية وتراكمية يتم بموجبها نقل العلم من نموذج معرفي الى اخر ، فليس هناك نسق معرفي او نموذج معين يتم التوقف عنده ، بل ان التجارب والنماذج التنموية تتطور طبقا لخبرات وتجارب الشعوب على مر العصور .
وعند نقل نموذج معين لتطبيقه في مجتمع ما على الجهه الناقلة اتباع منهجية تعتمد الدراسة والتحليل العلمي لطبيعة النموذج المنقول واجراء تقيمه طبقا لطبيعة المجتمع المراد النقل اليه وتحديد مدى انسجامه مع القيم والمفاهيم السائدة في المجتمع المنقول اليه ، والقيام بعملية ( الفرز القيمي ) للمفردات الثقافية الواردة والمفردات الثقافية المحلية .
تعني عملية الفرز القيمي للمفردات الثقافية اجراء ترتيب للمفردات الثقافية ، بفرز المفردات الوظيفية منها لتقويتها وتعزيزها ، وتحديد المفردات السلبية الضارة في المجتمع واجراء معالجتها ضمن خطة علمية مدروسة ، ان تعزيز المفردات الوظيفية وفرز المفردات السلبية سيحقق قفزة نوعية في اخلاقيات وسلوكيات المجتمع تساعد بشكل كبير على تحقيق عمليات تنموية في كافة المجالات الحياتية للمجتمع ، استفادت كثير من الشعوب من تنفيذ هذه العملية حققت بموجبها فوائد كثيرة وعززت من تفعيل طاقات المجتمع وانصهارها في بوتقة مناهج التنمية الموضوعة .
ان عملية الفرز يجب ان تتم ضمن ضوابط ومحددات تحكمها مفاهيم الشريعة الاسلامية السمحاء يتم بموجبها تحديد ماهو وظيفي وما هو غير وظيفي ، ان تحديد هذه المفاهيم هي من مسؤوليات المفكرين والعلماء الكبار لهذه الامة ، وتزغر الادبيات العلمية الاسلامية باحكام ومفاهيم متعددة تحكم السلوك الانساني وتضع له محددات بغية التوصل الى نموذج اخلاقي يتلائم مع احكام الشريعة الاسلامية .
3 - يتضمن الدين الاسلامي منهاج ودستور للحياة له غايات واساليب محددة يتطلب من الباحثين فهمها وادراكها واستنباط المفاهيم والنظريات العلمية لتطبيقها ضمن المسيرة التكاملية للحياة .
ان مصداقية النظم الاسلامية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ... ناتجة من ان اسسها ومفاهيمها الفكرية منسجمة مع ماهية تكوين الانسان ، فالاسس الفكرية للاقتصاد الاسلامي تلبي اضافة للحاجات الاقتصادية حاجات الانسان الاجتماعية والفلسفية وغيرها .
4 - يتضمن الفكر الاسلامي حصول توازات متعددة في انشطة الافراد والمجتمعات ، في المجالات المختلفة ، مثل التوازن في استغلال الثروات بصورة عادلة بين الاجيال الحالية والمستقبلة ، والعقلانية في استثمار الموارد الطبيعية ضمن اسلوب ونمط معتدل في الانتاج والاستهلاك بعيدا عن الاسراف والتبذير والاستنزاف الغير مسؤول لها او حصول اضرار في البيئة ، اوالخلل في توزيع الانتاج مما يسبب الفوراق الكبيرة بين افراد المجتمع اوالمجتمعات العالمية وتفاقم مشكلة الفقر .
حددت الشريعة الاسلامية ضوابط واحكام عديدة للتعامل السليم بين الانسان والطبيعة ومع سائر الموجودات الحية ، شبيه بالقواعد والاحكام التي تنظم علاقة الانسان مع اخيه الانسان . فهنالك احكام تبين طريقة تعامل الانسان مع الحيوان ومع النباتات ومع الجبال والانهار ... الخ ، تستند تلك الحكام الى مبدأ الاستخلاف الالهي للانسان في تعمير الارض والاستفادة من خيراتها ضمن مبدأ العدالة .
ازاء ماسبق نورد السؤال التالي :
كيف يمكن اكتشاف المفاهيم والافكار الاسلامية الخاصة بالنظام الاقتصادي الاسلامي ؟
للاجابة على هذا السؤال نورد الملاحظات التالية :
يتحدد دور الباحث الاسلامي القيام بعملية الكشف والتوضيح للحقائق والافكار المختزنة والمختزلة في نصوص الشريعة الاسلامية ( القران والسنة النبوية وامتدادها الطبيعي ) .
تقع عملية الكشف ضمن عملية الاجتهاد لاستظهار واستنباط المفاهيم والحلول الشرعية للنظريات الاقتصادية من النصوص الاسلامية وطبقا للاليات والوسائل المعتمدة في هذه الخصوص ، فهو لا يقوم بدوره المنشىء لها كما هو الحال في عملية البناء لدى الانظمة الوضعية المادية ( الماركسية والراسمالية ) ، بل يتحدد دور الباحث ضمن عملية اجتهادية يتم بموجبها اكتشاف واستظهار المفاهيم والاسس الفكرية المشار اليها سابقا وتتم عملية الاجتهاد ضمن الضوابط والاليات المحددة في الشريعة الاسلامية .
فالركائز الفكرية الاساسية للاقتصاد الراسمالي ، تم بنائها بالارتكاز على مبدأ الحرية التي تكونت وتظافرت ضمن جهود عدد من الباحثين على مر التاريخ من الذين تبنوا هذا المبدأ واعتبروه ركيزة اساسية استندوا اليه في استكمال بناء هيكل النظام الراسمالي في كل جوانبه ، فبموجب هذه الركيزة تفرعت وتشعبت باقي الركائز الفكرية وبموجبها تم صياغة المفاهيم والنظريات الاقتصادية للنظام الراسمالي .
اما الركائز الفكرية للنظام الاشتراكي ، فقد تم تشيد بنائها بالاستناد على التفسير المادي للتاريخ وتفسير الظواهر الاقتصادية وفق الصراع الديالكتكي لقوى الانتاج ، فبموجبها هذه الركيزة تم تشيد اركان النظام الاقتصاد الاشتراكي .
اما الركائز الاساسية للنظام الاقتصاد الاسلامي ، فهي ترتكز على النصوص القرانية والسنة النبوية والاحكام والقواعد الفقهية المتفق عليها .
يتحدد الباحث الاسلامي في عملية البناء الفوقي للهيكل بهذه النصوص ومنها يتم النزول الى القاعدة ، وهذا المنهج هو عكس الطريقة التي يتبعها الباحثين في الانظمة الوضعية .
فدور الباحث الاسلامي تتحدد بعملية الاكتشاف بالاعتماد النصوص القرانية والسنة الصحيحة وعلى المبادىء والاسس العقائدية التي لها صفة القطعية وايراد شروحات وتوضيح اشعاعات تلك المبادىء على شكل احكام ومفاهيم .
ان المبادىء والاسس العقائدية القطعية لا تمثل الا جزء بسيط من جملة الاحكام والمفاهيم المتداولة في الادبيات الاسلامية في الوقت الحاضر ، وتتكون النسبة الباقية من اجتهادات الفقهاء والباحثين الاسلاميين ، ان التطور الهائل في حجم الاحكام والمفاهيم المتداولة هو لتلبية متطلبات الحاجة الانسانية لهذه الاحكام .
يتوسع دور الباحث في مجال البحث لاكتشاف النظام الاقصاد الاسلامي لعدم وجود مفاهيم ونظريات اقتصادية اسلامية جاهزة ومستنبطة بشكل مباشر من البناء العلوي ، ويمثل الموجود منها بحوث جزئية غير متكاملة تناولت بعض المواضيع المتعلقة بالاقتصاد الاسلامي وقسم معين منها استخدم نفس الادوات والنماذج والمفاهيم المعتمدة من قبل الانظمة المادية ( الراسمالية والاشتراكية ) باجراء اعادة صياغتها ضمن نموذج اسلامي .
ان عملية اكتشاف البناء العلوي للنظام الاقتصاد الاسلامي تتم ضمن المجال المسمى بمنطقة الفراغ ، ويمكن توصيف دور الانسان في عملية الاكتشاف كدوره عند اكتشاف الموارد في الطبيعة ، حيث تتواجد هذه الموارد في الطبيعة على شكل مواد خام ولكن الانسان قام خلال المراحل التاريخية الطويلة بتطوير استخداماتها واكتشاف خصائصها والاستفادة العظمى منها في مجالات عديدة ، ولاجل ذلك استطاع تطوير طرق واساليب وتقنيات الانتاج لتحقيق الاستخدام الامثل لتلك الموارد .
يمكن نورد نفس الكلام عند اجراء عملية البناء العلوي للانظمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ... للمجتمع الاسلامي ، فكما ان الموارد الطبيعية وخصائصها النفعية موجودة اصلا في المادة المتواجدة في الطبيعة ، كذلك فان المبادىء والاسس الفكرية المطلوبة لعملية بناء الانظمة الخاصة بتنظيم مختلف العلاقات الانسانية موجودة في الشريعة وان وجودها وارد على شكل عناويين اساسية للمواضيع المتعلقة بها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .. .
ان محددات وركائز هذه الانظمة مبين في الشريعة ، وما على الانسان الا ان يتجه وينحو الى اكتشاف تفاصيلها واستكمال البناء العلوي والقاعدي لها وفق الضوابط والشروط التي حددت في الشريعة الاسلامية ، وهي تتمثل بتوفرعدد من الشروط والمواصفات العقائدية والفكرية والسلوكيته لدى الانسان المكلف بعملية الاكتشاف ، ويقصد بالانسان هنا القيادة السياسية للمجتمع الاسلامي ، ان مسؤولية القيادة الاسلامية في المجتمع الاسلامي عظيمة جدا ، حيث يمكن القول ان عدم نجاح المجتمع الاسلامي من اكتشاف وبناء الانظمة الحياتية وتحقيق العملية التنموية في مختلف المجالات يرجع الى عدم توفر الفرصة المناسبة للقيادة السياسية الموصوفة في الشريعة الاسلامية من قيادة المجتمع لاسباب عديدة مبينة في التاريخ ، اما الجوانب العلمية فقد توفرت لدى العلماء الفرص والدوافع استطاعوا بموجبها حصول تطوير هائل في مجال استثمار الطاقات في مختلف الجوانب الحياتية للانسان كما نشاهده حاليا .
ان القيادة المثالية التي بشرت بها الشريعة الاسلامية سوف تحصل مهما طال الزمان لانها تعتبر من مصاديق الرسالة الاسلامية وبموجبها سيتحقق وجود المجتمع النموذجي الذي اراده الله لخليفته في الارض ، وهي تمثل احدى الغايات الاساسية لهذا الوجود .
وقد اشار كثير من الفلاسفة والمفكريين في مختلف العصور التاريخية الى هذا المجتمع وحددوا له مواصفات واسس طبقا لمناهجهم الفكرية .
في الوقت المعاصر تنصب جهود مفكري العولمة وقبلهم مفكري النظام الشيوعي تطبيق نموذجهم المقترح ، الذي يعتبره يمثل النموذج المثالي لتحقيق الرخاء والسعادة للمجتمعات الانسانية من الناحية التطبيقية ،.
يسعى في الوقت الحالي اصحاب مشروع العولمة تنفيذ نموذجهم ، في حين فشل اصحاب المشروع الثاني واصبح نموذجهم محفوظ كتراث فكري .
وخلال فترة عملية البناء يتطلب تظافر جهود كل الخيرين للمشاركة في عملية البناء العلوي والقاعدي للانظمة الحياتية للمجتمع ممن تتوفر فيهم الشروط والمواصفات المذكورة في الفقرة ( 2 ) من اولا وممن لهم القدرة على استيعاب وفهم التشريعات والاحكام الاسلامية والنظريات الاقتصادية او الاجتماعية والسياسية .. واجراء عملية الربط بين مكونات ومقومات هذه الانظمة بانسجام وتكامل بينها وبما ينسجم وحركة المجتمع والتاريخ التكاملية ، ومن خلال اليات العمل التي سنذكرها لاحقا .
هنالك ايات عديدة تؤكد ماشرنا اليه ولكننا يمكن ان نذكر الايات القرانية التالية للاستدلال عما ذكرناه ، وهي الايات (75 ، 76 ، 77 ، 78، 79 ، 80 ، 81) من سورة الواقعة ،
(( فلا اقسم بمواقع النجوم * وانه لقسم لو تعلمون عظيم * انه لقران كريم * في كتاب مكنون * لا يمسه الا المطهرون * تنزيل من رب العالمين * أفبهذا الحديث انتم مدهنون *) .
ورد في شرح هذه الايات القرانية الكريمة للعلامة السيد الطبطبائي في تفسير الميزان ،
جاء في شرح الايتين ( 75 و76 ) ورود القسم العظيم من الله سبحانه وتعالى لما يريد التبلغ عنه في الايات اللاحقة ، ثم جاء في شرح الايتين ( 77 ، 78 ) بتحديد صفتين للقران ،الاولى صفة كونه كريم في عطاءه والثانية انه كتاب مكنون وهي الصفة الثانية للقران وتعني كلمة مكنون بانه مصان عن التغيير والتبديل وهو اللوح المحفوظ ، وهناك معنى اخر لكلمة مكنون تفيد ان ايات القران تتضمن مفاهيم وافكار وعلوم مختزنة في مضامين وعناويين اساسية تفيد في عملية بناء الانظمة المشار اليها في البحث ، مما يتطلب من الفقهاء والعلماء والمفكريين الاسلاميين الكشف عنها ، فكلمة مكنون تعني ان العلوم بمختلف مجالاتها مكنونة في ايات القران .
وورد في شرحه للاية رقم ( 79 ) ، ( لايمسه الا المطهرون ) مايلي :
((هي صفة ثالثة للقران ، ومسه هو العلم به ، والمطهرون اسم مفعول من التطهير هم الذين طهر الله تعالى نفوسهم من التعلق بغير الله وهذا المعنى من التطهير هو المناسب للمس الذي هو العلم دون الطهارة من الخبث او الحدث كما هو ظاهر ، فالمطهرون هم الذين اكرمهم الله بتطهير نفوسهم كالملائكة الكرام الذين طهرهم الله من البشر كما في قوله تعالى ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا ) الاية ( 33 ) من سورة الاحزاب ، فالمراد بالمس العلم والاطلاع على تقدير كونها صفة للقران كما يصح على تقدير كونها صفة الكتاب المكنون )) وهذه اشارة واضحة لصفات الجهة المفسرة والشارحة لمعاني الايات القرانية .
وجاء في شرح الاية رقم ( 81 ) ( افبهذا الحديث انتم مدهمون ) الادهان هو التهاون اي تتهاونون ويريد به التوبيخ من عدم الاتيان بامر الله اوعدهم امر القران هينا لا يعتني به .
يستفاد من شرح معاني هذه الايات الكريمة التبليغ الالهي للقواعد العقائدية والاسس الفكرية التي يتضمنها القران وهي صالحه لكل زمان ومكان يتطلب ممن ورد وصفهم في القران مس هذه الكنوز واكتشافها للاستفادة منها في تنضيم العلاقات الانسانية لمختلف الانشطة الحياتية لشعوب العالم ، وبما يحقق لها العيش الرغيد والطمأنينة لجميع الافراد .
ونذكر هنا المقولة التالية الى المفكر الاسلامي ( الشيخ جمال الدين الافغاني ) :
(( ان الانسان من اكبر اسرار هذا الكون ولسوف يستجلي بعقله ما غمض وخفي من اسرار الطبيعة وسوف يصل بالعلم وباطلاق سراح العقل الى تصديق تصوراته ، فيرى ما كان من التصورات مستحيلا قد صار ممكنا )) .
مناهج البحث :
هناك عدة مناهج او طرق يمكن بواسطتها اكتشاف القوانين والنظريات للاقتصاد الاسلامي ، منها المنهج ( التاريخي والتجريبي والعقلي ) ، يترك للجهات المكلفة بتنفيذ المقترح باختيار المنهج الملائم لاجراء البحث وفقا لتحقيق الغايات والاهداف .
ثالثا – الوسائل والاليات المقترحة لتنفيذ هذه التوصيات :
ان تنفيذ هذه التوصيات لا يمكن تحقيقها ضمن جهد منفرد من قبل اشخاص او مؤسسات مهما كان حجم ونوعية تلك الجهة ، فلابد من تظافر جهود جهات عديدة مختصة تتمتع بالمواصفات التي اشرنا اليها سابقا تتعهد القيام بهذه المهمة المتشابكة والمعقدة والمتداخلة مع بعضها ، وتشكيل خلايا عمل تتكفل تنفيذ ماسبق الاشارة اليه بموجب دراسات وابحاث اقتصادية عميقة لايجاد نظريات شاملة لاظهار الاسلام كنظام مؤهل لتنظيم الحياة المعاصرة للمجتمع .
ان الجهود في هذا المضمار هي جهود جامعة لامكانيات وطاقات الامة الاسلامية فالنقاشات والمحاورات تتم وفق مبدأ التنافس الايجابي وكل طرف عليه ان يبذل كل طاقته لاظهار ما لديه من افكار وانتاجات فكرية يعزز النقاش ويدعم وجهة نظره في التحاور .
يتحقق بموجب هذه الجهود معاني الوحدة الاسلامية لان النقاشات سوف تدور حول مواضيع ذات طبيعة علمية وموضوعية ، وهي تختلف عن النقاشات التي تدور عند مناقشة المواضيع ذات الطبيعة الخلافية .
ان مواضيع البحث في هذا الجانب ستكون بعيدة عن المواضيع الخلافية ذات الطبيعة المذهبية .
ان طرح الافكار يجب ان تكون بعيدة عن الدعاية المذهبية بل يجب ان تتناول جوهر الموضوع ضمن ادلة علمية مسندة .
علما ان اغلب الاحاديث النبوية والاحكام الاسلامية ذات الصفة الخلافية يتعلق موضوعها في الغالب في تفسيري البعد التاريخي والعقائدي للجوانب السياسية من المسيرة الاسلامية ، في حين لا يتضمن التراث الاسلامي في الجوانب الاخرى ذلك المجال الخلافي .
الخطوات والاليات الاساسية للتنفيذ :
يتم تنفيذ ماسبق وفق النقاط التالية :
1 – الاعداد :
بغرض الاعداد الجيد لتنفيذ المقترح المذكور يدعى الى تشكيل لجنة عليا من نخبة المفكريين النشيطين في مجال البحث العلمي الاسلامي ممن يعتقدوا بضرورة واهمية هذا المقترح .
تهدف هذه اللجنة من خلال التواصل المستمر بينهم على وضع خطة عمل يتم بموجبها تحويل هذه الافكار الى مجالها التنفيذي .
يتضمن التراث الاسلامي المتمثل بانتاج العلماء والمفكرين الاسلامين في بحوث وكتب علمية كثيرة ، ومن ندوات ومؤتمرات علمية عقدوها لمناقشة المواضيع الاسلامية المختلفة ، ساهمت هذه الانتاجات بشكل كبير في تراكم الخبرات ورفد التراث الفكري والعلمي بالبحوث والافكار الجيدة التي يمكن الاستفادة منها كونها تمثل احد القواعد العلمية التي يستند عليها تنفيذ هذا المقترح .
ولكن من الملاحظ ان كل تلك الجهود لم تثمر في تحقيق الاهداف التي نرجو تحقيقها في هذا المقترح والتي نسعى الى تكامل الافكار والمفاهيم لتشكيل انظمة متكاملة لتنظيم الانشطة الحياتية للمجتمعات العالمية وفق احكام الشريعة الاسلامية وتكوين انظمة اسلامية متكاملة في مختلف جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ... وغيرها .
ان عمل هذه اللجنة يجب ان يتم وفق ما يلي :
( 1 ) - يتفرع عن اللجنة الرئيسية تشكيل عدة لجان فرعية تختص كل لجنة فرعية اختيار مفهوم او موضوع معين ليتم مناقشته وبحثه بشكل متواصل ضمن ندوات متلاحقة وبموجب خطوات ومراحل متسقة ومتكاملة للوصول الى النتائج المطلوبة ، فقد يتطلب بحث موضوع معين عدة جولات من المناقشات.
وتختص لجنة اخرى بمناقشة وبحث موضوع او مفهوم اخر ، بذلك فان كل لجنة تختص بافاضة النقاش والحوار بموضوع معين بشكل متواصل لحين الوصول الى النتائج المطلوبة ، والتي يتم عرضها لاحقا على اللجنة الرئيسية .
ويجب ان يراعى عند اختيار اعضاء اللجنة الرئيسية واللجان الفرعية المنبثقة عنها بان يكون اعضاءها ينتمون الى اطراف متنوعة من الناحية المذهبية والقومية والفكرية .
( 2 ) - تضع اللجنة خطة عمل وبرامج محددة يتم بموجبها تنفيذ العمل المكلفة بها ، ضمن الخطوات المشار اليها .
( 3 ) – الاشراف الكامل على كل الخطوات والتعليمات الناظمة لاجراء عقد المؤتمرات ضمن اجواء علمية سليمة .
والتنسيق مع اللجان الفرعية الوارد ذكرها ، لتكون حلقة الوصل بينهما .
( 4 ) – تتكلف اللجنة الرئيسية بالاشراف على التمويل المالي للمؤتمرات واعداد وتصديق البيانات الختامية لها .
( 5 ) - ضمان استقلالية اللجنة في اداء اعمالها دون تأثير خارجي يظهر انحياز اعمالها لجهة معينة بغرض تحقيق هدف اعلامي لصالحها .
( 5 ) - ايجاد اجواء ومناخ ملائم في الوسط الفكري والاجتماعي ، بغرض ايجاد رأي عام داعم لتسهيل تنفيذ هذه المهمة لدى الاوساط العلمية ولدى القيادات السياسية والثقافية في المجتمعات الاسلامية .
( 6 ) - الاشراف على الجان الفرعية في الاعداد الجيد لعقد المؤتمرات تبدء من اختيار الشخصيات العلمية التي توجه اليها الدعوات الى مراحل عقد الجلسات واعداد النتائج .
( 7 ) – تشكيل لجنة استشارية لدراسة البحوث الواردة واختيار الصالح منها لتكون اساس للمناقشة والتحليل في الندوات .
2 –عقد المؤتمرت :
تختص اللجنة الفرعية بمناقشة موضوع محدد للالمام به من كل جوانبه ، فقد ينعقد عدد من المؤتمرات لمناقشة عدد من المواضيع الخاصة بها في اوقات واماكن متعددة .
تتحدد مهمات اللجان الخاصة على ادارة جلسات كل مؤتمر ، وفق الخطوات التالية :
( 1 ) - دعوة المفكريين والعلماء لكتابة بحوثهم ضمن المواضيع المختارة ، وتشكيل لجنة استشارية لدراسة واعتماد البحوث المقبولة للمشاركة في المؤتمر .
توجيه الدعوة للمفكرين والعلماء لحضور المؤتمر وتزويدهم بنسخ من البحوث التي تم اختيارها لتجري المناقشات على ضوءها في المؤتمر .
( 2 ) - ادارة المناقشات بصورة موضوعية وفق اسس علمية محايدة ، وتقوم بمهمة مراجعة المصادر والاسناد الواردة في البحوث والمداخلات للتأكد من سلامتها وتوثيقها .
( 3 ) - تسجيل الملاحظات والمداخلات الجارية في المؤتمر وتوظيبها ضمن مواضيعها ، واعداد تلخيص للبحوث والمناقشات والحورات الجارية في المؤتمر لتكون لاحقا اساسا للمناقشة في مؤتمر لاحق .
( 4 ) - عند استكمال كل جوانب البحث يتم اعداد محضر تفصيلي لمجمل البحوث والمداخلات والمناقشات التي جرت عليها وتضمينها بالتوصيات التي تراها ضرورية من حيث رأيها بمستوى البحوث والمداخلات الجارية ووجهة نظرها بالخطة اللاحقة ، ورفع هذه النتائج الى اللجنة العليا لكي تتخذ الاجراء المناسب .
3 – المتابعة :
ان انتهاء اي ندوة لا يمثل الحلقة الاخيرة لها ، بل تمثل حلقة تتبعها حلقات لاحقة يتم بموجبهما متابعة الجهد للتوصل في نهايته تنفيذ كامل المقترح .
لذا يجب اتخاذ الخطوات التالية :
( 1 ) - قيام اللجنة العليا بتجميع التوصيات التي ترفعها اللجان الفرعية الخاصة بكل ندوة بغرض دراستها واعداد المرحلة اللاحقة .
( 2 ) – الدعوة لمؤتمر او مؤتمرات لاحقة ، لمتابعة النقاش من حيث انتهى ، واتباع نفس الخطوات السابقة لحين اشباع الموضوع بحثا .
( 3 ) - التواصل مع المجمعات والمراكز الفقهية والفكرية الاسلامية لابداء رأيها بخصوص التوصيات الناتجة عن المؤتمر .
( 4 ) - عند توصل المناقشات والدراسات المستفيضة الى نتائج نهائية ، يتم تعميم تلك النتائج بصياغة متفق عليها تمثل وثيقة علمية لذلك الموضوع .
وعند عدم امكانية التوصل الى صيغة موحدة ، يجري عرض الصيغ التي وصلت اليها نتائج البحث مع توضيح تبين وجهات النظر اتجاه الصيغ النهائية بحيادية تامة .
(5 ) – تقوم اللجنة العليا بالاعتماد على الوثائق والصيغ الصادرة عن الندوات المعقودة باعداد وضع مفاهيم اقتصادية ومالية متفق عليها ليتم بموجبها تشكيل قاعدة فكرية متكاملة ومتناسقة تكون اساسا لبناء نظريات للنظام الاقتصاد الاسلامي .
يتم بواسطتها معالجة مختلف القضايا والمواضيع والتحديات التي تواجه المجتمع الاسلامي في الوقت الحالي .
ان تنفيذ ماجاء في هذا المقترح يتطلب حصول قناعات حقيقية من قبل المؤسسات والمراكز العلمية في الدول الاسلامية ، ومن قبل القيادات السياسية والاقتصادية والثقافية في الحكومات الاسلامية لتقديم الدعم المطلوب لتنفيذه بجدية في جوانبه المختلفة .
تمثل الخطوات الواردة في المقترح خطوط اولية ، يتطلب وضع تفاصيل وخطوات لاحقة لها لتكون مستكملة للتنفيذ .
كما وانها تمثل مسودة اولية قابلة للتغيير والتعديل حسب مايطرح من افكار داعمة لها ، وحسب متطلبات العمل ، ولكن المهم حصول قناعة الجهات المختصة بضرورتها واهميتها وحاجة المجتمعات الاسلامية لها كما بينا ذلك فيما سبق .
تتصف الصيغة الواردة في هذا المقترح تناول بحث المواضيع بصورة متواصلة ومتتابعة ومركزة لحين التوصل الى مفاهيم جامعة ، بدلا من كل قيام كل مؤسسة او مفكر بالتفكير المستقل عن الاخر ، مما يجعل تفكيره منحصر ضمن جانب معين ، نرى من الافضل ان نفكر مجتمعين ضمن حلقات بحث علمية جامعة لكل التيارات والمدارس الفكرية المتواجدة في الامة الاسلامية .
تعليقات
إرسال تعليق