المشاركات

عرض المشاركات من يونيو, ٢٠١٣

ربط المسؤولية بالمساءلة

صورة
       د.بوشعيب أوعبي    حث الربيع الديموقراطي السنة الفارطة على تنزيل مبدأ المسؤولية في تدبير الشأن العام، من منطلق أن المال العام والمرفق العام ملك مشاع للمواطنين قاطبة وكل من يتولى تدبيرهما يتحمل المسؤولية القانونية في حسن التدبير وينتظر تقييم والمحاسبة بمكافئته على ذلك أو متابعته عند سوء التدبير، مما أضحى يفرض معه الأمر إيلاء المسؤولية فيه للكفاءات المناسبة والمؤهلة لذلك قبل أي مخاطرة في تحميل مسؤولية التدبير، من خلال اعتماد معايير ديموقراطية موضوعية، غالبا ما تتجلى في: الكفاءة والاستحقاق والمعرفة والخبرة والاتصاف بروح الوطنية الصادقة، بعيدا عن هواجس الحزبية والمحسوبية والقرابة والمصالح الضيقة، والتي لم تخلّف سوى: الفساد والاغتناء السريع والإثراء بلا سبب، وغيرها من القيم الفاسدة التي كانت سببا في فورة وثورة الشرائح المجتمعية الفقيرة والمتضررة وهو ما طالب المغاربة معه متابعة الفاسدين دون إفلاتهم من العقاب والمحاسبة والمساءلة.  لقد تركت هذه الإلحاحية الوطنية في سياق الربيع الديموقراطي صدى لدى الدوائر العليا، مما جعل خطاب جلالة الملك في 9 مارس مليئا بالعبر والر

المساءلة السياسية

صورة
يفيد مفهوم المساءلة السياسية أحقية تتبع ومراقبة العمل السياسي والمحاسبة عليه على المستوى الرسمي وغير الرسمي ، حيث أضحى مجال تدبير الشأن العام من طرف الحكومة أو المؤسسة التشريعية أو غيرهما مطوقا بأمرين اثنين : وهما إسناد التدبير والتسيير في إطار المسؤولية لمن أفرزته صناديق الاقتراع ، وعدم ترك هذه المسؤولية فضفاضة ، حيث تتم في إطار محددات قانونية تحت مراقبة دائمة ومتواصلة ، وهو ما يستتبع مساءلة الجهة المدبرة لهذا الشأن العام .   لقد بات مبدأ المساءلة أحد المبادئ الأساسية التي تستلزمها الديموقراطية ، معمولا بها بصرامة في البلدان التي تحترم نفسها ومعمولا بها بمنتهى المرونة في الدول شبه الديموقراطية ، مما انتفضت ضده شعوب العالم العربي مؤخرا في مخاض الربيع العربي والديموقراطي ، إذ اختلط شأن الدولة بشخص الحاكم ، وتحكمت الأسر الحاكمة في تدبير الشأن العام دون حسيب أو رقيب، وحتى السلطة القضائية والمجالس العليا الرقابية لم تقو على تنزيل مبدأ المساءلة ضد المتعالين على القانون.   ويبدو أن المغرب من خلال دستوره الأخير قرر وبشكل نهائي القطع مع مبدأ التسامح في حق الفئة المدبرة ل

العنف وتلويث المشهد السياسي

صورة
العنف ظاهرة اجتماعية مرضية يعتبره الفاعلون الوسيلة النهائية لانتزاع مطالب محددة وإحقاق نتائج مرسومة ، سواء كان ذلك مباشرة بعد فشل آليات الحوار والتوافق أو دون الحاجة الماسة إلى ذلك ، وتفيد ظاهرة العنف تعذر تعايش تيارين اثنين ، أحدهما يحظى بالشرعية والمشروعية وبالتالي بوسائل القوة ، والثاني يعمل جاهدا على إبلاغ صوته إلى الرأي العام ولو بالمخاطرة بنفسه بالترهيب واللجوء إلى العنف اللفظي أو الجسدي أو غيرهما في مواجهة الطرف الثاني ، وهو ما يتراءى لنا من خلال العنف المترتب من جراء احتجاجات الطلبة ضد بعضهم البعض أو ضد الإدارة أو من جراء اصطدام النقابات أو بعض الجماعات ضد بعضها البعض أو ضد الإدارة.   ويبدو أن الربيع المغربي مرّ بسلام بعد توافق المجتمع بأكمله ملكا وشعبا على نظام أساسي يضبط مراسهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والفكري ، حيث بعد الاستفتاء الدستوري لم يعد بمقدور أي فرد أو جماعة التعالي على القانون ، لأن حسب الفصل 6 من الدستور أضحى القانون أسمى تعبير عن إرادة الأمة المغربية ، والجميع بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له ، حيث حسب تصدير

الأخلاق في العمل الحزبي

صورة
يعد العمل السياسي سواء من خلال المؤسسات الرسمية للدولة أو من خارجها أحزابا كانت أو ما شابهها أحد الأعمال الوطنية النبيلة ،  من منطلق كونه يتوخى تحقيق أهداف مجتمعية سامية بتدبير الحكم بشكل ديموقراطي ، من خلال عمليات تأطير المواطنين وتكوينهم وتعزيز انخراطهم في الحياة العامة في إطار ثوابت البلاد ومبادئها الديموقراطية.   وإذ يلتزم العمل السياسي البرلماني والحكومي بتدبير دواليب الحكم وتسيير الشأن العام وفق موجبات القانون ، يبقى العمل الحزبي ملزما بدوره في مراسه السياسي القاعدي والنخبوي بأن يُنجز وهو يتوخى تولي مناصب المسؤولية التشريعية والحكومية مستقبلا ذلك في إطار ضوابط المسؤولية ، وفقا لمقتضيات الدستور وقانون الأحزاب السياسية الجديدين حتى يوصف بالشرعية والمشروعية ؛ كما يخضع العمل الحزبي إضافة إلى ما سلف إلى مجموعة من المبادئ والقيم الوطنية التي رسّخها المراس السياسي الوطني عبر التاريخ السياسي ، حيث يكون للسلف الوطني الصالح بنضاله الوطني تأثير نوعي في بصم هذا التاريخ السياسي.    إن العمل الحزبي النبيل لا ينبغي أن يبقى براغماتيا بشكل محض في توجهه العام ، تقوده الغاي

إشكالية تلوث الهواء بالمغرب

صورة
لدكتور بوشعيب أوعبي                                                                                                                         أستاذ جامعي ــ فاس    تعد المحافظة على البيئة إحدى هواجس الحكومة الحالية التي تبذل قصارى الجهود من أجل إصدار الترسانة القانونية اللازمة،وفقا لما توصي به المعاير الدولية بهذا الشأن،وهو ما تبلور بمشروع الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي اقترحه جلالة الملك مؤخرا ، كإطار تنظيمي يضبط سلوك جميع الفاعلين الحكوميين وغير الحكوميين بشأن المحافظة على البيئة وحمايتها،من منطلق أن الحفاظ على البيئة هو ضمان لاستمرار الأجيال المقبلة وضمان للحفاظ على النوع البيولوجي الآيل للانقراض.   في  خضم هذه المجهودات الإيكولوجية تتضافر الجهود من أجل التغلب على الإرث الإيكولوجي الذي خلفته الحكومات السابقة ،بسياسات تنموية متخلفة تسببت في اختلالات بيئية على العديد من المستويات ،كمستوى الغابة التي تراجع بنسبة تقدر بحوالي 31 ألف هكتار في السنة ،والنفايات الصلبة التي تقذف بنسبة حوالي 6 مليون طن في السنة ،والتصحر الذي يهيمن بشكل تدريجي مهددا التراب

ترسيخ هيئات الحكامة الجيدة في المشهد المؤسساتي الوطني

صورة
شرع المغرب في العشر سنوات الأخيرة في إرساء مبدأ الحكامة الجيدة، وتنزيله على أرض الواقع في بعض المجالات الحيوية الاستراتيجية، وخاصة على مستوى تدبير فضاء الحقوق والحريات العامة، وتدبير الشأن العمومي على مستوى صرف المال العام، وذلك كرد فعل ضد تحكم بعض أجهزة الدولة وضد تسيب بعض أجهزة الإدارة العمومية.   ويعد مبدأ الحكامة الجيدة مبدأ عالميا انبثق عن توصيات المنظمات الدولية، وخلصت إليه المنظمات الحقوقية المغربية، وفي طليعتها هيئة الإنصاف والمصالحة، أثناء طي المغرب لصفحة الماضي بتصالح ماضيه مع حاضره لصالح مستقبله، استجابة للإرادة الملكية المبدعة للمفهوم الجديد للسلطة، المفهوم الذي يتطلب بعض الوقت حتى تستسيغه العقلية الإدارية القديمة، وتعمل به على مضض في قطاعات حيوية طالما سادتها أنظمة الريع و الامتياز و غير ذلك من عناصر الفساد وعدم التكافؤ والإثراء بلا سبب والاغتناء السريع.   إن دسترة هيئات الحكامة الجيدة في العديد من فصول الدستور وخاصة في بابه الثاني عشر، هي جواب إداري تتم فيه عملية تحديث هياكل الدولة التقليدية، المتسمة ببطء المساطر وقدمها وعدم تجاوبها مع عهد السر