الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد.. فإن أسماء الله عز وجل كلها حسني وكلها عظمي كما قال تعالي:( ولله الأسماء الحسني فادعوه بها) فكل اسم من الأسماء الحسني هو الأعظم في موضعه وبحسب حال العبد وماينفعه والعظمة في أسماء الله تعالي تكون باعتبار كل اسم علي انفراده أو باعتبار جمعه إلي غيره فيحصل بجمع الاسم إلي الآخر كمال فوق كمال والأعلي في الكمال هو الأعظم علي هذا الاعتبار
وقد تقدم رأي الجمهور في اعتبار لفظ الجلالة هو الاسم الأعظم أما ماورد في كون الرحمن الرحيم هو الاسم الأعظم فذلك باعتبار عدة أوجه دلت علي كمال مخصوص فوق كمال كل اسم منفرد وقد ذكر ابن القيم ان الرحمن هو المتصف بالرحمة العامة الشاملة والرحيم هو الراحم لعباده ولم يجيء رحمن بعباده ولا رحمن بالمؤمنين مع مافي اسم الرحمن الذي هو علي وأن فعلان من سعه هذا الوصف وثبوت جميع معناه الموصوف به, ألا تري أنهم يقولون غضبان للممتليء غضبا وندمان وحيران وسكران ولهفان لمن مليء بذلك فبناء فعلان للسعة والشمول
ولهذا يقرن الله تعالي استواءه علي العرش بهذا الاسم كثيرا كقوله سبحانه:( الرحمن علي العرش استوي) طه:5 وكقوله أيضا:( ثم استوي علي العرش الرحمن فاسأل به خبيرا) الفرقان:59 فاستوي علي عرشه باسمه الرحمن لأن العرش محيط بالمخلوقات وقد وسعها والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم علي اختلاف أنواعهم كما قال تعالي:( ورحمتي وسعت كل شيء) الأعراف:156 فاستوي علي أوسع المخلوقات بأوسع الصفات ومن ثم وسعت رحمته كل شيء
قال أبو علي الفارسي:( الرحمن اسم عام في جميع أنواع الرحمة يختص به الله تعالي والرحيم إنما هو خاص بالمؤمنين قال تعالي:( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما) الأحزاب:43 وقال ابن عباس رضي الله عنه:( هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر) وقال القرطبي: الرحمن خاص الاسم عام الفعل والرحيم عام الاسم خاص الفعل وهذا قول الجمهور)
وقد ذكر الله عز وجل استواءه علي عرشه مقرونا باسمه الرحمن ليعم جميع خلقه برحمته ولولا هذه الرحمة مااتسعت الدنيا لكافر لحظة فالرحمة هنا أظهرت عظمة الحكمة بجلال الأسماء وظهور الآلاء ليتعظ من يتقلب في نعمته وهو غافل عن رحمنه وحكمته كما أن الله خص المؤمنين باسمه الرحيم فقال:( وكان بالمؤمنين رحيما) الأحزاب:43 وذلك ليميز بينهم وبين الكافرين
فالكافر سيعامل بعدله والمؤمن سيعامل بفضله وهذان الاسمان كلاهما عليهما مدار الحكمة في الدنيا والآخرة وعلي ذلك فإن الرحمن الرحيم هما اسم الله الأعظم علي اعتبار علوهما عن غيرهما في الدلالة علي معاني الكمال والحكمة.
أما اعتبار الاسم الأعظم هو الحي القيوم فذلك لعدة أوجه دلت علي كمال مخصوص فوق جميع الأسماء فهذان الاسمان عند اجتماعهما يختصان عن باقي الأسماء الحسني بمافيهما من معاني الكمال فجميع الأسماء الحسني والصفات العليا تدل باللزوم علي أن الله حي قيوم فالحياة وصف ذاته ومن أجلها كملت جميع أسمائه وصفاته فلا يمكن أن يكون سميعا بصيرا عليما قديرا إلا إذا كان حيا ولايمكن أن يكون ملكا عزيزا قويا غنيا إلا إذا كان حيا
ولايمكن أن يكون رحيما رءوفا مهيمنا عظيما إلا إذا كان حيا ولايمكن أن يكون جبارا متكبرا خالقا بارئا مصورا إلا إذا كان حيا فجميع أسماء الله تدل علي صفة الحياة التي تضمنها اسمه الحي, وهذه قضية عقلية نقلية بينها الله في القرآن بأفضل بيان وأجمل برهان
قال تعالي:( إن تدعوهم لايسمعوا دعاءكم ولو سمعوا مااستجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولاينبئك مثل خبير) فاطر:14 فمعبوداتهم لاتستجيب لكونها موتي والميت تزول عنه صفاته بزوال ذاته فلا يقال عالم وهو ميت بل يقال كان عالما ولا يقال غني قوي وهو ميت بل يقال كان غنيا قويا ولايقال ملك وهو ميت بل يقال كان ملكا عادلا أو ظالما.
كما أن ملكية الشيء أو حق التملك إما أن يكون سببه اختراع الأشياء وإيجادها أو دوام الحياة وكمالها فالمخترع له براءة الاختراع والمؤلف له حق الطبع والنشر, وعند البخاري قال عمر رضي الله عنه:( من أحيا أرضا ميتة فهي له) ومن المعلوم أن أي ملك في الدنيا لايمكن أن يؤسس ملكه بمفرده بل يساعده خاصته وقرابته ويسانده حزبه وجماعته أما رب العزة فهو الحي قبل وجود الأحياء وهو الإله الحق الذي انفرد بإنشاء الخلق وإقامة الملك,
قال تعالي:( ماأشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وماكنت متخذ المضلين عضدا) الكهف:51 ولما كان دوام الحياة وكمالها يؤدي إلي انتقال الملكية وثبوتها فإن الحياة والقيومية أساس الربوبية وكمال العظمة والملكية قال تعالي:( كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام) الرحمن:27
وقال:( ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير) آل عمران:180 والله عز وجل لما ذكر هذا الاسم الأعظم في أعظم آية قرآنية فقال:( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) قال بعدها مبينا التفرد بالملكية:( له مافي السماوات ومافي الأرض) البقرة:255.
والقيم في اللغة هو السيد الذي يسوس الأمور ويدبرها, فقيم البلدة سيدها وأمينها ومدبرها, واسم الله القيوم تقدير فعله قام اللازم وأقام المتعدي, قام بذاته فلا يحتاج إلي غيره وأقام غيره لافتقاره إليه, والله سبحانه هو القائم بنفسه الذي بلغ مطلق الكمال في وصفه, وهو الباقي بجلاله وكماله علي الدوام دون تأثر أو تغيير, لأن الحي من البشر قد يكون موصوفا بالسمع لكن سمعه يتأثر بمرور الوقت فيفتقر إلي وسيلة للسماع, وقد يكون بصيرا لكنه يتأثر بعد مدة فيضع عدسة يستعين بها علي الإبصار, فالحي قد يكون متصفا بالصفات لكنه يتأثر بالسنة والغفلة والنوم, ولو كان قائما لكملت حياته وبقيت صفاته, ولذلك فإن الله أثبت الحياة واليومية اللازمة لكمال أسمائه وصفاته بطريق الإثبات والنفي المتضمن لكمال المقابل, وهذه أبلغ طرق المدح التي اتبعها أهل السنة في مدح ربهم, فمدار أوصاف الكمال وجميع الأسماء الحسني تدل باللزوم علي أن الله عز وجل حي قيوم, ومن ثم جعلهما النبي( صلي الله عليه وسلم) اسم الله الأعظم علي هذا الاعتبار.
وأما اعتبار الاسم الأعظم هو الأحد الصمد فذلك لأن الاسمين معا يدلان علي كمال مخصوص يلازم جميع الأسماء والصفات, فالأحد دل علي أنه سبحانه المنفرد بأسمائه وصفاته وأفعاله عن كل ما سواه, فالأحدية هي الانفراد ونفي الشريك والشبيه والمثلية, كما أن الصمدية تعني السيادة المطلقة في كل وصف علي حدة, فالصمد هو السيد الذي له الكمال المطلق في كل شيء, وهو المستغني عن كل شيء, وكل من سواه مفتقر إليه يصمد إليه ويعتمد عليه,
وهو الكامل في جميع صفاته وأفعاله, وليس فوقه أحد في كماله, وهو الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وسائر أمورهم, فالأمور أصمدت إليه وقيامها وبقاؤها عليه لا يقضي فيها غيره, وهو المقصود اليه في الرغائب والمستغاث به عند المصائب, الذي يطعم ولا يطعم ولم يلد ولم يولد.
أما كمال الوصف المخصوص عند اجتماع الأحدية والصمدية, فيمكن القول إن الله عز وجل لما فطر النفوس علي أن تلجأ إلي قوة عليا عند ضعفها, وتطلب غنيا أعلي عند فقرها وعالما خبيرا عند جهلها ورءوفا شافيا عند مرضها ومن كملت أوصافه عند اضطرارها, فإن الله هو المستحق لأن يكون هو الصمد دون ما سواه, والمخلوق وإن كان صمدا من بعض الوجوه فإن حقيقة الصمدية منتفية عنه لأنه يقبل التفرق والزوال والتجزئة والانحلال ويتقسم ويتبعض فينفصل بعضه من بعض,
وهو أيضا مفتقر إلي ما سواه وكل ما سوي الله مفتقر إليه من كل وجه, فليس أحد يصمد اليه كل شيء ولا يصمد هو إلي شيء إلا الله تبارك وتعالي, لأنه لا يجري عليه شيء من ذلك, بل حقيقة الصمدية وكمالها له وحده, ولا يمكن انعدامها بوجه من الوجوه فهو أحد لا يماثله شيء من الأشياء كما قال تعالي:( ولم يكن له كفوا أحد)( الإخلاص:4), وقد استعملت الأحدية هنا في النفي, أي ليس شيء من الأشياء كفوا له في شيء من الأشياء لأنه أحد.
كما أن هذا الاسم الأعظم أو الأحد الصمد دلا علي أن الله لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, فإن الصمد هو الذي لا جوف له ولا أحشاء, فلا يدخل فيه شيء ولا يأكل ولا يشرب كما قال سبحانه:( قل أغير الله اتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم)( الأنعام:14), وفي قراءة الأعمش وغيره ولا يطعم بالفتح, وقال تعالي: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون)( الذاريات:57/56), ومن مخلوقاته الملائكة وهم صمد لا يأكلون ولا يشربون, فالخالق لهم جل جلاله أحق بكل غني وكمال جعله لبعض مخلوقاته.
وقد فسر بعض السلف الصمد بأنه الذي لا يأكل ولا يشرب وأن الصمد هو المصمد الذي لا جوف له, فلا يخرج منه عين من الأعيان ولا يلد, وهو كلام صحيح علي معني أنه لا يفارقه شيء منه, ولهذا امتنع عليه أن يلد وأن يولد, وذلك أن الولادة والتولد, وكل ما يكون من هذه الألفاظ لا يكون إلا من أصلين, وما كان من المتولد عينا قائمة بنفسها فلابد لها من مادة تخرج منها,
وقد نفي الله ذلك بقوله:( قل هو الله أحد)( الإخلاص:1), فإن الأحد هو الذي لا كفؤ له ولا نظير فيمتنع أن تكون له صاحبة, ولتولد إنما يكون بين شيئين, قال تعالي:( أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم)( الأنعام:101), فنفي سبحانه الولد بامتناع لازمه عليه, فإن انتقاء اللازم يدل علي انتفاء الملزوم, وبأنه خالق كل شيء وكل ما سواه مخلوق له, ليس فيه شيء مولود له, فهو سبحانه غني بذاته, يمتنع في حقه أن يكون والدا وأن يكون مولودا,
قال ابن تيمية:( كذلك فإن هذين الاسمين يستلزمان سائر أسماء الله الحسني وما فيها من التوحيد كله قولا وعملا, والنبي( ص) ذكر هذين الاسمين فقال:( الله الواحد الصمد تعدل ثلث القرآن), وذلك أن كونه أحدا وكونه الصمد يتضمن أنه الذي يقصده كل شيء لذاته ولما يطلب منه, وأنه مستغن بنفسه عن كل شيء, وأنه بحيث لا يجوز عليه التفرق والفناء,
وأنه لا نظير له في شيء من صفاته ونحو ذلك مما ينافي الصمدية, وهذا يوجب أن يكون حيا عالما قديرا ملكا قدوسا سلاما مهيمنا عزيزا جبارا متكبرا) ومن ثم فاجتماع اسم الأحد مع الصمد يضيفان من معاني الجلال والعظمة ما ليس لغيرهما, ولذلك ذكرهما النبي( ص) علي أنهما اسم الله الأعظم.
وقد علمنا أيضا ضرورة الالتزام بعدة شروط عند إحصاء الأسماء الحسني وهي ثبوت الاسم في القرآن أو صحيح السنة وأن يرد في النص مرادا به العلمية ومتميزا بعلامات الاسمية المعروفة في اللغة, وان يكون مطلقا دون تقييد ظاهر أو إضافة مقترنة بحيث يفيد المدح والثناء بنفسه ولابد من دلالة الاسم علي الوصف وأن يكون الوصف الذي دل عليه الاسم في غاية الجمال والكمال ولما طبقنا هذه الضوابط مرات عدة باستخدام التقنية الحاسوبية والموسوعات الالكترونية التي شملت الكتب الأصلية للسنة المطهرة لم تنطبق إلا علي تسعة وتسعين اسما تضاف إلي لفظ الجلالة, وها هي الأسماء الحسني الثابتة في الكتاب والسنة بأدلتها التفصيلية:
1 ــ الرحمن
2 ــ الرحيم: قال تعالي:( تنزيل من الرحمن الرحيم)[ فصلت:2]
3 ــ الملك
4 ــ القدوس
5 ـــ السلام
6 ــ المؤمن
7 ــ المهيمن
8 ــ العزيز
9 ــ الجبار
10 ــ المتكبر:( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون)[ الحشر:23]
11 ــ الخالق
12 ــ الباريء
13 ــ المصور:( هو الله الخالق الباريء المصور)[ الحشر:24]
14 ــ الأول
15 ــ الآخر
16 ــ الظاهر
17 ــ الباطن:( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم)[ الحديد:3]
18 ــ السميع
19 ــ البصير:( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)[ الشوري:11]
20 ــ المولي
21 ــ النصير:( واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولي ونعم النصير)[ الحج:78]
22 ــ العفو
23 ــ القدير:( فإن الله كان عفوا قديرا)[ النساء:149]
24 ــ اللطيف
25 ــ الخبير:( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)[ الملك:14]
26 ــ الوتر: حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:( وإن الله وتر يحب الوتر)[ مسلم2677]
27 ــ الجميل: حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله جميل يحب الجمال)[ مسلم:91]
28 ــ الحيي
29 ــ الستير حديث يعلي بن أمية مرفوعا:( إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر)[ صحيح أبي داود:3387]
30 ــ الكبير
31 ــ المتعال: قال تعالي( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال)[ الرعد:9]
32 ــ الواحد
33 ــ القهار: قال تعالي( قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار)[ الرعد:16]
34 ــ الحق
35 ــ المبين: قال تعالي:( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين)[ النور:25]
36 ــ القوي: قال( إن ربك هو القوي العزيز)[ هود:66]
37 ــ المتين قال تعالي:( إن الله هوالرزاق ذو القوة المتين)[ الذاريات:58]
38 ــ الحي
39 ــ القيوم:( الله لا إله إلا هو الحي القيوم) [ البقرة:255]
40 ــ العلي
41 ــ العظيم: قال تعالي:( وهوالعلي العظيم)[ البقرة:255]
42 ــ الشكور
43 ــ الحليم: قال تعالي:( والله شكور حليم))[ التغابن:17]
44 ــ الواسع
45 ــ العليم قال تعالي:( إن الله واسع عليم) [ البقرة:115]
46 ــ التواب
47 ــ الحكيم قال تعالي:( وأن الله تواب حكيم)[ النور:10]
48 ــ الغني
49 ــ الكريم قال تعالي:( ومن كفر فإن ربي غني كريم)[ النمل:40]
50 ــ الأحد
51 ــ الصمد قال تعالي:(قل هو الله أحد الله الصمد)
52 ــ القريب
53 ــ المجيب قال تعالي:( إن ربي قريب مجيب)[ هود:61]
54 ــ الغفور
55 ــ الودود قال تعالي:( وهو الغفور الودود)[ البروج:15,14]
56 ــ الولي
57 ــ الحميد: قال تعالي:( وهو الولي الحميد)[ الشوري:28]
58: الحفيظ قال تعالي:( وربك علي كل شيء حفيظ)[ سبأ:21]
59 ــ المجيد قال تعالي:( ذو العرش المجيد)[ البروج:15]
60 ــ الفتاح: قال تعالي:( وهو الفتاح العليم)[ سبأ:26]
61 ــ الشهيد: قال تعالي( وهو علي كل شيء شهيد)[ سبأ:47]
62 ــ المقدم
63 ــ المؤخر: حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا:( أنت المقدم وأنت المؤخر)[ البخاري:1069]
64 ــ المليك
65 ــ المقتدر قال تعالي:( إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر)[ القمر:55]
66 ــ المسعر
67 ــ القابض
68 ــ الباسط
69 ــ الرازق (حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق)[ صحيح الجامع18146]
70 ــ القاهر قوله تعالي:( وهوالقاهر فوق عباده)[ الأنعام:18]
71 ــ الديان: حديث عبد الله بن أنيس مرفوعا:( يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب, أنا الملك انا الديان)[ البخاري:2719/6]
72 ــ الشاكر قال تعالي:( وكان الله شاكرا عليما)[ النساء:147]
73 ــ المنان: حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا وفيه:( لا إله الا انت المنان)[ صحيح أبي داود:1325]
74 ــ القادرقوله تعالي:( فقدرنا فنعم القادرون)[ المرسلات:23]
75 ــ الخلاق: قوله تعالي:( إن ربك هو الخلاق العليم)[ الحجر:86]
76 ـــ المالك حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:( لا مالك إلا الله عز وجل)[ مسلم2143]
77 ــ الرزاق قال تعالي:( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)[ الذاريات:58]
78 ــ الوكيل قال تعالي:( وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)[ آل عمران:173]
79 ــ الرقيب قال تعالي:( وكان الله علي كل شيء رقيبا)[ الأحزاب:52]
80 ــ المحسن: حديث شداد بن أوس رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله محسن يحب الإحسان)[ صحيح الجامع:1824]
81 ــ الحسيب قال تعالي:( إن الله كان علي شيء حسيبا)[ النساء:86]
82 ــ الشافي: حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا:( أشف وأنت الشافي)[ البخاري:5351]83 ــ الرفيق: حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا:( رفيق يحب الرفق في الأمر كله) [ البخاري:5901]
84 ــ المعطي: حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه مرفوعا:( والله المعطي وأنا القاسم)[ البخاري:2948],
85 ـ المقيت: قوله تعالي: وكان الله علي كل شيء مقيتا[ النساء:85],
86 ـ السيد: حديث عبدالله بن الشخير رضي الله عنه مرفوعا:( السيد الله)[ صحيح ابي داود:4021],
87 ـ الطيب: حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا)[ مسلم:8330],
88 ـ الحكم: حديث شريح بن هانيءء رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله هو الحكم وإليه الحكم)[ صحيح ابي داود:4145],
89 ـ الاكرم, قال تعالي:( اقرأ وربك الأكرم)[ العلق:3],
90 ـ البر, قال تعالي:( إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم)[ الطور:28],
91 ـ الغفار قال تعالي:( رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار)[ ص:66],
92 ـ الرءوف, قال تعالي:( وأن الله رءوف رحيم)[ النور20],
93 ـ الوهاب, قال تعالي:( ام عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب)[ ص:9],
94 ـ الجواد: حديث سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله عز وجل جواد يحب الجود)[ صحيح الجامع:1744]
95 ـ السبوح: حديث عائشة مرفوعا:( سبوح قدوس رب الملائكة والروح)[ مسلم:487],
96 ـ الوارث: قوله:( وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون)[ الحجر:23],
97 ـ الرب, قال تعالي:( سلام قولا من رب رحيم)[ يس:58],
98 ـ الاعلي, قال تعالي:( سبح اسم ربك الأعلي)[ الأعلي:1],
99 ـ الاله, قال تعالي:( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم)[ البقرة:163].
هذه تسعة وتسعون اسما هي الي توافقت مع شروط الاحصاء بلا مزيد ثمانية وسبعون اسما في القرآن وواحد وعشرون في السنة, ويجدر التنبيه علي ان هذا العدد لا يعني ان الاسماء الكلية لله عز وجل محصورة فيه فقد جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا ان النبي صلي الله عليه وسلم قال في دعاء الكرب:( أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك, أو علمته أحدا من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك)[ السلسلة الصحيحة383/1], فهذا الحديث يدل علي ان العدد الكلي لاسمائه الحسني انفرد الله عز وجل بعلمه, وما استأثر به عنده لا يمكن لأحد حصره ولا الاحاطة به, اما حديث ابي هريرة رضي الله عنه في ذكر التسعة والتسعين فالمقصود به الاسماء التي تعرف الله بها الي عباده في الكتاب والسنة وتناسب الغاية من وجودهم.
وتجدر الاشارة الي ان ترتيب الاسماء الحسني بأدلتها المذكورة مسألة اجتهادية راعينا في معظمها ترتيب اقتران الاسماء حسب ورودها في الآيات مع تقارب الالفاظ علي قدر المستطاع ليسهل حفظها بأدلتها والامر في ذلك متروك للمسلم وطريقته في حفظها.
واتماما للفائدة فإنه بعد مراجعة الاسماء المشهورة علي ألسنة الناس منذ اكثر من الف عام تبين ان الاسماء التي وردت فيها ليست تسعة وتسعين اسما بل ثمانية وتسعين لان لفظ الجلالة هو الاسم الاعظم الذي تضاف اليه الاسماء ويكمل به عند احصائه مائة اسم كما هو واضح وظاهر من نص الحديث:( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا),
كما ان الأسماء الحسني التي ثبتت بنص الكتاب والسنة في المحفوظ علي ألسنة الناس عددها تسعة وستون اسما فقط وهي: الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق الباريء المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط السميع البصير الحكم اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد الحي القيوم الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن المتعالي البر التواب العفو الرءوف المالك الغني الوارث,
اما الاسماء التي لم تثبت او توافق شروط الاحصاء فعددها تسعة وعشرون اسما, منها اثنان وعشرون ليست من الاسماء الحسني ولكنها افعال واوصاف لا يصح الاجتهاد الشخصي في الاشتقاق منها هي: الخافض الرافع المعز المذل العدل الجليل الباعث المحصي المبديء المعيد المميت الواجد الماجد الوالي ذو الجلال والإكرام المقسط المغني المانع الضار النافع الباقي الرشيد الصبور, وكذلك سبعة اسماء مقيدة لابد من ذكرها مضافة كما ورد نصها في القرآن وهي: الرافع المحيي المنتقم الجامع النور الهادي البديع.
اما الاسماء المدرجة التي لم تثبت او توافق ضوابط الاحصاء عند ابن ماجة فعددها تسعة وثلاثون اسما وهي: البار الجليل الماجد الواجد الوالي الراشد البرهان المبديء المعيد الباعث الشديد الضار النافع الباقي الواقي الخافض الرافع المعز المذل المقسط ذو القوة القائم الدائم الحافظ الفاطر السامع المحيي المميت المانع الجامع الهادي الكافي الأبد العالم الصادق النور المنير التام القديم.
وبخصوص ماادرجه عبدالعزيز بن حصين عند الحاكم فالاسماء التي لم تثبت فيها او توافق شروط الاحصاء عددها سبعة وعشرون اسما هي: الحنان البديع المبديء المعيد النور الكافي الباقي المغيث الدائم ذو الجلال والإكرام الباعث المحيي المميت الصادق القديم الفاطر العلام المدبر الهادي الرفيع ذوالطول ذو المعارج ذوالفضل الكفيل الجليل البادي المحيط.
وقد اجرينا دراسة كاملة لكل اسم من الاسماء الحسني الثابتة في الكتاب والسنة تناولت الادلة التفصيلية علي ثبوتها وكيف انطبقت عليها شروط الاحصاء ثم تناولت شرح الاسماء وتفسير معانيها بما ورد في القرآن والسنة وصح عن سلف الامة, ثم دلالتها علي اوصاف الكمال بانواع الدلالات المختلفة مطابقة وتضمنا والتزاما, وكيف ورد الاسم علما في موضع وورد وصفا لله في موضع اخر؟ ثم اشتملت علي كيفية الدعاء بالاسماء الحسني دعاء مسألة, وما هو الدعاء القرآني او الدعاء النبوي الصحيح المأثور في كل اسم من الاسماء بمفرده؟ واخيرا تناولت الدراسة كيفية الدعاء بالاسماء الحسني دعاء عبادة؟ او اثر الاسماء الحسني ومقتضاها علي سلوك المسلم واقواله وافعاله
أهمية معرفة الأسماء الحسنى
1- معرفة أسماء الله وصفاته أصل التوحيد:
التوحيد في قلب المؤمن كشجرة أصلها ثابت في قلبه علما واعتقادا وفرعها من العمل الصالح في السماء مرفوعاً ومقبولاً( 1)، قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ) (إبراهيم:24) والكلمة الطيبة في الآية الكريمة هي كلمة التوحيد لا إله إلا الله ، الدالة على الإيمان به عزوجل (2 ) ، ومن هنا كان القول بأن معرفة أسماء الله وصفاته أصل التوحيد وأساسه الذي يستلزم أنواع التوحيد كلها ويتضمنها( 3) ؛ فمن عرف أسماء الرب عز وجل ؛ أعطاه حق الربوبية ، ومن عرف أوصاف الإله عزوجل ؛ أعطاه حق الألوهية وأخلص له العبادة ، قال ابن تيمية : ( إن معرفة هذا أصل الدين وأساس الهداية ، وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس ، وأدركته العقول )( 4).
ولتحقيق أصل التوحيد من العلم والاعتقاد كانت معرفة الأسماء والصفات من أول الفروض ، وأوجب الواجبات ؛ قال تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) (محمد: من الآية19) ، وقال لمعاذ عندما بعثه لليمن (فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ ) فالعلم بـ لا إله إلا الله وما تتضمنه من تعريف بالله هو الأصل الذي يقوم عليه التوحيد إذ لا تقوم شجرة الإيمان إلا على ساق العلم والمعرفة )(5 ).
2- معرفة الأسماء والصفات سبب في زيادة الإيمان:
من أصول أهل السنة والجماعة : أن الإيمان يزيد وينقص ، لدلالة الكتاب والسنة على ذلك( 6)، كما في قوله تعالى :( لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ ) (الفتح: من الآية4) حيث تدل الآية على زيادة الإيمان بمنطوقها وعلى نقصانه بمفهومها للتلازم بين الزيادة والنقص فلا يتصور أحدهما بدون الآخر.
وقد تواترت النصوص على أن أفضل الأعمال : الإيمان بالله ، والأعمال بعده على مراتبها وهي داخلة في مسماه ( 7).
وأركان الإيمان بالله أربعة : الإيمان بوجوده ، والإيمان بربوبيته ، والإيمان بألوهيته ، والإيمان بأسمائه وصفاته ، والإيمان بأسماء الله وصفاته يتضمن باقي الأركان باعتبار ويستلزمها باعتبار آخر(8 ) ، ومن هنا كانت معرفة أسماء الله وصفاته تحقيق لهذا الركن وزيادة لباقي الأركان ، قال ابن تيمية ’ : ( من عرف أسماء الله ومعانيها فآمن بها كان إيمانه أكمل ممن لم يعرف تلك الأسماء بل آمن بها إيمانا مجملا )(9 ) ، ولهذا دعى رسول الله إلى إحصائها ومعرفتها .
كذلك فإن معرفة أسماء الله وصفاته ترسخ الإيمان بوجوده وتعرف بحقه في الربوبية ،كما تورث العبد محبة وتأليها للمتصف بالجمال والكمال والجلال ، ذوالقوة والعظمة والجبروت ؛ فيقبل على عبادته حبا وإجلالا ، ويبتعد عن معصيته خشية وخوفا ، ويداوم على دعائه وسؤاله رجاء ما وعد من مغفرته وجزيل ثوابه ، فكانت المعرفة بذلك سبب زيادة عمله الصالح الذي يسبب زيادة في إيمانه ، فـ (كلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله الحسنى وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه )( 10).
3 - معرفة الأسماء والصفات أشرف المعارف :
تتفاوت المعارف في الشرف بذاتها ومتعلقاتها وثمراتها وبما هي وسيلة إليه ، ومعرفة أسمائه عزوجل وصفاته أشرف المعارف ؛ لأن متعلقاتها أشرف المتعلقات ، وثمراتها أفضل الثمرات ، وهي وسيلة إلى أسمى الغايات ( 11): فمتعلقها هو الله البارئ عزوجل (والبارئ أشرف المعلومات فالعلم بأسمائه أشرف العلوم )(12 ) ، وثمراتها : التوحيد والإيمان أفضل الثمرات ، وغايتها : تحقيق العبودية لله عزوجل ، وهي أسمى الغايات .
والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه عزوجل : إما أن تكون خلقا له تعالى ، أو أمرا كونيا أو شرعيا . ومصدر الخلق و الأمر عن أسمائه وصفاته ؛ فأمره كله حسن فيه الرحمة والإحسان في كل ما يدعوهم إليه وما ينهاهم عنه . وخلقه كله بالحكمة والقدرة والعلم فهو الخالق الباري الحكيم العليم عزوجل . وكما أن كل موجود فبإيجاده ، فكذلك العلم بكل معلوم تابع للعلم بأسمائه وصفاته ( وكل العلوم والمعارف تبع لهذه المعرفة مرادة لأجلها )(13 ) ، قال ابن القيم : ( وكما أن العلم به أجل العلوم وأشرفها ، فهو أصلها كلها ، كما أن كل موجود فهو مستند في وجوده للملك الحق المبين ، ومفتقر إليه في تحقق ذاته ، وكل علم فهو تابع للعلم به ، مفتقر في تحقق ذاته إليه ، فالعلم به أصل كل علم ، كما أنه سبحانه رب كل شيء ومليكه وموجده )( 14) (فمن عرف الله ، عرف ما سواه ، ومن جهل ربه ، فهو لما سواه أجهل )( 15).والعلوم إنما تتفاوت في الفضل بعد معرفة الأسماء والصفات بحسب إفضائها إلى إليها ( فكل علم كان أقرب إفضاء إلى العلم بالله وأسمائه وصفاته فهو أعلى مما دونه )( 16).
4 - معرفة الأسماء والصفات هي الطريق لمعرفة الله :
تتطلع النفس العابدة للتعرف على معبودها الحق عزوجل ، ولما كان غيبا لا تراه ؛ فلا سبيل لها إلى معرفته إلا بأسمائه وصفاته التي عرّف بها نفسه عزوجل في كتابه ، أو عرّفه بها نبيه محمد ، أو دل عليها بديع خلقه ، وعظيم نعمائه ، وجزيل عطائه .
ومن عرف أسماء الله وصفاته ؛ عرف إلها حقا ، خالقا رازقا ، ربا منعما متفضلا ، (ملكا قيوما فوق سماواته على عرشه يدبر أمر عباده ، يأمر وينهى ، يرسل الرسل ؛ وينـزل الكتب ، يرضى ويغضب ؛ ويثيب ويعاقب ، يعطي ويمنع ؛ ويعز ويذل ؛ ويخفض ويرفع ، يرى من فوق سبع سموات ويسمع ، يعلم السر و العلانية ، فعّال لما يريد ، موصوف بكل كمال ، منـزه عن كل عيب ، لا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بإذنه ، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه ، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه )( 17) ، ومن هنا كانت جناية المعطلة جناية عظيمة ؛ بقطعهم الطريق إلى معرفة الله عزوجل بنفي صفاته وتعطيل كماله عزوجل ، فكيف يكون إيمان ؟ وكيف يكون توحيد عند المعطلة ونفاة الصفات ؟!، (وكيف تأله القلوب من لا يسمع كلامها ولا يرى مكانها ،ولا يحب ولا يحب ،ولا يقوم به فعل ألبته ،ولا يتكلم ولا يكلم ولا يقرب من شيء ولا يقرب منه شيء ، ولا يقوم به رأفة ولا رحمة ولا حنان ،ولا له حكم ولا غاية يفعل ويأمر لأجلها )( 18) ، فلا يتصور الإيمان بمجهول ، فكيف بمعدوم تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
فمعرفة الأسماء والصفات هي الطريق لمعرفة الله ، ومعرفته طريق عبادته كما يحب ويرضى ، والعبد يحب أن يتعرف على كل من يتعامل معه و( الله الذي خلقنا ورزقنا ، ونحن نرجو رحمته ، ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها )( 19) .
5- معرفة الأسماء والصفات هي الطريق لعبادة الله عزوجل*
قال تعالى : ( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) (مريم:65) فجعل تفرده عزوجل بالربوبية ، واختصاصه بالأسماء الحسنى برهانا قاطعا على استحقاقه للعبودية وحده ، وإبطال عبادة من سواه(20 )، فينبغي للعباد ( أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته )(21 ) ، ويعرفوا ما يجب له وما يستحقه ؛ فيوحدوه ويحمدوه ويمجدوه ، وبها يدعونه ويسألونه عزوجل ، وبمعرفتها يعرفون ما يحب وما يكره ؛ فيتقربون إليه بفعل ما يحب واجتناب ما يكره ، وهذه هي العبادة التي تعبدهم بها الله عزوجل( 22) .
وبمعرفة أسماء الله وصفاته يتحقق الذل والخضوع في أكمل درجاته ، وتتحقق المحبة في أعلى صورها وكذا في سائر العبادات ، فكلما كان العبد بأسماء الله وصفاته أعرف كلما كان لله أعبد فالمعرفة الكاملة الصحيحة تستلزم الاهتداء( 23)، إذ أن الاعتراف والإقرار اللذان هما أصل المعرفة ، هما المحركان على باقي الطاعات ؛ فإذا وجدا بعثا وحركا على غيرهما من العبادات ، ولا يكون وجود الصلاة مثلا أو الصيام أو الحج مع جحد الباري عزوجل( 24).
فالأسماء الحسنى هي وسيلة الدعاء ، و« الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ »(25 ) ،قال عزوجل (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (الأعراف:180) ؛ فمن عرف أن الله سميع دعاه وناداه : يا رحمن : ارحمني ، ويا تواب : تب علي ، ويا رزاق : ارزقني ، ويا وهاب : هب لي .
وهي كذلك وسيلة حمده والثناء عليه وذكره عزوجل ، كما جاء في ثناء المصطفى على ربه عزوجل: (اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ .........الحديث )( 26) ، وهذا من أعظم العبادة التي أوجبها الله على العباد ، فـ ( الأسماء الحسنى والصفات العلا ، مقتضية لآثارها من العبودية والأمر اقتضاؤها آثارها من الخلق والتكوين ، فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها ، أعني من موجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها)( 27).
فـ ( الإيمان بالصفات ومعرفتها وإثبات حقائقها وتعلق القلب بها وشهوده لها مبدأ الطريق ووسطه وغايته ، وهو روح السالكين وحاديهم إلى الوصول ومحرك عزماتهم إذا فتروا ومثير هممهم إذا قصروا )( 28).
ولما كانت معرفة الله عزوجل بهذه الأهمية والمكانة من الدين ؛ فقد تطلعت إليها النفوس ، وسعى إلى تحصيلها كل عاقل ، وتفاوت العباد في حظهم منها تفاوتا كبيرا .
حقيقة أسماء الله الحسنى
اتفق علماء الامة علي اختلاف مذاهبهم علي انه يجب الوقوف علي ما جاء في الكتاب وصحيح السنة بذكر اسماء الله نصا دون زيادة أو نقصان, لان اسماء الله الحسني توقيفية لا مجال للعقل فيها, فالعقل لا يمكنه بمفرده ان يتعرف علي اسماء الله التي تليق بجلاله, ولا يمكنه ايضا ادراك ما يستحقه الرب من صفات الكمال والجمال,
فتسمية رب العزة والجلال بما لم يسم به نفسه قول علي الله بلا علم, وهو أمر حرمه الله علي عباده, وقد اشتهرت في ذلك مناظرة بين الامام ابي الحسن الاشعري وشيخه ابي علي الجبائي عندما دخل عليهما رجل يسأل: هل يجوز ان يسمي الله تعالي عاقلا؟ فقال ابو علي الجبائي: لا يجوز, لان العقل مشتق من العقال وهو المانع, والمنع في حق الله محال فامتنع الاطلاق,
فقال له ابو الحسن الاشعري: فعلي قياسك لا يسمي الله سبحانه حكيما, لان هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام, وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ: فنحكم بالقوافي من هجانا, ونضرب حين تختلط الدماء, وقول الآخر: ابني حنيفة حكموا سفهاءكم, اني اخاف عليكم ان اغضبا, والمعني نمنع بالقواقي من هجانا, وامنعوا سفهاءكم, فإذا كان اللفظ مشتقا من المنع, والمنع علي الله محال لزمك ان تمنع إطلاق حكيم علي الله تعالي, فلم يجب الجبائي
إلا انه قال للاشعري: فلم منعت انت ان يسمي الله عاقلا واجزت ان يسمي حكيما؟ قال الاشعري: لان طريقي في مأخذ اسماء الله ـ عز وجل ـ الإذن الشرعي دون القياس اللغوي, فأطلقت حكيما لان الشرع اطلقه ومنعت عاقلا لان الشرع منعه, ولو اطلقه الشرع لاطلقته.
بني الله السماء وسقانا الغيث ولا يجوز ان يسمي بناء أو سقاء وقال ابن حزم: لا يجوز ان يسمي الله تعالي ولا ان يخبر عنه الا بما سمي به نفسه أو اخبر به عن نفسه في كتابه أو علي لسان رسوله صلي الله عليه وسلم أو صح به إجماع جميع أهل الاسلام المتيقن ولا مزيد, وحتي وان كان المعني صحيحا فلا يجوز ان يطلق عليه تعالي اللفظ,
وقد علمنا يقينا ان الله عز وجل بني السماء فقال:( والسماء بنيناها),( الذاريات:47), ولا يجوز ان يسمي بناء, وانه تعالي خلق اصباغ النبات والحيوان, وانه تعالي قال:( صبغة الله ومن احسن من الله صبغة)( البقرة:138) ولايجوز ان يسمي صباغا, وانه تعالي سقانا الغيث ومياه الارض ولا يسمي سقاء ولا ساقيا, وهكذا كل شئ لم يسم به نفسه
وقال الامام النووي:( اسماء الله توقيفية لا تطلق إلا بدليل صحيح), واحتج الامام الغزالي علي ان الاسماء توقيفية بالاتفاق علي انه لا يجوز لنا ان نسمي رسول الله صلي الله عليه وسلم باسم لم يسمه به ابوه ولا سمي به نفسه وكذا كل كبير من الخلق, قال: فإذا امتنع ذلك في حق المخلوقين فامتناعه في حق الله أولي
وقال الامام السيوطي:( اعلم ان اسماء الله تعالي توقيفية بمعني انه لا يجوز ان يطلق اسم ما لم يأذن له الشرع وان كان الشرع قد ورد بإطلاق ما يرادفه), وقال ابو القاسم القشيري:( الاسماء تؤخذ توقيفا من الكتاب والسنة والاجماع, فكل اسم ورد فيها وجب اطلاقه في وصفه, وما لم يرد لم يجز ولو صح معناه),
وقال ابن المرتضي:( اسماء الله وصفاته توقيفية شرعية, وهو اعز من ان يطلق عليه عبيده الجهلة ما رأوا من ذلك), والاقوال في ذلك كثيرة يعز إحصاؤها وكلها تدل علي ان عقيدة أهل السنة والجماعة مبنية علي ان الاسماء الحسني توقيفية, وانه لابد في كل اسم من دليل نصي صحيح يذكر فيه الاسم بلفظه,
إذا كان الامر كذلك فمن الذي سمي الله عز وجل الخافض المعز المذل العدل الجليل الباعث المحصي المبدئ المعيد المميت المقسط المغني المانع الضار النافع الباقي الرشيد الصبور. لابد لثبوت كل اسم من دليل نصي صحيح يذكر فيه الاسم بلفظه
هذه جميعها ليست من اسماء الله الحسني لان الله عز وجل لم يسم نفسه بها وكذلك لم ترد في صحيح السنة, وانما سماه به الوليد بن مسلم ضمن ما ادرجه باجتهاده في رواية الترمذي, فالخافض مثلا لم يرد في القرآن أو السنة اسما وانما ورد فعلا في صحيح مسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال:( ان الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له ان ينام يخفض القسط ويرفعه),
ولا يجوز ان نشتق لله من كل فعل اسما ولم يخولنا الله في ذلك قط, وانما امرنا سبحانه بإحصاء اسمائه وجمعها وحفظها ثم دعاؤه بها, فدورنا حيال الاسماء الحسني الإحصاء وليس الاشتقاق والإنشاء, ولو أصر علي تسميته بالخافض وأجاز لنفسه ذلك فيلزمه تسميته البناء لانه بني السماء, والسقاء لانه سقي أهل الجنة شرابا طهورا, والمدمدم لانه دمدم علي ثمود, والمدمر لانه دمر الكافرين, والطامس لانه طمس علي اعينهم, والمقطع لانه قطع اليهود امما, والمنسي لانه انساهم ذكره, والمفجر لانه فجر الارض عيونا, والمفصل لانه فصل الآيات, والمضاعف لانه يضاعف الاجر, والمضحك والمبكي لانه اضحك وابكي, والمخرج لانه يخرج الزرع وغير ذلك من آلاف الافعال في الكتاب والسنة والتي سيقلبها بدون حق إلي اسماء,
كما ان الله عز وجل قال:( ولله الاسماء الحسني فادعوه بها),( فله الاسماء الحسني)( الاسراء110), ولم يقل ولله الاوصاف أو فله الافعال, وشتان بين الاسماء والاوصاف, فالوصف لا يقوم بنفسه كالعلم والقدرة والعزة والحكمة والرحمة والخبرة وإنما يقوم الوصف بموصوفه ويقوم الفعل بفاعله, إذ لا يصح ان نقول: الرحمة استوت علي العرش, أو العزة اجرت الشمس, أو العلم والحكمة والخبرة انزلت الكتاب واظهرت علي النبي صلي الله عليه وسلم ما غاب من الاسرار, فهذه كلها اوصاف لا تقوم بنفسها بخلاف الاسماء الدالة علي المسمي الذي اتصف بها كالرحمن الرحيم والعزيز العليم والخبير الحكيم القدير.
ويقال هذا ايضا في اشتقاق الوليد بن مسلم وغيره للمعز المذل حيث اشتق هذين الاسمين من قوله تعالي:( قل اللهم مالك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شئ قدير)( آل عمران:26), فالله عز وجل اخبر انه يؤتي ويشاء وينزع ويعز ويذل ولم يذكر في الآية بعد مالك الملك واسمه القدير سوي الافعال, فهؤلاء اشتقوا لله اسمين من فعلين وتركوا علي قياسهم اسمين آخرين, فيلزمهم تسمية الله عز وجل بالمؤتي والمنزع فضلا عن تسميته بالمشئ طالما ان المرجعية في علمية الاسم إلي الرأي والاشتقاق دون التتبع والجمع والإحصاء. دورنا حيال الاسماء الجمع والاحصاء ثم الحفظ والدعاء وليس الاشتقاق والانشاء
وكذلك العدل لم يرد في القرآن اسما أو فعلا ولا دليل لمن سمي الله بهذا الاسم سوي الامر بالعدل في قوله تعالي:( ان الله يأمر بالعدل والاحسان)( النحل:90), اما الجليل فلم يرد اسما في الكتاب أو صحيح السنة ولكن ورد وصفا في قوله تعالي:( ويبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام)( الرحمن:27), وفرق كبير بين الاسم والوصف لان الله عز وجل وصف نفسه بالقوة فقال:( ذو القوة المتين)( الذاريات:58), وسمي نفسه القوي في قوله:( وهو القوي العزيز)( الشوري:19),
ووصف نفسه بالرحمة فقال:( وربك الغني ذو الرحمة)( الانعام:133), وسمي نفسه الرحمن الرحيم فقال:( تنزيل من الرحمن الرحيم)( فصلت:2), ولما كانت اسماء الله توقيفية ولا نسمي الله إلا بما سمي به نفسه, فإن الله وصف نفسه بالجلال ولم يسم نفسه الجليل, وكذلك الباعث المحصي لم اجد حجة أو دليلا علي اثبات هذين الاسمين, والذي ورد في القرآن والسنة صفات الافعال فقط كما في قوله تعالي:( يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله علي كل شئ شهيد)( المجادلة:6), وهي كثيرة في القرآن والسنة,
ومن الملاحظ أن الذي اشتق الباعث من قوله يبعثهم والمحصي من قوله احصاه الله ترك المنبئ من قوله فينبئهم, لان الآية لم يرد فيها بعد اسم الله الشهيد سوي الافعال التي اشتق منها فعلين وترك الثالث في حين ان هذه الاسماء جميعها لم ترد نصا صريحا في الكتاب أو صحيح السنة, وكذلك ايضا المبدئ المعيد اسمان لا دليل علي ثبوتهما, فقد استند من سمي الله بهذين الاسمين إلي اجتهاده في الاشتقاق من قوله تعالي:( انه هو يبديء ويعيد)( البروج:13), ومعلوم ان اسماء الله الحسني توقيفية علي النص وليس في الآية سوي الفعلين فقط,
أما الضار النافع, فهذان الاسمان لم يردا في القرآن أو السنة, وليس لمن سمي الله بهما إلا اجتهاده في الاشتقاق من المعني المفهوم من قوله:( قل لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله)( الاعراف:188), أو ما صح في سنن الترمذي ان النبي صلي الله عليه وسلم قال لابن عباس رضي الله عنه: (واعلم ان الامة لو اجتمعت علي ان ينفعوك بشئ لم ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا علي ان يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك)
أسماء الله الكلية
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد.. من الأمور الضرورية التي تطرح نفسها في موضوع الأسماء الحسني كيفية الجمع بين عدم حصر اسماء الله الكلية في تسعة وتسعين اسما, ومعني احصاء هذا العدد الذي يترتب عليه دخول الجنة, فقد روي الامام أحمد وصححه الألباني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال في دعاء الكرب:( أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو انزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك), ومعني ذلك ان العدد الكلي للأسماء الحسني لا يعلمه الا الله, وورد في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال:( ان لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من احصاها دخل الجنة), فهل بين الحديثين تعارض؟ لقد ادي ذلك إلي ان تكون آراء أهل العلم في هذه القضية بين طرفين ووسط.
الأول: فريق يقول بعدم حصر أسماء الله الواردة في الكتاب والسنة في عدد معين حيث توسع في تسمية الله بما يشاء اما جمعا من النصوص أو اشتقاقا من الافعال والاوصاف وحجته حديث ابن مسعود, وقد تم تأويل حديث ابي هريرة علي أي معني لا يتعارض مع وجهته, ومن ثم اخذ صاحب هذه الوجهة يشتق من افعال الله واوصافه ما يشاء من الاسماء, أو يطلق ما قيده الله في كتابه, أو يفصل ما اضافه النبي صلي الله عليه وسلم في سنته, وقد تتبعت ما ذكره المتوسعون علي تنوع اجتهاداتهم واختلاف مقالاتهم فبلغ جمعهم وإحصاؤهم للأسماء علي أوسع ما ذكروا قرابة المائتين والتسعين اسما.
الثاني: فريق له وجهة اخري تولاها ابن حزم الاندلسي حيث جزم بأن اسماء الله الكلية محصورة في تسعة وتسعين اسما فقط وهي الواردة في الكتاب والسنة وحجته حديث ابي هريرة رضي الله عنه, ولما لزم ابن حزم استخراج التسعة والتسعين لم يتمكن الا من جمع اثنين وثمانين اسما من الكتاب والسنة, قال رحمه الله:( فصح انه لا يحل لاحد ان يسمي الله تعالي الا بما سمي به نفسه, وصح ان اسماءه لا تزيد علي تسعة وتسعين شيئا لقوله عليه الصلاة والسلام: مائة إلا واحدا, فنفي الزيادة وابطلها لكن يخبر عنه بما يفعل تعالي, وجاءت احاديث في احصاء التسعة والتسعين اسما مضطربة لا يصح منها شئ اصلا, فإنما تؤخذ من نص القرآن ومما صح عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم, وقد بلغ إحصاؤنا منها إلي ما نذكر)( المحلي31/8) ثم ذكر رحمه الله في كتابه المحلي اثنين وثمانين اسما استخرجها من القرآن والسنة جميعها ينطبق مع ضوابط الإحصاء ما عدا اسمه الدهر.
أما الفريق الثالث فهو فريق وسط تولي وجهته ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومن انتهج نهجهما من أهل السنة والجماعة, فلم يقل بقول ابن حزم ولم يتوسع في الاشتقاق كما فعل الفريق الأول, بل اتفقوا جميعا علي ان الاسماء الحسني توقيفية علي النص, لكن احدا منهم لم يستطع جمعها بتمامها أو حصرها من الكتاب والسنة, وبقي الباحث مترددا في فهم اجاباتهم عن كون اسماء الله الحسني الواردة في الكتاب والسنة تتجاوز أو لا تتجاوز تسعة وتسعين اسما, فيراهم يأخذون بالروايتين الثابتين معا, رواية ابي هريرة ورواية ابن مسعود رضي الله عنهما, وبقي السؤال عالقا في الاذهان: ما الحكمة مما ورد في حديث ابي هريرة من النص علي هذا العدد بالذات؟ وهل من احصي تسعة وتسعين اسما من جملة اسماء الله الحسني الواردة في الكتاب والسنة ـ علي فرض انها اكثر من تسعة وتسعين اسما ـ فقد تحقق فيه الوصف بدخول الجنة؟! وان كان هذا المعني المقصود فما عدد الاسماء الموجودة لدينا بالنص الصريح؟..
وقد حاول بعض المعاصرين جزاهم الله خيرا خوض التجربة بطريقة اجتهادية واستخراج الاسماء الحسني الثابتة في الكتاب والسنة دون تحديد ضوابط منهجية أو شروط معلنة, فتوصل بعضهم إلي ما يزيد عن التسعة والتسعين اسما أو ما يقل علي ذلك, لكن الملاحظ ان الزيادة أو النقص فيما وصلوا اليه لا تتجاوز خمسة اسماء, والكل يجتمع علي اربعة وتسعين اسما صحيحا ثابتا بنص الكتاب أو صحيح السنة, وكأن الدائرة تضيق لتنير الطريق إلي تحقيق مقتضي حديث أبي هريرة الذي نص فيه النبي صلي الله عليه وسلم علي تسعة وتسعين اسما أو مائة إلا واحدا ووعد من احصاها بدخول الجنة.
كيف نجمع بين رواية ابن مسعود ورواية ابي هريرة رضي الله عنهما؟ ما نود التنبيه اليه مما تجتمع الادلة عليه في هذه القضية ان جملة اسماء الله تعالي الكلية من الامور الغيبية التي استأثر الله بها, وانها غير محصورة في عدد معين وهذا نص ظاهر في رواية ابن مسعود رضي الله عنه, ولا يفهم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه الذي ورد فيه النص علي تسعة وتسعين اسما حصرها بمجموعها الكلي, لان المقصود بإحصاء هذا العدد إحصاء الاسماء الحسني التي تعرف الله عز وجل بها إلي عباده في كتابه وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم,
ولو كان المراد الحصر لقال النبي صلي الله عليه وسلم: ان اسماء الله تسعة وتسعون اسما من احصاها دخل الجنة أو نحو ذلك, فمعني الحديث ان هذا العدد الذي تعرف الله به إلي عباده في كتابه وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم من جملة اسماء الله عز وجل, ومن شأنه ان من احصاه دخل الجنة, ونظير هذا ان تقول: عندي مائة درهم اعددتها للصدقة, فإنه لا يمنع ان يكون عندك دراهم اخري لم تعدها للصدقة, فالمراد اذ الاخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الاخبار بحصر اسماء الله الكلية, وقد اظهرت نتيجة الاستقصاء الحاسوبي الشامل ان ما تعرف الله به إلي عباده من اسمائه الحسني التي وردت في كتابه وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم هي الاسماء التسعة والتسعون المذكورة في العدد النبوي المخصوص, وذلك عند تمييزها عن الاوصاف, واخراج ما قيد منها بالاضافة أو بموضع الكمال عند انقسام المعني المجرد وتطرق الاحتمال,
هذا مع تحري ثبوتها بالنص وتتبعها بالدليل, تلك الشروط أو الضوابط التي دل عليها دليل القرآن والسنة لم تنطبق الا علي تسعة وتسعين اسما فقط مما يتفق مع العدد المذكور في حديث ابي هريرة رضي الله عنه وقد تبين ايضا ان اظهار الاسماء الحسني مرتبط بمقتضي الحكمة الإلهية, فكل مرحل من مراحلة الخلق يظهر فيها الحق سبحانه من اسمائه وصفاته ما يناسب الغاية من وجودها ويحقق كمال الحكمة في تكوينها ويظهر دلائل التوحيد في ابداعها, ففي مرحلة الدنيا وما فيها من شبهات وشهوات وأهواء واختلاف في الآراء وتقليب الامور للانسان علي انواع الابتلاء, وحكمة الله في تكليفه بالشرائع والاحكام وتمييز الحلال من الحرام,
في هذه المرحلة تعرف الله عز وجل إلي عباده بجملة من اسمائه وصفاته تناسب حاجة الانسان وضرورياته, فيبدي لربه اقصي طاقاته وامكاناته في تحقيق التوحيد بمقتضي هذه الاسماء, تلك الاسماء هي المعنية بقول النبي صلي الله عليه وسلم:( ان لله تسعة وتسعين اسما).
ولمزيد من البيان يمكن القول ان الحياة الدنيا لما كانت دارا للابتلاء والامتحان ومحلا لاختيار الكفر أو الايمان وكان الناس فيها متفاوتين مختلفين آجالا وأرزاقا وألوانا وأخلاقا, منهم الغني والفقير والاعمي البصير, منهم القوي والضعيف والظالم والمظلوم والحاكم والمحكوم والمالك والمعدوم, منهم الكاذب والصادق والمخلص والمنافق إلي غير ذلك من انواع الاخلاق وتنوع الارزاق واختلاف السلوك وابتلاء ملك الملوك, لما كانت الدنيا كذلك فإن حكمة الله تظهر في تعريف الخلائق بما يناسبهم من اسمائه وصفاته, فالمذنب من العباد ان اراد التوبة سيجد الله توابا رحيما عفوا غفورا, والمظوم سيجده حقا مبينا حكما عدلا وليا نصيرا, والضعيف المقهور سيجده قويا عزيزا جبارا قديرا, والفقير سيجد الله رزاقا حسيبا مقيتا وكيلا,
وهكذا سيجد العباد من اسماء الله وصفاته ما يناسب حاجتهم ويلبي بغيتهم, فالفطرة التي فطر الله الخلائق عليها اقتضت ان تلجأ النفوس إلي قوة عليا عند ضعفها وتطلب غنيا أعلي عند فقرها, وتوابا رحيما عند ذنبها, وسميعا قريبا بصيرا مجيبا عند سؤالها, ومن هنا كانت لكل مرحلة من مراحل الخلق التي قدرها الله عز وجل ما يناسبها من اسمائه وصفاته وافعاله.
الا تري انه في البدء عندما اسكن الله آدم وحواء جنة الابتلاء فأكلا من الشجرة وانكشفت العورة وتطلبت الفطرة فرجا ومخرجا كان الفرج والمخرج في تعريفهما بأسماء الله عز وجل التي تناسب حالهما وما يغفر به ذنبهما, فعلمهما كلمات هي في حقيقتها اسماء لله وصفات, علم آدم ان يدعو الله باسمه التواب الرحيم, أو يدعو بوصف التوبة والرحمة كما قال سبحانه:( فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم)( البقرة:37) فتعلمها ودعا الله بها:( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)( الاعراف:23) روي عن انس بن مالك وابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف رضي الله عنهم أنهم قالوا:( الكلمات التي تلقي آدم من ربه فتاب عليه.. لا إله الا انت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك انت التواب الرحيم).
وطالما ان الدنيا خلقت للابتلاء فإن الله قد عرفنا بما يناسبنا ويناسبها من الاسماء, وقد لا ينفع الدعاء بهذه الاسماء أو بعضها في مرحلة اخري كمرحلة القيامة والدار الآخرة, فلو دعا المشركون أو الكفار المخلدون ربهم يوم القيامة باسمه العظيم القريب الرفيق المجيب الواسع المنان الرحيم الرحمن المحسن السلام الجواد الفتاح الستير الرءوف الودود اللطيف الكريم الأكرم الغفور الغفار البر الطيب العفو التواب, لو دعا المخلدون في النار ربهم بأي اسم من هذه الاسماء ان يغفر ذنبهم وان يفرج كربهم وان يعفو عنهم وان يقبل التوبة منهم وان يرحمهم من العذاب, فإن ذلك لا يتحقق ولا يستجاب لمخالفته مقتضي الحكمة وما دون في ام الكتاب,
ولذلك قال تعالي عن أهل النار ودعائهم: ( وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا أو لمتك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلي قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال)0 غافر:50/49), ومن ثم فإن كل مرحلة من مراحل الخلق لها ما يناسبها من الحكم وابداء الاسماء والصفات
وصلّ اللهم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليماً مزيداً
وقد تقدم رأي الجمهور في اعتبار لفظ الجلالة هو الاسم الأعظم أما ماورد في كون الرحمن الرحيم هو الاسم الأعظم فذلك باعتبار عدة أوجه دلت علي كمال مخصوص فوق كمال كل اسم منفرد وقد ذكر ابن القيم ان الرحمن هو المتصف بالرحمة العامة الشاملة والرحيم هو الراحم لعباده ولم يجيء رحمن بعباده ولا رحمن بالمؤمنين مع مافي اسم الرحمن الذي هو علي وأن فعلان من سعه هذا الوصف وثبوت جميع معناه الموصوف به, ألا تري أنهم يقولون غضبان للممتليء غضبا وندمان وحيران وسكران ولهفان لمن مليء بذلك فبناء فعلان للسعة والشمول
ولهذا يقرن الله تعالي استواءه علي العرش بهذا الاسم كثيرا كقوله سبحانه:( الرحمن علي العرش استوي) طه:5 وكقوله أيضا:( ثم استوي علي العرش الرحمن فاسأل به خبيرا) الفرقان:59 فاستوي علي عرشه باسمه الرحمن لأن العرش محيط بالمخلوقات وقد وسعها والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم علي اختلاف أنواعهم كما قال تعالي:( ورحمتي وسعت كل شيء) الأعراف:156 فاستوي علي أوسع المخلوقات بأوسع الصفات ومن ثم وسعت رحمته كل شيء
قال أبو علي الفارسي:( الرحمن اسم عام في جميع أنواع الرحمة يختص به الله تعالي والرحيم إنما هو خاص بالمؤمنين قال تعالي:( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيما) الأحزاب:43 وقال ابن عباس رضي الله عنه:( هما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر) وقال القرطبي: الرحمن خاص الاسم عام الفعل والرحيم عام الاسم خاص الفعل وهذا قول الجمهور)
وقد ذكر الله عز وجل استواءه علي عرشه مقرونا باسمه الرحمن ليعم جميع خلقه برحمته ولولا هذه الرحمة مااتسعت الدنيا لكافر لحظة فالرحمة هنا أظهرت عظمة الحكمة بجلال الأسماء وظهور الآلاء ليتعظ من يتقلب في نعمته وهو غافل عن رحمنه وحكمته كما أن الله خص المؤمنين باسمه الرحيم فقال:( وكان بالمؤمنين رحيما) الأحزاب:43 وذلك ليميز بينهم وبين الكافرين
فالكافر سيعامل بعدله والمؤمن سيعامل بفضله وهذان الاسمان كلاهما عليهما مدار الحكمة في الدنيا والآخرة وعلي ذلك فإن الرحمن الرحيم هما اسم الله الأعظم علي اعتبار علوهما عن غيرهما في الدلالة علي معاني الكمال والحكمة.
أما اعتبار الاسم الأعظم هو الحي القيوم فذلك لعدة أوجه دلت علي كمال مخصوص فوق جميع الأسماء فهذان الاسمان عند اجتماعهما يختصان عن باقي الأسماء الحسني بمافيهما من معاني الكمال فجميع الأسماء الحسني والصفات العليا تدل باللزوم علي أن الله حي قيوم فالحياة وصف ذاته ومن أجلها كملت جميع أسمائه وصفاته فلا يمكن أن يكون سميعا بصيرا عليما قديرا إلا إذا كان حيا ولايمكن أن يكون ملكا عزيزا قويا غنيا إلا إذا كان حيا
ولايمكن أن يكون رحيما رءوفا مهيمنا عظيما إلا إذا كان حيا ولايمكن أن يكون جبارا متكبرا خالقا بارئا مصورا إلا إذا كان حيا فجميع أسماء الله تدل علي صفة الحياة التي تضمنها اسمه الحي, وهذه قضية عقلية نقلية بينها الله في القرآن بأفضل بيان وأجمل برهان
قال تعالي:( إن تدعوهم لايسمعوا دعاءكم ولو سمعوا مااستجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولاينبئك مثل خبير) فاطر:14 فمعبوداتهم لاتستجيب لكونها موتي والميت تزول عنه صفاته بزوال ذاته فلا يقال عالم وهو ميت بل يقال كان عالما ولا يقال غني قوي وهو ميت بل يقال كان غنيا قويا ولايقال ملك وهو ميت بل يقال كان ملكا عادلا أو ظالما.
كما أن ملكية الشيء أو حق التملك إما أن يكون سببه اختراع الأشياء وإيجادها أو دوام الحياة وكمالها فالمخترع له براءة الاختراع والمؤلف له حق الطبع والنشر, وعند البخاري قال عمر رضي الله عنه:( من أحيا أرضا ميتة فهي له) ومن المعلوم أن أي ملك في الدنيا لايمكن أن يؤسس ملكه بمفرده بل يساعده خاصته وقرابته ويسانده حزبه وجماعته أما رب العزة فهو الحي قبل وجود الأحياء وهو الإله الحق الذي انفرد بإنشاء الخلق وإقامة الملك,
قال تعالي:( ماأشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وماكنت متخذ المضلين عضدا) الكهف:51 ولما كان دوام الحياة وكمالها يؤدي إلي انتقال الملكية وثبوتها فإن الحياة والقيومية أساس الربوبية وكمال العظمة والملكية قال تعالي:( كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام) الرحمن:27
وقال:( ولله ميراث السماوات والأرض والله بما تعملون خبير) آل عمران:180 والله عز وجل لما ذكر هذا الاسم الأعظم في أعظم آية قرآنية فقال:( الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) قال بعدها مبينا التفرد بالملكية:( له مافي السماوات ومافي الأرض) البقرة:255.
والقيم في اللغة هو السيد الذي يسوس الأمور ويدبرها, فقيم البلدة سيدها وأمينها ومدبرها, واسم الله القيوم تقدير فعله قام اللازم وأقام المتعدي, قام بذاته فلا يحتاج إلي غيره وأقام غيره لافتقاره إليه, والله سبحانه هو القائم بنفسه الذي بلغ مطلق الكمال في وصفه, وهو الباقي بجلاله وكماله علي الدوام دون تأثر أو تغيير, لأن الحي من البشر قد يكون موصوفا بالسمع لكن سمعه يتأثر بمرور الوقت فيفتقر إلي وسيلة للسماع, وقد يكون بصيرا لكنه يتأثر بعد مدة فيضع عدسة يستعين بها علي الإبصار, فالحي قد يكون متصفا بالصفات لكنه يتأثر بالسنة والغفلة والنوم, ولو كان قائما لكملت حياته وبقيت صفاته, ولذلك فإن الله أثبت الحياة واليومية اللازمة لكمال أسمائه وصفاته بطريق الإثبات والنفي المتضمن لكمال المقابل, وهذه أبلغ طرق المدح التي اتبعها أهل السنة في مدح ربهم, فمدار أوصاف الكمال وجميع الأسماء الحسني تدل باللزوم علي أن الله عز وجل حي قيوم, ومن ثم جعلهما النبي( صلي الله عليه وسلم) اسم الله الأعظم علي هذا الاعتبار.
وأما اعتبار الاسم الأعظم هو الأحد الصمد فذلك لأن الاسمين معا يدلان علي كمال مخصوص يلازم جميع الأسماء والصفات, فالأحد دل علي أنه سبحانه المنفرد بأسمائه وصفاته وأفعاله عن كل ما سواه, فالأحدية هي الانفراد ونفي الشريك والشبيه والمثلية, كما أن الصمدية تعني السيادة المطلقة في كل وصف علي حدة, فالصمد هو السيد الذي له الكمال المطلق في كل شيء, وهو المستغني عن كل شيء, وكل من سواه مفتقر إليه يصمد إليه ويعتمد عليه,
وهو الكامل في جميع صفاته وأفعاله, وليس فوقه أحد في كماله, وهو الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وسائر أمورهم, فالأمور أصمدت إليه وقيامها وبقاؤها عليه لا يقضي فيها غيره, وهو المقصود اليه في الرغائب والمستغاث به عند المصائب, الذي يطعم ولا يطعم ولم يلد ولم يولد.
أما كمال الوصف المخصوص عند اجتماع الأحدية والصمدية, فيمكن القول إن الله عز وجل لما فطر النفوس علي أن تلجأ إلي قوة عليا عند ضعفها, وتطلب غنيا أعلي عند فقرها وعالما خبيرا عند جهلها ورءوفا شافيا عند مرضها ومن كملت أوصافه عند اضطرارها, فإن الله هو المستحق لأن يكون هو الصمد دون ما سواه, والمخلوق وإن كان صمدا من بعض الوجوه فإن حقيقة الصمدية منتفية عنه لأنه يقبل التفرق والزوال والتجزئة والانحلال ويتقسم ويتبعض فينفصل بعضه من بعض,
وهو أيضا مفتقر إلي ما سواه وكل ما سوي الله مفتقر إليه من كل وجه, فليس أحد يصمد اليه كل شيء ولا يصمد هو إلي شيء إلا الله تبارك وتعالي, لأنه لا يجري عليه شيء من ذلك, بل حقيقة الصمدية وكمالها له وحده, ولا يمكن انعدامها بوجه من الوجوه فهو أحد لا يماثله شيء من الأشياء كما قال تعالي:( ولم يكن له كفوا أحد)( الإخلاص:4), وقد استعملت الأحدية هنا في النفي, أي ليس شيء من الأشياء كفوا له في شيء من الأشياء لأنه أحد.
كما أن هذا الاسم الأعظم أو الأحد الصمد دلا علي أن الله لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, فإن الصمد هو الذي لا جوف له ولا أحشاء, فلا يدخل فيه شيء ولا يأكل ولا يشرب كما قال سبحانه:( قل أغير الله اتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم)( الأنعام:14), وفي قراءة الأعمش وغيره ولا يطعم بالفتح, وقال تعالي: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون)( الذاريات:57/56), ومن مخلوقاته الملائكة وهم صمد لا يأكلون ولا يشربون, فالخالق لهم جل جلاله أحق بكل غني وكمال جعله لبعض مخلوقاته.
وقد فسر بعض السلف الصمد بأنه الذي لا يأكل ولا يشرب وأن الصمد هو المصمد الذي لا جوف له, فلا يخرج منه عين من الأعيان ولا يلد, وهو كلام صحيح علي معني أنه لا يفارقه شيء منه, ولهذا امتنع عليه أن يلد وأن يولد, وذلك أن الولادة والتولد, وكل ما يكون من هذه الألفاظ لا يكون إلا من أصلين, وما كان من المتولد عينا قائمة بنفسها فلابد لها من مادة تخرج منها,
وقد نفي الله ذلك بقوله:( قل هو الله أحد)( الإخلاص:1), فإن الأحد هو الذي لا كفؤ له ولا نظير فيمتنع أن تكون له صاحبة, ولتولد إنما يكون بين شيئين, قال تعالي:( أني يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم)( الأنعام:101), فنفي سبحانه الولد بامتناع لازمه عليه, فإن انتقاء اللازم يدل علي انتفاء الملزوم, وبأنه خالق كل شيء وكل ما سواه مخلوق له, ليس فيه شيء مولود له, فهو سبحانه غني بذاته, يمتنع في حقه أن يكون والدا وأن يكون مولودا,
قال ابن تيمية:( كذلك فإن هذين الاسمين يستلزمان سائر أسماء الله الحسني وما فيها من التوحيد كله قولا وعملا, والنبي( ص) ذكر هذين الاسمين فقال:( الله الواحد الصمد تعدل ثلث القرآن), وذلك أن كونه أحدا وكونه الصمد يتضمن أنه الذي يقصده كل شيء لذاته ولما يطلب منه, وأنه مستغن بنفسه عن كل شيء, وأنه بحيث لا يجوز عليه التفرق والفناء,
وأنه لا نظير له في شيء من صفاته ونحو ذلك مما ينافي الصمدية, وهذا يوجب أن يكون حيا عالما قديرا ملكا قدوسا سلاما مهيمنا عزيزا جبارا متكبرا) ومن ثم فاجتماع اسم الأحد مع الصمد يضيفان من معاني الجلال والعظمة ما ليس لغيرهما, ولذلك ذكرهما النبي( ص) علي أنهما اسم الله الأعظم.
وقد علمنا أيضا ضرورة الالتزام بعدة شروط عند إحصاء الأسماء الحسني وهي ثبوت الاسم في القرآن أو صحيح السنة وأن يرد في النص مرادا به العلمية ومتميزا بعلامات الاسمية المعروفة في اللغة, وان يكون مطلقا دون تقييد ظاهر أو إضافة مقترنة بحيث يفيد المدح والثناء بنفسه ولابد من دلالة الاسم علي الوصف وأن يكون الوصف الذي دل عليه الاسم في غاية الجمال والكمال ولما طبقنا هذه الضوابط مرات عدة باستخدام التقنية الحاسوبية والموسوعات الالكترونية التي شملت الكتب الأصلية للسنة المطهرة لم تنطبق إلا علي تسعة وتسعين اسما تضاف إلي لفظ الجلالة, وها هي الأسماء الحسني الثابتة في الكتاب والسنة بأدلتها التفصيلية:
1 ــ الرحمن
2 ــ الرحيم: قال تعالي:( تنزيل من الرحمن الرحيم)[ فصلت:2]
3 ــ الملك
4 ــ القدوس
5 ـــ السلام
6 ــ المؤمن
7 ــ المهيمن
8 ــ العزيز
9 ــ الجبار
10 ــ المتكبر:( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون)[ الحشر:23]
11 ــ الخالق
12 ــ الباريء
13 ــ المصور:( هو الله الخالق الباريء المصور)[ الحشر:24]
14 ــ الأول
15 ــ الآخر
16 ــ الظاهر
17 ــ الباطن:( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم)[ الحديد:3]
18 ــ السميع
19 ــ البصير:( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)[ الشوري:11]
20 ــ المولي
21 ــ النصير:( واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولي ونعم النصير)[ الحج:78]
22 ــ العفو
23 ــ القدير:( فإن الله كان عفوا قديرا)[ النساء:149]
24 ــ اللطيف
25 ــ الخبير:( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)[ الملك:14]
26 ــ الوتر: حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:( وإن الله وتر يحب الوتر)[ مسلم2677]
27 ــ الجميل: حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله جميل يحب الجمال)[ مسلم:91]
28 ــ الحيي
29 ــ الستير حديث يعلي بن أمية مرفوعا:( إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر)[ صحيح أبي داود:3387]
30 ــ الكبير
31 ــ المتعال: قال تعالي( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال)[ الرعد:9]
32 ــ الواحد
33 ــ القهار: قال تعالي( قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار)[ الرعد:16]
34 ــ الحق
35 ــ المبين: قال تعالي:( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين)[ النور:25]
36 ــ القوي: قال( إن ربك هو القوي العزيز)[ هود:66]
37 ــ المتين قال تعالي:( إن الله هوالرزاق ذو القوة المتين)[ الذاريات:58]
38 ــ الحي
39 ــ القيوم:( الله لا إله إلا هو الحي القيوم) [ البقرة:255]
40 ــ العلي
41 ــ العظيم: قال تعالي:( وهوالعلي العظيم)[ البقرة:255]
42 ــ الشكور
43 ــ الحليم: قال تعالي:( والله شكور حليم))[ التغابن:17]
44 ــ الواسع
45 ــ العليم قال تعالي:( إن الله واسع عليم) [ البقرة:115]
46 ــ التواب
47 ــ الحكيم قال تعالي:( وأن الله تواب حكيم)[ النور:10]
48 ــ الغني
49 ــ الكريم قال تعالي:( ومن كفر فإن ربي غني كريم)[ النمل:40]
50 ــ الأحد
51 ــ الصمد قال تعالي:(قل هو الله أحد الله الصمد)
52 ــ القريب
53 ــ المجيب قال تعالي:( إن ربي قريب مجيب)[ هود:61]
54 ــ الغفور
55 ــ الودود قال تعالي:( وهو الغفور الودود)[ البروج:15,14]
56 ــ الولي
57 ــ الحميد: قال تعالي:( وهو الولي الحميد)[ الشوري:28]
58: الحفيظ قال تعالي:( وربك علي كل شيء حفيظ)[ سبأ:21]
59 ــ المجيد قال تعالي:( ذو العرش المجيد)[ البروج:15]
60 ــ الفتاح: قال تعالي:( وهو الفتاح العليم)[ سبأ:26]
61 ــ الشهيد: قال تعالي( وهو علي كل شيء شهيد)[ سبأ:47]
62 ــ المقدم
63 ــ المؤخر: حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا:( أنت المقدم وأنت المؤخر)[ البخاري:1069]
64 ــ المليك
65 ــ المقتدر قال تعالي:( إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر)[ القمر:55]
66 ــ المسعر
67 ــ القابض
68 ــ الباسط
69 ــ الرازق (حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق)[ صحيح الجامع18146]
70 ــ القاهر قوله تعالي:( وهوالقاهر فوق عباده)[ الأنعام:18]
71 ــ الديان: حديث عبد الله بن أنيس مرفوعا:( يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب, أنا الملك انا الديان)[ البخاري:2719/6]
72 ــ الشاكر قال تعالي:( وكان الله شاكرا عليما)[ النساء:147]
73 ــ المنان: حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا وفيه:( لا إله الا انت المنان)[ صحيح أبي داود:1325]
74 ــ القادرقوله تعالي:( فقدرنا فنعم القادرون)[ المرسلات:23]
75 ــ الخلاق: قوله تعالي:( إن ربك هو الخلاق العليم)[ الحجر:86]
76 ـــ المالك حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:( لا مالك إلا الله عز وجل)[ مسلم2143]
77 ــ الرزاق قال تعالي:( إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين)[ الذاريات:58]
78 ــ الوكيل قال تعالي:( وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل)[ آل عمران:173]
79 ــ الرقيب قال تعالي:( وكان الله علي كل شيء رقيبا)[ الأحزاب:52]
80 ــ المحسن: حديث شداد بن أوس رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله محسن يحب الإحسان)[ صحيح الجامع:1824]
81 ــ الحسيب قال تعالي:( إن الله كان علي شيء حسيبا)[ النساء:86]
82 ــ الشافي: حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا:( أشف وأنت الشافي)[ البخاري:5351]83 ــ الرفيق: حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا:( رفيق يحب الرفق في الأمر كله) [ البخاري:5901]
84 ــ المعطي: حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه مرفوعا:( والله المعطي وأنا القاسم)[ البخاري:2948],
85 ـ المقيت: قوله تعالي: وكان الله علي كل شيء مقيتا[ النساء:85],
86 ـ السيد: حديث عبدالله بن الشخير رضي الله عنه مرفوعا:( السيد الله)[ صحيح ابي داود:4021],
87 ـ الطيب: حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا)[ مسلم:8330],
88 ـ الحكم: حديث شريح بن هانيءء رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله هو الحكم وإليه الحكم)[ صحيح ابي داود:4145],
89 ـ الاكرم, قال تعالي:( اقرأ وربك الأكرم)[ العلق:3],
90 ـ البر, قال تعالي:( إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم)[ الطور:28],
91 ـ الغفار قال تعالي:( رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار)[ ص:66],
92 ـ الرءوف, قال تعالي:( وأن الله رءوف رحيم)[ النور20],
93 ـ الوهاب, قال تعالي:( ام عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب)[ ص:9],
94 ـ الجواد: حديث سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه مرفوعا:( إن الله عز وجل جواد يحب الجود)[ صحيح الجامع:1744]
95 ـ السبوح: حديث عائشة مرفوعا:( سبوح قدوس رب الملائكة والروح)[ مسلم:487],
96 ـ الوارث: قوله:( وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون)[ الحجر:23],
97 ـ الرب, قال تعالي:( سلام قولا من رب رحيم)[ يس:58],
98 ـ الاعلي, قال تعالي:( سبح اسم ربك الأعلي)[ الأعلي:1],
99 ـ الاله, قال تعالي:( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم)[ البقرة:163].
هذه تسعة وتسعون اسما هي الي توافقت مع شروط الاحصاء بلا مزيد ثمانية وسبعون اسما في القرآن وواحد وعشرون في السنة, ويجدر التنبيه علي ان هذا العدد لا يعني ان الاسماء الكلية لله عز وجل محصورة فيه فقد جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا ان النبي صلي الله عليه وسلم قال في دعاء الكرب:( أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك, أو علمته أحدا من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك)[ السلسلة الصحيحة383/1], فهذا الحديث يدل علي ان العدد الكلي لاسمائه الحسني انفرد الله عز وجل بعلمه, وما استأثر به عنده لا يمكن لأحد حصره ولا الاحاطة به, اما حديث ابي هريرة رضي الله عنه في ذكر التسعة والتسعين فالمقصود به الاسماء التي تعرف الله بها الي عباده في الكتاب والسنة وتناسب الغاية من وجودهم.
وتجدر الاشارة الي ان ترتيب الاسماء الحسني بأدلتها المذكورة مسألة اجتهادية راعينا في معظمها ترتيب اقتران الاسماء حسب ورودها في الآيات مع تقارب الالفاظ علي قدر المستطاع ليسهل حفظها بأدلتها والامر في ذلك متروك للمسلم وطريقته في حفظها.
واتماما للفائدة فإنه بعد مراجعة الاسماء المشهورة علي ألسنة الناس منذ اكثر من الف عام تبين ان الاسماء التي وردت فيها ليست تسعة وتسعين اسما بل ثمانية وتسعين لان لفظ الجلالة هو الاسم الاعظم الذي تضاف اليه الاسماء ويكمل به عند احصائه مائة اسم كما هو واضح وظاهر من نص الحديث:( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا),
كما ان الأسماء الحسني التي ثبتت بنص الكتاب والسنة في المحفوظ علي ألسنة الناس عددها تسعة وستون اسما فقط وهي: الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق الباريء المصور الغفار القهار الوهاب الرزاق الفتاح العليم القابض الباسط السميع البصير الحكم اللطيف الخبير الحليم العظيم الغفور الشكور العلي الكبير الحفيظ المقيت الحسيب الكريم الرقيب المجيب الواسع الحكيم الودود المجيد الشهيد الحق الوكيل القوي المتين الولي الحميد الحي القيوم الواحد الصمد القادر المقتدر المقدم المؤخر الأول الآخر الظاهر الباطن المتعالي البر التواب العفو الرءوف المالك الغني الوارث,
اما الاسماء التي لم تثبت او توافق شروط الاحصاء فعددها تسعة وعشرون اسما, منها اثنان وعشرون ليست من الاسماء الحسني ولكنها افعال واوصاف لا يصح الاجتهاد الشخصي في الاشتقاق منها هي: الخافض الرافع المعز المذل العدل الجليل الباعث المحصي المبديء المعيد المميت الواجد الماجد الوالي ذو الجلال والإكرام المقسط المغني المانع الضار النافع الباقي الرشيد الصبور, وكذلك سبعة اسماء مقيدة لابد من ذكرها مضافة كما ورد نصها في القرآن وهي: الرافع المحيي المنتقم الجامع النور الهادي البديع.
اما الاسماء المدرجة التي لم تثبت او توافق ضوابط الاحصاء عند ابن ماجة فعددها تسعة وثلاثون اسما وهي: البار الجليل الماجد الواجد الوالي الراشد البرهان المبديء المعيد الباعث الشديد الضار النافع الباقي الواقي الخافض الرافع المعز المذل المقسط ذو القوة القائم الدائم الحافظ الفاطر السامع المحيي المميت المانع الجامع الهادي الكافي الأبد العالم الصادق النور المنير التام القديم.
وبخصوص ماادرجه عبدالعزيز بن حصين عند الحاكم فالاسماء التي لم تثبت فيها او توافق شروط الاحصاء عددها سبعة وعشرون اسما هي: الحنان البديع المبديء المعيد النور الكافي الباقي المغيث الدائم ذو الجلال والإكرام الباعث المحيي المميت الصادق القديم الفاطر العلام المدبر الهادي الرفيع ذوالطول ذو المعارج ذوالفضل الكفيل الجليل البادي المحيط.
وقد اجرينا دراسة كاملة لكل اسم من الاسماء الحسني الثابتة في الكتاب والسنة تناولت الادلة التفصيلية علي ثبوتها وكيف انطبقت عليها شروط الاحصاء ثم تناولت شرح الاسماء وتفسير معانيها بما ورد في القرآن والسنة وصح عن سلف الامة, ثم دلالتها علي اوصاف الكمال بانواع الدلالات المختلفة مطابقة وتضمنا والتزاما, وكيف ورد الاسم علما في موضع وورد وصفا لله في موضع اخر؟ ثم اشتملت علي كيفية الدعاء بالاسماء الحسني دعاء مسألة, وما هو الدعاء القرآني او الدعاء النبوي الصحيح المأثور في كل اسم من الاسماء بمفرده؟ واخيرا تناولت الدراسة كيفية الدعاء بالاسماء الحسني دعاء عبادة؟ او اثر الاسماء الحسني ومقتضاها علي سلوك المسلم واقواله وافعاله
أهمية معرفة الأسماء الحسنى
1- معرفة أسماء الله وصفاته أصل التوحيد:
التوحيد في قلب المؤمن كشجرة أصلها ثابت في قلبه علما واعتقادا وفرعها من العمل الصالح في السماء مرفوعاً ومقبولاً( 1)، قال تعالى : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ) (إبراهيم:24) والكلمة الطيبة في الآية الكريمة هي كلمة التوحيد لا إله إلا الله ، الدالة على الإيمان به عزوجل (2 ) ، ومن هنا كان القول بأن معرفة أسماء الله وصفاته أصل التوحيد وأساسه الذي يستلزم أنواع التوحيد كلها ويتضمنها( 3) ؛ فمن عرف أسماء الرب عز وجل ؛ أعطاه حق الربوبية ، ومن عرف أوصاف الإله عزوجل ؛ أعطاه حق الألوهية وأخلص له العبادة ، قال ابن تيمية : ( إن معرفة هذا أصل الدين وأساس الهداية ، وأفضل وأوجب ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس ، وأدركته العقول )( 4).
ولتحقيق أصل التوحيد من العلم والاعتقاد كانت معرفة الأسماء والصفات من أول الفروض ، وأوجب الواجبات ؛ قال تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ) (محمد: من الآية19) ، وقال لمعاذ عندما بعثه لليمن (فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ ) فالعلم بـ لا إله إلا الله وما تتضمنه من تعريف بالله هو الأصل الذي يقوم عليه التوحيد إذ لا تقوم شجرة الإيمان إلا على ساق العلم والمعرفة )(5 ).
2- معرفة الأسماء والصفات سبب في زيادة الإيمان:
من أصول أهل السنة والجماعة : أن الإيمان يزيد وينقص ، لدلالة الكتاب والسنة على ذلك( 6)، كما في قوله تعالى :( لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَعَ إِيمَانِهِمْ ) (الفتح: من الآية4) حيث تدل الآية على زيادة الإيمان بمنطوقها وعلى نقصانه بمفهومها للتلازم بين الزيادة والنقص فلا يتصور أحدهما بدون الآخر.
وقد تواترت النصوص على أن أفضل الأعمال : الإيمان بالله ، والأعمال بعده على مراتبها وهي داخلة في مسماه ( 7).
وأركان الإيمان بالله أربعة : الإيمان بوجوده ، والإيمان بربوبيته ، والإيمان بألوهيته ، والإيمان بأسمائه وصفاته ، والإيمان بأسماء الله وصفاته يتضمن باقي الأركان باعتبار ويستلزمها باعتبار آخر(8 ) ، ومن هنا كانت معرفة أسماء الله وصفاته تحقيق لهذا الركن وزيادة لباقي الأركان ، قال ابن تيمية ’ : ( من عرف أسماء الله ومعانيها فآمن بها كان إيمانه أكمل ممن لم يعرف تلك الأسماء بل آمن بها إيمانا مجملا )(9 ) ، ولهذا دعى رسول الله إلى إحصائها ومعرفتها .
كذلك فإن معرفة أسماء الله وصفاته ترسخ الإيمان بوجوده وتعرف بحقه في الربوبية ،كما تورث العبد محبة وتأليها للمتصف بالجمال والكمال والجلال ، ذوالقوة والعظمة والجبروت ؛ فيقبل على عبادته حبا وإجلالا ، ويبتعد عن معصيته خشية وخوفا ، ويداوم على دعائه وسؤاله رجاء ما وعد من مغفرته وجزيل ثوابه ، فكانت المعرفة بذلك سبب زيادة عمله الصالح الذي يسبب زيادة في إيمانه ، فـ (كلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله الحسنى وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه )( 10).
3 - معرفة الأسماء والصفات أشرف المعارف :
تتفاوت المعارف في الشرف بذاتها ومتعلقاتها وثمراتها وبما هي وسيلة إليه ، ومعرفة أسمائه عزوجل وصفاته أشرف المعارف ؛ لأن متعلقاتها أشرف المتعلقات ، وثمراتها أفضل الثمرات ، وهي وسيلة إلى أسمى الغايات ( 11): فمتعلقها هو الله البارئ عزوجل (والبارئ أشرف المعلومات فالعلم بأسمائه أشرف العلوم )(12 ) ، وثمراتها : التوحيد والإيمان أفضل الثمرات ، وغايتها : تحقيق العبودية لله عزوجل ، وهي أسمى الغايات .
والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه عزوجل : إما أن تكون خلقا له تعالى ، أو أمرا كونيا أو شرعيا . ومصدر الخلق و الأمر عن أسمائه وصفاته ؛ فأمره كله حسن فيه الرحمة والإحسان في كل ما يدعوهم إليه وما ينهاهم عنه . وخلقه كله بالحكمة والقدرة والعلم فهو الخالق الباري الحكيم العليم عزوجل . وكما أن كل موجود فبإيجاده ، فكذلك العلم بكل معلوم تابع للعلم بأسمائه وصفاته ( وكل العلوم والمعارف تبع لهذه المعرفة مرادة لأجلها )(13 ) ، قال ابن القيم : ( وكما أن العلم به أجل العلوم وأشرفها ، فهو أصلها كلها ، كما أن كل موجود فهو مستند في وجوده للملك الحق المبين ، ومفتقر إليه في تحقق ذاته ، وكل علم فهو تابع للعلم به ، مفتقر في تحقق ذاته إليه ، فالعلم به أصل كل علم ، كما أنه سبحانه رب كل شيء ومليكه وموجده )( 14) (فمن عرف الله ، عرف ما سواه ، ومن جهل ربه ، فهو لما سواه أجهل )( 15).والعلوم إنما تتفاوت في الفضل بعد معرفة الأسماء والصفات بحسب إفضائها إلى إليها ( فكل علم كان أقرب إفضاء إلى العلم بالله وأسمائه وصفاته فهو أعلى مما دونه )( 16).
4 - معرفة الأسماء والصفات هي الطريق لمعرفة الله :
تتطلع النفس العابدة للتعرف على معبودها الحق عزوجل ، ولما كان غيبا لا تراه ؛ فلا سبيل لها إلى معرفته إلا بأسمائه وصفاته التي عرّف بها نفسه عزوجل في كتابه ، أو عرّفه بها نبيه محمد ، أو دل عليها بديع خلقه ، وعظيم نعمائه ، وجزيل عطائه .
ومن عرف أسماء الله وصفاته ؛ عرف إلها حقا ، خالقا رازقا ، ربا منعما متفضلا ، (ملكا قيوما فوق سماواته على عرشه يدبر أمر عباده ، يأمر وينهى ، يرسل الرسل ؛ وينـزل الكتب ، يرضى ويغضب ؛ ويثيب ويعاقب ، يعطي ويمنع ؛ ويعز ويذل ؛ ويخفض ويرفع ، يرى من فوق سبع سموات ويسمع ، يعلم السر و العلانية ، فعّال لما يريد ، موصوف بكل كمال ، منـزه عن كل عيب ، لا تتحرك ذرة فما فوقها إلا بإذنه ، ولا تسقط ورقة إلا بعلمه ، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه )( 17) ، ومن هنا كانت جناية المعطلة جناية عظيمة ؛ بقطعهم الطريق إلى معرفة الله عزوجل بنفي صفاته وتعطيل كماله عزوجل ، فكيف يكون إيمان ؟ وكيف يكون توحيد عند المعطلة ونفاة الصفات ؟!، (وكيف تأله القلوب من لا يسمع كلامها ولا يرى مكانها ،ولا يحب ولا يحب ،ولا يقوم به فعل ألبته ،ولا يتكلم ولا يكلم ولا يقرب من شيء ولا يقرب منه شيء ، ولا يقوم به رأفة ولا رحمة ولا حنان ،ولا له حكم ولا غاية يفعل ويأمر لأجلها )( 18) ، فلا يتصور الإيمان بمجهول ، فكيف بمعدوم تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
فمعرفة الأسماء والصفات هي الطريق لمعرفة الله ، ومعرفته طريق عبادته كما يحب ويرضى ، والعبد يحب أن يتعرف على كل من يتعامل معه و( الله الذي خلقنا ورزقنا ، ونحن نرجو رحمته ، ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها )( 19) .
5- معرفة الأسماء والصفات هي الطريق لعبادة الله عزوجل*
قال تعالى : ( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) (مريم:65) فجعل تفرده عزوجل بالربوبية ، واختصاصه بالأسماء الحسنى برهانا قاطعا على استحقاقه للعبودية وحده ، وإبطال عبادة من سواه(20 )، فينبغي للعباد ( أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته )(21 ) ، ويعرفوا ما يجب له وما يستحقه ؛ فيوحدوه ويحمدوه ويمجدوه ، وبها يدعونه ويسألونه عزوجل ، وبمعرفتها يعرفون ما يحب وما يكره ؛ فيتقربون إليه بفعل ما يحب واجتناب ما يكره ، وهذه هي العبادة التي تعبدهم بها الله عزوجل( 22) .
وبمعرفة أسماء الله وصفاته يتحقق الذل والخضوع في أكمل درجاته ، وتتحقق المحبة في أعلى صورها وكذا في سائر العبادات ، فكلما كان العبد بأسماء الله وصفاته أعرف كلما كان لله أعبد فالمعرفة الكاملة الصحيحة تستلزم الاهتداء( 23)، إذ أن الاعتراف والإقرار اللذان هما أصل المعرفة ، هما المحركان على باقي الطاعات ؛ فإذا وجدا بعثا وحركا على غيرهما من العبادات ، ولا يكون وجود الصلاة مثلا أو الصيام أو الحج مع جحد الباري عزوجل( 24).
فالأسماء الحسنى هي وسيلة الدعاء ، و« الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ »(25 ) ،قال عزوجل (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (الأعراف:180) ؛ فمن عرف أن الله سميع دعاه وناداه : يا رحمن : ارحمني ، ويا تواب : تب علي ، ويا رزاق : ارزقني ، ويا وهاب : هب لي .
وهي كذلك وسيلة حمده والثناء عليه وذكره عزوجل ، كما جاء في ثناء المصطفى على ربه عزوجل: (اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ ، لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ .........الحديث )( 26) ، وهذا من أعظم العبادة التي أوجبها الله على العباد ، فـ ( الأسماء الحسنى والصفات العلا ، مقتضية لآثارها من العبودية والأمر اقتضاؤها آثارها من الخلق والتكوين ، فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها ، أعني من موجبات العلم بها والتحقق بمعرفتها)( 27).
فـ ( الإيمان بالصفات ومعرفتها وإثبات حقائقها وتعلق القلب بها وشهوده لها مبدأ الطريق ووسطه وغايته ، وهو روح السالكين وحاديهم إلى الوصول ومحرك عزماتهم إذا فتروا ومثير هممهم إذا قصروا )( 28).
ولما كانت معرفة الله عزوجل بهذه الأهمية والمكانة من الدين ؛ فقد تطلعت إليها النفوس ، وسعى إلى تحصيلها كل عاقل ، وتفاوت العباد في حظهم منها تفاوتا كبيرا .
حقيقة أسماء الله الحسنى
اتفق علماء الامة علي اختلاف مذاهبهم علي انه يجب الوقوف علي ما جاء في الكتاب وصحيح السنة بذكر اسماء الله نصا دون زيادة أو نقصان, لان اسماء الله الحسني توقيفية لا مجال للعقل فيها, فالعقل لا يمكنه بمفرده ان يتعرف علي اسماء الله التي تليق بجلاله, ولا يمكنه ايضا ادراك ما يستحقه الرب من صفات الكمال والجمال,
فتسمية رب العزة والجلال بما لم يسم به نفسه قول علي الله بلا علم, وهو أمر حرمه الله علي عباده, وقد اشتهرت في ذلك مناظرة بين الامام ابي الحسن الاشعري وشيخه ابي علي الجبائي عندما دخل عليهما رجل يسأل: هل يجوز ان يسمي الله تعالي عاقلا؟ فقال ابو علي الجبائي: لا يجوز, لان العقل مشتق من العقال وهو المانع, والمنع في حق الله محال فامتنع الاطلاق,
فقال له ابو الحسن الاشعري: فعلي قياسك لا يسمي الله سبحانه حكيما, لان هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام, وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت ـ رضي الله عنه ـ: فنحكم بالقوافي من هجانا, ونضرب حين تختلط الدماء, وقول الآخر: ابني حنيفة حكموا سفهاءكم, اني اخاف عليكم ان اغضبا, والمعني نمنع بالقواقي من هجانا, وامنعوا سفهاءكم, فإذا كان اللفظ مشتقا من المنع, والمنع علي الله محال لزمك ان تمنع إطلاق حكيم علي الله تعالي, فلم يجب الجبائي
إلا انه قال للاشعري: فلم منعت انت ان يسمي الله عاقلا واجزت ان يسمي حكيما؟ قال الاشعري: لان طريقي في مأخذ اسماء الله ـ عز وجل ـ الإذن الشرعي دون القياس اللغوي, فأطلقت حكيما لان الشرع اطلقه ومنعت عاقلا لان الشرع منعه, ولو اطلقه الشرع لاطلقته.
بني الله السماء وسقانا الغيث ولا يجوز ان يسمي بناء أو سقاء وقال ابن حزم: لا يجوز ان يسمي الله تعالي ولا ان يخبر عنه الا بما سمي به نفسه أو اخبر به عن نفسه في كتابه أو علي لسان رسوله صلي الله عليه وسلم أو صح به إجماع جميع أهل الاسلام المتيقن ولا مزيد, وحتي وان كان المعني صحيحا فلا يجوز ان يطلق عليه تعالي اللفظ,
وقد علمنا يقينا ان الله عز وجل بني السماء فقال:( والسماء بنيناها),( الذاريات:47), ولا يجوز ان يسمي بناء, وانه تعالي خلق اصباغ النبات والحيوان, وانه تعالي قال:( صبغة الله ومن احسن من الله صبغة)( البقرة:138) ولايجوز ان يسمي صباغا, وانه تعالي سقانا الغيث ومياه الارض ولا يسمي سقاء ولا ساقيا, وهكذا كل شئ لم يسم به نفسه
وقال الامام النووي:( اسماء الله توقيفية لا تطلق إلا بدليل صحيح), واحتج الامام الغزالي علي ان الاسماء توقيفية بالاتفاق علي انه لا يجوز لنا ان نسمي رسول الله صلي الله عليه وسلم باسم لم يسمه به ابوه ولا سمي به نفسه وكذا كل كبير من الخلق, قال: فإذا امتنع ذلك في حق المخلوقين فامتناعه في حق الله أولي
وقال الامام السيوطي:( اعلم ان اسماء الله تعالي توقيفية بمعني انه لا يجوز ان يطلق اسم ما لم يأذن له الشرع وان كان الشرع قد ورد بإطلاق ما يرادفه), وقال ابو القاسم القشيري:( الاسماء تؤخذ توقيفا من الكتاب والسنة والاجماع, فكل اسم ورد فيها وجب اطلاقه في وصفه, وما لم يرد لم يجز ولو صح معناه),
وقال ابن المرتضي:( اسماء الله وصفاته توقيفية شرعية, وهو اعز من ان يطلق عليه عبيده الجهلة ما رأوا من ذلك), والاقوال في ذلك كثيرة يعز إحصاؤها وكلها تدل علي ان عقيدة أهل السنة والجماعة مبنية علي ان الاسماء الحسني توقيفية, وانه لابد في كل اسم من دليل نصي صحيح يذكر فيه الاسم بلفظه,
إذا كان الامر كذلك فمن الذي سمي الله عز وجل الخافض المعز المذل العدل الجليل الباعث المحصي المبدئ المعيد المميت المقسط المغني المانع الضار النافع الباقي الرشيد الصبور. لابد لثبوت كل اسم من دليل نصي صحيح يذكر فيه الاسم بلفظه
هذه جميعها ليست من اسماء الله الحسني لان الله عز وجل لم يسم نفسه بها وكذلك لم ترد في صحيح السنة, وانما سماه به الوليد بن مسلم ضمن ما ادرجه باجتهاده في رواية الترمذي, فالخافض مثلا لم يرد في القرآن أو السنة اسما وانما ورد فعلا في صحيح مسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال:( ان الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له ان ينام يخفض القسط ويرفعه),
ولا يجوز ان نشتق لله من كل فعل اسما ولم يخولنا الله في ذلك قط, وانما امرنا سبحانه بإحصاء اسمائه وجمعها وحفظها ثم دعاؤه بها, فدورنا حيال الاسماء الحسني الإحصاء وليس الاشتقاق والإنشاء, ولو أصر علي تسميته بالخافض وأجاز لنفسه ذلك فيلزمه تسميته البناء لانه بني السماء, والسقاء لانه سقي أهل الجنة شرابا طهورا, والمدمدم لانه دمدم علي ثمود, والمدمر لانه دمر الكافرين, والطامس لانه طمس علي اعينهم, والمقطع لانه قطع اليهود امما, والمنسي لانه انساهم ذكره, والمفجر لانه فجر الارض عيونا, والمفصل لانه فصل الآيات, والمضاعف لانه يضاعف الاجر, والمضحك والمبكي لانه اضحك وابكي, والمخرج لانه يخرج الزرع وغير ذلك من آلاف الافعال في الكتاب والسنة والتي سيقلبها بدون حق إلي اسماء,
كما ان الله عز وجل قال:( ولله الاسماء الحسني فادعوه بها),( فله الاسماء الحسني)( الاسراء110), ولم يقل ولله الاوصاف أو فله الافعال, وشتان بين الاسماء والاوصاف, فالوصف لا يقوم بنفسه كالعلم والقدرة والعزة والحكمة والرحمة والخبرة وإنما يقوم الوصف بموصوفه ويقوم الفعل بفاعله, إذ لا يصح ان نقول: الرحمة استوت علي العرش, أو العزة اجرت الشمس, أو العلم والحكمة والخبرة انزلت الكتاب واظهرت علي النبي صلي الله عليه وسلم ما غاب من الاسرار, فهذه كلها اوصاف لا تقوم بنفسها بخلاف الاسماء الدالة علي المسمي الذي اتصف بها كالرحمن الرحيم والعزيز العليم والخبير الحكيم القدير.
ويقال هذا ايضا في اشتقاق الوليد بن مسلم وغيره للمعز المذل حيث اشتق هذين الاسمين من قوله تعالي:( قل اللهم مالك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك علي كل شئ قدير)( آل عمران:26), فالله عز وجل اخبر انه يؤتي ويشاء وينزع ويعز ويذل ولم يذكر في الآية بعد مالك الملك واسمه القدير سوي الافعال, فهؤلاء اشتقوا لله اسمين من فعلين وتركوا علي قياسهم اسمين آخرين, فيلزمهم تسمية الله عز وجل بالمؤتي والمنزع فضلا عن تسميته بالمشئ طالما ان المرجعية في علمية الاسم إلي الرأي والاشتقاق دون التتبع والجمع والإحصاء. دورنا حيال الاسماء الجمع والاحصاء ثم الحفظ والدعاء وليس الاشتقاق والانشاء
وكذلك العدل لم يرد في القرآن اسما أو فعلا ولا دليل لمن سمي الله بهذا الاسم سوي الامر بالعدل في قوله تعالي:( ان الله يأمر بالعدل والاحسان)( النحل:90), اما الجليل فلم يرد اسما في الكتاب أو صحيح السنة ولكن ورد وصفا في قوله تعالي:( ويبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام)( الرحمن:27), وفرق كبير بين الاسم والوصف لان الله عز وجل وصف نفسه بالقوة فقال:( ذو القوة المتين)( الذاريات:58), وسمي نفسه القوي في قوله:( وهو القوي العزيز)( الشوري:19),
ووصف نفسه بالرحمة فقال:( وربك الغني ذو الرحمة)( الانعام:133), وسمي نفسه الرحمن الرحيم فقال:( تنزيل من الرحمن الرحيم)( فصلت:2), ولما كانت اسماء الله توقيفية ولا نسمي الله إلا بما سمي به نفسه, فإن الله وصف نفسه بالجلال ولم يسم نفسه الجليل, وكذلك الباعث المحصي لم اجد حجة أو دليلا علي اثبات هذين الاسمين, والذي ورد في القرآن والسنة صفات الافعال فقط كما في قوله تعالي:( يوم يبعثهم الله جميعا فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه والله علي كل شئ شهيد)( المجادلة:6), وهي كثيرة في القرآن والسنة,
ومن الملاحظ أن الذي اشتق الباعث من قوله يبعثهم والمحصي من قوله احصاه الله ترك المنبئ من قوله فينبئهم, لان الآية لم يرد فيها بعد اسم الله الشهيد سوي الافعال التي اشتق منها فعلين وترك الثالث في حين ان هذه الاسماء جميعها لم ترد نصا صريحا في الكتاب أو صحيح السنة, وكذلك ايضا المبدئ المعيد اسمان لا دليل علي ثبوتهما, فقد استند من سمي الله بهذين الاسمين إلي اجتهاده في الاشتقاق من قوله تعالي:( انه هو يبديء ويعيد)( البروج:13), ومعلوم ان اسماء الله الحسني توقيفية علي النص وليس في الآية سوي الفعلين فقط,
أما الضار النافع, فهذان الاسمان لم يردا في القرآن أو السنة, وليس لمن سمي الله بهما إلا اجتهاده في الاشتقاق من المعني المفهوم من قوله:( قل لا املك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله)( الاعراف:188), أو ما صح في سنن الترمذي ان النبي صلي الله عليه وسلم قال لابن عباس رضي الله عنه: (واعلم ان الامة لو اجتمعت علي ان ينفعوك بشئ لم ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا علي ان يضروك بشئ لم يضروك إلا بشئ قد كتبه الله عليك)
أسماء الله الكلية
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد.. من الأمور الضرورية التي تطرح نفسها في موضوع الأسماء الحسني كيفية الجمع بين عدم حصر اسماء الله الكلية في تسعة وتسعين اسما, ومعني احصاء هذا العدد الذي يترتب عليه دخول الجنة, فقد روي الامام أحمد وصححه الألباني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال في دعاء الكرب:( أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو انزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك), ومعني ذلك ان العدد الكلي للأسماء الحسني لا يعلمه الا الله, وورد في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلي الله عليه وسلم قال:( ان لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من احصاها دخل الجنة), فهل بين الحديثين تعارض؟ لقد ادي ذلك إلي ان تكون آراء أهل العلم في هذه القضية بين طرفين ووسط.
الأول: فريق يقول بعدم حصر أسماء الله الواردة في الكتاب والسنة في عدد معين حيث توسع في تسمية الله بما يشاء اما جمعا من النصوص أو اشتقاقا من الافعال والاوصاف وحجته حديث ابن مسعود, وقد تم تأويل حديث ابي هريرة علي أي معني لا يتعارض مع وجهته, ومن ثم اخذ صاحب هذه الوجهة يشتق من افعال الله واوصافه ما يشاء من الاسماء, أو يطلق ما قيده الله في كتابه, أو يفصل ما اضافه النبي صلي الله عليه وسلم في سنته, وقد تتبعت ما ذكره المتوسعون علي تنوع اجتهاداتهم واختلاف مقالاتهم فبلغ جمعهم وإحصاؤهم للأسماء علي أوسع ما ذكروا قرابة المائتين والتسعين اسما.
الثاني: فريق له وجهة اخري تولاها ابن حزم الاندلسي حيث جزم بأن اسماء الله الكلية محصورة في تسعة وتسعين اسما فقط وهي الواردة في الكتاب والسنة وحجته حديث ابي هريرة رضي الله عنه, ولما لزم ابن حزم استخراج التسعة والتسعين لم يتمكن الا من جمع اثنين وثمانين اسما من الكتاب والسنة, قال رحمه الله:( فصح انه لا يحل لاحد ان يسمي الله تعالي الا بما سمي به نفسه, وصح ان اسماءه لا تزيد علي تسعة وتسعين شيئا لقوله عليه الصلاة والسلام: مائة إلا واحدا, فنفي الزيادة وابطلها لكن يخبر عنه بما يفعل تعالي, وجاءت احاديث في احصاء التسعة والتسعين اسما مضطربة لا يصح منها شئ اصلا, فإنما تؤخذ من نص القرآن ومما صح عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم, وقد بلغ إحصاؤنا منها إلي ما نذكر)( المحلي31/8) ثم ذكر رحمه الله في كتابه المحلي اثنين وثمانين اسما استخرجها من القرآن والسنة جميعها ينطبق مع ضوابط الإحصاء ما عدا اسمه الدهر.
أما الفريق الثالث فهو فريق وسط تولي وجهته ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ومن انتهج نهجهما من أهل السنة والجماعة, فلم يقل بقول ابن حزم ولم يتوسع في الاشتقاق كما فعل الفريق الأول, بل اتفقوا جميعا علي ان الاسماء الحسني توقيفية علي النص, لكن احدا منهم لم يستطع جمعها بتمامها أو حصرها من الكتاب والسنة, وبقي الباحث مترددا في فهم اجاباتهم عن كون اسماء الله الحسني الواردة في الكتاب والسنة تتجاوز أو لا تتجاوز تسعة وتسعين اسما, فيراهم يأخذون بالروايتين الثابتين معا, رواية ابي هريرة ورواية ابن مسعود رضي الله عنهما, وبقي السؤال عالقا في الاذهان: ما الحكمة مما ورد في حديث ابي هريرة من النص علي هذا العدد بالذات؟ وهل من احصي تسعة وتسعين اسما من جملة اسماء الله الحسني الواردة في الكتاب والسنة ـ علي فرض انها اكثر من تسعة وتسعين اسما ـ فقد تحقق فيه الوصف بدخول الجنة؟! وان كان هذا المعني المقصود فما عدد الاسماء الموجودة لدينا بالنص الصريح؟..
وقد حاول بعض المعاصرين جزاهم الله خيرا خوض التجربة بطريقة اجتهادية واستخراج الاسماء الحسني الثابتة في الكتاب والسنة دون تحديد ضوابط منهجية أو شروط معلنة, فتوصل بعضهم إلي ما يزيد عن التسعة والتسعين اسما أو ما يقل علي ذلك, لكن الملاحظ ان الزيادة أو النقص فيما وصلوا اليه لا تتجاوز خمسة اسماء, والكل يجتمع علي اربعة وتسعين اسما صحيحا ثابتا بنص الكتاب أو صحيح السنة, وكأن الدائرة تضيق لتنير الطريق إلي تحقيق مقتضي حديث أبي هريرة الذي نص فيه النبي صلي الله عليه وسلم علي تسعة وتسعين اسما أو مائة إلا واحدا ووعد من احصاها بدخول الجنة.
كيف نجمع بين رواية ابن مسعود ورواية ابي هريرة رضي الله عنهما؟ ما نود التنبيه اليه مما تجتمع الادلة عليه في هذه القضية ان جملة اسماء الله تعالي الكلية من الامور الغيبية التي استأثر الله بها, وانها غير محصورة في عدد معين وهذا نص ظاهر في رواية ابن مسعود رضي الله عنه, ولا يفهم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه الذي ورد فيه النص علي تسعة وتسعين اسما حصرها بمجموعها الكلي, لان المقصود بإحصاء هذا العدد إحصاء الاسماء الحسني التي تعرف الله عز وجل بها إلي عباده في كتابه وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم,
ولو كان المراد الحصر لقال النبي صلي الله عليه وسلم: ان اسماء الله تسعة وتسعون اسما من احصاها دخل الجنة أو نحو ذلك, فمعني الحديث ان هذا العدد الذي تعرف الله به إلي عباده في كتابه وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم من جملة اسماء الله عز وجل, ومن شأنه ان من احصاه دخل الجنة, ونظير هذا ان تقول: عندي مائة درهم اعددتها للصدقة, فإنه لا يمنع ان يكون عندك دراهم اخري لم تعدها للصدقة, فالمراد اذ الاخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الاخبار بحصر اسماء الله الكلية, وقد اظهرت نتيجة الاستقصاء الحاسوبي الشامل ان ما تعرف الله به إلي عباده من اسمائه الحسني التي وردت في كتابه وفي سنة رسوله صلي الله عليه وسلم هي الاسماء التسعة والتسعون المذكورة في العدد النبوي المخصوص, وذلك عند تمييزها عن الاوصاف, واخراج ما قيد منها بالاضافة أو بموضع الكمال عند انقسام المعني المجرد وتطرق الاحتمال,
هذا مع تحري ثبوتها بالنص وتتبعها بالدليل, تلك الشروط أو الضوابط التي دل عليها دليل القرآن والسنة لم تنطبق الا علي تسعة وتسعين اسما فقط مما يتفق مع العدد المذكور في حديث ابي هريرة رضي الله عنه وقد تبين ايضا ان اظهار الاسماء الحسني مرتبط بمقتضي الحكمة الإلهية, فكل مرحل من مراحلة الخلق يظهر فيها الحق سبحانه من اسمائه وصفاته ما يناسب الغاية من وجودها ويحقق كمال الحكمة في تكوينها ويظهر دلائل التوحيد في ابداعها, ففي مرحلة الدنيا وما فيها من شبهات وشهوات وأهواء واختلاف في الآراء وتقليب الامور للانسان علي انواع الابتلاء, وحكمة الله في تكليفه بالشرائع والاحكام وتمييز الحلال من الحرام,
في هذه المرحلة تعرف الله عز وجل إلي عباده بجملة من اسمائه وصفاته تناسب حاجة الانسان وضرورياته, فيبدي لربه اقصي طاقاته وامكاناته في تحقيق التوحيد بمقتضي هذه الاسماء, تلك الاسماء هي المعنية بقول النبي صلي الله عليه وسلم:( ان لله تسعة وتسعين اسما).
ولمزيد من البيان يمكن القول ان الحياة الدنيا لما كانت دارا للابتلاء والامتحان ومحلا لاختيار الكفر أو الايمان وكان الناس فيها متفاوتين مختلفين آجالا وأرزاقا وألوانا وأخلاقا, منهم الغني والفقير والاعمي البصير, منهم القوي والضعيف والظالم والمظلوم والحاكم والمحكوم والمالك والمعدوم, منهم الكاذب والصادق والمخلص والمنافق إلي غير ذلك من انواع الاخلاق وتنوع الارزاق واختلاف السلوك وابتلاء ملك الملوك, لما كانت الدنيا كذلك فإن حكمة الله تظهر في تعريف الخلائق بما يناسبهم من اسمائه وصفاته, فالمذنب من العباد ان اراد التوبة سيجد الله توابا رحيما عفوا غفورا, والمظوم سيجده حقا مبينا حكما عدلا وليا نصيرا, والضعيف المقهور سيجده قويا عزيزا جبارا قديرا, والفقير سيجد الله رزاقا حسيبا مقيتا وكيلا,
وهكذا سيجد العباد من اسماء الله وصفاته ما يناسب حاجتهم ويلبي بغيتهم, فالفطرة التي فطر الله الخلائق عليها اقتضت ان تلجأ النفوس إلي قوة عليا عند ضعفها وتطلب غنيا أعلي عند فقرها, وتوابا رحيما عند ذنبها, وسميعا قريبا بصيرا مجيبا عند سؤالها, ومن هنا كانت لكل مرحلة من مراحل الخلق التي قدرها الله عز وجل ما يناسبها من اسمائه وصفاته وافعاله.
الا تري انه في البدء عندما اسكن الله آدم وحواء جنة الابتلاء فأكلا من الشجرة وانكشفت العورة وتطلبت الفطرة فرجا ومخرجا كان الفرج والمخرج في تعريفهما بأسماء الله عز وجل التي تناسب حالهما وما يغفر به ذنبهما, فعلمهما كلمات هي في حقيقتها اسماء لله وصفات, علم آدم ان يدعو الله باسمه التواب الرحيم, أو يدعو بوصف التوبة والرحمة كما قال سبحانه:( فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم)( البقرة:37) فتعلمها ودعا الله بها:( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)( الاعراف:23) روي عن انس بن مالك وابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف رضي الله عنهم أنهم قالوا:( الكلمات التي تلقي آدم من ربه فتاب عليه.. لا إله الا انت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك انت التواب الرحيم).
وطالما ان الدنيا خلقت للابتلاء فإن الله قد عرفنا بما يناسبنا ويناسبها من الاسماء, وقد لا ينفع الدعاء بهذه الاسماء أو بعضها في مرحلة اخري كمرحلة القيامة والدار الآخرة, فلو دعا المشركون أو الكفار المخلدون ربهم يوم القيامة باسمه العظيم القريب الرفيق المجيب الواسع المنان الرحيم الرحمن المحسن السلام الجواد الفتاح الستير الرءوف الودود اللطيف الكريم الأكرم الغفور الغفار البر الطيب العفو التواب, لو دعا المخلدون في النار ربهم بأي اسم من هذه الاسماء ان يغفر ذنبهم وان يفرج كربهم وان يعفو عنهم وان يقبل التوبة منهم وان يرحمهم من العذاب, فإن ذلك لا يتحقق ولا يستجاب لمخالفته مقتضي الحكمة وما دون في ام الكتاب,
ولذلك قال تعالي عن أهل النار ودعائهم: ( وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا أو لمتك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلي قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال)0 غافر:50/49), ومن ثم فإن كل مرحلة من مراحل الخلق لها ما يناسبها من الحكم وابداء الاسماء والصفات
وصلّ اللهم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه ، وسلم تسليماً مزيداً
تعليقات
إرسال تعليق